ثم قال سبحانه وتعالى ان الذين امنوا والذين هادوا والنصارى بعد ان ذكر جملة من افعال يهود وقبائحهم وخزاياهم اردف ببيان بصنف المؤمنين من كل احد فقال ان الذين امنوا الذين امنوا المراد بهم المسلمون وسبق ان ذكرنا ان الايمان هو التصديق عن اقرار وهو الايمان بكل ما امر الله عز وجل به يدخل فيه اركان الايمان الستة واركان الاسلام وما امر الله به ورسوله ان الذين امنوا والذين هادوا الذين هادوا اي اليهود مأخوذ من هذا يهود اذا تاب الا هم يهود كيلو وقيل نسبة الى التوبة. يقال هذا يهود هودا اذا تاب ورجع فقيل لهم يهود باعتبار اصلهم الذين تابوا ورجعوا وقال بعضهم بل نسبة الى يهودا وهو الابن الاكبر اليعقوب الابن الاكبر ليعقوب اسمه يهودا واليهود نسله فنسبوا اليه والذين هادوا والنصارى النصارى جمع نصراني واليهود هم اتباع موسى والنصارى اتباع عيسى الذين ارسل اليهم عيسى على انبياء الله جميعا الصلاة والسلام وقيل له نصارى قالوا لانهم نصروا نصروا عيسى قال من انصاري الى الله؟ قال الحواريون نحن انصار الله وقيل لانهم كانوا يتناصرون وقيل انهم سكنوا قرية يقال لها الناصرة وهذا المدح ليس لكل اليهودي وليس لكل النصارى وانما لاولئك اليهود الذين اطاعوا الله ورسوله في زمن موسى ويعود على اولئك النصارى الذين اطاعوا الله ورسوله في زمن عيسى واما اليهود اليوم والنصارى اليوم فهم ظلال اليهود قد غضب الله عليهم والنصارى قد ظلوا عن الحق وكلهم كفار كما قال جل وعلا وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله لكن هل المدح لمن كانوا على الايمان في ذلك الزمان وهذا دليل يا اخوان ان الاسم لا يكفي لابد من العمل لو قال الانسان انه مؤمن وانه مسلم وانه الدعاوى اذا لم يكن عليها بينات فاصحابها ادعياء ليس العبرة بالاسماء العبرة بالافعال وقل اعملوا فسيرى الله عمله فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون والصابئين الصابرون تعددت اقوال العلماء فيهم فمن العلماء من قال ان الصابئين وهو قول ابي العالية والربيع بن انس والسدي قالوا فرقة من اهل الكتاب يقرأون الزبور فرقة من اهل الكتاب يقرأون الزبور وقال مجاهد الصابرون قوم بين اليهود قوم بين المجوس واليهود والنصارى ليس لهم دين وقال الحسن هم قوم يعبدون الملائكة وهذه الاقوال كلها ضعيفة وقالوا يعتبر قولا واحدا قال وهب ابن منبه الصابي هو الذي يعرف الله وحده وليست له شريعة يعمل بها ولم يحدث كفرا. يقول الصابئ هو الذي يعرف الله وحده وليست له شريعة يعمل بها ولم يحدث كفرا ونحوه قول عبدالله بن وهب نحو قول عبد الرحمن بن زيد الصابئون اهل دين من الاديان كانوا بجزيرة الموصل يقولون لا اله الا الله وليس لهم عمل ولا كتاب ولا نبي الا قول لا اله الا الله ولم يؤمنوا برسول فمن اجل ذلك كان المشركون يقول للنبي صلى الله عليه وسلم واصحابه هؤلاء الصابئة يقول النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه هؤلاء الصابئة يشبهونهم بهم قال ابن كثير مرجحا هذا القول قال واظهر الاقوال والله اعلم قول مجاهد ومتابعيه ووهب انهم قوم ليسوا على دين اليهود ولا النصارى ولا المجوس ولا المشركين وانما هم قوم باقون على فطرتهم ولا دين مقرر لهم يتبعونه ويقتفونه ولهذا كان المشركون ينبزون من اسلم بالصابع اي انه قد خرج عن سائر اديان اهل الارض الذات اذا هؤلاء هم الصابئون فالله جل وعلا يقول ان الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين ثم ذكر شرطا مهما من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون شرط انه امن بالله اوبد يكون مؤمنا اما اذا كان كافرا ما ينفعه عمله يحبط عمله كله واليوم وكذلك يؤمن باليوم الاخر والبعث والنشور والمجازات وعمل صالحا عملا صالحا ليس عملا سيئا كفرا او معصية او ذنبا لهم اجر فلهم اجرهم عند ربهم واظافة الاجر الى الله دليل على عظمه وعلى تأكد حصوله لانه اضافه الى الله جل وعلا والعطية بقدر معطيها فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون يؤكد ابن كثير كثيرا هذا المعنى عند قوله ولخب عليهم ولا هم يحزنون قال فلا خوف عليهم فيما يستقبلهم ولا هم يحزنون على ما فاتهم هذا تاء هذا تمام المنة يدخلهم الجنة فلا يخافون فيما يستقبلهم من البعث والنشور وكذلك لا يحزنون على ما فاتهم من الدنيا ليتنا حصلنا في الدنيا كذا وكذا لان الله يثيبهم ويعطيهم ثوابا لا يندمون على شيء ولا يحزنون على شيء فاتهمهم بعظم الثواب الذي يمنحهم الله جل وعلا