بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد. وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في اخر سورة النمل ان هذا القرآن يقص على بني اسرائيل اكثر الذي هم فيه يختلفون يخبر جل وعلا ان هذا الكتاب العظيم الذكر الحكيم القرآن العظيم انه يقص على بني اسرائيل من القصص يقص عليهم ويخبرهم باكثر الذي هم فيه يختلفون. يبين له حكمه ويبين الحق فيه قال ابن كثير يقول تعالى مخبر عن كتابه العزيز وما اشتمل عليه من الهدى والبينات والفرقان انه يقص على بني اسرائيل وهم حملة التوراة والانجيل لان بني اسرائيل اه اغلب ما يطلق على اليهود لكنه قد يرد احيانا كما في هذه الاية ويراد به اليهود والنصارى قال وهم حملة التوراة والانجيل اكثر الذي هم فيه يختلفون لان هناك امور اختلاف فيها ليس له اثر كبير فسكت عنه القرآن ولم يبينه ولكن بين اكثر ما يختلفون فيه وجل فيه الحق واظهره وبينه اقامة للحجة فقال جل وعلى اكثر الذي هم فيه يختلفون قال ابن كثير كاختلافهم في عيسى وتباينهم فيه فاليهود افترو والنصارى غلوا اليهود افتروا وقالوا انه ابن امرأة بغي وليس بنبي والنصارى غلوا فيه وجعلوه الها وجعلوه ابن الله قال ابن كثير فاليهود افترو والنصارى غلوا. فجاء القرآن بالقول الوسط الحق العدل انه عبد من عباد الله وانبيائه ورسله الكرام عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون وقال وانه لهدو ورحمة للمؤمنين اي هدى لقلوب المؤمنين ورحمة لهم قال ابن قال الطبري ورحمة للمؤمنين ورحمة للمؤمنين قال يقول ورحمته لمن صدق به وعمل بما فيه ولهذا جاء في حديث عبادة ابن الصامت من شهد من شهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله وان عيسى عبد الله ورسوله فبين المنهج الحق لان الناس في عيسى طرفان ووسط فمنهم من غلا فيه وجعله الها ومنهم من جفى ووصفه بما لا يليق به وجاء الحق وسط بين ذلك فهو عبد لا يعبد عليه السلام ولكنه ليس كسائر العبيد بل ممن اختصهم الله واصطفاهم بالرسالة فهو عبد لا يعبد ولكنه يطاع ويتبع عليه السلام ثم قال جل وعلا ان ربك يقضي بينهم بحكمه ان ربك جل وعلا يقضي بين المختلفين من بني اسرائيل وغيرهم يقضي بينهم بحكمه. قال الطبري يقضي بين المختلفين من بني اسرائيل بحكمه فيهم فينتقم من المبطل منهم ويجازي المحسن منهم المحق بجزاءه قال جل وعلا فتوكل وقبل ذلك قال وهو العزيز الحكيم العليم قال ابن كثير العزيز في انتقامه العليم بافعال عباده واقوالهم وهو جل وعلا يجمع بين العزة والعلم فهو عزيز قد عز كل شيء قوي منتقم وهو عليم بافعال العباد فيجازيهم بعلمه المحيط فلا ظلم لاحد ثم قال جل وعلا فتوكل على الله انك على الحق المبين توكل على الله اي فيفوظ امورك اليه لان التوكل هو الاعتماد على الله وتفويض الامر اليه مع الاخذ بالاسباب قال ابن كثير فتوكل على الله اي في امورك وبلغ رسالة ربك انك على الحق المبين هذه شهادة له وطمأنة له وتثبيت له فانك على الحق المبين وان خالفك من خالفك ممن كتبت عليه الشقاوة وحقت عليهم كلمة ربك انهم لا يؤمنون ولو جاءتهم كل اية ولهذا قال عن هؤلاء انك لا تسمعوا الموتى انك لا تسمع الموت ولا تسمع الصم الدعاء اذا ولوا مدبرين ذكر الامين الشنقيطي رحمه الله في اضواء البيان ان اصح قولين في معنى انك لا تسمع الموتى اصح قولين فيهما هما ان المراد القول الاول ان المراد بالموتى هنا هم الكفار الذين امات الله قلوبهم ورجحه بادلة كثيرة وبسط القول فيه وذكر ايات تدل عليه وهو الراجح ان المراد هنا بالموتى الكفار لانهم موتى القلوب او من كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس مما يدل عليه في الاية انه قال اذا ولوا مدبرين انك لا تسمع الموت ولا تسمع الصم الدعاء اذا ولوا مدبرين الموتى لا يدبرون لانهم قد ماتوا ولا حراك لهم لكن المراد بهم الكفار لانهم موتى القلوب والمعنى الثاني ان المراد بالموتى هنا هم الذين ماتوا بالفعل ويكون المعنى لا تسمعهم سماء انتفاع والكفار يسمعون الصوت ولا ينتفعون فهم موتى القلوب انك لا تسمع الموتى اذا لا تسمعهم سماء انتفاع والا فانت تسمعهم الكلام تسمع الكفار الكلام لكن سماع الانتباه الذي يورث الايمان لا تستطيعه انت انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء ولا تسمعوا الصم الصم الذين قد صمت اذانهم فلا يسمعون الكلام لا تسمعهم ايظا الدعاء حينما تدعوهم لانهم صم لا يسمعون وان كانت الاذان موجودة لكنها صماء فاحدهم اصم اذا ولوا مدبرين اذا ولوا واعرظوا وذهبوا مدبرين عن الحق وهذا فيه تسرية للنبي صلى الله عليه وسلم بان هداية القوم ليست اليه والا هو قد قام بما اوجب الله عليه فانذرهم واعذر اليهم لانه قال قبل ذلك انك على الحق المبين الحق البين الواضح الذي لا خفاء فيه وقد قمت بالمهمة ولكن هؤلاء لا يستجيبون والعلة فيهم وليست فيك ثم قال ان ثم قال وما انت بهذه العميا عن ضلالتهم ما انت بهادي يا نبينا العميا وهم العمي عن الحق كما قال جل وعلا صم بكم عمي فهم لا يرجعون فهم لا يعقلون فانت لا تهدي العمي عن ضلالتهم وما هم فيه من الضلال والانحراف وهو الكفر والشر الذي هم فيه ان تسمعوا الا من يؤمن باياتنا فهم مسلمون فانت انما تسمع اسماع افهام انما تسمع اسماء افهام الذين يؤمنون باياتنا بدلائلنا وحججنا الدالة علينا وعلى الحق الذي ارسلناك به فهم مسلمون مسلمون اي مستسلمون لله جل وعلا منقادون بالايمان والعمل الصالح وهذه كالتأكيد للاية التي قبلها وهذه تندرج تحت قوله جل وعلا انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء مع انه يهدي الى صراط مستقيم فالهداية المنفية هنا هي هداية التوفيق والالهام للايمان وان كان صلى الله عليه وسلم قد قام بهداية الدلالة والارشاد ودعاهم وبين لهم واقام عليهم الحجة ثم قال جل وعلا واذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون اذا وقع القول قال مجاهد اذا وقع القول اي حق العذاب وقال ابن جريج اذا وقع القول القول هو العذاب وقال قتادة القول هو الغضب وهي اقوال متقاربة فاذا وقع القول وقع يعني حق وقوع العذاب على الناس وذلك قرب قيام الساعة وعند قيام الساعة اخرجنا لهم اخرجنا للناس دابة من الارض تكلمهم ان الناس لا يؤمنون. ان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون فهي دابة يخرجها الله جل وعلا في اخر الزمان تكلم الناس وهي دابة وتسم الناس في وجوههم فمنهم الكافر ومنهم المؤمن وهي من علامات الساعة الكبرى يدل لذلك الحديث الذي رواه الامام احمد والامام مسلم واصحاب السنن عن حذيفة بن اسيد الغفاري قال اشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ونحن نتذاكر امر الساعة فقال صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى تروا عشر ايات طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة وخروج يأجوج ومأجوج وخروج عيسى ابن مريم والدجال وثلاثة خسوف خسف بالمغرب وخسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب ونار تخرج من قعر عدن تسوق او تحشر الناس تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا وروى الامام مسلم ايضا عن عبد الله بن عمرو قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حديثا لم انسه بعد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اول الايات خروجا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى وايتهما ما كانت قبل صاحبتها فالاخرى على اثرها قريبا وهذا دليل انها في اخر الزمان وانها عند خروجي عند طلوع الشمس وذلك حينما لا ينفع نفس الايمانها لم تكن امنت من قبل لانها اذا طلعت الشمس من مغربها اغلق باب التوبة فلا يستطيع الكافر ان يتوب ولا العاصي بل اغلق باب التوبة وايضا روى الامام مسلم عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال بادروا بالاعمال ستا طلوع الشمس من مغربها او الدخان او الدجال او الدابة او خاصة احدكم او امر العامة واورد ابن كثير رحمه الله جملة من الاحاديث اه في بعضها في بعضها وصف هذه الدابة شيء مما يتعلق بها لكنها كلها احاديث ضعيفة لا تخلو من ضعف والعبرة والعظة موجودة بما ذكره الله بهذه الاحاديث الصحيحة التي في مسلم وهو انها دابة حقيقية وانها تكلم الناس حقيقة وانها تسم الناس فابتسم الكافر والمؤمن وان الناس بعد ذلك ربما يجلسون على مائدة واحدة وهذا يقول انه كافر وهذا يقول انه مؤمن. او هذا يعرف انه كافر وهذا يعرف انه مؤمن. كل منهم يعرف الاخر زي بعض الروايات ان الاخوين الانسان مع بعضهما كل واحد منهم يعرف هذا يعرف انه مؤمن ويعرف ان الاخر كافر والعكس كذلك قال ابن عباس اه او قبل ذلك قال ابن كثير هذه الدابة تخرج في اخر الزمان عند فساد الناس وتركهم اوامر الله جل وعلا وتبديلهم لدين وتبديلهم الدين الحق يخرج الله لهم دابة من الارض قيل من مكة وقيل من غيرها فتكلم الناس على ذلك روي عن علي بن ابي طالب قال تكلمهم كلاما اي تخاطبهم مخاطبة وقال عطاء الخرساني تكلمهم فتقول لهم ان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون ويروى هذا عن علي واختاره ابن جرير وفي هذا نظر لا يخفى وقال ابن عباس تكلمهم تجرحهم من الكلب وهو الجرح وعنه رواية كلا تفعل يعني تكلمهم كلاما وتكلمهم من الجرح تجرح احدهم وتضع فيه سمة وعلامة الكافر عليه علامة الكفر والمؤمن عليه علامات الايمان آآ قال ابن كثير وهذا قول حسن. يعني قول ابن عباس الجمع بين انها تكلمهم وتجرحهم ولا منافاة والله اعلم وقوله جل وعلا ان الناس اه فيها قراءتان فقرأ عاصم حمزة والكسائي ان الناس بفتح الالف واحتجوا بقراءة ابن مسعود وهي قراءة طبعا قراءة ابن مسعود قراءة شاذة لكنها تنفع في معرفة التفسير الصحيح وهي بان الناس يعني قراءة ابن مسعود بدل ان ان يقول تكلمهم ان الناس قال تكلمهم بان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون اذا تكلمه بان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون ولهذا كما مر معنا هذه فيها معنيان وقبل ذلك القراءة الثانية قرأ الباقون بكسر ان على الاستئناف ان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون فصار المعنى باعتبار القراءة على قراءة الفتح تكلمهم ما هو الكلام الذي تقول؟ تقول ان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون وعلى قراءة الكسر الكلام مستأنف جديد فبعد ان اخبر انه عند وقوع العذاب تخرج دابة من الارض تكلم الناس اخبر بعد ذلك ان الناس كانوا بايات الله لا يوقنون لانهم قد اعرضوا وتركوا الايمان كما مر في الحديث وصاروا كفارا او تركوا امر الله عز وجل وصار كثير منهم على الكفر اي لا يؤمنون بامر الله عز وجل والا لو ايقنوا بايات الله وحججه ودلائله فانهم لا يقولون ذلك فانهم يؤمنون بالله جل وعلا ويوقنون بوعد الله جل وعلا ثم قال جل وعلا ويوم نحشر من كل امة فوجا فوجا ممن يكذب باياتنا فهم يوزعون وهذا يوم القيامة فان الله سبحانه وتعالى يحشر يحشر ويجمع من كل امة من الامم فوجا اي جماعة منهم وزمرة ممن يكذب باياتنا ممن يكذبون بادلة الله بادلتنا وحججنا لان الايات علامات على الحق دالة عليه فكذب بها الكفار ولهذا اخبر انه حينما يحشر وذلك يوم القيامة من كل امة من الامم فوجا وجماعة وزمرة من الذين يكذبون بحجج الله فهم يوزعون قال ابن عباس يوزعون ان يدفعون وقال قتادة وزعة نعم وزعة ترد اولهم على اخرهم وقال عبد الرحمن ابن زيد ابن اسلم يساقون و لخص هذا القرطبي فقال يدفعون ويساقون الى موضع الحساب حتى اذا جاء حتى اذا جاءوا قال اكذبتم باياتي ولم تحيطوا بها علما؟ ام ماذا كنتم تعملون حتى اذا جاؤوا قال ابن كثير اي اوقفوا بين يدي الله في مقام المساءلة جاءوا يوم القيامة وشهدوه قال الله عز وجل موبخا لهم مبككا لهم اكذبتم باياتي؟ هذا استفهام انكار وتوبيخ مع ان اياتي وحججي ودلائلي كانت واضحة بينة على المراد وانه لا اله الا الله وانه يجب الايمان به وعدم الكفر وعدم عبادة الاصنام ولم تحيطوا بها علم قال القرطبي قال الطبري ولم تحيطوا بها علما اي ببطلانها حتى تعرضوا عنها بل كذبتم جاهلين غير مستدلين ام ماذا كنتم تعملون تقريع وتوبيخ اي ماذا كنتم تعملون حين لم تبحثوا عنها ولم تتفكروا وقال الطبري ولم تحيطوا بها علما من تصديق او تكذيب فانتم كذبتم بالايات ولم تحيطوا بها علما من تصديق او تكذيب ولكنكم بادرتم الى التكذيب اما اذا كنتم تعملون وهو على كل حال يوبخهم على تكذيبهم بالايات وعلى عدم تأملهم وتدبرهم لها وتفكرهم في صحة دلالتها فماذا كنتم تأمن؟ كنتم معرضين غافلين عن التدبر والتأمل والنظر في صحة هذه الايات ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون قال ابن كثير فحينئذ قامت عليهم الحجة ولم يكن لهم عذر يعتذرون يعتذرون به كما قال تعالى هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون ويل يومئذ للمكذبين وهكذا قال ها هنا وقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون اي بهتوا فلم يكن لهم جواب لانهم كانوا في الدار الدنيا ظلمة لانفسهم وقد ردوا وقد ردوا الى عالم الغيب والشهادة الذي لا تخفى عليه خافية ثم قال جل وعلا الم يروا انا جعلنا الليل ليسكنوا فيه هذا استفهام تقرير يقرروهم وهو ايضا متضمن للانكار عليهم لانهم يرون ذلك الم يروا انا جعلنا الليل ليسكنوا فيه جعلنا الليل مكانا للسكن والنوم وقطع الحركة لتستعد تستعيد اجسامهم قواها ويأخذ قسطا من الراحة ليسكنوا فيه والنهار مبصرا وجعلنا النهار مبصرا مضيئا لاجل ان يذهبوا ويجيئوا ويحصل امر معاشهم ويطلب الرزق ويقوم على مصالحهم ان في ذلك لايات لقوم يؤمنون بذلك في جعل الليل سكنا وجعل النهار مبصرا وما سبق ذكره ايات ودلائل بينات وحجج تدل على الحق لكن للمؤمنين الذين يسمعون الحق فيؤمرون به ويتدبرون وليس للكفار المعرضين قال ابن كثير وقال تعالى منبها على قدرته التامة وسلطانه العظيم وشأنه الرفيع الذي تجب طاعته والانقياد لاوامره وتصديق انبيائه فيما جاءوا به من الحق الذي لا محيد عنه فقال الم يروا انا جعلنا الليل ليسكنوا فيه؟ اي فيه ظلام تسكن بسببه حركاتهم وتهدأ انفاسهم ويستريحون من نصب التعب في نهارهم والنهار مبصرا اي منيرا مشرقا بسبب ذلك ينصرفون في المعايش والمكاسب والاسفار والتيارات وغير ذلك من شؤونهم التي يحتاجون اليها ثم قال جل وعلا ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الارض الا من شاء الله وكل اتوه داخلين قال ابن كثير يخبر تعالى عن هول يوم نفخة الصور يخبر تعالى عن هول يوم نفخة الفزع في الصور وهو كما جاء في الحديث قرن ينفخ فيه يعني السور قرن ينفخ فيه على هيئة البوق وقد مر الكلام عليه مرارا وتفصيل القول فيه قال وفي حديث الصور ان اسرافيل هو الذي ينفخ فيه يعني هو الذي ينفخ في الصور بامر الله تعالى فينفخ فيه اولا نفخة الفزع ويطولها وذلك في اخر عمر الدنيا حين تقوم الساعة على شرار الناس من الاحياء فيفزع من في السماوات ومن في الارض الا من شاء الله وهم الشهداء فانهم احياء عند ربهم يرزقون ثم اورد ما رواه الامام مسلم عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص حينما جاءه رجل فقال ما هذا الحديث الذي تحدث ان الساعة تقوم الى كذا وكذا فقال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما سبحان الله او لا اله الا الله او كلمة نحوهما لقد هممت ان لا احدث احدا شيئا ابدا انما قلت انكم سترون بعد قليل امرا عظيما يخرب البيت ويكون ويكون ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج الدجال في امتي فيمكث اربعين لا ادري اربعين يوما او اربعين شهرا او اربعين عاما فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة ابن مسعود فيطلبه فيهلكه ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الارض احد في قلبه مثقال ذرة من خير او ايمان الا قبضته حتى لو ان احدهم دخل كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبيره وهنا يلاحظ انه قال ريحا باردة من قبل الشام والمعروف المشهور انها من قبل اليمن وقد سلك العلماء لهذا مسالك منهم من اراد الجمع بين انها تهب ريح من جهة الشام وكذلك تهب ريح من جهة اليمن وذهب ذهب بعضهم الى يعني اه ترجيح احدى الروايتين فرجحوا رواية من جهة اليمن وقالوا ان رواية الشام شاذة قال ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الارض احد في قلبه مثقال ذرة من خير او ايمان الا قبضته حتى لو ان احدهم دخل كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه. قال سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيبقى شرار الناس في خفة الطير واحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا. فيتمثل لهم الشيطان فيقول الا تستجيبون فيقولون فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة في الاوثان وهم في ذلك دار رزقهم. حسن عيشهم. ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه احد الا اصغى ليتا. ورفع ليتا الليت هي صفحة العنق والمعنى انه يعني اصغى اما لا صفحة عنقه خوفا وخشية ودهشا مما سمع من هذه الصيحة قال واول من يسمعه رجل يلوط حوض ابله قال فيصعق ويصعق الناس ثم يرسل الله او قال ينزل الله مطرا كأنه اطل او قال الظل نعمان الشاك فتنبت منه اجساد الناس ثم ينفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون ثم يقال يا ايها الناس هلموا الى ربكم وقفوهم انهم مسؤولون ثم يقال اخرجوا بعث النار فيقال من كم؟ فيقال من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعين قال فذلك يوم يجعل ولدانا شيبة وذلك يوم يكشف عن ساق قال ابن كثير فهذه نفخة الفزع ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات فهذه نفخة الفزع ثم بعد ذلك نفخة الصعق وهو الموت ثم بعد ذلك نفخة القيام لرب العالمين. وهو النشور من القبور لجميع الخلائق اذا النفقات ثلاثة نفخة الفزع التي ينفخ فيفزع فيفزع من كان حيا وهي هذه وهي التي بهذه الاية ثم نفخة الصعق فيموت من كان حيا ثم نفخة البعث التي يخرج الناس من قبورهم ويبعثون ويقومون لرب العالمين ثم قال جل وعلا وكل اتوه داخلين وكما سبق مرارا ان معنا ويوم فيه تقدير واذكر يوم ينفخ في الصور بذلك البوق الذي خلقه الله وينفخ فيه اسرافيل فعندها يفزع ويخاف ويرهب كل من في السماوات ومن في الارض الا من شاء الله كالشهدا كما قال ابن كثير قال وكل اتوه داخلين ومعنى داخلين يعني صاغرين مطيعين لا يتخلف احد عن امره كما قال تعالى يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وكما قال ثم اذا دعاكم دعوة من الارض اذا انتم تخرجون ثم قال جل وعلا وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ترى الجبال تظنها جامدة قال ابن كثير اي تراها كانها ثابتة باقية على ما كانت عليه وهي تمر مر السحاب تزول عن اماكنها وتمر وتسير بسرعة اذا سير السحاب الذي يلحظه الناس كما قال تعالى يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا وكما قال تعالى ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا. فاذا رواها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا امتا وقال تعالى ويوم نسير الجبال وترى الارض بارزة ثم قال صنع الله الذي اتقن كل شيء قال ابن كثير ان يفعل ذلك بقدرته العظيمة الذي قد اتقن كل شيء اتقن كل ما خلق واودع فيه من الحكمة ما اودع. انه خبير بما تفعلون اي خبير عليم ببواطن الامور وبكل ما يفعله عباده وكل وبكل ما يفعله عباده من خير او شر فيجازيهم عليه ثم بين حال السعداء والاشقيا يعني في ذلك اليوم قال من جاء بالحسنة فله خير منها لان الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف فله جزاء عظيم خير من الحسنة التي اتى بها لان الثواب الذي اعده الله لاهل الجنة ثواب اعظم من الحسنات والعمل الذي قدمه الانسان عمله ضعيف ما يبلغ به الجنة سلعة الله غالية الحديث لا احد منكم يدخل الجنة بعمله قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمته ففيه فضل الله وما اعده من النعيم لاهل الطاعة وهم من فزع يومه يومئذ يومئذ امنون وايضا زيادة على ذلك يوم الفزع الاكبر هم امنون مطمئنون بخلاف الكفار الذي تراهم سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد بسبب كفرهم بسبب شدة الاهوال ثم قال ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار من جاء بالسيئة قال جمع من المفسرين هو الشرك وقال بعضهم يشمل الشرك والمعاصي كبائر ان لم يتب منها او زادت سيئاته على حسناته فكبت وجوههم في النار نسأل الله العافية يكبون ويلقون في النار على وجوههم هل تجزون الا ما كنتم تعملون هذا استفهام تقرير لا تجزون لا تجزون بهذا او هذا الجزاء الذي حصل لكم وهو كبكم في النار على وجوهكم والعذاب الذي اعده الله في النار جزاء لما كنتم تعملونه في الدنيا من الكفر والشرك والمعاصي والاعراض عن الحق لان الله جل وعلا لا يظلم احدا فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ثم قال جل وعلا انما امرت ان اعبد رب هذه البلدة التي حرمها هذا اخبار عن رسوله وامرا له ان يقول لهؤلاء الكفار لكفار قريش وغيرهم انما امرت ان اعبد رب هذه البلدة وهي مكة واظافها الى نفسه هذي اضافة تشريف وتكريم وهذا كما قال جل وعلا قل يا ايها الناس ان كنتم في شك من ديني فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله. ولكن اعبد الله الذي يتوفاكم قال ابن كثير واظاف الربوبية الى البلدة على سبيل التشريف لها والاعتناء بها كما قال فليعبدوا رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وامنهم من خوف وله كل شيء جل وعلا ملكا تدبيرا وتصريفا مجازاة وامرت ان اكون من المسلمين. امرني ربي ان اكون من المسلمين المستسلمين لامر الله الموحدين المخلصين المنقادين لامره المطيعين له وان اتلو القرآن اقرأ القرآن على الناس وعليكم ابلغكم اياه فاجره حتى يسمع كلام الله كلام الله كما قال وكما قال جل وعلا ذلك نتلوه عليك من الايات والذكر الحكيم وكما قال تعالى نتل عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون والمعنى انني انما انا مبلغ ومنذر قال فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه قال ابن كثير اي لاسوة الرسل الذين انذروا قومهم وقاموا بما عليهم من اداء الرسالة اليهم وخلصوا وخلصوا من من عهدتهم وحساب اممهم على الله كقوله تعالى فانما عليك البلاغ وعلينا الحساب فمن اهتدى فهدايته لنفسه وثواب ذلك راجع عليه ومنتفع به لان الله جل وعلا لا تنفعه طاعة الطائعين ولا معصية العاصين ومن ضل فقل ان ماذا؟ انا من المذل. من ظل ولم يتبع وابى فقل انما انا من منذري انا منذر انذركم واعلمكم واقيم عليكم الحجة وليس علي هداكم وما انا عليكم بحفيظ ولا رقيب ثم قال وقل الحمد لله سيريكم اياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون وقل الحمد لله اي له الحمد الذي لا يعذب احدا الا بعد قيام الحجة عليه والاعداد اليه فهو المحمود على كل حال على هداية من هدى وعلى ظلال من ضل لانه لا يظلم الناس شيئا ولهذا قال سيريكم اياته فتعرفونها. كما قال تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق فله الحمد وله المن سيريكم ايها الناس اياته وحججه ودلائل توحيده ودلائل الحق الذي ارسل به رسله فتعرفونها وتقوم عليكم الحجة بذلك وما ربك بغافل عما تعملون وما ربك جل وعلا بساه عن اعمالكم بل يعلمها ويحصيها عليكم وتكتبها الحفظة ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ويوم القيامة يجازيكم عليها ولا يظلم احدا جل وعلا وهذا دليل على كمال علمه واحاطتي وما كان ربك نسيا وبهذا نكون قد انتهينا من هذه السورة المباركة والله اعلم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد. رسوله نبينا محمد. رسوله نبينا محمد رسوله نبينا محمد رسوله نبينا محمد