ثم قال ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت الواو للاستئناف واللام واقعة في جواب القسم وقدر التحقيق وهذا كثير ما يتكرر في القرآن هذا يدل على تأكيد الامر تحقيقه فانه يقول والله قد حصل كذا وكذا ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين قبل التحكيم وعلمتم الذين اعتدوا منكم في السبت وهذا بينه قوله جل وعلا واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر اذ يأدون في السبت اذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون ذلك ان بني اسرائيل حرم الله عز وجل عليهم الصيد يوم السبت صيد السمك وكانوا على شفا البحر طرف البحر فحرم عليهم صيد السمك يوم السبت واحل لهم الصيد بقية الايام فابتلاهم الله عز وجل فما نجحوا في الابتلاء فاذا جاء يوم السبت جاء السمك والحيتان جاءت شرعا كثيرة من كل حدو وصوب لكن هم ممنوعون منها وبذهاب يوم السبت تذهب ولا تعود الا السبت الاخر فمكثوا مدة ثم تحايلوا اهل شر اليهود في كل زمان ومكان فقام بعضهم فحفر حفرة بجوار البحر وفتح على على ماء البحر فلما جاءه يوم السبت وجاء السمك دخل بعض السمكة بهذه الحفرة التي بجوار البحر ثم اغلقه بينها وبين البحر وترك السمك يوم السبت ما صاده لما جاء يوم الاحد صاده قال هذا ما هو يوم السبت تخيلوا وبعضهم ذكروا انه رمى شباكا شبكة في البحر فاجتمع فيها السمك فاغلقها عليه وتركها وتركها في البحر يوم السبت ويوم الاحد اخذه وقال انا صدت يوم الاحد هذي حيلة ولهذا سمى الله عز وجل اعتدوا تجاوزوا الحد الذي حد لهم وبنو اسرائيل لما ابتلوا بالحيتان انقسموا اقسام ثلاثة قسم اعتدوا هم الذين اصطعدوا وقعوا فيما حرم الله وقسم لم يعتدوا وامروا هؤلاء ونهوهم نهوهم عن الصيد قالوا هذا حرمه الله عليكم ولا يجوز لكم هذا وانكروا عليهم وقسم لم يصطادوا ولكنهم لم ينكروا بل قالوا للمنكرين قالوا لم تعظون قوما الله مهلكهم او معذبهم عذابا شديدا ما في فايدة تنصحونهم والناس اذا وقع المنكر لا يخرجون عن هذه الاقسام الثلاثة من يفعل المنكر من ينكر عليه من لا يفعل فعله لكن يسكت يقول ذنبه على جنبه كثير من الناس ولهذا لما عاقبهم الله عز وجل ذكر الصنفين المعتدي والمنكر قال فلما نسوا ما ذكروا به انجينا الذين كانوا ينهون عن السوء الامر بالمعروف والنهي عن المنكر نجاة يا اخوان نجاة ثم قال واخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون فالذين اعتدوا اخذهم الله وعذبهم والذين انكروا اخبر عن نجاتهم والذين سكتوا سكت الله عنهم لكن في الحقيقة حتى الذين سكتوا نجاهم الله لان انكار المنكر بالقلب نجاة هذا امر مهم ان ينكر بقلبه لكن ايضا العزيمة والخير ان ينكر ولهذا الذين انكروا لما قالوا لما تعظون قوما الله ملكهم قالوا معذرة الى ربكم ولعلهم يتقون. احيانا انت حينما تنكر انت في مجتمع او في عرس او في مكان يغلب على ظنك مع احد مستجيب لك لكن الامر اول معذرة الى الله رأيت المنكر فانكر والامر الثاني لعلهم يتقون ما تدري همه يفتح على قلب احد منهم فالحاصل ان الله عز وجل يذكر في هذه الايات قال ولقد علمتم الذين اعتدوا. وهذا سيأتي ان شاء الله مبسوطا في سورة الاعراف ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت تجاوز اعتدوا تجاوزوا الحد الذي حد لهم في يوم السبت وصادوا الحوت الذي حرم عليهم. فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين مسخهم الله قردة تتعاوى لها اذناب والله على كل شيء قدير قال او قبل ذلك بعض الناس اذا رأى القرد يقول ترى هذا اليهود الذين مسخوا نقول لا يا اخوان اي امة يمسخها الله لا تبقى ثلاثة ايام ثم تهلك ولا يكون لها نسل ابدا لكن القردة كانت قبل اليهود قبل ذلك لكن نسخ طائفة من اليهود على هيئة القردة ثم ماتوا بعد ذلك ولا نسل لهم. القردة التي تراها الان هذه خلق الله ليست يهود ولا الذين مسخوا من اليهود ويدل على ذلك ما رواه مسلم ما رواه الامام احمد والامام مسلم عن ابن مسعود قال رجل يا رسول الله القردة والخنازير هي مما مسخ يعني القردة والخنازير الموجودة الان هي مما مسخ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله لم يهلك قوما او يعذب قوما فيجعل لهم نسلا ان القردة والخنازير كان كانوا قبل ذلك ما يكون لهم نسل وجاء عند الطبراني في الاوسط بسند صححه الشيخ الالباني في الصحيحة عن ابن عمر قال النبي صلى الله عليه وسلم ما مسخت امة قط فيكون بها نسل جاء بعض الاحاديث انهم لا يبقون اكثر من ثلاث من ثلاثة ايام قال جل وعلا ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها موعظة للمتقين. فجعلناها الضمير راجع على العقوبة فجعلنا هذه العقوبة وقال بعضهم بل راجع على القرية التي كانت حاضرة البحر الذين اعتدوا يغمس ليوم السبت الذي اعتدى اهلها في يوم السبت وقيل رجل على القردة وقيل راجع على الحيتان ورجح ابن كثير انه عائد على القرية واذ فجعلناها لهذه القرية التي اعتدى اهلها مكانا والنكال المراد به الزجر والعقاب هذا هو الاصل قال الامين الشنقيطي النكال اسم اسم لما جعل نكالا للغير اي عقوبة له حتى يعتبر اسم لما جعل نكالا للغير اي جعل عقوبة له ليعتبر وجعلها الله نكالا يعني عبرة ينقل من يعلمها ينكل عن الذنوب ويعتبر ويرجع فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها ما بين يديه وما خلفها يعني القرى التي امامها وخلفها يعني القرى التي حولها فجعل الله اصحاب هذه القرية من يهود عبرة لما بين يديها من القرى وما خلفها وقديما يقولون القرية يطلق عليها لها وجه ولها خل دخل المدينة من وجهها والمراد القرى التي امامها وخلفها وحولها جعلها الله عبرة لها وقال بعض المفسرين لما بين يديها قال هي الامم السابقة وما خلفها الامم اللاحقة هذا قول ضعيف لان الامم التي هلكت كيف تكون عبرة لهم وقد ماتوا وقال بعضهم لما بين يديها اي جعلناها نكالا تنكيلا لهذه القرية لذنوبهم التي بين يدي اصطياد السمك الاعتداء يوم السبت لذنوبهم المتقدمة وما خلفها ذنوبهم المتأخرة وهذا ايضا ضعيف لان الذنوب التي لم يعملوها لا يحاسبهم الله عليها حتى يعملوها فاصح الاقوال انه جعلها عبرة وعظة للقرى التي حولها التي امامها والتي خلفها فهي عبرة يعتبر بها ويتعظ بها فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين موعظة يتعظ بها ويتذكر بها المتقون في كل وقت واوان. حتى في زمننا هذا المتقون الذين يتقون الله ويخافونه ويعملون بطاعته ويجتنبون معصيته يعتبرون بمثل هذا والله على كل شيء قدير ولهذا سيخسف بعض هذه الامة قردة وخنازير كان يخاف عاقبة الذنوب وخيمة يا اخوان كما قدمنا ليلة البارحة ان شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا خلافه هذه العبر وان كانت حصلت في بني اسرائيل وعيظوا بها نحن موعودون بهذه العظة العظيمة يخشى الانسان من العقوبة يخشى الله عز وجل ان يخسف به الارض يخشى ان حول قردا او خنزيرا يعاقب مثل هذا واش يفعل هذا ببعض هذه الامة كما جاء في الحديث الصحيح سيخسف لقوم منهم والله المستعان قال جل وعلا