ثم قال سبحانه وتعالى ان الله لا يستحيي ان يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها قالوا سبب نزول هذه الاية انه لما ضرب الله هذين المثلين السابقين قالت اليهود ما بال هذه الاشياء يضرب بها المثل هذا مروي عن مروي يعني جاء عن اليهود الذي اظنه عن السدي جاء عن الصديق فقالوا لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين نعم جاء رواه السدي في تفسيره عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة وهذا الاسناد يحسنه بعض اهل العلم قالوا لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين يعني قولهم قولهم يعني قوله جل وعلا مثل الذين مثلهم كمثل الذي استوقد نارا يعني المثلين المثلان اللذان مرا معنا بالامس المثل الناري والمثل المائي لما ضرب للمنافقين قال المنافقون الله اعلى واجل من ان يضرب هذه الامثال فانزل الله عز وجل هذه الاية وجاء عن قتادة انه قال لما ذكر الله تعالى العنكبوت والذباب في القرآن قال المشركون ما بال العنكبوت والذباب تذكران يعني اشياء تافهة لماذا لماذا تذكر بالقرآن؟ ما بالها تذكر في القرآن؟ وهي اشياء حقيرة فانزل الله عز وجل ان الله لا يستحي ان يضرب مثلا ومعنى لا يستحي قال المفسرون يعني لا يستنكف لا يستنكف او لا يخشع ولا يمنعه الحياء من ضرب المثل ولو كان مثلا حقيرا ما دام انه يثبت الحق ما دام انه يثبت به الحق فالله لا يستحي من ضرب المثل ولا يستنكف ولا يخشى جل وعلا فيضرب المثل ولو كان شيئا حقيرا مثل الذباب الذباب والبعوض ما دام انه يثبت الحق والله لا يستحي منه ولا يخشى منه جل وعلا يؤخذ مفهوم المخالفة ان الله يوصف بالحياء وهو كذلك فالله يوصف بالحياء كما جاء في الحديث ان الله حيي ستير ان الله حيي ستير يحب الحياء والستر فاذا اغتسل احدكم فليستتر حديث رواه ابو داود وصححه الشيخ الالباني وفي حديث اخر عند الترمذي وعند ابي داوود وصححه الشيخ الالباني في صحيح الترغيب ايضا من حديث سلمان ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله حيي كريم يستحيي يستحي اذا رفع الرجل اليه يديه ان يردهما صفرا صفر يعني خاليتين فارغتين جل وعلا الله متصل بالحياء ولكن ليس كاحياء المخلوقين ليس كمثله شيء وهو السميع البصير جل وعلا اذا الله يوصفه بالحياء ان الله لا يستحي يعني لا يستنكر لا يخشى لا يمتنع من ان يضرب مثلا في البعوضة فما فوق البعوضة ما دام انه يثبت الحق ان الله لا يستحي ان يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فما فوقها قيل معناه ما فوقها في الخلقة يعني ما اكبر منها كالذباب فما فوقه ولم يضرب مثلا باقل من البعوضة وقال بعضهم فما فوقها ليس المراد ما هو اكبر منها يعني ما هو فوقها ما هو فوقها في الحقارة يعني ما هو اصغر منها قال بهذا بعض المفسرين والاصل حمل الكلام على ظاهره وعلى معموده وعلى معهود استعماله الا اذا دل دليل على خلاف ذلك وقد ذكر شيخنا الشيخ ابن عثيمين وغيره انه بالتتبع ان الله ما ضرب مثلا في القرآن اقل من البعوض ضرب بالذباب وهي اكبر من بعوض وظرب امثلة كثيرة ان الله لا يستحي ان يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها. ثم ذكر حال الناس عند ضرب المثل. الناس عند ضرب المثل قسمان لا ثالث لهما قال فاما الذين فاما الذين امنوا فيعلمون انه الحق من ربهم. يعلمون ان هذا المثل حق من عند الله وانه يدل على الحق ويثبت الحق فيؤمن به فتثبت له قلوبهم ويتعظون به واما الذين في واما الذين كفروا كفروا ستروا الحق وغطوه وغطوا الايمان فيقولون ماذا اراد الله بهذا مثلا هذه عادتهم الاعتراض على الحق المؤمن يقول سمعنا واطعنا صدق الله صدق رسوله صلى الله عليه وسلم والكافر يقول لا يعترض ماذا اراد الله بهذا مثلا ماذا يريد الله عز وجل بهذا المثل؟ ما بال البعوض والذباب تذكران الله اعلى واجل من ان يضرب هذه الامثال ثم فصل الله هذا كلام مستأنف جديد هذا كلام الله كلام الكفار ينتهي ماذا اراد الله بهذا مثلا فاستأنف كلاما جديدا هو من كلامه جل وعلا قال يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا يظل الله بهذا المثل كثيرا من الناس ويهدي به كثيرا من الناس فالمؤمنون يهتدون به والذين يخبتون لربهم ويستمعونه ويصدقون يؤمنون وينتفعون به اعظم الانتفاع والكفار المتكبرون يزدادون به كفرا ويكفرون ويزدادون كفرا الى كفرهم يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به الا الفاسقين سبحان الله لا يضل بالمثل اذا ضربه الله الا الفاسق والفاسقون مأخوذ من الفسق والفسق في اللغة الاصل فيه الخروج الاصل فيه الخروج ومنه قولهم فسقت الرطبة اذا خرج لبها من قشرتها فسقت الرطبة يعني اذا امسكت الرطبة فضغطت عليها بيدك وخرج لبها من قشرتها يقال فسقت الرطبة لانها خرجت من قشرتها والفاسقون في القرآن هم الخارجون عن طاعة الله الى معصيته والفسق فسقا فسق مخرج من الملة والمقصود هنا وفسق دون فسق معصية لا يصل الى درجة الكفر لكن هنا هم الكفار الفاسقون يعني الخارجون عن طاعة الله الكفار الذين خرجوا عن طاعة الله الى معصيته ثم قال جل وعلا ايضا ذاكرا شيئا من صفاتهم قال الذين ينقضون عهد الله من بعده ميثاقه ينقضون عهد الله والنقض الاصل فيه افساد افساد ما ابرم من بناء او حبل او نحوه هذا هو الاصل النقض افساد ما ابرم من بناء او حبل اه او عهد ونحو ذلك. والميثاق هو العهد الشديد العهد الشديد الموثق فهؤلاء ينقضون عهد الله يبطلونه وعهد الله هنا فيه خلاف بين العلماء فمنهم من قال العهد المخاطب هنا اليهود وعهد الله هو الذي اخذه عليهم بان يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وان يخبروا عن صفته فنقضوا هذا العهد وقال بعضهم العهد هنا ما اخذه الله على ذرية ادم لما خلقهم واستنطقهم وهم في ظهر ادم الست بربكم؟ قالوا بلى وقال بعض المفسرين بل العهد هنا وما اخذه الله على العباد من وجوب الايمان برسله وكتبه وما جاء فيها الله اخذ علينا الميثاق بهذا ان نؤمن هؤلاء ينقضون هذا العهد هذا الميثاق فيكفرون بالله عز وجل بدل الايمان الذين نعم ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما امر الله به ان يوصل كالارحام فلا يصلون ارحامهم بل يقطعونها كما قال جل وعلا فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم وايضا يدخل فيه قطع كل ما امر الله بوصله اوله الايمان ونصرة الحق نصرة الانبياء والرسل وهم يقطعون هذا الامر ولا يصلونه ولا يقومون به ويقطعون ما امر الله به ان يوصل ويفسدون في الارض علاوة على ذلك. وقد مر معنا بالامس ان الافساد في الارض يراد به العمل فيها بالمعاصي وكذلك يفسدون في الارض يعني يعملون فيها بمعصية الله ويفسدون في الارض اولئك هم الخاسرون اتى باسم الاشارة الدال على البعيد لبيان بعد مكانتهم في الشر والفساد والعناد نعوذ بالله هم الخاسرون الذين خسروا انفسهم فبدل ان تربح انفسهم بالايمان ويدخلون الجنة خسروا بسبب كفرهم فخسروا انفسهم واوردوها النار واي واي خسارة اعظم من هذه الخسارة؟ نسأل الله العافية والسلامة ثم قال جل وعلا كيف تكفرون بالله وكنتم امواتا كيف هنا استفهام انكاري تعجبي فهو ينكر عليهم ويتعجب من حالهم فكيف تكفرون بالله كيف يكفر الكفار بالله وكنتم امواتا حينما كانوا في اصلاب ابائهم كانوا عدما فاحياكم الى الدنيا ثم يميتكم يخرج ارواحكم من هذه الدنيا ثم يحييكم يوم القيامة يبعثكم ثم اليه ترجعون مرجعكم ومآلكم ومردكم اليه الله عز وجل يستنكر عليهم ينكر عليهم انكار تعجب يعني الستم تعرفون انكم كنتم امواتا؟ تعرفون هذا. فاحياكم الله في الدنيا ثم يميتكم ثم يبعثكم كيف تكفرون كفى بهذه بهذا عبرة وهذا كما قال جل وعلا في اية اخرى قالوا ربنا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتين فهل الى فاعترفنا بذنوبنا الاية لان الخلق يا اخوان من اعظم ايات الله انت الان انسان حي تفهم وتعقل طيب ما الذي احياك من الذي اوجدك ولم تكن شيئا تو والله والذي اوجدك واحياك ثم يميتك قادر على اعادتك مرة اخرى جل وعلا هذا فيه تقرير توحيد الالوهية لان من يعلم اولا تقرير توحيد الاسمى والصفات تقرير الايمان تقرير البعث والنشور وفيه وجوب الاستعداد بعبادة الله عز وجل لما ينجي في هذا اليوم حينما يبعث الناس