بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الارض وله الحمد في الاخرة وهو الحكيم الخبير. يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور. وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض ولا اصغر من ذلك ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك لهم مغفرة ورزق كريم والذين سعوا في آياتنا معاجزين اولئك لهم عذاب من رجز اليم ويرى الذين اوتوا العلم الذي انزل اليك من ربك هو الحق ويهدين صراط العزيز الحميد وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم اذا مزقتم كل ممزق ان انكم لفي خلق جديد افترى على الله كذبا ام به جنة بل الذين لا يؤمنون بالاخرة في العذاب والضلال البعيد. افلم يروا الى ما بين ايديهم وما خلفهم من السماء والارض ان شأن اخسف بهم الارض او نسقط عليهم كسفا من السماء ان في ذلك لاية لكل عدد منيب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد فكنا في الدرس الماضي اه تكلمنا على اخر سورة الاحزاب وبقي علينا اية واحدة ونعيد الاية التي قبلها او نشير الى معنى الاية التي قبلها حتى يرتبط المعنى بعضه ببعض يقول الله جل وعلا انا عرظنا الامانة على السماوات والارض والجبال وذكرنا ان الصواب ان المراد بالامانة هي جميع التكاليف التي كلف الله جل وعلا بها عباده. وذكرنا اقوال السلف فمنهم من قال الامانة هي الفرائض ومنهم من قال هي الطاعة ومنهم من قال هي امانات الناس والصواب ان ان الاية تشمل هذا كله فالمراد به التكاليف وما يتبعها من ثواب وعقاب تكاليف التي كلف الله بها عبادهم من الفرائض ومن اداء الامانات الى غير ذلك ما كلف الله به عباده من من التكاليف من العبادات هذا كله من الامانة فالله جل وعلا عرض الامانة على السماوات والارض والجبال وعرض تخيير عرض تخيير خيرهن جل وعلا فكلهن اشفقن من ذلك وخفنا منه بانهن يعني لانهن علمن بعلم الله جل وعلا وباعلام الله جل وعلا لهن بان هذه الامانة تحتاج الى ان يقوم الانسان بها قياما حتى ينجو من عذاب الله جل وعلا فاشفقن منها وخفنا واعتذرنا عن حملها وحملها الانسان فابين ان يحملن ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان ثم قال انه كان ظلوما جهولا حملها الانسان فقال نعم اقوم بها والتزم بما يترتب عليها وذكرنا الاثار التي فيها ان الله قال له تقوم بالامانة فان احسنت العمل فلك الثواب العظيم وان اسأت فعليك العقاب فقال اقوم بها بشرطها ثم قال جل وعلا انه اي جنس الانسان كان ظلوما جهولا والظلوم هو الذي يضع الشيء غير موضعه وظلومه هنا صيغة مبالغة وجهول ايضا في عواقب الامور الا المؤمن الذي التزم بشرع الله جل وعلا فانه سالم من الظلم والا وكذلك سالم من الجهل لانه اتبع الحق اتبع كتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صلى الله عليه واله وسلم وهما الحق الذي لا مرية فيه وهما العدل ويدعوان الى العدل وكذلك يتبصر الانسان ويتعلم ويكون على بينة ليس جاهلا ويؤمن بالاخرة ويؤمن بما ذكره الله جل وعلا ورسوله مما يقع في الاخرة من العذاب والنعيم وغير ذلك ولهذا ذكرنا قول ابن القيم وغيره ان قوله هنا ان الانسان كان ظلوم جهولا المراد به جنس الانسان. هذا الاصل وهذا الغالب في الانسان انه ظلوم جهول كما قال جل وعلا خلق الانسان من عجل ليس كل الناس كذلك لكن اغلب الناس واكثرهم فيهم العجلة وكقوله جل وعلا آآ وكان الانسان كفورا ليس كل الناس كفرة بالله بل المؤمنون موجودون في كل زمن ولكل نبي اتباع من المؤمنين ولكن المراد جنس الانسان والاعم الاغلب عليه الكفر وكذلك قال جل وعلا ان الانسان لربه لكنود جحود لنعمه وهذا ايضا جنس الانسان والغالب والكفار لكن المؤمن لا يشكر نعمة ربه عليه ولا يجحدها ويثني بها على الله فالحاصل ان هذه الاية التي معنا سبيل الايات التي قبلها ان المراد به جنس الانسان من حيث هو واما من امن والتزم بالشرع فانه ينجو من الظلم ومن الجهل ايضا ثم قال جل وعلا ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات آآ اللام هنا هي لام التعليل فكأنه قال جل وعلا وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا لاجل ان يعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب على المؤمنين والمؤمنات. قال ابن كثير رحمه الله اي انما حمل ابن ادم الامانة وهي التكاليف ليعذب الله المنافقين منهم والمنافقات وهم الذين يظهر يظهرون الايمان خوفا من اهله ويبطنون الكفر متابعة لاهله يعني الله جل وعلا ذكر صنفين ذكر المنافقين وذكر المشركين فابن كثير يبين هنا بان المنافقين هم الذين اظهروا الاسلام في الظاهر لكنهم في الباطن كفار فالله يعذب هؤلاء لانهم كفار في الحقيقة وان اظهروا الاسلام ولهذا اخبر الله جل وعلا ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار فهؤلاء يظهرون الايمان ولكنه في الحقيقة كفار في الباطن فالله عز وجل حمل ابن ادم الامانة لاجل ان يتبين الصادق من الكذب فمن الكذبة المنافقون الذين اظهروا الاسلام وهم يبطنون الكفر فيعذبهم الله جل وعلا باعمالهم جزاء وفاقا وكذلك ايضا يعذب المشركين والمشركات قال ابن كثير والمشركين والمشركات وهم الذين ظاهرهم وباطنهم على الشرك بالله عز وجل ومخالفة رسله اذا الناس اه اقسام ثلاثة مؤمنون خلص ومشركون كفار خلص وبين بين وهم المنافقون. في الظاهر يظهرون الاسلام ولكنهم في الباطن كفرة بالله جل وعلا. فكل هذين الصنفين حمل الله ابن ادم الامانة لاجل ان يعذبهم لانهم لا يلتزمون بشرع الله ومتابعة رسوله صلى الله عليه واله وسلم ولو التزموا بذلك لنجوا قال ليعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات اذا تحميل الامانة هذا سبب لرحمة الله عز وجل للمؤمنين لانهم التزموا بها وقاموا بحقها واستجابوا لله ورسوله فسيجدون عند ربهم انه يقبل توبتهم ويوفقهم للتوبة والاستغفار والرجوع والانابة ويقبل ذلك منهم جل وعلا ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات قال ابن كثير اي وليرحم المؤمنين من الخلق الذين امنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله العاملين بطاعته وكان الله ظهورا رحيما كان غفورا يغفر الذنوب ويسترها ويتوب على العبد اذا رجع منها وكان رحيما بعباده ولهذا من تاب تاب الله عليه ويفرح جل وعلا بتوبته اشد من فرح صاحب الراحلة براحلته لانه لان رحمته سبقت عذابه جل وعلا ولا يهلك على الله الا هالك هذا ما يتعلق باخر اية من سورة الاحزاب ثم نبدأ بتفسير سورة سبأ ونذكر بعض المقدمات على ما جرت به العادة من الاشارة الى اسمها فهذه السورة تسمى سورة سبأ ولا يعرف لها غير هذا الاسم وانما قيل لها سبأ لان الله ذكر بها قصة اهل سبأ ستأتي ان شاء الله مفصلة فقيل لها سبأ من اجل ذلك هذه السورة مكية على قول جماهير اهل العلم بل قال بل حكى بعضهم الاتفاق على ذلك ولكن الذي يظهر انه رأي الجمهور وقد جاء عم بعض المفسرين انها مدنية وبعضهم قال هي مكية الا اية كذا وكذا والاظهر والله اعلم انها مكية وانتم تعرفون معنى مكية يعني نزلت قبل هجرة النبي صلى الله عليه واله وسلم الى المدينة لان المكي ما نزل قبل هجرة النبي صلى الله عليه واله وسلم ولو كان نزل بالطائف او بنخلة او في اي مكان لكن هذا كله يقال له مكي والمدني ما نزل بعد هجرة النبي صلى الله عليه واله وسلم فانها فانه يعتبر مدني حتى لو كان نزل بمكة عام حجة الوداع او عام الفتح فانه ايضا يقال له مدني لانه نزل بعد هجرة النبي صلى الله عليه واله وسلم فهذه السورة مدنية هذه السورة مكية على الصحيح ومن قال انها مدنية في كلامه نظر وما جاء في بعض الايات التي تشعر بانها مكية فالصواب ان هذه الايات انما هي في اصحاب النبي صلى الله عليه واله وسلم لا في اهل الكتاب هي آآ قوله جل وعلا بل الذين نعم ويرى الذين ويرى الذين اوتوا العلم الذي انزل اليك من ربك هو الحق ويهدي الى صراط مستقيم. قال بعض المفسرين هذه في اهل الكتاب في مسلمة اهل الكتاب واهل الكتاب ما كان لهم ذكر الا بالمدينة فهذا دليل على ان هذه السورة مدنية وهذا فيه نظر بين اه لامرين اما انها في اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الاظهر واما بل حتى لو هذا الامر الثاني لو سلمنا انها باهل الكتاب لا مانع ان الله جل وعلا اخبر نبيه واخبر كفار قريش ان الذين اوتوا العلم من اهل الكتاب انهم يؤمنون بهذا القرآن ايضا فلا فلا تجعل السورة مدنية بسبب اية محتملة او يمكن حملها على وجه لا يتعارض مع كونها مكية. فسورة سبأ سورة اه مكية آآ واما ترتيبها في النزول فهي السورة الثامنة والخمسون يعني نزل قبلها سبع وخمسون سورة وهي الثامنة والخمسون نزلت بعد سورة لقمان وقبل سورة الزمر هكذا ذكرها بعض المفسرين وعدد اياتها اربع وخمسون اية في عد الجمهور واعدها اهل الشام خمس وخمسون اية وقد قدمنا مرارا ان الاختلاف في عدد الايات لا لا يعني الاختلاف بالقرآن او ان هناك قرآن او ان القرآن يختلف بعضه اطول من بعض لا والقرآن هو هذا الكتاب الذي بين ايدينا اوله سورة الفاتحة واخره سورة الناس لكن بعض الايات يختلف المفسرون والعلما في عدها فمنهم من يجعلها ايتين اية واحدة يقول هذه يقول هذه ايتين فاذا اعدها ايتين زاد العدد عنده ومنهم من يجعلها اية وهكذا وقد ظربنا مثالا لهذا فيما سبق آآ واما اه فظلها فيكفي سور القرآن فظلا انها من كلام رب العالمين الذي هو صفة الله كلامه تكلم به وسمعه منه جبريل وجبريل جاء به الى نبينا صلى الله عليه واله وسلم سمعه منه نبينا وهو كلام الله صفة الله منه بدأ واليه يعود لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد سبحانه وتعالى يقول الله جل وعلا الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الارض الله جل وعلا يحمد نفسه لانه هو اهل الحمد وهو المستحق للحمد لانه محمود على كل افعاله واقواله واقداره جل وعلا ليس في اقواله ولا افعاله ولا اقداره ولا اوامره ولا نواهيه ما يذم ولهذا هو المحمود على كل حال والحمد هو الثناء على المحمود في صفات الكمال لان الله جل وعلا افعاله دائرة بين الفضل والعدل اما فضل منه واما عدل منه فهو يحمد على كل حال فحينما عذب الكفار وادخلهم النار وادخل ابليس النار هذا بعدله جل وعلا لانهم مستحقون لذلك وحين ادخل المؤمنين الجنة واعطاهم ما اعطاهم هذا بفضله جل وعلا ورحمته فحمد نفسه ولهذا كلمة الحمد كلمة عظيمة ينبغي ان تتردد على لسانك باليوم والليلة ولهذا قال النبي صلى الله عليه واله وسلم افضل الكلام الى الله اربع سبحان الله احب الكلام الى الله اربع سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وقال فيها ايضا لان اقول سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر احب الي مما طلعت عليه الشمس وفي الحديث القدسي ان العبد اذا قرأ الفاتحة فقال الحمد لله قال الله جل وعلا حمدني عبدي وهذا من اسباب اجابة الدعاء ان تبدأ بالحمد والثناء على الله جل وعلا ثبت احاديث كثيرة ايضا منها خير الكلام ما اصطفاه الله لملائكته سبحان ربي وبحمده سبحان ربي وبحمده فما ورد وبحمده سبحان الله وبحمده سبحان ربي وبحمده يعني سبحان ربي مصحوبا بحمدي له فهي بمعنى سبحان الله والحمد لله الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الارض له ما في السماوات وما في الارض ملكا وخلقا اولا خلقا وملكا وتدبيرا وتصريفا وهذا دليل على كماله جل وعلا يقول ابن كثير يخبر تعالى عن نفسه الكريمة ان له الحمد المطلق في الدنيا والاخرة لانه المنعم المتفضل على اهل الدنيا والاخرة المالكي لجميع ذلك الحاكم في جميع ذلك كما قال وهو الله لا اله الا هو له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون ولهذا قال ها هنا الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الارض اي الجميع ملكه وعبيده وتحت قهره وتصرفه كما قال تعالى وان لنا للاخرة والاولى ثم قال وله الحمد في الاخرة فهو المعبود ابدا المحمود على طول المدى وقال وهو الحكيم اي باقواله وافعاله وشرعه وقدره الخبير الذي لا يخفى عليه خافية ولا يغيب عنه شيء وقال الطبري عند قوله جل وعلا وله الحمد في الاخرة قال اي وله الشكر الكامل في الاخرة كالذي هو له في الدنيا العاجلة لان منه النعم لان منه النعم كلها على كل من في السماوات والارض في الدنيا ومنه يكون ذلك في الاخرة فالحاصل ان النعم كلها من الله. وهنا ذكر حمده لنفسه في الاخرة ليبين ايضا كمال فضله على خلقه في الاخرة فكما ان له الحمد في الدنيا فكل النعم منه وما بكم من نعمة فمن الله فكذلك في الاخرة هو الذي ينجي من يشاء من عباده ويدخلهم الجنة وينجيهم من النار ويرفع لهم الدرجات ويعظم لهم الاجور وهو ايظا محمود في الاخرة على تأديب الكفار لئلا يستوي من امن ومن كفر من اطاع الله ورسوله والتزم بالشرع ومن اتبع نفسه هواها واشرك مع الله غيره او سب الله او فعل غير ذلك من افعال الكفر فالعدل وكمال العدل ان لا يستوي هذا مع هذا لا يستوي المحسن مع المسيء قال جل وعلا وله الحمد في الاخرة وهو الحكيم في كل ما شرعه فهو الحكيم الذي يضع كل شيء موضعه حكيم في شرعه في اقداره في اقواله في افعاله وان لم تظهر لك الحكمة فان الواجب ان تعتقد بان الله هو الحكيم جل وعلا الذي يضع كل شيء موضعه والا لو الانسان اطلق العنان للعقل ربما تخفى عليه بعض الحكم فلو ان الانسان نظر مثلا الى خلق بعض الدواب او بعض المؤذيات او بعض او الحيات او العقارب او غيرها قد يقول ما هي حكمة هذه؟ لها حكمة عظيمة وان جهلتها انت فسلم لله ولهذا تجد في عبارات بعض الناس عبارات خاطئة وقد لا ينتبهون لها يقول ما ادري الله لماذا خلق هذا ليش خلق كذا ما ادري لماذا الله خلقه؟ يعني كانه على سبيل الانكار لماذا خلق الله ابليس؟ لماذا خلق كذا لا لا تقول كذا وسمعنا واطعنا وايقن من قلبك بان الله ما خلق شيء الا لحكمة عظيمة علمها من علمها وجهلها من جهلها ثم قال جل وعلا الخبير والخبير الاصل فيه العليم ببواطن الامور وهو جل وعلا حكيم وهو خبير عليم قد احاط علمه ببواطن الامور كلها جل وعلا ومن يتصف بهذا الوصف هو الذي يجب ان يعبد وان يفرد بالعبادة سبحانه وتعالى دون من سواه واذا انضم انضم اسمان او صفتان من صفات الله الى بعضهما ازداد الحسن حسنا وجمالا وكمال فهو حكيم خبير وهو عزيز حكيم وهو غفور رحيم الى غير ذلك وهذا هو الواجب لان المسلم اذا تأمل في هذه المعاني معاني اسماء الله وصفاته وامن بها يورثه خوفا من الله ويورثه تعظيما لله ربك عليم حكيم خبير عزيز قدير قوي هذا هو الذي يجب ان يعبد اما تعبد الاصنام العاجزة التي لا تملك لانفسها نفعا ولا ضراء او تعبد القبور والاموات والاولياء وهم لا يملكون لانفسهم موتا ولا حياة ولا نشورا هذا من اعظم الظلم واظلم الظلم ان يجعل مع الاله المستحق للعبادة وحده لا شريك له يجعل له شريك عاجز يجعل له شريك عاجز لا يقدر ولا ينفع ولا يضر فتوكل على الله واعتمد عليه والجأ اليه وعلق امورك به فانه نعم المولى ونعم النصير فهو القدير على كل شيء هو الذي يجيب المضطر اذا دعاه هو الذي يجيب عباده اذا دعوه ويغفر لهم ويرحمهم ويرزقهم ويعطيهم ويهديهم الى غير ذلك من النعم التي لا يمكن ان يحصيها الانسان ولو بدأ يعدها ثم قال جل وعلا يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها ايضا اخبر لكمال علمه فقال يعلم ما يلج في الارض والولوج هو الدخول يقال ولا جاء في كذا يعني دخل فيه والمراد انه يعلم ما يدخل في الارض وما يخرج منها قال ابن كثير ان يعلم قال يعلم ما يلج في الارض او قال قال مالك عن الزهري خبير بخلقه حكيم بامره ولهذا قال يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها اي يعلم عدد القطري النازل في اجزاء الارض القطر حبات المطر التي تنزل حينما تنزل الامطار يعلمها ويعلم عددها وقدرها واين وقعت والله لا يعلم هذا الا العليم الخبير الانسان اذا نزل به المطر غاية ما يستطيع ان يحمي نفسه او يفر من المطر لئلا يصيبه لكن ربنا جل وعلا هو الذي انزله وهو الذي يعلم عدد القطرات في كل مكان ولو مطرت الارض جميعها فالله يعلم عدد القطرات التي نزلت ويعلم ايضا ما ما يخرج من الارض قال ابن كثير ان يعلموا عدد القطر النازل في اجزاء الارض والحب المبذور اول حب المبذور وعدد الحب المبذور والكامن فيها ويعلم ما يخرج من ذلك عدده وكيفيته وصفاته ويقول الطبري يعلم ما يلج في الارض؟ قال اي يعلم ما يدخل في الارض وما يغيب فيها من شيء من قولهم ولجته كذا اي دخلت فيه والارض يلج فيها المطر ويلج فيها غيره تلج فيها النباتات تلج فيها بعض الدواب حتى الدواب التي لها جحور هي تلج في الارض النمل يلج في الارض الذر يلج في الارض ومن ومن يعلمه الا الله وحده لا شريك له فالله جل وعلا تمدح ومدح نفسه بذكر علمه المحيط ليتعرف او ليعرف عباده كما له وقدرته وهذا كما قدمنا قبل قليل ان معرفة الاسمى والصفات ان معرفة اسماء الله وصفاته تورث عند العبد المراقبة والخوف من الله وتعظيم الله والاعتماد عليه هو الرب حقه الذي يعلم كل شيء قال وما يخرج منها قال قال ابن كثير ايها الحب المبذول الكامن فيها ويعلم ما يخرج من ذلك يعني ما يخرج من الارض اذا جاء اذا اصابها المطر وانبتها الله لو يقال للانسان احصي انواع النباتات التي تخرج من الارض ما استطاع ان يحصيه فربنا جل وعلا يعلم ذلك ولا يخفى عليه شيء منه ولا يثقله ذلك فهو الاله الحق المعبود الذي يجب ان يعبد وحده لا شريك له وما يخرج منها وما ينزل من السماء قال ابن كثير اي من قطر ورزق وهذا على سبيل المثال والا ايضا ينزل من السماء تنزل الملائكة فالملائكة لا يحصون كثرة تنزل بالارزاق والاجال وبنصرة المؤمنين وبتعذيب الكافرين وملائكة ينزل ملائكة بالليل وملائكة بالنهار يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر كل ذلك ربنا يعلمه وحده لا شريك له جل وعلا قال ولكن ابن كثير يعني مثل بالقطر قطرات الماء وبالرزق كذلك الملائكة وغيرها مما ينزل حتى ما ينزل من الشهب التي يرمى بها الشياطين وغير ذلك كله الله عليم به محيط به قال وما ينزل من السماء وما يعرج فيها قال ابن كثير اي من الاعمال الصالحة وغير ذلك نعم السماء تعرج فيها الاعمال الصالحة اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه تعرج اليه الملائكة فالله يعلم ذلك وهم في قبضته لا يخفى عليه شيء من ذلك وكل هذا كما قدمنا ليعرف العباد قدر ربهم واستحقاقه للعبادة لان المتصل بهذه الصفات العظيمة التي لا يمكن ان يتصل بها غيره هو الواجب ان ان يعبد وان يخص بالعبادة وان يعتمد عليه ويتوكل عليه ويدعى ويرجى ويخاف منه جل وعلا قال وهو الرحيم الغفور بعد ان ذكر كمال علمه واحاطته قال وهو الغفور الرحيم. وهذا فيه بشارة للنفوس المؤمنة فهذا العليم الذي الحكيم الخبير هو غفور رحيم غفور لمن تاب يستر عنه الذنوب ولهذا لو عمل العبد بمعصية الله طيلة عمره ثم مات قبل ان تصل الروح الحلقوم غفر الله له كل ما مضى كما في الحديث الصحيح ان الله يقبل توبة احدكم ما لم يغرغر والغرغرة هي بلوغ الروح الحلقوم ولهذا كم كان من الكفار والمشركين والمعاندين لكن لما تابوا تاب الله عليه وغفر لهم كل ما سبق لو نظرنا الى الصحابة رضي الله عنهم كثير منهم قبل الاسلام كان على الكفر فتابوا وانابوا فغفر الله ذنوبهم ورفع منزلتهم وكفر سيئاتهم فافرحوا واستبشروا خيرا فان ربكم هو الغفور الذي يغفر الذنوب ولهذا اذا لقيه عبده الموحد لا يشرك به شيئا غفر له ذنوبه كما في الحديث يا ابن ادم لو اتيتني بقراب الارض خطايا اي ما يقارب ملؤها ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا غفرت لك ولا ابالي او كما قال صلى الله عليه واله وسلم في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه وسنده حسن ولهذا لا يهلك على الله الا هالك ولهذا ذكرنا ونذكر لو ينبغي الانسان ان يلزم الاستغفار دائما يجي على الاستغفار على لسانك لانك تخطئ بالليل والنهار. نحن نخطئ بالليل والنهار نخطئ بالسنتنا وباعيننا وبايدينا وبقلوبنا الى غير ذلك فالموفق من وفقه الله لاستغفار الغفور جل وعلا وطلبوا مغفرته ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم من حزبه كل صباح انه يستغفر الله مئة مرة كل صبيحة يوم يستغفر مئة مرة وقال توبوا الى الله واستغفروه فاني اتوب الى الله اكثر من سبعين مرة بعض الاحاديث اني اتوب الى الله مئة مرة في صحيح مسلم انه ليغان على قلبي واني لاتوب الى الله مئة مرة هذا وهو رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر تلزم الاستغفار وابشروا فانها من علامات الخير من وفقه الله للاستغفار فقد وفقه لخير كبير لان الاستغفار يمحو الذنوب والخطايا ولكن يتوب الى الله ويستغفر هو حاظر القلب قاصدا للتوبة وقاصد للاستغفار وليس جاريا على لسانه وهو لا يدري ما يقول لابد ان يعقل ذلك ينويه ويقصده ويقوله عالما بمعناه عاملا بمقتضاه قال وهو الغفور الرحيم رحمته وسعت كل شيء جل وعلا كما اخبر عن ذلك ورحمتي وسعت كل شيء ولكن قال فسأكتبها للذين يتقون كن من المتقين حتى تنالو كالمغفرة ثم قال جل وعلا وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم وقال الذين كفروا الكفار ينكرون قيام الساعة وينكرون الاخرة ومنهم كفار قريش فقالوا لا تأتينا الساعة يكذبون ما هناك شيء اسمه الساعة هذا تكذيب منه وجحود وعدم ايمان قالوا لا تأتينا وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة فامر الله نبيه صلى الله عليه واله وسلم ان يقسم على ذلك لعظم امر القيامة وعظم امر الاخرة وقول ربنا حق وقول نبينا صلى الله عليه وسلم حق ولو لم يقسم لكن امره بالاقسام زيادة في اقامة الحجة وتأكيد الامر وان الساعة اتية لا ريب فيها ولهذا الايمان باليوم الاخر احد اركان الايمان الستة قال ابن كثير رحمه الله هذه احدى الايات الثلاث احدى الايات الثلاث التي لا رابع لهن مما امر الله رسوله صلى الله عليه واله وسلم ان يقسم بربه العظيم على وقوع المعادي لما انكره من انكره من اهل الكفر والعناد ثلاث ايات في القرآن امر الله نبيه ان يقسم على قيام الساعة قال فاحداهن في سورة يونس ويستنبئونك احق هو قل اي وربي. ربي يعني يقسم بالله. والله وربي قل اي وربي انه لحق وما انتم بمعجزين والثانية هذه وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي اقسم بربك ان الساعة ستأتي ولابد منها قل بلى وربي لتأتينكم. والثالثة في التغابن يعني في سورة التغابن زعم الذين كفروا ان لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن. ثم لتنبؤن بما علمتم بما عملتم وذلك على الله يسير اذا يا اخوان الايمان باليوم الاخر من اهم اركان الايمان الستة. ولهذا كثيرا ما يذكر الله جل وعلا الايمان به والايمان باليوم الاخر دون بقية اركان الايمان لان الايمان بالله يدعو الى الاخلاص الاعتقاد الجازم بانه الرب ثم يخصه بالعبادة واليوم الاخر يحمل لسانه على الاستعداد لذلك اليوم ما دام امن وصدق واعتقد ان هناك يوم اخر سيأتي يصلح العمل من اجل ذلك اليوم ويحرص قال جل وعلا وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب قل بلى وربي الذي هو عالم الغيب فعالم بدل من ربي نعتل له وربي عالم الغيب والغيب غيبان غيب مطلق وغيب نسبي فالغيب المطلق لا يعلمه الا الله كوقت قيام الساعة متى يموت الانسان علم الغيث ونزوله واذا ما تدري نفس ماذا تكسب غدا ولا باي ارض تموت الى غير ذلك فالله جل وعلا يعلم الغيب المطلق الذي لا يعلمه احد سواه ومنه امور الاخرة وما في الجنة وما في النار ويعلم الغيب النسبي والغيب النسبي هو ما يكون غيبا بالنسبة لاناس دون اخرين فمجلسنا هذا بالنسبة لنا شهادة لكن لمن هو في اخر الحرم او في مكان اخر او ليس في المدينة مجلسنا هذا غيب له فما يدري ما هو ولا يدري ماذا يقع فيه ولا من حضره فالله جل وعلا عالم الغيب المطلق والنسبي لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء بل حتى ما توسوس به نفسك وهو مجرد حديث نفس فالله يعلمه ومطلع عليه فمن كان كذلك هو الذي يجب ان يفرض وان يخص بالعبادة جل وعلا لانه لا يتصف بهذا الا الله وحده لا شريك له ولهذا يقول نبينا صلى الله عليه وسلم كما امره الله قل لا اعلم الغيب نعم ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء فالغيب لا يعلمه الا الله ولا الا من اطلعه الله من من انبيائه وبعض رسله على شيء من علم الغيب والا الغيب المطلق لا يعلمه على الاطلاق الا رب العالمين قال عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة لا يعزب يعني لا يغيب ما يزوب عنه شيء ما يغيب عنه شيء يقال الذرة او النملة التي في الصحراء التي تبعد مثلا الف كيلو من هنا لا يقال هذه النملة غاب علم الله عنها. لا والله لا يغيب عن علمه ولا يعزب عن علمه شيء ولا يعجزه ذلك في وقت واحد يرى الخلق ويسمعهم ويعلمهم ويدبرهم سبحانه لا اله الا هو العزيز الحكيم وهذي يا اخوان ايات لاحظوا الايات المكية دائما التركيز فيها على تقرير عظمة الله جل وعلا ليعرفوا معبودهم من هو الاله المعبود الحق توحيد الربوبية حتى يعبدوه وحده لا شريك له قال لا يعزب عنه مثقال ذرة مثقال يعني زنة ذرة والذرة منهم من قال المراد بها الذرة المعروف ومن المفسرين من قال الذرة هي الهباء الذي يتطاير في ضوء الشمس اذا دخلت في مكان مظلم مثلا في غرفتك مظلمة دخل فيها ضوء الشمس ترى اجساما بيضاء تتطاير هباء وانت تمشي تتطاير منك وانت تمشي ما فعلت لها شيئا لخفتها فالله جل وعلا يعلم هذه وما كان مثلها وما كان اقل منها قال جل وعلا لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الارظ ليس فقط في الارض انت ولا في السماوات والارض وما فيها من مياه ويابسة البحار والمحيطات والسماوات السبع لا يعزب عنه شيء من ذلك ولا اصغر من ذلك من الذرة ولا اكبر الا في كتاب مبين كل ذلك في كتاب مبين. مبين يعني يبين يبين الامر ويجليه. وذلك هو اللوح المحفوظ ولهذا في صحيح مسلم لما خلق الله القلم قال له اكتب قال وماذا اكتب قال اكتب ما هو كائن الى يوم القيامة فجرى القلم بالمقادير وذلك قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة جلوسنا هذا تحريكك لعينك غمضك لعينك لرأسك لاصبعك كل هذا في كتاب مبين قد علمه الله وكتبه عنده سبحانه وتعالى قال قال جل وعلا ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات لماذا جعل الله عز وجل القيامة جعل الساعة ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات بالحسنى ويجزي الذين كفروا بما عملوا وهذا من كمال وتمام عدله والله لا يستوي من امن في هذه الحياة الدنيا والتزم بالشرائع بالشريعة وصلى وصام وقام بما اوجب الله عليه ومن همه الحياة الدنيا لا دين ولا ايمان ولا صلاة ولا والله ما يسوون والتسوية بينهما جور وظلم والله منزه عن الظلم جل وعلا ولهذا اخبر وامر نبيه ان يقسم على الساعة ثم ذكر علة ذلك قيام الساعة ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات ها ليجزيهم الجزاء الاوفى هو دخول الجنة لكن لابد من الايمان والعمل الصالح ما ينفع الانسان يقول انا مؤمن لكن ما يصلي ما يعمل شيء من الصالحات لا لابد من الايمان وهو التصديق القلبي الجازم مع الاقرار هذا في القلب وفي الظاهر الاعمال اي اعمال؟ لا الاعمال الصالحة والعمل الصالح ما اجتمع فيه امران اخلاص لله فيه ومتابعة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وهذا هو مذهب اهل السنة في والجماعة في الايمان يقول الايمان قول واعتقاد وعمل اعتقاد امنوا للايمان والتصديق عن اقرار في القلب وعملوا الصالحات يشمل عمل اللسان النطق باللسان ويشمل عمل بقية الجوارح تقوم في الصلاة ترفع يديك تضعها على صدرك تسجد تركع تصوم فهؤلاء هم الذين لهم الثواب العظيم بين يدي الله جل وعلا. ولهذا قال ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات. ثم قال اولئك مع ان الحديث عنهم الان لكن ما قال هؤلاء لماذا؟ قالوا اتى باسم الاشارة الدال على البعيد لبيان علو منزلتهم. هؤلاء لهم منزلة عالية فقال اولئك لهم مغفرة لذنوبهم ورزق كريم بالجنة فتغفر الذنوب ويأتيهم رزقهم رغدا لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد كلما رزقوا منها من ثمرة الرزق من قالوا هذا الذي رزقنا من قبل واوتوا به متشابها وهم في نعيم عظيم والله انه لعظيم ليس ليست اعمالهم مكافئة له اعمالهم ما توصلهم هذا النعيم لكن الجواد الكريم جاد عليهم بهذا الثواب العظيم وان كان العمل لا يساوي هذا النعيم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ان في الجنة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وقال ان الجنة سلعة الله وسلعة الله غالية وقال ذكر الجنة وقال هل من مشمر لها قال الصحابة نعم نحن قال قولوا ان شاء الله فشمر الى الجنة يا عبد الله وجد واجتهد دنيا ترى العمر قليل يا اخوان لا تستطيع عمرك الان انظر نبينا صلى الله عليه واله وسلم عمره ثلاث وستون سنة منذ كم مات منذ الف واربع مئة سنة والله اعلم كم بقي من الدنيا لكن العمر ترى يسير اقضه في طاعة الله وكم يمر من هذا العمر؟ وانت صغير ما كلفت وين طالبك العمر؟ قد يرفع عنك التكليف لذهاب العقل وكم تقضي منه نوما وكم تقضي منه اكلا وكم تقضي منه فالله الله يا اخوان الزموا عبادة الله وفق ما ارشدكم الله ورسوله والموفق من وفقه الله والله ان الطاعة والعبادة انها تزين الحياة وادريالها حياة طيبة يرتاح الانسان فيها والمعرظون عن الله يعيشون في نكد وهم وغم ما يعلمه الا الله فالزموا طاعة الله وسددوا وقاربوا لا نقول الانسان ينقطع للعبادة ويترك مصالحه مصالح ابناءه لا لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة فنحن امة امة الدليل وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم كل شيء فما علينا الا العمل لكن القصد ان الانسان اذا تأمل وسمع مثل هذه الايات العظيمة هذا ما يصبره ويثبته ويقويه والدنيا منقضية قال جل وعلا والذين سعوا في اياتنا معاجزين اولئك لهم عذاب من رجز اليم والذين سعوا السعي هو العمل قال آآ الفراء السعي والمضي والذهاب كلها بمعنى واحد قال الامين الشنقيطي بل السعي يعني هو قريب منها لكن فيه زيادة فيه زيادة وهو الجد والحرص على الشيء هؤلاء الذين سعوا في اياتنا يعني عملوا وحرصوا وجدوا في معارضة الحق معاجزين والذين سعوا في اياتنا معاجزين معاجزين فيها قراءتان قرأ الجمهور معاجزين بالف و المعاجزين هذا دليل فيه مفاعلة بين الطرفين معجزين من يريدون معجزة من قال بعض المفسرين يريدون معاجزة الانبيا والمؤمنين لانه اختاروا طريق الكفر بخلاف الطريق الذي عليه المؤمنون ولهذا تجدهم يسعون في اذية الانبياء والمؤمنين ويظادونهم ويقاتلونهم وقال بعض المفسرين بل هنا هم معاجزين لربهم قال وذلك بانهم يظنون انهم يعجزون الله لانهم يظنون انه لا بعث ولا نشور ولا رجوع الى الله جل وعلا هذه القراءة الاولى معاجزين وقرأ ابن كثير وابو عمرو معجزين بلا الف مع تشديد الجيم المكسورة معجزين وتدور عبارات السلف حول هذا المعنى. قال ابن ابن عباس معاجزين اي مغالبين ومشاقين امة مغالبين ومشاقين لله او لاولياء الله لانبياءه ورسله والمؤمنين. وقال مجاهد معاجزين يثبطون الناس عن متابعة النبي صلى الله عليه واله وسلم وقال الفراء معاجزين معاندين وقال الزجاج ايظانين انهم يعجزوننا لانهم ظنوا ان لا بعث وان الله لا يقدر عليهم الى غير ذلك ولكن الاقوال متقاربة وهم معاجزين يعني يسعون في ايات الله مظادين لها معارضين مثبطين المؤمنين عن الايمان مثبطين الناس عن الايمان مغالبين لاهل الحق مشاقين لهم كل هذا من معانيها وهذا دليل على كبير جرمهم نسأل الله العافية الذين سعوا وعملوا وجدوا واجتهدوا في الصد عن الحق. حالة كونهم معاجزين مشاقين مغالبين للحق مثبطين الناس عنه صادين الناس عنه الدليل على كبير جرمهم قال اولئك لهم عذاب من رجل اليم. ايضا ما قال هؤلاء مع انه تحدث عنهم قريبا. ما قال هؤلاء لهم رزق لهم عذاب اليم. قال اولئك لماذا قالوا لبيان منزلتهم في الشر والفساد قد بلغوا منزلة في الشر والفساد يشار اليها من بعدها نسأل الله العافية والسلامة فقال اولئك لهم عذاب من رجز اليم الرجز قال الطبري الرجس سوء العذاب وقال ابن عاشور الرجز اسوأ العذاب والمعنى لهم عذاب من اسوأ العذاب يوم القيامة. نسأل الله العافية لان اهل النار يتفاوتون في عذابهم كما ان اهل الجنة درجات اهل النار دركات نسأل الله العافية والسلامة ولهذا قال هنا لهم عذاب من رجز من اسوأ العذاب واشده واخزاه اليم اي مؤلم لمن وقع فيه نسأل الله العافية والسلامة اذا لما ذكر الله عز وجل الساعة وقيام الساعة ذكر ان من حكمته جل وعلا في قيام الساعة ليجزي المحسن على احسانه ويجزي المسيء على اساءته. لانه حكم عدل. ثم قال جل وعلا ويرى الذين اوتوا العلم الذي انزل اليك من ربك هو الحق ويهدي الى صراط مستقيم قال بعض اهل العلم ويرى الذين اوتوا العلم قالوا المراد بهم صحابة النبي صلى الله عليه واله وسلم لانه اخبر عن الكفار الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم اما كفار واما مؤمنون. فاخبر عن الكفار انهم قالوا لا تأتينا الساعة وانهم يسعون في مشاقة الايات وموالبتها ومنع الناس من الدخول ثم ذكر المؤمنين وهم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وترى الذين اوتوا العلم ويرى الذين اوتوا العلم الذي انزل اليك من ربك هو الحق هؤلاء يرون انهم اساطير الاولين وانه كذب. ولهذا لا يؤمنون بالساعة ولا بالاخرة ولا بالجنة ولا بالنار واما الذين اوتوا العلم وهم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين اتاهم الله العلم هو الايمان وعلموا ان هذا حق من عند الله وامنوا به وصدقوه وقال بعض المفسرين ويرى الذين اوتوا العلم قالوا المراد به مسلمة اهل الكتاب كعبدالله بن سلام وغيره فانهم يرون ان الكتاب الذي انزل عليك هو الحق لانهم يعلمون ذلك وبشروا به في كتبهم التي انزلت على انبيائهم ولهذا اليهود الذين كانوا في المدينة هم ثلاث قبائل وبنو النظير وبنو قريظة ما ما جاءوا الى المدينة الا لانهم يعلمون في كتابهم وصف النبي صلى الله عليه وسلم وصف البلد الذي سيبعث فيه ويكون فيه فجاءوا للمدينة من اجل هذا كما قال جل وعلا يعرفونه كما يعرفون ابناءهم ولكن مع ذلك كفروا به لكن الذين امنوا منهم هم لا شك يعلمون ان الذي انزل على النبي صلى الله عليه وسلم هو الحق ونقول والله اعلم انه لا مانع من ان نقول ان الاية تدل على الامرين الذين اوتوا العلم تشمل الصحابة هو من امن بالنبي صلى الله عليه وسلم وتشمل ايضا مؤمنة اهل الكتاب ولهذا امنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم مسلمة اهل الكتاب وان كان اكثرهم قد كفر بالله لكن جحودا وعنادا قال ويرى الذين اوتوا العلم الذي انزل اليك من ربك وهو القرآن هو الحق يعرفون ان هو الحق الذي لا مرية فيه والله ان القرآن لحق هذا القرآن الذي بين ايديكم والله انه الحق ونزل بالحق ويأمر بالحق ويدعو الى الحق فالزموه اذا تريدون الحق والنجاة قال ويهدي الى صراط العزيز الحميد هذا الذي انزل اليك يهدي والهداية هنا بمعنى الارشاد والدلالة يرشد ويدل ويدل الى صراط العزيز الحميد الى طريق الله الطريق المستقيم الذي يوصل الى الله صراط الله العزيز قال ابن كثير العزيز هو المنيع الجناب الذي لا يغالب ولا يمانع بل قد قهر كل شيء الحميد في جميع اقواله وافعاله وشرعه وقدره وهو المحمود في ذلك كله جل وعلا والهداية في القرآن جاءت بمعنيين جاءت بمعنى هداية الارشاد والدلالة قال الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم وانك لتهدي الى صراط مستقيم اي ترشد وتدل والنوع الثاني من الهداية الواردة في القرآن هداية التوفيق والإلهام للايمان والعمل الصالح هذه لا يملكها الا الله ولهذا نفاها عن نبيه صلى الله عليه واله وسلم مع انه قال لنبيه وانك لتهدي الى صراط مستقيم قال باية اخرى انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهذا ليس تعارضا في القرآن ولا تناقضا فالهداية المثبتة غير المنفية فالهداية المثبتة هي الارشاد والدلالة. فالنبي ارشد الامة ودلهم على الخير. وبينه لهم لكن الهداية المنفية عن النبي صلى الله عليه وسلم هي انزال الايمان في القلوب هداية التوفيق النبي صلى الله عليه وسلم ما هدى عمه ابا طالب لكنه ارشده وبين له حتى في لحظات موته يا عم قل لا اله الا الله كلمة احج لك بها عند الله ولكن الله ما شاء ايمانه فقال هو على ملة عبد المطلب ومات على ذلك الحاصل ان الانسان اذا ظهر له بعظ الايات التي توهموا في ذهنه التعارض اياك ان تظن او اياه ان يظن ان هذا تعارض لا تعارض في ذهنك انت وايضا هذا توهم انت توهمتها ولهذا الف الامين العلامة الشنقيطي وغيره من العلماء لكن مؤلفه من اخر ما الف واجمع ما الف رسالة لطيفة سماها دفع ايهام الاضطراب عن اية الكتاب دفع ايهام الاضطراب دفع ما تتوهمه او يقع في وهمك ان هذه الاية معارضة لهذه الاية لا القرآن ما فيه تعارض تعارض في عقول الناس القرآن يصدق بعضه بعضا وكذلك السنة لا تعارظ القرآن ولا القرآن يعارض السنة ولهذا الانسان اذا اشكل عليه شيء يرجع الى اهل العلم ويسأله فالحاصل ان الهداية في هذه الاية هي هداية الارشاد والدلالة ويهدي الى صراط العزيز الحميد. القرآن يهدي ويرشد ويدل من اتبعه وعمل به الى صراط الله الذي امرنا بسؤاله كل يوم مرات وكرات اهدنا الصراط المستقيم في سورة الفاتحة نسأل الله الهداية الى هذا الطريق كل يوم في الفريضة سبعة عشرة مرة والنبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ابن القيم وغيره كان يسأل الله كل يوم اربعين مرة في الصلوات الخمس سبعة عشرة ركعة و السنن الرواتب بنتا عشرة ركعة اربعا قبل الظهر وركعتان بعد الظهر وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر هذه كم تسعة وعشرين تسعة وعشرون ركعة او تسعة وعشرين مرة يقرأ الفاتحة والوتر كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي احدى عشرة ركعة هذه اربعون واذا صلى الانسان صلاة الظحى او زاد ركعتين بعد الظهر وهو افضل لان النبي صلى الله عليه وسلم يقول من صلى قبل الظهر اربعا وبعد الظهر اربعا حرمه الله على النار لو صلى اربعا قبل العصر النبي صلى الله عليه وسلم قال رحم الله امرأ صلى قبل العصر اربعا يذكر الله في اليوم يسأل الله الهداية في اليوم خمسين مرة او اكثر ومن اكثر طرق الباب فتح له والذي وانت تطرق من باب وانت تطرق باب من قال ادعوني استجيب لكم واسألوا الله من فضله ويقول النبي صلى الله عليه وسلم من لم يسأل الله يغضب عليه اذا هذا القرآن يهدي الى صراط العزيز الحميد فعلينا ان نلزم هذا القرآن تعلما وعملا وتصديقا حتى نهتدي الى الصراط المستقيم. وقال الذين كفروا هل ننبئكم هل ندلكم على رجل ينبئكم اذا مزجتم كل ممزق انكم لفي خلق جديد هذا من زيادة عناد الكفار واستبعادهم للاخرة بل استهزائهم بالنبي صلى الله عليه واله وسلم قالوا ايها الناس قال الذين كفروا هل ندلكم اي ايها الناس هل ندلكم على رجل يقصدون النبي صلى الله عليه واله وسلم وهذا من باب الاستهزاء به واستبعاد وقوع البعث والنشور ينبئكم اي يخبركم اذا مزقتم كل ممزق يعني فرقتم كل تفريق وذلك اذا متم وفنيت لحومكم وعظامكم وبليت ينبئ يقول انكم سترجعون مرة ثانية وتعودون الى الحياة مرة اخرى وهم يقولون هذا على سبيل التكذيب والاستهزاء والسخرية من النبي صلى الله عليه وسلم واستبعاد ذلك وهذا لنفس عقولهم والا اليس الله قد اوجدهم قبل ذلك؟ اذا اخبر الله جل وعلا عن الكفار انهم يقولون للناس وهذا يعني دليلا على شدة كفرهم وانكارهم للبعث واستهزائهم بالنبي صلى الله عليه واله وسلم هل ندلكم ايها الناس على رجل يقصدون نبينا صلى الله عليه وسلم ينبئكم ان يخبركم اذا مزئتم كل ممزق اي فرقتم كل تفريق يقول ابن كثير اي هذا اخبار من الله عن استبعاد الكفرة الملحدين قيام الساعة واستهزائهم بالرسول صلى الله عليه واله وسلم في اخباره بذلك. وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئ على رجل ينبئكم هم اذا مزقتم كل ممزق اي تفرقت اجسادكم في الارض وذهبت فيها كل مذهب وتمزقت كل ممزق انكم بعد هذه الحال لفي خلق جديد اي تعودون احياء ترزقون بعد ذلك وهو في هذا الاخبار لا يخلو امره من قسمين اما ان يكون قد تعمد الافتراء على الله انه قد اوحى اليه ذلك او انه لم يتعمد لكن لبس عليه كما يلبس على المعتوه المجنون. ولهذا قالوا افترى على افترى على الله كذبا ام به جنة ام به جنة؟ فالحاصل ان الله عز وجل اخبر عنهم انهم ينكرون ذلك وانهم يرون هذا يعني في مقام الغرابة وهذا ايضا كله دليل على نقص عقولهم والا من اين خلقتم انتم ماذا كنتم قبل ان توجدوا؟ من الذي خلقكم؟ من الذي اوجدكم اليس اعادة الخلق باهون من بدئه اول مرة ولكن سبحان الله فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. ولهذا هذا من نعم الله عليك اذا كنت من المؤمنين بالبعث والنشور. والله نعمة عظيمة. من الله جل وعلا بها عليك قال جل وعلا افطر على الله كذبا يعني اختلق على الله وقال ان الله يقول كذا هذا كذب هو الذي اختلقه من قبل نفسه يعنون النبي صلى الله عليه وسلم. ام به جنة اي هو مجنون يتكلم بما لا يعقل وعلى كل حال هم يريدون تكذيبه فيما قال يريدون تكذيبه لا لا قيامة فهو اما انه رجل مختلق كذب وافترى على الله واما انه مجنون وعلى كلا الحالين لا يسمع قوله تعالى الله عما يقولون قال بل الذين لا يؤمنون بالاخرة بالعذاب والضلال البعيد بل هنا للاظراب والابطال اضرب عن كلامهم ثم قال مبطلا له بل الذين لا يؤمنون بالاخرة في العذاب في العذاب والضلال البعيد. انتم ايها الكافرون انتم الذين في العذاب وهو الكفر والضلال البعيد عن الحق. اما نبينا فهو على الحق ويدعو الى الحق وقوله الحق في اثبات الساعة انتم في ظلال بعيد ظللتم بعيدا عن الحق ثم قال جل وعلا مقررا لهم افلم يروا الى ما بين ايديهم وما خلفهم من السماء والارض تفكروا فيما بين ايديكم من الارض والسماء وما خلفكم هذا خلق الله لو شاء جل وعلا لخشبة بكم الارض هذه الارض التي ترونها انظروا امامكم وخلفكم انظروا الى السماء لو شاء ربكم جل وعلا لخسف بكم الارض