الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد فنبدأ هذا الدرس بتفسير سورة لقمان ونتكلم عن بعظ المقدمات المتعلقة بهذه السورة فاولا اسمها اسمها سورة لقمان ولا يعرف له ولا يعرف لها غير هذا الاسم وسميت بذلك لذكر لقمان فيها وذكر قصصه او ذكر مواعظه وبعظ شيء من اقواله ونوعها مكية جميعها نوعها مكية كلها بقول جمهور المفسرين وجاء عن ابن عباس انه قال مكية الا ثلاث ايات من قوله جل وعلا ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام الى قوله بما تعملون خبير وهي الايات السابعة والعشرون والثامنة والعشرون التاسعة والعشرون وذكر الكواشي في تفسيره حكاية عن بعضهم انه قال انها سورة مكية عدا الاية الرابعة منها وهي قوله جل وعلا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالاخرة هم يوقنون اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون ولكن هذا القول رده البيضاوي وغيره بانه غير صحيح ولعل من قال هذا القول اه نظر الى ان آآ الزكاة انما فرضت بالمدينة انما فرضت بالمدينة فقال ما دام ان الاية الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ذكر ذكرت ايتاء الزكاة فهذا دليل انها مدنية وهذا القول فيه نظر بين رده البيظاوي في تفسيره وغيره لان التحقيق ان الزكاة قرضت بمكة من حيث الجملة يعني فرض على المسلمين ان عليهم زكاة لكن تفصيل هذه الزكاة وبيان مقاديرها انما كان بالمدينة فكونها ذكرت في هذه السورة وفي هذه الاية من سورة لقمان الزكاة لا يدل على انها مدنية بل هي مكية لان تفاصيل الزكاة هي التي جاءت في المدينة لكن ذكر الله الزكاة في السور المكية في غير ما اية واما ترتيبها في النزول فهي السابعة والخمسون في تعداد نزول السور نزلت بعد سورة الصافات وقبل سورة سبأ وعدد اياتها ثلاث وثلاثون اية في العد المدني والمكي واعدها اهل الشام والبصرة والكوفة عدوها اربعا وثلاثين اية يقول الله جل وعلا الف لام ميم تلك ايات الكتاب الحكيم سبق الكلام على الحروف المقطعة في اول سورة البقرة وسبقت الاشارة الى ذلك بان خلاصة ما يقال في الحروف المقطعة في الحروف المقطعة الله اعلم بمراده منها ويظهر منها او من حكمة والحكمة منها التحدي والاعجاز تلك ايات كتاب الحكيم قال الطبري تلك اي هذه ايات الكتاب الحكيم بيانا وتفصيلا والكتاب هو القرآن والحكيم كما قال القرطبي اي المحكم وهو الذي لا خلل فيه ولا تناقض وقيل ذو حكمة وقيل هو الحاكم وهو وصف للكتاب وهو وصف للكتاب هدى ورحمة للمحسنين هدى ورحمة قرأ الجمهور ورحمة بالنصب وقرأ حمزة وحده بالرفع ورحمة المعنى يختلف باختلاف القراءتين فعلى القراءة الاولى هدى ورحمة هو حال من الكتاب تلك ايات الكتاب الحكيم والحال ان هذا الكتاب هدى يهتدى به من الضلالة ورحمة لمن اتبعه يرحمه الله ويدخل في سلك المرحومين لعملهم بما في هذا الكتاب العظيم ومن قرأها بالضم اه جعل جعل هدى هدى خبر ثانيا عن اسم الاشارة تلك ايات الكتاب هدى ورحمة جعل هذه هي ايات الكتاب عطف عليها او جعل هدى خبرا ثانيا لتلك باسم الاشارة تلك فخبره الاول ايات وخبره الثاني هدى عطف رحمة علي والمعطوف على المرفوع مرفوع والحاصل ان الله سبحانه وتعالى بين ان هذا القرآن هدى يهتدى به من الضلالة ورحمة لمن عمل به واخذ بما فيه ثم قال للمحسنين قال الطبري وهم الذين احسنوا في العمل بما انزل الله في هذا القرآن وقيل ان المحسنين هنا جمع محسن وهو الذي يعبد الله كأنه يراه كما جاء في الحديث اخبرني حديث جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم اخبرني عن الاحسان؟ قال ان تعبد الله كانك تراه ثم ذكر شيئا من اوصاف هؤلاء المحسنين وقال الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالاخرة وهم يوقنون فهؤلاء هم المحسنون الذين جعل الله هذا القرآن هدى لهم ورحمة وهذا تفسير وبيان كيف يكون هدى ورحمة لهم وذلك بعملهم بما فيه ومن ذلك اقام الصلاة وايتاء الزكاة والايمان باليوم الاخر واليقين به ومعنى قوله يقيمون الصلاة اشرنا مرارا الى قول السعدي في فيما معناه ان اقامة الصلاة هو الاتيان بها كاملة الاركان هو الاتيان بها خالصة لله جل وعلا في وقتها مع جماعة المسلمين كاملة الاركان والشروط والواجبات وما تيسر من السنن ومن ذلك اداؤها في وقتها والمحافظة عليها في اوقاتها ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ويؤتون الزكاة كي يخرجون زكاة اموالهم ويدفعونها لمستحقيها وكان هذا بمكة ففرض الله عليهم الزكاة ولكن تفصل ذلك جاء بالمدينة واختلف العلماء كيف كانت الزكاة عليهم وكيف كانوا يدفعونها وكان اغلب الصحابة في تلك الفترة كانوا فقراء ليس عندهم مال يزكونه فالحاصل انه جاء في اكثر من سورة مكية الاشارة الى اتيان الزكاة الى ايتاء الزكاة ولكن لم يرد تفصيل ذلك وانما ورد في المدينة قال وهم بالاخرة هم يوقنون وهم بالاخرة هم يوقنون اي وهؤلاء المحسنون يوقنون باليوم الاخر وهو يوم القيامة وقيل له اخر باعتبار الدنيا لهذا يقال الدنيا والاخرة فالدنيا من الذنوب والاخرة من التأخر لانهما حياتان او يومان يوم ادنى وهي هذه الحياة الدنيا ويوم اخر وهو يوم القيامة والمراد انهم يؤمنون بالبعث والنشور وبالقيامة وهذه احد اركان الايمان الستة التي لا يصح ايمان ايمان عبد الا بالاتيان به وهو من مما يثمر عند العبد اصلاح العمل يثمر اصلاح العمل لان العبد اذا امن بان هناك يوم اخر او اخر وان العبد يجازى فيه على اعماله وان نجاته على قدر استقامته على دين الله وايقن بذلك يقينا فان هذا يحمله على اصلاح عمله خشية ذلك اليوم واستعدادا له ثم قال جل وعلا اولئك على هدى من ربهم واتى باسم الاشارة الدال على البعيد لبيان علو مكانة هؤلاء المحسنين فقال اولئك على هدى من ربهم قال ابن كثير اي على بصيرة وبينة ومنهج واضح جلي وهم على هدى لا يتعبدون لله باهوائهم وارائهم وانما هم يهتدون بكتاب الله وبرسول الله صلى الله عليه واله وسلم فهم يعملون بالكتاب والسنة على وفق هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى وفق منهج اصحابه والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين واولئك هم المفلحون اولئك هؤلاء المذكورون هم المفلحون في الدنيا والاخرة الذين ادركوا مطلوبهم ونجوا من مرهوبيهم فادركوا المطلوب ونجوا من المرهوب ثم قال جل وعلا ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله قال ابن كثير رحمه الله مبينا وجه المناسبة بين هذه الايات والتي قبلها ولا شك ان هناك مناسبات بين ايات الله بين ايات كتاب الله يوجد مناسبات بين بعض الايات وبين بعض السور فمن ذلك المناسبة بين هذه الايات التي قبلها يقول ابن كثير رحمه الله لما ذكر تعالى حال السعداء وهم الذين يهتدون بكتاب الله وينتفعون بسماعه كما قال تعالى الله نزل احسن الحديث كتابا كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد عطف بذكر حال الاشقياء هذا وجه المناسبة لما ذكر حال السعداء في الايات السابقة عطف بهذه الايات عطف بذكر حال الاشقياء. الذين اعرضوا عن الانتباه بسماع كلام الله واقبلوا على ماء المزامير والغناء بالالحان والات الطرب نعم اذا ومن الناس من يشتري من هنا للتبعيض والمراد بهم كفار قريش والكفار عموما الذين يسيرون الى الغنى ويعرضنا عن سماع الحق من يشتري معنى يشتري يعني يختار ويرغب كما قال السعدي لان الاشتراع هو المعاوظة وضم الشيء فاذا اشترى الشيء معنى ذلك انه ضمه الى نفسه واستعاذ به عن شيء اخر فقال ومن الناس من يشتري لهو الحديث ولهو الحديث فيه قولان للمفسرين فقال بعض المفسرين لهو الحديث هو الغناء هو الغنى وكل وكل ما يلهي عن الخير وممن قال ذلك ابن مسعود وقد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه لقوله تعالى ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال هو والله الغناء وجاء ايضا وروى ابن جرير عن ابي الصهباء البكري انه سمع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهو يسأل عن هذه الاية ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله. فقال عبد الله الغناء والله الذي لا اله الا هو يرددها ثلاث مرات يعني اقسم بان المراد بل هو الحديث هو الغنى ثلاث مرات واقسم على ذلك وهذا سنده صحيح الى ابن مسعود وجعله شواهد جاء عن ابن عباس وجاء عن جابر وعن بعض التابعين بان لهو الحديث هو الغنى هذا هو القول الاول وقال به ايضا قال به ابن عباس وجابر وعكرمة وسعيد ابن جبير ومجاهد ومكحول وعمرو بن شعيب وعلي بنيمة وايضا الحسن قال انزلت هذه الاية ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال في الغنى والمزامير وقال ابن وقال قتادة قوله ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم قال والله لعله لا ينفق فيه مالا ولكن شراؤه استحبابه يحسب المرء بحسب المرء من الضلالة اي اختار حديث الباطل على حديث الحق وما يمر على ما ينفع والقول الثاني ان المراد بلهو الحديث هو اشتراء المغنيات من الجواري زاد بعضهم قال المراد شراء القينات المغنيات والمغنيين لكن يحتاج الى تقدير على هذا القول فيأتون المعنى ومن الناس من يشتري لهو الحديث يعني يشتري اهل لهو لهو الحديث وهم المغنون والمغنيات بناء على هذا يصبح القولان منهما يصبح القولاني في تفسير الاية. احدهما اخذ بظاهر الاية من يشتري ويشتري هنا بمعنى يأخذ يرغب ويختار الغنى والقول الثاني قال لا يشتري هنا هو الشراء والبيع المعروف فيشتري الاماء المغنيات والمغنين ليغنوا له ولكن كما هي قاعدة المفسرين ما لا يحتاج الى تقدير اولى مما يحتاج الى تقدير وان كان اذا قلنا بان المراد به الغناء فهو يشمل القول الثاني فاذا كان اخذ الغنى وسماعه حرام ولا يجوز فهو يشمل ايضا تحريم شراء المغنيين والمغنيات من باب اولى ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله يشتري لهو الحديث من اجل ان يضل عن سبيل الله ويتخذها هزوءا فقوله ليضل فيها قراءتان فقرأ ابن كثير وابو عمرو بفتح الياء ليضل يضل هو يضل هو يضل عن السبيل. يعني هو هو بهذا يظل عن السبيل الحق وقرأ الباقون بضمها ليضل ان يضلوا غيره فيفعل ذلك لاجل ان يضل غيره وكلا القراءتين حق وكلا المعنيين صحيح فان من يظل غيره يكون ضالا هو قبل ذلك وكذلك من يضل بنفسه يضل غيره وايضا قرأ قوله جل وعلا ويتخذها قرأت بقراءتين فقرأ حمزة والكسائي وحفص ويتخذها بفتح الدال عطفا على ليضل او يضله لانها منصوبة والمعطوف على المنصوب منصوب يضل ويتخذ وقرأ الباقون بالعطف على قوله ومن الناس من يشتري لهو الحديث بالعطف وقرأ الباقون بالعطف على قوله ومن الناس من يشتري ويتخذوها ايه الظن اطمن على يشتري ايه مرفوع المطروح المرفوع مرفوع وعلى كل حال الماء المعنى لا يختلف كثيرا وهذه الاية او نطق من تفسير الاية ليضل عن سبيل الله بغير علم ما عنده علم بل عنده جهل فان العلم يحرم الغنى ويحرم اضلال الناس فيه فمن يظلوا ويظلوا ويصرفوا ويصدوا عن سبيل الله وهي تحريم الغناء والاستقامة على دين الله وسماع القرآن فمن اراد ان يضل الناس فانه يظلهم بغير علم. لانه لان علم الشريعة يحرم ذلك. وهو يحله ويشتريه ويأخذه ويدعو الناس اليه ويتخذها هزوا الظمير راجع على سبيل الله ليضل عن سبيل الله وهي الطريقة الموصلة الى الله وهي شريعة الله يظل الناس عنها وايضا يتخذوا هذه السبيل هزوا يستهزئوا بالشريعة يستهزئ بالدين يستهزئوا باهل الحق وما هم عليه وقيل ان الضمير يعود على ايات الكتاب التي مر ذكرها في اول في الاية الثانية تلك ايات الله يقول ويتخذها اي يتخذ ايات الله هزوا يهزأ بها ويسخر منها ولكن القاعدة ان عود الضمير على اقرب مذكور وهي السبيل هنا يضل عن سبيل الله ويتخذها هزوا فهو يجمع بين سيئتين يظل الناس عنها ويستهزئ بسبيل الله ويسخر منها ويطعن فيها وهكذا السيئة تجر الى السيئة ثم قال اولئك لهم عذاب مهين. الذين يفعلون هذا لهم عذاب عند الله جل وعلا مهين ان يهينهم ويذلهم ويخزيهم يوم يحل بهم لشدته نعوذ بالله من ذلك ذكر القرطبي في تفسيره ما حاصله ان الله جل ان الله جل وعلا ذكر تحريم الغنى في ثلاث ايات من كتابه وقال هذه الاية هي احدى الايات الثلاث التي ذكر اهل العلم انها تحريم الغنى ذكر هذه الاية التي معنا ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله وذكر ايضا قوله جل وعلا وانتم سامدون قال ابن عباس هو هو الغناء بالحميرية وانتم سامدون يعني وانتم تغنون وقبل هذه الاية قوله جل وعلا هذا نذير من النذر الاولى ازفت الازفة ليس لها من دون الله كاشفة افمن هذا الحديث تعجبون وهو القرآن وتضحكون ولا تبكون وانتم سامدون ايوة انتم تغنون تضحكون تتعجبون من هذا الحديث على سبيل الانكار وتضحكون منه حين تلاوة الايات ولا تخشعون ولا تبكون بل ايضا وانتم تغنون هذا دليل على شدة اعراضهم عن قبول الحق والاخذ به ثم قال وقوله واستفزز من استطعت منهم بصوتك قال مجاهد هو الغناء والمزامير اذا هذه ثلاث ايات في كتاب الله الاولى الاية التي معنا وقد مر معنا تفسير ابن مسعود رضي الله عنه لها بانه هو الغناء لهو الحديث هو الغنى ويقسم على ذلك. والاسناد اليه صحيح. والاية الثانية وانتم سامدون فسرها ابن عباس بانها الغنى بلغية بلغة كي حمية باللغة الحميرية والاية الثالثة وهي واستفزز من استطعت منهم بصوتك قال مجاهد ان مراد بسودي هنا الغنى والمزامير. هذا هو صوت الشيطان وهذه الايات المباركات تدل على تحريم الغنى وانه لا يجوز وهذا لا يكاد يعرف غيره في صدر الاسلام لا يكاد يعرف وقد انبرى العلما لبيان هذا وتحقيقه وذكر النصوص الدالة على ذلك من السنة فيجب على المسلم ان يحذر من الغنى والغنى ينبت النفاق في القلب وهو سبب للشرور وكم حصلت من الفتن ومن الزنا بسبب الغنى فكان هو البريد والوسيلة اليها لانه يصد عن سبيل الله فيجب على المسلم الناصح لنفسه ان يحذر من هذا اشد الحذر وان يحذر ابناءه واهل بيته وان يقوم كل مسلم بما اوجب الله عليه كما قال جل وعلا يا ايها الذين امنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة حتى ينجوا وينجوا اهل بيته ونكتفي بهذا القدر ونبدأ ان شاء الله الدرس القادم بذكر الادلة على تحريم الغناء والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد