بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة النمل قل لا يعلم من في السماوات والارض الغيب الا الله وما يشعرون ايانا يبعثون بل ادارك علمهم في الاخرة بل هم في منها بل هم منها عمون لا تزال هذه الايات في ذكر ربنا جل وعلا شيئا من صفاته التي تدل على وحدانيته وانفراده بالعبادة فان المتصف بهذه الصفات العظيمة هو المستحق ان يعبد وهو الاله الحق ولا رب سواه فالغيب له اطلاقان غيب مطلق وهذا لا يعلمه الا الله جل وعلا وسيأتي ان شاء الله الكلام فيه بالتفصيل وغيب النسبي غيب لقوم دون قوم وهذا من علمه لا ليكونوا صفة مدح له لان علمه به لانه موجود وحاضر وانما يمدح بعلم الغيب المطلق الذي لا يعلمه احد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل فهو لله سبحانه وتعالى مع ان مع ان الله جل وعلا يعلم الغيب المطلق والنسبي وعلمه محيط بكل شيء فقال جل وعلا قل ايا نبينا قل لهؤلاء الكفار وهؤلاء المشركين الذين يعبدون الاصنام مع الله جل وعلا قل لا يعلم من في السماوات والارض الغيب الا الله قال ابن كثير يقول تعالى امرا رسوله صلى الله عليه وسلم ان يقول معلما لجميع الخلق انه لا يعلم احد من اهل السماوات والارض الغيب وقوله الا الله استثناء منقطع اي لا يعلم احد ذلك الا الله عز وجل فانه منفرد بذلك وحده لا شريك له كما قال تعالى وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين وقال جل وعلا ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير والايات في هذا كثيرة وقد افاد واجاد رحمه الله في ذكر ما ذكر من الايات لانها تدل على علم الغيب المطلق الذي لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى والاستثناء هنا منقطع لان المنقطع يختلف عما قبل الاستثناء فالاستثناء المتصل وهو ان يستثنى مما سبق شيء لكن هنا بمعنى لكن تقدير الكلام قل لا يعلم من في السماوات والارض الغيب احد لكن الله جل وعلا يعلم ذلك قال جل وعلا وما يشعرون ايانا يبعثون قال الطبري وما يدرون وما يدري من في السماوات والارض من خلقه متى يبعثون من قبورهم لقيام الساعة ونحوه قال ابن كثير رحمه الله قال وما وما يشعر الخلائق الساكنون في السماوات والارض بوقته بوقت الساعة كما قال تعالى ثقلت في السماوات والارض لا تأتيكم الا بغتة اي ثقل علمها على اهل السماوات والارض ثم ساق ابن كثير حديث طويلا رواه الامام مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت من زعم انه يعني النبي صلى الله عليه واله وسلم من زعم انه يعلم ما يكون في غد فقد اعظم على الله الفريه لان الله تعالى يقول لا يعلم من في السماوات والارض الغيب الا الله نعم اعظم الفرية والكذب على الله جل وعلا هذا رد على الذين يغلون بالنبي صلى الله عليه واله وسلم ويجعلونه يعلم الغيب المطلق فهذا من الغلو القبيح والكذب والافتراء على الله ورسوله فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلم من علم الغيب ما علمه الله يعلم من الغيب ما علمه الله هو وسائر الانبياء كما اخبر الله جل وعلا عن ذلك في كتابه الكريم فقال عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول فانه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا الايات فالغيب المطلق لا يعلمه احد لكن الله يعلم انبياءه شيئا من علم الغيب فيعلمون ما علمهم والذي علمهم الله هو الله ولا احد يعلم الغيب المطلق ولهذا يقول بعض الغولات يا اكرم الخلق ما لمن الوذ به سواك عند حدوث الحادي العميمي فان من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم لا والله لا يعلم ما في اللوح ولا ولا علم القلم الا ما علمه الله فهذا من علم الغيب المطلق فيجب على المسلم ان يتقي الله جل وعلا فحب النبي صلى الله عليه وسلم واتباعه وتقديره وتعزيره وموالاته انما تكون باتباع سنته وتصديقه فيما اخبر واجتناب ما عنه نهى وزجر لا بالغلو والافراط والتفريط قال قتادة ثم قال ابن كثير وقال قتادة وهو كلام جميل وقال قتادة ان الله انما جعل هذه النجوم لثلاث خصلات جعلها زينة للسماء وجعلها يهتدى بها وجعلها رجوما للشياطين كل هذه الصفات جاءت فيها ايات قال قد زين السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين قالوا علامات وبالنجم هم يهتدون هذه الخصال الثلاث دل عليها القرآن وما سوى ذلك فلا يجوز ادعائه قال قال قتادة جعلها زينة للسماء وجعلها يهتدى بها وجعلها رجوما للشياطين. فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قال برأيه واخطأ حظه واضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به واننا سنجهلة وان ناسا جهلة بامر الله قد احدثوا من هذه النجوم كهانة من اعرس بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا. ومن سافر بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا ومن ولد بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا ولا عمري ما من نجم الا يولد فيه الاحمر والاسود والقصير والطويل والحسن والدميم وما علم هذا النجم؟ وما علم هذا النجم وهذه الدابة وهذا الطير بشيء من الغيب وقضى الله انه لا يعلم من في السماوات والارض الغيب الا الله وما يشعرون ايان يبعثون رواه ابن ابي حاتم عنه بحروفه ثم قال ابن كثير وهو كلام جليل متين صحيح وقال الحافظ ابن حجر في الفتح وصله عبد ابن حميد لان البخاري اورد جزءا منه غير مسند وهو كلام جميل قال جل وعلا بل ادارك علمهم بل هنا وفي قوله بعدها بل هم في شك منها وبعدها بل هم منها عامون بهذه المواضع الثلاث في هذه الاية كلها للاظراب الانتقالي اضراب عما سبق وانتقال الى موضوع اخر بل الدارك علمهم في الاخرة وادارك فيها قراءتان قرأ الجمهور ادارك بل اتدارك بكسر اللام وتشديد الدال بل ادارك وقرأ ابن كثير بل ادرك بل ادرك باسكان اللام وتخفيف الدال وتخفيف الدال بل ادرك والمعنى يختلف باختلاف القراءة القراءة قراءة الجمهور بل الدارك يعني تكامل علمهم بالقيامة في الاخرة وليس في الدنيا كما قال جل وعلا حتى اذا اداركوا فيها حتى اذا اداركوا فيها اذا بل الدركة يعني تكامل علمهم وعلموا القيامة حقيقة جمع لهم ذلك لكن حين لا ينفعهم وقيل بل الدأب وعلى القراءة الثانية ادرك علمهم يعني بلغ ولحق كما تقول ادرك علمي كذا اذا لحقه وبلغه قال ابن كثير رحمه الله بل ادارك علمهم اي تساوى علمهم في ذلك كما في الصحيح لمسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل قد سأله سأله عن وقت الساعة ما المسؤول عنها باعلم من السائل اي تساوى في العجز عن عن درك ذلك علم المسؤول والسائل وقال علي ابن ابي طلحة عن ابن عباس بل ادارك علمه في الاخرة. اي غاب علمهم في الاخرة وقال قتادة بني الدار كعلم في الاخرة يعني يجهلهم ربهم يقول لم ينفذ لهم الى الاخرة علم هذا قول هذا احد القولين يعني يجهلون الاخرة بل ادارك علمهم يعني عجز ان يدرك الاخرة وقول اخر وهو قول ابن عباس ايضا قال بل ان دارك علمه في الاخرة حين لم ينفع العلم وبه قال عطاء الخرساني والسد ان ان علمهم انما يدرك ويكمل يوم القيامة حيث لا ينفعهم ذلك. كما قال تعالى اسمع بهم وابصر يوم يأتوننا. لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين وجاء عن الحسن اه انه كان يقرب بل ادرك علمهم وهي قراءة آآ صحيحة متواترة كما قدمنا قراءة ابن كثير قال بل ادرك علمهم يقول اذ محل علمه في الدنيا حين عاينوا الاخرة بل ادارك علمهم في الاخرة بل هم في شك منها بل هم في شك منها اصلا هم شاكون شاكون في وقوعها ولهذا قال ابن كثير منى عائد على الجنس والمراد الكافرون يعني جنس الكفار او جنس الناس وليس كل الناس وانما المراد بهم الكفار على جنس الكفار من الناس قال والمراد الكافرون كما قال تعالى وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم اول مرة بل زعمتم ان لن نجعل لكم اعيد اي الكافرون منكم وهكذا قال ها هنا بل هم في شك منها اي هم شاكون في وجودها ووقوعها بل هم منها عمون اي في عماية وجهل كبير في امرها وشأنها هذه الايات تدل على ما بلغه هؤلاء الظلال من التكذيب بالاخرة وعدم الايمان بها لان الايمان باليوم الاخر يحمل على اصلاح العمل ولهذا كثيرا ما يقرن الله جل وعلا بين الايمان به واليوم الاخر لانه اذا امن بالله ربا والها ومعبودا سمع له واطاعه واذا علم ان هناك يوم اخر غير هذه الدنيا التي يعيشها عمل لما ينجيه ذلك اليوم ثم قال جل وعلا وقال الذين كفروا ائذا كنا ترابا واباؤنا ائنا لمخرجون وهذا تأكيد لما سبق من في شكهم وتكذيبهم في الاخرة فانهم يقولون على سبيل الانكار فالاستفهام هنا انكار. ائذا كنا ترابا كن ترابا ورفاتا واباؤنا وصار اباؤنا كذلك ائنا لمخرجون هذا ايضا استفهام انكاري مخرجون من الارض ولهذا يقول ابن كثير يقول تعالى مخبرا عن منكر البعث من المشركين انهم استبعدوا اعادة الاجساد بعد صيرورتها عظاما ورفات ورفاتا وترابا ثم قال لقد وعدنا هذا نحن واباؤنا من قبل يعني هم يقولون واللام هنا للقسم والله قد وعدنا هذا نحن واباؤنا من قبل قال ابن كثير اي ما زلنا نسمع بهذا نحن واباؤنا ولا نرى له حقيقة ولا وقوعا وهذا من جهلهم فان البعث يكون في الاخرة الدنيا يبقى الاموات في البرزخ في قبورهم الى يوم يبعثون وقد جاءت الدلائل والبينات الدالة على هذا ولكن ولكنهم لا يفقهون ثم قالوا ان هذا الا اساطير الاولين. ان هنا نافية بمعنى ماء ما هذا الا اساطير الاولين والاساطير جمع اسطورة وهي اخبار وقصص وحكايات الاولين التي يغلب عليها الكذب وعدم الصدق هذا دليل على شدة تكذيبهم فيقولون ما هذا الا اخبار يتناقلها اللاحق عن السابق وكلها حكايات لا حقيقة لها قال ابن كثير يعنون ما هذا الوعد باعادة الابدان الا اساطير الاولين يعني اخذه قوم عمن قبلهم من قيلهم يتلقاه بعضهم عن بعض وليس له حقيقة قال جل وعلا مجيبا لهم عما ظنوه قال قل سيروا قل يا نبينا سيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين سيروا من السير والمشي والظرف في الارض. اذهبوا الى ديار المعذبين وانتم تمرون عليهم تمرون على قرى قوم لوط في ذهابكم للشام من اجل جلب الطعام وايضا تعرفون المدائن مدائن صالح في العلا شمال المدينة بحدود ثلاثمائة كيلو امر معروف عندهم وغيرها من الاماكن فقال قل سيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين اي المكذبين بالرسل وما جاءوهم به من امن المعادي وغيره كيف حلت بهم نقم الله وعذابه ونكاله ونجى الله من بينهم رسله الكرام ومن اتبعهم من المؤمنين فدل ذلك على صدق ما جاءت به الرسل وصحته ونحوه قال ابن جرير الطبري قال قل يا محمد لهؤلاء المكذبين ما جئتهم به من الانباء من عند ربك سيروا في ديار من كان قبلكم من المكذبين رسل الله ومساكن ومساكنهم كيف هي الم يخربها الله ويهلك اهلها بتكذيبهم قل سيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين كيف كان عاقبة امرهم ونهاية امرهم وبذلك عبرة لكم اعتبروا يا كفار قريش سيروا في ديارهم وخذوا العبرة والعبر والا سيحل بكم ما حل بهم فانقذوا انفسكم وهذا غاية الاعذار والانذار قال جل وعلا ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون هذه تسلية للنبي صلى الله عليه واله وسلم يسليه ولهذا قال ابن كثير يقول ثم قال تعالى مسليا لنبيه صلوات الله وسلامه عليه ولا تحزن عليهم. اي المكذبين بما جئت به ولا تأسف عليهم وتذهب نفسك عليهم حسرات ولا تكن في ضيق مما يمكرون اي في كيدك ورد ما جئت به فان الله مؤيدك وناصرك ومظهر دينك على من خالفه وعانده في المشارق والمغارب فهذه تسلية من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه واله وسلم يسليه عن تكذيبهم. لانه يحزنه يدعوهم الى الحق. يريد نجاتهم ومع ذلك يعارضون ويكذبون ويتهمون وقوله جل وعلا في ضيق قرأ ابن كثير في ضيق وقرأ الباقون في فتحها قال الفراء الظيق بالفتح ما ضاق عنه صدرك يعني يتعلق بضيق الصدر والضيق بالكسر يكون في الذي يتسع كالدار والثوب. يعني في الاماكن والاشياء التي تتسع ضاقت الدار ضاق الثوب لكن الهم والكرب هذا كله وما يتعلق بالصدر يقال له ضيق ضاق فلان ضيقا قال الطبري اي لا يضيق صدرك من مكرهم بك فان الله ناصرك عليهم ثم قال جل وعلا ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين يعني مع تكذيبهم يستأجرون العذاب وهذا دليل على شدة تكذيبهم وعمايتهم وغوايتهم وطغيانهم وشدة معارضتهم للنبي صلى الله عليه وسلم قال ابن كثير يقول تعالى مخبرا عن المشركين في سؤالهم عن يوم القيامة واستبعادهم وقوع ذلك ويقولون متى هذا الوعد؟ ان كنتم صادقين وهذا يعني في زياد زيادة يعني حث للنبي صلى الله عليه وسلم على الاتيان بهذا ودليل على شدة التكذيب الذي في نفوسهم قال الله جل وعلا مجيبا لهم قل عسى ان يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون معنى ردف اي قرب كما قال ابن عباس قال قرب او ان يقرب لكم بعض الذي تستعجلون هكذا قال مجاهد والضحاك واعطاء الخرساني وقتادة والسدي وهذا هو المراد هنا كقوله تعالى ويقولون متاه قل عسى ان يكون قريبا. القرآن يفسر بعضه بعضا وقال ويستعجلونك بالعذاب وان جهنم لمحيطة بالكافرين ثم قال ابن كثير وانما دخلت اللام في قوله ردف لكم يعني على كم دخلت اللام مع ان الفعل يتعدى بنفسه. قال لانه ضمن معنى عدل لكم كما قال مجاهد في رواية عنه عسى ان يكون ردف لكم عجلا لكم وبنحو قول ابن عباس وقول ابن كثير قال الطبري اقترب لكم ودنى فقل عسى ان يكون ردف اي اقترب لكم ودنى وعسى واجبة من الله واجبة وفعلا كان قد دنا وقرب عذابهم وكان اوله من اوله قتل من قتله الله منهم في يوم بدر وهبة ما حل بهم حينما لقوا حينما لقوا الله وماتوا من مات على الكفر قل عسى ان يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون وان ربك لذو فضل على الناس ولكن اكثرهم لا يشكرون نعم الله ذو فضل على الناس وانعام فما بنا من النعم كلها من الله ولكن اكثر الناس لا يشكرون هذه النعم ويرون انه كانها ملك لهم وانهم مستحقون لها وهي والله من فظل الله لو نظرت في نفسك البصر الذي معك هذا الذي امدك الله به. السمع الكلام الذهاب المجيء نعمة الزوجة نعمة الولد نعمة الغناء نعمة وجود الطعام والشراب كل ذلك من فظل الله وانعامه واحسانه وكرمه وبره لا لاننا مستحقون لذلك فالله ذو فضل على الناس ولكن اكثر الناس لا يشكرون لا ازكره الا المؤمنون قال الطبري وان الله وان ربك لذو فضل على الناس قال بترك معاجلتهم بالعقوبة على معصيتهم اياه وكفرهم به وذو احسان اليهم في ذلك وغيره من نعمه بهم او لهم التي انعم بها ونحوه قال ابن كثير قال وان ربك لذو فضل على الناس اي في اسباغه نعمه عليهم مع ظلمهم لانفسهم وهم مع ذلك لا يشكرونه على ذلك الا القليل منهم وان ربك ليعلم ما تتم صدورهم اخبر جل وعلا من سعة علمه واحاطته بهم فقال وان ربك ليعلم ما تكن صدورهم. يعني ما تخفيه صدورهم وما يعلنون ما يظهرونه قال ابن كثير ان يعلم السرائر والضمائر كما يعلم الظواهر سواء منكم من اسر القول ومن جهر به يعني يستشهد ابن كثير بهذه الايات للدلالة على انه يعلم السر واخفى قال سواء منكم من اسر القول ومن جهر به عند الله سواء عند الله لانه جل وعلا يعلم السر واخفى قال يعلم السر واخفى وقال الا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون ثم اخبر تعالى بعد ذلك بانه عالم غيب السماوات والارض يعني بعد ان بين احاطته بما تكن وتفسده وما يظهرونه بين جل وعلا كمال علمه الغيب فقال وما من غائبة في السماء والارض الا في كتاب مبين قال الطبري في كتاب مبين هي ام الكتاب الذي الذي اثبت فيه ربنا كل ما هو كائن من لدن ابتداء خلقه من ابتداء خلق خلق خلقه الى يوم القيامة بل هو اللوح المحفوظ الذي اودع الله جل وعلا فيه علم كل شيء حتى قبل ابتداء خلق الخلق لان الله لما خلق القلم قال له اكتب قال وما اكتب؟ قال اكتب ما هو كائن الى يوم القيامة فجرى القلم بالمقادير قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة كما في الحديث الصحيح والغائبة كما قال ابن عاشور قال الغائبة اسم للشيء الغائب والتاء فيه للنقل من الوصفية الى الاسمية كالتاء في العافية والعاقبة والفاتحة فالمراد بالغائبة كل ما غاب في السماء والارض فان الله جل وعلا قد اثبته في اللوح المحفوظ ويعلمه ولا يخفى عليه شيء منه وتمدحه جل وعلا بذلك واخباره عنه يدل على انه هو المستحق ان يعبد وهو الذي لا يجوز ان يشرك معه احد سواه جل وعلا وهذا من الدلائل والحجج العقلية على كفار قريش لعلهم يرعون ولكنهم لا يسمعون لان كفرهم ليس عن جهل وانما قامت عليهم الحجج والدلائل والبينات فابوا ذلك ولهذا استحقوا العذاب من مات على ذلك ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد