الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة القصص الذين اتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون واذا يتلى عليهم قالوا امنا به انه الحق من ربنا انا كنا من قبله مسلمين اولئك يؤتون اجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون واذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه وقالوا لنا اعمالنا ولكم اعمالكم سلام عليكم لا نبتغي لا نبتغي الجاهلين هذه الايات المباركات في ذكر مسلمة اهل الكتاب الذين كانوا مؤمنين بكتابهم وبرسولهم فلما بعث الله نبيه صلى الله عليه واله وسلم امنوا به امنوا به يقول ابن كثير في تفسيره يخبر تعالى عن العلماء الالباء من اهل الكتاب انهم يؤمنون بالقرآن كما قال تعالى الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته اولئك يؤمنون به وقال تعالى وان من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل اليكم وما انزل اليهم خاشعين لله وقال تعالى ان الذين اوتوا العلم من قبله اذا يتلى عليهم اذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا وقال تعالى ولتجدن اقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بان منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون واذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه واذا سمعوا ما انزل الى الرسول ترى اعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا امنا فاكتبنا مع الشاهدين استطرد ابن كثير رحمه الله بذكر الايات الدالة على ما دلت عليه هذه الاية وانها في مؤمن اهلي الكتاب وقد روى الطبري عن سعيد بن جبير في هذه الايات قال نزلت في سبعين من القسيسين بعثهم النجاشي فلما قدموا على النبي صلى الله عليه واله وسلم قرأ عليهم يس والقرآن الحكيم حتى ختمها فجعلوا يبكون واسلموا ونزلت فيهم هذه الاية الاخرى ونزلت فيهم هذه الاية الاخرى الذين اتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون واذا يتلى عليهم قالوا امنا به انه الحق من ربنا انا كنا من قبله مسلمين يعني من قبل هذا القرآن كنا مسلمين اي موحدين مخلصين مستجيبين له وقال الضحاك الذين اتيناهم الكتاب اناس من اهل الكتاب امنوا بالتوراة والانجيل ثم ادركوا محمدا صلى الله عليه واله وسلم فامنوا به اذا هذه الاية في مسلمة اهل الكتاب ثم قال واذا يتلى عليهم ان يقرأ عليهم القرآن قالوا امنا به امنا بهذا القرآن انه الحق من ربنا اعترفوا بانه الحق الذي لا مرية به وهذا دليل على اقرارهم به وايمانهم به وتصديقهم به انا كنا من قبله مسلمين كنا قد اسلمنا قبل ان ينزل الله هذا القرآن وهذا دليل على صدق هذا القرآن فانهم كانوا مسلمين قبل ان ينزل فنزل بما هم عليه من الحق فدل على انه من عند الله جل وعلا لان كتب الله يصدق بعضها بعضا قال جل وعلا اولئك يؤتون اجرهم مرتين اولئك هؤلاء مسلمة اهل الكتاب ومؤمنة اهل الكتاب يؤتون اجرهم اي ثواب عملهم مرتين وقد جاء في السنة ما يدل ويبين ذلك وهو الحديث الذي في الصحيحين عن ابي موسى الاشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ثلاثة يؤتون اجرهم مرتين رجل من اهل الكتاب امن بنبيه ثم امن بي وعبد مملوك ادى حق الله وحق مواليه ورجل كانت له امة فادبها فاحسن تأديبها ثم اعتقها فتزوجها ومحل الشاهد منه قوله رجل من اهل الكتاب امن بنبيه ثم امن بي فهذا يؤتى اجره مرتين اجر ايمانه بكتابه واجرى ايمانه بالنبي صلى الله عليه واله وسلم وروى اورد ابن كثير ما رواه الامام احمد في مسنده عن ابي