الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه من تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم الذي احسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الانسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه او ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا ما تشكرون. اه مر معنا بالامس الايات السابقة لهذه الايات وهي قوله جل وعلا الله الذي خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام ثم استوى على العرش مالة من دونه من ولي ولا تبع افلا تتذكرون؟ يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعد دون ذلك عالم الغيب والشهادة يمدح نفسه جل وعلا فيخبر انه المدبر لهذه الامور الذي هو شهيد على اعمال عباده يرفع اليه جليلها وحقيرها وصغيرها وكبيرها هكذا قال ابن كثير وقال ابن جرير الطبري عالم الغيب يعني عالم ما يغيب عن ابصاركم ايها الناس فلا تبصرونه مما تكنه الصدور وتخفيه النفوس وما لم يكن بعد مما هو كائن والشهادة يعني ما شاهدته ما شاهدته الابصار فابصرته وعاينته وما هو موجود والعزيز يقول الشديد في انتقامه ممن كفر به واشرك معه غيره وكذب رسله وهو الرحيم بمن تاب من ضلالته ورجع الى الايمان به وبرسوله والعمل بطاعته ان يعذبه بعد التوبة اذا الله جل وعلا يخبر عن نفسه بقوله ذلك اي الله جل وعلا هو الذي يعلم الغيب والشهادة والغيب ما غاب عن الإدراك بالحواس الخمس والغيب كما سبق اه التنبيه عليه في اول سورة البقرة ان منه ما هو غيب مطلق ومنه ما هو غيب نسبي فالله جل وعلا عالم الغيب كله الغيب المطلق والغيب النسبي جل وعلا وايضا عالم الشهادة وهو ما يشاهد ويرى ويدرك لا يخفى عليه شيء من ذلك جل وعلا وهو العزيز الذي عز كل شيء وقهره وهو الرحيم جل وعلا بعباده المؤمنين ثم قال جل وعلا الذي احسن كل شيء خلقه يقول ابن كثير اي انه الذي احسن خلق الاشياء واثبتها واحكمها وقال مالك عن زيد ابن اسلم الذي احسن كل شيء خلقه قال احسن خلق كل شيء كأنه جعله من المقدمين والمؤخر خلقه فيها قراءتان. الذي احسن كل شيء خلقه خلقه فيها قراءتان. فقرأ ابن كثير وابو عمرو ابن عامر خلقه الذي احسن كل شيء خلقه باسكان اللام على انه بدا الاشتمال من شيء من كل شيء الذي احسن كل شيء خلقه فهي بدل اشتمال من كل شيء قيل انها تمييز الذي احسن كل شيء ما هو؟ خلقه وقرأ الباقون بفتح اللام خلقه على انه فعل ماضي وهذا المعنى ظاهر واختلف العلماء في معنى اه قوله جل وعلا الذي احسن كل شيء خلقه قال الطبري فيه اقوال الاول اي اتقن يعني الذي احسن كل شيء خلقه قال معناه اي اتقن كل شيء واحسنه وروي عن ابن عباس قوله الذي احسن كل شيء خلقه قال اما ان است القرد ليست بحسنة ولكن احكم خلقها يعني ابن عباس يقول الذي احسن كل شيء المراد اتقن كل شيء وليس المراد بالحسن هنا هو حسن الصورة والمنظر فيقول احسن بمعنى اتقن والقول الثاني قال ابن جرير وقال اخرون بل معنى ذلك الذي حسن خلق كل شيء يعني ان المراد به حسن الصورة احسن كل شيء يعني حسن صورته ومنظره والقول الثالث قال ابن جرير وقال اخرون بل معنى ذلك اعلم كل شيء خلقه اعلم كل شيء خلقه يعني احسن كل شيء خلقه يعني اعلم كل شيء خلقه والهمه ما خلق له قال ابن جرير وجهوه الى انه الهم خلقه ما يحتاجون اليه ثم قال ابن جرير مرجحا من بين هذه الاقوال قال واولى الاقوال واولى الاقوال في ذلك عندي بالصواب على قراءة من قرأه الذي احسن كل شيء خلقه بفتح اللام قول من قال معناه احكم واتقن لانه لا معنى لذلك اذا قرأ كذلك الا احد وجهين اما هذا الذي قلناه من معنى الاحكام والاتقان او معنى التحسين الذي هو في معنى الجمال والحسن فلما كان في خلقه ما لا يشك في قبحه وسماجته علم انه لم يعني به احسن كلما خلق لكن معناه انه احكمه واتقن صنعته الى اخر كلامه. اذا ابن جرير الطبري يقول يرجحوا ان معنى قوله الذي احسن كل شيء يعني اتقنه واحتج لهذا ان احسن هنا تحتمل معنيين لا ثالث لهما انها اما بمعنى اتقنه واحكمه واما بمعنى جمل صورته وحسنها وزينها قال ومن المعلوم ان في خلق الله ما هو قبيح خلق الله مثلا آآ امرأة دميمة او خلق مثلا رجلا دميم المنظر او خلق العقرب الحية نحو ذلك قال فبهذا يترجح ان معنى احسن احكم واتقن واحتج بقول ابن عباس لقول ابن عباس الذي اشرنا اليه انفا فهذا هو اظهر الاقوال والله اعلم ويستدلون له ايضا بقوله جل وعلا صنع الله الذي اتقن كل شيء وقال الشيخ السعدي رحمه الله الذي احسن كل شيء خلقه قال اي كل مخلوق خلقه الله فان الله احسن خلقه وخلقه خلقا يليق به ويوافقه وهذا عام ثم جعل خلق الادمي او ثم خص الادمي آآ لشرفه وفضله. فقال وبدأ خلق الانسان من طين وذلك بخلق ادم عليه السلام ابي البشر اه وقال ابن سبق قول ابن كثير انه كأنه جمع بين هذه الاقوال فقال الذي احسن خلق الاشياء واثبتها واحكم فالله جل وعلا احسن كل شيء خلقه احكمه واتقنه وجعله احسن شيء في بابه فلا احد يستطيع ان يخلق مثل خلقه جل وعلا وهيأ كل شيء لمصالحه التي خلقه لها وبدأ خلق الانسان من طين كما قال جل وعلا في سورة المؤمنون لقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين وهنا يشير الى انه خلق ابى البشر وهو ادم من طين وبدأ خلق الانسان من طين اي المراد به ابوهم ادم فان الله خلقه من تراب واما ذريته ونسله فانه خلقهم من ماء مهين وبهذا يتبين ان هذا هو القول الصواب ان معنى الاية خلق الانسان من طين يعني خلق اصلهم اصل بني ادم وهو ادم من تراب وليس معناه ان كل مخلوق يخلق من تراب من بني ادم لا المراد خلق اصلهم واباهم من تراب اه كما قال جل وعلا ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقه من تراب قال ثم جعل نسله جعل نسل هذا الانسان وذريته وهو ادم. فجعل نسله وذرية ادم من سلالة من ماء مهين والسلالة فعالة من سلالة الشيء من الشيء اذا استخرجته منه والولد سلالة ابيه كانه انسل من ظهره والمعنى جعل نسله مستلا من ماء مهين. مستل من صلب الرجل وترائب المرأة اذا جعل نسل ذلك الانسان وما نسل منه وذريته ذرية ادم من سلالة من ماء مهين. مستل من ماء مهين. ومعنى مهين يعني ممتهن. لا يعبأ به وقيل مما ضعيف وهو اه المني الله جل وعلا خلق ابو خلق ابا البشر من تراب واما ذريته ونشره فجعلهم من ماء مهين جعلهم من اه المني او مما يحصل تجي معي الرجل لامرأته فيخرج من بين الصلب والترائب من بين صلب الرجل وثرائب المرأة من ماء مهين قال جل وعلا ثم سواه ثم سواه يعني ادم لما خلقه من تراب خلقه سويا مستقيمة لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم ونفخ فيه من روحه يعني نفخ في ادم لما خلقه نفخ فيه من روحه ومعنى نفخ فيه من روحه وكما جاء في الحديث ان الله لما وخلق ادم جعل ابليس يطيف به الى ان نفخ الله فيه الروح حيا ادم قوله من روحه يعني من من الروح التي خلقها الله والاظافة هنا اظافة تشريف من روحه من رح الله التي خلقها من الروح التي خلقها الله. فالله خلقه من روح روح مخلوقة. وليس المراد انه جزء من الله. ولم يقل احد هذا حتى اليهود والنصارى الذين ادعوا ان عزير ابن الله وان اه عيسى ابن الله ليه لم يقولوا هذا في ادم مع ان خلق ادم اعجب من خلق عيسى وغيره فالحاصل ان من روحي هنا الاظافة اظافة تشريف كما يقال بيت الله وناقة الله من روحه اضاف اليه باعتبار خلقه لها فهي روح من روحه من روحه التي خلقها كما قال جل وعلا وسخر لكم ما في السماوات وما في الارض جميعا منه ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون فقوله جميعا منه يعني جميعا من خلقه وليس المراد ان ان ما في السماوات وما في الارض انها جزء من الله تعالى الله عن ذلك لا المراد انها خلق من خلقه فهو الخالق لها. فكذلك هنا في قوله جل وعلا ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والابصار والافئدة الا ابن كثير يعني العقول جعل لكم السمع تعالى للعباد سمعا يسمعون به وجعل لهم ابصارا يبصرون بها وجعل لهم افئدة وهي القلوب يعقلون بها ثم قال قليلا ما تشكرون اي بهذه القوى التي رزقتموها الله عز وجل فالسعيد من استعملها في طاعة ربه عز وجل. هكذا قال ابن كثير والحاصل ان اه الله سبحانه وتعالى يمتن على عباده بهذه الالات التي خلقها لهم فجعل لهم السمع يسمعون به والابصار صار يبصرون بها والافئدة القلوب التي يعقلون بها فقليلا ما تسكنون قليل من عباد الله الشكور قليل من يشكر هذه النعم فان شكر هذه النعم هو استعمالها في طاعة الله واول ذلك الايمان بخالقها وواهبها وعبادته جل وعلا وعدم الاشراك معه وايضا استعمالها في طاعة الله جل وعلا فلا يرخي سمعه الى ما حرم الله جل وعلا من الغيبة والنميمة والغناء وما شابه ذلك ولا يطيق بصره فيما حرم الله جل وعلا وجل وعلا عليه. وكذلك آآ يشكر الله ويعقل بقلبه عن الله جل وعلا مراده ثم قال جل وعلا وقالوا اإذا ظللنا في الأرض هذا اخبار عن كفار قريش بل عن كل مكذب بالبعث انهم يقولون ائذا ظللنا وهذا استفهام انكار منهم اي اذا ظللنا في الارض ائنا لفي خلق جديد ومعنى ظللنا يعني تمزقت اجسامنا وتفرقت في اجزاء الارض وذهبت ظللنا في الارض يعني حينما نموت وتبلى يبلى لحمنا واجسامنا في الارض فتظل وتذهب في الارض وتتفرق ائنا لفي خلق جديد هذا استفهام انكار منهم ينكرون البعث فيقولون بعد ان تفنى اجسامنا وتذهب لحومنا وتختلطوا بالارظ وفي ذرات التراب اه ائنا مبعوثون بعد ذلك يعني في خلق جديد يعني نخلق خلقا جديدا وهذا يقولونه على سبيل الانكار وعلى سبيل جحود البعث والنشور يوم القيامة ولهذا قال جل وعلا بل هم بلقاء ربهم كافرون. بل هنا للاظراب اظرب عن قولهم هذا وبين حقيقتهم انهم كافرون بربهم لا يؤمنون بالبعث والنشور ولا يؤمنون بقدرة الله جل وعلا على اعادتهم بعد موتهم. ولهذا يقول ابن كثير فانا لفي خلق جديد اي ائنا لنعود بعد تلك الحال يستبعدون تلك الحال وهذا انما هو بعيد بالنسبة الى قدرهم العاجزة. لا بالنسبة الى قدرة الذي بدأهم وخلقهم من العدم الذي انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. ولهذا قال بل هم بلقاء ربهم كافرون ثم قال جل وعلا قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم قال ابن كثير الظاهر من هذه الاية ان ملك الموت شخص معين من الملائكة كما هو المتبادر من حديث البراء المتقدم وهو حديث البراء المشهور الذي فيه فيأتيه رجل وفيأتي ملك الموت عند رأسه ويقول ايتها النفس الطيبة هذا بالنسبة للمؤمن اخرجي الى رضوان من الله. الحديث هذا يعني ظاهر هذا الحديث يدل على ان ملك الموت آآ شخص معين وملك معين. قال ابن كثير آآ وقد سمي في بعض الاثار بعزرائيل وهو المشهور. قال قتادة وغير واحد وله اعوان وهكذا ورد في الحديث ان اعوانه ينتزعون الارواح من سائر الجسد حتى اذا بلغت الحلقوم تناولها ملك الموت وذكر بعض الاثار والقول بان ملك الموت اولا ملك الموت لا شك ان ان الموت له ملك يختص به هو الذي يقبض الارواح اه كما قال جل وعلا قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم. واما القول بان اسمه عزرائيل فهذا مما ورد في اخبار بني اسرائيل ولا يمكن الجزم به لكن يقال كما قال الله جل وعلا هو ملك الموت ولا ولم يثبت ان اسمه عزرائيل. هذا من اخبار بني اسرائيل. لكن يقال ملك الموت كما قال جل وعلا قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم اه قال جل وعلا قل يتوفاكم اي قل يا نبينا لهم لهؤلاء المكذبين يتوفاكم ويقبض ارواحكم ملك الموت الذي وكل بكم وكله الله بقبض الارواح فهو يقبض يقبض ارواح الناس كلهم بل ارواح المخلوقات قل لهم ولهذا ثبت في الحديث انه يوم القيامة يؤتى به بالموت على هيئة كبش املح وينادى اهل الجنة واهل النار ينظرون اليه تعرفون هذا فيقول نعم انه الموت فيميته الله جل وعلى لان كل نفس ذائقة الموت قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم الى ربكم ترجعون وهذا رد عليهم لما انكروا قالوا واذا ظلمنا في الارض يئنا لفي خلق جديد نعاد مرة اخرى فرد عليهم وبين انه يتوفاهم ملك الموت ثم يردون ويرجعون الى الله جل وعلا وخلقهم بعد موتهم ليس اشد واقوى من خلقهم اول مرة وكل ذلك هين عليه جل وعلى وقد اورد ابن كثير بعض الاثار لكنها لا تخلو من ضعف ثم قال جل وعلا ولو ترى اذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا ابصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا انا موقنون والمعنى ولو ترى يا نبينا وحذف جواب لو اللي تذهب النفس كل مذهب ما هو ترى ماذا ولهذا يقول المفسرون معنى الكلام ولو ترى يا نبينا لرأيت امرا عظيما او امرا مهولا ولو ترى اذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم ولو ترى لرأيت امرا عظيما وشيئا مهيلا حين اوقت ينكس المجرمون رؤوسهم ذلا وحياء وخجلا وخزيا لهم كما قال ابن كثير يخبر تعالى عن حال المشركين يوم القيامة وقالهم حين عاينوا الموت وقاموا بين يدي الله عز وجل حقيرين ذليلين نكسوا رؤوسهم اي من الحياء والخجل يعني يقومون ذليلين هؤلاء الذين انكروا اي اذا ظللنا في الارض اننا في خلق جديد يخبر انهم سيحيون ويرجعون وانهم سيقفون بين يدي الله عز وجل ناكسوا رؤوسهم ذليلين حقيرين خجلين فما ينفعهم انكارهم اه البعث قال جل وعلا ربنا ابصرني يعني وهم يقولون عند ذلك ربنا ابصرنا ابصرنا الان قال ابن كثير اي نحن الان نسمع قولك ونطيع امرك كما قال تعالى اسمع بهم وابصر يوم يأتوننا وكذلك يعودون على انفسهم بالمنامة اذا دخلوا النار بقومهم لو كنا بقولهم لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير وهكذا هؤلاء يقولون ربنا ابصرنا وسمعنا فارجعنا اي الى دار الدنيا نعمل صالحا انا موقنون اي قد ايقنا وتحققنا ان وعدك حق ولقائك حق وقد علم الرب تعالى منهم انه لو اعادهم الى الدار الدنيا لكانوا كما كانوا فيها كفارا يكذبون يكذبون ايات الله ويخالفون رسله كما قال تعالى ولو ترى اذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بايات ربنا ونكون من المؤمنين بل بدالهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون لو ردوا لادوا لما نهوا عنه وهو الكفر كفروا مرة اخرى وجحدوا ولم يؤمنوا بالله جل وعلا ثم قال وقالوا ان هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين. وقال ها هنا ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها كما قال تعالى ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا اذا الله جل وعلا يخبر ان هؤلاء يوم القيامة حينما يردون يقفون بين يدي الله ذليلين حقيرين ويقولون ابصرنا ابصرنا الحق وعرفناه الان وسمعنا الحق فرجعنا نعمل صالحا لاننا الان تيقنا وان الامر كما كنت تقول فنحن الان مستسلمون فرجعنا الى الدنيا حتى نعمل عملا صالحا فنؤمن بك ونتبعك ونتبع رسلك ونعمل بما امرتنا به انا موقنون ذلك اشد اليقين زال عنهم الشك. لكن ذلك حين لا ينفعهم ذلك حين لا ينفعهم لانه قد قامت عليهم الحجة في هذه الحياة الدنيا. اقام الله عليهم الحجة وبين لهم المحجة وارسل لهم الرسل وانزل الكتب واراهم من الايات ما يدل على ان الله سبحانه وتعالى هو هو المستحق ان يعبد ان يعبد فعرفوا ذلك وجحدوا ليس عن جهل وانما عن علم ومعرفة. قال جل وعلا ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها. لو شئنا لهدينا الناس كلهم جميعا ولكن الله سبحانه وتعالى لحكمة يجعل بعضهم مؤمن وبعضهم كافرا وفق اعمالهم مع انه يقيم عليهم الحجة ويرسل لهم الرسل فمنهم من يختار طريق الشر ومنهم من يختار طريق الهداية ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لاملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين حق القول منه جل وعلا انه يملأ اه انه يملأ الجنة انه يملأ جهنم من الجنة والناس اجمعين. قال ابن كثير اي من الصنفين فدارهم النار لا محيد لهم عنها ولا محيص لهم منها نعوذ بالله وكلماته التامة من ذلك قال جل وعلا فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا اي يقال لاهل النار على سبيل التقريع والتوبيخ ذوقوا العذاب بسبب تكذيبكم به واستبعادكم وقوعه وتناسيكم له اذا عاملتموه معاملة من هو ناسي الله انا نسيناكم اي سنعاملكم معاملة الناس لانه تعالى لا ينسى شيئا ولا يضل عن عنه شيء بل بل من باب المقابلة كما قال تعالى اليوم ننساكم كما نسيتم قاء يومكم هذا. هكذا قال الحافظ ابن كثير رحمه الله والذي يظهر الله اعلم ان النسيان المنسوب الى الله جل وعلا نوعان نسيان بمعنى السهو والغفلة وهذا اه منفي عن الله جل وعلا في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ونسيان بمعنى الترك ونسيان معنى الترك وهو المراد هنا انا نسيناكم يعني تركناكم اه تركناكم من رحمتنا لانكم نسيتم لقاء يومكم. تركتم الاستعداد لهذا اليوم بالايمان والعمل الصالح فكما تركتم الاستعداد نحن ايضا انساكم يوم القيامة اي نترككم من رحمتنا ومن انجائنا لكم من عذاب النار بل تدخلكم النار ولهذا قال وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون وذا عذاب الخلد اي العذاب الخالد الابدي فهو عذاب وهو ايظا خالد لا نهاية له خالدين فيها ابدا وذلك بما كنتم تعملون. الباء للسببية وما مصدرية او موصولة وذلك اي خلودكم بالعذاب او ذوقكم عذاب الخلد بسبب اعمالكم التي كنتم تعملون ما ظلمناكم وما ربك بظلام للعبيد قال ابن كثير وقوله وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون اي بسبب كفرهم وتكذيبهم كما قال في الاية الاخرى لا يذوقون فيها بردا ولا شراب الا حميما وغساقا جزاء وفاقا. انهم كانوا لا يرجون حسابا وكذبوا باياتنا كذابا. وكل كشيء احصيناه كتابا فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا. نسأل الله العافية والسلامة وهذا جزاء وفاقا من الله سبحانه وتعالى بسبب اعمالهم الخبيثة وانكارهم للبعث والنشور. اه جازاهم الله جل وعلا بما يستحقون من لان الايمان باليوم الاخر احد اركان الايمان الستة التي لا يصح ايمان احد الا بالاتيان بها. آآ ونكتفي بهذا القدر والله اعلم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد