الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وهذا خبر من الله جل وعلا عن حال الذين اتاهم الله الكتاب وهم اليهود والنصارى فقيل اليهود خاصة لان السياق معهم يعرفونه اي يعرفون النبي صلى الله عليه واله وسلم وقال بعض المفسرين يعرفون او يعرفون التوجه هذا قول ابن جرير الطبري يعرفون ان التوجه الى الكعبة حق كما يعرفون ابناءهم واكثر المفسرين ومنهم ابن كثير ان المراد يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون ابناءهم. ولهذا جاء عن عبد الله بن سلام وان كان عبد الله ابن سلام يعني قد امن فهو من الصحابة لكن جاء عنه انه يقول اني لاعرف ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثر من معرفتي لولدي فاني لا ادري ما فعلت النساء هم يعرفون انه رسول الله اكثر مما يعرف ولده. مع ان الانسان اعرف الناس بولده اذا المسألة ليست مسألة انهم لا يعرفون الحق يعرفون الحق ويخالفونه هذا فيه ذنب يا اخوان اذا عرفت الحق وجب عليك ان تتبعه قال جل وعلا ولئن اتيت الذين اوتوا الكتاب بكل اية نعم قال جل وعلا الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم مثل ما يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون فريقنا هذا من العدل طائفة منهم وهم رؤساؤهم واحبارهم اما عامتهم ما يدرون عن هذا لانهم ما يطلعون على الثورات يكتب لهم رؤساؤهم واحبارهم في صحف ويطلعونهم على شيء منها لكن لا يطلعونهم على جميعها وان فريق منهم ليكتمون الحق كتمان الحق اخفاؤه وعدم اظهاره وهم يعلمون انه الحق الذي انزله الله ثم قال جل وعلا حاكما ومبينا ومفلجا للحق على غيره الحق من ربك فلا تكونن من المنكرين الحق وهو ما انزله الله عز وجل عليك يا نبينا وشرعه لك هو الحق وهو من ربك والله هو الحق وما انزله هو الحق فلا تكونن من الممترين. المنكر هو الشاك ان ترى في شيء يعني شك فيه وكما قدمت قليلا انه لا يلزم من النهي او اسناد الامر او النهي عن الامر ان يكون المنهي عنه متصف به فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يوم من الايام شاكا ولكن هذا ايضا لمن يمكن ان يقع منه الشك كالامة ياكل الانسان في شك في افتراء من ان دين الاسلام هو الحق الذي لا مرية فيه ولو سمع ما سمع ثم قال جل وعلا ولكل وجهة هو موليها ولكل النون تنوين العوض عوض به عن جملة بدل ان يقول ولكل من اليهود ولكل من المسلمين واليهود والنصارى وجهة اتى بتنوير العوظ الذي يعوض عن هذه الجمل كلها وهذا من بلاغة القرآن واعجازه. ولكل وجهة والوجهة والجهة والوجه بمعنى واحد يعني لهم وجه او لهم وجهة او تقول لهم جهة كلها بمعنى واحد هو موليها يعني هو جل وعلا موليهم اياها لكل واحد من هذه من اهل الكتاب وجهة ووجه ولاهم الله اليه في صلاتهم يتوجهون اليه فاستبقوا الخيرات بعد ذلك ارشد الى ما ينبغي للانسان ان يبادر فيه ويسارع قال فاستبقوا الخيرات. والمسابقة هي المسارعة وقال في اية اخرى وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض قال سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض والمتأمل يجد ان الله عز وجل في باب العمل الصالح والخير يدعو الى المسابقة والمسارعة والمبادرة ولكن لما جاء امر الدنيا قال هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها فامشوا طلب الدنيا اسعى وابذل السبب لكن امشي لا تستعجل لا يكون عندك حرص شديد وكثير من الناس الا من رحم الله عكسوا هذا الامر الان في امر الدنيا يتسارعون ويتسابقون بامر الاخرة يتأخرون ولا يبادرون فاستبقوا الخيرات اينما تكونوا في اي جهة كنتم ولهذا الخير ولله الحمد ميسر تسابق الى الخير في بيتك في بلدك في مسجدك في الشارع في الطائرة في بلد اخر استبيح وخص باب النفقة في اي مكان كنت فقدم لنفسك اينما تكونوا يأتي بكم الله جميعا. باي جهة كنتم ولهذا يا اخوان هذي من رحمة الله ان العمل بالايمان والعمل الصالح والمسابقة الى الخيرات لا تختص بمكان دون مكان. ولا يقول الانسان لا استطيع اعبد الله الا في هذا المكان بل حتى لو كان باي مكان كان ولهذا لم يضيق الله عز وجل على عباده في العبادة حتى الذي يضيق عليه في مكان يخرج الى مكان اخر ولهذا قال ومن يهاجر في سبيل الله يجد مراغما كثيرا وسعة وعد من الله مراغم يعني اماكن وسعة في الرزق هذا من رحمة الله ما لي احد عذر يقول والله انا ما استطيع اعبد الله الان يجب ان تعبدوا الله في كل وقت واوان وفي كل مكان قال جل وعلا اينما تكونوا يأتي بكم الله جميعا ان الله على كل شيء قدير. جل وعلا فهو على كل شيء قدير ولو اكلتكم السباع عند الموت ومن احرقته النار ومن غرق في البحر ومن تقطع اربا اربا يأتي به الله يوم القيامة ولا يغيب احد من المكلفين لان الله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء ثم قال سبحانه وتعالى ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام. هذه الاية الثانية التي تأمر بالتوجه الى القبلة ومن حيث خرجت من اي جهة خرجت وجئت وتريد تصلي فولي وجهك شطر المسجد الحرام نحو وجهة المسجد الحرام وانه للحق من ربك هذا التوجه والصلاة الى البيت الحرام هي الحق من ربك من الله الذي قوله هو الحق وهو الاله المعبود جل وعلا وما الله بغافل عما تعملون وما الله بساه ولا ذاهب عما تعملون من العمل ثم قال وهي الاية الثالثة ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرا من العلماء من قال كرر ثلاث مرات للتأكيد لان هذا امر في غاية الخطورة ولهذا اجتمع عليه على انكار تغير تغيير القبلة تحول القبلة اجتمع عليه كل اعدائه اليهود والمنافقون وكفار قريش فناسب ان يؤكد وهذا قول كبير من المفسرين. وقال بعضهم غير ذلك فقال بعضهم كما قال ابن كثير الى تأكيد وهذا القول الذي ذكرناه. قال لانه اول ناسك وقع في الاسلام على ما نص عليه ابن عباس وغيره وقيل بل هو منزل على احوال فالامر الاول لمن هو مشاهد للكعبة يعني الاية الاولى هذا لمن يرى الكعبة لانه قال فيه فولوا وجوهكم شطرة والثاني لمن هو في مكة غائبا عنها لمن وفي مكة غائب عن الكعبة يعني داخل مكة لكن ليس قريبا من البيت والثالث لمن هو في بقية البلدان وهكذا وجهه فخر الدين الرازي وقال القرطبي يعني هذه اقوال المفسرين الاول لمن هو بمكة فوافق قول الرازي والثاني بمن هو في بقية الامصار خالف هنا. والثالث لمن خرج في الاسفار ورجح هذا الجواب القرطبي وعلى كل حال لا مانع من وجود التأكيد في القرآن يوجد التأكيد في القرآن. واذا جاء التأكيد فهو يدل على شدة الاهتمام في الموضوع وعلى خطر الموضوع والله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قال جل وعلا ومن حيث خرجت بولي وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرا حيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره اي نحوه وجهته وصوبه لئلا يكون للناس عليهم حجة لاجل الا يكون للناس عليكم حجة والناس المراد بهم هنا اليهود لانهم يقولون ما دمت اتجهت الى قبلتنا فاتبعنا في غيرها ما دام تتجه الى قبلتنا فوافقنا في غير القبلة وهذا يعني تقريبا قول يعني ابن كثير وغيره وهو في الحقيقة قول متوجه لئلا يكون للناس عليكم حجة وهناك قول بان المراد به مشركي قريش لكن فيه نظر والله اعلم لان النبي ما وافق كفار قريش بشيء وهم ثم هو رجع الى القبلة التي كانوا يستقبلونها. الاظهر والله اعلم هنا ان الناس هم اليهود لئلا يكون للناس عليكم حجة الا الذين ظلموا منهم الا الذين ظلموا يحتمل ان يكون الاستثناء متصل فلا يكون للناس حجة الا الناس الذين ظلموا وهم اليهود وغيرهم وقيل كفار قريش وقال بعضهم الاستثناء هنا منقطع. وتقدير الكلام بالا يكون للناس عليكم حجة لكن الذين ظلموا لا تخشوهم واخشوني فهذا موضوع اخر والذين ظلموا ليس من جنس الناس على هذا القول والاظهر انه متصل والله اعلم فكأن المعنى وجهكم الله الى الكعبة لئلا يحتج عليكم محتج لانكم ما دمتم تتوجهون الى بيت المقدس وهو دين اليهود فوافقوهم في بقية دينهم الا الظالم لان الظالم لا حيلة فيه ولا يردعه حق ولا يرده حق. الا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم اخشون لا تخشوهم وهذا دليل ان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم واصحابه يعلمون من هم المخالفون لان الخشية هي الخوف المقرون بعلم خوف مقرون بالعلم بمن تخشاه ولهذا هو خوف العلماء انما يخشى الله من عباده العلما الان يعرفون ربهم ويعلمون قدرته والوهيته وصفاته والخوف هو مجرد الخوف سواء تعرف او لا تعرف. تعلم هذا الشيء الذي خفت منه تعرف انه يعني لا الخوف هو الخوف ومزع القلب لشيء ولو لم تكن تعرفه انه يفعل او لا يفعل. رأيت شيء وانت لا تدري ما قدرته ففزعك منه يسمى خوفا لانك لا تعرفه والرهبة هي الخوف المقرون بعمل مقرون بعمل وهو الذي يورث من رهب الفزع مما يخاف منه يورثه مفارقة ما خاف منه فلا تخشوهم واخشوني ولاتم نعمتي عليكم ايضا شرع التوجه الى الكعبة لئلا يكون للناس عليكم حجة ولاجل ان يتم علينا النعمة فقد اتم الله النعمة على نبينا صلى الله عليه وسلم وعلى اصحابه وعلينا فالمسلمون يتوجهون الى بيت الله لا الى غيره الى قبلة ابراهيم الى اول بيت وضع للناس. هذا من تمام النعمة والاستقلال عن اليهود وعن اهل الضلال ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون ان هذا يكون سببا يعني هذه العلة الثالثة لتهتدوا الى ما ضل عنه ما ضلت عنه الامم الاخرى فهذا هو الحق وهو الهدى الذي اراده الله جل وعلا