امامة قال اني لتحت راحلة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يوم الفتح فقال قولا حسنا جميلا وقال فيما قال من اسلم من اهل الكتابين فله اجره مرتين وله ما لنا وعليه ما علينا ومن اسلم من المشركين فله اجره وله ما لنا وعليه ما علينا فتبين بهذا الحديث ان المراد بيؤتى اجره مرتين يعني انه يعطى ثواب عمله مرتين ويضاعف له الاجر فمرة على ايمانه بنبيه والمرة الثانية على ايمانه بنبينا صلى الله عليه واله وسلم قال اولئك يؤتون اجرهم مرتين بما صبروا اي بسبب صبرهم بسبب صبرهم قال ابن كثير اي هؤلاء المتصفون بهذه الصفة الذين امنوا بالكتاب الاول ثم بالثاني ولهذا قال بما صبروا اي على اتباع الحق فان تجشم مثل هذا شديد على النفوس الحديث الى اخر كلامه رحمه الله نعم بسبب صبرهم اولا لان الدين يحتاج الى صبر والامر الثاني انهم صبروا على دينهم ودين انبيائهم وصبروا على سفه قومهم واعتراضهم واذيتهم لهم لانهم كانوا في قلة من الاعوان كما جاء في الحديث ان الله لما بعد نبيه صلى الله عليه وسلم لم يكن هناك احد من اهل الحق الا بقايا من اهل الكتاب وفي قصة اسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه لانه صار يسأل فما وجد الا ثلاثة علماء العالم الاول لزمه من النصارى ثم مات وطلب منه ان يدله على اعلم اهل الارض ودله على اخر فلما جاءه الموت دله على الاخر فلما جاء الثالث الموت قال له دلني على احد على ما انت عليه قال لا اعلم احدا على ما انا عليه ولكن قد اضلك زمن نبي يعني النبي صلى الله عليه وسلم فلا فلا شك ان الانسان اذا كان في قلة من الاعوان انه سيكون غريبا وسيؤذى فيصبر فيحتاج الى صبر ولذلك صبروا وكذلك صبروا لما دخلوا في دين الاسلام صبروا على شتم قومهم وعلى مخالفة دينهم فلا بد من الصبر على طاعة الله ولهذا قال العلماء الصبر هو الصبر على طاعة الله والصبر عن معصية الله والصبر على اقدار الله المؤلمة فلما صبروا اعظم الله لهم الاجر والثواب قال جل وعلا ويدرؤون بالحسنة السيئة الدرء الدفع درأت في كذا يعني دفعت في وجهي والمراد كما قال الطبري يدفعون بحسنات افعالهم التي يفعلونها سيئاتهم فالدفع هو فالدرع هو الدفع كما في الحديث ادرؤوا الحدود بالشبهات يعني ادفعوا اقامتها بالشبهات من قامت عنده شبهة يدفع ويدرى عنه الحد آآ وقال ابن كثير اي لا يقابل ويدرؤون بالحسنة السيئة اي لا يقابلون السيئة بمثله ولكن يعفون ويصفحون هذا ايضا معنى اخر وكلها حق وهم يدفعون بحسناتهم السيئات فيعفوون ويصبرون ويتجاوزون قال ومما رزقناهم ينفقون هذه من صفاتهم انهم مما رزقهم الله من الرزق ينفقون منه في في سبيل الخير فيعطون الفقراء والمساكين والمحتاجين ثم قال جل وعلا او قبل ذلك قال ابن كثير في تفسير الاية ومن الذي رزقهم الله عند قوله ومما رزقناهم ينفقون قال اي ومن الذي رزقهم الله من اي ومن الذي رزقهم من الحلال ينفقون على خلق الله في النفقات الواجبة لاهلهم واقاربهم والزكاة المفروظة والمستحبة من التطوعات وصدقات النفل والقربات ثم قال جل وعلا مخبرا ايضا عن عن صفاتهم الحميدة وكما هو مقرر شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا خلافه فهذا الذي ذكره الله عنهم شرع لنا لانه جاء في شرعنا ما يؤكده ويحث عليه قال جل وعلا واذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه واللغو كما قال الطبري قال هو الباطل من القول فاذا سمعوا القول الباطل اعرضوا عنه قال الشوكاني اعرضوا عنه تكرما وتنزها وتأدبا بادب الشرع فلا يشاركون اهله ويخوضون معهم في باطلهم قال ابن كبير اي لا يخالطون اهله ولا يعاشرونهم بل كما قال تعالى واذا مروا باللغو مروا كراما هذه من صفاتهم الحميدة اذا سمعوا القول الباطل والاثم اعرضوا عنه وتركوه ولم يخوضوا فيه ولم يشارك اهله وهكذا ينبغي للمسلم فاذا رأى الذين يخوضون في ايات الله يعرض عنهم بل ولا يجلسوا معهم ويفارقوا مجلسهم قال جل وعلا واذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه وقالوا لنا اعمالنا ولكم اعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين قال ابن كبير رحمه الله وقالوا لنا اعمالنا ولكم اعمالكم اي اذا سفه عليهم سفيه وكلمهم بما لا يليق بهم وكلمهم بما لا يليق بهم الجواب عنه اعرضوا عنه ولم يقابلوه بمثله من الكلام القبيح ولا يصدر عنهم الا كلام طيب ولهذا قال عنهم انهم قالوا لنا اعمالنا ولكم اعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين. اي لا نريد طريق الجاهلين ولا نحبها قال الطبري في قوله سلام عليكم يعني بعد ان ذكر انهم يقول لنا اعمالنا ولكم اعمالكم نحن لنا اعمالنا التي نعملها ونسأل عنها ونجازى عليها وانتم لكم اعمالكم تسألون عنها لا نرغب في عملكم ولا نريده ثم قال عليكم قال الطبري اي امنة لكم منا ان نسابكم او تسمع منا ما لا تحبون فيقول نحن لنا اعمالنا وانتم لكم اعمالكم سلام عليكم يعني لكم امنة منا لا نسبكم ولا نشتمكم ولا نفعل كما تفعلون فانتم لكم اعمالكم ونحن لنا اعمالنا لا نبتغي الجاهلين قال الطبري لا نريد محاورة اهل الجهل ومسابتهم لا نريد محاورة اهل الباطل ومسابتهم اذا هذه حالهم حينما يسمعون اللغو يعرضون عنه ويقول لنا اعمالنا ولكم اعمالكم ولكم الامنة منا الا نشابكم ولا نشتمكم ولا نخوض كما تخوضون ولا نبتغ الجاهلين لا نريدهم ولا نحبهم وقد اورد ابن كثير ما اورده محمد ابن اسحاق في سيرته قال قال محمد بن اسحاق ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من مكة عشرون رجلا او قريب من ذلك من النصارى حين بلغهم خبر النبي صلى الله عليه وسلم حين بلغهم خبره من الحبشة يعني قريبوا من الحبشة حينما بلغهم خبر النبي صلى الله عليه وسلم فوجدوه في المسجد فجلسوا اليه وكلموه وسألوه ورجال من قريش في انديتهم حول الكعبة فلما فرغوا من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما ارادوا دعاهم الى الله وتلا عليهم القرآن فلما سمعوا القرآن فاضت اعينهم من الدمع ثم استجابوا وامنوا به وصدقوه وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من امره فلما قاموا عنه اعترضهم ابو جهل بن هشام في نفر من قريش فقالوا لهم خيبكم الله من ركب بعثكم من وراءكم من اهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه فيما قال ما نعم ما نعلم ركبا احمق منكم او كما قالوا لهم فقالوا سلام عليكم لا نجاهلكم لنا ما نحن عليه ولكم ما انتم عليه لم نألوا انفسنا خيرا ثم قال ابن كثير قال ويقال ان النفر النصارى من اهل نجران فالله اعلم اي ذلك كان وقال ويقال والله اعلم ان فيهم نزلت هذه الايات الذين اتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون الى قوله لا نبتغي الجاهلين قال اي الزهري وقد ساء اه قال اي ابن اسحاق وقد سألت الزهري عن هذه الايات فيمن انزلنا فقال ما زلت اسمع من علمائنا انهن انزلن في النجاشي واصحابه رضي الله عنهم والايات في سورة المائدة ذلك بان منهم قسيسين ورهبان الى قوله فاكتبن مع الشاهدين يعني تدل على ذلك والعبرة كما يقال بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ثم قال جل وعلا لنبيه انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو اعلم بالمهتدين يقول ابن كثير يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه واله وسلم انك يا محمد لا تهدي من احببت اي ليس اليك ذلك انما عليك البلاغ والله يهدي من يشاء وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة كما قال تعالى ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وقال وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وهذه الاية اخص من هذا كله فانه قال انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو اعلم بالمهتدين اي هو اعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية وقد ثبت في الصحيحين انها انها نزلت في ابي طالب عم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقد كان يحوطه وينصره ويقوم في صفه يحب حبا طبعيا لا شرعيا يعني هنا يشير الى ان محبة ابي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم ما كانت محبة ايمان واخوة في الاسلام وانما محبة طبيعية الرجل يحب ابنه وابن اخيه ويحب اقاربه ولهذا ما كان يقوم به ابو طالب انما كان من اجل الحمية ما كان يقوم بالدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم تقربا الى الله لانه لم يكن مسلما وانما كان حمية ولذلك لم تنفعه بان يخرج بها من النار او ان يدخل الاسلام قال فلما حضرته الوفاة يعني حضرت ابا طالب للوفاة وحان اجله دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الايمان والدخول في الاسلام فسبق القدر فيه واختطف من يده فاستمر على ما كان عليه من الكفر ولله الحكمة التامة ثم قال وقال الزهري حدثني سعيد بن المسيب عن ابيه قال لما حضرت ابا طالب للوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده ابا جهل ابن هشام وعبدالله بن ابي امية بن المغيرة فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يا عمي قل لا اله الا الله كلمة احاج كلمة اشهد لك بها عند الله فقال ابو جهل وعبدالله بن ابي امية يا ابا طالب اترغب عن ملة عبدالمطلب فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعودان له بتلك المقالة حتى قال اخر ما قال هو على ملة عبدالمطلب وابى ان يقول لا اله الا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما لا استغفرن لك ما لم انهى عنك فانزل الله ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا المشركين ولو كانوا اولي القربى وانزل في ابي طالب انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء اخرج البخاري ومسلم وهذا هو الصواب ان الذي نزل في سبع ابي طالب هو قوله انك لا تهدي من احببت ولا يكاد يختلف المفسرون في هذا وليس سبب ذلك وليس الاية التي نزلت ما كان النبي والذين امنوا ان يستغفروا المشركين ولو كانوا اولي القربى ثم قال ابن كثير اخرجاه من حديث الزهري وهكذا رواه مسلم في صحيحه والترمذي عن ابي هريرة قال لما حضرت وفاة ابي طالب اتاه لما حضرت وفاة ابي طالب اتاه رسول الله فقال يا عماه قل لا اله الا الله اشهد لك بها يوم القيامة فقال لولا ان يعيرني بها قريش يقولون ما حمله عليه الا جزع الموت لاقررت بها عيناك لا اقولها الا لاقر بها عينك فانزل الله انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو اعلم بالمهتدين ثم ذكر بعض الطرق فهذا الحديث وهذه القصة تبين سبب نزول هذه الاية وان معنى قوله انك لا تهدي من احببت ان سبب نزولها هو حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هداية عمه ابي طالب ولكن قد سبق في علم الله انه لا يستحق الهداية والهداية كما يقول اهل العلم هدايتان هداية ارشاد ودلالة وهذه قد اثبتها الله لنبيه صلى الله عليه واله وسلم في قوله وانك لتهدي الى صراط مستقيم والنوع الثاني هداية توفيق للعمل بداية توفيق للعمل وخلق الايمان في القلب هذه لا يملكها الا الله. ولهذا نفاه نفاها عن نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الاية ومن هنا يتبين لنا انه لا تعارض بين قوله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه واله وسلم وانك لتهدي الى صراط مستقيم وبين قوله لنبيه انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء فالمثبت غير المنفي المثبت هي هي هداية الدلالة والارشاد والبيان وقد قام بها النبي صلى الله عليه وسلم والثانية هداية التوفيق للايمان وخلقه في القلب فهذه لا يملكها الا الله سبحانه وتعالى قال جل وعلا انك لا تهدي من احببت يا نبينا انك لا تهدي من احببت. لانه كان يحب ايمان ابي طالب ولكن الله يهدي من يشاء جل وعلا وهو اعلم بالمهتدين المستحقين للهداية لانه العليم الحكيم لان الله جل وعلا يهدي من يشاء ويظل من يشاء وجعل لذلك اسبابا واعمال يعملها العبد قال جل وعلا فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم وقال جل وعلا والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم فالجزاء من جنس العمل ثم قال سبحانه وتعالى وقالوا ان نتبع الهدى معك نتخطف من ارضنا اي قالت كفار قريش وبعضهم يا محمد ان نتبع الهدى معك وهذا يعني ملاينة من بعضهم واعترافهم بانه على الهدى لكن عندهم ما يمنعهم فقالوا ان نتبع الهدى معك نتخطف من ارضنا نخشى ان يتخطفنا الناس من حولنا وتتخطفنا القبائل وتقاتلنا اذا تركنا دين ابائنا واتبعنا الهدى الذي جئت به وهذا عذر بارد وساذج وغير صحيح ولهذا قال جل وعلا منكرا عليهم او لم نمكن لهم حرما امنا يجبى اليه ثمرات كل شيء الاستفهام انكار وتوبيخ الم نمكن لكم الان حرما ومكة البيت الحرام ومكة نمكنها لكم حرما امنا فجعلناها حرما له حرمة لا يعتدى فيه ولا يقاتل وجعلناه امنا ويتخطف الناس من حولكم يعني انتم الان وانتم على الشرك والكفر وعبادة الاصنام الله جعل هذا الحرم امنا وجعلكم امنين مطمئنين وجعل الارزاق والثمرات تجبى اليه وتجمع ويؤتى بها اليه من الطائف وغيرها فكيف بكم اذا اسلمتم من باب اولى فانتم الان امنون مطمئنون مع كفركم وشرككم فان اسلمتم فان ذلك اجدر بامنكم وايمانكم وسعة رزقكم لان الايمان سبب للامن وسعة الرزق فهذا استفهام انكار وتوبيخ طبعا لا يستطيعون ان يجيبونا على هذا لا يستطيع ان يجيبون عن هذا الانكار قال جل وعلا او لم نمكن لهم حرما امنا يجبى اليه ثمرات كل شيء تجمع ويؤتى بالارزاق اليه تمرات من الطائف ومن الشام ومن اليمن رحلة الشتاء والصيف وقوله كل شيء قال ابن عباس اي ثمرات الارض يجبى اليه ثمرات كل شيء؟ قال اي ثمرات الارض والارزاق التي يكون فيها طعامهم ومأكولاتهم ثم قال رزقا من لدنا هذا رزق نرزقه نرزقكم اياه من لدن من عندنا لا بعبادتكم ولا بقوتكم فانا الذي رزقتكم وامنتكم مع كفركم فكيف اذا امنتم؟ اذا امنتم فمبابي اولى يتسع ويكثر رزقكم وتزدادون امنا وايمانا فهذه الحجة التي قلتم حجة باطلة قال جل وعلا ولكن اكثرهم لا يعلمون اكثر هؤلاء الناس لا يعلمون ان الله سبحانه وتعالى هو المنعم المتفضل هو الذي رزقهم ووهبهم هذه النعم وهذا تعريض بهم ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد