بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة الروم ظهر الفساد في البر البحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون. قصيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان اكثرهم مشركين هذه الايات يبين الله جل وعلا فيها ظهور الفساد وانتشاره والفساد هو العمل بمعاصي الله جل وعلا فيشمل الشرك فما دونه فلان هذا كما قال ابن عباس ان الافساد في الارض هو العمل فيها بالمعاصي فظهر الفساد اي العمل بالمعاصي في البر والبحر والبر والبحر هنا ذهب الجمهور انه ومنهم ابن عباس وعكرمة والضحاك والسدي وغيرهم ان المراد بالبر هنا هو الفيافي وقال الطبري الفلوات يعني الصحراء فيافي التي ليس فيها احد او التي فيها اهل البادية فقط والمراد بالبحر الانصار والقرى وهي الانصار والقرى التي على المياه والانهار اذا هذا القول الاول ان المراد بالبر الفيافي او الفلوات والمراد بالبحر هو الانصار والقرى وقيده بعضهم التي تكون على المياه والانهار يعني اذا كانت هذه هذا مصر او هذه المدينة على طرف البحر او على طرف نهر هذا هو المراد بالبحر وجاء عن عكرمة انه قال في قوله ظهر الفساد في البر والبحر قال ان العرب تسمي الامصار بحرا وايضا جاء عنه انه قال ظهر الفساد في البر والبحر قال اما اني لا اقول بحركم هذا ولكن كل قرية على ماء جار وجاء عن قتادة انه قال البر اهل العمود والبحر اهل القرى والريف وهذا يعني يوظح ان المراد بالبر اهل العمود اهل العمود المراد بهم البادية يقال لهم اهل العمود لانهم يبنون الاعمد يبنون بيوت الشعر على الاعمد يضعونها على اعمد وقال ابن عباس ان البر ما كان من المدن من المدن والقرى على غير نهر والبحر ما كان على شط نهر وانا ذكرت اقوالهم ليتضح لكم هذا القول الذي هو قول الجمهور ان المراد بالبر الفيافي والفلوات والمراد بالبحر الامصاري والمراد بالبحر الامصار والقرى وهذا هو القول الاول وقد قال ابن كثير وهذا القول هو الاظهر وعليه الاكثر ويؤيده ما ذكره محمد ابن اسحاق في السيرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح ملكة ايلة وكتب له ببحره يعني ببلده والقول الثاني قالوا المراد بالبر هو البر المعروف وبالبحر البحر المعروف وقال عطاء الخرساني المراد بالبر ما فيه من المدائن والقرى وبالبحر جزائره يعني الجزر التي في البحر هذا هو المراد بالبحر والقول الاول اظهر وخص ان هذا هو عرف العرب وهذا هو المعلوم وان كان بعضهم قال المراد به البر المعروف والبحر المعروف طيب كيف يكون فساد في البحر وخاصة في في تلك الاوقات ما كان يعني ركوبهم للبحر الا لحاجة ملحة قال العلماء الذين قالوا بهذا القول المراد به اخذ السفينة غصبا يعني ان تؤخذ السفن غصبا واستدلوا وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ولكن الشوكاني ابطل هذه الاقوال وقال لا دليل على هذا هذا القرآن منزل على النبي صلى الله عليه واله وسلم وقصة السفينة وقصة موسى مع الخضر هذه قبل ان ينزل القرآن الله جل وعلا يخبر عن ذلك الزمان وذلك الحال الذي بعث فيه النبي صلى الله عليه واله وسلم اذا الفساد في الارض هو العمل فيها بالمعاصي وما ذكره بعضهم ان ظهور الفساد هو انقطاع المطر عن عن البر يعقبه القحط على البحر تعمى دوابه قالوا تصاب بالعمى وما ذكره ايضا مجاهد فساد البر قتلوا ابن ادم وفساد البحر اخذ السفينة غصبا ايوة قول بعضهم بان بان المراد بالفساد هو النقص في الثمار والزروع بسبب المعاصي هذا كله من باب ذكر بعض الانواع وبعضها غير مسلم لكن القرآن يفسر بعضه بعضا. فالفساد في الارض هو العمل فيها بالمعاصي من الشرك فما دون الشرك فهنا يقول الله جل وعلا ظهر الفساد المعاصي والذنوب من الشرك والكبائر وغير ذلك وانتشر وفشى وصار ظاهرا بينا في البر وهي تلك القفار والفيافي الاماكن التي لا ماء فيها لا بحر ولا نهر فيها والبحر وهي هي تلك المدن والامصار والبلدان التي تكون على طرف البحر او تكون على طرف النهر هذا هو الذي عليه الاكثر وهو ظاهر الامر والله اعلم قال جل وعلا بما كسبت ايديهم. ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس. الباء هنا للسببية اي بسبب كسب الناس وما يجوز ان تكون موصولة او مصدرية فان كانت موصولة بسبب الذي كسبك ايدي الناس او بسب وان كانت مصدرية في التقدير بسبب كسب بسبب كسب ايدي الناس بسبب كسب ايدي الناس وايدي الناس المراد هنا يعني كسبهم واعمالهم وان كان عملهم ليس بالايدي لو كان عملهم بالالسن او بالارجل او بالاعين او غير ذلك فهو من كسب الناس لكنه يعبر عن الكسب باليمين من باب التأبير بالجزء وارادة الكل. وهذا عرف القرآن وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم فهذا عرف القرآن والا المراد كل ذنب يكسبه يفعله العباد وكل معصية باليد او غيرها ليذيقهم بعض الذي عملوا قال ابن كثير ان يبتليهم بنقص الاموال والانفس والثمرات اختبارا منه ومجازاة على صنيعهم لعلهم يرجعون اي عن المعاصي كما قال تعالى وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون. ثم قال تعالى قل سيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل اي من قبلكم كان اكثرهم مشركين اي فانظروا ماذا حل بهم من تدريب الرسل وكفر النعم اذا الله جل وعلا اذاق العباد بسبب ما كسبت ايديهم من الذنوب والمعاصي كل ذلك لعلهم يرجعون عن اعمالهم التي اثرت تلك المصائب وذلك الفساد لعلهم يرجعون عليها ويتوبون وينيبون الى الله جل وعلا. ثم قال قصروا في الارض سيروا في الارض وانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل من الامة السابقة الكافرة الذين كفروا وعملوا بالذنوب والمعاصي بالشرك والكفر ولم يؤمنوا فان الله قد اهلكهم وابادهم وعذبهم وكان اكثرهم مشركين لان اتباع الانبياء قليل واكثر الناس على الشرك والكفر كما جاء في الحديث اللي في البخاري وغيره ان الله جل وعلا يقول يا ادم اخرج بعث النار من ذريتك فيخرج من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعين الى النار وواحدا الى الجنة هذا دليل ان اكثر الناس كانوا على الشرك ولا شك ان الكافر اذا اهلكه الله استراح منه العباد والبلاد قال ابن كثير وثبت في الصحيح والحديث في صحيح البخاري وغيره وثبت في الصحيح ان الفاجر اذا مات تستريح العباد والبلاد والشجر والدواب ولا شك ان الامل بطاعة الله جل وعلا سبب للبركات في الارض وكثرة خيرها ونمائها ولهذا روى الامام احمد عن عوف عن ابي قحلم قال وجد رجل في زمان زياد او ابن ابي زياد في زمن زياد او ابن زياد سرة فيها حب يعني من امثال النوى يعني منبر وجد فيها حبا يعني منبر فوجد هذا الحد امثال النوى عليه مكتوب هذا نبت هذا نبت في زمان كان يعمل فيه بالعدل يعني زمن متقدم في زمن معاوية فيقول انهم وجدوا حبا من بر واذا الحبة الواحدة مثل نواة التمر كبيرة جدا ليست من الحبوب التي عندنا الان واذا مكتوب عليها هذا نبت في زمانه في زمان كان يعمل فيه بالعدل لا شك ان طاعة الله والاستقامة على دين الله والعمل بامره والعدل وعدم الظلم والجور وعدم الذنوب والمعاصي يجعل الله جل وعلا بسبب ذلك بركات الارض ثم قال جل وعلا فاقم وجهك للدين القيمة قد مر معنا في ايات سابقات ان معنى فاقم وجهك اي سدد وجهك واستقم على دين الله جل وعلا. للدين القيم وهو دين الاسلام الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم وهو التوحيد قال جل وعلا من قبل ان يأتي يوم لا مرد له وهذا وان كان امرا للنبي صلى الله عليه وسلم لكن المراد به امته والمراد به من يمكن ان يزيغ او لا يستقيم على الدين اما النبي صلى الله عليه وسلم فهو قد اقام وجهه لدين الله واستقام عليه وعصمه الله فهو معصوم وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن اهل الجنة لكن هذا يوجه الى من ليس معصوما فاذا كان وجه للنبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يمكن ان يقع منه هذا فغيره من باب اولى واحرى من قبل ان يأتي يوم لا مرد له وهو يوم القيامة وهو يوم ات ولا بد منه لا مرد له لا يرده رد ولا يسده صاد فسيأتي ويقع بلا شك ولا ريب وهذا الايمان وهذا اليوم الاخر ويجب الايمان هو احد اركان الايمان الستة الذي يجب ان يعتقده المسلم ويدين الله به ثم قال يومئذ يصدعون يومئذ يعني يوم اتيان ذلك اليوم وهو يوم القيامة ويوم البعث والنشور يتصدعون اي يتفرقون تصدع الناس يتفرقون قال الطبري يتفرقون فرقتين من قولهم صدأت الغنم اذا فرقتها فرقتين فريق في الجنة وفريق في فريق في الجنة وفريق في السعير يتصدعون يتفرقون الى فريقين فريق في الجنة وفريق في السعير ثم قال من كفر فعليه كفره اذا لما ذكر انهم يتصدعون ويتفرقون الى فريقين ذكر حال الفريقين فقال من كفر فعليه كفره عليه جزاء كفره وهو عذاب الله جل وعلا وادخاله النار كل نفس مما كسبت رأينا ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون. هذا الفريق الثاني من عمل صالحا اي عملا صالحا وهو ما اجتمع فيه ابتغاء وجه الله الاخلاص فيه والمتابعة فيه للرسل فلانفسهم يمهدون ومعنى يمهدون ان يوطؤون لانفسهم في الاخرة فراشا وقارارا بالعمل الصالح ومنه مهد الصبي والمهاد الفراش وقد تقول قد مهدت الفراش مهدا بسطته ووطأته وتمهيد الامور تسويتها واصلاحها ونحو ذلك قال الطبري في تفسيره قال فلانفسهم يمهدون؟ قال لانفسهم يستعدون ويسوون المضجع ليسلموا من عقاب ربهم وجاء عن بعض المفسرين فلأنفسهم يمهدون قال هو القبر فالحاصل انه يمهدون يعني يقدمون من الاعمال التي تكون لهم نجاة ووقاء يوم القيامة ثم قال جل وعلا ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات من فضله انه لا يحب الكافرين الله سبحانه وتعالى امر عباده بالمبادرة الى الاستقامة في طاعته والمبادرة الى الخيرات ثم اخبر انه يجازيهم مجازاة يجازيهم على اعمالهم ولكن المؤمنين يجازيهم مجازاة الفضل لانه قال هنا ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات من فضله. يتفضل عليهم قال ابن كثير ان يجازيهم مجازاة الفضل الحسنة بعشر امثالها الى سبع مئة ضعف الى ما يشاء الله انه لا يحب الكافرين جل وعلا ومع هذا هو العادل فيهم الذي لا يجور فهو لا يحب الكافرين وهذا تنفير من الكفر وتحذير منه ولكن مع ذلك لا يظلمهم بل هو حكم عدل. من جاء بالحسنة فله عشر امثالها. ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها وهم لا يظلمون ثم قال جل وعلا ومن اياته ان يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بامره ولتبتغوا من فظله ولعلكم تشكرون ومن اياته قال الطبري اي من ادلة وحدانيته لان الايات جمع اية وهي العلامات الدالات على الحق العلامات المبينات الموظحات للحق فمن اياته ان يرسل الرياح مبشرات كما قال جل وعلا هو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى اذا اقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت الاية قال الطبري مبشرات بالغيث والرحمة قال ابن كثير يذكر تعالى نعمه على خلقه في ارساله الرياح مبشرات بين يدي رحمته بمجيء الغيث عقيلها او عقيدها ولهذا قال وليذيقكم من رحمته اي المطر الذي الذي ينزله فيحيي به العباد والبلاد وقال ابن جرير وليذيقكم من رحمته ولينزل عليكم من رحمته وهو الغيث الذي يحيي به البلاد ولتجري الفلك بامره. قال ابن جرير اي قال ابن كثير اي في البحر وانما سيرها بالريح وقال الطبري ولتجري السفن في البحار ولتجري السفن في البحار بها بامره اياها اذا ارسل الرياح لأمور مبشرات وليذيقكم من رحمته وارسالها ايضا لتجري الفلك بامره لان الفلوك انما تسير عند هبوب الرياح اذا هبت الرياح تسير يضعون الشراء بطرق معينة فتسير وهذا من فضل الله جل وعلا ثم قال ولتبتغوا من فظله ولعلكم تشكرون قال الطبري ولتلتمسوا من ارزاقه ومعائشه التي قسمها بينكم. هذا معنى ترتغم من فظله ولاجل ان تبتغوا من فضله ويقول ابن كثير اي في التجارات والمعائش والسير من اقليم الى اقليم وقطر الى قطر ولعلكم تشكرون قال الطبري ولتشكروا ربكم على ذلك اولي تشكروا ربكم على ذلك ارسل هذه الرياح مبشرات وقال ابن كليب اي تشكرون الله على ما انعم به عليكم من النعم الظاهرة والباطنة التي لا تعد ولا تحصى هكذا قال رحمه الله والاولى ان يقال التي لا تحصى لان الله اثبت العد فقال وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. فاثبت انه يمكن ان يعد الانسان لكن لن يحصي النعم كلها. يعدوا نعمة نعمتين عشر مئة الف نعمة. لكن لا يستطيع ان يحصي كل هذه النعم ثم قال جل وعلا ولقد ارسلنا من قبلك رسلا الى قومهم فجاؤوهم بالبينات فانتقمنا من الذين اجرموا وكان حقا علينا نصر مؤمنين وهذا كما قال ابن كدي كما قال ابن كثير قال هذه تسلية من الله لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه واله وسلم بانه وان كذبه كثير من قومه ومن الناس فقد كذبت الرسل المتقدمون مع ما جاءوا اممهم به من الدلائل الواضحات ولكن الله انتقم ممن كذبهم وخالفهم وانجى المؤمنين بهم وكان حقا علينا نصر المؤمنين قال هو حق اوجبه على نفسه الكريمة تكرما وتفضلا كقوله تعالى كتب ربكم على نفسه الرحمة وهذه لفتة كريمة من ابن كثير قال هو حق اوجبه على نفسه الكريمة ما اوجبه احد عليه كما تقول معتزلة ان على الله حق واجب للعباد يجب عليه كذا ويجب عليه كذا لا هو واجب عليه بايجابه جل وعلا له على نفسه فهو اوجب هذا على نفسه ليس لاحد عليه حق لكن لكماله وعظم فضله ونعمه وعدله ورحمته اوجب لعباده على نفسه حقا كما في الحديث اتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله هذا حق انعام وتفضل منه جل وعلا وليس على سبيل المقابلة والمجازاة قال جل وعلا ولقد ارسلنا من قبلك رسلا الى قومهم فجاؤوهم يعني جاءت الرسل قومهم بالبينات بالدلائل الواضحات التي تدل على الحق وانه من عند الله فكذبوا فانتقمناه فكذبوهم فانتقمنا منهم وذلك باهلاكهم وحلول العذاب بهم فاغرق قوم نوح اغرقهم بالماء الذي عم الارض واغرق عاد بالريح واغرق نعم واهلك قوم عاد بالريح واهلك قوم صالح بالصيحة واهلك فرعون بالغرق في البحر وهكذا فانتقم الله منهم على اعمالهم الخبيثة انتقمنا من الذين اجرموا من الذي اجرم لانهم اجرموا والاجرام هو العمل بالمعاصي والاكثار في ذلك وفعل الجرم الكبير واعظمه الشرك ثم قال وكان حقا علينا ننصر المؤمنين لان الله ينصر عباده جل وعلا قال ابن كثير قال ابن ابي حاتم حدثنا ابي وساق بسنده عن ابي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول ما من امرئ مسلم يرد عن عرض اخيه الا كان حقا على الله ان يرد عنه نار جهنم يوم القيامة. ثم تلا وكان حقا علينا نصر المؤمنين وهو حديث رواه الامام احمد غيره ومعناه حق ولا شك فنصر المؤمنين حق اوجبه الله على نفسه فليفرح المؤمنون ابشروا بنصرة الله لكم في الدنيا والاخرة ولكن لا تستعجلون ثم قال جل وعلا الله الذي يرسل الرياح فتدير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسباء فترى الودق يخرج من خلاله فاذا اصاب به من يشاء من عباده. اذا هم يستبشرون يحدد جل وعلا ايضا شيئا من نعمه على عباده وهي دالة على قدرته وعلى استقلاله بذلك وانفراده به فمن كان يفعل ذلك هو هو الذي يجب ان يعبد دون من سواه ولا يجوز ان يجعل له شريكا كيف يجعل الشريك العاجز الذي لا يفعل شيئا من ذلك للعليم القادر الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهذا فيه اقامة الحجة العقلية عليهم قال جل وعلا هو الذي يرسل الرياح فتهب الرياح والله الذي يرسلها فتثير سحابا قال الطبري فينشيء فتنشئ الرياح سحابا وقال ابن عاشور الاثارة هي رفع الشيء المستقل وقلبه بعد استقراره من اثار الشيء اذا حرك اجزاءه فيبسطه في السماء كيف يشاء قال الطبري ينشره ويجمعه في السماء كيف شاء وقال ابن عاشور تسوقه وتدفعه من مكان الى مكان فيبسطه في السماء وقال ابن كثير يبين تعالى كيف يخلق السحاب الذي السحاب التي ينزل منها الماء؟ فقال الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا. اما من البحر على ما ذكره غير واحد او مما يشاء الله عز وجل فيبسطه في السماء كيف يشاء ان يمده يمده فيكثره وينميه ويجعل من القليل كثيرا ينشئ سحابة فترى في العين فترى في رأي العين مثل الترس الترس شيء مستدير يمسكه المقاتل بيده اليسرى يتقي به ظرب السياح الرماح او السيوف شي صغير باليد بيده اليسرى يمسكه. فتنظر سحابة صغيرة قزعة صغيرة قال فترى في رأي العين مثل الترس ينشئ سحابة فترى في رأي العين مثل الترس ثم يبسطها حتى تملأ ارجاء الافق سبحان الله وهذا كل يعلمه ترى قزعة سحاب ثم بعد ذلك تكبر وتعظم ويكثر السحاب حتى يغطي السماء دليل على انه على كل شيء قدير ولا احد يفعل ذلك سواه فيجب افراده بالعبادة لان ميزها ذلك هو المستحق ان يعبد جل وعلا قال ابن كثير ثم يبسطها حتى تملأ ارجاء الافق وتارة يأتي السحاب من نحو البحر ثقالا مملوءة ماء كما قال تعالى وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى اذا اقلت سحابا ثقالا من سقناه لبلد ميت فانزلنا به الماء فاخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون وكذا قال ها هنا الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا ويجعله اكتسابها قال مجاهد وابو عمرو ابن العلا ومطر الوراق وقتادة يعني قطعا اجابة قطعة. وقال غيرهم متراكبة متراكما فوق يعني بعظه فوق بعظ قاله الضحاك وقال غيره اسود من كثرة الماء تراهم مدلهما ثقيلا قريبا من الارض وكسفا فيها قراءتان قرأ ابن عامر كسفا ساكنة السين وقرأ الباقون بفتح السين كسفا جمع كسفة كسف هي القطعة من الشيء والمعنى على ما ذهب اليه ابن جرير ان الله جل وعلا يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسط السحاب ويمده كيف يشاء في السماء او الحالة الثانية انه يجعله كسبا. يعني احيانا يمد السحاب ويملأ السماء كله واحيانا يجعله سحاب قطع ليس لا يملأ السماء لكن ترى هنا قط قطعة كسفا وهنا كسفا يعني قطعا قال ابن جرير او قال ابن عاشور ويجعله كسبا اي تارة اخرى فهو احيانا يبسطه في السماء واحيانا يجعله قطعا متفرقة وهذا ايضا دليل على عظيم قدرته جل وعلا قال فترى الودق يخرج من خلاله والودق هو المطر الودق هو المطر وهذا هو قول المفسرين قال ابن كثير اي فترى المطر وهو القطر يخرج من بين ذلك السحاب يخرج من خلاله من خلاله راجع على السحاب بحالتي بحال بسطه في السماء ومده وفي حال جعله كسبا فان المطر ينزل من خلال السحاب المغلق ومن خلال ايضا الغمامات الغمامة قطعة والخلال هي الفرجة بين شيئين وهذا امر واضح يراه الانسان حينما يأتي المطر انظر السحاب يخرج ويأتي المطر من هذا السحاب الذي تراه قال جل وعلا فاذا اصاب به من يشاء من عباده اذا هم يستبشرون اذا اصاب بهذا المطر وهذا الودق من يشاء فلا يصيب كل احد لكن يسوقه لمن يشاء جل وعلا تقناه لبلد ميت كما قال جل وعلا اذا هم يستبشرون يفرحون ويسرون بنزول المطر وان كانوا من قبل ان ينزل عليهم من قبله لمبلسين. وان كانوا من قبل المطر ان ينزل عليهم من قبله من قبل انزاله لمبلسين والابلاس هو اليأس مع الانكسار وقيل هو القنوط هذه حال الناس اذا انحبس عنهم المطر ولحقتهم الشدة وقلت المياه وقلت النباتات يصبحون في حال من من الابلاس والقنوط والانكسار واليأس فانظر الى اثار رحمة الله ازال عنهم هذا هذه الشدة بلحظات فاستبشروا واستأنسوا وهذا امر يجده كل احد حينما ينزل المطر كيف يجد نفسه فرح مستبشر وان كان قبل ذلك يعني قبل المطر فقبل الاولى وان كانوا من قبلي ان ينزل عليهم من قبل ان ينزل عليهم المطر من قبله يعني من قبل انزاله فيعود على المطر وعلى انزاله قبل الاولى على المطر والثانية على انزاله وقيل بل كلاهما يعود على شيء واحد فهو من باب التأكيد من قبله من قبله من قبل من قبلي من قبلي كلاهما من باب التوكيد فانظر الى اثار رحمة الله انظر بعينك يا عبد الله الى اثار رحمة الله هذا المطر الذي هو رحمة الله انزله على العباد. انظر الى اثار هذه الرحمة ما هي؟ يحيي الارض بعد موتها فينزل المطر وهو رحمة الله هنا ومن اثار رحمة الله فاذا نزل احيا به الارض بعد موتها فاخضرت وازدانت وازهرت ان ذلك لمحيي الموتى. نعم والله فالذي يفعل هذا وينزل الماء ويحيي به الارض الميتة الهامدة اليابسة التي لا نبات فيها فيحييها بالنبات والاشجار والازهار وتكثر الدواب تخرج دواب لا يعرفها الناس قبل مجيء الربيع من يفعل ذلك لمحيي الموتى جل وعلا بعد موتهم وسيبعثهم والدليل على اثبات البعث وهو على كل شيء قدير جل وعلا لا يعجزه شيء هذا فيه اثبات البعث. ثم قال ولئن ارسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون ولئن ارسلنا ريحا على هذا النبات الذي احيينا به الارض بعد موتها فارسلنا ريحا فاثرت على هذا النبات فرأوه مصفرا يعني صار اصفر بعد خضرته هذا كناية على موته وقرب زواله فيصبح حطاما لظلوا من بعده يكفرون لظلوا من بعد ذلك يكفرون قال ابن كثير يقول ولئن ارسلنا ريحا يابسة على الزرع الذي زرعوه ونبت وشب واستوى على سوقه فرأوه مصفرا اي قد اصفر وشرع بالفساد لظلوا من بعدها اي من بعد هذه بعد هذه هذا الحال يكفرون اي يجحدون ما تقدم من النعم كما قال تعالى افرأيتم ما تحرثون؟ اانتم تزرعونه ام نحن الزارعون؟ لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكرون ان لا لمغرمون بل نحن محرومون قوله في اول ايات الذي يرسل الرياح قرأ ابن كثير وحمزة يرسل الريح بالافراد وقرأ الباقون بالالف الرياح ومن هنا نعلم ان المقولة التي تقول ان الريح اذا جاء لفظ الريح في القرآن يدل على العذاب واذا جاءت الرياح تدل على الرحمة نقول هذا من حيث الاعم الاغلب من حيث العم الاغلى لكن قد تأتي الريح وتدل على الخير وجرينا بهم بريح طيبة وهنا ايضا الرياح ترسل الرياح قد قرأها بعض القراء يرسل الريح فدل على ان مجيء الريح مفردة لا يدل على انها عذاب فقد تكون للرحمة وان كان العم الاغلب انها عند الافراد تكون عذابا وعند الجمع تكون رحمة ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد