بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخير باذن الله. ذلك هو الفضل الكبير. جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من اساور من ذهب ولؤلؤ ولباسهم فيها حرير. وقالوا الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن ان ربنا لغفور شكور الذي احلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب. لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذاب كذلك نجزي كل كفور. وهم يصطرخون فيها ربنا اخرجنا نعمل صالحين غير الذي كنا نعمل اولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاء جاءكم الذي فذوقوا فما للظالمين من نصير. ان الله عالم غيب في السماوات والارض انه عليم بذات الصدور. هو الذي جعلكم خلائف في ارض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم الا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم الا خسارا. قل ارأيتم شركاءكم الذين تدعون من من دون الله اروني ماذا خلقوا من الارض ام لهم شرك في السماوات ام اتيناهم ام اتيناهم كتابا فهم على بينة منها. بل ان يعدوا الظالمون بعضهم بعضا الا غرورا ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا. ولئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده انه كان حليما غفورا. واقسموا بالله جهد ايمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن اهدى من احدى الامم فلما جاءهم نذير ما زادهم الا نفورا. استكبارا في الارض ومكر السيء ولا يحيق المكر سيء الا باهله. فهل ينظرون الا سنة الاولين فلن تجد لسنة تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا. اولم يسيروا في الارض فينظر كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا اشد منهم قوة. وما كان الله ليعجزهم من شيء في السماوات ولا في الارض انه كان عليما قديرا. ولو اتخذوا الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن اخرهم الى اجل مسمى. فاذا جاء اجلهم فان الله كان انا بعباده بصيرا. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد فقد تكلمنا في الدرس الماضي على قوله جل وعلا ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا نلخص الكلام مرة اخرى لان هذه الاية اية عظيمة كغيرها من ايات كتاب الله عز وجل حتى قال عنها بعض اهل العلم انها ارجى اية لاهل المعاصي. لان الله سبحانه وتعالى اخبر ان هؤلاء الاقسام الثلاثة وهم الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات كلهم من المصطفين من المصطفين الذين اصطفاهم الله بالتوحيد وافراده جل وعلا بالعبادة. فهؤلاء كلهم من المصطفين وهذه هي عقيدة اهل السنة والجماعة ان من مات على التوحيد فان انه وان دخل النار فانه يخرج منها ولا يخلد فيها. لان الله جل وعلا يقول ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك. فما دون الشرك ودون ترك الصلاة هذا تحت مشيئة الله جل وعلا وايظا اهل اهل السنة لهم في هذا مسلك يقولون ان العاصي او من لقي الله عز وجل موحدا مصليا وعنده ذنوب كثيرة فان الله سبحانه وتعالى حكم عدل. فاما ان يجود عليه ويمن عليه ويدخله الجنة مباشرة واما ان يعذبه على قدر ذنوبه ثم يخرجه من النار ويدخله الجنة والسيئات التي يفعلها الانسان اه قد تكفر بمصائب تقع في الانسان او بحسنات ماحية. لان الميزان العدل يوم القيامة ميزان توزن فيه الاعمال الصالحة والاعمال سيئة فايهما غلب فانه يكون الحكم له. لكن المؤمن امره كله له خير ان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له ويكفر الله عنه بما يصيبه. كما قال صلى الله عليه واله وسلم ما يصيب المسلم من هم ولا غم ولا نصب وهو التعب ولا وصب وهو المرض الا كفر الله به من خطاياه لكن ينبغي للانسان ان يحتسب ذلك عند الله جل وعلا. فالحاصل ان هذه الاية العظيمة دلت على ان كل من لقي الله موحدا لا يشرك به شيئا محافظا على صلواته لورود نص خاص فيها العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر انه يعتبر من المصطفين ولو كان عنده ذنوب وكبائر غير الشرك والكفر لان الله قال ثم اورثنا الكتاب وهو القرآن الذين اصطفينا من عبادنا والاختيار والله اصطفاهم واختارهم على غيرهم من الامم. فمنهم ظالم لنفسه. وذكرنا ان الظالم لنفسه هو الذي الذي فعل بعض المحرمات وترك بعض الواجبات. ومنهم مقتصد اتى بالواجبات وترك المحرمات ومنهم سابق بالخيرات. وهو الذي اتى بالواجبات واجتنب المحرمات. واتى ايضا بالمندوبات وترك بعض المباحات خشية ان يقع في المكروهات. فهذا هو المسابق في الخير. واثنى الله عز وجل على هذا الفضل الذي وهبه لهم قال ذلك الفضل الكبير. ثم جاء بيان شيء من هذا الفضل فقال جنات عدن وهذا يسميه بعض اهل العلم بدل اشتمال بدل اشتمال لان جنات عدن مما اشتمل عليه الفضل الكبير الذي لهم للموحدين من من ذلك جنات عدن والجنات هو الاصل هي البساتين. ومعلوم ان كل واحد من اهل الجنة له جنات كثيرة. وان كان الجنة يطلق على على دار رضوان الله جل وعلا التي اعدها لعباده المتقين المؤمنين. لكن بداية اخي لهذه الجنة جنات جنات كثيرة. قال جنات عدن وقلنا ان معنى عدن يعني اقامة. يقال عدن في المكان اذا اقام فيه والعدول هو اللبس والبقاء في المكان. فالحاصل انها جنات عدن الخالدين فيها ابدا. لا يدخلونها ثم يخرجون منها وانما اذا دخلوها فانهم لا يخرجون منها. وهم في نعيم ابدي مستمر ثم قال جل وعلا يحلون فيها من اساور من ذهب فهم يدخلون الجنة ويقيمون فيها ابدا الاباد وايضا يحلون فيها اي يلبسون الحلية وهي حلية من اساور والاساور هي ما كان ما يوضع في الايدي ما كان محلقا فهم يلبسون اساور في الجنة يعني ثوابا وتجميلا وجزاء لهم اللون فيها اي في الجنة من اساور وهذه الاساور من ذهب. بعضها من ذهب وبعضها من لؤلؤ قال ابن كثير يحلون فيها من اساور من ذهب كما ثبت في الصحيح وهو في صحيح مسلم عن ابي هريرة هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء تبلغ يوم القيامة في المؤمن في الجنة حيث يبلغ الوضوء. فالانسان يسبغ وضوءه الى ان يغسل فتكون الحلية لكامل يده مع ذراعه. وهذه الحلية تكون من ذهب وبعضها من لؤلؤ. ولؤلؤ لؤلؤ هنا قرأ بالنصب. وهذه القراءة قراءة النصف قراءة نافع وعاصم وابو جعفر. وهم وهي هنا معطوفة على على محل الاساور. لان تقدير الكلام يحلون اساور من ذهب. ثم قال ولؤلؤا. فعطف لؤلؤا على محل اساور. لان اصلها اصلها مفعول به وتقدير الكلام يحلون اساور ولؤلؤا. ويحلون لؤلؤة وقرأ الباقون ولؤلؤ بالكسر بالجر عطفا على ذهب من ذهب ومن لؤلؤ والمعنى لا يكاد يختلف. فالحاصل انهم يحلون اي تجعل لهم حلية وزينة من ذهبي ومن لؤلؤ ومن الفضة يحلون فيها ولباسهم فيها حرير. وايضا يلبسونها في الجنة ثياب الحرير وهي الثياب الناعمة. والحرير في الدنيا ناعم جدا. فكيف بحرير الجنة؟ لان الجنة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. قال ابن كثير رحمه الله ولباسهم فيها حرير ولهذا كان محظورا عليهم في الدنيا. فاباحه الله لهم في الدار الاخرة. وثبت في والحديث متفق عليه ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الاخرة وقال هي لهم في الدنيا ولكم في الاخرة. وثبت ايضا في حديث اخر ان النبي صلى الله عليه وسلم امسك شيئا من حرير وشيئا من ذهب. وقال هذان حرام على ذكور امتي حلال لاناثها. فلا يجوز للمسلم ان يلبس الذهب في الدنيا. بل ولا يستخدمه في الاستخدامات الاخرى لا يقتني جوالا من ذهب او قلما من ذهب او كبكا من ذهب او نظارة من ذهب النبي قال عن الذهب حرام على ذكور امتي. باي استعمال كان كذلك الحرير الا ان النبي صلى الله عليه وسلم اباح لبس الحرير لمن اضطر اليه كما ثبت ان بعض الصحابة لعله سعد ابن معاذ او عبدالرحمن ابن لعله سعد ابن ابي وقاص او عبدالرحمن ابن عوف. احدهما اشتكى الى النبي سلم يعني نوعا من الالم يصيبه وهو نوع من الحساسية فرخص له في لبس الحرير بانه لين. لكن من غير ظرورة لا يجوز والمراد به الحرير آآ الذي يكون من دودة القز واما الحرير الذي يصنع من الثياب الان ويسمونه حريرا وهو ليس حرير فهذا لا يدخل في الحكم. واما ان كان الحرير من الحرير الذي هو الحرير. الذي عليه الاسم وليس المصنع او الذي يسمى حريرا وليس كذلك فانه لا يجوز للمسلم ان يلبسه لانها للكفار في الدنيا وللمؤمنين في الاخرة لهم في الاخرة لبس الذهب ولبس الحرير جزاء وفاقا من الله سبحانه وتعالى. ثم قال جل وعلا وقالوا الحمد وقالوا الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن اي قال اهل الجنة والمصطفون حين دخلوا الجنة حمدوا الله واثنوا عليه. وهذا دليل على ان الحمد عظيم اما الانسان ان يلازم الحمد فانه حتى في الجنة يحمدون ربهم ويلهمون ايضا التسبيح. فالحمد والتسبيح شأنه عظيم. وكثيرا ما يقل النبي صلى الله عليه وسلم بينه. بل في القرآن ايضا جاء القرن بينهما. وسبحان الله وبحمده. سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر. لان التسبيح وتبرئة لله عن كل نقص وعيب والحمد ثناء على الله جل وعلا واعتراف له بالنعم التي انعم بها على عباده. الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن قال ابن كثير وقالوا الحمد لله الذي اذهب ان الحزن قال وهو الخوف من المحذور. ازاحه عنا واراحنا مما كنا نتخوفه ونحذره من هموم الدنيا والاخرة. هكذا قال وهو كلام يعني شامل لان الحزن قال بعظ المفسرين هو الخوف من النار دابا عندنا الحزن هو انهم كانوا يخافون من النار خوفا عظيما. وقال بعضهم الحزن هو الموت. كانوا يخافون منه وقال بعضهم آآ غير ذلك والاصل في الحزن هو الاسف. لكن ابن كثير رجح العموم قال الحسن هو كل يعني قال وهو الخوف من المحذور. يعني كل ما كانوا يخافونه ويحذرونه. قال واراحنا مما كنا نتخوفه ونحذره من هموم الدنيا والاخرة من هموم الدنيا والاخرة لانه جاء عن بعض المفسرين ان المراد بالحزن هو الخوف يعني من قلة الرزق او التعب في تحصيل الرزق. والسعي في تحصيله. فالحاصل ان الله اذاها اذهب عنهم كل حزن في الدنيا والاخرة. وهذا يدل على كمال نعيمهم. الذي صاروا اليه. فهم في داري كرامة لا يخافون ولا يحزنون. كما قال ابن كثير ولا هم يحزنون. قال لا مما امامهم ولا يحزنون على ما على ما فاتهم من الدنيا. وهذا هو غاية النعيم. حينما تكون في حال لا خوف عليك ولا حزن لا تخاف مما يستقبل ولا تحزن على ما مضى فانت في غاية السعادة والانس كيف لا وهم في جنة الخلد مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. قالوا والحمد لله الذي اذهب ان الحزن ان ربنا لغفور شكور. قال ابن كثير ما معناه لغفور لذنوبنا. لشكور لاعمالنا. اوقات قال بعض المفسرين ان ربنا لغفور شكور هذا ثناء على الله بانه هو الغفور الذي يغفر الذنوب فمهما كان الانسان يعمل من عمل لابد ان يخطئ. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كل بني ادم خطاء وخير الخطائين التوابون فالله جل وعلا يغفر الذنوب فهؤلاء الذين ادخلهم الجنة عندهم بعض الذنوب لكنه غفرها وسترها تعرفون الحديث الصحيح ان الله جل وعلا ليدني العبد ويضع عليه كنفه فيقول اتذكر ذنب كذا يوم كذا وكذا الى ان يرى انه هالك فيقول انا سترتها عليك في الدنيا وانا اغفرها لك اليوم. فالله هو الغفور الذي يغفر الذنوب ويسترها وهو الشكور الذي يشكر لعباده طاعتهم واستقامتهم على دينهم. ولهذا اثابهم الجنة في الاخرة. ثم قال جل وعلا عن مقولة المؤمنين الذي احلنا دار المقامة من فضله. فهم يحمدون الله الغفور الشكور الذي احلهم دار المقامة والمقامة مصدر ميمي. من اقام بالمكان اذا قطنه والمراد دار الخلود الذي احلنا دار المقامة وهي الجنة. دار الخلود والاقامة الدائمة لا يخرجون منها بل هم باقون فيها ماكثون فيها خالدين فيها ابدا الذي احلنا دار المقامة من فضله. من عطائه وجوده وكرمه ما بلغنا الجنة بعملنا. لكن بفظل الله جل وعلا. ولهذا قال النبي صلى الله عليه واله وسلم في الحديث الصحيح ما منكم احد يدخل الجنة بعمله او قال لن يدخل الجنة احد منكم بعمله وفي اللفظ الذي اورده ابن كثير لن يدخل احدا منكم عمله الجنة ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمة منه وفضل لان مهما عملنا من الاعمال اعمالنا لا تكافئ قيمة الجنة. الجنة سلعة الله غالية. هذه الاعمال لو انفق الانسان عمره من ولادته الى ان تخرج روحه في طاعة الله هذا العمل لا يستحق به وليس كفؤا يقابل الجنة ويكون كفؤا ان تدخلوا الجنة به لكن ذو الفضل والجود والكرم والمن سبحانه وتعالى. قال انا ادخلكم يا عبادي باعمالكم اجعلها سببا والا هي ليست على سبيل المكافئة. ولهذا قال ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون. يعني فبعملكم لكن هذا العمل ليس كفؤا للجنة وليس مقابلا لها. لكن تفظل الله وجعل هذا العمل اليسير طير يوصل الى الجنة. فهو كرم وفضل من الله. ولهذا اثنوا على ربهم بذلك قالوا الذي يا حلنا دار المقامة من فضله. ثم ايضا اخبروا عن نعيمهم الذي هم فيه. قالوا لا يمسنا فيها نصبوا ولا يمسنا فيها لغوب لا يمسنا لا يصيبنا. ولا يأتي علينا نصب. والنصب هو التعب ولا يمسنا لغوب ولا يصيبنا لغوب. واللغوب ايضا يأتي بمعنى التعب. ولهذا قال ابن والنصب قال اي لا يمسنا فيها عناء ولا اعياء. والنصب واللغوب كل منهما يستعمل في التعب. وكأن المراد في هذا وهذا عنهم انهم لا تعب عليهم في ابدانهم ولا ارواحهم. والله اعلم. فمن ذلك انهم كانوا يدئبون انفسهم في العبادة في الدنيا فسقط عنهم التكليف بدخولها وصاروا في في راحة دائمة مستمرة قال تعالى قال الله تعالى كلوا واشربوا هنيئا بما اسلفتم في الايام الخالية. وقال الطاهر ابن عاشور يعني كانه يرى ان النصب اللغوب بينهما عموم وخصوص فاذا اجتمع افترقا واذا افترقا اجتمعا فقال النصب هنا التعب من نحو شدة حر وشدة برد واللغوب الاعياء من جراء عمل او جري ونحو ذلك. فالحاصل ان كل ما فيه تعب وعناء ومشقة لا يمسهم بل هم في دار كرامة وفيما تهواه الانفس وتلذ الاعين. لانها دار جزاء وثواب نسأل الله الكريم يجعلنا واياكم من اهل الجنة. ثم قال جل وعلا والذين كفروا لهم نار جهنم. قال ابن كثير لما ذكر تعالى حال السعداء شرع في بيان مآل الاشقياء نعم لان القرآن مثاني ومن وصفه بالمثاني انه يذكر الشيء ويثني بظده. فهنا ذكر الجنة وبعض نعيم اهل الجنة ثم ثنى بذكر بعذاب اهل النار يذكر الدنيا ثم يذكر الاخرة يذكر الجنة ثم يذكر النار وهكذا يذكر المؤمنين ثم يذكر الكافرين. فبعد ان ذكر نعيم اهل الجنة ومقولتهم ذنا بذكر اهل النار وما اعد لهم. وذكر ايضا مقولتهم فالجنة يحمدون الله ويثنون عليه ويخبرنا بما هم فيه من النعيم واهل النار يسترخون فيها ويقولون ربنا اخرجنا منها فرق بين الفريقين فما ربك بظلام للعبيد قال قال ابن كثير لما ذكر حال السعداء شرع في بيان حال الاشقياء فقال والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا الذين كفروا الكفر الاكبر كفروا بالله ولم يؤمنوا به ولا برسوله ولا بالقرآن ولم يتبعوا الحق قال لا يقضى عليهم فيموتوا كما قال تعالى لا يموت فيها ولا يحيى وثبت في صحيح مسلم ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال اما اهل النار الذين هم اهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون لما ذكر ان بعض الموحدين يحترق في النار فيموت حتى يصبحون حمما قطعا من الفحم ثم يخرجون ويلقون على انهار او على افواه انهار في الجنة. فينبتون كما تنبت الحبة في السيل لكن هذا في عصاة الموحدين الذين مر معنا الكلام في الاية فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات هؤلاء من الظالمين لانفسهم واما الذين هم اهلها فلا يموتون ولكن لا يحيون حياة طيبة ولهذا قال ابن كثير قال كما قال تعالى لا يموت فيها ولا يحيى في سورة الاعلى ولهذا يتبين لك الحكمة ان النبي صلى الله عليه وسلم شرع ان تقرأ سورة الاعلى والغاشية في صلاة الجمعة وفي صلاة العيدين مجامع الناس ليذكروا ويتذكروا ما في هذه يتذكر بما في هاتين السورتين من العبر والعظات والتذكير بالاخرة وهذا دليل على انه لابد الانسان يتأمل ويتدبر ويعقل ما يسمع من القرآن. ليس مجرد سماع يعرف يعقل ويعي عن الله مراده. قال ابن كثير وثبت في صحيح مسلم ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال اما اهل النار الذين هم اهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون. قال الله تعالى ونادوا يا ما لك ليقضي علينا ربك. قال انكم ماكثون. ليقضي يريدون يقولون يقضي علينا يميتنا يهلكنا يقول لا انكم ماكثون. باقون ما تموتون. وقال قال فهم في حالهم ذلك يرون موتهم راحة لهم ولكن لا سبيل الى ذلك. قال الله تعالى لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها. كما قال تعالى ان المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر وهم فيه مبلسون. نسأل الله العافية. لا يفتر لا يفتر ولا يظعف ولا يقل العذاب. بل في مزيد فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا وايضا فيه مبلسون يعني يائسون من كل خير. قد يئسوا من الرجوع للدنيا يئس من النجاة من النار لانه انتهى وقت العمل وصاروا الى الجزاء وانا اذكر نفسي واخواني بمثل هذه الايات التي يخبر الله بها عن حال اهل النار وكيف يتمنون الرجوع ويريدون ان يرجعوا لعلهم يعملون عملا صالحا لينجوا من هذا المهين فكر في امرك فكر في امر نفسك انت الان تستطيع انك تعمل تزداد من الاعمال الصالحة وتتوب من السيئات وتتخلص من المظالم حي على العمل جدة واجتهد قدم لنفسك لان هؤلاء الذين يحكي يذكر الله قولهم ما يستطيعون الرجوع يتمنون ان يرجعوا لعلهم يؤمنون لكن لا يمكن ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون. انتهى الامر فلا حول لهم ولا قوة وانت ما زلت لك حول وقوة تجتهد في الاعمال الصالحة تزود تزود يا عبد الله واتعظ هذي من مواعظ القرآن وعمل القرآن. قال ابن كثير كما قال تعالى ان المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون. وقال كلما خبت زدناهم سعيرا. نسأل الله العافية. كلما خبث نارها وحرها زادها سعيرا وتوقدا قال جل وعلا وقال فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا. نسأل الله العافية والسلامة آآ ثم قال كذلك نجزي كل كفور. اي هذا جزاء كل من كفر بربه وكذب بالحق ما ظلمهم الله وما ربك بظلام للعبيد سبحانه وتعالى ثم قال وهم يصطلحون فيها ذكر قولهم اولا ذكر ما اعده لهم كما ذكر ما اعده للمؤمنين جنات عدن. ثم ذكر مقولتهم كما ذكر قول المؤمنين وانظروا الى الفرق بين الفريقين فهؤلاء قال وهم يسترخون فيها ربنا اخرجنا نعمل صالحا. يعني قالوا وهم يسترخون في النار والاصطراخ اي الصراخ وهو الصياح الشديد. نسأل الله العافية يصيحون ويصرخون ويدعون الله ليخرجهم لكن فات الاوان يقول له لهم اخسئوا يا ولا تكلموه. نسأل الله العافية والسلامة قال وهم يسترخون فيها اي في النار. ربنا ماذا يقولون في صراخهم؟ ربنا يعني يا ربنا يا ربنا اخرجنا نعمل صالحا اخرجنا من النار. لاجل ان نعمل صالحا عملا صالحا يتمنون ذلك غير الذي كنا نعمل ها ذهب الغرور في الدنيا كثير من الكفار او حتى من العصاة من الملحدين اذا قيل له قال انا على الحق انا عملي من قال ان الحق هو الذي عندكم لكن اذا مسه العذاب علم ولهذا يقول ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل. اعترف ان الذي كان يعمله فاسد كفر وظلال ومعاصي وذنوب قال جل وعلا او لو نعمركم قالوا في الكلام تقدير فيقال لهم او فيقول الله لهم لانهم كذبة والله جل وعلا قد قضى ان من افظى الى الاخرة لا يعود لا مؤمن ولا كافر ولكن هؤلاء كذبة كما قال جل وعلا ولو ردوا لعادوا. يعني لو ردوا الى الدنيا وردت لهم ارواحهم ورجعوا الى الدنيا كما كانوا اول مرة لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون وهذه الاية فيها فائدة يا اخوان ولو ردوا لعادوا اهل السنة والجماعة يقولون ان علم الله وصفاته متعلقة بالممكن لعقولنا والمستحيل بينما اهل الكلام يقولون لا الصفات متعلقة بالممكن. المستحيل ما تتعلق به ومن هنا دخلت دسيسة كلامية في بعض كتب التفسير وقد يقرأه بعضنا ولا ينتبه. لما يأتي على الايات التي فيها والله على كل شيء قدير والله بكل شيء بصير. تجد بعض المفسرين يقول والله بصير بكل مبصر. سميع بكل مسموع. علم بكل معلوم قدير بكل مقدور. نعم هو عليم بذلك وزيادة ايضا. عليم بكل شيء. بصير بكل شيء قدير على كل شيء فهل رجوع الكفار الى الدنيا؟ ممكن ولا مستحيل؟ مستحيل. ولذلك قال ولو ردوا لعادوا بما نهوا عنه. ولهذا يعبر كثير من السلف في كتب العقائد بعضهم جعلها في مقدمة كتابه قال وهو العليم بما كان وما لم يكن وهو العليم بما كان وما لم يكن لو كان كيف يكون حتى ما لم يكن لو كان الله عليم به. لانه صفاته عظيمة جل وعلا. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير قال جل وعلا او لم نعمركم هذا استفهام انكاري انكار توبيخي ينكر عليهم ويوبخهم جل وعلا والكلام فيه تقدير. قال لهم لما قالوا ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل؟ اجابهم الله بقوله او لم امركم ما يتذكر فيه من تذكر الم نعمركم سنين عددا عمرناكم واعطينا كل واحد منكم عمرا كان مزرعة للعمل. وعشتم ما عشتم. عمرناكم في الدنيا فما عملتم ولهذا قالوا ان قول هنا او لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر؟ قالوا ما هنا ظرفية مصدرية ظرفية مصدرية اي زمان تعمير الم نعمركم زمان تعمير او وقت تعمير في الدنيا ولا يتذكر فيه الا اولو الالباب فهم يقولون اخرجنا نعمل صالحا يعني يريدون الرجوع للدنيا فيقول الله عز وجل الم نعمركم في الدنيا لسنا خلقناكم وعمرناكم سنين واعطيناكم عمرا طويلا وجاءتكم الرسل وانزلت الكتب وبين لكم الحق تعميرا يتذكر فيه من تذكر يعني عمرناكم عمرا وزمنا ووقتا طويلا يتذكر فيه فقط من تذكر؟ يعني نحن اعطيناك واقمنا عليكم الحجة. تريدون ترجعون الى الدنيا؟ لا نحن اعطيناكم فرصة. وعمرناكم عمر طويل يستطيع ان يتذكر فيه ويتعظ من اراد التذكير. من اراد التذكر والإتعاظ فانتم الذي فرطتم وابيتم فكما انكم فرطتم اول مرة ستفعلون مثل ذلك. ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون ما يتذكر فيه من تذكر قال ابن كثير وقد قال اولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر؟ اي او ما عشتم في الدنيا اعمارا؟ لو كنتم ممن ينتفع بالحق لانتفعتم به في عمركم ثم قال وقد اختلف المفسرون في مقدار العمر ها هنا او لم نعمركم كم هذا هذا العمر فذكر عدة اقوال فذكر عن ابن عن علي ابن حسين زين العابدين انه قال مقدار سبع عشرة سنة عن مرة كل واحد سبع عشرة سنة وجاء عن قتادة انه قال ثماني عشرة سنة وجاء عن وهب ابن منبه انه قال عشرين سنة وجاء عن الحسن ومسروق وايظا رواية عن ابن عباس انه اربعون سنة. هذا هذا العمر والتعمير اربعين سنة اربعون سنة وجاء وذكر ابن كثير قولا رابعا وهو اصح القولين عن ابن عباس وجاء عن علي ابن ابي طالب ورجحه ابن كثير انه ستون سنة يقول او لم نعمركم اولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر؟ قال هذا التعمير ستين سنة واستدل عليه باحاديث صحيحة فمنها من هذه الاحاديث ما كان ضعيفا. ومنها ما كان صحيحا ونحن نكتفي بذكر الصحيح قال في الحديث الذي رواه الامام احمد وهو ايضا عند الحاكم عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لقد اعذر الله الى عبد احياه حتى بلغ ستين او سبعين سنة لقد اعذر الله اليه لقد اعذر الله اليه ومعنى اعذر يعني بلغ به اقصى العذر بلغ به اقصى العذر وهذا حديث صحيح ورواه ايضا البخاري بلفظ اعذر الله عز وجل الى امرئ اخر عمره حتى بلغ حتى بلغه ستين سنة اعذر الله اليه. وايضا جاء عند احمد والنسائي وابن حبان كله من حديث ابي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم من عمره الله ستين سنة فقد اعذر اليه في العمر. وهذا صححه الالباني وغيره هكذا رجح ابن كثير انه ستين سنة ورجح ابن جرير انه اربعون سنة والذي يظهر يعني الى التأمل ان هذه الاقوال حق ان من عمر اربعين قد اعذر الله اليه ومن عمر ستين اعذر الله اليه لكن الانسان اذا بلغ التكليف يؤاخذ مأمور بالايمان. ويؤاخذ على ذلك والانسان لو انه عمر بعد تكليف ولو سنة واحدة. او سنتين قد قام عليه العذر قد قامت عليه الحجة عمرا يمكن ان يؤمن فيه ولهذا يؤمن الصبيان يؤمرون بالصلاة لسبع سنوات ويؤمر بالايمان قبل ذلك لانه اصل يولد على الايمان فهذه اقوال المفسرين والذي يظهر والله اعلم وهي تحتاج مزيد يعني تتبع ان الاية ان الاية اعم من ان في وقت لكن القصد اننا عمرناكم ايها الكفار بعد البلوغ عمرا كنتم تستطيعون فيه ان تؤمنوا وتعمل صالحا وتدخل في دين ربكم وتتبعوا رسله ولكنكم ما فعلتم تركت لكم الفرصة فاعرظتم لان من الكفار من يموت وهو ما بلغ الستين؟ ومنهم من يموت وهو ما بلغ الاربعين. فالحاصل ان الله جل وعلا عمر الجميع الكفار وغيرهم من عمر بعد التكليف وهو سن الخامسة عشرة او بعد الانبات او الاحتلام حمر فقد قامت عليه الحجة واعطي عمرا وكان كان يستطيع ان يؤمن ويتبع الحق فحجة الله قائمة على الخلق والخلاصة ان الله سبحانه وتعالى لا يظلم احدا وان الله قد دعا عباده الى اتباع شرعه بارسال الرسل وانزال الكتب ولهذا اصحاب الفترة الذين لا نبي لهم ولم يأتهم نبيا الله عز وجل لا يعذبهم حتى يختبرهم مرة اخرى ثم قال وجاءكم النذير وجاءكم النذير. ذكر ابن كثير قولين في النذير فذكر القول الاول ان النذير هو الشيب هنا ابن كثير رحمه الله اشار الى عمر النبي صلى الله عليه وسلم انه ثلاث وستون سنة وقيل ستون وقيل خمس وستون والمشهور عند اهل العلم انه عمر ثلاثا وستين او ان عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين. وايضا مما ذكره احتجاجا على تصحيح ان التعمير الحاصل هو سن الستين ذكر حديث ابي هريرة عند الترمذي وابن باجة بسند صحيح قال النبي صلى الله عليه واله وسلم اعمار امتي ما بين الستين والسبعين وجاء عند ابي يعلى الموصلي وغيره بسند صحيح معترك المنايا بين الستين والسبعين اغلب الامة اعمارهم بين الستين والسبعين هذا هو الاعم الاغلب. قال وقليل من يجوز ذلك وهذا وان كان اورده ابن كثير تأييدا لقوله بانه عمر الستين فالذي يظهر انه حجة عليهم على اصحاب هذا القول ان حصروا التعمير في لان اعمار الامة كلها في الستين والسبعين ولكن الانسان يستعد ليس كل الناس اصلا يبلغ الستين واذا بلغت الستين فانت في معترك المنايا. انتبه اغلب اعمار الامة في هذا السن اترك عنك الامال قال النبي صلى الله عليه وسلم يكبر ابن ادم ويكبر معه اثنتان حب الدنيا وطول الامل اذا بلغ الستين جاءك بجد وهمة على الدنيا وجمعها اكثر من قبل انتبه لا انت الان كان ينبغي عليك ان تستعد للاخرة تتفرغ فاذا فرغت فانصب والى ربك فارغب والله المستعان قال ابن كثير وجاءكم النذير قال سفيان بن عيينة ورواية عن ابن عباس وعكرمة وابي جعفر وقتادة يعني الشيب وقال السدي وعبد الرحمن ابن زيد ابن اسلم يعني الرسول صلى الله عليه وسلم وجاءكم النذير يعني جاءكم الرسول صلى الله عليه وسلم انذركم انذركم الكفر وحذركم منه ودعاكم الى الجنة والى الى الايمان حتى تدخلوا الجنة. جاءكم نذير ما لكم حجة وذكرت هناك اقوال اخرى قيل النذير القرآن وقيل الحمى تصيب الانسان نذير له يعني بشدة عذاب النار. وقيل المراد موت الاهل والاقارب وقيل غير ذلك. وابن كثير انما ذكر هذين القولين. ثم رجح او هو وابن جرير ان المراد به النبي صلى الله عليه وسلم وجاءكم النذير يعني اهل اهل النار خاصة من كفار قريش ومن معهم؟ من امة النبي صلى الله عليه وسلم امة الدعوة لما يسألون ويريدون ان يرجعوا الى الدنيا الله يقول الم او لم نعمركم ما يتذكر به من تذكر؟ عمرناكم ايضا جاءكم نذير في هذا العمر الطويل الذي تستطيعون ان تؤمنوا جاءكم نذير من من لدن ومن قبلنا وهو محمد صلى الله عليه واله وسلم. وبين لكم الحق دعاكم اليه وحذركم من الشر قال ابن كثير وهذا هو الصحيح قال وهذا اختيار ابن جرير ان النذير النبي صلى الله عليه وسلم قال وهذا اختيار ابن جرير وهو الاظهر لقوله تعالى ونادوا يا ما لك ليقضي علينا ربك؟ قال انكم ماكثون لقد جئناكم بالحق فجئناكم بالحق ولكن اكثركم للحق كارهون. اي لقد بينا لكم الحق على السنة الرسل. فابيتم وخالفتم. وقال تعالى وما كنا حتى نبعث رسولا. هذا هو النذير وقال تبارك وتعالى كلما القي فيها فوج سألهم خزانتها الم يأتكم نذير؟ قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبناها وقلنا فما نزل الله من شيء انتم الا بظلال كبير الم يأتكم نذير؟ قالوا بلى وان من امة الا خلفها نذير اذا النذير هو هو هم الانبياء. هذا هو النذير. نبي كل قوم هو نذيرهم واما الشيب لا شك ان الانسان يتعظ اذا رأى الشيب من احيا الله قلبه ولكن الشيب الناس يختلفون فيه فيهم من يأتيه الشيب مبكرا ومنهم من يتأخر عنه. فما هم ميزان يستوي فيه الجميع ولهذا الابهر والله اعلم ان النذير هنا هو الرسول صلى الله عليه واله وسلم. وان من امة الا خلى فيها نذير. ينذرهم تحذرهم ما امامهم آآ قال جل وعلا وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير بعد ان وبخهم وبكتهم وبين انه عمرهم عمرا يستطيعون الايمان فيه بل ايضا جاءهم نذير ينذرهم النار ويحذرهم الكفر ويدعوهم الى الايمان فالان لقيتم جزاءكم فذوقوا فما للظالمين من نصير. ذوقوا العذاب نسأل الله العافية هذا توبيخ تبكيك واهانة لهم وهم في النار كانوا يرجون يدعون الله يصطلحون يريدون ان يخرجوا لا ذوقوا ذوقوا مس شقى فما للظالمين من نصيب! ما للظالمون. المراد الظالمون هم الكافرون الظلم الاكبر الشرك من نصير ينصرهم. لن ينصركم احد من هذا العذاب الذي انتم فيه انت من تزعمون انهم الهة لكم او اعوان او انصار وهذا يزيد عذابهم عذابا نعوذ بالله. ثم قال جل وعلا ان الله عالم غيب السماوات والارض ان الله عالم غيب السماوات والارض انه عليم بذات الصدور قال ابن كثير يخبر تعالى بعلمه غيب السماوات والارض وانه يعلم ما تكنه السرائر وتنطوي عليه الضمائر وسيجازي كل عامل بعمله اخبر بعلمه الغيب جل وعلا. والغيب ضد الشهادة. وهو ما غاب عن الناس فالله احاط علمه بالغيب والغيب غيبان غيب مطلق وغيب نسبي والله محيط بالغيب كله واغلب ما ينصرف الى الغيب المطلق ومنه مثلا علم قيام الساعة ما يعلمها احد قال جبريل يا محمد متى الساعة؟ قال ما المسؤول عنها باعلم من السائل وخمس من علم الغيب لا يعلمهن الا الله والمراد به الغيب المطلق لكن الله يعلم كل شيء لا يغيب عنه شيء في الارض ولا في السماء انه عليم بذات الصدور عليم بذات الصدور بما في الصدور وما تكنه. فالدليل على اهمية اعمال القلوب والايمان او الكفر بالقلب فالله يعلم السرائر ويعلم ما في القلوب. هو الذي عليه الجزاء يوم القيامة ولهذا اعتني بقلبك اجعل قلبك ممتلئا بالايمان بالله وحبه ورجائه وتعظيمه والخوف منه والخشية لانه جاء في الحديث ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى ابدانكم. ولكن ينظر الى قلوبكم ماذا في القلوب ها هذي تقوى القلوب ثم قال هو الذي جعلكم خلائف في الارض يعني جعل بعضكم يخلف بعضا فتذهب امه وتأتي امه يذهب اناس ويأتي اناس هذا دليل على كمال قدرته جل وعلا هو الذي جعلكم خلائف في الارض فمن كفر فعليه كفره. من كفر فعليه كفره وجزاء كفره لا يظر الا نفسه ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم الا مقتا. ولا يزداد الكفار بالكفر بالله وازديادهم من اعمال الكفر لا يزدادون بذلك الا مقتا. بغظا من الله وبعدا من الله. ولا يظرون الله شيئا. يظرون انفسهم ولا يزيد الكافرين كفرهم الا خسارا لا يزداد الكفار بكفرهم وازديادهم من اعمال الكفر الا خسارا اي هلاكا ودمارا لهم. يقول ابن كثير ثم قال هو الذي جعلكم خلائف في الارض ان يخلف قوم الاخرين قبلهم وجيل لجيل قبلهم كما قال ويجعلكم خلفاء الارض فمن كفر فعليه كفره اي فانما يعود وبال ذلك على نفسه دون غيره ولا يزيد الكافرين ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم الا مقتا اي كلما استمروا على كفرهم ابغضهم الله وكلما استمروا فيه خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامة بخلاف المؤمنين فانهم كلما طال عمر احدهم وحسن عمله ارتفعت درجته ومنزلته في الجنة وزاد اجره واحبه خالقه وبارئه رب العالمين ثم قال جل وعلا قل ارأيتم شركائكم الذين تدعون من دون الله هذا الاستفهام تقريري ودائما يقولون ان مثل هذا التعبير قل ارأيتم يقول معناه اخبروني قل ارأيتم شركاءكم وهي الالهة والانداد والاصنام والاوثان التي جعلوها شركاء لله جل وعلا شركاءكم لانكم شركتموهم مع الله وجعلتم شركاء مع الله تعالى الله عما يفترون الذين تدعون من دون الله تدعونهم من دون الله وانتم جعلتموهم شركاء في الدعاء وفي العبادة لان الدعاء هو العبادة وهنا تدعون لا يلزم منه فقط دعاء المسألة فهو يشمل الدعاء كله العبادة كلها سواء كان قولا او فعلا لان النبي صلى الله عليه وسلم يقول الدعاء هو العبادة فيشمل الدعاء ما كان نطقا باللسان وسؤالا وما كان عملا بالجوارح فهو دعاء ايضا فيقول قل ارأيتم شركائكم الذين تدعون من دون الله؟ اروني ماذا خلقوا من الارض ضروري خلقهم ماذا خلقوا من هذه الارض التي انتم عليها وتعيشون عليها؟ ما احد يستطيع يقول هذا الجبل خلقه الصنم الفلاني لا ما يستطيعون وهم يقرون لهذا يقرون بان الله هو الخالق وحده لا شريك له. وانه هو الذي خلق السماوات والارض فالله يقيم عليهم الحجة ويعطيهم حججا عقلية تقوم بهم بها عليهم الحجة اروني الهتكم شركاؤكم الذين تدعونهم ماذا خلقوا من الارض؟ الجواب ما خلقوا شيء قال ام لهم شرك في السماوات هل الهتكم هذه وشركائكم لهم شراكة في السماوات يشاركونني في شيء الجواب لا. هم يقولون ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى. ما يملكون شيء قال ام اتيناهم كتابا فهم على بينة منه او جاءكم كتاب من عندي بجواز دعاء الاصنام وجواز الشرك وامركم بدعائها كل هذه الامور منتفية فالخالق هو الله وحده لا شريك له. لا خالق الا هو جل وعلا وهو ملك ملك ومالك السموات والارض لا يشاركه احد في ذلك وهو انزل الكتب بتحريم الشرك والتحذير منه والتنذير منه فاين لهم كتاب بان الله قال لهم اشركوا واتخذوها معي الهة ما عندهم فانقطعت حجتهم قال ام اتيناهم كتابا فهم على بينة منه يقول الطبري يقول اتيناهم كتابا فهو يأمرهم ان يشركوا بل ان يعد الظالمون بعظهم بعظا الا غرورا الظالمون الكافرون يعد بعضهم بعض الرؤوس يعدون الاتباع تبعونا كونوا معنا ويكون لنا كذا والغلبة لنا وسنفعل وسنفعل كل هذا وأد غرور وباطل يغرونهم ثم يفضون الى الاخرة ولا يغنون هؤلاء عنهم شيئا. فما يعد بعظهم بعظا الا غرورا يغرونهم به خداعا فالواجب الحذر وعدم الاستجابة لذلك ثم قال جل وعلا ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا ومعنى ان تزول لان لا تزولا ان الله يمسك السماوات والارض لان لا تزولا وقال بعض المفسرين ان يمسك هنا بمعنى يمنع ولا نحتاج الى تقدير فيكون معنى الاية ان الله جل وعلا يمنع السماوات والارض من الزوال من ان تزول فهو الذي يمسكها جل وعلا وكلا القولين حق فالله هو الذي يمسك السماء ان تقع على الارض ويمسك ايضا الارض ان تزول وتتحرك من مكانها وان تزول السماء من مكانها قال ولا ازالة ان امسكهما من احد من بعدي. ازالة زالت السماوات والارض ان هنا نافية ما امسكهما من احد من بعدي لو زالته وكأنك الله قد قدر ذلك لا يمكن ان يمسك احد الارض او يمسك السماء والله ما يستطيعون ان يفعلوا شيئا من ذلك وانما يفعل ذلك ربنا جل وعلا فهو المستحق ان قال جل وعلا ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا ولئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده الله جل وعلا يمسك السماوات لئلا تزول وان زالتا ما يستطيع احد ان يمسكهما لعظمهما ولعجز غيره سبحانه وتعالى عن ذلك لانه الاله الحق المعبود ومن كان قديرا يفعل ذلك فهو المستحق ان يعبد وحده لا شريك له. ثم قال انه كان حليما غفورا جل وعلا حليما على العباد يحلم عليهم ولا يعاجلهم بالعقوبة وغفور للذنوب لمن تاب اليه واناب ثم قال جل وعلا واقسموا بالله جهد ايمانهم اي اقسم الكفار كفار قريش والعرب كما يقول ابن كثير قال يخبر تعالى عن قريش والعرب انهم اقسموا بالله جهد ايمانهم قبل ارسال الرسول اليهم لان جاءهم نذير لا اهدى من احدى الامم اي من اي من جميع الامم الذين ارسل اليهم الرسل قاله الضحاك وغيره كقوله ان تقولوا انما انزل الكتاب على طائفتين من قبلنا. وان كنا عن دراستهم لغافلين او تقول لو انا انزل علينا الكتاب لكنا اهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهودا ورحمة فمن اظلم ممن كذب بايات الله وصدف عنها وكما قال وان كانوا ليقولون لو ان عندنا ذكرا من الاولين لكنا عباد الله المخلصين فكفروا به فسوف يعلمون يعني هؤلاء كفار قريش اقسموا بالله جهد ايمانهم وجهد اليمين اشد اليمين واغلظ اليمين يعني اقسموا وحلفوا ايمانا مغلظة وقد جاء عن بعض السلف ان جهد اليمين الحلف بالله وحده لا شريك له فاقسموا لان جاءهم نذير ينذرهم وهو النبي ليكونن اهدى من احدى الامم الامم الماضية اليهود والنصارى ليكن اهدى منهم لان اولئك كفروا بانبيائهم وما اتبعوا النذير ليكونن اهدى من احدى الامم فلما جاءهم نذير ما زادهم الا نفورا. لما جاءهم نبينا صلى الله عليه وسلم محمد بن عبدالله يدعوهم الحق ما زادهم مجيئه لهم الا نفورا وفرارا وتباعدا من الحق ثم قال جل وعلا استكبارا في الارض هذا بيان للنفور ما هو النفور الذي حصل منهم استكبارا في الارض اي عتوا وتكبرا وتجبرا وعدم ذل وخضوع للحق ومكر السيء ومكر السيء هو صدهم عن دين الله واذيتهم لاهله كما فعل كفار قريش بالنبي صلى الله عليه واله وسلم والله جل وعلا اخبر عنهم بذلك قال واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين فالصد عن دين الله وعدم الايمان ومحاربة اهل الدين واولياء الله هذا مكر لانه غير حقيقة يريدون ان يصدوا الناس ويردوهم الى الباطل. ويكتم عليهم الحق قال استكبارا في الارض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء الا باهليه ولا يحق اي لا يحيط لان الحوق هو الاحاطة لا يحق المكر السيء الا باهله. قال ابن كثير اي وما يعود وبال ذلك الا عليهم انفسهم دون غيرهم. ابدا المكر السيء لا يحق الا باهله فمن مكر ذنبه يرجع عليه قال جل وعلا فهل ينظرون الا سنة الاولين؟ فهل ينظرون؟ اي ينتظرون لانه يقال نظرا وانتظر بمعنى واحد فهل ينتظر فهل ينظرون؟ اي فهل ينتظر هؤلاء الكفار الا سنة الاولين وهي ان الله سبحانه وتعالى لما ارسل اليهم الرسل فكذبوهم اهلكهم هذي سنة الله فمن كذب الرسل فهو ينتظر العقوبة العاجلة من الله. سنة الله في الاولين والاخرين فهل ينظرون الا سنة الاولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا لن تجدي لسنة الله تبديل ما تتبدل سنة الله. ولا تجد ايضا لها تحويل ما ما يحول العذاب اذا نزل على قوم يحول الى اخرين فهو لازم نازل لازم لا محالة ثم قال جل وعلا او لم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وهذا ايضا استفهام انكار فلم يسيروا ويذهبوا ويذهبوا الى ديار من اهلكهم الله من عاد وثمود وقوم لوط لانهم كانوا يمرون عليها باسفارهم قريش خاصة قال اولم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم الامم المكذبة الكافرة كعاد وثمود ومدين وامثالهم وكان اولئك الامم السابقة وكانوا اشد منهم قوة كانوا اشد من قريش قوة ينحتون الجبال بيوتا قال وما كان الله ليعجزهم شيء. كانوا اشد منكم قوة فاهلكهم الله وابادهم اعتبروا وما كان الله ليعجزه من شيء ما كان شيء يمتنع عليه جل وعلا ولا يعجزه شيء في السماوات ولا في الارض انه كان عليما قديرا عليما بكل شيء قديرا على كل شيء. وانما امره اذا اراد شيئا يقول له كن فيكون. ثم قال ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك ظهرها من دابة والله لو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا من الاعمال والسيئات والمعاصي ما ترك على وجه الارض من دابة لا انس ولا جن ولا بهائم ولا لكنه يحلب جل وعلا. قال ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى. الى وقت مسمى. وهو القيامة. واجل كل انسان فاذا جاء اجلهم فان الله كان بعباده بصيرا. اذا جاء الاجل فالله بصير بهم. وسيجازي كل عامل بعمله. لانه يعلم اعمالهم واقوالهم وافعالهم واجالهم فسيجازي كل عامل بعمله ويخرج له كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم وعليك حسيبا وهذا يدل على ان الذنوب لا تقتصر على اهلها ولهذا جاء عن بعض السلف انه جاء عن بعض السلف عن عبد الله بن مسعود قال كاد الجعل ان يعذب في جحره بذنب ابن ادم ثم قرأ ولا يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة وقال سعيد بن جبير والسدي في قوله ما ترك على ظهرها من دابة اي لما سقاهم المطر فماتت جميع الدواب هذا دليل ايضا على رحمة الله يا اخوان. من الذي لا يخطئ من الذي ما يقع في الدم؟ كل بني ادم خطاء فلو كان الله جل وعلا يؤاخذ الناس بما كسبوا مباشرة لهلك ما ابقى على وجه الارض شيء من الدوام. الناس ودوابهم ايضا معهم لكنه يمهل ليتوب التائب ويرجع ولا يهمل جل وعلا ولهذا سيجازي وصف نفسه بانه بصير بذنوب عباده وباعمال عباده فز ايجازي كل عامل بعمله فهذه الايات المباركات العظيمة من اخر سورة فاطر تدل على ان الانسان عليه ان يعد العدة لما امامه والا يغتر بامهال الله له يعمل بعض الناس الذنوب يعيش عليها سنين وكانه يأمن بعد ذلك لا الله يمهل ولا يهمل سيأتي يوم ان لم تتب لكن الله جل وعلا حليم وايضا غفور رحيم. لو تاب العبد بعد مئة سنة توبة نصوحة تاب الله عليه وجبت هذه التوبة ما سبق ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله يقبل توبة احدكم ما لم يغرغر اي رحمة واعذار اكثر من هذا يا اخوان ولهذا الغلام اليهودي لما زاره النبي صلى الله عليه وسلم كان مريضا فقال له امن يهودي ابن يهودي فقال اشهد ان لا اله الا الله فشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة. والله اعلم