الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد في هذا اليوم وفي هذا الدرس نبدأ بتفسير سورة الف لام ميم السجدة ونذكر بعض المقدمات التي جرت العادة بذكرها قبل البدء في السورة. آآ اولا اسم هذه السورة اسمها السجدة وهو اشهر اسمائها وتسمى ايضا الف لام ميم تنزيل كما جاء في الحديث الذي سنذكره لاحقا عند الامام احمد والترمذي وغيره انه قال من قرأ الف لام ميم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك وفي بعض الروايات جاء الف لام ميم تنزيل السجدة ومن اسمائها ايضا الف لام ميم تنزيل السجدة كما جاء في بعض روايات الحديث ذكر الدارمي في مسنده عن خالد بن معدان انه قال من اسمائها المنجية وايضا تسمى سورة المظاجع لوقوع لفظة المضاجع في قوله جل وعلا تتجافى جنوبهم عن المضاجع واما نوعها فهي مكية في كلام جمهور اهل العلم وهذا واضح من معانيها قصر اياتها وما قرره الله جل وعلا فيها وجاء عن ابن عباس في رواية اخرى غير ما وافق فيه الجمهور جاء انه قال هي مكية الا ثلاث ايات من قوله افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون. وما بعدها ثلاث ايات آآ وقد مرت القاعدة مرارا وتكرارا ان الاصل اذا قيل ان السورة مكية انها او مدنية انها تأخذ حكما واحدا هذا هو الاصل ان السورة حكمها واحد مكية كلها او مدنية كلها الا اذا قام الدليل الصحيح الصريح على استثناء بعض الايات من نوع السورة فاذا قيل هذه السورة مكية الا اية كذا وكذا والدليل كذا وكذا دليل صحيح صريح يشار اليه. والا الاصل ان السورة تأخذ حكما واحدا اه فكذلك يقال هنا يقال ان السورة اه مكية كلها واما ترتيبها في النزول فهي السورة الثالثة والسبعون بترتيب النزول نزلت بعد سورة النحل وقبل سورة نوح واما عدد اياتها فثلاثون اية عند الجمهور وعدها البصريون سبعا وعشرين اية وقد اشرنا ايضا فيما مضى انه لا لا يعني الاختلاف في عدد الايات اختلاف السورة لا السورة هي نفسها بدون زيادة حرف واحد ولا نقصانه ولكن منهم من يجعل آآ هذه الاية يجعلها ايتين منهم يقول لا هذه اية واحدة وهكذا فيختلف العدد بسبب ذلك اه ايضا مما نشير اليه نقول فظلها فضل هذه هذه السورة اه جاء في فضلها حديثان الحديث الاول ما رواه البخاري في كتاب الجمعة عن ابي هريرة قال كان النبي صلى الله عليه واله وسلم يقرأ في الفجر يوم الجمعة الف لام ميم تنزيل السجدة وهل اتى على الانسان وايضا رواه مسلم فقراءة هذه السورة في الركعة الاولى من فجر يوم الجمعة هي السنة والثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين ويقرأ في الركعة الثانية اه سورة هل اتى على الانسان حين من الدهر؟ سورة الانسان هذه هي السنة اه وهي سنة ان يقرأهما جميعا وليس المعنى انه يقرأ سورة واحدة دون الاخرى او انه يقرأ سورة يقرأ سورة فيها سجدة لا المراد قراءة هذا هاتين السورتين كاملتين آآ ومما جاء في ذلك ايضا ما رواه الامام احمد والترمذي والنسائي وصححه الالباني عن جابر عن ابي الزبير عن جابر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ الف لام ميم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك يعني هي من اذكار النوم او قبل النوم تقرأ هاتين السورتين اه والحديث صححه الشيخ الالباني وظعفه اخرون يقول الله جل وعلا الف لام ميم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين الف لام ميم سبق الكلام عليها مرارا وتكرارا وان خلاصة ما يقال فيها الله اعلم بمراده منها والحكمة منها التحدي والاعجاز فالقرآن مركب من هذه الحروف التي تتكلمون انتم بها ولكنكم لا تستطيعون ان تأتوا بمثله ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا ثم قال جل وعلا تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين الكتاب هو القرآن وهذا دليل على انه منزل من عند الله. قال تنزيل الكتاب تنزيل القرآن من رب العالمين وهذا دليل على ان القرآن منزل غير مخلوق وانه كلام الله تكلم الله بي جل وعلا وانزله من اللوح المحفوظ نزل به جبريل الى بيت العزة في السماء الدنيا ثم نزل به بعد ذلك مفرقا على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا على ثلاث وعشرين سنة كما صح عن ابن عباس تنزيل كتابي لا ريب فيه. لا ريب اي لا شك ولا مرية في نزوله من رب العالمين وهذا رد على كفار قريش الذين يقولون افترى هذا القرآن من قبل نفسه وهو اساطير الاولين اكتتبها كما ستأتي الاشارة اليه في في الاية التي تليها اذا القرآن تنزيل من رب العالمين من الله جل وعلا ولا شك ولا مرية في ذلك فوجب الايمان بذلك كما اخبر الله جل وعلا فيجب على المسلم ان يعتقد ذلك عقيدة راسخة ثابتة ان القرآن منزل من عند الله وانه جل وعلا تكلم به واوحى سمعه منه جبريل وسمعه النبي صلى الله عليه وسلم من جبريل وصف نفسه بانه رب العالمين قد مر معنا في سورة الفاتحة ان العالمين جمعوا عالم وهو كله موجود سوى الله فليس ثمة في الوجود الا رب ومربوب. فالله هو الرب جل وعلا وما سواه مربوب وهم جميع العالمين وهذا يدل على كماله جل وعلا فهو رب كل شيء وكل موجود سوى الله فالله ربه ومالكه ومدبره وخالقه جل وعلا ثم قال ام يقولون افتراه ام هنا آآ هي ام المنقطعة التي بمعنى بل والهمزة التي بمعنى بل والهمزة وتقدير الكلام بل ايقولون افتراه وهي ايضا للاظراب للاضراب والتقدير كما قلنا نعم قبل ذلك والاستفهام للتقرير والتعجب الاستفهام للانكار والتعجب فهو استفهام انكاري على قوله ماذا؟ وايضا تعجب من قولهم انه قول بلا علم فهو تعجب من حال القوم ومن مقالهم وافترائهم على الله جل وعلا ووصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بانه افتراه وتقدير الكلام بل ايقولون او بل اعجبوا من قولهم افتراه ام يقولون افتراه ومعنى افتراه يعني افتعله واختلقه وتكذبه من تلقاء نفسه فهذا من شدة كذبهم وبهتانهم يزعمون ان النبي صلى الله عليه وسلم افترى هذا القرآن من قبل نفسه وكذبوا بل هو الحق من ربهم لا ريب في ذلك ولا شك قال جل وعلا بل هو الحق وبل هنا للاضراب ايضا عن قولهم يقولون هذا القرآن افتراه محمد اساطير الاولين اكتتبها فاضرب الله عز وجل عن هذا الى بيان حقيقة القرآن فقال بل هو الحق من ربك وهو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد من ربك الذي خلقك واوجدك ورباك بنعمته وربى جميع العالمين بنعمه سبحانه وتعالى والربوبية لها معنى عام ولها معنى خاص كلا المعنيين هنا حق وهو رباك الذي ربك الذي رباك وربى جميع العالمين بنعمه وهو ربك الذي لا رب لك سواه قال جل وعلا لتنذر قوما لتنذر اللام لام التعليل وهذه علة انزال القرآن وجعله حقا فالله انزله وجعله حقا لاجل ان تنذر قوما والانذار هو الاعلام بموضع المخافة تمطرهم تعلمهم تقيم الحجة عليهم تبين لهم ما امامهم لئلا ان يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولان لا يقولوا ما جعل من بشير ولا نذير لتنذر قوما والقوم قيل هم قريش وقيل هم العرب وقيل بل هم بل هم اهل الفترة في ذلك الزمان والصواب العموم لتنذر قوما تنذر الناس كلهم قريش والعرب وسائر الناس كما قال جل وعلا لانذركم به ومن بلغ فهو ينذر به جميع الخلق حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم وارسل به وما بعد ذلك الى قيام الساعة لان الله جل وعلا جعل هذا القرآن مهيمنا على غيره من الكتب ونسخ به الكتب السابقة فما فيها من حق فهو موجود فيه وفيه زيادة على ما فيها من الحق والبيان والايضاح كما انه جعل هذا الدين هو خاتم الاديان و لا يقبل الله دينا سواه ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه. وكذلك ايضا جعل نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الانبياء والرسل فلا يدخل الجنة احد لم يؤمن به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه قال لتنذر قوما ما اتاهم من نذير من قبلك وهذا يؤيد قول من قال ان المراد به العرب قريش والعرب لانهم ما جاءهم من نذير من قبلك لكن بقية الامم جاءهم نذير لكن لا مانع ان نقول صحيح يدخل فيه قريش والعرب دخولا اوليا وايضا يدخل به بقية آآ الامم لانهم ما جاءهم من نذير من قبله يعني في الوقت الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم وكان في فترة من الرسل وقد اندهرت معالم الوحي حرمت وبدلت الكتب السماوية فهو شامل للجميع لعلهم لعلهم يهتدون قال الطبري لعلهم يهتدون ان يتبينوا لهم سبيل الحق فيعرفوه ويؤمنوا به لعلهم يهتدون اذا انزل الله القرآن لا شك ولا ريب فيه بالحق لاجل ان ينذر به النبي صلى الله عليه وسلم الناس لعلهم يهتدون به يتعظون ويعتبرون بما فيه فيهتدون بهديه ويسلكون الجادة الموصلة الى الله سبحانه وتعالى ثم قال جل وعلا الله الذي خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام بعد ان من زكى كتابه ونبيه وبين علة انجهاله بين عموم او بين قدرته وفضله ونعمه على خلقه بانه الذي خلق السماوات والارض وما فيهما وما بينهما مع عظمهما وسعتهما وما اودعه فيهما وهو الذي خلقها واوجدها من العدم على غير مثال سابق ومن يفعل ذلك او من فعل ذلك فهو المستحق ان يعبد وحده لا شريك له وهذا دليل على كماله وقدرته وعلمه واحاطته جل وعلا فاين ذلك من الانداد التي جعلتموها له وهي لا تملك لانفسها نفعا ولا ظرا فضلا عن ان تملكه لغيرها فضلا ان ان تملكه لغيرها فلا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا ولا يسمعون ولا يبصرون الذي الله الذي خلق السماوات والارض والارض وما بينهما لان بينهما كما جاء في الحديث مسيرة بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة سنة وفيها السماء من الكواكب والنجوم بها من الملائكة والاراضين ما فيها الارض ما فيها من الجبال والاشجار والاحجار وبني ادم سائر الدواب والمخلوقات الى غير ذلك فهو يدل على قدرته وانه هو الرب حقا هو الاله حقا سبحانه وتعالى ثم قال في ستة ايام وهذا دليل ايضا على كمال قدرته خلقها بستة ايام فقط رغم سعتها وكثرة مخلوقاتها خلق هذه الستة ايام جل وعلا قال ثم استوى على العرش وهذا دليل على اثبات الاستواء وقد تكلمنا عليه فيما مضى وانه يجب على المسلم ان يثبت الاستواء لله جل وعلا على ظاهره فيقول استوى ربنا جل وعلا استواء حقيقيا يليق بكماله وجلاله وهو جل وعلا غني عن العرش وهو الذي يمسك العرش لكن نثبت الاستواء ومعناه عند السلف علا وارتفع الا وارتفع جل وعلا على العرش والعرش هو اعظم المخلوقات ولا يقدر قدره الا الله جل وعلا ولهذا قال جل وعلا وسع كرسيه السماوات والارظاء ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم والكرسي كما صح عن ابن عباس قال هو موضع قدمه الرحمن وهو امام العرش كالمرقاة كالموقعات كالدرجة امام العرش والعرش لا يقدر قدره لا يقدر قدره الا الله جل وعلا ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية وهو العرش العظيم نؤمن بهذا وان الله جل وعلا يستوي استواء حقيقيا على العرش ولكن ليس كمثله شيء وهو السميع البصير جل وعلا وبهذا نعلم ان من قال ان الاستواء بمعنى الاستيلا الرحمن على العرش است استوى استولى انه كلام باطل لانه يتضمن معاني فاسدة ولوازم سيئة فيلزم منه ان العرش كان مستقلا عن الله خارجا عن عنه وعن قدرته وتدبيره فاستولى عليه بعد ان كان مستقلا عن قبضة الله وقدرته وهذا لا لا يلتزم به مسلم