بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبيا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد لا نزال في الايات اه في سورة القصص التي تتحدث عن قصص قارون وقد مر معنا في الدرس السابق آآ ما قصه الله جل وعلا عن تكبر قارون وبغيه على قومه وكثرة ما اتاه الله من الكنوز لدرجة ان مفاتيح هذه الكنوز تثقل العصبة اولي القوة من الرجال وقص الله علينا نصح نصح قومه له وحثهم له على ان يبتغي بماله الدار الاخرة ايوه ما بقى رده على قومه وتكبره وقوله انما اوتيته على علم عندي قال جل وعلا اولم يعلم ان الله قد اهلك من قبله من القرون من هو اشد منه قوة واكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ثم قال جل وعلا فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما اوتي قارون انه لذو حظ عظيم. وقال الذين اوتوا العلم وويلكم ثواب الله خير لمن امن وعمل صالحا ولا يلقاها الا الصابرون يقول جل وعلا فخرج على قومه اي فخرج قارون على قومه من بني اسرائيل لانه كان من بني اسرائيل بل كان قريبا لموسى ومن اقارب موسى عليه السلام كان مؤمنا يقرأ التوراة ويعمل فيها لكنه بغى ونافق واعرظ عن دين الله عز وجل واغتر بما اتاه الله من المال قال جل وعلا فخرج على قومه في زينته قال ابن كثير يقول تعالى مخبرا عن قارون انه خرج ذات يوم على قومه في زينة عظيمة وتجمل باهر من مراكب وملابس عليه وعلى خدمه وحشمه وابن كثير رحمه الله لخص الكلام هنا تلخيصا وقد اجاد وافاد وقد تكلم المفسرون بالزينة التي خرج فيها فجاء عن جابر رضي الله عنه قال جاء عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنه انه قال القرمز الزينة القرمز نوع من اللباس وجاء المجاهد انه قال ثياب حمر وقال الحسن ثياب حمر وصفر وجاء عن مقاتل انه قال خرج على بغلة شهباء عليها سرج من ذهب ومعه اربعة الاف من الخيل عليها الفرسان قد تزينوا ومعه ثلاث مئة جارية بيضاء على البغال الشهب عليهن الحلي وقيل غير ذلك والذي يظهر والله اعلم ان انه خرج على قومه في زينته انه ما انه كان في بردين اخبرين او في حلة من بردين اخضرين والحلة هي الثوبان من نوع واحد توبان من نوع واحد يعني اعلى ما يكون على اعلى البدن وما يكون وما يكون على اسفل البدن كلاهما نوع واحد قلنا بان هذا هو الاظهر لانه جاء في الحديث الذي رواه الامام احمد وحسن اسناده ابن كثير ان النبي صلى الله عليه وسلم قال بين رجل فيمن كان قبلكم خرج في بردين اخضرين يختال فيهما امر الله الارض فاخذته. فانه ليتجلجل فيها الى يوم القيامة واذا جاء في البخاري انه خرج في حلة فمن مجموع هذين الحديثين يظهر ان زينته حلة وان وانهما واخضران وانها خضراء وكانت في منتهى يعني الجمال آآ قال فخرج على قومه في زينته خرج على قوم بني اسرائيل في زينتهم متزينا لانه مغتر. يقول انما اوتيته على علم عندي قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما اوتي قارون قال ابن كثير فلما رآه من يريد الحياة الدنيا ويميل الى زخرفها وزينتها تمنوا ان لو كان لهم مثل الذي اعطي قالوا يا ليت لنا مثل ما اوتي قارون انه لذو حظ عظيم. اي ذو حظ وافر من الدنيا نعم وهكذا كثير من الناس يغترون بالدنيا واذا رأوا صاحب المال قالوا ليت لنا مثله ولا شك ان صاحب المال اذا كان يطيع الله فيه ويصل رحمه وينفق في وجوه الخير ويحسن الى الخلق انه يتمنى مثل ما له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي في الصحيحين لا حسد الا في اثنتين والحسد هنا هو حسد الغبطة وهو ان يتمنى مثل نعمة اخيه من غير ان يتمنى زوالها هذا حسد الغبطة هذا جائز بل قد يكون مندوبي اذا كان المغبوط على عمل صالح وتقوى او علم او خير من مما يبتغى به الاخرة فانه يغبط ويتمنى مثل ما لهم كما لا كما لو قال الانسان اللهم ائتني علما مثل علم ابن عباس او علم فلان العالم الفلاني مثلا هذا غبطة وخير ان يتمناه الانسان لان هذا تمني الخير والعمل الصالح وما يقرب الى الله جل وعلا واما الحسد المذموم فهو ان يتمنى زوال نعمة اخيه عنه ومصيرها اليه فبعض الناس يتمنى ان تزول نعمة اخيه اذا رآه في نعمة يتمنى ان تزول وتنتقل من اخيه اليه. هذا ما يجوز فالحاصل ان هؤلاء ممن كانوا معجبين بالدنيا وقال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليتنا لنا مثل ما اوتي قارون هذي اكثر حال واكثر الناس الا من رحم الله همهم الدنيا فيا عبد الله لا تكن ممن يريد الدنيا. كن ممن يريد الاخرة ومن وممن يريد الدنيا والاخرة او يريد الدنيا ليعمل بها وينجو بها في الاخرة. يعني مما يستعملها في طاعة الله ثم قالوا انه لذو حظ عظيم ذو نصيب عظيم. نصيب من الدنيا عظيم. اموال كثيرة الله المستعان والله هذا ما يحسد على المال ما يحسد الا صاحب المال الصالح الذي سلطه على هلكته في الحق كما جاء في الحديث وقال الذين اوتوا العلم نصحهم الذين اوتوا العلم اي العلم بالله جل وعلا العلم الشرعي العلم بالتوراة وقال الذين اوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن امن وعمل صالحا وكلمة الويل اصح ما قيل فيها انها لفظة تدل على السخط والذم قيل تدل على الشر والهلاك وسوء الحال وقد تأتي للتعجب وهي هنا كذلك كما قال ابن عاشور قال هي هنا للتعجب المشوب بالزجر هم تعجبوا من حال هؤلاء الذين تمنوا الدنيا فقط مع زجرهم لهم عن هذا التمني فقال فقالوا ويلكم ثواب الله خير لمن امن وعمل صالحا ثواب الله الذي اعده لمن امن بالله جل وعلا وما يجب الايمان به وعمل عملا صالحا خير من هذا وهو الجنة ولهذا قال ابن كثير كما في الحديث الصحيح او قبل ذلك قال ثواب الله خير لمن امن وعمل صالحا اي جزاء الله لعباده المؤمنين الصالحين في الدار الاخرة خير مما ترون كما في الحديث الصحيح يقول الله تعالى اعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر واقرأوا ان شئتم فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون وهو في صحيح مسلم وغيره وجاء وجاء ايضا عند البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال وموضع صوت احدكم وموضع وموضع صوت احدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها الصوت معروف صغير يكون في اليد صوت يضرب به تضرب به الدابة او مثل العصا لكنه يكون لين من شيء لين موضع الصوت للمسلم في الجنة خير من الدنيا وما عليها. لا اله الا الله خير من الدنيا كلها وما عليها وما فيها انتم تعلمون الان الدنيا ايش فيها فيها الذهب والفضة والاموال الاملاك الى غير ذلك مما لا يخفى عليكم والله ان موضع صوت يسير في الجنة خير من هذا كله وهذا تصديق لقوله جل وعلا او بيان لقوله جل وعلا هنا عن اولئك المؤمنين ثواب الله خير لكن لمن ثواب الله لكل احد؟ لا لمن امن لا بد من الايمان وهو الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقضاء والقدر. وما يجب الايمان به والدخول في الايمان الايمان الدخول في الاسلام واعتقاده ولا يكفي هذا لابد من العمل الصالح ايضا ليس اي عمل وانما العمل الموصوف بالصلاح والعمل الصالح كما قال اهل العلم هو ما تضمن او ما اشتمل على الاخلاص لله جل وعلا وعلى المتابعة فيه للرسول صلى الله عليه واله وسلم. وهما شرط قبول العمل الاخلاص فيه لله جل وعلا والمتابعة فيه لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم بحيث يكون مما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه واله وسلم وهذا دليل لمذهب اهل السنة والجماعة في الايمان انه قول واعتقاد وعمل فلابد من هذه الامور لا ايمان الا بهذه الاركان الثلاثة قال جل وعلا ولا يلقاها الا الصابرون اختلف المفسرون هل هذا من قول الله جل وعلا او من تمام قول الذين اوتوا العلم فقال بعضهم ما هذا من تمام كلام الله وقال بعضهم بل هذا من تمام كلام الذين اوتوا العلم لانه لم يفصل في الكلام ولا والاصل في الكلام اتحاد الظمائر ما دام الحديث عن هؤلاء انهم يقولون فهذا الاصل الا اذا قام دليل على ان الكلام قد اختلف او نعم على ان الكلام قد اختلف ليس من يعود عليه الضمير فقالوا هذا من تمام قولهم لكنهم هم علموا هذا لانهم اوتوا العلم علموا من التوراة من شريعة موسى ومعنى ولا يلقاها على اي شيء يعود الضمير قال السدي يعود على الجنة وما يلقى الجنة الا الصابرون قال ابن كثير كأنه جعل ذلك من تمام كلام الذين اوتوا العلم وقال ابن جرير وما يلقى هذه الكلمة ما هي قال وهي قوله ثواب الله خير لمن امن وعمل صالحا الهاء والألف كاينة على الكلمة وما يلقى هذه الكلمة الا الصابرون عن محبة الدنيا والراغبون في الاخرة وكأنه جعل ذلك مقطوعا من كلام اولئك وجعله من كلام الله عز وجل واخباره بذلك وقال القرطبي ولا يلقاها اي ولا يؤتى الاعمال الصالحة وعلى كل حال هذا الخلاف مؤداه واحد فسواء قلنا لا يلقع الاعمال الايمان والعمل الصالح الا الصابرون او قلنا لا يلقى الجنة الا الصابرون المؤدى واحد. لانه لا دخول للجنة الا بالعمل بالايمان والعمل الصالح والصابرون جمع صابر وهم الحابسون لانفسهم على طاعة الله وعن معصية الله وعلى اقدار الله المؤلمة فلابد من الصبر فلابد ان تصبر على عبادتك يا عبد الله تصبر على الصلاة وعلى القيام من فراشك الوزير ومن النوم تصبر على الوضوء غصبا عن الذهاب الى المسجد والصلاة مع الجماعة فاصبر على طاعة الله تصبر عن معاصي الله فاصبر اذا نزلت بك اقدار الله المؤلمة وتقول قدر الله وما شاء فعل ولا تسخط الا تشتكي الى الناس قال جل وعلا فخسفنا به وبداره الارض فخسفنا به اي فخسفنا بهارون خسف به في باطن الارض اي دخل في باطن الارض قسم بقارون بقارون عدو الله فخسفنا به اي بقارون وبداره ايضا به وبداره التي كان يقطنها هو ومن معه خسفنا به ماذا؟ الارض فادخلناه في باطنها فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله ما كان له من فئة من جماعة ينصرونه من دون الله لما احل الله به بأسه ليس هناك جماعة لان الله اذا قظى امرا لا يرد لانه الملك القادر هو الرب وحده لا شريك له فلما عذبه وخسف به الارض ما استطاع احد ولا جماعة ان ينصروه. ويمنعوه من هذا الخسف او يقوه هذا الخسف او يخرجوه من هذا الخسف وما كان من المتصلين وهو ايضا ما استطاع ان ينصر نفسه وان يدافع عن نفسه فلا نصر نفسه ما استطاع ان ينصر نفسه ولم يجد احدا ينصره اذا الواجب التعلق بمن هو على كل شيء قدير من اذا اراد شيئا فعله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد هذا هو التعلق الصحيح لانه التعلق بالله جل وعلا ومن اجل ذلك خلقنا الله عز وجل ومن اعظم اعمال القلوب التوكل على الله والاعتماد على الله والاستعاذة به قال جل وعلا بل اورد ابن كثير هنا احاديث فيها بيان لان النبي صلى الله عليه وسلم يبين القرآن قال ابن كثير لما ذكر تعالى اغتيال قارون في زينته وفخره على قومه وبغيه عليهم عقب ذلك بانه خسف به وبداره الارض كما ثبت في الصحيح عند البخاري من حديث الزهري عن سالم ان اباه حدثه ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال سالم ابن عبد الله ابن عمر قال النبي صلى الله عليه وسلم بين رجل يجر ازاره اذ خسف به. فهو يتجلجل في الارض الى يوم القيامة بين وبينها وبين ما بمعنى واحد بين رجل يجر ازاره ها يتبختر جر الازار من المخيلة في الاصل في الغالب في الاعم قال اذ خسف الله به فهو يتجلجل في الارض بدا يتجلجل في الارض يغوص وقال ابن حجر ورده الحجر في المقدمة واثناء الشرح بفتح الباري قال يتجلجل ينزل فيها مضطربا متدافعا نسأل الله العافية والسلامة ثم اورد حديث الامام احمد عن ابي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما رجل في من كان قبلكم خرج في بردين اخضرين يختال فيه ما امر الله الارض فاخذته. فانه ليتجلجل فيها الى يوم القيامة. تفرد به احمد واسناده حسن واورده ايضا من طريق اخرى وهي بنحو هذا وهما رواه الحافظ ابو يعلى الموصلي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل في من كان قبلكم خرج في بردين فاغتال فيهما فامر الله الارض فاخذته فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة قال ابن كثير وقد ذكر محمد بن المنذر شكر وهو يعني هذا شكر لقب له وهو محمد ابن سعيد ابن عثمان الهروي الخرساني ابو عبدالرحمن وكان يلقب بشكر وسكر يقولون في العجم او في اللغة الاعجم بمعنى سكر يعني لقب العربية سكر من حفاظ الحديث وشكر بفتح الشين المعجمة وتشديد الكاف كما في الاكمال لابن ماكولا مات بهرات سنة خمس مئة وخمسة وخمسين هجريا قال ابن كثير وقد ذكر محمد بن منذر شكر في كتاب العجائب الغريبة بسنده عن نوفل بن مساحق قال رأيت شابا في مسجد نجران فجعلت انظر اليه واتعجب من طوله وتمامه وجماله وجماله فقال ما لك تنظر الي فقلت اعجب من جمالك وكمالك قال ان الله ليعجب مني قال فما زال ينقص وينقص حتى صار طول الشبر فاخذه بعض قرابته في كمه وذهب الله اعلم بصحة القصة لكن هو اورده ابن كثير ولا شك ان فيها عبرة وان الانسان اذا اغتر كما قال قارون انما اوتيته على علم عندي واغتر ان الله على كل شيء قدير الله على كل شيء قدير في كل وقت واوان. لكن اغترار الانسان بما عنده والقول على الله بغير علم سبب للعقوبة ثم قال ابن كثير وقد ذكر ان هلاك قارون كان عن دعوة نبي الله موسى عليه السلام واختلف في سببه فعن ابن عباس والسدي ان قارون اعطي ان قارون عدو الله صاحب المال صاحب القصة اعطى امرأة بغيا زانية مالا على ان تبهت موسى بحضرة الملأ من بني اسرائيل. وهو قائم فيهم يتلو عليهم كتاب الله. فتقول يا موسى انك فعلت تبي كذا وكذا فلما قامت وقالت في الملأ ذلك لموسى ارعد من الفرق خاف موسى العرظ يا اخوان عزيز احد يتهمك في عرظك فارعد من الفرق اي من الخوف واقبل عليها وصلى ركعتين ثم قال انشدك بالله الذي فرق البحر وانجاكم من فرعون وفعل كذا وكذا لما اخبرتني بالذي حملك على ما قلت فقالت اما اذ نشدتني فان قارون اعطاني كذا وكذا على ان اقول لك وانا استغفر الله واتوب اليه فعند ذلك خر موسى لله عز وجل ساجدا وسأل الله في قارون فاوحى الله اليه اني قد امرت الارض ان ان تطيعك فيه فامر موسى الارظ ان تبتلعه وداره فكان ذلك وقيل ان قارون لما خرج على قومه في زينته تلك وهو راكب على البغال الشهب وعليه وعلى خدمه الثياب الارجوان الصبغة تمرأ في جحفله ذلك على على مجلس نبي الله موسى عليه السلام وهو يذكرهم بايام الله فلما رأى الناس قارونا صرفت وجوه الناس حوله ينظرون الى ما هو فيه فدعاه موسى عليه السلام وقال ما حملك على ما صنعت فقال يا موسى اما لان كنت فضلت علي بالنبوة فلقد فضلت عليك بالدنيا ولان شئت لنخرجن فلتدعون علي وادعو عليك فخرج وخرج قارون في قومه فقال موسى تدعو او ادعو انا قال بل انا ادعو فدعا قارون فلم يجب له ثم قال موسى ادعو؟ قال نعم. فقال موسى اللهم مر الارض ان تطيعني اليوم فاوحى الله اليه اني قد فعلت فقال موسى يا ارض خذيهم فاخذتهم الى اقدامهم ثم قال خذيهم فاخذتهم الى ركبهم ثم الى مناكبهم ثم قال اقبلي بكنوزهم واموالهم قال فاقبلت حتى نظروا اليها ثم اشار موسى بيده فقال اذهبوا بني لاوي فاستوت بهم الارض وعن ابن عباس انه قال خسف بهم الى الارض السابعة وقال قتادة ذكر لنا انه يخسف بهم كل يوم قامة فهم يتجلجلون فيها الى يوم القيامة وقد ذكر ها هنا ها هنا اسرائيليات او اسرائيليات اضربن عنها صفحا وهذا كما قدمنا ان ابن كثير رحمه الله صاحب فارس الميدان في باب الاسرائيليات هو اورد شيئا منها وهو محتمل واعرظ عن الكثير ولهذا تجد في كتب التفسير كثير من الاسرائيليات في سبب هلاك قارون وقصة مسمعه ودعائه عليه فالحاصل ان الله هو الذي خسف به. كيف شاء جل وعلا هل هو بسبب دعوتي موسى او بسبب اخر او ان الله فعل ذلك ابتداء بسبب بغيه وكفره كل ذلك محتمل والعلم عند الله تعالى قال جل وعلا واصبح الذين تمنوا مكانه بالامس. اي الذين لما رأوه في زينته قالوا يا ليت لنا مثل ما اوتي قارون انه ذو حظ عظيم وقد مر ذكرهم في الايات السابقة قال فلما خسف به اصبحوا يقولون وي كأن الله ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء وي كأن الله يبسط الرزق لمن يشاء وي كأن فيها اقوال ما معناها وعلماء اللغات تكلموا على تفصيلها وانها مركبة من وي وكأن وان لكن نحن يهمنا المعنى قال قتادة ويكأن اي الم ترى انه وقال ايضا اولم يعلم انه قال ابن كثير وقد اختلف النحات في معنى قوله ويكأن فقال بعضهم معناها ويلك اعلم ان ولكن خففت فقيل ويكا ودل فتح ان على حذف اعلم وهذا القول ظعفه ابن جرير والظاهر انه قوي ولا يشكل على ذلك الا كتابتها في المصاحف متصلة ويكان والكتابة امر وضعي اصطلاحي والمرجع الى اللفظ العربي والله اعلم وقيل معناها ويك ان المتر ان قاله قتادة وقيل معناها ويك ان وي يعني وحدة وكأن وحدها ففصلوا ففصلها وجعل حرف ويل التعجب او للتنبيه وكأن بمعنى اظن واحسب قال ابن جرير واقوى الاقوال هذا في هذا قول قتادة انها بمعنى الم ترى ان واستشهد ببيت من الشعر اذا معنى قوله ويكأن الله الم ترى ان الله او الم تعلم ان الله قال ابن كثير قال فلما خسف به اصبحوا يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر اي ليس المال دال على رضا رضا الله عن صاحبه. فان الله يعطي ويمنع ويضيق ويوسع ويخفض ويرفع. وله الحكمة التامة والحجة البالغة وهذا كما في الحديث المرفوع عن ابن مسعود ان الله قسم بينكم اخلاقكم كما قسم ارزاقكم وان الله يعطي المال من يحب الا يحب ولا يعطي الايمان الا من يحب رواه الامام احمد بسند في مسنده بسند صحيح ثم قالوا لولا امنا الله علينا لخسف بنا. اي لولا لطف الله بنا واحسانه الينا لخسف بنا كما خسف به. لان وددنا ان نكون مثله ثم قال ويك انه لا يفلح الكافرون. يعنون انه كان كافرا ولا يفلح الكافرون عند الله لا في الدنيا ولا في الاخرة لا في الدنيا ولا في الاخرة اذا ويك ان الم تعلم ام او الم تعلم انه او الم ترى انه لا يفلح الكافرون ونشر الفلاح هنا نفي مطلق وكافرون الذين كفروا بالله جل وعلا ثم قال جل وعلا تلك الدار الاخرة قال ابن تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا. والعاقبة للمتقين. قال ابن كثير يخبر تعالى ان الدار الاخرة ونعيمها المقيم الذي لا يحول ولا يزول جعله الله لعباده المؤمنين المتواضعين الذين لا يريدون علوا في الارض اي ترفعا على خلق الله وتعاظما عليهم وتجبرا بهم ولا فسادا فيهم كما قال عكرمة العلو التجبر. وقال سعيد بن جبير العلو البغي. وقال سفيان بن سعيد الثوري عن منصور عن مسلم البطين العلو في الارض التكبر بغير حق والفساد اخذ المال بغير حق وقال ابن جريج لا يريدون علو في الارض تعظما وتجبرا. ولا فسادا قال عملا بالمعاصي وهذا هو الاظهر ان الفساد في الارض اذا اطرق فالمراد به العمل في الارض بالمعاصي. فاخبر جل وعلا ان ان الدار الاخرة وان الجنة انما جعلها جل وعلا للمتواضعين في الدنيا الذين لا يريدون علوا وبغيا وظلما وتجبرا على خلق الله جل وعلا ولا يريدون الفساد في الارض ولا العمل فيها بالمعاصي. بل هم متواضعون يعملون يعملون في الارض بطاعة الله ويدعون ناس الى العمل بطاعة الله هؤلاء هم اصحاب الجنة والعاقبة للمتقين الذين اتقوا الله وجعلوا بينهم وبين عذابه وقاية بفعل اوامره واجتناب نواهيه ثم قال جل وعلا من جاء بالحسنة فله خير منها وهذا يبين يعني له عشر حسنات كما جاء في الاية الاخرى من جاء بالحسنة فله عشر امثالها. بل جاء في القرآن ما يدل على ان الحسنة الواحدة قد تضاعف الى سبعمائة ضعف كما في قوله جل وعلا مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء. والله واسع عليم هذي ظعفت الى سبع مئة حسنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كل عمل ابن ادم يضاعف له الحسنة بعشر امثالها الى سبع مئة ظعف الى اظعاف الا الصيام فانه لي وانا اجزي به. فقال جل وعلا من جاء بالحسنة فله خير منها. ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات الا ما الو يعملون. هذا من عدل الله جل وعلا الاول من فظله وكرمه يعطي بالحسنة خيرا منها والثاني من عدله انه لا يؤاخذ المسيء الا بسيئته كما في الاية الاخرى ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها فقط وهم لا يظلمون سبحان الله وهل يجزى؟ نعم فلا يجزى الا مثلها فلا يجزى الذين عملوا السيئة الا ما كانوا يعملون وهذا من تمام عدله سبحانه وتعالى ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد