الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه به ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد درسنا هذه الليلة في سورة عبس وسورة التكوير اما ونبدأ بسورة عبس فنقول هذا اسمها عبس اخذا من اول كلمة فيها وآآ عدد اياتها في عد الكوفيين اثنتان واربعون اية وهي مكية نزلت على النبي صلى الله عليه واله وسلم بمكة وسبب نزولها آآ هو ان النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يوما يخاطب بعض عظماء قريش آآ قيل انه ابي بن خلف وقيل غير ذلك. وكان يستمع للنبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرجو اسلامه فكان يدعوه ويتلو عليه وفي هذه الاثناء جاء اليه ابن ام مكتوم وكان ممن اسلم قديما فجعل يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلح عن شيء يسأله عن شيء ويلح عليه وود النبي صلى الله عليه وسلم ان لو كف ساعته تلك ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل طمعا ورغبة في هدايته وعبس في وجه ابن ام مكتوم واعرض عنه. واقبل على الاخر هذا ملخص ما قيل في سبب نزول هذه السورة فعند ذلك انزل الله عز وجل عبس وتولى وعبس عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعنى عبس قالوا عبس اي كلح بوجهه وقطب بوجهه وتولى اي اعرض عن ابن ام مكتوم يعني كلح في وجهه وقطب في وجهه وتولى عنه اعرض عنه واشتغل بذاك الكافر رجاء يسلم ان جاءه الاعمى اي لاجل ان جاءه الاعمى فهو صلى الله عليه وسلم عبس وكلح بوجهه وتولى اعرض لاجل ان ان جاءه ذاك الاعمى وهو ابن ام مكتوم فقال جل وعلا وما يدريك لعله يزكى وما يدريك يا نبينا لعل ابن ام مكتوم يحصل له الزكاة والطهارة في نفسه ومن يتزكى يعني يتطهر يعني يدخل يثبت في دين الله عز وجل لان الزكاة هنا المراد بها الايمان والاسلام وما يدريك لعله يزكى او يتذكر فتنفعه الذكرى او يتعظ ويحصل له اتعاظ وانزجار عن عن المحارم ولو بعد حين وهذا هو الفرق بينهما يتزكى يعني مباشرة يعمل الاوامر واوامر الشريعة او يتذكر بعد ذلك فيتعظ لما يسمع هذا القول لا يزال ينظر فيه ويتأمل فيتعظ به وينتفع بتذكيرك له ثم قال اما من استغنى وهو ذلك الرجل الكافر الذي استغنى بنفسه واستغنى عنك وعن الايمان بك فانت له تتصدى فانت له تصدى اي تتعرض له وتطمع في هدايته وهو على ما قيل انه آآ ابي بن خلف قال جل وعلا فانت له تصدى وما عليك الا يزكى فانت تتعرض له وما عليك الا يزكى يعني ليس عليك هدايته ليس عليك هدايته او ما انت مطالب بايمانه اذا لم يحصل له زكاة فما عليك الا البلاغ واما من جاءك يسعى وهو يخشى جاءك يسعى وهو ابن ام مكتوم ويقصدك ويؤمك ويمشي اليك ليهتدي بما تقول فانت عنه تلهى اي تتشاغل بغيره ثم قال كلا انها تذكرة كلا انها اي هذه الايات تذكرة اي موعظة لمن اراد ان يتذكر نعم وهذه موعظة عظيمة ايها الداعي الى الله من رأيت منه حرصا على التعلم وارادة الدين والتفقه فاقبل عليه واصبر عليه وتحمل ما يقع منه وليس عليك هداية بعض الناس لانه كبير او غني او صاحب جاه او نحو ذلك تحرص عليه وتعرض وتترك الحريصين على التعلم فانما قدوتك النبي صلى الله عليه واله وسلم وفيه من الفوائد ان النبي صلى الله عليه واله وسلم لم يكتم شيئا من القرآن فبلغه واداه كما انزله الله عليه لان هذه السورة معاتبة له حتى جاء في بعض الاثار انه اذا لقي ابن امه مكتوم بعد ذلك يقول مرحبا بمن عاتبني فيه ربي فعلينا ان نتأسى بالنبي صلى الله عليه واله وسلم ونحرص على من جاء ليتعلم ونتحمل ونصبر وايضا ينبغي اللي من جاء يطلب العلم وخاصة طلاب العلم ورأى شيخه مشغولا في في امر الدعوة او في امر اخر الا يلح عليه وان يلاحظ هذا الامر حتى يجد منه فرصة وتفرغا ويلين الكلام معه قال جل وعلا كلا انها اي هذه الايات تذكرة موعظة لمن اراد ان يتذكر ويتعظ فمن شاء ذكره يعني من شاء ذكر ما نزل من الموعظة في هذه الايات واتعظ بها وقيل ان كلا انها تذكرة قيل المراد القرآن كله والاظهر والله اعلم انه هذه الايات التي فيها معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم في شأن ام ابن ام مكتوم ثم قال جل وعلا في صحف مكرمة اي هذه الايات في صحف مكرمة وهي صحف الملائكة فيصحهم كريمة مكرمة شريفة رفيعة القدر وقيل بل القرآن كله في صحف مكرمة وكل ذلك حق ثم قال مرفوعة مطهرة يعني هذه الصحف في مكان عال رفيع القدر لانه بايدي الملائكة مرفوعة مطهرة بايدي سفرة وهم الملائكة وقيل للملائكة سفره لانهم يسفرون بالوحي بين الله ورسله وقيل لانهم كتبة يكتبون وينسخون الكتب وهذه الصحف من اللوح المحفوظ ومنه السفر يقال الكتاب سفر وكل ذلك حق بايدي سفرة كرام بررة وهؤلاء الملائكة كرام على الله وقد اتصفوا بالخلال الكريمة فهم ذو شأن وكرامة عند الله جل وعلا وايضا بررة بررة في اعمالهم مرة بما يقومون به بحيث انهم يجدون في الاعمال التي في اعمالهم الكثيرة وايضا انهم ذوو فضل واحسان فلهم شأن عظيم عند الله جل وعلا وهذا وهذه التزكية لهم تزكية لما في صحفهم لهذا الوحي لهذا القرآن فهو ليس كلام البشر وانما هو كلام رب العالمين وهو بهذا المقام ثم قال جل وعلا قتل الانسان ما اكفره ومعنى قتل اي لعن قال ابن كثير يقول تعالى ذاما لمن انكر البعث والنشور من بني ادم قتل الانسان ما اكثره قال الظحاك عن ابن عباس قتل الانسان لعن وهذا لجنس المكذب الكافر لكثرة تكذيبه بما بلا مستند بل بمجرد الاستبعاد وعدم العلم ومعنى ما اكفره اي ما اشد كفره من اي شيء خلقه بين الله جل وعلا له كيفية خلقه من الشيء الحقير فهو مخلوق من شيء حقير من اي شيء خلق ثم بين هذا الشيء الذي خلق منه فقال من نطفة خلقه فقدره وهذا الاستفهام لقوله من اي شيء خلق؟ استفهام تقريري يقرره فهو مخلوق من نطفة مذرة فقدره قيل قدر اطواره فجعله مضغة ثم علقه جعله نطفة ثم علقة ثم مضغة مخلقة وغير مخلقة اطوار الجنين قدر له اطوارا وقيل بل قدر له رزقه واجله وعمله وشقي او سعيد وكل ذلك حق خلقه فقدره ثم السبيل يسره قيل ان السبيل المراد به هنا خروجه من بطن امه فبدأ ان قدر له هذه الاطوار في بطن امه فاذا اكتمل اكتملت مدة الحمل يسر خروجه من بطن امه وقيل ان التيسير هنا السبيل يسره المراد طريق الحق والباطل بينه وعلمه ذلك كما قال جل وعلا انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا واكثر المفسرين على ان المراد به خروجه من بطن امه ثم اماته فاقبره يعني بعد ذلك يحييه ثم اذا جاء الاجل يميته فاقبره اي جعله ذا قبر وهذي من نعم الله عز وجل انه جعل الانسان يقبر فلا يموت كما تموت الدواب والبهائم. تموت وتترك فوق الارض ولكن اكرمه الله جل وعلا بانه جعل له قبرا يحفر له ويدفن فيه فاخبره ثم اذا شاء انشره. فالله الذي اماته وجعله في القبر ثم اذا شاء جل وعلا عند قيام الساعة وعند النفخة الثانية في الصور انشره اي بعثه ورد اليه روحه كما قال جل وعلا ومن اياته ان خلقكم من من تراب ثم اذا انتم بشر تنتشرون فقالوا وانظر الى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فالحاصل ان الله سبحانه وتعالى ينشره ويبعثه يوم القيامة ثم قال كلا لما يقضي ما امره كلا كلمة ردع وزجر والمراد ان الانسان الكافر لم يقضي ما امره الله به فاعرظ وتولى قال ابن جرير كلا ليس الامر كما يقول هذا الانسان الكافر من انه قد ادى حق الله عليه في نفسه وماله لما يقضي ما امره يقول لم يؤدي ما فرظ عليه من الفرائظ لربه لان الانسان الكافر يزعم انه الحق وانه قام بما اوجب الله عليه كلا لم يقضي لما يقضي ما امره لم يقم بما امره الله به ثم قال فلينظر الانسان الى طعامه حتى يستدل بقدرة الله جل وعلا على ايجاد الطعام على قدرته على بعث الانسان وخلقه فلينظر الانسان الى طعامه انا صببنا الماء صبا اي انزلنا الماء من السماء وصببناه على الارض ثم شققنا الارض شقا اي صار في الارض شقوق بحيث انها تبتلع الماء قال ابن كثير اي اسكناه فيها فيدخل في تخومها ويتخلل في اجزائها فنبت وارتفع وظهر على وجه الارض فانبتنا فيها في الارض حبا والحب كله ما يؤكل من الحبوب بل كل ما يذكر من الحبوب والعنب هو العنب المعروف ما الذي يأكله الناس فانبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا والقظب والقظب قيل هو الفصفة التي تأكلها الدواب رطبة ويقال له القت يعني المراد به علف الدواب الاخضر ليس الحبوب النباتات التي تألفها الدواب وتأكلها كما قال ابن عباس ونحوه قال الحسن البصري القضب هو العلف اذا الله جل وعلا انبت في هذه الارض لما صب الماء عليها صبا انبت فيها انبت فيها الحبوب والثمار انبت فيها النباتات فتكفل جل وعلا برزق العباد ورزق دوابهم وزيتونا جعل فيها الزيتون المعروف يأكلونه اداما ويستفيدون من زيته ويدهنون به ونحلا ايضا انبت فيها نخلا يؤكل ثمره سواء كان بلحا او بسرا او رطبا او تمرا ويعسرون منه من ثماره ما يعصرون ثم قال وحدائق غلبة ايضا انبت حدائق اي بساتين غلبا اي غلاظ الاوساط وفي رواية غلاظ الرقاب وقلع حدائق غلبة اي طوالا وقيل للغلب هي الشجر الذي يستظل به وكل ذلك حق فالله جل وعلا جعل فيها حدائق وبساتين غلبا كبيرة طويلة يستظل بها غلاظ الاوساط كل ذلك حق وفاكهة وابا الفاكهة كل ما ما يتفكه به من الثمار قال ابن عباس الفاكهة كل ما اكل رطبا والاب ما انبتت الارض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس وفي رواية هو الحشيش للبهائم وقال سعيد بن جبير ومجاهد الاب الكلأ واقوالهم متقاربة فالفاكهة لبني ادم والاب هو الكلأ او العشب او ما تنبته الارض للدوام فتكفل الله برزقهم ورزق دوابهم ثم قال جل وعلا متاعا لكم ولانعامكم. اي جعل الله ذلك ما سبق مما اخرجه الله من الارض متاعا لكم. تستمتعون به تأكلون تعيشون. لكم ايضا ولدوابكم ولدوابكم وهذا من فضل الله جل على على خلقه ثم قال سبحانه وتعالى فاذا جاءت الصاخة والصاخة هي القيامة وهو اسم من اسماء القيامة عظمه الله وحذر عباده منه وقيل لها الصاخة كما قال البغوي قال لانها تصخ الاسماع اي تبالغ في اسماع الناس لما تقوم حتى تكاد تصم اذانهم فهي تصخ الاسماع ويسمعها الجميع فاذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من اخيه الفرار هو الهروب للتخلص من شيء مخيف فبذلك اليوم يفر المرء من اخيه الذي كان يأنس به في الدنيا وايضا من امه وابيه الذي كان يفر اليهم ولا يفر منهم في الدنيا. وصاحبته اي زوجته وبنيه من اولاده لماذا؟ لشدة الاهوال ذلك اليوم ولهذا قال لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه. لماذا يفر من اقاربه الذي في الدنيا يأوي اليهم يأوي الى اخيه والى امه وابيه والى زوجته صاحبته وبنيه وهنا تدرج من من اسفل الى الاعلى الى من هو اقوى منه تتدرج من الاخ واقرب منه الام والاب واقرب منهما الانسان ايضا الاب الزوجة والولد يأوي اليهم لكن بسبب ما هم فيه. ولهذا قال لكل امرئ منهم يومئذ شأنه يغنيه كل واحد منهم له شأن يغنيه عن غيره. هو مشغول بنفسه مشغول بنفسه بل ان الانبياء واولوا العزم كما في حديث الشفاعة في الصحيحين لما يأتي الناس الى ادم يقول ان ان ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله. نفسي نفسي اذهبوا الى نوح ويعتذر نوح ويقول نفسي نفسي اذهبوا الى ابراهيم ويأتون الى ابراهيم والى موسى والى عيسى وكل منهم يقول نفسي نفسي وتنتهي الشفاعة الى النبي صلى الله عليه وسلم ويقول انا لها انا لها فيفر تحت العرش ساجدا قدر جمعة ويحمد الله بمحامد يلهمه اياها فيقول الله جل وعلا له يا محمد ارفع رأسك وسل تعطى والشفع تشفع اذا يا اخوان بل ايضا ما يدل على ذلك حديث عائشة لما قال النبي صلى الله عليه وسلم يحشر الناس حفاة عراة غرلا غير مختونين قالت عائشة الرجال والنساء؟ قال نعم قالت ما سوأتاه يعني كيف ينظر الرجال الى النساء هن عاريات؟ قال يا عائشة الامر اعظم من ذلك كل مشغول بنفسه ما ينظر هنا ولا هنا له شأن يغنيه وبصره شاخص لا يدري يأخذ كتابه بيمينه او بشماله ولهذا جاءت بعض الاحاديث بل تدل على ان الرجل يسأل امه واباه وزوجته وبنيه يريد منهم حسنة فيأبون كل يقول نفسي نفسي فلكل واحد منهم يومئذ شأن يغنيه عن غيره فهو مشغول بنفسه هذا اليوم الذي يجعل الولدان شيبا. وهذا يا اخوان في الطريق يعني هذا الامر هو في الطريق سنمر به وسنكون من هؤلاء فماذا اعددنا ماذا اعددنا للنجاة من هذا اليوم الذي لا بد منه وكل ما هو ات قريب قال جل وعلا وجوه يومئذ مسفرة الناس في ذلك اليوم يوم الصاخة يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه الناس قسمان لا ثالث لهم فاما اسم فاما ان يكونوا اصحاب وجوه مسفرة وجوه يومئذ يوم الصاخة مسفرة يعني مستنيرة مشرقة بيضاء وهم اهل الايمان والتقوى في الدنيا ومع ذلك ظاحكة مستبشرة ضاحكة تضحك وتبتسم مستبشرة بالثواب والنعيم الذي اعده الله جل وعلا لها كانوا يعملون في الدنيا اجتهدوا في الدنيا بالايمان والعمل الصالح فكانت تلك النتيجة العظيمة بياض الوجوه واسفارها والتبسم والفرح والسرور والاستبشار فالله الله في الجد في العمل لذلك اليوم قال جل وعلا ووجوه يومئذ عليها غبرة. هذا القسم الثاني وهم الكفار فيعلو وجوههم غبرة والغبرة هي الغبار والدخان المعروف بسبب كفرهم وايضا ترهقها قترة فهي عليها الغبار مغبرة وجوههم وايضا تغشاها قترة يلحقها يغشاها سواد وظلمه وجوههم مسودة بسبب سوء اعمالهم التي عملوها في الدنيا وهم الكفار قال جل وعلا اولئك هم الكفرة الفجرة هؤلاء الذين الذين الذين وجوههم عليها غبرة وترهقها قترة هم الكفرة الفجرة فهم فجرة فهم كفرة فجرة. كفرة في قلوبهم. قطوا قلوبهم على الكفر بالله جل وعلا وعدم الايمان وهم فجرة في اعمالهم فعملوا القبائح كلها اعتقادا وعملا فكفرت قلوبهم وفجرت اعمالهم وارتكبوا الاعمال الفاجرة وفي هذه السورة العظيمة مواعظ وعبر يا اخوان علينا ان نتعظ بها وهذا هذه هي ثمرة يعني قراءة القرآن افلا يتدبرون القرآن ولقد يسروا القرآن للذكر فهل من مدكر فاحرص رعاك الله على ان تتدبر وتأمل وان تحرص على ما ينجيك انت الان في دار العمل والاجتهاد لكن اذا مات ابن ادم انقطع عمله كما جاء في الحديث اسأل الله ان يوقظ قلوبنا وان يرزقنا واياكم الجد والاجتهاد ويرزقنا الاقبال على العمل الصالح وان يرزقنا الاخلاص والمتابعة انه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد