يسألونك عن الاهلة هذه احدى المسائل التي سأل عنها الصحابة رضي الله عنهم وقد مر معنا قول ابن عباس في ثنائه على اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وانهم ما سألوه الا عن ثنتي عشرة مسألة او نحو منها او نحو منها وهذا من كمال ادبهم مع النبي صلى الله عليه واله وسلم ومن كمال فقههم في الدين فان النبي صلى الله عليه وسلم يقول اعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن مسألة فحرمت من اجل مسألته ولهذا كانوا امناء رضي الله عنهم وارضاهم وهذا من الامور التي سألوها يسألونك عن الاهلة والاهلة جمع هلال وهي معروفة فان القمر يبدأ هلالا صغيرا ثم لا يزال يكبر حتى اذا كان ليلة البدر ليلة الخامس عشر يصبح كاملا ثم يبدأ بالنقص حتى يهل من المغرب فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الاهلة كما قال ابن عباس قال سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الاهلة فنزلت يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت المواقيت جمع ميقات والاصل والاصل فيه انه مأخوذ من الوقت ومعنى مواقيت في الاية يعني مواقيت يوقتون بها اعمالهم التي تحتاج الى توقيت كعدة النساء والصيام والحج وعدة الوفاة وعدة المطلقة الى غير ذلك قل هي مواقيت للناس جعلها الله مواقيت لهم يعملون بها ويعرفون بها بعض عباداتهم التي ترتبط بالتوقيت قل هي مواقيت للناس والحج. وذكر الحج بخصوصه لبيان اهميته فانه من اعظم الاركان وهو ايضا يفوت. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم الحج عرفة فلو ان انسانا لم يصل الى عرفة قبل طلوع فجر اليوم العاشر يوم النحر فات عليه الحج قال جل وعلا وليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها هذه الاية لها سبب نزول وهي ما رواه البخاري عن ابن عباس قال عن عن البراء رظي الله عنه قال فينا نزلت هذه الانصاب هذه الاية فينا معشر الانصار نزلت هذه الاية كانوا اذا حجوا لم يدخلوا من قبل ابواب بيوتهم ولكن من ظهورها فجاء رجل من الانصار فدخل من قبل بابه فكأنه عير بهذا فانزل الله عز وجل وليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها اذا كان الانصار اذا حج احدهم وهذا طبعا ما انزل الله به من سلطان من اجتهادات الناس قبل هذه الشريعة العظيمة فكان اذا جاء الحاج منهم لا يدخل بيته من قبل الباب وانما يتسور البيت من خلفه يضعون فيه قوة او شق صغير فيصعد عليه فيدخل البيت لانه اتى من الحج فحصل ان رجلا جاء ودخل البيت من بابه المعتاد فعيروه لانه اخل بهذا الامر فانزل الله عز وجل هذه الاية الكريمة وليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى اذا ليس البر والخير والتقوى ان تأتي البيت من ظهره كما يتكلف بعض الناس بعض الاعمال ولكن البر حقيقة هو من اتقى الله وقد مر معنا ان البر هو اعمال الخير البر جامع لاعمال الخير كلها ولكن البر من اتقى اي من اتقى الله فجعل بينه وبين عذاب الله وقاية بفعل الاوامر واجتناب النواهي ثم قال واتوا البيوت من ابوابها شرعت الابواب او جعلت الابواب حتى يدخل الناس منها واتوا البيوت من ابوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون. ثم عاد بالامر بالتقوى مرة اخرى ليبين اهمية التقوى ولهذا قال لعلكم تفلحون فالتقوى علة للفلاح فان اردت الفلاح فاتق الله تكن من المفلحين والمفلح هو الذي ادرك المطلوب ونجا من المرهوب وهم عباد الرحمن ثم قال سبحانه وتعالى وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين وقاتلوا هذا امر بالجهاد في سبيل الله وقوله في سبيل الله دليل على وجوب الاخلاص وان لا يجاهد الرجل حمية ولا ولا يجاهد سمعة ولا يجاهد من اجل المال بل يكون هدفه اخلاص العبادة لله اخلاص الجهاد لله عز وجل مخلص لله فيه وهدفه اعلاء كلمة الله لتكون كلمة الله هي العليا وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم الذين يعتدون عليكم بالقتل وقال بعض اهل العلم بل هذه عامة في كل كافر لان الكافر الحربي الذي لا امان له ولا عهد له الاصل انه مضمن قتال المسلمين فيقاتل مثله وقاتلوا الذين يقاتلونكم وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا الاعتداء هو تجاوز الحد والمعنى لا تتجاوز الحد المشروع وظربوا لذلك امثلة قالوا مثل المثلى ما يجوز ان تقتلوه تقتلوه من ثم يذهب يمثل يقطع انفه او يقطع اذنه تمثيلا ومثل الغلول بعض الناس اذا قاتل الكفار هزموهم غلة من الغنيمة قبل قسمتها ومنها قتل النساء والصبيان والرهبان والشيوخ فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وهذا من رحمة هذه الشريعة وسماحتها فقال صلى الله عليه واله وسلم اغزوا باسم الله كما في صحيح مسلم قال يوصي احد رسله قال احد امراء الجيش اغزوا باسم الله اغزوا في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا ولا اصحاب الصوامع هم العباد وجاء في حديث اخر ان النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين وجد امرأة في احدى مغازيه قد قتلت فقال صلى الله عليه وسلم فانكر ذلك ونهى عن قتل النساء عن قتل النساء والصبيان واقتلوهم نعم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين هذا اثبات المحبة لله عز وجل فالله لا يحب المعتدين لكنه يحب المؤمنين يحب المتطهرين يحب المحسنين والمعتدين المتجاوزون لحدود الله المعتدون هم المتجاوزون لحدود الله الذين لا يقفون عندها هذا تنفير من كل اعتداء ومن كل مجاوزة للحد ثم قال جل وعلا واقتلوهم حيث ثقفتموهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم قالوا معنى حيث تقفتموه يعني حيث وجدتموهم وقيل حيث ظفرتم بهم قالت ابن جرير الطبري ايقتلوهم في اي مكان تمكنتم من قتلهم وابصرتم مقاتلتهم ومعنى الثقافة في الامر الحق والبصر يقال انه لتقف لقف اذا كان جيد الحذر في القتال بصيرا بمواضع القتال اذا حيث ثقفتموهم يعني في اي مكان وجدتموهم ولكنه يحمل معنى الحذر قاتلوهم وكونوا على حذر وانتباه واقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث اخرجوكم اخرجوهم من المكان الذي اخرجوكم منه هذا يشمل كفار مكة ويشمل ايضا قتال المسلمين للكفار اذا اخرجوهم من ديارهم فانهم يوجد هذا في كل زمان ومكان هناك من يتسلط على المسلمين ويخرجهم من ديارهم فهذا يقاتل وهذا جزاء وفاقا ولهذا قال واخرجوهم من حيث اخرجوكم نفس المكان الذي اخرجوكم منه لانه الاصل ان المسلم لا يخرج لان المسلم هو الذي يعمر الارض وهو وهو احق الناس بعمارة الارض البقاء عليها لانهم من المصلحين واما غيرهم من المفسدين ثم قال جل وعلا والفتنة اشد من القتل الفتنة ها هنا هي الشرك الفتنة هي الشرك فسرها بذلك ابن عباس بل هو قول جمهور اهل العلم الفتنة الشرك اذا والفتنة اشد من القتل. نعم الشرك اشد من القتل لان الشرك ظلم عظيم كما قال الله عز وجل مخبرا عن لقمان بمواعظه يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم وقال جل وعلا انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من انصار وقال جل وعلا ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لئن اشركت لا يحبطن عملك وقال جل وعلا ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فهو اشد الذنوب وهو اشد من القتل لانه اخطر الذنوب واكبر الكبائر ثم قال ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام الا حتى يقاتلوكم فيه لا تقاتلوهم عند المسجد الحرام هذا فيه انه لا يبتدأ القتال بمكة لان الله امنها وجعلها بلدا امنا كما مر معنا بالايات بالامس فلا يجوز القتال فيها ولهذا لما قاتل النبي صلى الله عليه وسلم فيها عام فتح مكة اذن له فيها من صلاة العصر من صلاة الفجر حتى صلاة العصر فقام وخطب الناس قال ان مكة قد حرمها الله ثم قال فان ترخص احد بقتال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقولوا ان الله قد اذن لرسوله ولم يأذن لكم وانما احلت لي ساعة من نهار ثم عادت حرمتها كما كانت الى يوم القيامة او كما قال صلى الله عليه واله وسلم فلا يجوز القتال ابتداء القتال لكن لو ان المشركين قاتلوا المسلمين بمكة يقاتلون هذا على سبيل المجازات والدفع لكن الابتدال ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما ايضا دخل مكة مع انه مأذون له نهاهم ان يقتلوا احدا لما جاءه ابو سفيان قال من دخل بيت ابا سفيان فهو امن من دخل البيت فهو عام. الى ان قال من دخل بيته فهو امن ما يريد القتل الا ان قاتل احد ولهذا تعرظ سفهاء قلة فحصدوهم اذا ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فان قاتلوكم فاقتلوهم اذا ابتدأوا قتالكم الدفاع عن النفس مشروع فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين اي مثل هذا الجزاء وهو مقاتلة الكافر بمكة هذا هو جزاء الكافرين الذين كفروا بالله عز وجل وستروا نعمة الايمان وصاروا الى الكفر ثم قال جل وعلا فان انتهوا فان الله غفور رحيم وهذا من رحمة الله بهم يفتح لهم باب التوبة ان انتهوا عن الكفر وعمهم عليه من الضلال فان الله غفور رحيم غفور يغفر ذنوبهم ورحيم بهم يرحمهم ويتقبل توبتهم وهو الغفور الرحيم ثم قال وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة قاتلوهم اي قاتلوا الكفار حتى لا تكون فتنة قال ابن عباس حتى لا يكون شرك حتى لا يكون شرك ويكون الدين لله عاتروهم حتى لا يكون هناك شرك ويكون الدين كله لله جل وعلا اي الناس يعبدون الله وحده لا شريك له وهذا دليل على ان الجهاد في الاسلام ما شرع حبا في في القتل وفي سفك الدماء لشرع لاعلاء كلمة الله شرع لاجل ان يدخل الناس في دين الله شرع لاجل ان ينجوا الناس من النار ولا يبدأون بالقتال الا بعد ان يعرض عليهم قبله خلال كما في الحديث الذي مر معنا في مسلم فادعوهم الى الاسلام. يقول النبي صلى الله عليه وسلم امير الجيش فادعوهم الى الاسلام فان اجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فان ابوا فاطلب فافرظ عليهم الجزية او خذ منهم الجزء فخذ منهم الجزية واقبل منهم فان ابوا فاستعن بالله وقاتلهم وهذا عام في كل كافر ذهب بعض اهل العلم ان هذا خاص باهل الكتاب وذهب الامام مالك ان هذا عام في كل كافر سواء من اهل الكتاب او حتى من الوثنيين واختاره شيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم هل هو هذا الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم يرسل جيوشه ووصى به رسله وامراء الجيش وكان القتال في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكان في جزيرة العرب كلهم عرب وثنيون ومع ذلك يقول وليكن اول ما تدعوهم الى الاسلام فان اجابوك فقل منهم وكف عنهم. فان ابوا فافرظ عليهم الجزية وخذ منهم. فان ابوا فاستعن بالله فقاتلهم الاسلام ما يريد القتل ما يريد القتل لكن اذا اضطر الى ذلك فما حيلة المضطر الا ركوبها وكم حصل من القتال الذي حصل للمسلمين كم حصل من الخير وهم قاتلوا في العراق وفي الشام في المشرق الاسلامي وكان الناس كفارا فثبت الله الاسلام في تلك الديار الى يومنا هذا عاش الناس من الف واربعمائة سنة وهم على الاسلام ولو لم يقاتلوا لبقوا على كفرهم الى جهنم وبئس المصير الاسلام يكاد من اعدائه يحب القتل يريد القتل يريد سفك الدماء كذبوا ورب الكعبة بل هم الذين يريدون القتل. اما الاسلام فانه يخير الناس القتال عندهم خيار ثالث قبله الدخول للاسلام او ضرب الجزية ان ابوا عند ذلك يقاتلون لا حيلة فيهم هم هم الذين اختاروا هذا الطريق قال جل وعلا وهذا ايضا من هذه الاية فيها علة القتال حتى لا تكون فتن حتى لا يكون شرك الشرك اعظم الذنوب ومن يموت على الشرك وقود جهنم ويكون الدين لله كله يعني يخلص الناس تدينهم يتدين لله يعبدون الله وحده لا شريك له قال جل وعلا فان انتهوا فلا عدوان الا على الظالمين انت هؤلاء الكفرة عن كفرهم ودخلوا في الاسلام فلا عدوان الا على الظالمين لا تعتدوا عليهم وقال عدوان هنا من باب المجازاة والا المراد لا مقاتلة فلا مقاتلة الا للظالمين والمسلمون لا يعتدون ولكن يقابلون العدو وليس اعتداء لكن المراد لا مقاتلة ولا قتال اذ انتهوا يكف عنهم فلا يقاتلون الا على الظالمين الظالمون والكافرون الظلم الاكبر الذي هو الشرك فهذا يقاتل حتى يؤمن بالله سبحانه وتعالى