بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله فاطر السماوات والارض جاعل الملائكة رسلا اولي اجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء ان الله على كل شيء قدير ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من وبعده وهو العزيز الحكيم يا ايها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والارض لا اله الا هو فانا تؤفكون وان يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك والى الله ترجع الامور يا ايها الناس ان وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير. حسبك ثم نبدأ بالكلام على تفسير سورة فاطر وسورة فاطر لها اسمان تعرف بسورة فاطر وهذا اخذ اخذا من اول اية فيها الحمد لله فاطر السماوات والارض وتسمى بسورة الملائكة ايضا كما في البخاري وغيره وسميت بسورة الملائكة اخذا من وصف الله للملائكة في اول اية ايضا بانهم رسلا اولي اجنحة مثنى وثلاثة ورباع ولم يذكر الا في هذه الاية هذا الوصف لم يذكر الا في هذه السورة وفي هذه الاية خاصة فيقال لها سورة فاطر ويقال لها سورة الملائكة هذه السورة نوعها مكية مكية لان القرآن يا اخوان اما مكي واما مدني وقد ذكرنا مرارا ان المكي ما نزل قبل الهجرة والمدني ما نزل بعد الهجرة ولو كان بمكة يعني الاعتبار بالزمان حكم على ان السورة مكية ومدنية ينظر الى الزمان فان كانت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فهي مكية وان كانت بعد هجرته فهي مدنية ولو كان المكان في مكة عام حجة الوداع وعام الفتح مثلا فالحاصل ان هذه السورة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة قبل هجرته وهذا محل اتفاق بين المفسرين وحكى قولا شاذا انها مكية الا ايتين لكن لا يصح ذلك وتركيبها في النزول فيما ذكر المفسرون هي السورة الثالثة والاربعون في النزول يعني نزل قبلها اثنتان واربعون سورة نزلت هذه السورة بعد سورة الفرقان وقبل سورة مريم هذا ترتيبها في النزول وعدد اياتها في العد المدني والشامي ست واربعون اية وفي العد المكي والكوفي خمس واربعون اية وقد ذكرنا ايضا فيما مضى ان هذا الاختلاف في عدد الايات لا يعني الاختلاف في القرآن وان هذه السورة فيها نقص عند اولئك القوم فيها زيادة عند اخرين. لا هي نفس السورة لا زيادة ولا نقصان ولا حرف واحد لكن بعضهم يعد مثلا هذه الاية الحمد لله فاطر السماوات والارض يا الى الملائكة رسلا اولي اجنحة مثنى وثلاثة ورباع يجعلها اية واحدة يعدها اية واحدة لكن بعضهم يقول مثلا الحمد لله فاطر السماوات والارض هذه اية جاء الملائكة رسل هذه اية ثانية فهذا الاختلاف في العدد لا يعني الاختلاف في القرآن محفوظ بحفظ الله لا زياد ولا نقصا فيه قال جل وعلا الحمد لله فاطر السماوات والارض الحمد كما عرفه ابن تيمية وغيره من اهل العلم وهو اظهر ما قيل في تعريفه ان الحمد هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم حينما تقول الحمد لله فانت تصف المعبود جل وعلا بالكمال بالكمال في اقواله في افعاله في اقداره في صفاته في كل شيء فهو الكامل من كل وجه فانت حينما تقول الحمد لله فانت تحمده وتثني عليه بوصفه بالكمال المطلق فقط لا مع الحب والتعظيم له لانه لو كان مجرد وصف من غير حب ولا تعظيم هذا يسمى مدح لانه قد يمدح الشاعر والليل مثل اعلى قد يمدح انسان يبغضه لكن يريد يعطيه نقودا فمدحه لا الحمد هو وصف المحمود بالكمال مع الحب له والتعظيم انتبه فلما تقول الحمد لله انت تصف ربك بصفات الكمال تثني عليه بذلك وانت ايضا محب له معظم له ولهذا دائما الانسان يقول بعد ما تنزل به النعمة يقول الحمد لله لانه يحب الله ويعظمه الحمد لله والالف واللام هنا يقول للاستغراق لاستغراق جميع انواع المحامد. فاذا قلت هذه الكلمة الحمد لله فقد اثنيت على الله بكل حمد جل وعلا وهو المحمود على كل حال جل وعلا قال الحمد لله فاطر السماوات والارض فاطر السماوات اي خالقهما ومنشؤهما ومبدئهما على غير مثال سابق لكن انظروا اعجاز القرآن الله جل وعلا ذكر خلق السماوات والارض بايات اخرى. ذكر لفظة الخلق. وهنا ذكر لفظة الفطر فاطر السماوات والارض كل لفظة في القرآن تفيد معنى تنفرد به عن غيرها. وان كانت تشترك في انها كلها تدل على الخلق لكن الفطر فيه زيادة معنى ما هو ابتداء الخلق على غير مثال سابق يقول يقول ابن كثير قال سفيان الثوري عن ابراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت لا ادري ما فاطر السماوات والارض يعني المعنى قال حتى اتاني اعرابيان يختصمان في بئر جاءه اعربيان اهل اللغة الفصحى يقتصمان في بئر فقال احدهما انا فطرتها انا بدأتها فقال ابن عباس رضي الله عنهما ايضا فاطر السماوات والارض بديع السماوات والارض خاطرهما يعني هو اول من فطرهما وهو ابدعهما على غير مثال سابق ولهذا قال ابراهيم الا الذي فطرني ولم يقل الا الذي خلقني لماذا اللي يشير الى ان الله فطره على التوحيد وجبله على التوحيد فالله جل وعلا يقول الحمد لله فاطر السماوات والارض جاء للملائكة رسلا جعل الرسل من الملائكة ترسلهم بامره فيرسل جبريل بالوحي ويرسل غيرهم من الملائكة بما وكله اليهم ولهذا يعرجون في السماء ينزلون ويعرجون بامر الله جل وعلا ويحملون امر الله جل وعلا قال جاعل الملائكة رسلا اولي اجنحة اولي اجنحة يعني ذوي اجنحة واصحاب اجنحة فجعل الملائكة لهم اجنحة ثم قال مثنى وثلاثى ورباع يعني بعض الملائكة لهم ثلاثة اجنحة وبعضهم له اثنان وبعضهم لهم اربعة وبعضهم اكثر من ذلك ولهذا قال يزيد في الخلق ما يشاء ولهذا ثبت الحديث الصحيح ان جبريل عليه السلام له ست مئة جناح كما رواه الامام احمد وحسنه الالباني في الاسراء والمعراج ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل ليلة الاسراء وله ست مئة جناح وهذا القدر ثابت في الصحيحين له ست مئة جناح ثابت في الصحيحين. لكن هنا زيادة قال بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب يدل على عظم خلقه عليه السلام ولهذا راه النبي صلى الله عليه وسلم في صورته الحقيقية مرتين رأى جبريل في هيئته الحقيقية مرتين. المرة الاولى اول ما نزل عليه بالوحي بسورة اقرأ بسم ربك الذي خلق لما خرج من الغار نظر واذا بالملك الذي جاءه في الغار قد سد افق السما ما يرى من السماء شيء لعظم خلقه عليه السلام ورآه مرة اخرى عند سدرة المنتهى كما قال جل وعلا ولقد رآه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى ومع ذلك جبريل له ست مئة جناح اذا تكلم الرب جل وعلا غشي عليه هو بقية الملائكة لعظمة الله جل وعلا وكبريائه وعظم شأنه حق لك يا عبد الله ان ان تخشى الله وان تخافه وان تتقيه فهذا جبريل وهو اقوى الملائكة واكبر الملائكة له ست مئة جناح ومع ذلك هذه حاله اذا تكلم الله بالوحي قال جاعلي الملائكة رسلا اولي اجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء قال بعض المفسرين او قبل ذلك يقول ابن كثير قال الضحاك كل شيء في القرآن فاطر السماوات والارض فهو خالق السماوات والارض. فالفطر بمعنى الخلق لكن فيه معنى زائد وقال جاء للملائكة رسل اي بينه وبين انبيائه جاعلهم رسلا بينه وبين انبيائه. اولي اجنحة ان يطيرون بها ليبلغوا ما امروا به سريعا هكذا قال ابن كثير يطيرون بها وهذه العبارة انا ما رأيتها في في الاحاديث فالله اعلم ما نستطيع ان نقول انهم يطيرون بالاجنحة يعني متى نزلونا بامر الله كيف شاء الله جل وعلا فالله اعلم هل هو على سبيل الطيران او غيره الله اعلم نقف حيث وقف النص لكن لا شك ان لهم اجنحة والله اعلم نقف عندما دلنا عليه النص ولا نتجاوز قال يطيرون بها ليبلغوا ما امروا به سريعة مثنى وثلاثة ورباع. منهم من له جناحان ومنهم من له ثلاثة ومنهم من له اربعة ومنهم من له اكثر من ذلك كما جاء في الحديث وذكر الحديث الذي اشرنا اليه ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل ليلة الاسراء وله ست مئة جناح بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب. ولهذا قال يزيد في الخلق ما يشاء ان الله على كل شيء قدير قال السدي يزيد في الاجنحة وخلقهم ما يشاء وقال الزهري وابن جريج يزيد في الخلق يعني حسن الصوت رواه عن الزهري البخاري في الادب وابن ابي حاتم في تفسيره وقرأ في الشاد يزيد في الحلق بالحال المهملة والله اعلم. يعني هذا وجه من قالوا ان يعني هنا ذكروا قولين يزيد في خلقه في اجنحة الملائكة يعني في عددها وفي خلق الملائكة والقول الثاني يزيد في حسن الصوت يعني يزيد في الملائكة ايضا يخلق لهم صوتا حسنا. ويستدلون بقراءة شاذة يزيد في الحلق حلق يعني الصوت لكن الصحيح وما عليه اكثر المفسرين ان الله جل وعلا يزيد في الخلق كله ملائكة في اجنحة الملائكة في بقية الخلق يزيد في الخلق وينقص كيف شاء جل وعلا قال ابن نعم قال ابن ابن جرير يعني ما حاصله انه يزيد في الخلق كله يقول يعني حاصل كلامه وكذلك كلام الشيخ السعدي ان الله يزيده في الخلق يقول هذا لا يختص بالملائكة الملائكة يدخلون بهذا وزيادة عدد الاجنحة للملائكة داخل في هذا وايضا كل الخلق الله هو الخلاق وحده لا شريك له يزيد في خلقه في خلقه ما يشاء وينقص من خلقه ما يشاء. وهذا هو الاولى حمل الاية على العموم. ويدخل ما ذكرت في سياقه دخولا اوليا ولكن لا يقصر عليه الا بدليل قال ان الله على كل شيء قدير لانه لا يعجزه شيء جل وعلا ثم قال جل وعلا ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها. يقول الله جل وعلا ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم اذا فتح الله رحمة للناس والله ما يمسكها احد ولا يمنعها احد وما منعه وامسكه لا يمكن ان يأتي به احد وهنا يا اخوان ينفع الاعتقاد مهم جدا هذه العقيدة العظيمة اذا اعتقدت ذلك وطبقته عملا هانت عليك كثير من الامور كثير من الناس الان اذا فاته امر سعى له ولم يحصل حزن حزنا شديدا وربما يمكث اياما وهو مريظ ما اراده الله يا اخي امسكه الله عنك اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت انت تبذل الاسباب ولا تتعدى ذلك لان الامر امره ولهذا يقول ابن جرير الطبري قال يقول تعالى مفاتيح الخير ومغاليقه كلها بيده فما يفتح الله للناس من خير فلا مغلق له ولا ممسك عنهم لان فلم مغلقة له ولا ممسك عنهم لان ذلك امره لا يستطيع امره احد وكذلك ما يغلق من خير عنهم فلا يبسطه عليهم ولا يفتحه لهم فلا فاتح له سواه لان الامور كلها اليه وله جل وعلا. ويقول ابن كثير يخبر تعالى انه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وانه لا لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع ثم ساق حديثا رواه البخاري ومسلم من حديث آآ وراد مولى المغيرة بن شعبة قال كتب معاوية رضي الله عنه الى المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه قال اكتب الي بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فدعاني المغيرة فكتبت اليه اني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اذا انصرف من الصلاة قال لا لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع الجد منك الجد وسمعته ينهى عن قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال وعن وأد البنات وعقوق الأمهات ومنع وهات نعم يا اخوان ومحل الشاهد اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت سبحان الله نحن نقول هذا بعد كل صلاة بعد كل صلاة كنا نتكلم به ونقوله لكن اذا سعينا في امر ما حصل حزنا حزن شديد طيب نحن نقول اللهم لا معطيها لما منعت ولا مانع لما اعطيت بس هذا يجي بداء عقل شيئا من نصوص السنة يعمل بها يتذكرها تهون عليه وتجعله يعيش حياة طيبة بدل الهم والحزن. قال وثبت في صحيح مسلم عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا رفع رأسه من الركوع يقول سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء ارض وملء ما شئت من شيء بعد اللهم اهل الثناء والمجد حق ما قال العبد وكل لك عبد اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد قال وهذه الاية كقوله تعالى وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو. وان يردك بخير فلا راد لفضله. ولهذا نظائر كثيرة قال الامام مالك كان ابو هريرة ابو هريرة رضي الله عنه اذا مطروا يقولوا مطرنا بنوء الفتح ثم يقرأ هذه الاية ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم ابو هريرة هذا ما ما يقول مطرنا بنوء كذا بنوء الثريا بنوء يقول مطرنا بنوء الفتح. فتح الله هو الذي امطرنا هو الذي امطرنا المطر وهذا يعني تفسير دقيق من ابي هريرة لمعنى الاية ثم قال يا ايها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله قال الطبري اذكروا نعمة الله التي انعمها عليكم بفتحه لكم من خيراته ما فتح وبسطه لكم من العيش ما بسط. وفكروا فانظروا هل من خالق سوى فاطر السماوات والارض الذي بيده مفاتيح ارزاقكم ومغاليقها وهذا كثيرا ما يقرر الله عز وجل توحيد الالوهية بذكر توحيد الربوبية لأنه حتى الكفار يقرون بتوحيد الربوبية سألتهم من رزقهم؟ يقول الله هو الذي رزقنا قال يا ايها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق وايضا يقولون ان الله هو الخالق وحده هل من خالق غير الله الجواب لا فقال الله يرزقكم من السماء والارض فهو الخالق وهو الرازق لا اله الا هو هنا التوحيد لا معبود بحق الا هو. فانى تؤفكون. كيف تصرفون عن الحق مع وضوحه وهو الذي خلق هو الذي انعم وهو الذي خلق وهو الذي رزق وهو المستحق للعبادة لا اله الا هو فمن تفظل بالنعم وخلق ورزقه يجب ان يفرد بالعبادة بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وان يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك والى الله ترجع الامور يا ايها الناس ان وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور. ان الشيطان كان لكم عدو. الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير. الذين كفروا لهم عذاب ابو شديد والذين امنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة واجر كبير. افمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فان الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ان الله عليم بما يصنعون والله الذي ارسل الرياح فتثير سحابا فسقناه الى بلد الارض بعد موتها كذلك النشور. من كان يريد العزة فلله العزة جميعا اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر اولئك هو ويبور. والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم ازواجا وما تحمل من انثى ولا تضع الا بعلمه. وما يعمر من مريم ولا ينقص من عمره الا في كتاب ان ذلك على الله يسير. وما يستوي البحران هذا عذب عثرات سائغ شرابه وهذا ملح اجاج. ومن من كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون يولد الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى. ذلكم الله ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من ان تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير احسنت بارك الله فيك بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد يقول الله جل وعلا وان يكذبوك وان يكذبوك فقد كذبت رسل فقد كذبت رسل من قبلك. والى الله ترجع الامور هذا تسلية للنبي صلى الله عليه واله وسلم لما كذبه قومه تكذيبا عظيما وزعموا بانه كذاب وبانه ساحر وبانه مفتري. الى غير ذلك من الاقوال التي تدل على شدة تكذيبهم سلاه الله جل وعلا وعزاه بان هذه سنة الله في خلقه مع رسلهم ولهذا قال وان يكذبوك اي كفار قريش. وهذا دليل على ان على ان تكذيبهم مستمر لانه جاء بالفعل المضارع ولم يقل ان كذبوك نعم هم كذبوه وسيكذبونه. وسيبقون على ذلك وهم من كتب الله عليهم الشقاوة وان يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك من الانبياء والرسل السابقين كذبهم اقوامهم. فصبروا على ذلك. ثم قال جل وعلا والى الله ترجع الامور الى الله ترجع الامور مرجعك ومرجعهم ومرجع الامور كلها الى الله وعند ذلك يجازي كل عامل بعمله فمن امن وصدق وعمل صالحا جزاه الثواب العظيم في جنات الخلد ومن كذب وابى واعرض واستكبر فجزاؤه النار وبئس المصير يقول ابن كثير ليقولوا وان يكذبوك يا محمد هؤلاء المشركون بالله ويخالفوك فيما جئتهم به من التوحيد فلك في من سلف قبلك من الرسل اسوة فانهم كذلك جاءوا قومهم بالبينات وامرهم بالتوحيد فكذبوهم وخالفوهم والى الله ترجع الامور اي وسنجزيهم على ذلك اوفر الجزاء ثم قال جل وعلا يا ايها الناس ان وعد الله حق بعد ان سلى نبيه صلى الله عليه واله وسلم واثبت المعاد والقيامة لان الله لانه الى الله ترجع الامور والمراد به عند قيام الساعة تقوم الساعة فترجع الامور الى الله ويصير الناس الى جزاء اعمالهم قال بعد ذلك مناديا الناس عموما يا ايها الناس ان وعد الله حق والله جل وعلا وعد قيام الساعة ووعد باليوم الاخر واخبر انه لا بد ان يأتي يوم يجزى الناس فيه على اعمالهم ولا وان الحياة ليست هكذا يحيا الانسان ويموت ويصير ترابا ويترك سدى لا بل هذا اليوم وهذه الحياة هي الحياة الدنيا وهو اليوم الادنى الذي نعيش فيه لكن هناك يوم اخر وهو اخر الايام وهو يوم القيامة ومن حكمة الله ان جعل هذا اليوم وجعل هذه الدنيا مزرعة للعمل لان وقتها قصير وقتها قصير كم يعمر الانسان سبعين ثمانين مئة سنة لكن القيامة لا نهاية لها قال الله عز وجل عن اهل النار خالدين فيها ابدا وكذلك قال في اهل الجنة فهو خلود ابدي لا نهاية له لا يحدد بالف سنة او مليون سنة او مليار؟ لا خالدين فيها ابدا ولهذا العاقل يعمل الوقفة القصير هذا يجعله في طاعة الله حتى يربح في اليوم الطويل ولهذا كما قال الامام احمد رحمه الله قال لو كانت الدنيا ذهب يبقى والاخرة خزف يفنى لو كانت الدنيا ذهبا يبقى والاخرة خزفا يبقى لو كانت الدنيا ذهبا يفنى والاخرة خزفا يبقى لكان علينا ان نختار الذي يبقى على الذي يفنى فكيف والدنيا خزف يفنى والاخرة ذهب يبقى لمن كان من المؤمنين فينبغي الانسان يتأمل ولا تستمر به الغفلة ايامنا معدودة ونحن موقنون بهذا اشد اليقين فنحن في لحظتنا هذه قد دنونا من من الاخرة فكنا اقرب اليها منذ بدأنا الدرس ولا شك نسير الى الله جل وعلا وانما هي اعمال العباد يوم القيامة يوفون اياها فجدة واجتهد يا عبد الله احبس نفسك على طاعة الله ايام معدودات حتى تلقى الله وهو عنك راض. ولهذا قال جل وعلا يا ايها الناس ان وعد الله حق صدق لا كذب فيه فالساعة قائمة وترجع الامور الى الله ويجازى العباد باعمالهم ثم نبه الى ما يضعف هذا التصديق او يظعف العمل الذي يدل عليه هذا الوعد قال فلا تغرنكم الحياة الدنيا. ولا يغرنكم بالله الغرور اكثر الناس الذين هلكوا اغتروا في الدنيا وقالوا انما هي حياتنا الدنيا ولكن هذا ليس خاصا بالكفار حتى المسلمين او كثير من المسلمين اغتروا في الدنيا فتجد همه فتجد ان همه هو جمع الدنيا والسعي من اجلها فاول ما يستيقظ من النوم همه كيف يحصل الدنيا او كيف يصرفها وطيلة يومه كذلك الى ان ينام لا تغرك الدنيا يا عبد الله الدنيا هذي فانية بل ستتركها وراء ظهرك لن تخرج من هذه الدنيا الا بالكفن اما الباقي ستخلفه وراء ظهرك ما تأخذ معك شيء منه ولو عندك ملايين مملينة من الذهب والفضة ونفائس الاموال ستركها وراءك فلا تغتر بها وهذا دليل ان الدنيا تغر يا اخوان كما قال بعض السلف قال الدنيا والاخرة ضرتان مرتان ما تجتمعان مع بعضهما فان اخذت الدنيا اعرظت عن الاخرة وان اخذت الاخرة وسعيت لها اردت عن الدنيا الا بقدر ما تستعين به على دينك ولهذا جاء عن ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله انه ينبغي ان تجعل الدنيا او يجعل المال مثل الحمار اذا احتجت اليه ركبت عليه واذا ما احتجت اليه تركته لكن بعض الناس لا يجعل الدنيا على رأسه وهي همه وشغله الشاغل انتبه ولهذا الله جل وعلا يحذرنا يقول لا فلا تغرنكم الحياة الدنيا ايضا قال ولا يغرنكم بالله الغرور وهو الشيطان فاحذر من شيئين الدنيا والشيطان والشيطان لا يأتيك كفاحا مواجهة ويقول هو الشيطان يريد منك افعل كذا افعل كذا لا لكن يسول ويزين ويوسوس فينبغي الانسان ان يعرف عدوه فيحذر منه اشد الحذر فلا يغتر بالدنيا بالحياة الدنيا ولا يغتر ويصدق ويتبع الشيطان وهو الغرور لكثرة غرره للناس ولهذا يقول ابن كثير ثم قال يا ايها الناس ان وعد الله حق اي المعاد كائن لا محالة فلا تغرنكم الحياة الدنيا اي العيشة الدنيئة بالنسبة الى ما اعد الله لاوليائه واتباع رسله من الخير العظيم فلا تتلهوا عن ذلك الباقي بهذه الزهرة الفانية الدنيا كلنا يعرف انها ليست لذة خالصة كلنا نعرف ذلك وجربناه ان كثر مالك وان قل مالك فيها الهم والحزن والمصائب حتى ولو كثروا المال يأتيك شي ما يغني عنه المال ينبغي للانسان ان يتفطن ويتعظ بمواعظ الله هذه مواعظ من لدن الحكيم الخبير الذي خلقك وهو اعلم بك وبما يصلحك ثم قال ولا يغرنكم بالله الغرور قاله ابن عباس اي لا يفتننكم الشيطان ويصرفنكم عن اتباع رسل الله وتصديق كلماته فانه غرار كذاب افاك وهذه الاية كالاية التي في اخر لقمان فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور قال مالك عن زيد ابن اسلم هو الشيطان يعني الغرور الشيطان كما قال يقول المؤمنون للمنافقين يوم القيامة حين يظرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم الم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم انفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الاماني ها انتبه غرتهم الاماني الكاذبة ومنها ما يمنيهم اياه الشيطان وغرتكم الاماني حتى جاء امر الله وغركم بالله الغرور هذا تفسير نزع بتلك الاية تفسير لهذه الاية ثم قال جل وعلا ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا. انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير هذا خبر ربنا وهو الحق والصدق الذي لا مرية فيه. ان الشيطان لكم عدو عدو لكم يا عباد الله والعاقل يحذر من عدوه لا يتخذ العدو صديق ولا يطيعه وخاصة عداوة الشيطان لانها عداوة لا يمكن ان تنفك فلا ينفع معه مداراة ولا ينفع معه الا ان تستعيذ بالله من شره ما ينفع معه شيء ولن يرظى منك الشيطان باقل من ان تكفر بالله عز وجل لماذا؟ لانه يدعو اصحابه وحزبه حزبه وجنده واتباعه والذين يطيعونه يدعوهم الى ليكونوا من اصحاب السعير ليكونوا من اصحاب النار والسعير صفة من صفات النار تدل على شدة تسعرها وتوقدها نعوذ بالله واصحاب النار الصاحب يدل على الملازمة على شدة الملازمة وهو يدعوكم لتكونوا من اصحاب السعير اي من الملازمين للنار وهم الكفار الذين هم الذين هم خالدون فيها ابدا يقول ابن كثير نعم بعد ان اخبر انه عدو ماذا قال؟ قال فاتخذوه عدوا. لا يكفي انك تعلم ان الشيطان عدو لك علمت انه عدو فاتخذه عدوا. يعني لا تقبل منه اعصه اطع ربك تجنب اتباع الشيطان اتخذه عدوا انت عدوك تبتعد منه وتعصيه ولا توافقه فاتخذوا الشيطان عدوا ثم قال ابن كثير ثم بين تعالى عداوة ابليس لابن ادم فقال ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا اي مبارز لكم بالعداوة فاعادوه انتم اشد العداوة وخالفوه وكذبوا وكذبوه فيما يغركم به انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير اي انما يقصد ان يظلكم حتى تدخلوا معه الى عذاب السعير فهذا هو العدو المبين فنسأل الله القوي العزيز ان يجعلنا اعداء الشيطان وان يرزقنا اتباع كتابه والاكتفاء بطريق رسوله انه على ما يشاء قدير وبالاجابة جدير وهذه كقوله واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه افتتخذونه وذريته اولياء من دونه وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا نعم هو عدو ولهذا شرع الله عز وجل لنا كيف نتقي هذا العدو ومن ذلك كثرة الاستعاذة بالله جل وعلا منه واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله واذا غضبت فاستعذ بالله لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجل قد احمر وجهه وانتفخت اوداجه قال اني لا اعلم كلمة لو قالها هذا لذهب عنه الذي يجد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وينبغي ان تكثر من الاستعاذة بالله جل وعلا من الشيطان الرجيم شرع لك عند قراءة القرآن في الصلاة شرع لك اذا وسوس لك ولهذا من الامراض التي تكثر في بالناس وخاصة عند اول الالتزام والاستقامة الوسوسة فتجده يتدرج مع الانسان شيئا فشيئا الى ان يصل به الى درجات لا تحمد يصل به الى الكفر بالله او الشك والنبي صلى الله عليه وسلم اشار الى هذا وذكر دواءا نافعا ناجعا لا اعظم منه فقال يأتي الشيطان احدكم فيقول من خلق الارض فيقول الله يقول من خلق السماء فيقول الله لاحظ التدرج الشيطان قد ما يأتيك بالنتيجة التي يريد من اول وهلة يمشي بك شيئا فشيئا قال ثم يقول هذا الله فمن خلق الله قال فاذا وجد احدكم ذلك فليستعذ بالله ولينتهي لاحظ هذا العلاج اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بعظ الناس يظن انه يستعيذ بالله مرة واحدة يا اخي كرر الاستعاذة ما دام يرد عليك هذا الخاطر وهذا الوسواس وهذا الامر كرر اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم الى ان يضعف لأن الله يخزيه ويذله وهذا من انجع العلاج وانفع العلاج كثرة الاستعاذة بالله جل وعلا. استعذ ولو مائة ولو مائتي مرة حتى يضعف يخزيه الله جل وعلا ويذله ولينته ينتهي من التفكير. كثير من الناس يسألك عن امر الوسواس فلما تبدأ تتكلم معه تلحظ عليه انه يبدأ يفكر مستسلم فلينته غالبه غالبه على هذا الامر مثال ذلك كما قال ابن القيم ذكر ابن القيم في تفسير سورة قل اعوذ برب الناس تفسير المعوذتين قال مثل الشيطان والموسوس كمثل رجلين بينهم عداوة احدهما يريد ان يمسك بالاخر والاخر يفر منه قال فالشيطان يريد ان يمسك بالموسوس يريد يوسوس له فاذا فر منه الانسان واغلق باب الوسوسة اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وانتهى نجا منه الاخر يريد ان يعني ان يتخاصم معه بادنى شيء يمسك به باي طريقة فلو وقف يفكر فيما يمليه عليه الشيطان ظفر الشيطان بمقصوده انتبهوا من هذا الباب واغلقوه على انفسكم واكثروا من قراءة المعوذتين وخاصة قل اعوذ برب الناس سورة كاملة لخطر هذا الامر ولا يكاد ينجو منه احد الا ما رحم الله لكن علاجه هين على من هونه الله عليه فليستعذ بالله ولينته اذا الشيطان عدو لك لكن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما قال بعض الصحابة ان احدنا ليجد الامر يتمنى لو خر من السماء ولا يتفوه به يتمنى انه يسقط من السماء ولا يقول هذا الكلام لكن بس شيء في النفس وسوسة وقال النبي صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي رد كيده الى الوسوسة وبلاغهم ذاك صريح الايمان قال ابن القيم مستشهدا بهذا الحديث قال بعض المؤمنين من قوة ايمانه لا يستطيع الشيطان ان يدخل جوفه ولا يدنو منه. قال مثل صاحب البيت الذي احكم بيته ما يستطيع الشيء اللص ان يدخل فيه من بعيد يرمي بعض الاشياء يوسوس وبعض الناس لا يدخل اللص ويأخذ ما يريد فاغلقوا هذا الباب على انفسكم واكثر ما يبدأ الوسواس مع الموسوسين في شأن الطهارة في شأن الوضوء شيطان عدو وهذا يعني هذا الكلام يدل على شدة عداوته يعني قد يكون الانسان يا اخي هذا الرجل حريص على طهارته وعلى صلاته حريص على عبادته يأتيك من باب الدين لا هذا زائد عن حده فالانسان يلتزم ويتخذ الشيطان عدوا ومن اعظم ما يخزي الشيطان الاستعاذة بالله منه اذا نزغك نزغ عرض لك عارض امر عليك بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم بانه هو العدو وعدو عنده تجربة كبيرة كما يقول ابن ادم. يقول عنده تجربة من لدن ادم الى يومنا هذا كيف يضل الناس ويغويهم ويأتي كل انسان من من نقطة الضعف التي عنده لكن الحمد لله لنا رب قوي عزيز اذا اعتصمنا به واستعذنا به والتزمنا بامره والله لا يظرنا الشيطان باذن الله جل وعلا قال جل وعلا الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين امنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة واجر كبير بعد ان ذكر عداوة الشيطان وحذرنا من ذلك بين حال الناس في الاخرة وثوابهم بكلام عظيم مختصر فقال الذين كفروا لهم عذاب شديد هذا الصنف الاول والذين كفروا بالله واتخذوا الشيطان صديقا واطاعوه وكذبوا بالاخرة لهم عذاب شديد فما بالك بالعذاب الذي وصفه العظيم جل وعلا بانه شديد والله انه لاشد العذاب واقواه واعظمه نسأل الله العافية والسلامة ثم بين الصنف الاخر وهم الذين امنوا وعملوا الصالحات لاحظ انه لما ذكر الكفار قال الذين كفروا فقط ولم يذكر اعمالهم لان الكفر بحد ذاته يكفي هو كفر اذا كفر بالله عز وجل لابد ان تكون اعماله فاسدة واما الايمان وهو الاقرار تصديق عن اقرار فلا بد ان يضاف اليه عمل صالح فقال والذين امنوا وعملوا الصالحات وهذا هو مذهب اهل السنة والجماعة ان الايمان قول واعتقاد وعمل فلا بد ان تعتقد يا اخي بقلبك تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وما يجب الايمان به تقر به تعتقد ذلك موقن مصدق مقر بقلبك ويصرح لسانك بلا اله الا الله وبالاعمال وبالذكر والاستغفار والتوبة وايضا تعمل الجوارح بالطاعة يصلي يذهب الى الصلاة يصوم يحج يعتمر يعمل بجوارحه فهؤلاء لهم مغفرة واجر كبير لهم مغفرة للذنوب لان كل بني ادم خطاء مهما كان لابد يقع عنده خطأ فالذنوب تغفر ولهم اجر كبير ومن وصفه بانه كبير الكبير المتعال جل وعلا ولهذا في الجنة من النعيم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر والله انه لكبير وعظيم وكثير ولعلكم تذكرون الحديث الذي نذكره دائما وهو في الصحيحين ان اخر رجل من يخرجه الله من النار وهو من عصاة الموحدين عنده توحيد وايمان لكن عنده ذنوب دخل النار بسببها اخر رجل يخرج من النار وبعده تطبق النار على اهلها الذين هم اهلها الكفار لما يدخل الجنة يقول الله عز وجل له تمنى او تتراءى له الجنة بانها ملأى خذ الناس منازلهم يظن ان الجنة ما فيها مكان قال فيقول له تمنى ما نتمنى؟ يعني اطلب ولا يزال ربه يذكره اطلب كذا تمنى كذا تمنى حتى تنقطع به الاماني كل الامان التي عنده قالها او التي ذكره ربه بها قاله ثم يقول الله له ايرضيك ان اعطيك مثل الدنيا اي دنيا دنيانا هذه الايام في المدينة فقط لا الدنيا من اولها الى اخرها من لدن ادم الى قيام الساعة عظيم ولا لا؟ كبير ولا لا نعم كبير فيقول بعض الروايات قال اتستهزئ بي وانت رب العالمين فيقول لك الدنيا وظعها ثم قال وظعفها وظعفها الى ان قال عشرة اظعاف الدنيا هذا اخر رجل يخرج من النار واخر رجل يدخل الجنة له مثل الدنيا عشر مرات ملك عظيم وفوز كبير بمثل هذا فليعمل العاملون ويتنافس المتنافسون ولهذا وصفه الله بانه اجر كبير ثم قال جل وعلا اه او قبل ذلك يقول ابن كثير لما ذكر تعالى ان ان اتباع ابليس مصيرهم الى السعير ذكر بعد ذلك ان الذين كفروا لهم عذاب شديد لانهم اطاعوا الشيطان وعصوا الرحمن. وان الذين امنوا بالله ورسله وعملوا الصالحات لهم مغفرة اي لما كان منهم من ذنب واجر كبير على ما عملوه من خير ثم قال افمن زين له سوء عمله وهذا استفهام انكاري ومعنى زين يعني حسن له سوء عمله يعني حسن له وزين له العمل السيء هذه مصيبة قال ابن جرير افمن حسن له الشيطان اعماله السيئة من معاصي الله والكفر به وعبادة ما دونه من الاوثان من من الالهة والاوثان فرآه حسنا فحسب سيء ذلك حسنا وظن ان قبحه جميل لتزيين الشيطان ذلك له ذهبت نفسك عليهم حسرات وحذف الكلام ذهبت نفسك عليهم حسرات اكتفاء بدلالة قوله فلا تذهب نفسك عليهم حسرة نعم يقضى على المرء في ايام محنته حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن الان تجد اهل الذنوب واهل المعاصي يجدون فيها ويجتهدون ويعملون ويفعلون ربما يتعبون اكثر مما يتعب اهل الطاعة مع انه عمل خبيث سيء لكن زين له زينه الشيطان حسنه في نظره وهذا من الخذلان يا اخوان لما يستمرئ العبد المعصية والذنب ويراه حسن هذه مصيبة عليه ان يراجع ايمانه الذي يعصي وهو يعلم انه عاصي ويعرف خطر الذنب ويرجو من الله ان يتوب عليه ويستشعر ذلك هذا هذا على خير عنده خير ويرجى له خير ثم بعض الناس يعمل المعصية واذا قيل له شيء قال ايش فيه ما في شي ياه اذا غلبتك نفسك وشيطانك فوقعت في المعصية فعليك ان تتوب وان يعلم الله من قلبك والله يعلم ما في القلوب انك تعلم انه حرام وانك تتمنى انك ما عملت ما عملت هذا وانك ندمت عليه ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اجسادكم ولكن ينظر الى قلوبكم قال افمن زين له سوء عمله يعني عمله السيء فرآه حسنا الجواب بعض العلماء قال فذهبت نفسك عليه حسرات لانه سيقول بعد ذلك فان الله يظل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات لان هذا الذي زين له سوء عمله يقول لا تذهب نفسك عليه حسرات لا تتحسر عليه ولا تتأسف ولا تحزن وقال بعض المفسرين هناك شيء محذوف تقديره كمن هداه الله افمن زين له سوء عمله فرآه حسنا كمن هداه الله الجواب لا وعلى التقدير الاخر واختاره بن جرير افمن زين له سوء عمله فرأه حسنا ذهبت نفسك عليه حسرات حزنت عليه اصابك الاسى وعلى كل حال الاية تدل على ان الشيطان قد يزين الانسان حتى يصبح المعروف المنكر عنده معروفا والمعروف منكرا فيرى المنكر حسن مزين في عينه في نظره فلا يتركه بل يحرص عليه ويرى المعروف منكرا يبتعد منه ولا يفعله قال فان الله يظل من يشاء ويهدي من يشاء يظل من يشاء بعدله ويهدي من يشاء برحمته وهذه الاية يجب ان يجمع بينه وبين الاية الاخرى لان اهل القدر وهذا العصاة تجده يقول يا اخي اذا كان الله قد كتب اني ضال ما في فائدة في العمل نقول اصلا هل تعلم انك ظال او مهتدي؟ هذا السؤال الاول يقول له ما ادري طيب الله جل وعلا امرك بماذا امرك بعمل الصلاح والتقى والابتعاد عن عمل الضلالة ولهذا يا اخوان الله جل وعلا لا يعذب العباد على علمه الازلي. الله يعلم من هو الضال ومن هو المهتدي الله يعلم ان ابليس قال وان ابا جهل ضال لكنه ما يعذبهم على عملهم قبل ان يعملوه لا لابد من خلقهم ولهذا العلماء يقول مراتب القدر اربع المرتبة الاولى العلم فالله علم كل شيء ثم مرحلة الكتابة وكتب كل شيء عنده. ثم مرحلة المشيئة شاء وجود ذلك ثم المرتبة الرابعة وهي التي يترتب عليها الجزاء وهي الخلق والايجاد خلق الانسان ووجوده وخلق العمل ووجوده الذي يعمله. عند ذلك يكون الجزاء. الجزاء يكون على العمل لا يجازيه الله عز وجل على علمه السابق وعلى ما كتبه في اللوح المحفوظ لا حتى يوجد وهذا امر يراه الناس الان ولهذا الان الجاهل الذي ما بلغته الرسالة لا يؤاخذه الله عز وجل يعيد له الاختبار يوم القيامة لو نشأ انسان في مكان ما بلغه الاسلام وما قصر هو في البحث عنه تصحب الفترة مثلا فان الله عز وجل لا يعذبهم يعيد لهم الاختبار مرة اخرى فمن اختار طريق الجنة ادخله الجنة ومن اختار طريق النار ادخله النار. كما جاء ايضا الحديث في المجانين اربعة كل منهم يدلي على الله بحجته كما في البخاري وذكر منه الرجل الهرم الكبير الذي ادركه الاسلام وقد هرب وذكر المجنون يدلي بحجته يقول يعني ادق في الاسلام والصبيان يرمونني بالبحر وذكر اربعة اربعة اقسام كلهم يدنون على الله بحجتهم فيعيد الله لهم الاختبار يوم القيامة فمن اطاع ادخله الجنة ومن عصى ادخله النار لان الله حكم العدل ما اظل احد الا بسبب بما كسبت يده فهذا الرجل الكافر او العاصي او المجرم الذي يفعل ويقتل ويسفك ويعبد الاصنام ويسب الله ويفعل ويفعل ويفعل هو مستحق للعذاب بهذه الافعال التي فعلها فالله يهدي من يشاء ويظل من يشاء ولكن جعل لذلك اسبابا ولهذا قال فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم والذين اهتدوا زادهم هدى فينبغي الانسان يحذر من بعض المشوشين او بعض الملبسين يأخذ هذه الاية بمعزل عن بقية الايات. نعم الله يهدي من يشاء ويظل من يشاء. ولكن جعل لذلك اسبابا والعبد يختار يختار بنفسه وبارادته فيعمل العمل الذي يستحق عليه الثواب والعقاب وما ظلمهم الله ولكن كانوا انفسهم يظلمون فالله جل وعلا يهدي من يشاء فان الله يظل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات والحشرات جمع حسرة والمراد به الاسف والحزن والاصل في الحسرة انها الندامة الشديدة الداعية الى التلهف فالقصد يقول الله عز وجل لا تحزن لا تذهب نفسك عليهم حسرات تذهب نفسك وتقضي تحزن الامر الى الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ما عليك الا البلاغ لان الامر امر الله جل وعلا هو الفعال لما يريد. قال فلا تذهب نفسك عليهم حسرات. ان الله عليم بما يصنعون سبحانه وتعالى عليم بما يسرعون المهتدون والظالون عليم بما يصنعون وما يعملون لا يخفى عليه من ذلك شيء وهذا اشارة الى ان الله جل وعلا انما يجازيهم يضلوا من يشاء ويهدي من يشاء بسبب اعمالهم. والله عليم بما يصنعون وما يعملون والجزاء من جنس العمل ثم قال جل وعلا والله الذي ارسل الرياح هنا ذكر ابن كثير حديث نذكره يقول وقال ابن ابي حاتم عند هذه الاية وساق بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص وان عبدالله بن الديلمي اتى اتى اليه اتى عبدالله ابن عمرو ابن العاص وهو في حائط بالطائف يقال له الوهط قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله خلق خلقه في ظلمة ثم القى عليه من نوره فمن اصابه من نوره يومئذ فقد اهتدى. ومن اخطأه منه ظل فلذلك اقول جف القلم على ما علم على ما علم الله عز وجل والحديث حسنه الترمذي وصححه الالباني وهذا الحديث لا يدل ايضا على ان اصابة النور لمن كان في الظلمة انها هكذا جزافا لا بناء على علم العليم جل وعلا ولهذا لا يعذب احد الا لا يؤاخذ احد الا بعمله لا يؤاخذ احد الا بعمله لان الله هو الحكم العدل جل وعلا. ثم قال جل وعلا والله الذي والله الذي ارسل الرياح فتثير سحابا فسقناه الى بلد ميت فاحينا به الارض بعد موتها كذلك النشور كما تعلمون هذه السورة مكية ولهذه السور المكية يغلب فيها تقرير المعاد تقرير البعث والنشور لان القوم اغلبهم كافر لا يؤمن بالبعث والنشور فجاءت الايات فيها محاجة وبيان وايظاح لي البعث والنشور باقامة الادلة التي يراها المخاطبون ويعلمونها لتدلهم على ما قرره وما قاله الله جل وعلا واخبرهم به رسوله فقال والله الذي ارسل الرياح هذه الرياح التي لا نراها بالعين المجردة من الذي يرسلها هو الله ما احد يستطيع يتحكم في سير الريح ابدا تهب عليك من الشمال ثم بعد فترة تهب عليك من الجنوب من الغرب ما بينهما او من الشرق ولا احد يستطيع يتصرف في هبوب الرياح على ما اوتوا اوتوا الناس من العلم ولا يستطيعون بل لا بد لا بد ان يلاحظوا من لهم عناية او يعنيهم مسألة هبوب الرياح لابد ان يلاحظوا من اين ستهب الريح هذي اية يا اخوان الذي يفعل هذا دليل انه هو الاله الحق وحده لا شريك له وهم يعلمون ما يستطيعون هم ان يرسلوا الرياح ايضا ليس فقط ارسالها فتثير سحابا تثير السحاب يعني تبعثه وتحركه خاصة الجنوبية لان بعض اهل العلم يسميها المثيرة مثلا لاهل هذه المنطقة وما كان غربا وما كان شرقا من المدينة سمى المثيرة ونحن رأينا هذا بالتجربة فتهب ريح الجنوب وتشتد فاذا اشتدت غالبا غالبا ما يثور السحاب في السماء ويتكاثر وتأملوا هذا نعرفه بالتجربة تثير تهب تستمر ساعة ساعتين ما هي الا والسماء قد امتلأ سحابا من اين جاء هذا السحاب جاء به العليم الخبير والله يقول هو الذي والله الذي ارسل الرياح فتثير سحابا فقط تدير السحاب؟ لا قال فسقناه الى بلد ميت سبحان الله يسوق هذا السحاب ترى السحاب وتراه مقبلا عليك ويمر بك ويتجاوزك ما في مطر ولا يمطر لكن يأتيك بعد ذلك خبر انه امطر في البلد الفلاني بعد بلدك او قبل بلدك من الذي يسوقه هو الله واذا فقط ليس انه ينزل المطر قال فسقناه الى بلد ميت يعني مجدب ما في نبات ما في نباتات الارض يابسة ثم قال فاحيينا به الارض الكلام فيه اختصار والا فامطر ونزل الماء على الارض ونبتت الارظ فاحيا به الارض فاحيانا به الارض صارت ارض حية مخظرة مزهرة بعد ان كانت ميتة وهذا يدل على قدرة من يفعل ذلك ولهذا دائما نذكر بانه كثيرا ما يأتي بالقرآن تقرير توحيد الالوهية بذكر توحيد الربوبية يذكر شيء من افعال الرب ليقرر او ليقرر الله بها وجوب افراده بالعبادة سبحانه وتعالى. فالخالق او الفاعل لهذه الاشياء هو المستحق ان يعبد وحده لا شريك له لا الاصنام ولا الانداد ولا غير ذلك هذه حجج عقلية ما ينكرها الا مجنون تجد عقلية ما احد يقول لا الذي ليس الذي يرسل الرياح كل يستطيع يرسل الرياح ما احد يستطيع يقول هذا الذي ينزل المطر ويسوق السحاب وينزله على بلد دون اخر من هو؟ هو الله؟ ما احد ينكر هذا ايضا ينبت به الارض احيانا ينزل المطر ولا تنبت الارض من الذي يستطيع ينبت الارض الا الله وحده لا شريك له ففكروا بعقولكم هذا الذي يسوء يرسل الرياح ويثير بها السحاب ويسوق السحاب الى بلد ميت فيحييه بانزال المطر واحياء الارض بعد موتها هو الذي يستحق ان يعبد ومن فعل ذلك من فعل هذه الامور وخص احياء الارض بعد موتها قادر على البعث والنشور في الاخرة قادر على بعثكما وانشائكم مرة اخرى ولكم في هذا عبرة ارض قاحلة لا شيء فيها يأتي المطر ثم تنبت بانواع النبات وكانت ميتة والذي فعل ذلك هو الله فمن فعل ذلك قادر على اعادة الخلق ونشرهم بعد موتهم مرة اخرى واحيائهم ولهذا قال فاحيينا به الارض بعد موتها كذلك النشور. كذلك اي مثل ذلك مثل ما احيينا الارض الميتة بالنبات كذلك النشور ننشركم ونخرجكم من بطن الارض استدلال عقلي عظيم ما يجحده الا جاحد والله ان الذي يقدر على احياء الارض ونحن لا نرى فيها شيئا يابسة هامدة ثم يحييها وتختلف تصبح ارض مليئة بالنباتات والحيوانات والازهار والله انه قادر على خلق بعث الخلق بعد موتهم لان خلقهم بعد موتهم اهون وكل ذلك على الله هين اهون من من خلق شيء لم يكن موجودا اصلا آآ قال ابن كثير كثيرا ما يستدل تعالى على المعادي باحيائه الارض بعد موتها. كما في سورة الحج سورة الحج يقول جل وعلا وترى الارض هامدة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهي قال كما قال كما في سورة الحج ينبه عباده ان يعتبروا بهذا على ذلك فان الارض تكون ميتة هامدة لا نبات فيها. فاذا ارسل اليها السحاب تحمل الماء وانزله عليها اهتزت وانبتت من كل زوج بهيج كذلك الاجساد. اذا اراد الله سبحانه بعثها ونشورها. انزل من تحت العرش مطرا الارض جميعا فتنبت الاجساد في قبورها كما ينبت الحب في الارض ولهذا جاء في الصحيح كل ابن ادم يبلى الا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب والحديث متفق عليه حديث ابي هريرة كل ابن ادم يفنى الا عجب الذناب ما يفنى منه خلق ومنه يركب يوم القيامة. قال ولهذا قال كذلك النشور وتقدم في الحج حديث ابي رزين قلت يا رسول الله كيف يوحي الله الموتى وما اية ذلك في خلقه قال يا ابا رزين اما مررت بوادي قومك محلا ثم مررت ثم مررت به يهتز خضرا يقول وادي قومك الوادي الذي بجواركم مثلا ما مررت به في بعض الاحيان وهو يابس محل ثم مرت به بعض الاحيان واذا هو اخضر يهتز بالنباتات وهذا كل انسان مر عليه هذا تمر ارض بجوارك او وانت خارج من المدينة تجد ارض يابسة اذا جاء الربيع مرت بها تجدها مخضرة كل انسان يعرف هذا قال ثم مررت به يهتز خضرا؟ قلت بلى. قال فكذلك يحيي الله الموتى حسنه الشيخ الالباني والحديث عند الامام احمد الطبراني وغيرهم ثم قال جل وعلا من كان يريد العزة فلله العزة جميعا قال ابن كثير اي من كان يحب ان يكون عزيزا في الدنيا والاخرة فليلزم طاعة الله فانه يحصل له مقصوده لان الله مالك الدنيا والاخرة وله العزة جميعها كما قال تعالى الذين يتخذون الكافرين اولياء من دون المؤمنين. ايبتغون عندهم العزة فان العزة لله جميعا كلام جميل ابن كثير رحمه الله ولا شك اجمل واحسن وافضل وخير منه كلام رب العالمين لكن يبين تريد العزة اطع ربك العزة في طاعة الله والذلة في معصية الله شاء من شاء وابى من ابى فاطلب العزة بطاعة العزيز جل وعلا ثم قال وقال تعالى يعني ابن كثير يستدل بالايات. قال وقال تعالى ولا يحزنك قولهم ان العزة لله جميعا لازم قول من يقول العزة لله وحده لا شريك له يترك العباد يفعلون بعض الافعال باذنه الكوني ولكن اذا اراد امرا منع كل شيء وفعل ما يريد جل وعلا فعال لما يريد. قال وقال ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون قال مجاهد من كان يريد العزة بعبادة الاوثان فان العزة لله جميعا. وقال قتادة من كان يريد العزة فان العزة لله جميعا اي اي فليتعزز بطاعة الله عز وجل وقيل من كان يريد علم العزة لمن هي فان العزة لله جميعا. حكاه ابن جرير يعني هذه اقوال كلها تفسر معنى من كان يريد العزة وخلاصتها من كان يريد العزة فان العزة لله جميعا فما دامت لله فاطلبها منه بطاعته والتزامه شريعته وعدم معصيته جل وعلا. وهذا هو العز الحقيقي ثم قال جل وعلا اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر اولئك هو يبور هذه الاية تدل على علو ربنا جل وعلا وانه جل وعلا في جهة العلو ولا حرج ان تقول الله في السماء لا يقع في نفسك شيء او تأثر ببعض من خالفوا الحق فيقول ما يجوز انك تشير الى الله تجعله في جهة لانك اذا جعلته جهة جعلته محدود من قال هذا لا هو في جهة العلو ولا يحيطون به علما وهو اكبر وهو الكبير. اكبر من كل شيء واعظم من كل شيء لا احد يحيط به علمه ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم اتقى الخلق واعرفهم بالله واخشاهم لله عام حجة الوداع في عرفة لما قال للصحيح والحديث في الصحيحين لما قال للصحابة انكم مسؤولون عني فما انتم قائلون قالوا نشهد انك بلغت ونصحت واديت بلغت الرسالة واديت الامانة ونصحت الامة بينت لنا كل شيء. ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال اللهم فاشهد فجعل يرفع ينادي ربه اللهم ويشير باصبعه الى ربه الى الى العلو ويقول فاشهد على هؤلاء لانه كان على الناقة فالله جل وعلا في جهة العلو ولا يعني ذلك ان ان انه يحيط به شيء او يحده شيء جل وعلا وهذه الاية صريحة وايات وادلة العلو كثيرة جدا. حتى ان الحافظ الذهبي رحمه الله يعني الف كتابا سماه كتاب العلو حشد فيه الادلة من القرآن والسنة واقوال السلف في قرابة ثلاث اربع مئة صفحة او نحو من ذلك ومع ذلك يأتيك انسان يقول لا الله لا تقول لا في العلو ولا لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا امام ولا خلف اين هو؟ هذا عدم هذا معدوم الذي لا امام ولا خلف ولا يمين ولا شمال ولا فوق ولا تحت اين هو اذا لا بل هو في جهة العلو جل وعلا وهذا يدل عليه اية القرآن. اية الاستواء سبع ايات الرحمان على العرش استوى والعرش هو اعلى المخلوقات وهذه الاية صريحة جدا. قال اليه يصعد الكلم الطيب ماذا يفهم الذي يعرف اللغة العربية؟ ماذا يفهم من كلمة يصعد الصعود الى الى اعلى فالله من جهة العلو اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه سبحانه وتعالى الكلم الطيب كما قال ابن كثير قال الذكر والتلاوة والدعاء فالكلم المراد به الكلام لكن الكلام الطيب قراءة القرآن التسبيح التحميد التهليل الاستغفار الدعاء فهذا الكلام يصعد الى الله فاكثر منه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ان دعوة المظلوم تصعد الى الله كأنها شرارة جاء بعض الروايات ولو كان كافرا الحديث الاخر ان الله جل وعلا يرفع دعوة المظلوم ويقول لانصرنك ولو بعد حين فالكلم والكلام الطيب يرتفع الى الله ويصعد الى الله قراءة القرآن التسبيح التحميد التهليل الاستغفار الدعاء بغير اثم ولهذا جاء في الحديث الذي رواه اه ابن ماجة رواه الامام احمد ابن ماجة والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم وصححه الالباني عن النعمان ابن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتهليل والتحميد اذا يا اخوان هذا الذكر من جلال الله من اجلال الله. لما تقول سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر هذا من اجلال الله تجل ربك بهذا لانك تسبحه وتنزه قال ان مما تجلون ان مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتهليل والتحميد ينعطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل تذكر بصاحبها اما يحب احدكم ان يكون له او لا يزال لهم من يذكر به ما تصعد الى العرش تذكر بك هذه الكلمات فاكثر من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وايضا صح عن كعب انه قال سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ان لسبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر. لدويا حول العرش كدوي النحل يذكرن بصاحبهن والعمل الصالح في الخزائن قال ابن كثير وهذا اسناد صحيح الى كعب الاحبار وقد روي مرفوعا ايضا اذا اليه يصعد الكلم الطيب الكلام الطيب يصعد الى الله وهو الذكر قراءة القرآن تسبيح التحميد الدعاء ثم قال جل وعلا والعمل الصالح يرفعه. اذا الانسان يعمل عملا يعمل عملين الذكر والعمل الذكر باللسان ولهذا جاء عند اهل السنة والجماعة التفريق بين الذكر باللسان وبين العمل البقية في الجوارح لكن وان كان عمل اللسان هذا عمل واللسان جارحة لكن خصه بالذكر لمزيد عناية به وتشريف ولان هو الذي يفصح اذا قال وذكر الانسان ربه عمله موقوف الى ان يعمل عملا صالحا لان مجرد القول بدون عمل ما يكفي ولهذا قال اهل السنة والجمال ايمان قول واعتقاد وعمل واحد يقول لك انا بقول لا اله الا الله وباقرأ القرآن واسبح واحمد وكذا وكذا لكن لا اريد اصلي ولا اصوم ولا افعل شيء نقول عملك هذا موقوف العمل الذكر القول الكلمة الطيبة يرفعه الله يعني يصعد الى الله لكن ما الذي يرفعه العمل الصالح ولهذا اصح الاقوال ان قوله والعمل الصالح يرفعه اي العمل الصالح يرفع الكلم الطيب الى الله وهذا اختيار جمع من انفسهم ومنهم ابن جرير وجمع من العلماء وتقريبا قول الجمهور ان المراد والعمل الصالح يرفع الكلمة الطيبة فذكر الانسان وكلامه موقوف الى ان يؤيد ذلك بالاعمال الصالحة بجوارحه فعند ذلك يرتفع العمل فاذا عند ذلك يرتفع الكلم الطيب والعمل ومن العلماء من قال يرفعه راجع على الله اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه الله وهذا لوجوا من نظر لكن عود الضمير في القاعدة عند اهل العلم ان عود الضمير على اقرب مذكور. قال والعمل الصالح يرفعه واقرب مذكور اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب وهناك من قال بخلاف هذا وقال والعمل الصالح يرفعه قال ان الكلم الطيب هو الذي يرفع العمل الصالح لكن جمهور اهل العلم على هذا هو المعتمد عند الائمة ائمة التفسير وغيرهم من ائمة الدين ولهذا يقول ابن كثير والعمل الصالح يرفعه قال علي ابن ابي طلحة عن ابن عباس الكلم الطيب ذكر الله يصعد يصعد به الى الله عز وجل. والعمل الصالح اداء فرائضه العمل الصالح هو اداء فرائض الله جل وعلا. قال ومن ذكر الله ولم يؤدي فرائضه رد كلامه على عمله فكان اولى به وكذا قال مجاهد العمل الصالح يرفع الكلام الطيب وكذا قال ابو العالية وعكرمة وابراهيم النخعي والضحاك والسدي والربيع ابن انس وشهر ابن حوشب وغير واحد وقال اياس بن معاوية القاضي لولا العمل الصالح لم يرفع الكلام. وقال الحسن وقتادة لا يقبل قول الا بعمل ورجحه الطبري ايضا هذا معنى الاية اذا لابد الانسان من امرين من الكلم الطيب الكلام الطيب وايضا لا بد من العمل في القول والكلام اذا لم يؤيده العمل ما يرفع ولهذا لابد الانسان يأتي بالامرين بالكلام الطيب وايضا لا بد ان يعمل بجوارحه ويعمل بما امره الله جل وعلا به من الفرائض. ثم قال تعالى وقوله والذين يمكرون السيئات قال مجاهد وسعيد ابن جبير وشعر ابن حوشب هم المراءون باعمالهم يعني يمكرون بالناس يوهمون انهم في طاعة الله وهم بغظاء الى الله عز وجل يراؤون باعمالهم ولا يذكرون الله الا قليلا وقال عبدالرحمن بن زيد هم المشركون والصحيح ان الاية عامة يعني الذين يمكرون السيئات قيل ان المراد بهم المراءون وقيل المراد بهم المشركون ابن كثير يرجح ان الاية عامة في الجميع الذين يمكرون السيئات يدخل فيها المراءون ويدخل بها الكفار ايضا مشركون قال والصحيح انها عامة والمشركون داخلون بطريق الاولى. ولهذا قال لهم عذاب شديد ومكر اولئك هو يبور فقال يمكرون بل انه مكر والسيئات الذنوب والمعاصي ثم قال ومكر اولئك هو يبور ان يفسدوا ويبطلوا ويظهر زيفهم عن قريب لاولي البصائر والنهى وقال السعدي وقال السعدي يهلك ويظمحل ولا يفيدهم شيئا. لانه مكر بالباطل لاجل الباطل والعياذ بالله ومكر لهم عذاب شديد ومكر اولئك هو يبور اي لا ينفعهم عند الله جل وعلا ثم قال والله خلقكم من نطفة والله خلقهم من تراب ثم من نطفة هنا قد يستشكل بعض الناس يعني كثيرا ما يرد في القرآن ان الله يقرر انه خلقنا من تراب ولكن المراد خلق ابانا المراد بالخلق من التراب خلق ادم وهذا جاء صريحا في القرآن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم بدأ خلق الانسان من طين ثم جعل نسله من سلالة مما اما هي المراد يا اخواني اذا جاءت هذه الايات المراد خلق ادم لانه ابونا. يقول الله جل وعلا والله خلقكم من تراب ثم من نطفة وثم جعلكم ازواج وما تحملوا من انثى ولا تظعوا الا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره الا في كتاب ان ذلك على الله يسير يقول جل وعلا والله خلقكم من تراب اي خلق اباكم واصلكم وهو ادم واما سائر الخلق فهم مخلوقون من ماء من ماء دافق قال ابن كثير ثم من نطفة قال اي ابتدأ خلق ابيكم ادم من تراب ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم جعلكم ازواجا اي ذكرا وانثى لطفا منه ورحمة ان جعل ان جعل لكم ازواجا من جنسكم لتسكنوا لتسكنوا اليها هذه من نعمة الله عز وجل انه جعل بني ادم ازواج ذكر وانثى ليقضي كل واحد من الاخر وطره وتحصل عمارة الارض هذه نعمة منحة منة من الله. ما جعلهم كلهم رجال ولا كلهم نساء ومن هنا نعلم ظلال من يسمون بالمثليين او هذا الكلام الباطل الخبيث المعارض للفطرة وللشرع ولكل فضيلة ولا يقع الا ممن دنست فطرته الله يمتن بوجود بجعل الازواج ذكر وانثى هذه نعمة من الله جل وعلا لان الله جعل لي هذا خصائص ولهذا خصائص ولا تكمن الحياة الا بالزواج وتحصل العمارة عمارة الارض ويحصل النسل ويحصل الذرية هذه نعمة ومنحة من الله جل وعلا. قال وما تحمل من انثى ولا تضعه الا بعلمه بيان احاطة علمه جل وعلا بالاشياء ومن كان كذلك هو الذي يجب ان يعبد العليم الذي احاط علمه بكل شيء جل وعلا قال اي هو عالم بذلك لا يخفى عليه من ذلك شيء بل ما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا احبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين. وقد تقدم الكلام على قوله الله يعلم ما تحمل كل انثى وما تغيظ وما تغيظ الارحام. الى قوله المتعالي اذا ما من حمل تقع تحمل انثى او تضع الا والله قد علم بذلك جل وعلا علمه وكتبه عنده وشاءه وخلقه اوجده حال حملها وحال وظعها لان علمه محيط جل وعلا لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء ثم قال وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره الا في كتاب وما يعمر من معمر فيه اقوال لاهل العلم وان كان يعني مؤداها كله حق فمن العلماء من قال وما يعمر بمعمر قال الضمير يعود على المعمر الاول والمعنى ما يكتب لمعمر من الاجل ولا ينقص منه فهو مكتوب عند الله والقول الثاني قال الضمير كناية كناية عن اخر والمعنى ما يعمر من معمر في طول عمره ولا ينقص من عمر اخر غيره عن عن عمر هذا الذي عمر طويلا الا بعلمه وهذا اسلوب معروف في لغة العرب يقول الرجل عندي ثوب ونصفه يقصد عندي ثوب ونصف من ثوب اخر فالقصد هنا ما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره من عمر اخر الا في كتاب يعني هذا عمره طويل وهذا عمره قصير هذا فيه كتاب عند الله جل وعلا ولو كان مات بصدم بحرق بغرق هذا عمره الذي كتبه الله وقدره ومن العلماء من قال ان المعنى هنا ما يعمر بمعمر ولا ينقص من عمره يقول هو معنى ما جاء في الحديث اه من اراد من سره يبسط له في رزقه وينسأ له في اجله فليصل رحمه والمعمر الذي الذي وصل رحمه طال عمره وما ينقص من عمره الذي قطع الرحم وعمل بالمعاصي نقص عمره هذا بالنسبة الى علم الملك اما علم الله جل وعلا لا يختلف فالله يعلم ان هذا الرجل سيصل او لا يصل لكن الملك لا يدري كأن يقال للملك ان وصل رحمه فاقبضه بعد مئة سنة. وان قطع رحمه فاقبضه بعد خمسين الملك لا يدري هو يصل او يقطع اما الله جل وعلا يعلم انه سيقطع الرحم او يصل الرحم والحاصل ان كل شيء يقع هو بعلم الله جل وعلا ولا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء. والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على محمد