قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فولي وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرا وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون هذه الاية الكريمة هي اول ثلاث ايات كلها في الامر بالتوجه الى القبلة وذكرنا بالامس ان هذه الاية متأخرة تلاوة ولكنها متقدمة نزولا. ان هذه الاية متأخرة متقدمة نزولا متأخرة بالمصحف لانه مر من الايات فيها ان الله عز وجل اخبر عما قاله المنافقون واليهود ما ولاهم عن قبلتهم فحصل الكلام بعد ان تولوا بعد يعني بعد ان تولى النبي او ولى الله عز وجل نبيه الى الكعبة فحصل منهم هذا الكلام وقد مر معنا وهو متقدم في ترتيب السورة وهذه الاية متأخرة مع انها نزلت قبلها وهذا دليل على انه لا يلزم من ترتيب الايات في السورة ان تكون كذلك مرتبة في النزول لانه ثبت الحديث ان النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يقول اذا نزل عليه القرآن ضعوا هذه الاية في السورة التي تقول كذا وكذا قد نرى قد تفيد التحشيد وقد افادني بعض طلاب العلم انها في القرآن والسنة لا تدل الا على ذلك يعني في القرآن والسنة قد لا تأتي الا للتحقيق ولا تأتي للتقليل لان الاصل انها خبر عن الله عز وجل او عن رسوله فلابد انها تدل على التحقيق قد نرى تقلب وجهك وتقلب وجه النبي صلى الله عليه وسلم بينته السنة كما جاء عن الصحابة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي يقوم يصلي وكان يدعو ربه ويرفع وجهه الى السماء يرجو من الله ويتمنى ان يوجهه الى وجهة ابيه ابراهيم وكان قد توجه الى بيت المقدس بامر من الله جل وعلا وقال الله عز وجل قد نرى هذا تحقيق يعني رأينا تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها وهي قبلة ابيه ابراهيم التي كان يتمناها ويحبها فول وجهك شطر المسجد الحرام شطرة اي نحو المسجد الحرام وجهة المسجد الحرام وكان اول صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم الى المسجد الحرام بعد ان وصل الى المدينة لانه مكث سبع عشرة او ستة عشر شهرا يصلي الى بيت المقدس كانت اول صلاة صلاة الظهر صلاها الى المسجد الحرام. والحديث في صحيح مسلم وجاء في حديث اخر ايضا صحيح انها صلاة صلاة العصر ولا شك ان احد الحديثين هو الصواب والاخر ليس بصواب لكن ما يترتب على تحرير هذه المسألة شيء كبير والاظهر والله اعلم وتقريبا هو الذي مال اليه ابن كثير ومال اليه ابن حجر انها صلاة الظهر ويدل له ايضا انه في صلاة العصر كان بنو سلمة في مسجد بني سلمة وهو ما يسمى بمسجد القبلتين الان صلوا ركعتين الى بيت المقدس فجاء فاتاهم ات وهم يصلون فقال اشهد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الى البيت الحرام فتحولوا جميعا الامام ثم المأمومين واكملوا صلاتهم الى البيت البيت الحرام الى الكعبة وهذا مما استدل به اهل العلم على ان المسلم لا يلزمه العمل بالناس فيه حتى يبلغه نسخ شيء من الشريعة ولم يبلغه بعد فانه لا اثم عليه في عمله بما سبق ما لم يبلغه الناسخ ولهذا ايضا ثبت في مسلم ان اهل قباء اول صلاة صلوها صلاة الفجر من اليوم الذي يليه وصلوا العصر وصلوا المغرب وصلوا العشاء الى بيت المقدس والقبلة قد تحولت لكن ما بلغهم الناسخ قال جل وعلا فولوا وجوهكم شطرة هذا امر وامر يقتضي الوجوب ايها المسلمون ولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام حينما تصلون وهذا في جميع الصلوات الا في حال واحدة في صلاة النفل ان في صلاة النافلة في حال السفر وقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته النافلة ووجهه الى المدينة وظهره الى مكة. يومئ ايماء ومن هنا يجوز للانسان الان المسافر ان يصلي على سيارته صلاة النافلة قياسا على صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على ناقته لكن اذا كان سائقا قال شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز الاولى به الا يصلي لانه مشغول بالقيادة وربما يؤدي الى ان يقع في خطر يضر باحد لكن من ليس بسائق قال جل وعلا وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق. الذين اوتوا الكتاب وهم اليهود الذين انكروا توجه النبي صلى الله عليه وسلم الى الكعبة لا يعلمون ان التوجه الى القبلة هو الحق فهم يعلمون هذا اما بانهم يعرفون ان هذا دين ابراهيم وان هذا النبي صلى الله عليه وسلم على دين ابراهيم او لما لما علموا او لما علموا ما انزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم لانهم يعرفون ان القرآن حق من عند الله. وان كانوا يجحدونه وهم يعلمون ان هذه القبلة هي الحق وهي الصواب. ولكن هم لا يعنيهم الصواب يعني هم المخالفة. قال جل وعلا وما الله بغافل عما يعملون غافل اي ساهم الله ليس بغافل عن الخلق وعما يعمله الخلق فاعمال اليهود هذه واقوالهم الله قد علمها واحاط بها علما واثبتها عليهم وكتبتها الملائكة وسيجازون عليها وهذا فيه تهديد ووعيد شديد ثم قال سبحانه وتعالى ولئن اتيت الذين اوتوا الكتاب بكل اية ما تبعوا قبلته هذا تسلية للنبي صلى الله عليه واله وسلم واللاموطة للقسم والتقدير والله لو اتيت الذين اوتوا الكتاب الذين اعطاهم الله الكتاب والكتاب اسم جنس والمراد بهم اليهود هنا بكل اية بكل علامة تدل على صدقك وان ما فعلته هو الحق وان القبلة الحق هي بيت هي البيت الحرام الكعبة ما تبعوا قبلتك لانهم ليس قصدهم ما يعرفون الحق يعرفون الحق كما يعرفون ابناءهم لكن هم قصدهم المخالفة قال جل وعلا وما انت بتابع قبلتك قبلتهم. وهذا فيه ثناء على النبي صلى الله عليه وسلم وبيان ثباته على الحق وتمسكه بالحق فلا يمكن ان يتزحزح عنه وان يطيع هؤلاء اليهود فيترك الحق الذي هداه الله اليه قال وما بعظهم بتابع قبلة بعظ وهم ايضا اليهود والنصارى مختلفون فيما بينهم لا يتبع بعضهم قبلة الاخر. فان اليهود تصلي الى بيت المقدس والنصارى يصلون الى المشرق ولا يمكن ان يتنازل احد منهم للاخر ولان اتبعت اهواءهم وهذا لا يلزم من الشرط ان يقع يا اخواني لا يلزم من الشرط ان يفعل ولا يلزم من الشر ان يتصف به من خطب به كما قال جل وعلا قل ان كان للرحمن ولد فانا اول العابدين والرحمن لا يمكن ان يكون له ولد. لم يلد ولم يولد فقوله ولئن اتبعت هواءهم لا يلزم منه ان النبي صلى الله عليه وسلم سيحصل هذا منه لكن يقول العلماء مثل هذا النفع والفائدة فيه لمن يمكن ان يقع منه الوقوع في هذا الامر كعامة الناس. اما النبي معصوم لا يمكن ان يتبعه والحاصل ان هذه به عظة لنا جميعا من اتبع اهواء اليهود واهواء اهل الكتاب من بعد ما تبين من بعد ما جاءه العلم والحق وتبين له انه اذا لم من الظالمين انك اذا لمن الظالمين اذا الخطاب وان كان ظاهره للنبي صلى الله عليه وسلم فالمراد امته والمراد من يمكن ان يقع منه مثل هذا اما النبي صلى الله عليه وسلم فهو معصوم ويدل عليه قوله وما انت بتابع قبلتهم قبل ذلك في اول الاية ولئن اتبعت اهواءهم والاهواء جمع هوى وهو الميل على الحق مطلقا يعني ما يميلون به عن الحق ويخالفون به الحق من بعد ما جاءك من العلم بل انه لابد ان يعلم الانسان تقوم عليه الحجة ويعرف الحق من الباطل انك اذا لمن الظالمين الذين ظلموا انفسهم باتباع الهوى وترك الحق الذي علمه الله اياه