بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبيا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة القصص فلما قضى موسى الاجل وسار باهله انس من جانب الطور نارا قال لاهلهم خذوا اني انست نارا لعلي اتيكم منها بخبر او جدوة من النار لعلكم تصطلون مر معنا في الايات السابقات ما اخبر الله به وقص من اه سقيا موسى للمرأتين اللتين تذودان غنمهما انهما بعد ان رجعا الى ابيهما وقص عليه القصص ارسل الى موسى فلما جاءه طمأنه وقال له لا تخف نجوت من القوم الظالمين اه استأجره بمشورة من احدى ابنتيه برأيي بان يرعى موسى له غنمه تمان سنين او عشر سنين كما في قوله جل وعلا وقالت احداهم قالت احداهما يا ابتي استأجره ان خير من استأجرت القوي الامين القوي الامين قال اني اريد ان انكحك كاحدى ابنتي هاتين على ان تأجرني ثماني حجج. فان اتممت عشرا فمن عندك. وما اريد ان اشق عليك ستجدني ان شاء الله من الصالحين قال ذلك بيني وبينك ايما الاجلين قضيت فلا عدوان علي. والله على ما نقول وكيل قال له موسى ذلك بيني وبينك. يعني هذا العقد ايما الاجلين ثمان سنوات او عشر سنوات قضيت ولا عدوان علي ما تلومني ان قضيت ثمان سنوات فلا تلومني ولا تعتدي علي بالزامي بالعشر وان قضيت عشرا كذلك قال ابن عباس فلما سئل اي الاجلين قضى موسى قال اتمهما وخيرهما فانه قضى عشر سنين ثم قال جل وعلا فلما قضى موسى الاجل يعني العشر سنين التي اه رعى فيها غنما اه صالح مدين آآ فلما قضى موسى الاجل وسار باهله سار باهله يعني اخذ زوجته معه وهذا دليل ان الرجل اذا تزوج يأخذ زوجته معه الى بيته الى بلده الى المكان الذي يعيش فيه وانها تترك اهلها والبيت الذي كانت تعيش فيه وسار باهله اي مظى وذهب يمشي بهم انس من جانب الطور نارا ومعنى انس يعني ابصر ورأى من جانب جبل الطور نارا رأى نارا مضيئة قال لاهلهم كثوا عندها لما رأى النار قال موسى لاهله امكثوا يعني ابقوا في هذا المكان وانتظروا انا ساذهب الى هذه النار وانظر خبرها امكثوا اني انست نارا لعلي اتيكم منها بخبر او جدوة من النار بس يعني ساذهب الى هذه النار فلعلي اجد عندها وعند اهلها آآ خبرا وقد مر معنا ما ذكره المفسرون انه قد اظل الطريق كانت ليلة شاكية شديدة الظلمة شديدة البرودة فاظل الطريق فقال لعلي اتيت منها بخبر يعني اسألهم واعرف الخبر ما هذا المكان وهل نحن يعني في صواب من سيرنا وعلى الوجهة الصحيحة؟ ام قد ظللنا او جذوة من النار والجدوة فيها ثلاث لغات جدوى بفتح الالف وبها قرأ عاصم وجذوة بضمي الجيم قرأ بها حمزة وجذوة بكسر الجيم وقرأ بها الباقون وهي ثلاث لغات جدوى وجذوة وجزوة والمراد بالجدوة اه كما مر قوله جل وعلا في سورة النمل او اتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون يعني شهاب من النار والجدوى كما قال ابن جرير وغيره هي العود من الحطب الذي في رأسه نار عود من الحطب الحطب الذي يوقد في النار اذا اشتغلت النار برأسه فاخذه الانسان هذه جذوة من النار جدوى غالبا يأخذونها لماذا؟ يأخذون الجدوى يوقد بها نارا اخرى يقتبس بها ويذهب بها الى مكانه ويكون قد اعد الحطب فيضعها فيه فتشتعل النار يقتبس نارا قال او جدوة من النار لعلكم تصطلون يعني اقتبس واخذ منهم جذوة ومقباس فاتيكم به فاوقدوا لكم النار فتصطنون وماذا تصطلون؟ يعني تستدفئون تستدفئون به تتسخنون به لانه من عادة الناس خاصة في البرد انهم اذا اوقدوا النار يصطلون عليها يعني يدنون منها ويتسخنون بها ويستدفئون بها حتى يدفعون من البرد قال فلما اتاها نودي من شاطئ الوادي الايمن في البقعة المباركة من الشجرة اي يا موسى اني انا الله رب العالمين فلما اتاها اتى هذه النار التي هي في نظره كانت نارا ومر معنا الكلام مفصلا في سورة النمل عند قوله جل وعلا فلما جاءها نودي ان بورك من في النار ومن حولها فكان لونها لون النار ذات نور ولكنها آآ وكانت في شجرة خضراء لكن كما ذكر المفسرون كانت شجرة خضراء والنار تلتهب فيها ولا تحرقها وكانت تزداد حسنا وجمالا كلما ازداد توقدها قال فلما اتاها نودي والذي ناداه الله سبحانه وتعالى وقد مر ايضا الكلام على هذا مفصلا في سورة النمل وطه وغيرها من المواضع التي مرت وهذا فيه دليل على اثبات ان الله جل وعلا يتكلم حقيقة لان النداء كلام ونودي ناداه الله جل وعلا الله جل وعلا متكلم حقيقة بحرف وصوت وايضا كلامه صفته جل وعلا منزل غير مخلوق كلامه صفته غير مخلوق ومنه القرآن منزل من عند الله غير مخلوق ومن قال ان كلام الله مخلوق فقد ظل سواء السبيل واخطأ فالله متكلم كلاما حقيقة كما قال جل وعلا وكلم الله موسى تكليما وقال جل وعلا الا له الخلق والامر ففرقا بين الخلق والامر فالخلق شيء والامر وهو يكون بكلام الله يأمر وينهى ففرق بينهما فهما متغايران والكلام من صفات الكمال فالله جل وعلا متكلم وما زال يتكلم وسيتكلم بما شاء كما قال جل وعلا قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا وهو متكلم وكلامه كثير جل وعلا بل لو كان البحر مدادا حبرا ودواتا توضع فيها الاقلام وتكتب كلمات الله لنفد البحر وهو مداد لنفد قبل ان تنفد كلمات الله لكثرتها وفي الاية الاخرى يقول جل وعلا ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم هذا دليل على ان الله سبحانه وتعالى متكلم حقيقة والنداء يدل على اثبات صفة الكلام ولهذا ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمة الله عليه في الواسطية من الايات الدالة على ان الله يتكلم ذكر النداء قال جل وعلا فلما اتاها نودي من شاطئ الوادي الايمن شاطئ الوادي اي جانبه وطرفه ولكنه الطرف الايمن فالايمن هنا ناتل للشاطئ يعني نودي من جانب الوادي الجانب الايمن وقد ذكر اه ابن كثير رحمه الله اه الوادي فقال اي من جانب الوادي من جانب الوادي مما يلي الجبل عن يمينه من ناحية الغرب كما قال تعالى وما كنت بجانب الغربي اذ قضينا الى موسى الامر فهذا مما يرشد الى ان موسى قصد النار الى جهة القبلة والجبل الغربي عن يمينه والنار وجدها تضطرب في شجرة خضراء في لحف الجبل ومعنى لح في الجبل يعني في اصل الجبل وطرفه والنار وجدها تضطرب في شجرة خضراء في لحف الجبل مما هي للوادي فوقف باهتا في امرها فناداه ربه من شاطئ الوادي الايمن في البقعة المباركة من الشجرة ثم قال قال ابن جرير وساق بسنده عن عبدالله اي بن مسعود قال رأيت الشجرة التي نودي منها موسى عليه السلام ثمرة خضراء ترف قال اسناده مقارب وقال محمد بن اسحاق عن بعض من لا يتهم عن وهب ابن منبه قال شجرة شجرة العليق شجرة العليت اسمها شجرة العليق وبعض اهل الكتاب يقول من العوسج وقال قتادة هي من العوسج وعصاه من العوسج. يعني هنا بينوا نوع الشجرة لكن هذا امر غير مهم بالنسبة لنا. المهم انها شجرة لكن هل هي من العليق هل هي من العوسج الله اعلم. قيل هذا والله اعلم اه فنرجع الى الجهة يقول الامير الشنقيطي رحمه الله العرب دائما تجعل اليمين والشمال باعتبار الكعبة باعتبار الكعبة وهذا الكلام في الحقيقة هنا حق ظاهر فان الطور جبل الطور معروف هو في سيناء وهو اذا كنت في آآ في مدينة حقل السعودية آآ ترى الجبل وانت في يعني على شفا البحر من جهة المملكة ترى الجبل بام عينيك جبل كبير جدا هو بعد العقبة بعد خليج العقبة وهذا الجبل جبل الطور طوري سنين هو الجبل الذي نودي موسى عنده لكن من اي جهة من الجهة الغربية فانها كان بجواره واد وادي طوى واد بجنب جبل الطور فرأى فيه نارا وهذه النار يعني من خلف جبل الطور ليس باتجاه المملكة الان لا باتجاه سيناء لماذا لان اليمين والشمال عند يعني عند الناس انما او عند العرب لانهم هم المخاطبين بهذا الكلام والله اراد ان يبين له الامر يبين لهم الامر باعتبار مكة فبهذا الكلام يكون حق يعني واضح انه جعل الطور عن يساره والنار عن يمينه في طرف الوادي وبهذه الصفة يكون متجها وجهه الى جهة الكعبة وظهروا الى البحر الابيض المتوسط فالحاصل انه ان الله سبحانه وتعالى قال نودي من شاطئ الوادي الايمن من طرف وجانب الوادي الطرف الايمن في البقعة المباركة البقعة المكان وقد جاء سماه في اية اخرى بانه بانه الوادي المقدس طوى والمقدس المطهر وهو بمعنى المبارك في البقعة المباركة من الشجرة يعني من جهة الشجرة لان النار كانت في الشجرة اني ايا موسى اني انا الله رب العالمين. ناداه من جانب من جانب الوادي الايمن او من الجانب الايمن في الوادي في البقعة المباركة والمكان المبارك من جهة الشجرة اي يا موسى ناداه اي يا موسى يا موسى اني انا الله رب العالمين ولهذا قال في الاية الاخرى ان بورك في النار ومن حوله فكلمه ربه جل وعلا اني انا الله رب العالمين قال ابن كثير اي الذي يخاطبك ويكلمك هو رب العالمين. الفعال لما يشاء. لا اله غيره. ولرب سواه تعالى وتقدس وتنزه عمم عن مماثلة المخلوقات في ذاته وصفاته واقواله وافعاله وان القي عصاك يعني ناداه بامرين نادى الامر الاول اني انا الله رب العالمين انا ربك انا الذي اكلمك واناديك وندعوا بامر ثاني وهو وان القي عصاك اطرح عصاك التي في يدك قال ابن كثير وان القي عصاك اي التي في يدك كما قرره على ذلك في قوله وماتلك بيمينك يا موسى قال هي عصايا اتوكأ عليها واهش بها على غنمي ولي فيها مآرب اخرى والمعنى اما هذه عصاك التي تعرفها يسأله الله عز وجل ويقرره. يعني اليست هذه يا موسى عصاك التي بيدك التي تعرفها ثم قال القها فالقاها فاذا هي حية تسعى فعرف وتحقق ان الذي يخاطبه ويكلمه هو الذي يقول للشيء كن فيكون كما تقدم بيان ذلك في سورة طه وقال ها هنا فلما رآها تهتز اي تضطرب كانها جان اي في حركتها السريعة من عظم خلقة قوائمها واتساع فمها واصطكاك انيابها وابراسها بحيث لا تمر بصخرة الا ابتلعتها فتنحدروا في في فيها تقعقع كانها حاضرة في واد وهذا اخذه ابن كثير رحمه الله من الاخبار الاسرائيلية الاسرائيلية الواردة في هذا ولكن لا شك انها كانت مخيفة ولهذا موسى ولى مدبرا وقوله هنا فلما رآها تهتز كانها جان. الاهتزاز الاضطراب والحركة الشديدة. كانها جانعة كأنها ثعبان الحية تسمى جان تسمى جن فلما القاها فاذا هي حية كما جاء في اية اخرى. فاذا هي حية تسعى هي الجان فاستشعر تتحرك تمضي آآ فلما رأى ذلك ولى مدبرا ولا اي فر موسى وهرب مدبرا عنها وجاء لها وجائلها خلفه وهذا خوف جبلي طبعي فاوجس في في نفسه خيفة موسى وهذا خوف جبلي لا يلام الانسان عليه خوفه من الثعبان او من العقرب او من النار او من السبع هذا خوف جبلي وطبعي في الانسان ولى مدبرا ولم يعقب ولم يرجع ما رجع اليها وانما فر لانه رأى حية تسعى فناداه ربه جل وعلا يا موسى اقبل ولا تخف اقبل بدل الادبار عن هذه الحية وهذه العصا اقبل الى اليها والى المكان الذي كنت فيه ولا تخف انك من الامنين لا تخاف منها بل ولا من غيرها انك من الامنين الذين امنهم الله جل وعلا ثم قال اسلك يدك في جيبك وهذه اية اخرى لان الله جل وعلا ارسله باية العصا واليد فقال له اوسلك يدك في جيبك يعني ادخل يدك في جيبي قميصك وهو الجيب هو اعلى القميص الذي اذا اذا لبس الانسان ثوبه يدخل رأسه معه هذا هو الجيب جيب الثوب فقال له ادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء تخرج يدك بيضاء تتلألأ من غير سوء ليس برصا ولا مرضا وانما جمالا ولهذا يقول ابن كثير اي اذا ادخلت يدك في جيب درعك ثم اخرجتها فانها تخرج تتلألأ كانها قطعة قمر قيل معاني البرق ولهذا قال من غير سوء اي من غير برص ثم قال واظمم اليك جناحك من الرهب الجناح والجناح كما قال الامين الشنقيطي قال يطلق في لغة العرب على يد الانسان وعضده وابطه يعني كل اليد اليد ما فيها الا الكف والاصابع والذراع والعضد الى الابط وهو ملتقى اليد بالبدن هذه هذه يسمى جنح يسمى جنح ولهذا قال واظمم اليك جناحك من الرهن من الخوف اذا احسست بالخوف اظمم يدك اليك وظعها على قلبك كما قال ابن كثير قال ابن كثير قال مجاهد مجاهد من الرهب قال من الفزع وقال قتادة من الرعب وقال عبدالرحمن ابن زيد ابن اسلم ابن جرير مما حصل لك من خوفك من الحية ثم قال ابن كثير والظاهر ان المراد اعم من هذا وهو انه امر وهو انه امر عليه السلام اذا خاب من شيء ان يضم اليه جناحه من الرهب وهي يده فاذا فعل ذلك ذهب عنه ما يجده من الخوف اذا وضع يده على بدني على فؤاده على صدري جهة قلبه يذهب عنه الخوف قال وربما اذا استعمل احد ذلك على سبيل الاقتداء فوظع يده على فؤاده فانه يزول عنه ما يجد او يخف ان شاء الله وبه الثقة يعني يستنبط ابن كثير استنباط وهو غير جازم يقول ربما يعني ان الانسان اذا خاف وضع يده على صدره على فؤاده على قلبه ان هذا يعني يذهب الخوف او يخفف الخوف فالله اعلم قال جل وعلا فذلك برهانان من ربك فذلك وهما الحية العصا واليد برهانان من ربك حجة وسلطان من ربك قال ابن كثير يعني القاءه العصا وجعلها حية تسعى وادخاله يده في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء. دليلان قاطعان واضحان على قدرة المختار وصحة نبوة من جرى هذا الخالق على يديه ولهذا قال الى فرعون وملأه يعني الى فرعون عدو الله وملأه اي قومه. قال ابن كثير ولهذا قال الى فرعون وملأه اي وقومه من الرؤساء والكبراء والاتباع انهم كانوا قوما فاسقين اي خارجين عن طاعة الله مخالفين لدين الله لأن الفسوق هو الخروج عن طاعة الله جل وعلا. اذا في هذه الايات تبين ان الله عز وجل اراه هاتين الايتين وانه ارسله الى فرعون ليدعوه الى الحق كما قال هل لك ان تزكى هل لك ان تزكى يعني تؤمن تتطهر تكون من المؤمنين قال جل وعلا بعد ذلك قال ربي يعني حكى قول موسى لان موسى كان كما مر معنا قتلا نفسا قتل قبطيا لما استغاثه الاسرائيلي كما مر معنا في الايات ففر لمدة عشر سنين او قريبا منها ثم الان رجع الى بلاده فقال موسى قال ربياني قتلت منهم نفسا فاخاف ان يقتلون وهو القبطي الذي مر معنا فاستغاثه الذي منشأته الذي من عدوه فوكسه موسى فقضى عليه قال فاخاف ان يقتلون لأنه خرج خائفا يترقب لان الملأ كانوا يأتمرون به ليقتلوه ففر فيقول ان رجعت الى فرعون سلمت نفسي له وهو يريد قتلي انا غررت منه قال الله ثم قال جل وعلا قال واخي هارون هو افصح مني لسانا فارسلوا معي يريد ان يصدقني. اني اخاف ان يكذبون اخي هارون هو افصح مني لسانا وقد مر معنا وذكره ابن كثير وغيره ان موسى لما كان في بيت فرعون وضعه فرعون في حجره نزع لحيته وقطع لحية فرعون فاراد قتله قال هذا الذي يعني حذرت منه فقالت له زوجته اسيا بنت مزاحم ائتبي جمرة وتمرة جمرة من نار وتمرة وضعهما وانظر ايهما يختار لهذا لا يعقل لا يفهم فجئ بالجمرة والتمرة فاخذ الجمرة فوضع على لسانه يريد ان يأكلها فقالت اما قلت لك انه لا يعقل فاكتوى لسانه بشيء من النار وصار عنده لثغة في الكلام لثغة اه كما اخبر الله عز وجل عنه بذلك. ولهذا قال واخي هارون هو افصح مني لسانا قال ابن كثير وذلك ان موسى عليه السلام كان في لسانه لذغة بسبب ما كان تناول تلك الجمرة حين خير بينها وبين التمرة او الدرة فاخذ الجمرة فوظعها على لسانه فحصل فيه شدة في التعبير ولهذا قال واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من اهلي هارون اخي اشدد به ازري واشركه في امري. اي يؤنسني فيما امرتني به من هذا المقام العظيم وهو القيام باعباء النبوة والرسالة الى هذا الملك المتكبر الجبار العنيد ولهذا قال واخي هارون هو افصح مني لسانا فارسله معي ريدا ومعنى يريد ان يعني مقويا معينا فلان ريد وفلان يعني مقويه وناصره ولهذا يقول ابن كثير اي وزيرا ومعينا ومقينا ومقويا لامري يصدقني فيما اقوله واخبر به عن الله عز وجل. لان خبر اثنين انجعوا في النفوس من خبر واحد. ولهذا قال اني اخاف ان يكذبون وقال محمد ابن اسحاق اريد ان يصدقني اي يبينوا له يبينوا لهم عني ما اكلمهم به فانه يفهم ما لا يفهمون فلما سأل ذلك قال الله عز وجل سنشد عضدك باخيك فنشد عضدك باخيك قال ابن كثير اي سنقوي امرك ونعز جانبك باخيك الذي سألت له ان يكون نبيا معك كما قال في الاية الاخرى قد اوتيت سؤلك يا موسى وقال تعالى ووهبنا له من رحمتنا اخاه هارون نبيا. ولهذا قال بعض السلف ليس احد اعظم منة ليس احد اعظم منة على اخيه من موسى على هارون عليه السلام. عليهما السلام فانه شفع فيه حتى جعله الله نبيا ورسولا معه الى فرعون وملأه ولهذا قال في حق موسى وكان عند الله وجيها يعني له جاه ولذلك اجاب الله دعوته وقوله تعالى ونجعل لكما سلطانا اي حجة قاهرة يعني بعد ان قال سنشد عضدك باخيك قال ونجعل لك ما سلطانا حجة وبرهان وقوة فيما تدعون اليه ظهور الدليل ظهور الحجة ظهور القوة تبين الامر فلا يصلون اليكما سبحان الله لانه قال فاخاف ان يقتلوه وقال فلا يصلون اليكما غاية اخرى قال انني معكما اسمع وارى قال ابن كثير معلقا على هذا قال وندعوا لك ما سلطانا اي حجة قاهرة فلا يصلون اليكم باياتنا. اي لا سبيل لهم الى الوصول الى اذاكم بسبب اغاء ابلاغكما ايات الله ها لا يصلنا اليكما بسبب باياتنا انتما ومن اتبعكما الغالبون فلا يسفلون اليكما بالايات التي ايدتك بها ولهذا ما استطاعوا يفعلون شيئا لموسى لما اراد فرعون ان يبطش به واراد اية والقى العصا فرعون وخاف ولما جمع السحرة سحرهم واتى فرعون ومن معه وجاؤوا بحبالهم وعصيهم القى موسى هذه العصا هذه الاية اكلت كلما ولقفت كل ما يأفكون فهم منصورون بايات الله وهذا المعنى الذي قرره ابن كثير رحمه الله يعني انكما منصوران مؤيدانا بسبب ابلاغكما ايات الله ثم ذكر ابن كثير قولا قال وجه ابن جرير على ان المعنى ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون اليكما. قال يعني يقف ثم يبتدأ فيقول باياتنا انتم ومن اتبعكما الغالبون. تقديره انتما ومن اتبعكم الغالبون بايات الله قال ابن كثير ولا شك ان هذا المعنى صحيح وهو حاصل من التوجيه الاول فلا حاجة الى هذا والله اعلم ثم ذكر ابن كثير رحمه الله مسألة مهمة وهي نصرة الله جل وعلا لانبيائه واوليائه فقال آآ اي لا سبيل لهما الى الوصول الى اذاكم بسبب ابلاغكما اية الله. كما قال تعالى يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك الى قوله والله يعصمك من الناس. وقال تعالى الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون احدا الا الله وكفى بالله حسيبا اه اي وكفى بالله ناصرا ومعينا ومؤيدا ولهذا اخبرهما ان العاقبة لهما ولمن اتبعهما في الدنيا والاخرة فقال ومن اتبعكما الغالبون كما قال تعالى كتب الله لاغلبن انا ورسلي ان الله قوي عزيز. وقال تعالى انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرة ولهم اللعنة ولهم سوء الدعم اذا استفاد من هذه الايات ان الله سبحانه وتعالى ناصر جنده. ولهذا على الدعاة الى الله ان ينشطوا في الدعوة الى الله وان يأخذوا بالاسباب واسباب الحذر ولكن لا يخافون من اعدائهم فان الله جل وعلا يؤيد اولياءه ويؤيد دعاة الحق وينصرهم مع الاخذ بالاسباب والحيطة والحذر اسأل الله العلي العظيم ان يستعملنا واياكم في طاعته وان يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد