بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد يقول الله جل وعلا وكم اهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم الا قليلا. وكنا نحن الوارثين وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث حتى يبعث في امها رسولا يتلو عليهم اياتنا وما كنا مهلكي القرى الا واهلها ظالمون في هذه الايات المباركات يبين الله جل وعلا انه اهلك قرى كثيرة وكم هنا هي كم الخبرية التي للتكفير التي تدل على التكفير. وهي في محل نصب مفعول به لأهلكنا فيقول جل وعلا وكم اهلكنا يعني قد اهلكنا قرى كثيرة بطرت معيشتها ومعنى بطرت قال آآ الزجاج البطر الطغيان عند النعمة وقال ابن زيد البطر اشهر اهل الغفلة واهل الباطل والركوب لمعاصي الله وقال ابو عبيدة بطرت اي اسرت وطغت وبغت والمعنى بطرت في معيشتها. فانتصب بنزع الخافض ويقول ابن كثير رحمه الله اي طغت واشرت وكفرت نعمة الله فيما انعم به عليهم من الارزاق كما قال تعالى في الاية الاخرى وضرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بانعم فاذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه اخذهم العذاب وهم ظالمون. ونحن ونحوه قول الطبري قال ابطرتها معيشتها فبطرت واشرت وطغت فكفرت بربها وخلاصة بطرت ان هذه وكم من القرى التي اهلكناها انها بطرت اصابها البطر وهو البغي والتكبر وتجاوز الحدود معيشتها معيشتها قيل انها منصوبة على التمييز. بطرت ماذا اي معيشتها؟ وقيل انها منصوبة بنزع الخافظ والقصد انها بطرت في معيشتها يعني كما قال ابن عاشور قال بطرت حال معيشتها اي نعمة عيشها والمعيشة مصدر بمعنى العيش والمراد حالته والتقدير بطرت حالة الامن والارزاق يعني كم من قرية اصابها البطر والتكبر والبغي في معيشتها حينما كانت تعيش عيشة رغيدة هنية ما شكروا نعمة الله عز وجل. لكن بطروا واشروا وبغوا وتجاوزوا الحدود. قال جل وعلا وكم من وكم اهلكنا من قرية بطرت معيشتها وهذا فيه تهديد وتخويف لكفار قريش بل للناس كلهم احذروا لا تغرنكم عيشتكم الهنية وما انتم فيه من النعيم فقد بطرت امم قبلكم فاهلكهم الله عز وجل. وانتم ان سلكتم مسلكهم اهلككم الله وفعل بكم كما فعل بهم. قال جل وعلا فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم الا قليلا فتلك يعني تلك مساكن اولئك القرى الذين اهلكهم الله لم تسكن من بعدهم الا قليلا وهذا كما في مساكن عاد وثمود فعاد اهلكهم الله ولا حياة في اماكنهم وكذلك ثمود الذين نحتوا الجبال اهلكهم الله عز وجل ولا تزال اماكنهم خالية فكذلك ربك اذا اخذ القرى اهلكهم واصبحت ديارهم خالية مساكنهم التي كانوا يسكنونها قال الشيخ السعدي فتلك مساكنهم لم تسكن قال لتوالي الهلاك والتلف عليهم ولتحاشيا ممن بعدهم يعني اهلكهم الله اتلفهم صار الناس يتحاشون هذه الاماكن ولهذا جاء في الحديث التحذير من غشيان اماكن العذاب ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في ديار همود لا تأتونها الا وانتم باكين او متباكين لانها دار عذاب فيحذر الانسان من الذهاب اليها والبقاء في الدار التي كانت محلها عذاب ولهذا ذكر العلماء ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بالاسراع في وادي محسر اذا مررت بوادي محسر وانت قادم من المزدلفة الى من اذا جئت هذا المكان النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه اوظع الراحلة يعني اسرع في السير قالوا لانه هذا المكان الذي عذب الله اصحاب الفيل فيه وانزل وعذبهم بطير ابابيل ترميم بحجارة من سجيل فاسرع النبي صلى الله عليه وسلم فيها طبعا هذا اذا كان الانسان يستطيع الاسراع اما اذا كان ملتزم الان حافلات اداء الامر ليس بيده فالحاصل ان الله سبحانه وتعالى اخبر انه دمرهم وانه اخلى ديارهم من بعدهم قال جل وعلا لم تسكن من بعدهم الا قليلا وكنا نحن الوارثين يعني ما ما ورثها احد من الناس ورثها الله جل وعلا لان الارض كلها لله قال الطبري يقول ولم يكن لما خربنا من مساكنهم منهم وارث وعادت كما كانت قبل سكناهم فيها. لا مالك لها الا الله الذي له ملك السماوات والارض وقال الشيخ السعدي وكنا نحن الوارثين للعباد نميتهم ثم يرجع الينا جميع ما متعناهم به من النعم ثم مصيرهم الينا او ثم نصيرهم الينا فنجازيهم باعمالهم ابن جرير ونحوه قول ابن كثير ان المراد ان تلك الديار خربت فلم يبق فيها احد والله وارثها ووارث غيرها لكن ما بقي لها مالك غير الله جل وعلا ما سكن بها احد من البشر وابنه والشيخ السعدي يميل الى اه ان كنا نحن الوارثين يعني هذه في الاخرة نرثهم وما يعملون وقال ابن كثير رحمه الله فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم الا قليلا اي دثرت ديارهم فلا ترى الا مساكنهم وكنا نحن وارثين اي رجعت خرابا ليس فيها احد وقد ذكر ابن ابي حاتم عن ابن مسعود وساق اثرا لكن في اسناده لكن في فيه غرابة فعلى كل حال نذكره وان كنا لا نعتقده لكن نذكره كما ذكره ابن كثير وابن ابي حاتم عن ابن مسعود انه سمع كعبا يقول لعمر ان سليمان عليه السلام قال للهامة يعني البومة طائر البوم قال لها ما لك لا تأكلين الزرع؟ قالت لانه اخرج ادم بسببه من الجنة. قال فما لك لا تشربين الماء؟ قالت لان الله اغرق قوم نوح قال فمالك لا تأوينا الا الى الخراب؟ قالت لانه ميراث الله عز وجل ثم تلا وكنا نحن الوارثين وفي هذا الحقيقة نظر يعني يحتاج الى معرفة هل هذا صحيح ام لا؟ هل بوم لا تأكل الزرع ولا تشرب الماء؟ الله اعلم. قال ثم قال قال ابن كثير ثم قال الله مخبرا عن عدله وانه لا يهلك احد ظالما له وانما يهلك من اهلك بعد قيام الحجة عليهم. ولهذا قال وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في امها وهي مكة رسولا يتلو عليهم اياتنا اه نقول هذه الاية فيها دليل ان الله سبحانه وتعالى لا يهلك امة من الامم الا بعد قيام الحجة عليهم الا بعد ان يرسل اليهم رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل كما قال جل وعلا في اية اخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وهذا لكمال عدله جل وعلا فلا يهلك ولا يعذب احدا الا بعد ان يبعث اليهم رسولا يبين لهم الحجة يقيم عليهم الحجة ويبين لهم المحجة فحينما يعقلون ذلك ويعرفونه ثم يعرضون يأخذهم اخذ عزيز مقتدر سبحانه وتعالى فلا يؤاخذهم وهم في حال جهلهم حتى يعلموا الحق قال جل وعلا وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في امها رسولا في امها قولان رئيسان للعلماء فذهب جمع من المفسرين ومنهم ابن كثير وابن جرير او ذكره ابن جرير ايضا عنا امها هنا او ان امها هنا المراد بها مكة المراد بها ام القرى والمراد بالقرى هنا وما كنا مهلك القرى قال هي القرى التي كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم حول مكة مثل الطاء او وجدة وما شابه ذلك والقرى والمدينة وما شابهها من القرى التي هي حول مكة. فما كان الله ليهلك هذه القرى حتى يبعث في امها رسول حتى يبعث في مكة التي هي ام القرى وقد بعث فيها نبينا صلى الله عليه واله وسلم. ولهذا يقول ابن كثير قال وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في امها وهي مكة رسول يتلو عليهم اياتنا فيه دلالة على ان النبي الامي وهو محمد صلى الله عليه واله وسلم المبعوث من ام القرى رسول الى جميع القرى من عرب واعجم كما قال تعالى لتنذر ام القرى ومن حولها. وقال تعالى قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا وقال تعالى لانذركم به ومن بلغ وقال ومن يكفر به من الاحزاب فالنار موعده وتمام الدليل وان من قرية الا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة او معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مستورة فاخبر انه سيدك كل قرية قبل يوم القيامة وقد قال وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا. فجعل تعالى بعثة النبي الامي شاملة لجميع القرى. لانه مبعوث الى امها واصلها التي ترجع اليها. يعني مكة. وثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه واله وسلم انه قال بعثت الى احمدي والاسود ولهذا ختم به الرسالة والنبوة فلا نبي بعده ولا رسول بل شرعه باق بقاء الليل والنهار الى يوم القيامة. وهذا كلام جميل ولا شك ان ام القرى تدخل في هذا وان بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ومكة والقرى التي حولها انها داخلة في دلالة الاية لكن الذي يظهر ان الاية اعم وانها في كل القرى حتى القرى المتقدمة وحتى الامم السالفة ولهذا قال بعض المفسرين وحكاه الشوكاني قال في ام القرى قال اكبرها واعظمها وقال الحسن امها اولها فيكون معنى الاية ان الله جل وعلا ما كان ليهلك قرية حتى يبعث في امها يعني في اعظم القرى يبعث يا رسولا لماذا ما يبعثها في المدن الصغيرة والاماكن قليلة الناس لا في القرية التي هي اكثر القرى واكبرها واعظمها واكثرها سكانا. لماذا حتى تقوم حجة الله على الخلق لان القرى الكبيرة الناس يأتون اليها من من اطرافها ومن القرى الاخرى يفيدون اليها فيسمعون الحق ويتسامعون بالنبي ويسمعون ما جاء به وما يدعو اليه حتى تقوم عليهم الحجة قال جل وعلا وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في امها رسولا يتلو عليهم اياتنا يتلو عليهم ان قلنا انها ام القرى التي هي مكة اي يتلو ايات القرآن الذي انزله الله عليه وان كان القرى السابقة باياتنا يعني الحجج والبينات التي التي انزلناها على رسلنا والتي تدل على الحق وعلى وجوب عبادة الله وحده لا شريك له وعدم الكفر به قال وما كنا مهلك القرى الا واهلها ظالمون يخبر جل وعلا عن تمام عدله انه لم يهلك وما كان ان يهلك قرية واهلها الا واهلها ظالمون لو كانوا غير ظالمين مستقيمون ما اهلكهم فلابد ان يكونوا ظالمون لابد ان يكونوا ظالمين وذلك بارتكابهم الكفر وهو اظلم الظلم واعظم الظلم مع ايضا بقية انواع الظلم الاخرى التي هي دون الكفر ولهذا يقول ابن يقول ابن جرير وغير المفسرين تقريبا هو ملخص قولهم ان ان هذا من كمال عدله جل وعلا وانه لا يهلك قرية الا واهلها ظالمون هذا لكمال عدله ولو اهلك الله الناس جميعا ما كان ظالما لهم ومع ذلك لا يهلك الا من كان شديد الظلم كافرا بالله مشركا مرتكبا للذنوب والمعاصي وهذا من كمال عدله سبحانه وتعالى. ثم قال جل وعلا وما وما اوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا. وزينتها وما عند الله خير وابقى. افلا تعقلون يقول ابن كثير يخبر تعالى او يقول تعالى مخبرا عن حقارة الدنيا وما فيها من الزينة الدنيئة والزهرة الفانية بالنسبة كما اعده الله لعباده الصالحين في الدار الاخرة من النعيم العظيم المقيم. كما قال ما عندكم ينفد وما عند الله وقال وما عند الله خير للابرار. وقال وما الحياة الدنيا في الاخرة الا متاع؟ وقال بل تؤثرون الحياة الدنيا والاخرة الاخرة خير وابقى وقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم والله ما الدنيا في الاخرة الا كما يغمس احدكم اصبعه في اليم فلينظر ماذا يرجع اليه وهذا حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه اذا ايها الاخوة الله يخبر جل وعلا كفار قريش وغيرهم من الكفرة الذين اغتروا في الدنيا وقالوا انما هي حياتنا الدنيا وتمسكوا بها وتلذذوا بها وجعلوها غايتهم قال وما اوتيتم من شيء من الاموال والملك الذي اوتيتم اياه فمتاع الحياة الدنيا فقط تتمتعون به مدة اقامتكم في الحياة الدنيا ولهذا اول ما يموت الانسان يترك الدنيا كلها وراءه يخرج بكفن ولهذا جاء في الحديث اذا مات ابن ادم تبعه ثلاثة ما له واهله وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد يبقى العمل اما الدنيا ترجع يبتسمها الورثة فالله يقول هذه الدنيا التي ارتبطتم بها والهتكم عن الاخرة هي متاع فقط وزينة زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة فهي زينة مؤقتة لكنها مجرد متاع زانت في عيونكم ومتأتم بها متاعا قليلا ومتأتم بها متاعا قليلا. قال جل وعلا وما عند الله خير وابقى ما عند الله من الثواب ثواب الجنة. النعيم العظيم المقيم خير من زينة الدنيا ومتاعها وايضا ابقى لان الدنيا متاع يزول وينتهي بموت الانسان. اما الاخرة خالدين فيها ابدا لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد نسأل الله الكريم من فضله قال جل وعلا افلا تعقلون قال ابن كثير اي افلا يعقل من يقدم الدنيا على الاخرة هذا خطاب لنا كلنا افلا نعقل نعقل ونفهم عن الله مراده ونترك تقديم الدنيا على الاخرة بل نقدم الاخرة على الدنيا والدنيا نستعين بها على الاخرة وعلى عمل الاخرة ليس الا قال قال جل وعلا افمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحوريين افمن وعدناه وعدا حسنا؟ يقول ابن كثير يقول افمن هو مؤمن مصدق بما وعده الله على صالح عمله من الثواب الذي هو صائر اليه لا محالة فمن هو كافر مكذب بلقاء الله ووعده ووعيده فهو ممتع في الحياة الدنيا اياما قلائل ثم هو يوم القيامة من المحظرين قال مجاهد وقتادة من المعذبين ثم قد قيل انها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي ابي جهل وقيل في حمزة وعلي وابي جهل وكلاه وكلاهما اي القولين وكلاهما عن مجاهد والظاهر انها عامة هذا هو الصواب الاية عامة يدخل فيها من ذكر وغيره والظاهر قال ابن كثير والظاهر انها عامة وهذا كقوله تعالى اخبارا عن ذلك المؤمن حين اشرف على صاحبه وهو في الدرجات وذلك بالدركات ولولا نعمة ربي لكنت من المحظرين. وقال تعالى ولقد علمت الجنة انهم لمحظرون اذا هذا هو معنى الاية والله لا يستوي من وعده الله وعدا حسنا وهو دخول الجنة والنعيم المقيم وسيلقى ذلك ولا محالة لان الله لا يخلف الميعاد كمن متعناه متاع الحياة الدنيا فقط متعناه في الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحظرين يحظر بين يدي الله ويرجع الى الله ويعود اليه ثم يجازى على اعماله ويعذب. جنته الدنيا فقط وانتهت جنته. اذا افضى الى الاخرة افظى الى النار والعياذ بالله ثم قال جل وعلا ويوم يناديهم فيقول اين شركائي الذين كنتم تزعمون اي واذكر يوم يناديهم ان يناديهم الله موبخا لهم ومقرعا لهم اين شركائي قال ابن كثير يقول تعالى مخبرا عما يوبخ به الكفار المشركين يوم القيامة حيث يناديهم فيقول اين شركائي الذين كنتم تزعمون يعني اين الالهة التي كنتم تعبدونها في الدار الدنيا من الاصنام والانداد؟ هل ينصرونكم او ينتصرون وهذا على سبيل التقريع والتهديد كما قال تعالى ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم اول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وظل عنكم ما كنتم تزعمون وهذا في الحقيقة في غاية البيان من ابن كثير رحمه الله حيث انه ذكر الاية وذكر ما يشهد لها والاستفهام هنا استفهام تقريعي توبيخي وقوله الذين كنتم تزعمون دليل انه كان زعم ليس حقيقة ليس لله شريك االه مع الله؟ ما لكم من اله غيره وما خلقت الجن والانس الا الا ليعبدون وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. فكل من زعم الهة مع الله وشركاه فهو زعم كذب باطل ولهذا قال ابن جرير الذين كنتم تزعمون انهم شركاء شركاء لي في الدنيا قال جل وعلا قال الذين حق عليهم القول قال ابن جرير الذين حق عليهم القول هم الشياطين الذين يغوون بني ادم وقال ابن كثير هم الشياطين المردة وفي بعض النسخ والمردة والدعاة الى الكفر وقال بعض السلف الرؤساء وكلها حق وما قاله ابن كثير اشمل واعم فقال الذين حق عليهم القول من الشياطين ومن دعاة الباطل ورؤساء الشر ربنا اي يا ربنا هؤلاء الذين اغوينا يعني هؤلاء الذين اغويناهم واضللناهم عن الحق اغويناهم كما غويناهم قبل النوم؟ قالوا اظللنا بانفسنا فاعترفوا بانهم اغوهم واضلوهم عن طريق الهدى وهم ايضا بانفسهم ضالون ولهذا قالوا تبرأنا اليك ما كانوا ايانا يعبدون تبرأوا منه ما كانوا ايانا ايانا يعبدون لسنا الهة بل يعبدون الجن ولهذا يقول ابن كثير رحمه الله وبينت ما يفسر هذه الايات او هذه الاية من الايات الاخرى قال فشهدوا عليهم انهم اغوهم فاتبعوهم ثم تبرأوا من عبادتهم كما قال تعالى واتخذوا من دون الله الهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضد وقال تعالى ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. وهم عن دعائهم غافلون واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين وقال الخليل لقومه انما اتخذتم من دون الله اوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعض ومأواكم النار وما لكم من ناصرين وقال الله اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب وقال الذين اتبعوا لو ان لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا كذلك يريهم الله اعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ولهذا فقد افاد واجاد ابن كثير رحمه الله وهذا مما يتميز به هذا التفسير المبارك تفسير ابن كثير انه يذكر نظائر الاية التي تزيدها بيانا وايظاحا وتؤكد على المعنى. وفيها زيادة بيان قال ابن كثير ايضا ولهذا قال وقيل ادعوا شركاءكم ليخلصوكم مما انتم فيه. كما كنتم ترجون منه في الدار الدنيا في الدار الدنيا فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب وتيقنوا انهم سائرون الى النار لا محالة نعم قال الله عز وجل لهم ادعوا شركاءكم الذي زعمتم انهم عالية وانهم شركاء لي فكنتم تعبدونهم وتذبحون لهم وتنذرون لهم وتستغيثون بهم وتطلبون منهم الخيرة فلم يستجيبوا لهم. لماذا لانهم ليسوا بالهة جماد او اوثان او اصنام لا تنفع ولا تضر مع انهم كانوا يرجون انها تستجيب لهم ولهذا قالوا ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى قال جل وعلا ورأوا العذاب لو انهم كانوا يهتدون نعم ما استجاب لهم الشركاء ورأوا الاذى لاقوا مصيرهم لانهم اشركوا مع الله غيره والشرك لا يغفره الله ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء قال الطبري رحمه الله ورأوا العذاب لو انهم كانوا يهتدون قال فودوا حين رأوا العذاب لو انهم كانوا في الدنيا مهتدين للحق وقال ابن كثير رحمه الله قريبا من ذلك قال وقوله لو انهم كانوا يهتدون اي فودوا حين عاينوا العذاب لو انهم كانوا من المهتدين في الدار الدنيا وهذا قوله تعالى ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا ورأى المجرمون النار فظنوا انهم واقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا ثم قال جل وعلا ويوم يناديهم والمنادي هو الله سبحانه وتعالى. وهذا على ان الله متكلم وانه كلام حقيقي ينادي والنداء من صفات الكلام هذه اثبات صفة الكلام لله جل وعلا قال ويوم يناديهم فيقول ماذا اجبتم المرسلين ينادي هؤلاء المشركون ماذا اجبتم المرسلين وهذا سؤال يا اخوان سيسأله كل واحد ماذا اجبتم المرسلين ولهذا ثبت في الحديث ان الميت يقال له في قبره. من ربك ما دينك من نبيك قال ابن كثير ويوم يناديهم فيقول ماذا اجبتم المرسلين النداء الاول عن سؤال التوحيد وهذا فيه اثبات النبوات ماذا كان جوابكم للمرسلين اليكم كيف كان حالكم معهم وهذا كما يسأل العبد في قبره من ربك؟ ومن نبيك؟ وما دينك فاما المؤمن فيشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبد الله ورسوله. واما الكافر فيقول ها ها لا ادري ولهذا لا جواب لهم يوم القيامة غير السكوت لان من كان في هذه اعمى فهو في الاخرة اعمى واضل سبيلا. ولهذا قال تعالى فعميت عليهم الانباء يومئذ فهم لا يتساءلون قال مجاهد فعميت عليهم الحجج فهم لا يتساءلون بالانساب ونحوه قال الطبري وغيره فعميت عليهم الانباء قال خفيت عليهم الحجج من العمى وخفيت عليهم الحجج والانباء المراد بها الحجج لماذا سميت الحجج انباء لانها اخبار يخبرونها لانها اخبار يخبرونه يعني الرسل ذكر لهم الحجج وهم ايضا وخفيت عليهم الحجة فسمي نبأ وايضا هم يوم القيامة لا يتساءلون قال الطبري لا يتساءلون بالانساب ولا يتماتون بالقربات انتهت ما يقول انا امت اليك بصلة بقرابة ما يستطيعون وقال بعض المفسرين ان معنى ذكره القرطبي وغيره بل هو قول القرطبي وان كان ذكر معناه عن غيره قال لا يسأل بعضهم بعضا عن الحجج لان الله تعالى ادحض حججهم وقوله لا يتساءلون هنا لا معنى ان يحمل على عمومه فلا يسأل بعضهم بعضا بالانساب والمراد انهم ما تنفعهم القرابة هنا ولا يجري احد عن احد ولا ينفع احد احدا ولا مانع ايضا انهم لا يتساءلون عن الحجة وعن الحجج لانهم يلجمون وكل مشغول بنفسه وبلغت القلوب الحناجر ثم قال جل وعلا فاما من تاب وامن وعمل صالحا فعسى ان يكونوا من المفلحين فاما من تاب اي في هذه الدنيا التوبة النصوح وهي الرجوع من معصية الله الى طاعته وامن لم يكتفي فقط الايمان والرجوع بل صدق بقلبه واقر وعمل عملا صالحا فلا بد من هذه الامور لابد من الايمان القلبي ولابد من العمل بالجوارح الاعمال الصالحة باللسان بقية الجوارح قال فعسى ان يكونوا فعسى ان يكون من المفلحين عسى من الله واجبة كما قال السلف قال ابن كثير وعسى من الله موجبة فان هذا واقع بفظل الله ومنه لا محالة يعني من امن من تاب وامن وعمل عملا صالحا فانه يكون من المفلحين الذين افلحوا وادركوا ما ارادوا ونجوا مما يخافون لكن عسى من الله واجبة اي ذلك متحقق حاصل لهم ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد