الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد فقد ذكرنا في الدرس الاول الايات الثلاث الاول وهي قوله جل وعلا الف لام ميم غلبت الروم في ادنى الارض وهم بعد غلبهم سيغلبون وفي هذه الاية نتعرض لتفسير قوله جل وعلا في بضع سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن اكثر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة غافلون مر معنا ان سبب نزول هذه الاية وانها نزلت بسبب انتصار الفرس على الروم وفرحوا كفار قريش بذلك مخاطبة المسلمين بذلك فانزل الله عز وجل علام الغيوب هذه الايات التي تدل على ان الروم سيغلبونهم بعد ذلك ومر معنا ايظا الرهان الذي كان بين ابي بكر والمشركين في ذلك فالله سبحانه وتعالى بين انهم ان الفرس ان الفرس سيغلبون ثم قال في بضع سنين يعني هذا الامر وهذه وهذا التغلب من الروم على الفرس سيكون في بضع سنين. والبضع عند العرب هي ما بين الثلاث الى التسع وقد جاء بذلك حديث رواه الترمذي وابن جرير وغيرهما آآ عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابي بكر في ملاحبة في ملاحبته لكفار قريش والمناحبة هي المراهنة يعني في مراهنته لقريش الف لام ميم غلبت الروم قال الاحتطت يا ابا بكر فان البظع ما بين ثلاث الى تسع ثم قال الترمذي هذا حديث حسن غريب والحديث ضعيف الاسناد لكن مر معنا ما يدل على صحة معناه في الدرس الماظي. وايظا هذا هو المعروف في لغة العرب ان البظع هو ما بين الثلاث الى التسع يبيض في بضع سنين ثم قال جل وعلا لله الامر من قبل ومن بعد لله الامر من قبلي غلبت الفرس للروم ومن بعد غلبة الروم للفرس وقال ابن جرير من قبل غلبتهم فارس ومن بعد غلبتهم اياها يقضي في خلقه ما يشاء ويحكم ما يريد ويظهر من شاء على من احب اظهاره عليه وقال ابن كثير لله الامر من قبل ومن بعد اي من قبل ذلك ومن بعده فبني على الظم لما قطع المضاف وهو قوله قبل عن الاظافة ونويت يعني الكلام لله الامر من قبل غلبتهم ومن بعد غلبتهم لكنه هنا قطع المضاف اليه قبل وبعد مضافة الى مضاف اليه لكن حذفه وبناها على الظم فهما ظرفان من قبل ومن بعد قطع عن الاضافة والاصل من قبل غلبتهم ومن بعد غلبتهم او نحو ذلك ثم قال جل وعلا ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ويومئذ يعني حينما يأتي وقت نصر الروم على الفرس في ذلك اليوم يفرح المؤمنون لان الروم اهل كتاب والفرس وثنيون مشركون يعبدون النار وهذا كما قدمنا ان اهل الكتاب على ما فيهم من كفر وضلال فهم احسن من المشركين الوثنيين ولهذا احل الله نكاح نسائهم واحل اكل ذبائحه بخلاف الوثنيين المشركين الوجوء المجوس ومشرك العرب وغيرهم من الناس الوثنيين الذين ليسوا على دين وان كانوا لا يتمسكون بكل دينهم فانه لا تحل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم قال جل وعلا بنصر الله. اذا يفرح المؤمنون بنصر الله. فالنصر من الله فهو الذي نصر الروم على الفرس وهو الذي ينصر من يشاء على من يشاء ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم فينصر من شاء من عباده لحكم عظيمة قد تظهر لنا وقد لا تظهر لكنا مؤمنون وواثقون ومعتقدون بانه جل وعلا هو العزيز الذي قد عز كل شيء وهو العزيز في انتصاره وانتقامه من اعدائه وهو جل وعلا الرحيم الرحيم بعباده المؤمنين وقد اختلف العلماء في قوله ويومئذ يفرح المؤمنون هل هو يوم بعينه فقال بعض المفسرين هو يوم بدر وهذا جاء فيه حديث رواه الترمذي وقال الالباني عنه صحيح لغيره من حديث ابي سعيد قال لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فاعجب ذلك المؤمنين وفرحوا به وانزل الله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وقال اخرون يعني من المفسرين بل كان نسرة الروم على فارس عام الحديبية قاله عكرمة والزهري والزهري وقتادة وغيرهم ووجه بعضهم هذا القول بان قيصر كان قد نذر لان اظهره الله طبعا قيصر الروم كان قد نذر لئن نظره الله بكسرى ليمشين من حمص الى ايليا وهو بيت المقدس شكرا لله عز وجل ففعل فلما بلغ بيت المقدس لم يخرج منها حتى وافاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعثهما دحية ابن خليفة الكلبي فاعطاه دحية لعظيم بصرى دفعه عظيم بصرى الى قيصر فلما وصل اليه سأل من بالشام من عرب الحجاز فاحضر له ابو سفيان صخر بن حرب الاموي في في جماعة من كفار قريش كانوا في غزة فجاء بهم اليه فجلسوا بين يديه فقال ايكم اقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم انه نبي فقال ابو سفيان انا فقال لاصحابه واجلسهم خلفه اني سائل هذا عن هذا الرجل فان كذب فان كذب فكذبوه فقال ابو سفيان فوالله لولا ان يأثروا علي الكذب لكذبت فسأله هرقل عن نسبه وصفته فكان فيما سأله ان قال فهل يغدر هل يغدر قال قل قلت لا لاحظوا وهو كافر مشرك قال قلت لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها يعني بذلك الهدنة التي كانت قد وقعت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفار قريش يوم الحديبية على وظع الحرب بينهم عشر سنين فاستدلوا بهذا على ان نصر الروم على فارس كان عام الحديبية لان قيصر انما وفى بنذره بعد الحديبية والله اعلم قال ابن كثير وهذا في الحقيقة جمع جيد قال ولاصحاب القول الاول ان يجيبوا عن هذا بان بلاده كانت قد خربت وتشعثت فما تمكن من وفاء نذره حتى اصلح ما ينبغي اصلاحه وتفقد بلاده ثم بعد اربع سنين من نصرته وفى بنذره والله اعلم يعني يقول هو يوم الحديبية لكن اه هذه القصة التي ذكرتم هو انتصر على بدر انتصر يوم بدر لكن كانت قد تفرقت مملكته فاشتغل في جمعها وكذا وكذا فما وفى بنذره الا عام الحديبيه والا نصره كان يوم بدر قال ابن كثير والامر في هذا سهل قريب الا انه لما انتصرت فارس على الروم ساء ذلك المؤمنين. فلما انتصرت الروم على فارس فرح المؤمنون بذلك لان الروما اهل كتاب في الجملة فهم اقرب الى المؤمنين من المجوس كما قال تعالى لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدن اقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بان منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون واذا سمعوا ما انزل الى الرسول ترى اعينهم تفيض من الدمع حزن تبيظ من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا امنا فاكتبنا مع الشاهدين وقال تعالى ها هنا ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء. وهو العزيز الرحيم ثم اورد ابن كثير خبر العلاء ابن الزبير الكلاب عن ابيه وهو الزبير بن عبدالله الكلابي قال رأيت غلبة فارس الروم ثم رأيته غلبة الروم فارس ثم رأيته غلبة الروم فارسا ثم رأيت وغلبت المسلمين فارس والروم كل ذلك في خمس عشرة سنة يعني غلبت الفرس للروم ثم بعدها تسع سنين فغلبة الروم والفرس ثم غلبته غلبهم المسلمون كل هذه الغلبات الثلاث كانت في خمسة عشرة سنة و الزبير ابن عبدالله الكلابي قال عنه ابن عمرو قال عنه ابو عمر ابن عبدالبر لا اعلم للزبير لقاء يعني ما اعلم انه لقي النبي صلى الله عليه وسلم هو وان كان في حياته الا انه ادرك الجاهلية وعاش الى الى خلافة عثمان وقال بعض اهل العلم هو من تابع الشام تابعي الشام يعني هو كان يعني يسمع ويعرف وكان حاضرا حيا لما غلبت الفرس على الروم ولما غلبت الروم على الفرس ولما غلب المسلمون اه الفرصة والروم كان حاضرا لكنه ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم يعني ما حصل له شرف الصحبة ثم قال جل وعلا وعد الله لا يخلف الله وعده اي هذا الذي قال ابن كثير اي هذا الذي اخبرناك به يا محمد من ان سننصر الروم على فارس وعد من الله حق وخبر صدق لا يخلف ولابد من كونه ووقوعه لان الله قد جرت سنته ان ينصر اقرب الطائفتين المقتتلين المقتتلتين الى حق ويجعل لها العاقبة ولكن اكثر الناس لا يعلمون اي بحكم الله في كونه وافعاله المحكمة الجارية على وفق العدل ثم قال جل وعلا يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا يعني اكثر هؤلاء الناس لا يعلمون لا يعلمون حيت ان الله حكيم وان افعاله على منتهى الحكمة والصواب والعدل يجهلون هذا لانهم ليسوا مسلمين لكن يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة غافلون قال ابن كثير اي اكثر الناس ليس لهم علم الا بالدنيا واكسابها وشؤونها وما فيها فهم حذاق اذكياء في تحصيلها ووجوه مكاسبها وهم غافلون عما ينفعهم في الدار الاخرة كأن احدهم مغفل لا ذهن له ولا فكرة قال الحسن البصري والله لبلغ من احدهم بدنياه انه يقلب الدرهم على ظفره على ظفره فيخبرك بوزنه يعني من دقتي معرفتي بالدنيا والدراهم مجرد انه يظع الدرهم على رجله على ظهر قدمه مع انه او على ظهره مع انها ليست ميزان ما يضعه في الميزان لكنه دقيق يعرف هذه الاشياء مجرد ان يضع الدرهم على ظفره يقول هذا وزنه كذا وكذا ها يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا قال ابن قال الحسن البصري والله لبلغ من احدهم بدنياه انه يقلب الدرهم على ظفره فيخبرك بوزني وما يحسن ان يصلي والله المستعان يا اخوان اعتنوا بدينكم تعلموا دينكم واياكم والحرص الشديد والطمع على الدنيا فرزقك اتيك ولا بد ابذل الاسباب نعم لكن لا يؤدي بك هذا الى انك لا تعلم عن الله مراده ولا تدري ماذا يريد الله منك؟ وماذا شرع لك نتعلم دينك وتبصر ولا مانع ان تطلب من الدنيا ما يعينك على اخرته على دنياك واخرتك لكن لا تغفل عن الشرع تعلموا واجمع بين الحسنين والدنيا حسنى باعتبار يعني بنية اذا نواها الانسان اعانة له على طاعة الله ولينفق على نفسه وعلى اهله وعلى من ولاه الله عليه ثم قال جل وعلا او لم يتفكروا في انفسهم ما خلق الله السماوات والارض وما بينهما الا بالحق واجل مسمى. وان كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون اولا يتكفل اولم يتفكروا الاستفهام هنا كما قال ابن عاشور تعجبي استفهام تعجبي من غفلتهم وعدم تفكرهم والتفكر كما قال الامير الشنقيطي هو التأمل والنظر العقلي واصله اعمال الفكر يعني يتأملون وينظرون في خلق الله ما خلق من هذه السماوات ويبدو السماء واحدة ما ترى فيها من تفاوت زينت بالنجوم لا تقع على الارض وايضا خلق الارض وجعل هام منبسطة وجعل فيها اقواتها وارساها بالجبال واوجد عليها خلقه واطعمهم وسقاهم الى غير ذلك فلو تفكروا حق التفكر في هذه الامور لدلهم على ذلك لدلهم ذلك على انه لا اله الا الله وهذا كثير في القرآن يأتي الله بتوحيد الربوبية الذي يقر به الكفار ويقرر به توحيد الالوهية الذي ينكره الكفار فهم ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله يقول الله هو الذي خلق السماوات والارض هو الذي خلقنا ولكن باب التأله والعبادة لا يقرون بها اجعل الالهة اله واحدا؟ ان هذا شيء عجاب وهذا تناقض منه فالذي خلق هذه السماوات وهذه الاراضين واوجدها هو المستحق ان يعبد وحده لا شريك له. لانه لا لا يمكن ان يقوم بهذا احد غير الله جل وعلا لا يمكن فوجب افراده جل وعلا بالعبادة قال جل وعلا اولم يتفكروا في انفسهم ما خلق الله السماوات والارض وما بينهما لذلك ما بين السماوات والارض سبع سماوات طباق بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة سنة ومن الارض مثلهن فهو الذي خلقها كلها واوجدها وهذا تنبيه على قدرته العظيمة جل وعلا التي لا يقدرها احد فمن كان بهذه القدرة وجب ان يخص بالعبادة وحده لا شريك له قال ما خلق ما خلق الله السماوات والارض وما بينهما الا بالحق قال الطبري اي الا بالعدل واقامة الحق وقال فالفراء الا للحق يعني الثواب والعقاب وقيل بالحكمة كل هذه معاني متلازمة فالله خلق هذه السماوات بالحق ولاجل حق ولاجل الثواب والعقاب ما خلقها باطلا جل وعلا قال الا بالحق واجل مسمى والاجل المسمى المراد به وقت ومدة مسماة عنده جل وعلا لا تتقدم ولا تتأخر وهو يوم القيامة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره واجل مسمى اي مؤقت بقاؤهما يعني السماوات والارض اي مؤقت بقاؤهما الى اجل تنقضي به الدنيا وتجيء به القيامة وتبدل الارض غير الارض والسماوات فالله سبحانه وتعالى اجل اجلا لهذه السماوات والاراضين وهو يوم القيامة يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات سبحانه وتعالى ثم قال جل وعلا وان كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون كثير من الناس بلقاء الله كافرون كافرون بلقاء الله لا يؤمنون بالبعث ولا بالنشور ولا الوقوف بين يدي الله جل وعلا ولا المجازاة وهذا فعل الكفار هذه عقيدتهم يقولون انما هي حياتنا الدنيا نموت ونحيا ينكرون البعث ينكرون النشور نسأل الله العافية والسلامة وهذا دليل على ان الكفار هم اكثر الناس لانه قال وان كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون لكافرون بذلك وغير مؤمنين ولا مصدقين. لكن لكن المؤمنين يؤمنون بلقاء الله ويؤمنون باليوم الاخر. قال جل وعلا اولم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا اشد منهم قوة واثاروا وعمروها اكثر مما عمروها. وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون اولم يسيروا في الارض فالله سبحانه وتعالى ينكر عليهم هذا استفهام انكاري اولا يسيروا في الارض فينظر كيف كان عاقبة الذين من قبلهم والسير يحتمل هنا انه يراد به يعني السير بعقولهم قال يعني يتدبرون قال الطبري ببصائرهم وقلوبهم اولم يسيروا في الارض ببصائرهم وقلوبهم وقال ابن كثير اي بافهامهم وعقولهم ونظرهم وسماع اخبار الماضية فانهم هذان الامامان جعلا السير هنا المراد به السير بالبصائر وبالنظر وبالقلوب بالتدبر بالتذكر وبالتفهم اين هؤلاء الذين كانوا اشد منهم قوة وليس هناك مانع ايضا ان يكون المراد بالسير هو المشي في الارض وقد كانوا يذهبون كان كفار قريش يذهبون الى الشام ويمرون بالقرى وبقرى قوم لوط وبغيرها ويمرون ايضا ب الحجر ديار ثمود مدائن صالح ويذهبون الى اليمن فلما لم يتفكر ويتدبروا ويتأملوا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم؟ الذين عمروا هذه الديار من الام السابقة وكانوا اشد منهم قوة كانوا اشد قوة من كفار قريش اصحاب الحجر قومي عاد قوم نوح الامم الكثيرة التي كانت اشد قوة منكم يا قريش واثاروا الارض وعمروها اكثر مما عمروها واولئك تلك الامم البائدة القوية كانوا اثاروا الارض قال ابن كثير اي كانت الامم الماضية والقرون السالفة اشد منكم ايها المبعوث اليهم محمد صلى الله عليه واله وسلم واكثر اموالا واولادا وما اوتيتم معشار ما اوتوا. ومكنوا في الدنيا تمكينا لم تبلغوا اليه وعمروا فيها اعمارا طوالا فعاملوها اكثر منكم واستغلوها اكثر من استغلالكم ومع هذا لما جاءتهم رسلهم بالبينات وفرحوا بما اوتوا اخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله ميواق ولا حالت اموالهم ولا اولادهم بينهم وبين بأس الله ولا دفعوا عنهم مثقال ذرة وما كان الله ليظلمهم فيما احل بهم من العذاب والنكال ولكن كانوا انفسهم يظلمون. اي وانما اوتوا من انفسهم حيث كذبوا بايات الله واستهزءوا بها وما ذاك الا بسبب ذنوبهم السالفة في تكذيبهم المتقدم ولهذا قال ثم كان عاقبة الذين اساءوا السوء ان كذبوا بايات الله اذا كانوا اشد واثاروا الارض عمروها اثاروها يعني حرثوها للزراعة او حرثوها من اجل ان يبنوا عليها فاثاروا الارض وحظروها وحرزوها وعمروها بالزروع بالنباتات بالبناء للمصالح وجاءتهم رسلهم بالبينات بالدلائل الواضحات التي تدل على انه لا اله الا الله وان هؤلاء الرسل مرسلون من قبل الله جل وعلا فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون فان الله جل وعلا دمرهم وعذبهم عذابا شديدا وما ظلمهم جل وعلا بذلك وبما اخذهم به من العذاب لكن هم كانوا انفسهم يظلمون بالكفر بايات الله وعدم الايمان بالبينات والرسل وعدم وقبل ذلك عدم الايمان بالله جل وعلا فاخذهم جزاء وفاقا لاعمالهم جل وعلا وقد امهلهم مدة واقام عليهم الحجة وارسل اليهم الرسل وانزل عليهم الكتب ولكنهم ابوا الا طريق الكفر فاحل به فاحل بهم عقابه عدلا منه جل وعلا ثم قال جل وعلا ثم كان عاقبة الذين اساءوا السوء ان كذبوا بايات الله وكانوا بها يستهزئون اولا السوء مؤنث السوء والمعنى كانت عاقبتهم عاقبة سيئة السوء اي كانت العاقبة السوء اي السيئة واختلف القراء في قراءة عاقبة فنصبها الكوفيون وابن عامر قرأوها وكان ثم كان عاقبة وقرأ الباقون بالظم ثم كان عاقبة الذين اساءوا السوء كان عاقبتهم العاقبة السوء والعاقبة السيئة لان الله اخذهم اخذ عزيز مقتدر وعذبهم طيب ما الفرق بين القراءتين الفرق بين القراءتين ان القراءة الاولى ثم كان عاقبة جعلوها خبر كان نصبوها على انها خبر كان لان كان تدخل على الجملة الاسمية فترفع المبتدأ وتنصب الخبر فقالوا هنا خبر مقدم و المبتدأ واسم كان هو السوء تقدير الكلام هكذا ثم كان عاقبة السوء ثم كان ثم كان كانت السوء عاقبة الذين اساؤوا. هذا تقدير الكلام. ثم كان عاقبة ثم كانت السوء او الحالة السوءاء عاقبة اولئك المكذبين الذين اساؤوا وعلى قراءة الظم تكن عاقبة اسمك انا. والسوء خبرها لان كان ترفع اسمها وتنصب خبرها فيكون تقدير الكلام ثم كان عاقبة اسم كان عاقبته اسم كان ما خبرها السوء ولكن ما تظهر عليها اه علامة في النصب لان اخرها الف ويتعذر خروج الحركة عليه كما هو مقرر عند ان نحات قال جل وعلا ثم كان عاقبة الذين اساءوا السوء يعني بعد ان ذكر الامم السابقة الذين جاءتهم رسلهم بالبينات وكانوا قد عملوا الارض اكثر مما عمرتها قريش اثاروها وكانوا اشد منهم قوة كانت عاقبتهم بهذا السؤال الذي فعلوه العاقبة السوء اي سيئة هذه عاقبة امرهم وهي حلول عذاب الله ونقمته بهم واهلاكهم وتدميرهم ان كذبوا بايات الله وكانوا بها يستهزئون لان لانهم كذبوا لاجل ان كذبوا بايات الله جائتهم البينات فكذبوا بها ولم يؤمنوا بها وكانوا بها يستهزئون. كانوا يستهزئون بهذه الايات وهذه العلامات محل سخرية يعني ليس فقط كذبوها بل جمعوا بين سيئتين بين التكذيب والاستهزاء وفي هذا تحذير ووعيد وتخويف لقريش فاحذروا ان يصيبكم ما اصابهم فان فعلتم مثل فعلتهم وانتم الان على فعلتهم وبقيتم على ذلك فسيحل بكم ما حل بهم ولكن توبوا الى الله وارجعوا اليه وامنوا برسوله واتبعوا النور الذي جاء به هذا من اقامة الله جل وعلا الحجة على خلقه سبحانه وتعالى قال ابن كثير قوله ثم كان عاقبة الذين اساءوا السوء ان كذبوا بايات الله وكانوا بها يستهزؤون قال كما قال تعالى ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة. ونذروه في طغيانهم يعمهون وقوله فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم وقوله فان تولوا فاعلم ان ما يريد الله ان يصيبهم ببعض ذنوبهم وعلى هذا تكون السوء منصوبة مفعولا لاساءوا وقيل بالمعنى في ذلك ثم كان عاقبة الذين اساءوا السوء اي كانت السوء عاقبتهم لانهم كذبوا بايات الله وكانوا بها يستهزئون فعلى هذا تكون السوء السوء منصوبة خبر كان هذا توجيه ابن جرير ونقله عن ابن عباس قتادة ورواه ابن ابي حاتم اه عنهما وعن الضحاك ابن المزاحم وهو الظاهر والله اعلم وقد قدمنا القراءة فيها وتوجيه المعنى بناء على القراءتين ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد