وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكون من الظالمين وقلنا القائل هو الله وهذا دليل على ان القرآن كلام الله وان الله يقول ويتكلم كلاما حقيقيا صفة الله وليس كلام الله عبارة عن قول الله بل هو قوله صفته تكلم به بصوت وحرف كما قرره اهل السنة وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك انت وزوجك الجنة ادم قيل له ادم لانه مخلوق من اديم الارض من اديمها من ظاهرها والادمة في الاصل هي السمرة وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك وزوجك حواء وهذا هو الافصح ان يقال للمرأة المرأة زوج الرجل. عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه واله وسلم وجاء في السنة زوجة ايضا صحيح فصيح انت وزوجك الجنة وتنازع العلماء ما هي الجنة فمنهم من قال انها جنة في الدنيا والصواب انها جنة الخلد والدليل على ذلك حديث القرآن. قال جل وعلا ان لك الا تجوع فيها ولا تعرى هذا لا يكون الا في جنة الخلد اما جنان الدنيا حتى لو كنت وسط المزرعة ووسط الجنة الدنيا يأتيك الجوع وايضا استدلوا بالحديث الذي في الصحيحين البخاري ومسلم حديث الشفاعة وان الناس يقولون يا ادم خلقك الله بيده واسكنك جنته فاشفع لنا عند ربه اسكنك جنته ثم الاصل بالالف واللام انها للعهد الجنة المعهودة للمخاطبين وهي جنة الخلد هذا هو الصحيح وقد حرره ابن القيم في مفتاح دار السعادة واطال في جلب الادلة في بيانه فالجنة هي جنة الخلد لكن في ذلك الوقت لم تكن دار بقاء لكن الان من دخل الجنة لا يخرج منها لكن في ذلك الوقت كانت دار ابتلاء يعني الله عز وجل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فهي جنة الخلد وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها اي من الجنة رغدا اي هنيئا واسعا طيبا الرغد هو العيش الواسع الهنيء المريح رغدا حيث شئتما يعني من من اي شجرة شئتم في الجنة ولا تقربا هذه الشجرة نهاهم عن شجرة بعينها وقد اقنب المفسرون فمنهم من قال انها الكرم يعني العنب منهم من قال السنبلة منهم من قال الحنطة منهم من قال البر منهم من قال الزيتون منهم من قال النخلة ولكن لا دليل على واحد من هذه الاقوال فنقول شجرة بعينها يعرفانها نهاهم الله عز وجل عنها والله اعلم واي شجرة هي ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. الفأل السببية فتكون بسبب قربانها من الظالمين الذين ظلموا انفسهم بمعصية الله عز وجل لان الظلم انواع والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه فظلم نفسه هنا بمعصيته لله عز وجل. وقد يكون الظلم كفرا ان الشرك لظلم عظيم وقد يكون دون ذلك فازلهم الشيطان عنها فازلهما يعني اوقعهما في الزلل وقرأ فازالهما. قرأ حمزة فازالهما الشيطان ومعنى ازالهما يعني نحاهما وباعدهما فاذلهما واوقعهما في الزلل عنها يعني عن طاعة الله بهذه الشجرة ازلهم وقعه بالزلل فاكل من الشجرة التي نهي عنها فازاله فازلهما عنها فاخرجهما مما كانا فيه. اخرجهما كان سببا في خروج ادم وزوجه من الجنة هذا دليل المعصية ما يستهان فيها والناس اذا قال اذا ما عندي من المعاصي الا هذا انا بخير لا تستهين بالمعصية يا اخي لا تستهين بالمعصية مهما كان قد تكون سبب زوال النعمة التي فيك وخاصة الظلم نسأل الله العافية والسلامة قال فاخرجهما مما كان فيه يعني من نعيم الجنة وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو اهبطوا الهبوط هو النزول من اعلى الى اسفل وهذا استدل به الذين يقولون هي جنة الخلد بعضكم لبعض عدو يعني ادم وحواء وابليس ادم وحواء حزب وابليس حزب اخر فقال اهبط حالة كونكما اعداء لبعضكم ولهذا بعض الناس يطيع الشيطان يطيع العدو والله جل وعلا يقول ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا يا اخوان بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى الحين الى حين لكم في الارض مستقر تستقرون فيها وتعيشون على ظهرها ومتاع يمتعكم الله عز وجل بما يرزقكم ويعطيكم فتمتعون مدة لكن الى حين الى اجل الى وقت قيل الى يوم القيامة وقيل بل المراد به اجل الانسان فادم وحواء وابناؤهم الى حين الى حين ما يأتي اجله الذي لا يستأثر عنه ولا يتقدم وبالنسبة لابليس الى يوم القيامة فانتم تستقرون وتعيشون وتمتعون الى حين الى وقت واجل قيام الساعة ثم تردون الى الله جل وعلا ويجازى كل عام من في عمله ثم قال سبحانه وتعالى فتلقى ادم من ربه كلمات قال ابن كثير قيل ان هذه الكلمات مفسرة بقوله قال ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين هذه هي الكلمات وهي التوبة الى الله جل وعلا فتلقى ادم هذه الكلمات تلقاها من الله وقال بها وتاب واناب فتاب الله عليه ولهذا لله افرح بتوبة احدكم من صاحب الراحلة اظلها في ارض فلاة وعليها طعامه وشرابه ثم وجدها بعد ان ايس منها ولما وجدها قال اللهم انت عبدي وانا ربك اخطأ من شدة الفرح فالله يحب التوابين ويحب المستغفرين المنيبين الراجعين ولهذا قال فتاب وهذا الفات تدل على الترتيب والتعقيب فلما تلقى ادم الكلمات وقال وتاب واناب مباشرة تاب الله عليه سبحانه وتعالى انه هو التواب الرحيم التواب الذي يتوب على عباده هذه الصيغة مبالغة الرحيم الذي يرحم خلقه من رحمته ان يوفقهم للتوبة ثم يقبلها منهم قل اهبطوا منها جميعا فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون قل اهبطوا منها قيل ان هذا هبوط اخر غير الهبوط الاول والصواب انه الاول لكن من باب التأكيد من باب التأكيد لان القرآن فيه تأكيد وان صار وان كان الاصل هو التأسيس لكن ايضا هنا قال اهبطوا منها جميعا وهناك في الاية التي مرت يقول قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو. هنا قال جميعا نبيه زيادة تأكيد. ومن هنا قال بعض اهل العلم وبعض المفسرين انه هبط ادم وحواء وابليس والحية الحية هي التي كانت سبب في دخول ابليس وهذا ايضا من اخبار بني اسرائيل التي لا يعول عليها اهبطوا اهبطوا منها جميعا فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون اهبطوا من من الجنة جميعا الى الارض فاما يأتينكم مني هدى يعني اذا جاءكم مني هدى هدى الله وهدى الله قال العلماء هدى الله المراد به البينات والبيان والرسل والرسالات يعني المراد بهدى الله الكتب والرسل فالكتب نزلت بهدى الله والرسل جاؤوا بهذا الهدى ويدعون اليه ويأمرون به فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال ابو العالية الهدى الانبياء والرسل والبينات والبيان وقال مقاتل بن حيان الهدى محمد صلى الله عليه واله وسلم وقال الحسن الهدى القرآن وهذا قال ابن كثير وهذا وهذان القولان صحيح ان وقول ابي العالية اعم فهنا قال من تبع هداي تبعه واخذ به وعمل بما فيه فلا خوف عليهم في الدنيا فلا خوف عليهم فيما يستقبلهم ولا هم يحزنون على ما فاتهم هكذا من امن بالله واتبع الرسول واخذ بالحق لا خوف عليه في الدنيا لا خوف عليه فيما يستقبل لا يخاف ولا يحزن على ما فاته قد يعيش فقير في الدنيا لكن والله لا يحزن في الاخرة اذا ادخله الله الجنة ما فاته شيء فلا يحزن على ما فاته لعظم النعيم الذي يجده عند الله سبحانه وتعالى وقال لاية اخرى قال ابن عباس في تفسير هذه الاية او كما اشار الى اية سورة طه قال اهبطا منها جميعا. بعضكم لبعض عدو. فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى هذا معنى لا يخاف لا خوف عليهم ولا هم يحزنون لا يضلوا ولا يشقى. قال ابن عباس لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الاخرة فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا باياتنا اولئك اصحاب النار وهم فيها خالدون كفروا ستروا الحق وغطوه وتنكبوا طريق الهداية وكذبوا بالايات جمع اية وهي الدلائل والعلامات التي جعلها الله دالة عليه ودالة على الحق فجمعوا بين الكفر والتكذيب اولئك اسم اشارة دال على البعيد لبيان بعد المنزلة التي بلغوها من الشر والفساد اصحاب النار اي الملازمون لها لان الصحبة بمعنى الملازمة. يقال فلان صاحب فلان لشدة ملازمته له. فاصحاب النار يعني الملازمون لها ابد الاباد اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون الخلود هو المكث الطويل ولكن جاء تأكيده بابدا خالدين فيها ابدا فدل على انهم ماكثون فيها ابد الاباد لا يقضى عليها عليهم فيموتوا وما هم منها بمخرجين نسأل الله العافية والسلامة