الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد. في في هذا المجلس نشرح سورة البلد اه ونتكلم على بعض المعلومات التي جرينا على ذكرها قبل البدء بتفسير السورة. فمن ذلك اسماء فتسمى بسورة البلد وهذا هو الاسم المشهور الذي ذكره المحدثون والمفسرون وغيرهم حينما يذكرون هذه السورة ومن اسمائها ايضا آآ سورة لا اقسم سورة لا لا اقسم نوعها فهي مكية. اه وقد حكى الاتفاق على هذا الامام القرطبي في تفسيره وحكاه غيره ايضا. اه وترتيبها في النزول هي السورة الخامسة والثلاثون في عداد النزول نزلت بعد سورة قاف وقبل آآ سورة الطارق واياتها عشرون اية. يقول الله جل وعلا لا اقسم بهذا البلد ومعنا الكلام على لا هذه وهي انها وهو انها ليست بنافية ليست لنفي القسم انما اكثر اهل العلم على انها مؤكدة مؤكدة وقيل للتنبيه وقيل هنا للاستفتاح لانها اول شيء فالحاصل انها للتوكيد والتنبيه وتأكيد القسم وليست لنفي القسم والمعنى ان الله جل وعلا اقسم بهذا البلد ومعنى اقسم يعني حلف جل وعلا وهو الصادق وان لم يقسم ولكنه اذا اقسم بشيء يدل على عظمة شأن المقسم به وعلى عظمة المقسم عليه. الذي يقع في جواب القسم لا اقسم بهذا البلد وهذا البلد هي مكة واقسم الله بها لشرفها لانها بيت الله الحرام ولان فيها آآ بيت الله فيها الكعبة. قال جل وعلا وانت حل بهذا البلد. اي انت يا نبينا حل بهذا البلد اي حل بمكة. وللعلماء في معنى حل بهذا البلد للمفسرين ثلاثة اقوال القول الاول وهو قول السلف وهو المشهور عن السلف ان المعنى وان تحل بهذا البلد يعني انت انت بمكة حلال لك ان تصنع فيها ما تشاء مما هو حرام في غير هذا الوقت الذي احل لك فلا اثم عليك ولا حرج. لان الاصل ان مكة بلد حرام. لا ينفر صيدها ولا يقطع شجرها ولا يعبد شجرها ولا يختلى خلاها فهي حرام ولا يجوز ان يتعرض لشيء مما فيها لكن الله احلها لنبيه صلى الله عليه واله وسلم عام الفتح. فيكون هذا وهذه نزلت طبعا بمكة هذه السورة قبل مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم والفتح بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم قالوا لكنه هذه بشارة من الله جل وعلا بشره الله بذلك وهذه يعني معجزة واكرام للنبي صلى الله عليه وسلم اه وبشارة له انه سيجعل هذا البلد حلالا له ويدل عليه الحديث الذي في الصحيحين اه بل متفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والارض فهو حرام بحرمة الله الى يوم القيامة لا ايعبد شجره معنى لا يعبد يعني لا يقطع ولا يختلى خلاه يختلى يعني يعشب وهو هنا العشب الذي يكون منبطحا على الارض وليس الاشجار ذات السوق. فاختلاؤه يعني قلعه من الارض او حشه ولا يفتلى خلاه وانما احلت لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالامس الا فليبلغ شاهد الغائب اه والقول الثاني ان معنى وان تحل بهذا البلد اي وانت حال في هذا البلد يعني من الحلول وانت يعني من اهل هذا البلد يكون يعني تشريف لمكة انك تحل وتقيم فيها. والقول الثالث قال وانت حلال الدم في مكة اه حيث كانوا المشركون يريدون قتله وهذا فيه نظر قول السلف هو القول الاول ان الله يمتن عليه بانه يحل له هذا البلد الذي حرمها ابراهيم عليه السلام حرمه الله ثم اظهر تحريمها على لسان ابراهيم يعني منذ القدم فهي حرام لكن الله يحلها لك ويرفع هذا التحريم ساعة من نهار وذلك حينما جاء في غزوة الفتح فاحلها الله له من صلاة الفجر الى صلاة العصر كما جاءت بذلك الاحاديث قال جل وعلا ووالدي وما ولد. اقسم الله عز وجل بالوالد والولد. قيل الوالد هو ادم. والولد ذريته. وقيل بل المراد يشمل كل والد وكل ولد. فالله اقسم بكل والد وبكل ولد وهذا هو الصواب. وهو العموم ويدخل في يا ادم دخولا آآ اوليا. آآ ثم قال لقد خلقنا الانسان في كبد. هذا هو جواب القسم. اقسم الله فيما مضى على انه خلق الانسان في كبد. ومعنى في كبد يعني تعددت اقوال المفسرين في هذا لكن يجمعها قولان يعني هذه الاقوال تنضوي تحت قولين آآ القول الاول لقد خلقنا الانسان في كبد يعني استواء واستقامة. الكبد قالوا هو الاستواء والاستقامة. قال اه ابن وابن مسعود ومن معهم يعني منتصبا. وزاد ابن عباس في رواية عنه منتصبا في بطن امه اه والمراد بهذا القول يعني انا خلقنا الانسان خلقناه خلقا سويا مستقيما قوله جل وعلا الذي خلقك فسواك فعدلك كما في قوله جل وعلا لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم. اذا هذا هو الأول ان معنى الكبد هنا هو استقامة الخلق وتسويته وتسويته خلقه الله مستقيم الخلقة مستويا. والقول الثاني آآ ويشمل يعني ذكر ذكر او يدخل تحته عدة اقوال يجمعها وهو ان المراد آآ ان الله خلق الانسان في كبد يعني في مكابدة الامور يكابد الامور ومشاقها ومعاناتها. فالانسان يعاني المشقة في امور الدنيا وطلب الرزق وفي اصلاح احيي الحرف وايضا يعاني مع نفسه ومجاهدتها في طاعة الله اه وهذا امر معلوم يا اخوان. ان الانسان خلقه الله في كبده. هذه الحياة كبد مشقة عناء ما فيها راحة لا للمؤمن ولا لغيره. وهذا يجده كل انسان. ورجح شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله انه لا مانع ان نحمل الاية على المعنيين فالله خلق الانسان في كبد مستقيما مستويا في خلقته وايضا يعاني الامور آآ يكابد الامور. لقد خلقنا الانسان في كبد ثم قال جل وعلا ايحسب الا يقدر عليه احد. وهذا جنس الكافر انه يحسب اه هذا الكافر المخلوق في كبد انه لا احد يقهره ولا يغلبه اغتر لانه لا يؤمن بالله واليوم الاخر. قال جل وعلا يقول اهلكت مال اللبدا ايضا يقول مفتخرا انه اهلك مال اللبدا ومعنى لبدا يعني مالا متراكما كثيرا بعضه على بعض هو انما اهلكه في معصية الله وفي شهواته ويقول ذلك على سبيل الفخر والخيلاء فهو يظن انه لا يقدر عليه احد ويظن ويقول بانه اهلك انه اهلك وانفق الاموال الطائلة الكثيرة قال جل وعلا ايحسبوا ان لم يره احد اي ايحسب هذا الكافر ان الله جل وعلا لا يراه ولا يرى اعماله وتبذيره واسرافه او وافعاله الشنيعة وهذا استفهام يقتضي اه التقرير ويحتمل ايضا انه للتوبيخ ايحسب ان لم يره احد ثم قال جل وعلا الم نجعل له لسانين الم نجعل له عينين ولسانا وشفتين. يمتن الله عز وجل على جنس الانسان الكافر مسلم بان الله جعل له عينين ينظر فيهما ويبصر فيهما الاشياء ويتصرف بناء على ما يرى تقي المخاطر والله انها نعمة عظيمة نعمة العينين. انظر للانسان اذا فقد البصر المسجد الذي بجواره ما يستطيع يذهب اليه الا ولا يستطيع يصرف اموره هذه من نعم الله علينا التي يجب ان نشكر الله جل وعلا على ولسانا وشفتين ايضا جعل له لسانا يعرب ويتكلم يعرب عما يريد يبين ما يريد تفاهم معه مع يتفاهم به مع غيره. وكذلك جعل له شفتين جمل بهما فمه وغطى اسنانه وفتحة فمه لم يبق مفتوحا هكذا. وايضا ينتفع بهما في الكلام تضم الشفتين الكلام ويأتي الكلام مستويا مستقيما. كذلك اذا اكل الطعام تحفظ من ان يتساقط الى غير ذلك من المنافع العظيمة. وهذه من اعظم نعم الله عز وجل على الانسان. قال وهديناه النجدين معنى هديناه النجدين يعني بينا له طريق الخير وطريق الشر. بينا له طريق الخير وطريق شر اه والنجدين جمع مثنى نجد والنجد هو المكان المرتفع العالي. اه وقيل ان النجدين هنا المراد بهما آآ الثديان للام فهدى الله آآ الغلام والطفل او ميول من بطن امه تلقمه ثديه تلقمه ثديها ويرتظعه وهو الان خرج من بطن امه. والاظهر هو القول الاول لان له دلائل تدل عليه فان الله جل وعلا آآ هدى الخلق وبين طريق الخير وطريق الشر المراد بالهداية هنا هداية البيان. هداية البيان. قال آآ ثم قال جل وعلا فلا فلا اقتحم العقبة. فلا اقتحم العقبة. اه العقبة الاصل انها الطريق الوعر الصعب في الجبل. طريق صعب في الجبل ما ما يصعده الانسان الا بكل صعوبة هذه العقبة تكون في الجبل والاقتحام آآ المراد به تجاوز الشيء بمشقة تجاوز الشيب بمشقة. فيقول جل وعلا فلا اقتحم الانسان العقبة ثم قال وما ادراك ما العقبة قالوا وهذا الاستفهام للتشويق والتفخيم. وهو في الحقيقة ايضا يتضمن يعني التهويل لشأن هذه العقبة وبيان اهمية شأن هذه العقبة ثم فسر اقتحام العقبة هذه العقبة الكؤود والصعبة نعم فصل وبين اقتحامها بانه بفك الرقبة. قال فك رقبة هذا هو اقتحام العقبة كيف يقتحمها الانسان ويتجاوزها؟ بفك الرقبة. والمراد بالرقبة هنا المملوك الرقيق الذي ضرب عليه الرق ففكها هو ان يعتقها ان يعتق هذا هذا المملوك يشتريه ويعتقه هذا من الامور العظيمة وقد جاء في الحديث الصحيح انه ما من احد يكافئ اباه او والده الا رجل الا رجل ادرك اباه مملوكا فاعتقه. هذه لعظم نعمة العتق. هذا جاز اباه. ووالده. والا ما احد يجازي والده وجاء في الحديث الصحيح ايضا ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال اه من اعتق مملوكا اعتق الله كل عضو منه عضوا منه من النار. هذا جاء فيه عدة يعني روايات منها من اعتق رقبة مؤمنة فهي فكاكه من النار. وبعض الالفاظ آآ من اعتق آآ نفسا آآ كانت من اعتق رقبة مسلمة كانت فكاكه من النار عضوا بعضو وجاء في بعض الروايات اه حتى فرجه بفرجه. يعني يؤتى بكل عضو من المملوك يعتق من المعتق له يعتق عضوا منه. فمثلا رجل اعتق مملوكا يعتق الله يده بيده ورأسه برأسه. ورجله برجله. حتى فرجه يعتقه الله من النار مقابل عتقه لفرج ذلك المملوك وهذا فيه حث على اعتاق المملوك واعتق واعتاق الرقبة هذا شيء عظيم. قال جل وعلا فك رقبة او اطعام في يوم ذي في يوم ذي مسربة. بهذا تجتاز وتقتحم هذه العقبة ذكي الرقبة وايضا باطعام الطعام. في يوم ذي مسقبة. اطعام الطعام شأنه عظيم. لكن اذا كان في يوم ذي مسغبة والمسقبة هي المجاعة ومنه السغب الجوع يقال له السغب. فالحاصل ان اطعام الطعام عظيم. ولكن اذا كان والناس في مجاعة فشأنه اعظم وفضله اعظم. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم يا ايها الناس افشوا السلام واطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخل الجنة بسلام. وذكر على المؤمنين انهم قالوا انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. فاطعام الطعام من اسباب النجاة من النار. فالانسان يحرص عليه ويتحرى في من حوله ولا لان كثير من الناس قد يعطي المال. بعض الناس هو بحاجة الى الاكل والشرب. قال جل وعلا او اطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا يتيما ذا مقربة. اه اليتيم هو من فقد اباه قبل البلوغ. من فقد اباه قبل البلوغ. هذا يسمى يتيم. لكن لو فقد امه لا يقال انه يتيم. لكن يقال عنه عجي. ولو فقد امه واباه يقال له لطيم فاليتيم من فقد اباه قبل البلوغ من بني ادم لكن بالنسبة بهيمة الانعام اليتيم من فقد امه لانها كلها ابوها واحد مئة من الغنم والابل ابوها واحد. فاليتيم من فقد امه. قالوا واما الطير فاليتيم من فقد امه واباه. لانه اذا فقد اباه فقد امه موت يقوم اباه مقامه او العكس. وهكذا اشار اليه اهل اللغة. والحاصل ان المراد هنا باليتيم هو من فقد اباه قبل البلوغ اذا يتيما ذا مقربة يعني اطعم الطعام في يوم المجاعة لليتيم القريب لليتيم القريب فاجتمع فيه امران انه يتيم قد فقد اباه وليس عنده احد يقوم عليه وهو في حال الصغر قبل بلوغه وايضا ذا مقربة له قرابة قرابة رحم صلة قرابة رحم بينك وبينه وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم قال الصدقة على المسكين صدقة وعلى القريب صدقة صلة رحم قال او مسكين ذا متربة. يعني او اطعم الطعام في يوم المجاعة لمسكين. ذي متربة وذي متربة يعني قد اذلته الحاجة واذلت اذله الفقر الى ان الصقه تراب صار كأنه لاصق بالتراب من شدة الحاجة والفقر الذي لحقه. والمسكين والفقير اذا اجتمع اه افترقا واذا افترقت شمعة. فهنا انما ذكر المسكين. فهو يدل على المسكين ويدل على الفقير. لان المسكين هو من يجد شيئا لا يكفي في حاجته والفقير هو من لا يجد شيئا المعدم. وقد ذكرهم الله جميعا في اية اه براءة في بيان الاصناف التي تدفع لهم الزكاة قال انما الصدقات للفقراء والمساكين. فهنا فرق بينهم فالفقير هو المعدم الذي لا شيئا والمسكين الذي يجد شيئا لكن لا يكفي لحاجته. كما قال جل وعلا واما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر. فعندهم سفينة يعملون عليها ويتاجرون ويؤجرون لكن ما تكفي لحاجتهم وهذا الان قد تجد بعض الناس عنده راتب وعنده منزل سكن وعنده سيارة وعنده جوال لكن ما يكفي ما يكفي راتبه لحوائجه الحوائج التي يعني لابد منها وليست الكماليات فان هذا يكون مسكينا لكن قد يكون بعضهم مسكين ذا متربة يعني شديد المسكنة لدرجة انها الصقته بالتراب. فهذا مما تقتحم به العقبة الكؤود التي امامنا يا عباد الله فالله الله في اطعام الطعام وتحري الاقارب والمساكين هناك اناس يستحيون من سؤال الناس. فيحتاج نسأل المسلم يسأل عنهم يتحرى عند جيرانه يعرف حالهم. قال جل وعلا ثم كان من الذين امنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة. ايضا هذه قضية اخرى غير فك الرقبة واطعام الطعام ام اليتيم القريب والمسكين ايضا يكون هذا الرجل مسلما ثم كان من الذين امنوا اي امنوا صدقوا واقروا وامنوا بما يجب الايمان به. وتواصوا بالصبر بانواعه الثلاثة. وصى بعضهم بعضا بالحق. وصى بعض وهم بعضهم بالصبر على طاعة الله والصبر عن معصية الله والصبر على اقدار الله المؤلمة وتواصوا بالمرحمة فاذا اوصى بعضهم بعضا برحمة الخلق ورحمة المساكين ورحمة المحتاجين. هذه صفات المؤمنين. قال جل وعلا اولئك اصحاب الميمنة والميمنة اي اليمين ويطلق على الجنة من اسماء الجنة والميمنة من اليمين ويقال الجيش وميسرة الجيش. فالمراد انهم اصحاب اليمين وهم الذين يعطون كتابهم بايمانهم. والذين كفروا باياتنا هم اصحاب ابو المشم الذين كفروا واعرضوا عن الحق ولم يؤمنوا اصحاب المشأمة اي اصحاب الشمال لان المشأمة مقابل ميمنة كما ان الشمال مقابل اليمين والمراد انهم اهل النار نعوذ بالله بسبب كفرهم قال عليهم نار مؤصدة معنا مقصدة كما قال ابن كثير قال اي مطبقة فلا ضوء فيها ولا فرج ولا خروج منها اخر الابد. نسأل الله العافية مؤصدة مطبقة مغلقة عليهم. لا يرون فيها ضوءا ولا يستطيعون خروجا بسبب كفرهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا انفسهم يظلمون. آآ