مثلهم كمثل الذي استوقد نارا المنافقون قسمان رؤوس واتباع فظرب الله مثلين المثل الاول المثل الناري وهذا للرؤوس وضرب المثل المائي للاتباع فقال عن رؤوسهم مثلهم كمثل الذي استوقد نارا واستوقد بمعنى او قد او قد النار والسين فيه للتوكيد كقوله استجاب الله لكم يعني اجاب الله لكم وكذلك استوقد يعني اوقد مثلهم كمثل رجل او قد نارا فلما اضاءت ما حوله اضاءت وانتشر الظوء والنور ورأى الاشياء التي حوله على حقائقها ذهب الله بنورهم اظلم وهذا مثل المنافق الذي رأى الايمان فامن في اول الامر فلما امن رأى الامور على حقائقه وعرف الحق من الباطل وعرف الهدى من الضلال لكن سرعان ما ذهب ايمانه فوقع في ظلمة ذهب الله بنورهم بسبب اعمالهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون تركهم في ظلمات ظلمة الكفر وظلمة النفاق وظلمة الجهل ظلمات بعضها فوق بعض لا يبصرون لا يبصرون الحق فيرجعون اليه ولهذا قال صم بكم عميون. صم عن سماع الحق بكم عن النطق بالحق عمي عن ابصار الحق واتباعه ولهذا قال فهم لا يرجعون الى الحق لا يرجعون ابدا وهذا دليل على قبح ما هم عليه الاخرون اقل حالا منهم لكن هؤلاء ابصروا مرة واحدة ورأوا الامور على حقائقها فعرفوا الحق ثم بعد ذلك ذهب الله بنورهم بسبب كفرهم ونفاقهم فصاروا لا يسمعون الحق سماع من ينتفع به ولا يبصر الحق ابصار من يتبعه ولا يرون الحق رؤية من يتبعه ويعمل به. وليس المراد الاسماع والالات الالات موجودة. لكن المراد كما قال الامير الشنقيطي وغيره سم عن سماع الحق بكم عن النطق به عمي عن رؤيته واتباعه. فهم لا يرجعون ابدا. حكم الله عليهم بانهم يموتون على النفاق ثم ذكر الاتباع قال او كصيب واو هنا للتنويع او تأتي هنا للتنويع فذكر نوعين ذكر النوع الاول وهم الرؤساء وضرب لهم مثلا ناريا ثم ذكر الاتباع فقال او كصيد من السماء يعني او مثلهم النوع الثاني مثلهم كصيب والصيب هو المطر صاب يصوب صوبا اذا وقع بشدة فالمراد بالصيب هو المطر او كصيب من السماء فالمطر الذي ينزل من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق. هذا الصيب وهذا المطر فيه ظلمات ظلمة الليل وظلمة السحاب فيه ظلمات ورعد وفيه رعد وصوت قوي وبه برق وهو لمعان البرق قال ابن جرير الطبري وغيره المراد الظلمات ما هم فيه من من النفاق والرعد قال مواعظ القرآن وزواجر القرآن تقرع اسماعهم فتزلزلهم كما يزلزل الرعد وبرق يبصرون الحق احيانا فيتبعونه لكن يعودون في ظلمتهم والاغلب عليهم الظلمة يجعلون اصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت لما يسمعون صوت الصوائب والصواعق جمع صاعقة وهي قطعة من نار حينما يحصل الرعد والبرق تنقطع وهناك حديث لو كان المقام يتسع لذكرته لكن الحاصل انها تكون مدوية وتصعق الغالب انها اذا سقطت تصعق من تقع عليه وهذه لغة قريش الصواعق ولغة بني تميم الصواقع وهي ايضا لغة فصيحة لكن القرآن جاء بلغة قريش يجعلون اصابعهم في اذانهم لماذا من الصوائب من شدة او النصوص ومن شدة المواعظ يجعلون اصابعهم في اذانهم لماذا؟ حذر الموت حذرا من الموت وخوفا من الموت والله محيط بالكافرين قد احاط بهم وهم في قبضته ولا يغنيهم ولا لا يغنيهم ولا يجدي عنهم ان يضعوا اصابعهم في اذانهم. وكذلك المنافقون الذين يرون الحق ثم يعرضون عنه الله لهم بالمرصاد وهم في قبضته جل وعلا ثم قال يكاد البرق يخطف ابصارهم يكاد يعني يقرب البرق ان يخطف ابصارهم لان البرق ضوء والانسان اذا كان في ظلمة فرأى البرق ورأى النور بقوة يكاد يخطف بصره فكذلك زواجر القرآن وما فيه من الحق لقوتها تكاد تخطف ابصارهم لانها مظلمة وهم في ظلمة النفاق تخطف ابصارهم كلما اضاء لهم مشوا فيه كلما اضاء البرق ولمع ولكنه لا يطول وقته يمشون فيه ويتقدمون قليلا وهذا دليل انهم ليسوا مثل الرؤساء الذين مر معهم في المثل الناري مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فاولئك لا يبصرون ابدا فهم لا يرجعون. اما هؤلاء يبصرون احيانا ويرجعون احيانا. وهؤلاء هم الاتباع من منافقين كلما اضاء لهم واذا اظلم عليهم قاموا اذا اظلم وانقطع وتوقف البرق قاموا اي وقفوا وثبتوا في مكانهم لانهم ما يبصرون ولا يرون ولو شاء الله لذهب بسمعهم وابصارهم لو شاء الله لذهب بالاسماء التي معهم والابصار ان الله على كل شيء قدير فان الله جل وعلا على كل شيء قدير لا يعجزه شيء واختم بها هناك عبارة ربما انطلت على بعض المفسرين من اهل السنة فرددوها في كتبهم وهم لا يعقلون معناها لان منشأ هذه الكلمة من المعتزلة واتباعهم فتجده يقول والله على كل مقدور قدير والله سميع بكل مسموع والله بصير بكل مبصر وهذا القول غلط لان هذا منشأه قول المعتزلة لان المعتزلة يعلقون صفات الله بالممكن دون المستحيل يكون بكل مبصر بكل مقدور سبحان الله! والله جل وعلا يقول ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه اليس رد الميت من المستحيل ومع ذلك لو ردوا الله اخبر انه لو حصل هذا المستحيل اخبر ماذا سيفعلون ولهذا نقول ان الله على كل شيء قدير كما اطلق جل وعلا