بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد على اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد يقول الله جل وعلا في سورة لقمان ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة بحور ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة. ان الله سميع بصير يقول ابن كثير رحمه الله يقول تعالى مخبرا عن عظمته وكبريائه وجلاله واسمائه الحسنى وصفاته العلى وكلماته التامة التي لا يحيط بها احد ولا اطلاع لبشر على كنهها واحصائها كما قال سيد البشر وخاتم الرسل لا احصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك فقال تعالى ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله اي لو ان جميع اشجار الارض جعلت اقلاما وجعل البحر مدادا ومده سبعة ابحر معه فكتب فكتبت بها كلمات الله الدالة على عظمته وصفاته وجلاله لتكسرت الاقلام ونفذ ماء البحر ولو جاء امثالها مددا يلخص ابن كثير رحمه الله معنى هذه الاية والله جل وعلا يخبر هنا عن عظمته فيقول ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام لو ان كل ما في الارض من الاشجار يجعل اقلاما فتبرى ويجعل مدادها الذي توضع فيه ويكتب البحار البحر لنفد البحر وانتهى مع انه مجرد مداد للقلم ولو ان هذا البحر مد بسبعة ابحر اخرى وهذا يدل على عظمة الله جل وعلا وكثرة كلامه وانه لا يحصى كثرة قال ابن جرير الطبري ولو ان ما في الارض من شجرة يقول ولو ان شجر الارض ولو ان شجر الارض كلها برئت اقلاما يعني قديما الاقلام يعني قبل مجيء الان تطور الصناعات كان الاقلام تبرى بسكين صغيرة حتى يصبح رأسه حادا او قطعة من خشب فيبرأ رأسه حتى يوضع في الحبر المداد ثم يكتب فيه يقول ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام جعلت كلها اقلام والبحر الذي هو مداد الاقلام التي تكتب بها كلمات الله وايضا البحر يمده من بعده سبعة ابحر هذا البحر الذي جعل مدادا تمده والمد هو الزيادة اي يمده ويزيده اذا انتهى بسبعة ابحر اخرى ما نفدت كلمات الله وهذا كما قال جل وعلا في سورة الكهف يقول جل وعلا قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا بمثله لكن هنا بين انه لو جيء بمثله سبع مرات لنفد البحر ولم تنفد كلمات الله وهذا دليل على عظمته جل وعلا وكثرة كلامه وكل كلامه حق وصدق وعدل والبحر فيها قراءتان قرأ ابو عمرو والبحر على انه منصوم بان مقدرة ولو ان ما في الارض من شجرة ولو ان ما في الارض ولو ان البحر وقرأ الباقون بالظم والبحر على انه اه مبتدع كلام مستأنف والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ما تنفذ ولا تنتهي كلمات الله جل وعلا ان الله عزيز حكيم. وهذا فيه اثبات صفة الكلام لله جل وعلا ولهذا يقولون العلماء كلمة صفة الكلام صفة ذاتية فعلية فهو متصل بالكلام دائما وابدا ويتكلم متى شاء وكيف شاء جل وعلا قال جل وعلا ان الله عزيز حكيم ان الله جل وعلا عزيز حكيم فهو العزيز ذو العزة التي لا ترام وهو الحكيم الذي وهو الحكيم في اقواله وافعاله واقداره ويضع كل شيء موضعه ففيه اثبات صفة الكلام لله جل وعلا وهذا هو عقيدة اهل السنة والجماعة وان كلام الله صفة الله منزل غير مخلوق واما المعتزلة ومن سار في ركبهم قالوا انه مخلوق فكلامهم باطل وكذلك الاشاعرة الذين قالوا ان كلام كلام الله عبارة عن الكلام النفسي القديم فان عبر به بالعربية فهو القرآن وان عبر به بالعبرية فهو التوراة وان عبر لي بالسريانية فهو الانجيل فهذا كلام باطل ويرجع الى عدم اثبات الكلام لله جل وعلا. لانه قالوا هو كلام الله النفسي القديم يعني شيء في نفسه ما تكلم به والايات كثيرة التي تدل على ان الله تكلم واوحى ونادى كلها صريحة صحيحة بل قال وكلم الله موسى تكليما وكلم الله نبينا صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء والمعراج وفرض علي خمسين صلاة فيجب الحذر من بعض من ممن يؤولون هذه الصفات وقد تجد هذا كثيرا في كتب التفسير هو عبارة عن كلام الله او هذا كلام الله القديم قال جل وعلا ما خلقكم ولا بأسكم الا كنفس واحدة قبل ذلك ذكر ابن كثير وقبله ابن جرير بعض الاثار عن السلف في معنى قوله ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام من ذلك القول الحسن قال لو جعل شجر الارض اقلاما وجعل البحر مدادا وقال الله ان من امري كذا ومن امري كذا لنفد ما في البحور وتكسرت الاقلام وقال قتادة قال المشركون انما هذا كلام يوشك ان ينفد لما دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم وتلا عليهم القرآن قالوا ما جاء به محمد كلام يوشك ان ينفد وينتهي فانزل الله جل وعلا ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام اي لو كان شجر الارض اقلاما ومع البحر سبعة ابحر ما كان لتنفذ عجائب ربي وحكمته وخلقه وعلمه وقال الربيع بن انس ان مثل علم الله ان ان مثل علم العباد كلهم في علم الله كقطرة من ماء البحور كلها. وقد انزل الله في ذلك ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام يقول لو كان كل لو كان ذلك البحر مدادا لكلمات الله والاشجار كلها اقلاما لانكسرت الاقلام وفني ماء البحر وبقيت كلمات الله قائمة لا يفنيها شيء. لان احدا لا يستطيع ان يقدر قدره ولا يثني على كما ينبغي حتى يكون هو الذي يثني على نفسه ان ربنا كما يقول وفوق ما نقول ثم اورد ابن كثير وقبله ابن جرير اثرا رواه ابن جرير باسناده وكذلك قال ابن اساق ابن ابن اسحاق ايضا عن سعيد ابن جبير او عكرمة عن ابن عباس ان احبار اليهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة يا محمد ارأيت قولك وما اوتيتم من العلم الا قليلا ايانا تريد ام قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا يعني كلكم اريدكم كلكم قريش ويهود فقالوا الست تتلو فيما جاءك ان قد اوتينا التوراة فيها تبيان لكل شيء؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم انها في علم الله قليل وعندكم من ذلك ما يكفيكم التوراة هي من كلام الله لكنها في علم الله قليل شيء مما تكلم الله به وعندكم يعني في التوراة ما يكفيكم فانزل الله جل وعلا فيما سألوه عنه من ذلك ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام قال ابن كثير وقوله ان الله عزيز حكيم عزيز قد عز كل شيء وقهره وغلبه فلا مانع لما اراد ولا مخالفة ولا معقبة لحكمه. وهو حكيم في خلقه وامره واقواله وافعاله وشرعه وجميع شؤونه ثم قال جل وعلا ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة وهذا يدل على عظيم قدرته جل وعلا. فما خلقكم ايها الناس ولا بأسكم واعادتكم يوم القيامة الا كنفس واحدة فهي هينة على الله جل وعلا وذلك لا يعجزه وهذا فيه اثبات البعث والنشور مع اثبات كمال قدرة الله جل جل وعلا ولهذا يقول ابن كثير اي ما خلق جميع الناس وبعثهم يوم المعادي بالنسبة الى قدرته الا كنسبة خلق نفس واحدة. الجميع هين عليه انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. وما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر اي لا يأمر بالشيء الا مرة واحدة. فيكون ذلك الشيء لا يحتاج الى الى تكرره وتوكده فانما هي زجرة واحدة فاذا هم بالساهرة ثم قال جل ختم الاية جل وعلا بقوله ان الله سميع بصير قال ابن كثير اي كما هو سميع لاقوالهم بصير بافعالهم كسمعه وبصره بالنسبة الى نفس واحدة كذلك قدرته عليهم كقدرته على نفس واحدة. ولهذا قال ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة. ان الله سميع بصير ثم قال جل وعلا المتر ان الله يولد الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري الى اجل مسمى. ان في ان وان الله بما تعملون خبير ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه الباطل وان الله هو العلي الكبير اخبر جل وعلا عن شيء من من افعاله وخلقه التي تدل على كمال قدرته وان من يفعل ذلك هو الذي يجب ان يعبد وهو الاله الحق لا معبود بحق سواه فقال جل وعلا الم تر والرؤيا هنا طبعا رؤية بصرية لان كل يرى ايلاج الليل بالنهار وعلاج النهار بالليل الم تر ان الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل قال ابن كدير يولد الليل بالنهار بمعنى يأخذ منه في النهار في طول ذاك ويقصر هذا وهذا يكون في زمن الصيف زمن الصيف يطول النهار الى الغاية ثم يشرع في النقص في طول الليل ويقصر النهار. وهذا يكون في الشتاء ونحوه قال الطبري قال يزيد من نقصان ساعات الليل في ساعات النهار ويولج النهار في الليل يقول يزيد ما نقص من ساعات النهار في ساعات الليل وقال الشوكاني ان يدخلوا كل واحد منهما في الاخر يولد الليل في النهار يعني يدخل الليل في النهار ويدخل النهار في الليل وقال السعدي في تفسيره يدخل هذا على هذا وهذا على هذا فيأتي بالليل بعد النهار وبالنهار بعد الليل ويزيد في احدهما ما ينقصه من الاخر ثم بالعكس يترتب على ذلك قيام الفصول ومصالح الليل ومصالح الليل والنهار والشمس والقمر التي هي التي هي من اجل نعمه على العباد وهي من الضرورة وهي من الضروريات لهم وكل هذه الاقوال حق كلها حق والقول السعدي رحمه الله هو اشملها وكلها حق يصدق بعضها بعضا فالله يولج الليل في النهار يدخل الليل في النهار وذلك حينما ينقص النهار ويزيد في ساعة الليل فيمتد الليل ويدخل على وقت النهار فيصبح الليل مثلا في الشتاء ليلا طويلا خمسة عشر ساعة مثلا اخذ من النهار ثلاث ساعات وفي الصيف ينقلب الامر يولج النهار في الليل تزيد ساعات النهار الى سبعة عشر ساعة او ستة عشر ساعة اخذ من ليلة اربع ساعات وكل ذلك بنظام محكم لا يحس به العباد فيغسي الليل النهار ويغشى النهار الليل وهذا يدل على كمال قدرته جل وعلا ثم قال وان الله بما تعملون خبير قال ابن كبير وهذا كقوله الم تعلم ان الله يعلم ما في السماء والارض ومعنى هذا انه تعالى الخالق العالم بجميع الاشياء كقوله الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن بينهن لتعلموا ان الله على كل شيء قدير. وان الله قد احاط بكل شيء علما. سبحانه وتعالى فالله بكل اعمالنا خبير عليم لا يخفى عليه منها شيء وهذا يبعث عند المؤمن اصلاح العمل ومراقبة الله جل وعلا فيراقب الله ولا يعمل الا عملا صالحا ويصلح العمل لان الله عليم بعمله وسيجازيه عليه في الدنيا والاخرة قال جل وعلا ذلك بان الله هو الحق وانما يدعون من دونه الباطل. وان الله هو العلي الكبير ذلك بان الله هو الحق قال ابن كثير اي انما يظهر انما يظهر لكم اياته لتستدلوا بها على انه الحق اي الموجود الحق الاله الحق وان كل ما سواه باطل فانه الغني عما سواه وكل شيء فقير اليه لان كل ما في السماوات والارض الجميع خلقه وعبيده لا يقدر احد منهم على تحريك ذرة الا باذنه ولو اجتمع كل اهل الارض على ان يخرقوا ذبابا لعجزوا عن ذلك ولهذا قال ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه الباطل وان الله هو العلي الكبير اي العلي الذي لا اعلى منه الكبير الذي هو اكبر من كل شيء فكل شيء خاضع حقير بالنسبة اليه وهذه الاية استدل بها شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهم من اهل العلم على تفسير لا اله الا الله وقالوا ان معنى لا اله الا الله لا معبود بحق الا الله وقد دل على ذلك ايتان في كتاب الله الاولى في سورة الحج ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه هو الباطل وان الله هو العلي الكبير وبهذه الاية في سورة لقمان ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه الباطل وان الله هو العلي الكبير ووجه الاستدلال ان الله سبحانه وتعالى بين انه هو الاله الحق بان هو الحق وان ما يدعون من دونه كل ما يدعى من دونه لانه يدعى الله ويدعى غيره يعني يدعى الله ويطلب منه ويسأله السائلون ويدعى غيره ايضا بما لا يقدر مما لا يقدر عليه الا الله. لكن دعاء باطل ولهذا بين انه هو المدعو الحق بان هو الحق وان كل ما سواه من عاداه انما يدعون بالباطل اذا هذا معنى لا اله الا الله لا معبود بحق الا الله واما من عبد غيره معه وقد عبده بالباطل والاثم والعدوان وقال في سورة الحج ذلك وان ما يدعون من دونه هو الباطل وهنا قالوا ان ما يدعون من دونه الباطل ثم ختم الايتان بقوله وان الله هو العلي الكبير سبحانه وتعالى اذا لا اله الا الله لا معبود بحق الا الله والالهة او المدعو او المعبود قسمان قسم معبود بالحق وهو الاله الحق وهو الله وقسم معبود بالاثم والباطل وهو ما سواه وما عدا جل وعلا ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه الباطل كل ما يدعى من دون الله فهو باطل وهو الباطل لا يستحق ان يدعى ولا يجوز ان تتصرف له العبادة ودعاؤهم من ابطل الباطل واظلم الظلم قال جل وعلا وان الله هو العلي الكبير هو العلي جل وعلا هالدليل على علو الله سبحانه وتعالى وهذا محل اجماع عند اهل السنة والجماعة ان الله في جهة العلو ولهذا قال سبحي اسم ربك الاعلى وقال جل وعلا اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح وقال جل وعلا اامنتم من في السماء وقال جل وعلا وهو القاهر فوق عباده والايات في علو الله كثيرة جدا والنصوص كثيرة حتى الف العلامة الذهبي رحمه الله كتاب العلو وذكر فيه الايات والاحاديث واقوال الصحابة والصحابة والتابعين واتباع التابعين في مجلد كامل رحمه الله ولا يعني من اثبات العلو لله جل وعلا ان السماوات والاراضين تحيط بها او ان هناك شيء يحيط به. تعالى الله فهو في جهة العلو ولكنه عظيم ولهذا قال الكبير الذي لا اكبر منه ولهذا وسع كرسيه السماوات والارض وكرسيه موضع قدميه الرحمن على العرش استوى فالعرش لا يقدر قدره احد الا الله والكرسي امام العرش كالمرقاة كالميقات مثل الدرجة امامه وهذا الكرسي وسع السماوات والاراضين وما السماوات السبع في الاراضين الا كدراهم سبعة القيت في فلاة في صحراء والعرش لا يقدر قدره الا الله. والله فوق العرش فهو العظيم الكبير ولكن يجب ان يعتقد المسلم انه في جهة العلو ولهذا امام المتقين واعلم الخلق برب العالمين رسولنا صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي في الصحيحين يوم عرفة لما استشهد الصحابة وقال لهم انكم مسؤولون عني فما انتم قائلون؟ قالوا نشهد انك بلغت واديت ونصحت رفع يده الى السماء اصبعه فقال اللهم يعني ينادي ربه يا الله ويرفع يده الى السماء اللهم فاشهد ثم ينكث بيده على اصحابه لانهم كانوا جالسين او كانوا اسفل وهو كان على ظهر البعير ظهر الناقة صلوات الله وسلامه عليه وهو اعلم الخلق بالخلق ما قال هذا تشبيه وما قال الله في كل مكان وكذلك الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء بها صاحبها ليعتقها قال اين الله؟ قالت في السماء قال من انا؟ قالت انت رسول الله. قال اعتقها فانها مؤمنة بل فطرة كل قلب اذا جاء الداعي يدعو الان اذا جئت تدعو اللهم اغفر لي اللهم ارحمني اين تحس قلبك يذهب تحس ان قلبك يرتفع الى السماء او تحس انه يذهب الى قدميك لا والله فطرة يذهب الى السماء ولهذا بعض الناس اذا جاء يدعو يرفع بصره الى السماء يطرا اما من يقول ان الله ليس فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا امام ولا خلف ليس في جهة من الجهات الست هذا جعله عدما الذي ليس في جهة من الجهات هذا عدم والذي يقول ان الله في كل مكان هذا مذهب الحلولية. تعالى الله عما يقولون ولهذا مذهب اهل السنة والجماعة وسط بين ضلالتين وسط بين طرفين وهدى بين ضلالتين فاثبتوا ان الله جل وعلا في جهة العلو وانه فوق السماء وانه مع خلقه بعلمه وبصره واحاطته وتدبيره جل وعلا. ولا تعارض بين ذلك ثم قال جل وعلا المتر ان الفلك تجري في البحر بنعمة الله وهذا استفهام تقرير الم ترى ان الفلك والفلك هي السفن تجري في البحر سفن من خشب قديما والان من حديد وسفن ضخمة يعني بعض السفن فيما سمعنا انها تحمل سبعمائة طائرة غير غرف الذين يقودونها ويسكنون فيها ومع ذلك تجري على البحر على هذا الماء العذب اللين من الذي يجريها؟ وتحمل الاطنان والاوزان الثقيلة هو الله والله جل وعلا يمتن على عباده. الم ترى ان الفلك تجري في البحر بنعمة الله جريان وبنعمة الله ولا تغرق انت لو رميت حجرا صغيرا حصل خلف في البحر غاصة الى اسفل البحر وهذه السفن مع ضخامتها وكبرها ويعني عظمتها وطولها وعرضها وثقلها لا تغوص في البحر فذلك من نعمة الله وبنعمة الله. ولهذا يقول ابن جرير الطبري يخبر تعالى انه هو الذي سخر البحر لتجري فيه بامره اي بلطفه وتسخيره بنعمته بلطفه وتسخيره هو الذي انعم بذلك ولو سأل غاصك ليريكم من اياته اي لاجل ان يريكم ويظهر لكم ايها العباد من اياته من اياته وعلاماته الدالة على قدرته وكماله وانه هو المستحق ان يعبد جل وعلا وان كل خير منه ان في ذلك لايات لكل صبار شكور قال ابن ابن كثير اي صبار في الظراء شكور في الرخاء ان الله ان في ذلك لايات ايات واية ويعلمان دلائل واضحات تدل على انه لا اله الا الله وانه المنعم المتفظل المستحق للعبادة وللشكر وانه لا تحصى نعمه على خلقه ولكن انما يتعظ بذلك من كان صبارا صابرا لامر الله صابرا على اقدار الله يصبر نفسه على طاعة الله ويخالف هواها ويخالف قومه ويخالف الكفار وايضا شكور يشكر الله جل وعلا على نعمه بلسانه وقلبه وجوارحه فهو صبور في الظراء شكور في السراء ثم قال واذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين يخبر عن حال الناس وحال الكفار اذا غشيهم موج كالظلل مثل الجبال لعظمته يرتفع الماء حتى يصيروا له ظلا الموج وهذا امر معروف من الظلل مثل الجبال مثل السحب لشدة ارتفاعه ماذا فعلوا اذا غشيهم واصاب سفنهم او فلكهم او قواربهم دعوا الله مخلصين له الدين دعوه اللهم فرج ما عنا ما نحن فيه يا الله يا ربنا اخلصوا العبادة له ودعوه وحده وتركوا نداء الاصنام والاوثان لانهم وقعوا في الظرورة. امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء قال جل وعلا فلما نجاهم اذا دعوا الله مخلصين له الدين له العبادة. موحدين وحدوا وابردوا الله بالعبادة ودعوه لانهم يعلمون انه لا ينجي من هذا الكرب الا هو فلما نجاهم الى البر نجوا استجاب دعاءهم فانجاهم من الغرق ولم يغرقهم بهذه الامواج التي غشيتهم وهي كالسحب والجبال نجاهم فخرجوا من البحر رجعوا الى ديارهم الى البر اذا فمنهم مقتصد قسمة منهم مقتصد باقي على طاعة الله وبقي على التوحيد ولم يشرك بالله جل وعلا وما يجحد باياتنا الا كل ختار كبور وهذا كما قال تعالى في اية اخرى واذا مسكم الضر في البحر ظل من تدعون الا اياه. وقال فاذا ركبوا في الهلك دعوا الله مخلصين له الدين ثم قال فلما نجاهم الى البر فمنهم مقتصد قال مجاهد اي كافر كانه فسر مقتصد ها هنا بالجاهل كما قال تعالى فلما نجاهم من البر اذا هم يشركون. وقال ابن زيد هو المتوسط في العمل وهذا الذي قاله ابن زيد هو المراد هنا في قوله فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنه سابق بالخيرات فالمقتصد ها هنا هو المتوسط في العمل ويحتمل ان يكون مرادا هنا ايضا ويكون من باب الانكار على من شاهد تلك الاحوال والامور العظام والايات الباهرات في البحر ثم بعدما انعم الله عليه من الخلاص كان ينبغي ان يقال قبل ذلك بالعمل التام والدؤوب في العبادة والمبادرة الى الخيرات فمن اقتصد بعد ذلك كان مقصرا. والحالة هذه والله اعلم فالحاصل ان مغتصب قيل انه اسد الكافر هذا قول مجاهد وهذا فيه بعد قيل انه يعني الموحد لكنه مقتصد في شكر الله على هذه النعمة غير مجتهد رغم ما رآه من الايات التي كانت تنبغي التي كان ينبغي من خلالها من خلال رؤيته هي جدة ويجتهد في العبادة واخلاص العمل لله جل وعلا. وعلى كل حال قد حكى الله عز وجل في اية اخرى حال الكفار اذا ركبوا البحر فاحسوا بالغرق واحاط بهم الموج من كل جانب انهم دعوا الله مخلصين الى الدين له الدين واذا خرجوا كفروا ورجعوا الى شركهم قال وما يجحد باياتنا الا كل ختان كفور. اذا هذا هو القسم الثاني القسم الاول المقتصد. والثاني الجحود الكفور ما يجحد باياتنا ويكفر بها وينكرها ولا يؤمن بها الا كل ختان كفور والختار هو الغدار قال الطبري الختار الغدار كل غدار بذم كل غدار بذمته كفور بربه وقال ابن كثير الغدار الختار هو الغدار قاله مجاهد والحسن وقتادة ومالك عن زيد ابن اسلم وهو الذي كلما عهد نقض عهده والخطر اتم الغدر وابلغوه وقال عنه انه كفور اي جحود للنعم لا يشكرها بل يتناساها ولا يذكرها هذه عبر وايات ومواعظ ثم قال جل وعلا يا ايها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده عن والده شيئا ان وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور يا ايها الناس اتقوا ربكم اي خافوه واجعلوا بينكم وبين عذابه وقاية واخشوا يوما خابوا يوما وهو يوم القيامة وهو يوم عظيم لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا فلا يغني والد عن ولده ولا يجزئ عنه ولا المولود ايضا جاز عن والده ولا يغني عنه شيئا ان وعد الله حق فما وعد الله به حق وسيأتي ذلك اليوم وهو كائن لا محالة فلا تغرنكم الحياة الدنيا لا تلهينكم عن طاعة قال ابن كثير اي لا تلهينكم بالطمأنينة فيها عن الدار الاخرة فلا تغتروا ايها الناس لا تغتروا بالدنيا وعد الله حق وذلك اليوم قادم لا محالة فاياكم والاغترار والركون الى الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور اي لا يغرنكم الشيطان كما قال مجاهد وغيره لانه يغر الخلق يمنيهم الدنيا ويلهيهم عن الاخرة قال ابن كثير الغرور الشيطان قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة فانه يغر ابن ادم فانه يغر ابن ادم ويعده ويمنيه وليس من ذلك شيء بل كما قال تعالى يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا ثم قال جل وعلا وهي اخر اية في السورة ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام. وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير قال ابن كثير رحمه الله هذه مفاتيح الغيب التي استأذن الله تعالى بعلمها. فلا يعلمها احد الا بعد اعلامه تعالى بها فعلم وقت الساعة لا يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب لا يجليها لوقتها الا هو ولهذا لما في حديث جبريل لما قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم وحديث في الصحيحين متى الساعة قال ما المسئول عنها باعلم من السائل افضل الرسل من بني ادم نبينا صلى الله عليه وسلم. وافضل الملائكة جبريل فيقول النبي صلى الله عليه وسلم افضل بني ادم وافضل الرسل لافضل الملائكة ما المسؤول عنها باعلم من السائل لان علم ذلك يختص الله جل وعلا به ثم قال ابن كثير وكذلك انزال الغيث لا يعلمه الا الله ولكن اذا امر به علمته الملائكة الموكلون بذلك ومن شاء الله من خلقه وكذلك لا يعلم ما في الارحام مما يريد ان يخلقه تعالى سواه ولكن اذا امر بكونه ذكرا او انثى او شقيا او سعيدا علم الملائكة الموكلون بذلك ومن شاء الله من خلقه. وكذلك لا تدري نفس ماذا تكسب غدا في دنياها واخراها وما تجد نفس باي ارض تموت ففي بلدها ام غيره من اي بلاد الله كان لا علم لاحد بذلك وهذه شبيهة بقوله وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو وقد وردت السنة بتسمية هذه الخمس مفاتيح الغيب اذا هذه الخمس يا اخوان مما اختص الله بعلمها فلا يعلمها احد سواه متى تقوم الساعة؟ واللحظة التي تقوم فيها لا يعلمها الا الله آآ نزول الغيث من الذي ينزل الغيث ويعلم وقت نزوله؟ وعلى اي مكان لا يعلمه الا الله جل وعلا ويعلم ما في الارحام يظن البعض ان انه يعلم ما في الارحام انه ذكر او انثى فقط لا الله يعلم انه ذكر وانثى ويعلم ايضا ما في هذه الارحام هل هو شقي او سعيد متى يولد متى يموت ما رزقه ما قدره ماذا سيقول ماذا سيفعل هذا لا يعلمه الا الله نعم يستطيعوا عن طريق الاجهزة يعرفون ذكر او انثى لكن ليس هذا المراد في الاية. المراد يعلم ما في الارحام من كل وجه فهذا لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى وما تجد نفسنا ماذا تكسب غدا؟ الانسان ما يدري غدا ماذا سيكسب قد يأمل ويخطط ولكن هل سيقع هذا او لا؟ لا يدري ولا تدع الناس باي ارض تموت كان ما يدري وين سيموت هل سيموت في بلده التي يعيش فيها او في بلد اخر المجاور او يكون في بلد بعيد هذا علمه الى الله جل وعلا ثم قال ان الله عليم خبير. عليم قد احاط علمه بكل شيء خبير عليم بدقائق الامور وبواطنها لا يخفى عليه شيء وعورد ابن كثير عند هذه الاية الحديث الذي في الصحيح الذي في البخاري وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن عمر قال مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن الا الله ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب وغدا وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير اذا كما قال ابن كثير سماها مفاتيح الغيب ومفاتيح الغيب لا يعلمها الا هو ثم اورد للحديث طرقا اورد ايضا اه ما رواه الامام احمد عن عن ابن مسعود ورواه ايضا عن ابن عمر واسناده حسن كما قال ابن كثير وهذا اسناد حسن على شرط اصحاب السنن ولم يخرجوه فعن من حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اوتيتم مفاتيح مفاتيح كل شيء الا الخمس. ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث الاية. الى اخرها واذا رواه من حديث ابن مسعود قال عبد الله اوتي نبيكم صلى الله عليه وسلم مفاتيح كل شيء غير خمس ان الله عنده علم السعة وتلا الاية ايضا جاء في حديث جبريل لبعض الطرق حديث جبريل انه لما قال سأله متى الساعة؟ قال من المسؤول عنها باعن من السائل ولكن ساحدثك عن اشراطها اذا ولده الامة ربتها فذاك من اشراطها واذا كان الحفاة العراة رؤوس الناس فذاك من اشراطها في خمس لا يعلمهن الا الله ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام الحديث الحديث في البخاري عند تفسير هذه الاية اورده البخاري عن تفسير هذه الاية من سورة لقمان آآ ومما اورده ابن كثير مدى ما قاله الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها انها قالت من حدثك انه يعني النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ما في غد فقد كذب ثم قرأت وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وهذا فيه رد على الغلاة في النبي صلى الله عليه وسلم الذي انه يعلم الغيب ويعلم وعنده علم اللوح والقلم نسأل الله العافية والسلامة واورد ابن كثير ايضا ومات عند قوله وماتن نفس باي ارض تموت الحديث الصحيح بمجموع طرقه النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا اراد الله قبض عبد بارض جعل له اليها حاجة جعل له اليها حاجة حتى تقبض روحه في هذه الارض التي كتب الله عز وجل انه يموت فيها وبهذا نكون قد انتهينا من تفسير سورة لقمان ولله الحمد والعرفان وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد