الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد في هذه الليلة آآ نفسر سورة لم يكن كن ولها عدة اسماء فسميت لم يكن الذين كفروا وهذا جاء في الحديث آآ الذي رواه بخاري ومسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لابي بن كعب ان الله امرني ان اقرأ عليك لم يكن الذين كفروا فقال وسماني لك؟ قال نعم فبكى. وتسمى ايضا سورة لم يكن. بدون ذكر الله كفروا وعلى هذا كثير من المفسرين وتسمى سورة القيمة وتسمى سورة البينة وتسمى سورة اهل الكتاب وتسمى سورة البرية وتسمى سورة الانفكاك وكل هذه الاسماء مأخوذة من اه الفاظ الايات ايات هذه السورة واما نوعها قول الجمهور انها مكية وعن ابن الزبير وعطاء انها مدنية وعكس القرطبي فقال ان القول بانها مدنية هو رأي الجمهور آآ وترتيبها آآ السورة الواحدة بعد المئة السورة الواحدة بعد المئة يعني نزلت قبلها مئة سورة نزلت بعد سورة الطلاق وقبل سورة الحشر هذا على قول بانها مدنية وعدد اياتها ثمان ايات عند الجمهور وعدها البصريون عدها البصريون ست ايات ومما ورد في فضلها الحديث الذي اشرنا اليه انفا عند البخاري ومسلم من حديث انس ابن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لابي ابن كعب ان الله امرني ان اقرأ عليك لم يكن الذين كفروا قال وسماني لك؟ قال نعم فبكى رضي الله عنه وارضاه واورد اه ابن كثير يعني جملة من الاحاديث في فضلها آآ يرجع اليها في اول سورة لم يكن آآ يقول الله جل وعلا لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة آآ اهل الكتاب هم اليهود والنصارى لان لهم كتاب. اليهود لهم التوراة والنصارى لهم الانجيل آآ لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين. والمشركون هم عبدة الاوثان. عبدة الاوثان وعبدة النيران من العرب ومن غيرهم من العرب ومن العجم. لان الكفار قسمان اهل كتاب وهم من لهم كتاب كالتوراة والانجيل لكنهم حرموا بدلوا وكفروا فهم كفار وان كانوا اهل كتاب لكنهم خير من من حيث الجملة خير من المشركين الخلص عبدة الاوثان الوثنيون. فيقول الله عز وجل لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين فالذين كفروا قسما. اهل كتاب ووثنيون مشركون. منفكين حتى تأتيهم البينة ومعنى منفكين اي تاركين ما هم عليه من الشرك والكفر وقيل مفكين منفصلين من كفرهم حتى تأتيهم البينة. اه الاصل في البينة هي كل ما يبين الحق من كل شيء. والمراد به هنا الرسول صلى الله عليه واله وسلم وقيل القرآن والقولان متلازمان لان الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالقرآن. والقرآن الذي بلغه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. لكن الاظهر ان المراد هنا بالبينة انه رسول الله صلى الله عليه وسلم لان الاية التي بعدها تفسير لها فسرتها الاية التي بعدها قال حتى تأتيهم البينة رسول اذا البينة رسول من الله وجاء برسول على صيغة نكرة تعظيما له تعظيما له. رسول من الله وفيه اثبات الرسالة للنبي صلى الله عليه وسلم وانه رسول من عند الله حقا وان وان الله ارسله وليس بمدع للرسالة كما تقوله او كما يقوله اعداءه. رسول من الله يتلو صحفا مطهرة. يتلو اي يقرأ صحف مطهرة الصحف جمع صحيفة والصحيفة هي الورقة او اللوح الذي يكتب فيه هذا هو الاصل فتكتب في الصحف في اللوح في الاوراق وتسمى صحيفة. يتلو صحفا مطهرة اي هذه الصحف التي اتى بها وهو القرآن مطهرة من الكذب قال قاله ابن عباس قال من الزور والكذب وقال قتادة من الباطل وقال بعضهم من الشرك ومن رذائل الاخلاق ومن كل ما يسوء وكل ذلك حق فهذا هذه الصحف التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم وهذا القرآن مطهرا من كل نقص وعيب مطهر من الزور من الكذب من البهتان من الباطل فكفاه وكمال لانه كلام رب العالمين في ثم قال فيها كتب قيمة في هذه الصحف التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم هذه الصحف المطهرة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيها فقال فيها كتب قيمة قال بعض اهل العلم كتب هنا المراد بها الاحكام هذه الصحف فيها احكام قيمة قالوا لان الله جل وعلا يقول كتب الله لاغلبن اي حكم الله لاغلبن. وفي الحديث الذي في الصحيحين النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا احكمن بينكما بكتاب الله لاحكمن اذا آآ قوله هنا كتب اي فيها احكام قيمة قال بعض المفسرين بل المراد هنا بالكتب اي مكتوبات فيها مكتوبات وهي ما فيها من الاحكام ما فيها من الاحكام هي مكتوبات فداخل هذه الصحف كتب اي مكتوبات داخل هذه الصحيفة فالمراد ان فالمراد انه اراد ان يثني على القرآن فهذه الصحف التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم بداخلها كلام رب العالمين على مين ؟ احكام القرآن، احكام الحلال والحرام. وما يحتاج اليه الناس وهو مكتوب مكتوب فيها ومعنى قيمة اه قيل القيمة هي المستوية هي المستقيمة المستوية المحكمة اذا فيها كتب اي احكام مستقيمة مستوية محكمة لا خلل فيها ولا نقص ولا عيب لانه تنزيل من حكيم حميد سبحانه وتعالى. قال جل وعلا وما تفرق الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءتهم البينة هذا كقوله جل وعلا وما تفرقوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم. وكما في قوله جل وعلا ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات. واولئك لهم عذاب عظيم والمراد باهل الكتاب اليهود والنصارى فانهم كانوا مجتمعين على الايمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وانه سيبعث نبي في اخر الزمان وهم مجتمعون على هذا متفقون عليه. ولهذا هاجر بعض اليهود الى المدينة وكانت تسمى يثرب. كله انتظارا لمخرج النبي صلى الله عليه واله وسلم. فكانوا يظنون انه منهم فلما اخرجه الله من العرب وليس منهم شرقوا به فلم يؤمنوا به ولم يتبعوه واعرضوا عنه اه فالحاصل ان معنى الاية وما تفرق الذين اوتوا الكتاب يعني اهل الكتاب ما تفرقوا في شأن النبي صلى الله عليه وسلم الا بعد ما جاءتهم البينة. بعد ما جاءتهم البينة. وهو النبي صلى الله عليه وسلم او القرآن الذي جاء به فهي بينة تبين الحق والنبي يبين الحق ويدعو الى الله ويخبر انه رسول الله ويبين الهدى للناس ويبينوا لاهل الكتاب كثيرا مما مما كانوا يكتمون ويخفون لانه رسول من عند الله حقا فحينما جاءتهم هذه البينة وجاءهم الرسول بالبيان تفرقوا واختلفوا فامن به منهم قليل مثل عبد الله بن سلام وغيره وكفر به كثير منهم. فتفرقوا منهم المؤمن ومنهم الكافر. واغلبهم الكفار بعد ما جاءهم البيان والعلم وعرفوا ذلك حقيقة المعرفة. قال جل وعلا وما امروا الا ليعبدوا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. ما امر اهل الكتاب بل وما امر الناس كلهم الا ليعبدوا الله اي يفردوه بالعبادة. يعبدونه يتذللون ويخضعون له وحده لا شريك له يفردونه بالتعبد ليعبدوا الله مخلصين اي حالة كونهم مخلصين له هذه العبادة يعبدون الله يتذللون ويخظعون ويأتمرون بامره يوحدونه مع الاخلاص له في ذلك يبتغون بذلك وجه الله كما تعمل جوارحهم قلوبهم مخلصة ومعتقدة ومقرة بذلك ويتقربون بعملهم الى الله. مخلصين له الدين. مخلصين له دينهم. كل ما يأتونه من الدين يأتونه يريدون به وجه الله لا يريدون به وجوه الناس او الدنيا او المال او الجاه او الرئاسة قال جل وعلا ويقيموا الصلاة. هذا الذي ايضا امروا فيه. نعم قبل ذلك قال مخلصين له الدين يخلصون هذا شرط الاخلاص للعبادة. ثم قال حنفاء الحنفاء جمع حنيف وقد مر الكلام عليه والحنيف هو المائل عن الشرك الى التوحيد قصدا. يعني هم الموحدون الذين مالوا عما عليه اكثر الناس وهو الشرك. وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله لان الشياطين اجتالت الناس كما في الحديث القدسي. يقول الله عز وجل اني خلقت عبادي حنفا فاجتالتهم الشياطين واضلوهم ولهذا صار الحنيف هو المائل عن الشرك الى التوحيد قصدا وان كان الاصل في الانسان التوحيد الفطرة. فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله لكن غيرت وبدلت وصار الناس على غير الفطرة فالحنيف هو المائل عما عليه اكثر الناس وهو الكفر والشرك الى التوحيد قصدا منه ورغبة وارادة وافرادا لله جل وعلا بالعبادة. ويقيموا الصلاة. يقيموا الصلاة صلاتهم التي امروا بها او الصلاة بعد ان بعث الله نبيه ما يأمرهم بالصلاة لا بد ان يقيموا الصلاة اي يأتون بها كاملة الاركان والشروط والواجبات وما تيسر من سننها وفق ما امرتهم به به رسلهم آآ ويؤتوا الزكاة يؤتوا زكاة اموالهم ويخرجون زكاة اموالهم وفق ما جاءت به شرائعهم. وذلك دين القيمة. ذلك اي اخلاص عبادة والله والاخلاص له في ذلك وان يكون الانسان موحدا غير مشرك مقيما للصلاة مؤت للزكاة هذا العمل هذا هو دين القيمة والقيمة قالوا انها صفة لمحذوف او لموصوف محذوف تقديره ذلك دين ملة القيمة او الشريعة القيمة نعم وبعضهم قال ان القيمة وصف للدين هنا لكن الدين يراد به هنا الملة والامر والخطب في ذلك يسير. اذا الاستقامة على هذه الامور هذا هو دين الملة المستقيمة دين آآ النبي صلى الله عليه واله وسلم وآآ ينبغي للانسان آآ ان يكون كذلك فهي الملة المستقيمة آآ اي القيمة اي آآ كما مر معنا بيان القيمة انها المستقيمة المحكمة الشديدة في الاستقامة. ثم قال جل وعلا ان الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها اولئك هم شر البرية. بين حال الذين كفروا لان آآ الكتاب تفرقوا لما جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم. فكفر كثير منهم وامن بعضهم. فبين الله جل وعلا حال الذين كفروا ومن اهل الكتاب فقال ان الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين من اهل الكتاب وغيرهم اذا حال من كفر بالله سواء كان من اهل الديانات السابقة من اهل الكتاب من اليهود والنصارى او كان من المشركين الوثنيين عبدة الاصنام والاحجار والاوثان آآ في نار جهنم يوم القيامة. في نار جهنم يعني يحشرون في نار جهنم ويرمون في نار جهنم وهم ايضا خالدين في هذه النار. لا يخرجون منها ابد الاباد. لماذا؟ لانهم كفروا. ذكر العلة الذين كفروا مع ان الله ارسل اليهم الرسل وانزل عليهم الكتب واقام عليهم الحجة وبين لهم البيان الكامل الشامل الوافي واعرظوا عن الحق عنادا وجحودا وقصدا وتجنبا لطريق الحق. فهم في نار جهنم نعوذ بالله وهم خالدون فيها ابد الاباد لا يقضى عليهم فيموتوا وما هم منها بمخرجين. لا يموت احدهم فيها ولا يحيى لا يموت فيستريح من العذاب ولا يحيى حياة طيبة. قال جل وعلا اولئك هم شر البرية. البرية هم الخليقة من برأ الله الخلق يبرأهم فهم برية خليقة. فشر الخلق شر البرية هم الكفار نعوذ بالله هم شر الخلق اذا هم شر البرية الكفار. ثم قال جل وعلا مبينا حال الذين امنوا فقال ان الذين امنوا. تأمل اولئك الذين كفروا وهؤلاء الذين امنوا صدقوا واقروا بهذا الدين واتبعوه عن اعتقاد واضافوا الى ذلك عملوا الصالحات عملوا الاعمال الصالحة بالسنتهم نطقوا بالحق وبجوارحهم قاموا تكاليف الشريعة. وهذا عقيدة اهل السنة والجماعة ان قول واعتقاد وعمل. قول باللسان وعمل بالجوارح وهذا يدل عليه قوله وعمل الصالحات واعتقاد بالجنان وهذا يدل عليه قوله آآ الذين امنوا لان الايمان هو التصديق عن اقرار يصدق بالشيء ويقر به ويعترف فهؤلاء الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية هنا اتى باسم الاشارة الدال على البعيد اولئك وايضا اتى به في حق الكفار لكن حق الكفار يقال اتى باسم الاشارة الدال البعيد ليبين المكانة التي بلغوها. يبين بعد المكانة التي بلغوها في الشر والفساد نعوذ بالله. بسبب الكفر وهنا اولئك اتى باسم الاشارة الدال على البعيد ليدل ليدل بذلك على علو مكانة المؤمنين ثم قال اولئك هم خير البرية فاولئك هم خير البرية والبرية الخليقة. فخير الخلق خير البرية المؤمنون فهنيئا لكم ايها المؤمنون فاغتبطوا والتزموا بايمانكم وقوموا بالاعمال فانتم خير البرية من كفر هم شر البرية نعوذ بالله. قال جل وعلا جزاؤهم فيها جزاؤهم عند ربهم يعني هؤلاء الذين هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم عند الله جل وعلا جنات عدن جنات عدن ومعنى عدن يعني اقامة. لانه يقال عدن في المكان اذا اقام فيه. فالمراد بجنات عدن يعني جنات عدل خالدة باقية مقيمة لا تنفذ ولا تنتهي فهي جنات اقامة دائمة. ولهذا قال تجري من تحتها الانهار. هذه الجنات جنات عدن التي يعدن يقيمون فيها ويمكثون ولا يخرجون وهي بساتين داخل الجنة ونعيم عظيم. قال تجري من تحت من تحتها الانهار من هذه من تحت هذه الجنات تجد الانهار التي هي من الماء ومن آآ ابا ومن الخمر ومن العسل على ضوء ما مر تقريره. ثم قال خالدين فيها ابدا. الخلود هو هو المكث الطويل الاجل لكن اذا اكد بابدا فهو الذي لا نهاية له فهم مقيمين فيها ابد الاباد دائما وابدا ودائما هم في مزيد من النعيم. لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد. بينما الكفار نعوذ بالله يزاد في عذابهم فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا. خالدين فيها ابدا رضي الله عنهم. وهذا اعظم ما يكون مقام رضاه جل جل وعلا عنهم اعلى مما اوتوه من النعيم المقيم. هنيئا لمن رضي الله عنه ورضوا عنه هم ايضا رضوا بالنعيم الذي وجدوه والجزاء رضوا به وارضاهم لانه خير كبير كثير ليس في حسبانهم فانظروا عاقبة الايمان والعمل الصالح رظا الله والله ان هذه اكبر نعمة ان يرظى الله جل وعلا عنك ليس الشأن ان ترضى عن الله يجب عليك ان ترضى عن الله لماذا لا ترضى عن الله؟ وانت كل نعمة فيك منهم. جل وعلا لكن ان يرضى الله الله لا يرضى الا عن المؤمنين الخلص فهنيئا لمن رضي الله عنه. قال رضي الله عنهم ورضوا عنه ثم قال ذلك لمن خشي ربه. هذا النعيم لمن خشي ربه خشية يعني خاف لكن الخشية خوف مع علم. يعني خافوا من الله على علم به ومعرفة به فصارت عبادتهم على علم وبصيرة كما قال جل وعلا انما يخشى الله من عباده العلماء. قال نعم ذلك لمن خشي ربه. وهذا فيه حث على خشية الله جل وعلا