هاء ايضا يترتب عليه ان ان كانه جعل مع الله اله اخر اذا العرش مستقل وابى وعد يعني ابى ان يستولي الله عليه ثم استولى عليه تعالى الله عما يقولون. ثم ايضا الله اعلم بنفسي جل وعلا من غيره فقد اخبر في سبعة مواضع عن استوائه على العرش الو قيل بان نستوى بمعنى استولى لكان هذا تحريفا للكلم وايظا اتهام وطعن اتهام لكلام الله وطعن فيه وان هذا القرآن ليس في غاية البيان والافصاح وان الله اراد التعمية علينا اراد التعمية فانتبهوا هو هو قال استوى لكن هو ما يريد استوى اتهنى قائل هذا القول يقول لا هو وان قال سبع مرات استوى هو لا يريد الاستواء يريد الاستيلاء نعوذ بالله هذا يجعل القرآن ليس تبيانا لكل شيء وانما يجعله الغاز فهو يقول انا ساقول لكم اني استويت على العرش لكن انتبهوا انا ما اريد هذا المعنى الذي قلته لكم اريد شيئا وراء ذلك وهذا لا يلتزم به احد ولا يقول به احد فالواجب على المسلم ان يسلك المنهج الصحيح وهو منهج السلف الصالح في كل الامور ومن ذلك بابه للاسماء والصفات وهو ان يثبت لله جل وعلا ما اثبته لنفسه او اثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم وينفي عن الله ما نفعه عن نفسه او نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم على حد قوله جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير آآ ينفي الكيفية ويحذر من التشبيه والتمثيل هذه هي بلية القوم وقع في انفسهم التمثيل فعند ذلك نهوا هذه الصفات فقالوا يلزم لو قلنا بانه يستوي وان له ساق وان له رحمة وان له يد جعلناهم مثل المخلوقين فنفوا نقول لا له يد وله ساق ويستوي يأتي ويرحم ويحب ويبغض لكن على حد قول الله جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وبهذا يستريح الانسان تقول بالحق الذي جاء به الكتاب والسنة ويحذر من ان يقول على الله جل وعلا بغير علم. قال جل وعلا ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع افلا تتذكرون ما لكم من دون الله من ولي تولى امركم ويدبركم وليس لكم شفيع يشفع عنده جل وعلا في شأنكم ولهذا يقول ابن جرير الطبري ما لكم ايها الناس ما لكم ايها الناس دونه ولي يتولى ما لكم من دونه ما لكم ايها الناس دونه ولي يلي امركم وينصركم منه ان ارادكم ان اراد بكم ضرا ولا يشفع لكم عنده ان هو عاقبكم على معصيتكم اياه يقول فاياه اتخذوا وليا وبه وبطاعته فاستعينوا على اموركم فانه يمنعكم اذا اراد منعكم ممن ارادكم بسوء ولا يقدر احد على دفعه عما اراد بكم لانه لا يقهره طاهر ولا يغلبه غالب ويقول ابن كثير اي بل هو المالك لازمة الامور عند هذه الاية يقول ابن كثير عند قوله ما لكم من دونه وولي ولاء ولا شفيع؟ قال اي بل هو المالك لازمة الامور الخالق لكل شيء المدبر لكل شيء القاهر على كل شيء فلا ولي لخلقه سواه ولا شفيع الا من بعد اذنه ثم قال جل وعلا افلا تتذكرون قال الطبري افلا تعتبرون وتتفكرون ايها الناس والتذكر هو الاعتبار والعظة والاتعاظ فذكر ان نفعت الذكرى هذا استفهام انكاري افلا تتعظون وتتفهمون وتعتبرون فتعبدونه وحده لا شريك له وتعلمون ان القرآن منزل من عنده وتخصونه بالعبادة ولا تضيعون معه الهة اخرى ثم قال جل وعلا يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم لخص ابن كثير رحمه الله معنى هذه الاية ترخيصا بديعا يوصل الى المعنى دون ان يتفرغ او يتشتت ذهن السامع يقول رحمه الله يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه اي يتنزل امره من اعلى السماوات الى اقصى تخوم الارض السابعة كما قال تعالى الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما وترفع الاعمال الى ديوانها فوق سماء الدنيا ومسافة ما بينها وبين الارض مسيرة خمسمائة سنة وسمك السماء خمسمائة سنة قال مجاهد وقتاده الضحاك النزول من الملكي في مسيرة خمسمائة عام وصعوده في مسيرة خمسمائة عام ولكنه يقطعها في طرفة عين. ولهذا قال تعالى في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون هذا ملخص ما ذكره ابن كثير في تفسيره الطبري اه ذكر قولين في المسألة فذكر هذا القول ولكن مؤدها واحد ولهذا يقول الطبري في تفسيره القول في تأويل قوله يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون. يقول الله يقول تعالى ذكره الله هو الذي يدبر الامر من امر خلقه من السماء الى الارض ثم يعرج اليه واختلف اهل التأويل في المعني بقوله ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون. فقال بعضهم معناه ان الامر ينزل من السماء الارض ويصعد من الارض الى السماء في يوم واحد وقدر ذلك الف وقدر ذلك الف سنة مما تعدون من ايام الدنيا. لان ما بين الارض الى السماء خمسمائة عام وما بين السماء والارض مثل ذلك. فذلك الف سنة ثم قال ذكر من؟ ذكر من قال ذلك وروى باسناده عن مجاهد في يوم كان مقداره الف سنة يعني بذلك نزول الامر من السماء الى الارض ومن الارض الى السماء في يوم واحد وذلك مقداره الف سنة لان ما بين السماء والارض بمسيرته خمسمائة عام وساقه ايضا عن قتادة قال ثم يرجع اليه في يوم من ايامكم كان مقداره الف سنة مما تعدون يقول مقدار مسيرة مسيره بذلك اليوم الف سنة مما تعدون من ايامكم من ايام الدنيا خمس مئة سنة نزوله خمس مئة وخمس مئة صعوده فذلك الف سنة آآ ورواه ايضا عن الضحاك وعن عكرمة وايظا عن ابن عباس ثم قال وقال اخرون بالمعنى ذلك يدبر الامر من السماء الارض ثم يعرج اليه في يوم من الايام الستة التي خلق الله فيهن الخلق كان مقدار ذلك اليوم الف سنة مما تعدون من ايامكم ثم ساقه عن ابن عباس الف سنة مما تعدون قال ذلك مقدار المسير. قوله كالف سنة ما تعدون. قال خلق السماوات والارض في ستة ايام. وكل يوم من هذه كالف سنة مما تعدون آآ وذكر ايضا قولا اخر ان المعنى يدبر الامر من السماء والارض بالملائكة ثم تعرج اليه الملائكة في يوم كان مقداره الف سنة من ايام الدنيا آآ فالحاصل ان فيه خلاف لكن قول ابن كثير والله اعلم هو الاظهر لان ليس المراد هنا ايام الايام التي خلق الله فيها السماوات والارض وان اليوم الواحد منها يعني الايام الستة ان اليوم الواحد منها عن الف سنة لان سياق الكلام هنا ومعناه منصب على عروجي الملائكة وان الملائكة تعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون انتم بحسابكم بحسابكم ايها الناس لكن الله جل وعلا اقدر ملائكته على انهم يعرجون في لحظة في طرفة عين كما قال آآ من كثير ورواه عن قتادة ومجاهد وغيرهم وهو دليل على عظمته جل وعلا وعلى عظمة ملائكته وعلى قدرته جل وعلا فهذا المسافة العظيمة التي بقدر الف سنة بعدادكم انتم مسافة طويلة الملائكة تعرج الملائكة تعرج فيها في لحظة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث آآ يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار وذكر الحديث بما معناه ان الملائكة ملائكة ذو الصباح يشهدون صلاة الفجر ويصلون مع الناس و تصعد ملائكة الليل وفي العصر تجيء ملائكة الليل وتصعد ملائكة النهار او كما جاء في الحديث هذا معناه فهي تعرج اليه بوقت وجيز وان كانت المسافة عدادكم انتم كبيرة جدا لانها مسافة الف سنة مما تعدون ثم قال جل وعلا ذلك عالم الغيب والشهادة اي المدبر قال ابن كثير اي المدبر لهذه الامور الذي هو شهيد على اعمال عباده يرفع اليه جليلها وحقيرها وصغيرها وكبيرها هو العزيز الذي قد عز كل شيء فقهره وغلبه ودانت له العباد والرقاب وهو الرحيم بعباده المؤمنين فهو عزيز في رحمته رحيم في عزته سبحانه وتعالى ونكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد