بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد في هذا المجلس نبدأ بتفسير سورة العنكبوت وقبل البدء بتفسير الايات نذكر شيئا من اه المعلومات المهمة امام هذه امام تفسير هذه السورة كما جرت به العادة فنقول اولا اسمها اسمها سورة العنكبوت ولا يعرف لها اسم غير ذلك وسميت بذلك لذكر مثل العنكبوت فيها في قوله جل وعلا مثل الذين اتخذوا من دون الله اولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وانا اوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون واما نوعها فهي مكية في قول جمهور المفسرين وقيل انها مدنية قال به ابن عباس في احد قوليه وقيل ان بعضها مدني وبعضها مكي وهذا ايضا جاء عن ابن عباس وجاء عن الشعب ان الايتين الاوليين منها انهما مدنيتان وقيل بل الايات العشر الاولى منها والاظهر انها مكية لان الاصل المتقرر عند اهل العلم ان السورة تأخذ حكما واحدا مكية او مدنية الا اذا دل دليل على خلاف ذلك اما ترتيبها من حيث النزول فهي السورة الخامسة والثمانون في ترتيب نزول سور القرآن نزلت بعد سورة الروم وقبل سورة المطففين وهي من اواخر السور المكية نزولا وما نزل بعدها الا سورة المطففين ونزلت قبل مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التي قبل مهاجره ويقول بعض المفسرين انها في اخر اه السنة التي قبل هجرته صلى الله عليه واله وسلم واما عدد اياتها تسع وستون اية بالاتفاق لم يختلف العادون في عدد اياتها واما فضلها فيكفيها فظلا انها من كلام رب العالمين الذي هو صفته سبحانه وتعالى ولم يرد فيها نص خاص في فضلها يقول الله جل وعلا الف لام ميم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فلا يعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ام حسب الذين يعملون السيئات ان يسبقون ساء ما يحكمون اه قوله جل وعلا الف لام ميم سبق الكلام على الحروف المقطعة مرارا سبق في اول سورة البقرة وقلنا ان اصح الاقوال فيها ما اختاره ابن كثير فقال الله اعلم بمراده منها والحكمة منها التحدي والاعجاز هذا هو اظهر الاقوال ان يقال الله اعلم بالمراد منها ما تفسر بانها اسماء سور او اسماء الله او اسماء القيامة او انها تدل على عدد من السنين او انها اسم الرسول؟ لا الله اعلم بمراده منها لكن يظهر يعني من حكمتها التحدي والاعجاز ولهذا ما ذكر الله عز وجل هذه الحروف المقطعة الا وذكر بعدها اسم القرآن ذكر القرآن واشار الى القرآن نصا كما في سورة البقرة الف لام ميم ذلك الكتاب وفي سورة ال عمران مثلا الف لام ميم الله لا اله الا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى قاف والقرآن المجيد وهكذا ما ذكر الله جل وعلا الحروف المقطعة الا واشار الى القرآن او الى ذكر القرآن بعدها الا موطنا واحدا وهو سورة مريم قال جل وعلا كاف هاء ياء عين صاد ذكر رحمة ربك عبده زكريا اذ نادى ربه نداء خفيا الى اخر الايات هنا لم يذكر القرآن نصا لكنه ذكره ضمنه فان معرفة رحمة ربي بعبده زكريا انما كان بالقرآن ما اين من اين علم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ومن اين علم انها رحمة من الله يقول جل وعلا احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون احسب الناس قال السمعاني الحسبان والظن متقاربان يعني تقول حسبت ان الامر كذا او ظننت او ظننت ان الامر كذا يعني متقاربا في المعنى قال الحسبان والظن متقاربان. وهو تغليب احد النقيضين على الاخر ثم قال والشك وقف بين نقيضين والعلم قطع بوجود احدهما يعني هذه الدلالات او هذه الكلمات الثلاث تستخدم في الامرين فان كان الانسان شاكا مترددا سمي ذلك شكا وان كان غلب احد الجانبين على الاخر يسمى ظنا او حسبانا واذا قطع بي احد الامرين يسمى علما فتقول اعلم ان الله على كل شيء قدير تقول اظن ان الذي قرأ او ام الناس هو فلان اظن واحسب يعني يغلب على ظني واذا كان الانسان مترددا شاكا يقول لا ادري من الذي صلى اهو فلان او فلان فالحاصل ان ان حسب هنا بمعنى ظن يعني غلب على ظنهم ولهذا يقول الطبري في تفسيرها احسب الذين خرجوا يا محمد من اصحابك من اذى المشركين اياهم ان نتركهم غير اختبار ولا ابتلاء امتحان وقال مجاهد احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون. يقول يبتلون في انفسهم واموالهم فالطبري يقول احسب اصحابك الذين خرجوا وهجروا الى الحبشة او هاجروا الى المدينة ايحسبون اه انا لا نبتليهم؟ يعني مجرد انهم هاجروا سلموا من الابتلاء والاختبار وانتهت المشكلة؟ لا لا من الابتلاء لان هذه الحياة ابتلاء كما قال جل وعلا هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسنوا عملا وقال جل وعلا لقد خلقنا الانسان في كبد فهذه الحياة ابتلاء واختبار وهذه سنة الله جل وعلا في خلقه ولهذا يقول ابن كثير احسب وقوله احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون. استفهام انكار ومعناه ان الله سبحانه وتعالى لا بد ان يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الايمان كما جاء في الحديث الصحيح ويشير الى الحديث الذي رواه الامام احمد والترمذي وقال الترمذي حديث حسن صحيح قال كما في الحديث الصحيح اشد الناس بلاء الانبياء ثم الصالحون ثم الامثل فالامثل يبتلى الرجل على حسب دينه. فان كان في دينه صلابة زيد في البلاء نعم وايضا جاء هذا الحديث بالفاظ اخرى اشد الناس بلاء يبتلى الناس على قدر ايمانهم فمن كان في دينه صلابة شدد عليه الحديث قال ابن كثير وهذه الاية يعني احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون. وهذه الاية كقوله جل وعلا ام حسبتم ان تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ومثلها في سورة براءة ايضا مثل هذه الاية وايظا في سورة البقرة يقول جل وعلا ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتيكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم بأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين امنوا معه متى نصر الله؟ الا ان نصر الله قريب ولهذا قال ها هنا ولقد فتنا الذين من قبلهم فلا يعلمن الله الذين صدقوا ولا يعلمن الكاذبين وهذه كما قدمنا مرارا من ميزة تفسير ابن كثير انه يفسر القرآن بالقرآن وينزع بالايات التي تبين الاية التي يتكلم عليها فهنا اورد جملة من الايات تبين انه لابد ان يفتن الناس ولابد ان تصيبهم البأساء والضراء ولابد ان يحصل لهم شيء كمل الابتلاء وهذه سنة الله في الخلق كلهم ولهذا قال ولقد فتنا الذين من قبلهم قال ابن قالت ابن جرير الطبري اي اختبرنا الذين قبلهم من الامم هذه سنة الله الابتلاء لا بد منه ولكن الابتلاء والاختبار من عباد الله من ينجح فيه ويحوز على الدرجات العلى ومنهم من يخفق فيه فلا يصبر او ينتقض ايمانه او يرتد او يترك امر الله الذي كان عليه قال ابن كثير ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين. اي الذين صدقوا في دعواهم الايمان. ممن هو كاذب في قوله ودعواه والله سبحانه وتعالى يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون. وهذا مجمع عليه عند ائمة السنة والجماعة. ولهذا يقول ابن عباس وغير يقول ابن عباس وغيره في مثل الا لنعلم اي الا لنرى وذلك ان الرؤية انما تتعلق بالموجود والعلم اعم من الرؤية فانه يتعلق بالمعدوم والموجود اراد ابن كثير رحمه الله ان يعني يفسر الاية ولقد فتن الذين من قبلهم اختبرناهم وابتلوناهم اه اختبرناهم وابتليناهم فليعلمن الله اه العلم هنا ليس معناه ان الله جل وعلا لم يكن يعلم ذلك فالله جل وعلا قد احاط علمه بكل شيء فهو العليم بما كان ولا وما لم يكن لو كان كيف يكون فعلمه جل وعلا متعلق ومحيط بالممكنات والمعدومات والمستحيلات ولكن العلم هنا في هذه الاية العلم هنا لاهل العلم فيه اقوال. فابن عباس كما ذكر ابن كثير قال الا لنعلم اي الا لنرى فالله علم ذلك لكن حينما يوجد هذا الامر ويخلقه الله يوجد المعلوم ويراه قبل ذلك كان قضاء ما كان موجودا وقال ابن وقال الامير الشنقيطي الا لنألم علما يترتب عليه الثواب والعقاب لان الله جل وعلا لا يؤاخذ العباد بعلمه السابق فالله جل وعلا يعلم ان ابليس آآ من اهل النار وانه سيكفر ويعلم ان فرعون من اهل النار ولكن الله جل وعلا لم يؤاخذ ابليس ولا فرعون ولا غيره من الكفار بعلمه السابق بل خلقهم واوجدهم وامرهم فكفروا واختاروا طريق الضلال وطريق الكفر. فالمراد بالعلم هنا العلم الذي يترتب عليه الثواب والعقاب وليس معناه ان الله لم يعلم ذلك قبل ذلك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا قال جل وعلا ولقد فتنا الذين من قبلهم فلا يعلمن الله الذين صدقوا في ايمانهم ولا يعلمن الكاذبين الذين كانوا يدعون الايمان ولكنهم كذبة اما انهم منافقون في بواطن امرهم وفي باطن قلوبهم واما انهم ادعوا ذلك لكن دعوة غير صادقة بمعنى انهم اذا فتنوا على دينهم وفي دينهم تركوا هذا الدين لانه لم يرسخ في قلوبهم فهم كذبة. بهذا الاعتبار قال جل وعلا ام حسب الذين يعملون السيئات ان يسبقونا ساء ما يحكمون؟ ام هنا هي المنقطعة بمعنى بل هو الهمزة بل احسب الذين يعملون السيئات وظنوا وغلب على ظنهم ان يسبقون فلا يسبقون فلا نستطيع ان نحاسبهم قال السعدي في تفسير هذه الاية ام حسب الذين يعملون السيئات ان يسبقون قال ام حسب الذين همهم الذين هم هم فعل السيئات وارتكاب الجنايات ان اعمالهم ستهمل وان الله سيغفل عنها او يفوتونه فلذلك اقدموا عليها وسهل عليهم عملها وقال الشوكاني في فتح القدير ان يسبقونا يسبقون يفوتون ويعجزون قبل ان نؤاخذهم بما عملوا شاء ما يحكمون شاء من افعال الذنب فقبح هذا الحكم وهذا الظن حيث حكموا انهم يسبقونا وانا لا نقدر على مجازاتهم ولا محاسبتهم قال الشيخ السعدي في تفسيره ساء حكمهم فانه حكم جائر لتضمنه انكار قدرة الله وحكمته وان لديهم قدرة يمتنعون بها من عقاب من عقاب الله وفسرها ابن كثير بما هو اعم من ذلك وربط المعنى بمعنى الاية التي قبلها فقال اي لا يحسبن الذين لم يدخلوا في الايمان انهم يتخلصون من هذه الفتنة والامتحان فان من ورائهم من العقوبة والنكال ما هو اغلظ من هذا واطم. ولهذا قال ام حسب الذين يعملون السيئات يسبقون ان يفوتون ساء ما يحكمون اي بئس ما يظنون ثم قال جل وعلا آآ او قبل ذلك نقول تقدير الكلام احسب الناس ان يتركوا وحسبوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون. هذا تقدير الكلام يعني اظن الناس والناس هنا المراد بها عموم الناس وحملها بعض المفسرين على ان المراد بها آآ قوم من قريش ادبهم قومهم سلمة بن هشام وعياش ابن ابي ربيعة والوليد ابن الوليد قالوا نزلت فيهم والصواب العموم هذا لعموم الناس فيا عبد الله لا تحسب انك تترك هكذا من غير ابتلاء واختبار لابد من الابتلاء والاختبار فاصبر لحكم ربك وتمسك بدينك والفرج قريب وابن كثير ابن جرير يقول احسب الناس ان يتركوا يقول اي يقولوا يقول احسب الناس ان يتركوا وهم لا يفتنون من اجل ان يقولوا امنا ثم قرره ايضا وقال والمعنى احسب الناس ان يتركوا احسبوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون. لانه قال ان يتركوا اي يقولوا فكأن معنى الكلام احسب الناس ان يتركوا وحسبوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون. والمعنى ايظن الناس انهم اذا قالوا امنا يتركون من غير ابتلاء ولا فتنة لا اه يؤمنون ويفتنون ويبتلون ويتبين من الصادق يتبين الصادق من الكاذب هذا فيه بيان ان الانسان يوطن نفسه على الابتلاء والاختبار وان الله سبحانه وتعالى يبتلي عباده المؤمنين وانه ما ينزل بك من الابتلاء والمصائب والشدة وبعض الامور هذا امر لا بد منه ولكن انت ما موقفك؟ هو الصبر على الابتلاء فان الابتلاء يكون على قدر الايمان الابتلاء يكون على قدر الايمان كما جاء في الحديث الذي اشرنا اليه. الامثل فالامثل يبتلى الناس على قدر دينهم فاصبر لحكم ربك. ثم قال جل وعلا من كان يرجو لقاء لقاء الله فان اجل الله لات وهو السميع العليم من كان يرجو لقاء الله وهذا هذه الاية وامثالها كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية تدل على اثبات رؤية الله يقول لان اثبات اللقاء اثبات اللقاء يدل على اثبات الرؤية ولهذا احتج بها اهل السنة على المعتزلة وامثالهم الذين ينكرون الرؤية اه من كان يرجو لقاء الله فان اجل الله لات الاجل الذي اجله الله لك ولقاء الله موتك ساعة موتك وساعة ايضا الوقوف بين يدي الله عز وجل في الاخرة لا ات ولا بد منه ولا يتأخر وهو جل وعلا السميع العليم السميع الذي احاط سمعه بكل بكل الاصوات فلا يخفى عليه شيء وهو بكل شيء سميع وهو العليم الذي احاط علمه بكل شيء وهذا فيه تسلية يعني في هذه الاية من كان يرجو لقاء الله فان اجل الله لات في تسرية للمؤمن فاصبر على ما انت فيه من الابتلاء ومن الفتن فان لقاء الله قادم وهو ات وكل ما هو ات فهو قريب ولهذا يصور هذا المعنى السعدي رحمه الله في تفسير فيقول يخبر تعالى عن تمام حكمته وان وان حكمته لا تقتضي ان كل من قال انه مؤمن وادعى لنفسه الايمان ان يبقوا في حالة يسلمون فيها من الفتن والمحن ولا يعرض لهم ما يشوش عليهم ايمانهم وفروعه فانه لو كان الامر كذلك لم يتميز الصادق من الكاذب والمحق من ولكن سنته وعادته في الاولين وفي هذه الامة ان يبتليهم بالسراء والظراء والعسر واليسر والمنشط والمكره والغنى والفقر وادانة وادانة الاعداء وازالة الاعداء عليهم في بعض الاحيان ومجاهدة الاعداء بالقول والعمل ونحو ذلك من الفتن التي ترجع كلها الى فتنة الشبهات المعارضة للعقيدة والشهوات المعارضة للارادة يعني الفتن والابتلاءات اللي تحصل للانسان تحصل في هذين البابين اما في باب الشبهات واما في باب الشهوات الفتن ما يفتن به الانسان اما ان يكون في باب الشبهات في الاعتقاد واما ان يكون في باب الشهوات. يقول رحمه الله يقول فمن كان عند ورود الشبهات يثبت ايمانه ولا يتزلزل ويدفعها بما معه من الحق وعند ورود الشهوات الموجبة والداعية الى المعاصي والذنوب او الصارفة. عما امر الله به ورسوله يعمل بمقتضى الايمان ويجاهد شهوته او دل ذلك على صدق ايمانه وصحته اذا اه الشبهات في الاعتقاد تدفع بالايمان والشهوات تدفع بمجاهدة النفس قال ثم قال رحمه الله ومن كان عند ورود الشبهات تؤثر في قلبه شكا وريبا وعند اعتراض الشهوات تصرفه الى المعاصي او تصدفه عن الواجبات دل ذلك على عدم صحة ايمانه وصدقه والناس في هذا المقام درجات لا يحصيها الا الله. فمستقل ومستكثر فنسأل الله تعالى ان يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة وان يثبت قلوبنا على دينه فالابتلاء والامتحان للنفوس بمنزلة الكير يخرجوا خبثها وطيبها ثم قال عند قوله من كان يرجو لقاء الله فان اجر الله لا ات قال يعني يا ايها المحب لربه المشتاق لقربه ولقائه؟ المسارع في مرضاته ابشر بقرب لقاء الحبيب فانه ات وكل ات انما هو قريب فتزود للقائه وسر نحوه مستصحبا الرجاء مأملا الوصول اليه ولكن ما كل من يدعي يعطى بدعواه ولا كل من تمنى يعطى ما تمناه فان الله سميع للاصوات عليم بالنيات فمن كان صادقا في ذلك اناله ما ومن كان كاذبا لم تنفعه دعواه وهو العليم بمن يصلح لحبه ومن لا يصلح هذا كلام الحقيقة في غاية الجمال والبيان ثم قال ابن كثير من كان يرجو لقاء الله في الدار الاخرة وعمل الصالحات رجاء ما عند الله من الثواب الجزيل فان الله سبحانه سيحقق له رجاءه ويوفيه عمله كاملا موهورا فان ذلك كائن لا محالة لانه سميع الدعاء بصير بكل الكائنات ولهذا قال من كان يرجو لقاء ربه فان اجل الله لات ونحوه قال الطبري من كان يرجو الله يوم القيامة ويطمع في ثوابه فان اجل الله الذي اجله لبعث خلقه للجزاء والعقاب لات اه قريبا ثم قال ومن جاهد فانما يجاهد لنفسه ان الله غني عن العالمين. المجاهدة يعني هي بذل الجهد والمشقة بذل الجهد في تحصيل امر او دفعه يبذل جهده وطاقته في تحصيل امر او في دفعه والتخلص منه وكلاهما يجتمع في حق المؤمن الجهاد جهاد النفس على الطاعة وعلى الواجبات التي امر الله بها وجهادها على منعها من الوقوع فيما حرم الله جل وعلا عليها ولهذا يقول ابن كثير ومن جاهد فانما يجاهد لنفسه كقوله من عمل صالحا بل لنفسه اي من عمل صالحا فانما يعود نفع عمله على نفسه. فان الله غني عن افعال العباد. ولو كانوا كلهم على اتقى قلب رجل منهم ما زاد ذلك في ملكه شيئا. ولهذا قال ومن جاهد فانما يجاهد لنفسه. ان الله غني عن العالمين وقال الحسن البصري ان الرجل ليجاهد وما ضرب يوما من الدهر بسيف يعني يبين انه ليس المجاهدة هنا المراد به الجهاد في سبيل الله وقتال الاعداء بل هو اعم من ذلك وقتال الاعداء من المجاهدة ومن الجهاد لكن ايضا مجاهدة الانسان لنفسه على عمل الطاعات وترك عمل سائر الطاعات وترك سائر المعاصي ايضا هذا من آآ المجاهدة وابنه وابن جرير الطبري يحمل تفسير الاية على معنى اخص فيقول ومن يجاهد عدوهم من المشركين فانما يجاهد لنفسه لانه يفعل ذلك ابتغاء الثواب من الله على جهاده والهرب من فابنك ابن جرير ظاهر الكلام ظاهر كلامي انه يحمله على الجهاد في سبيل الله. الذي هو القتال وهذا فيه نظر نعم هذا لا شك يدخل في ذلك دخول اولية. لكن جهاد النفس اعم من ذلك اعم من ذلك. ولهذا يقول الشيخ السعدي رحمه الله. ومن جاهد نفسه وشيطانه وعدوه الكافر. لاحظ هذا عدو الكافر الذي ذكره من جرير الطبري ولكن ايضا جهاد النفس جهاد الشيطان كله يدخل في المجاهدة وفي الجهاد. تحتاج الى جهاد. قال فانما يجاهد لنفسه يعني لا منة له على الله جهاده لنفسه وثواب ذلك راجع له وهو المستفيد من هذا يقول الشيخ السعدي فانما يجاهد لنفسه لان نفعه راجع اليه وثمرته عائدة اليه والله غني عن العالمين. لم يأمرهم بما امرهم به لينتفع به ولا نهاهم عما نهاهم عنه بخلا عليهم وقد علم ان الاوامر والنواهي يحتاج المكلف فيها الى جهاد لان نفسه تتثاقل بطبعها عن الخير وشيطانه ينهاه عنه وعدوه الكافر يمنعه من اقامة دينه كما ينبغي وكل هذه معارضات تحتاج الى مجاهدات وسعي شديد فقد افاد واجاد رحمه الله ثم قال جل وعلا اه والذين امنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم احسن الذي كانوا يعملون بين جل وعلا آآ ثواب الذين جاهدوا وهم الذين امنوا وعملوا الصالحات. جمعوا بين الايمان وهو التصديق القلبي انتقادات القلبية بما امر الله بالايمان به واضافوا الى ذلك الاعمال الصالحة بجوارحهم. ولهذا اهل السنة يقول الايمان قول واعتقاد وعمل وهذه الاية وامثالها تشمل ذلك لان الايمان يشمل اعمال القلوب والاعتقادات الخاصة والاعمال الصالحة تشمل اعمال اللسان وهي القول وتشمل ايضا اعمال الجوارح وسائر الجوارح فهؤلاء الذين جمعوا بين الايمان والعمل الصالح وليس العمل السيء وانما الصالح الذي اجتمع فيه الاخلاص لله جل وعلا والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم لنكفرن عنهم سيئاتهم يكفر جل وعلا عنهم السيئات ويتجاوز عنها جزاء وفاقا جل وعلا بل كرما منه كرما منه وجود وفضل قال جل وعلا ولنجزينهم احسن الذي كانوا يعملون لا نقتصر على الحسنة بالحسنة بل نجزيهم بذلك افضل واعظم فالحسنة بعشر امثالها الى سبع مئة ضعف قال ابن كثير ثم اخبر انه مع غناه عن الخلائق جميعهم من احسانه وبره من احسانه وبره بهم يجازي الذين امنوا وعملوا الصالحات احسن الجزاء وهو انه يكفر عنهم اسوأ الذي عملوا ويجزيهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. فيقبل القليل من الحسنات ويثيب عليها الواحدة بعشر امثالها الى سبع مئة وقف ويجزي على السيئة بمثلها او يعفو ويصفح كما قال تعالى ان الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها ويؤتي من اجرا عظيما وقال ها هنا والذين امنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم احسن الذي كانوا يعملون ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد