بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد آآ لا نزال في هذه الايات المباركات من سورة النمل فيقول الله جل وعلا ولوطا اذ قال لقومه اتأتون الفاحشة وانتم تبصرون هذه الايات جاءت بعد ما ذكره الله جل وعلا عن قوم صالح في قوله ولقد ارسلنا الى ثمود اخاهم صالحا ان اعبدوا الله فاذا هم فريقان يختصمون الايات وذكر الله جل وعلا فيها مكر قومه ومحاولة قتلهم له من اولئك النفر التسعة وان الله سبحانه وتعالى نجاه ودمرهم فاصبحت بيوتهم خالية خاوية بما ظلموا فقال هنا ولوطا اذ قال لقومه وتقدير الكلام واذكر لوطا حين قال لقومه اتأتون الفاحشة وانتم تبصرون قال الطبري والمعنى وارسلنا لوطا الى قومه اذ قال لهم وسبق معناه ان اذ اه تأتي بمعنى ظرفية اه بمعنى حين او وقت وذكر بعض العلماء مناسبة آآ لذكر قوم لوط هنا بعد قوم صالح لان قوم صالح معروف معروفون انهم في ديار ثمود في العلا وآآ قوم لوط في قرية سدوم وسدوم في الشام وقد مر معنا ما ذكره الله جل وعلا عن قريش انهم يمرون بقرية قوم لوط في اثناء ذهابهم الى الشام فلعله يعني رعي تقارب المكانين والله اعلم. الامر في هذا فيه سعة. لكن لا شك ان في قصص قوم لوط عبرة وعظة قال جل وعلا ولوطا وقد سبق معنى الكلام على قصة لوط مع قومه في سورة هود عند قوله جل وعلا ولما جاءت رسلنا لوطا اسيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب. وجاءه قومه يهرعون اليه وذكرنا كثيرا من قصصهم وان لوط ابن اخي اه ابراهيم عليهما السلام وانهما كانا متعاصران وفي وقت واحد كما قص الله عز وجل خبر الملائكة الذين مروا بابراهيم عليه السلام وبشروه بغلام عليم واخبروه انهم ذاهبون الى قوم لوط وانهم نجوه ومهلكوا قومه. قال جل وعلا ولوطا اذ قال لقومه اتأتون الفاحشة وانتم تبصرون هذا الاستفهام استفهام انكاري فينكر عليهم اتأتون الفاحشة والفاحشة هي الفعلة القبيحة الشنيعة وهي عمل قوم لوط وهو اتيان الرجال في ادبارهم نسأل الله العافية والسلامة فهي فاحشة عظيمة وينبه على انه على انها فاحشة وانه يقال عمل قوم لوط كما جاء في الحديث من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به او كما قال صلى الله عليه واله وسلم. ولهذا لا لا ينبغي ان يقال اللواط او اللوطية لان هذا نسبة الى نبي الله لوط ولوط جاء بتحذير قومه ونهيهم عن ذلك وبيان انها فاحشة قبيحة الا تنسب اليه ولكن يقال عمل قوم لوط كما جاء في الحديث قال جل وعلا اتأتون الفاحشة وانتم تبصرون سيبين هذه الفاحشة في الاية التي تليها انكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء فهذه هذه هي الفاحشة وهي عمل قوم لوط وهو ان يأتي الرجل الرجل نسأل الله العافية والسلامة ولهذا قال وانتم تبصرون الى المعنى ان ينظر بعضكم بعضا يأتي بعضهم بعضا نسأل الله العافية والسلامة في مجالسهم عيانا يفعلون ذلك امام الناس وانتم تبصرون. يبصر بعضكم بعضا ويرى بعضكم بعوى وقيل معنا وانتم تبصرون يعني وانتم تبصرون من البصر وهو العلم وانتم تعلمون ان الله حرم ذلك وانها فاحشة قبيحة سيئة فانتم تفعلون ذلك مع علمكم وعدم جهلكم بحرمتها اانكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء؟ وهذا ايضا استفهام انكاري توبيخي لهم اانكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء يعني طمست في طارهم فان الفطر السليمة تقتضي ان لا يأتي الذكر الذكر حتى في الدواب والبهائم وهؤلاء نسأل الله العافية قد نكست فطرهم فكانوا يأتون الرجال شهوة يعني يشتهون ذلك من دون النساء يتركون النساء وما احل الله لهم نساؤكم حرث لكم فاتوا حظكم انا شئتم يتركون ذلك لان فطرهم قد انعكست بسبب كفرهم وضلالهم فيأتون الرجال شهوة وتلذذا ورغبة دون اتيان النساء بل انتم قوم تجهلون بل هنا للاضراب الانتقالي انتقل عن توبيخهم على فعلهم هذا الى ان الحامل لذلك هو الجهل لكن قيل المراد بالجهل هنا والجهل بعقوبة الله جل وعلا والجهل بشرع الله فان الله حرم ذلك وليس المعنى انهم لاعلم عندهم بل نبيهم انكر عليهم ذلك فهم يجهلون خطر هذا الذنب وقبحه و سوء عاقبته ويجهلون ايضا عذاب الله وما اعدهم من العذاب لهؤلاء المجرمين ثم قال جل وعلا فما كان جواب قومه الا ان قالوا اخرجوا ال لوط من قريتكم انهم اناس يتطهرون يعني افاد انهم اصروا على فاحشتهم وجريمتهم فما كان جواب قومه الا ان قالوا يعني كان جواب قومه لهم اخرجوا ال لوط من قريتكم وهكذا يريد اهل الشر ان تخلو لهم الارض ويخلو من المعارضين حتى يفعلوا ما يريدون قال ابن كثير رحمه الله انهم اناس يتطهرون اي يتحرجون من فعل ما تفعلونه ومن اقراركم على صنيعكم فاخرجوهم من بين اظهركم فانهم لا يصلحون لمجاورتكم في بلادكم فعزموا على ذلك فدمر الله عليهم وللكافرين امثالها قال جل وعلا انهم اناس يتطهرون انظروا الى تعدي الكفار واهل الشر والباطل لا يكتفون بفعل الشر بل يتعدون ذلك الى التسلط على المؤمنين واعداء الله واخراجهم من الارض التي هم فيها وما ذنبهم انهم يتطهرون عن فعلتكم وهذا اعتراف منه ان فعلتهم هذه نجسة وقبيحة فانطقهم الله بالشهادة على انفسهم لانهم يتطهرون ويتنزهون من فعلتكم هذه فما دام انهم يتطهرون منها دليل على انها نجسة وقبيحة ورديئة وسيئة فانجيناه واهله الا امرأته قدرناها من الغابرين فاخبر الله عز وجل انه احل بهم بأسوا وانزل بهم عقوبته لكنه نجا نبيه ونجى اهله معه الا امرأته قدرناها من الغابرين كتبنا وقدرنا انها من الغابرين من الهالكين ممن يغبروا في هذا المكان ويقيموا فيه ولا يخرج مع لوط لان الله امر نبيه لوط ان يخرج باهله بقطع من الليل ولا يلتفت منهم احد ولكنها التفتت فاهلكها الله معهم فهي من الغابرين اي الهالكين. يقول ابن كثير رحمه الله فانجيناه واهله اي فانجيناه واهله الا امرأته قدرناها من الغابرين. اي من الهالكين مع قومها لانها كانت ردءا لهم على دينهم. وعلى طريقتهم في رضاها بافعالهم القبيحة فكانت تدل قومها على ظيفان لوط. يعني على ضيفان زوجها لوط ليأتوا اليهم لا انها كانت تفعل الفواحش تكرمة لنبي الله صلى الله عليه وسلم لا كرامة لها نعم وهذه لفتة لطيفة قد مر معنا الكلام كلام ابن عباس انه ما خانت امرأة نبي قط فالخيانة التي تنسب الى ازواج الانبياء انما هي خيانة في الدين خيانة في الدين اتكون على خلاف ديني زوجها النبي لا في الاعراض لا في الزنا ولا في غير ذلك فهي ما كانت تفعل هذه الامور لكن كانت مع قومها في الرضا بفعلهم وكانت تدل على اضياف زوجها لوط لما جاءه الملائكة اخبرته قومها فجاءوا اليه يهرعون قال جل وعلا وامطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين وامطرنا عليهم اي على قوم لوط مطرا فساء مطر المنذرين قال ابن كثير وامطرنا عليهم مطر اي حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ولهذا قال فساء مطر المنذرين اي الذين قامت عليهم الحجة ووصل اليهم الانذار فخالفوا الرسول وكذبوه وهموا باخراجه من بينهم ويشير ابن كثير بذلك الى قوله جل وعلا في سورة هود فلما جاء امرنا جعلنا عاليها سافلها وامطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد اذا هذه هي المراد بالمطر انه الحجارة امطار الحجارة لانها نزلت عليهم من السماء من سجيل من طين يابس منضوج بعضه فوق بعض تضرب احدهم فتقتله فتقتله حينما تصيبه فساء مطر منذرين قال الطبري فساء ذلك المطر مطر القوم الذين انذرهم الله عقاب عقابه على معصيتهم اياه وقال في موطن اخر فبئس ذلك المطر. مطر قوم الذين انذرهم نبيهم فكذبوه وهذا دليل على انها قد قامت عليهم الحجة انذرهم نبيهم وامرهم ونهاهم فلا حجة لها ثم قال جل وعلا قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى قال بعض المفسرين هذا خطاب للوط لما اهلك الله قومه الكفرة ونجاه ومن معه من المؤمنين امره ان يحمد الله على ذلك واكثر المفسرين على ان هذا خطاب للنبي صلى الله عليه واله وسلم وهو الصواب كما يدل عليه السياق ما جاء بعد ذلك من الايات فقال الله لنبيه قل الحمد لله قال ابن كثير يقول تعالى امرا رسوله صلى الله عليه وسلم ان يقول الحمد لله اي على نعم على نعمه على عباده ومن النعم التي لا تعد ولا تحصى وعلى ما اتصف به من من الصفات العلى والاسماء الحسنى يرى ابن كثير ان امره هنا بالحمل يعني على جميع نعم الله عز وجل. ونحوه قال الطبري قل يا محمد الحمد لله على نعمه علينا وتوفيقه ايانا لما وفقنا من الهداية للاسلام الى اخر كلامه اذا يشرع الحمد فالانسان يجب ان يحمد الله ليلا ونهارا لان كل النعم التي فيك من الله جل وعلا كما في الدعاء من اذكار الصباح اللهم ما اصبح بي من نعمة او باحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فالنعام كلها من الله فهو المحمود على كل حال وفي كل حال وفي كل وقت لكن هنا ينبه على قول ابن كثير رحمه الله من النعم التي لا تعد ولا تحصى يقول شيخنا الشيخ ابن عثيمين ان هذه العبارة لا تعد غير دقيقة فالانسان حينما يقول مثل هذه العبارة يقول الحمدلله على نعمه التي لا تحصى اما العد تعد العد يمكن يبدأ الانسان يعد لكن لا يمكن ان يأتي ويحصي جميع النعم لان الله قال وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها فاخبر انه يمكن ان تعدوا ممكن تبدأون العدد لكن لا يمكن ان تحصيها فمثل الانسان لو اراد ان يعد نعم الله عليه ما احد يمنعه من العدل لا نقول له لا يمكن ان تعد لا يمكن نقول الحمد لله اعد نعمة البصر نعمة الكلام من نعمة العقل نعمة العين نعمة السمع ممكن يعد لكن لا يمكن ان يحصي جميع النعم ولهذا هذه العبارة لا تعد ولا تحصى فيها نظر بين لكن يقول الانسان الحمد لله على نعمه التي لا تحصى اما العد قد يعد الانسان يعد العاد لكنه لا يمكن ان يحصي هذه النعم لكثرتها قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى سلام قال ابن كدير في سياق كلامه قال وان يسلم على عباد الله الذين اصطفاهم واختارهم وهم رسله وانبياؤه الكرام عليهم من الله الصلاة والسلام هكذا قال عبدالرحمن بن زيد بن اسلم وغيره ان المراد بعباده الذين اصطفاهم الانبياء قال وهو كقوله سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وقال الثوري والسدي هم اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. ورضي عنهم اجمعين اروي انه عن ابن عباس قال ولا منافاة فانهم اذا كانوا من عباده الذين اصطفى فالانبياء بطريق الاولى والاحرى والقصد ان الله امر رسوله صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه بعد ما ذكر لهم ما فعل باوليائه من النجاة والنصر والتأييد وما باعدائه من الخزي والنكال والقهر ان يحمدوه على جميل افعاله وان يسلموا على عباده المصطفين الاخيار وهذا الكلام في غاية المكانة بان السلام كما قال الطبري يعني السلام قال اي اي ويقول وامنة من عقابه الذي عاقب به قوم لوط وقوم صالح على الذين اصطفاهم يقول الذي اجتباهم لنبيه صلى الله عليه وسلم فجعلهم اصحابه وزراءه على الدين والاصل في السلام كما قال ابن عاشور الاصل فيه طلب السلامة نقول له سلام تقديره كلام وسلم سلاما والمعنى سلامة وامنا ثابتا لعباده الذين اصطفى اذا امره الله ان ان يحمده ان يحمد ربه جل وعلا على نعمه العظيمة الكثيرة ومنها ان جاءوا الصالحين في القصص السابق واهلاك الكافرين والقضاء عليه وامره بالسلام على عباده الذين اصطفى ويدخل فيهم الانبياء دخولا اوليا وكذلك الصحابة رضي الله عنهم بل قال الشوكاني هذا عام لاتباع الانبياء الذين اصطفى الانبياء من المصطفئين وكذلك من اصطفاهم الله للايمان به من قومه نبينا صلى الله عليه وسلم من امن بي من الصحابة فمن بعدهم او من الصالحين الذين امنوا بانبيائهم فيما سبق وهذا القول وجيه فيكون المعنى وسلام على عباده الذين اصطفى اي سلم وقولوا السلامة والامن لعباده الذين اصطفاهم بالايمان مما اصاب الكفار من العذاب والنكال ثم قال االله خير ام ما يشركون هذا استفهام تهكم وهو متظمن الانكار ينكر ويتهكم به لان لانهم يعلمون ان الله خير ولهذا قال بعضهم افعل التفضيل هنا ليست على بابها لانه لا مقارنة بين الله جل وعلا وبين الاصنام فقال بعضهم بل هي على على بابها اه لان المراد ان الله المعنى لان المراد بالمعنى الله خير هو الذي يأتي منه خير اما تشركون الذي لا يأتي منه الا الشر الحاصل انهم يقرون بان الله خير ولهذا تهكم بهم االله خير ام يشركون؟ الله خير بلا شك واما ما يشركون من الاصنام والاوزان لا تملك نفعا ولا ضرا ولا تجدي عنهم شيئا وهم يقولون ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى هذا يعني عظة لكفار قريش اتعظوا فكروا تفكيرا سليما تدبروا بعقولكم وانظروا الامر فكيف تعبدون الاصنام والاوثان التي لا تنفع ولا خير فيها الا الضرر وهي جمعت لو بقيتم تدعونها الى قيام الساعة ما تكلمت معكم ولا ردت عليكم ام الله جل وعلا الذي كل خير منه هو الذي يدفع عنكم الشرور قال جل وعلا امن خلق السماوات والارض ام هنا هي المنقطعة وهي هنا للاظراب والانتقال فبعد ان قرر ان الله خير من الهتهم وانه لا خير في الهتهم انتقل او اضرب عن هذا وانتقل الى كلام اخر وهو تقريرهم في من خلق السماوات والارض وانه هو المستحق للعبادة لا هؤلاء الاصنام التي لا تخلق شيئا وهم يخلقون وقال جل وعلا امن خلق السماوات والارض وهذا استفهام تقريري الهتكم خير اما تجعلون شريكا لله هم من قال من هو الذي خلق السماوات والارض واوجدهما على غير مثال سابق وقد كانتا عدما مع عظمهما وما اودع فيهما من المنافع ولهذا يقول ابن كثير امن خلق السماوات والارض اي تلك السماوات بارتفائها وصفائها وما جعل فيها من الكواكب النيرة والنجوم الزاهرة والافلاك الدائرة والارض باستفالها وكثافتها وما جعل فيها من الجبال والاعاري والسهور والفيافي والقفار والاشجار والزروع والثمار والبحور والحيوان على اختلاف الاصناف والاشكال والالوان وغير ذلك سبحانه وتعالى وانزل لكم من السماء ماء انزل لكم من السماء لان السماء تطرق على جهة العلو والمراد من السحاب الذي هو في جهة السماء ماء قال ابن كثير اي جعله رزقا للعباد فانبتنا به حدائق ذات بهجة فهو انزله ومن جهة السماء التي ليس فيها شيء ينظر الناظر لا يرى في السماء شيئا فيزجي جل وعلا السحاب ثم يأتي المطر رزقا للعباد فانبتنا به حدائق. الحدائق هي البساتين وقال بعض المفسرين هي البستان الذي عليه حائط هذه الحدائق البساتين والمزارع التي يكون عليها حديقة اذا لم يكن عليها التي يكون عليها حائض. اذا لم يكن يحيط بها حائط او جدار فانها لا تسمى حديقة تسمى بستان حدائق ذات بهجة البهجة هي المنظر الحسن وقيل هي الزينة والحسن فهي حدائق وبساتين ذات منظر بهيج وجميل وحسن يبهج من رعاه ودليل على اتقانه جل وعلا وفقط فهو ليس فقط ينزل الماء من السماء بل ينبت به فقط ينبت لا ينبت به حدائق الحدائق فقط لا ذات بهجة وجمال مع ما فيها من الثمار والانعام والفوائد للعباد قال جل وعلا ما كان لكم ان تنبتوا شجرها ما هنا نافية ما هنا؟ للنفي ومعناه الحظر والمنع من فعل هذا اي ما كان للبشر ولا يتهيأ لهم ان ينبتوا شجرها ما يستطيعون ما كان لكم ان تنبتوا شجرها لا يمكن ان تنبتوا شجرة انتم بانفسكم. الذي ينبتها هو الله هذا تقرير وهذا كما قدمنا الخطاب مع كفار قريش يثير عقولهم لتعقل هذه امور ما تنكرها العقول فيدعوهم هذا الى توحيد الالوهية لان هذا توحيد الربوبية افعال الله خلق والرزق والاحياء توحيد الربوبية لكنه يقررهم بتوحيد الربوبية لانهم يقرون به ليقروا بتوحيد الالوهية لان الفاعل لهذه الاشياء هو المستحق ان يعبد وحده لا شريك له ثم قال االه مع الله آآ قبل ذلك قال ابن كثير فانبتنا به حدائق اي بساتين ذات بهجة منظر حسن وشكل بهي ما كان لكم ان تنبتوا شجرها اي لم تكونوا تقدرون على انبات شجرها انما يقدر على ذلك الخالق الرازق المستقل بذلك المنفرد به دون ما سواه من الاصنام والانداد. كما يعترف به هؤلاء المشركون كما قال تعالى في الاية الاخرى ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ولان سألوا وقال ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فاحيا به الارض من بعد موته ليقولن الله اي هم معترفون بانه الفاعل لجميع ذلك وحده لا شريك له ثم هم يعبدون معه غيره مما يعترفون انه لا يخلق ولا يرزق وانما يستحق ان يفرد بالعبادة من هو المتفرد بالخلق والرزق. ولهذا قال االهم مع الله؟ اي اإله مع الله يعبد وقد تبين لكم ولكل ذي لب مما يره هنا به ايضا انه الخالق الرازق وقال الطبري االه مع الله؟ امعبود مع الله ايها الجهلة نعم هذا ايضا استفهام انكار فهو الذي فعل هذه الاشياء االهم معه الجواب لا اتعبدون غيره وتجعلون غيره معبودا وهو الذي يفعل هذه الاشياء الجواب لا ولا يجوز ذلك والعقل يدل على ذلك تبعا للنقل ثم قال بل هم قوم يعدلون قال ابن كثير رحمه الله بل هم قوم يعدلون اي يجعلون لله عدلا ونظيرا وقال ابن جرير يعدلون بل هؤلاء المشركون قوم ضلال يعدلون عن الحق ويجورون عنه على عمد منهم لذلك على عمد منهم لذلك مع علمهم انهم على خطأ وضلال ولم يعدلوا عن جهل منهم فهم يعدلون عن الحق ويميلون عنه ويجورون مع ظهوره لانه قررهم الان كما مر التقرير الذي لا يمكن ان ينفك منه عاقل لكنهم يعدلون عن الحق ويجورون عنه مع معرفتهم له ثم قال جل وعلا امن جعل الارض قرارا هذه يقال فيها كما سبق ان ام هنا هي المنقطعة هي للاضراب وانتقال الاظراب الانتقالي الى امر اخر يقرر فيه قدرته ووحدانيته الفاعل لهذه الاشياء هو المستحق للعبادة وهم يقرون بهذا قال امن جعل الارض قرارا جعل الارض قارة قال ابن كثير اي قارة ساكنة ثابتة لا تميدوا ولا تتحركوا باهلها ولا ترجف بهم فانها لو كانت كذلك لما طاب عليها العيش والحياة بل جعلها من فظله ورحمته مهادا بساطا ثابتة لا تتزلزل ولا تتحرك كما قال في الاية الاخرى الله الذي جعل لكم الارض قرارا والسماء بناء وهذا امر معلوم يا اخوان كل نعلم اذا جاءت الزلازل نسأل الله العافية والسلامة في بلد يقولون لا لا يكاد يوجد زلزال اكثر من دقيقة او اغلب الزلازل دقيقة فما دون كم يحصل من الدمار والهلاك للناس وللاموال وللمباني وللزروع وللارظ هذا من رحمة الله جعل الارض قارة ساكنة ما تتحرك فله الحمد على ذلك امن جعل الارض قرارا وجعل خلالها انهارا. ايضا جعل فيها انهارا ينتفع الناس بها يشربون منها ودوابهم ويسقون ويحرثون ويزرعون وجعل خلالها انهارا يقول ابن كثير ان يجعل فيها الانهار العذبة الطيبة تشقها في خلالها وصرفها وصرفها فيها ما ما بين انهار الكبار وصغار وبين ذلك وسيرها شرقا وغربا وجنوبا وشمالا بحسب صالح عباده في اقاليمهم وابقارهم حيث ذراعهم من ارجاء الارض سير اليهم ارزاقهم بحسب ما يحتاجون اليه ثم قال وجعل لها رواسي اي جبال شامخة ترسل ارض وتثبتها لان لا تميد بكم يعني له رواسي جبال ترسيها وتثبتها وجعل بين البحرين حاجزا مر معنا بكلام على هذه الاية وان من العلماء من يقول ان البحرين وهذا ما يراه ابن كثير ان البحرين المراد بها البحار والانهار التي في الارض فالله جل وعلا جعل بينها حاجزا فالانهار حلوة المذاق فرات والبحار مالحة ومع ذلك ما تختلط ببعضها وذهب كبير المفسرين لان المراد ما جعله الله في بعض البحار انه يجعل ماء حلوا عذبا فراتا وبجواره ملحا ملحا اجاجا اجاج في مكان واحد مستويان سويا ولا يختلط هذا بهذا وكلا القولين حق وهو جل وعلا جعل بين البحرين حاجزا البحران اللذان جعل احدهما حلو الاخر مر وهذا معروف يعرفه بعض البلدان فيذهبون يستقون الماء من البحر يتجاوزون الى ان يجدون الماء الحلم يأخذون منه والماء الاخر يحيط به ولا يختلط به وكذلك ايضا لم يجعل البحار تختلط بالانهار العذبة الحلوة فتصبح كلها اجاج غير صالحة للشرب هذا دليل على كمال قدرته جل وعلا وجعل بين البحرين حاجزا االه مع الله؟ امعبود مع الله الجواب لا استفهام انكاري توبيخي الفاعل لهذه الاشياء هو المستحق ان يعبد. ولا يجوز ان يعبد احد معه. من لا يستطيع يفعل هذا ولا شيئا منه بل اكثرهم لا يعلمون قال الطبري بل اكثرهم بل اكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون قدرة الله وما عليهم من الضر في اشراكهم في عبادة غير الله فهم لا يعلمون قدر الخطر والضلال الذي هم فيه الواجب عليهم ان ينتهوا ويرعوا ويرجعوا الى عقولهم فيورد الله جل وعلا بالعبادة فان من يفعل هذه الاشياء هو المستحق ان يعبد لا تلك الاصنام العاجزة التي لا تنفع ولا تضر ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد