بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فاعرضوا فارسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين دواتي اكل خمط واثل جنتين ذواتي اكل خمط واثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي الا الكفور وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدر ينافيها السير سيروا فيها ليالي واياما آمنين فقالوا ربنا باعد بين اسفارنا وظلموا انفسهم فجعلناهم فجعلناهم احاديث ومزقناهم كل ممزق ان في ذلك لآيات لكل صبار شكور ولقد صدق عليهم ابليس ظنه فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين مؤمنين وما كان له عليهم من سلطان الا لنعلم من يؤمن بالاخرة الا لنعلم من يؤمن بالاخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض ولا في الارض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ولا تنفع الشفاعة عندهم الا لمن اذن له حتى اذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول الله جل وعلا في هذه الايات المباركات لقد كان لسبأ في مسكنهم اية جنتان بعد ان ذكر الله جل وعلا قصة سليمان وان الله سبحانه وتعالى سخر له الجن يعملون له ما يشاء وانه لما قضى الله عليه الموت ما دلهم على موته الا دابة الارض تأكل منسأته وهي الارظة التي كانت تأكل عصاه فقد مات وهو قائم متكئ على عصاه وبقي في قول كثير من المفسرين سنة كاملة والجن يعملون له وهم في العذاب الاليم لانهم كانوا مسخرين لسليمان وما علموا وذلك لحكمة عظيمة حتى تعلم الجن وتعلم الانس ايظا انهم لا يعلمون الغيب فلو كانوا يعلمون الغيب لعلموا بوفاة سليمان وقد بقي سنة كاملة متكئا على عصاه ولم يعلموا بذلك حتى اكلت الارض وهي دابة الارض منسأته اي عصاه ثم خر ساقطا عليه السلام ثم ذكر الله جل وعلا بعد ذلك قصة سبأ فقال لقد كان لسبإ في مسكنهم اية جنتان وشبأ اسم رجل يقال انه ابو العرب وقد جاء في ذلك حديث صحيح رواه الامام احمد ورواه ايضا الترمذي عن ابن عباس وعن غيره فحديث ابن عباس قال ابن عباس سمعت يقول ابن عباس ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن سبأ ما هو رجل رجل ام امرأة ام ارظ يعني ما هي سبأ هل هو رجل قالوا امرأة هل هي ارض ارض سبأ فقال صلى الله عليه واله وسلم بل هو رجل ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة وبالشام منهم اربعة فاما اليمنيون فمدح فمدحج وكندة والازد والاشعريون وانمار وحمير واما الشامية فلخم وجذام وعاملة وغسان اذا بين النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ان سبأ رجل وانه ولد له عشرة اولاد وكل ولد صار من نسله قبيلة كاملة وان ستة منهم بقوا في اليمن واربعة منهم خرجوا خارج اليمن وذكر ابن كثير في تعليقه على هذا الحديث ما يدل على ان تفرقهم هذا كان بعدما ارسل عليهم سيل العرم فقال اي بعدما ارسل عليهم سيل العرم منهم من اقام ببلادهم ومنهم من نزه عنها الى غيرها اذا سبأ الاصل انه رجل. ولهذا قال ابن كثير وهذا الحديث الذي ذكرناه رواه الامام احمد وقال عنه ابن كثير اسناده حسن وذكر طريقا اخرى وقال اسناده جيد وجود وحسن اسناده ابن عبدالبر وكذلك قال عنه الالباني حسن صحيح قال ابن كثير قال علماء النسب ومنهم محمد بن اسحاق اسمه سبأ عبده شمس ابنه يشجب ابن يعرب ابن قحطان يعني هذا اسمه ولا مانع ان يقال له سبأ ويقال له ايضا عبده شمس يمكن ان يكون له اسمان او احد احدهما اسم والاخر وصف كما قال الله عز وجل عن يعقوب سماه اسرائيل وهو يعقوب ايضا قال قال ابن كثير وانما سمي سبأ لانه اول من سبأ في العرب يعني هو اول من قتل غيره وشبابهم واخذهم يعني ظرب عليهم الرق هو اول من سبأ في العرب وكان يقال له الراش لان لانه اول من غنم من في الغزو فاعطى قومه فسمي الراش والعرب تسمي المال ريشا ورياشا يعني فقل له الراش لماذا؟ لانه اخذ مالا ووزعه على قومه قال وذكروا انه بشر برسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولهذا ذكر بعضهم ان سبأ كان مسلما وذكر ابن كثير وذكر ابن كثير جملة من الابيات التي تنسب اليه نكتفي ببعضها ما يختص بالنبي صلى الله عليه واله وسلم لان سبأ قال في شعره ويملك بعد قحطان بعد قحطان نبي ويملك بعد قحطان نبي تقي مخبت خير الانام وسمي احمد يا ليت اني اعمر بعد مبعثه بعامي فاعضده واحبوه بنصري بكل مدجج وبكل رام متى يظهر فكونوا ناصريه ومن يلقاه يبلغه سلامي من هنا قال بعضهم انه كان مسلما. الحاصل ان سبأ هذا رجل كان في اليمن وكان له عشرة من الولد فذكر الله عز وجل قصتهم ولهذا قوله جل وعلا قد كان لسبأ فيها لسبأ فيها قراءتان فمنهم من جعله مصروفا يعني منونا فقرأوا وهو وهي قراءة الجمهور لقد كان لسبإ وهذا على انه اسم رجل او اسم حي من الاحياء قرأ بعض القراء وهي قراءة ابن كثير وابن عمرو وابو عمرو لشبأ بالفتح على انه ممنوع من الصرف قالوا وهذا يدل على اسم القبيلة اذا كان غير مصروف وهو يدل على اسم القبيلة وقد والقراءتان صحيحتان ولا حرج على من قرأ في واحدة منهما لقد كان لسبأ اذا سبأ وذريتهم بعده ونسله الذين تسموا بهذا الاسم كان لهم قصة عجيبة ولهذا قال جل وعلا لقد كان لسبأ في مسكنهم ومعنا مسكنين يعني مساكنهم المساكن التي كانوا يسكنون فيها كان لهم اية وعلامة تدل على قدرة الله جل وعلا. ولهذا يقول ابن يقول ابن جرير الطبري لقد كان لي ولدي سبأ في مسكنهم علامة بينة وحجة واضحة على انه لا رب لهم الا الذي انعم عليه من انعم عليهم النعم التي كانوا فيها ثم قال جل وعلا جنتان وهذا تفسير تفسير للاية التي جعلها الله لقوم سبأ في مساكنهم والاماكن التي كانوا يسكنونها جعل لهم اية وعلامة دالة على انه لا اله الا الله بما انعم به عليهم من النعم ثم فسر هذه الاية فقال جنتان عن يمين وشمال ولهذا جنتان بدل من اية وهو تفسير ما هي هذه الاية انه جعل لهم جنتين بستانين عن يمين وعن شمال وذلك انه كان هناك واد كبير وكان يمر بين جبلين وانهم وضعوا سدا بين هذين الجبلين فارتفع الماء وعلى ثم عند ذلك زرعوا بستانين عظيمين عن يمين وعن شمال عني عن يمين القادم الى هذين الجبلين واحدة عن يمينه والاخرى عن شماله قال ابن جرير في تفسيره لهذه الاية قال جنتان عن يمين وشمال فانه يعني بستانان كانا بين جبلين عن يميني من اتاهما وشماله قال قتادة كانت جنتان بين جبلين فكانت المرأة تخرج في مكتلها على رأسها يعني المكتلة والزنبيل تخرج في مكتبها على رأسها فتمشي بين جبلين فيمتلئ مكتلها وما مست بيدها يعني كانت تمشي تحت هذه الجنات والمكتل على رأسها ولا تمد يدها لتقطف شيئا فان الثمار لكثرتها ونضجها تتساقط بالمقتل فيمتلي المكتل من غير ان تقطف بيدها وجاء في بعض الاثار انها كانت اذا خرجت وظعت المكتل على رأسها واشتغلت بمغزلها المغزلة الذي كانوا يغزلون به الصوف قديما ويجعلنا خيوطا يصنعون منه بيوت الشعر ونحوها فكانت تشتغل بمغزلها لكن تمشي وتمر من تحت هذه الثمار فتتساقط الثمار حتى يمتلئ هذا المكتل قال لقد كان لسبأ في مسكنهم اية جنتان عن يمين وشمال وقال ابن كثير وكان من امر السد انه كان الماء يأتيهم من بين جبلين وتجتمع اليه ايضا سيول امطارهم واوديتهم فعمد ملوكهم الاقادم فبنوا بينهما سدا عظيما محكما حتى ارتفع الماء وحكم على حافات دينك الجبلين يعني حكم او حكم علها بمعنى وعلا يعني وصار مستقرا وحكم على حافة ذيلك الجبلين فغرسوا الاشجار واستغلوا الثمار في غاية ما يكون من الكثرة والحسن كما ذكره غير واحد من السلف منهم قتادة ان المرأة كانت تمشي تحت الاشجار وعلى رأسها مكتن او زنبيل هو الذي تختلف فيه الثمار فيتساقط من الاشجار من ذلك ما يملؤه من غير ان تحتاج الى كلفة ولا قطاف لكثرته ونضجه واستوائه وكان هذا السد بمأرب بلدة بينها وبين صنعاء ثلاث مراحل ويعرف بسد مأرب ولا تزال مأرب تعرف بهذا الاسم الى يومنا هذا والسد كان فيها ثم قال وذكر اخرون انه لم يكن ببلدهم شيء من الذباب ولا البعوض ولا البراغيث ولا شيء من الهوام وذلك لاعتدال الهواء وصحة المزاج وعناية الله بهم ليوحدوه ويعبدوه كما قال تعالى لقد كان لسبأ في مسكنهم اية ثم فسرها بقوله جنتان عن يمين وشمال اي من ناحية الجبلين والبلدة بين ذلك كلوا من رزق ربكم واشكروا له كلوا من رزق ربكم لان الله سبحانه وتعالى خلق عباده وامرهم ما اخرج لهم الطيبات من الارزاق وامرهم بان يأكلوا من رزق الله الذي رزقهم اياه ثم قال واشكروا له فكلوا من رزقه واشكروه على ذلك والشكر يكون باللسان من يحمد العبد ربه ويشكره وكذلك يكون بافعاله وجوارحه وكذلك يكون بقلبه استشعر تذكر نعمة الله عليه الذي ادر له هذا الرزق ويسره له والا لو كان بقوته ما استطاع ان يحصل على هذا الرزق فمن الذي انزل الماء وانبت به الارض هو الله فهو الرزاق ذو القوة المتين قال ابن كثير واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ما تقدم من كلام ابن كثير انه لم يكن هي شيء من الذباب ولا البعوض هذا قالوه في تفسير بمعنى كونها بلدة طيبة وقالوا كانت هوائها في غاية الجمال كان هوائها طيبا وكانت فواكهها كثيرة وكانت ايضا خالية ليس فيها بعوض ولا براغيث ولا شيء من المنكدات فكانت هذه النعمة تستحق ان تشكر ولكنهم كفروا هذه النعمة هكذا ينبغي الانسان يتأمل بما هو فيه من النعم يسكن في بلد طيب الهواء طيب المعاش في امن وامان في رزق رغيد وحياة طيبة هذه تستحق منك ان تشكر الله عليها فهو الذي جعلها كذلك فمثلا هذه المدينة المباركة مدينة النبي صلى الله عليه وسلم كيف يجد الناس الان فيها الارزاق ورغد العيش وطيب الحياة مع انه في زمن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يمر عليه الشهر والشهران ما اخذ في بيته نار وكان يربط الحجر على بطنه صلى الله عليه وسلم من الجوع كان في قلة في الطعام وشدة والان ولله الحمد الانسان لا يدري ماذا يأكل ارغد الله عيش الناس مع الامن والطمأنينة هذه نعم تستحق ان تشكر يا عباد الله الله عز وجل يقص علينا نبأ من قبلنا لنتعظ ونعتبر ونأخذ من ذلك عبرة فهل رجعت قلبك وقفت عند هذه النعم التي انعم الله علينا بها وشكرت الله على ذلك بنطبك وعملت بجوارحك ما يدل على شكر هذه النعم وايضا عقد في قلبك وقام في قلبك واستشعر هذه النعم العظيمة قال ابن كثير رحمه الله قال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور اي غفور لكم ان استمررت ان استمررتم على التوحيد بقيت على التوحيد والسنة افراد الله بالعبادة قال وقوله فاعرضوا اي عن توحيد الله وعبادته وشكره على ما انعم به عليهم وعدلوا الى عبادة الشمس من اين قال ابن كثير هذا عبد هو عبد الشمس قال كما قال هدهد سليمان وجئتك من سبأ بنبأ يقين اني وجدت امرأة تملكهم واوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله هذا ما قاله ابن كثير وهذه فائدة استحضار النصوص لان القرآن يفسر بعضه بعضه ويبين بعضه بعضا قال وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون قال محمد ابن اسحاق عن وهب ابن منبه بعث الله اليهم ثلاثة عشر نبيا يعني اقام الله عليهم الحجة وارسل اليهم الرسل والانبياء ليبين له امر التوحيد ويحذره من الشرك والمعاصي ولكنهم صار امرهم الى كفر النعم والاشراك بالله جل وعلا فسلط الله عليهم ودمرهم قال وقوله فارسلنا عليهم سيل العرم فاعرضوا اي عن عبادتنا وعن توحيدنا وافرادنا بالعبادة وعن شكر نعمنا فارسلنا عليهم سيل العرم وسيل العرم اختلف المفسرون اختلافا كثيرا ما المراد بالعرم فقال بعضهم العرم اسم للوادي وقال بعضهم العرم وصف للماء فان السيل اذا كان قويا شديدا يسمى علما قال بعضهم العلم هو الجرذ الجرذان الذي نقب سدهم فكان سببا في خرابه وقيل الحريم يطلق على مجرد الماء وكل ذلك محتمل الله اعلم لكن لئلا من اظهر ما يقال ان سيل العري من المراد به السيل الشديد القوي لانه كسر السد ومن حجارة ودمر الجنتين دمر المباني التي مر بها فهو سيل عليم قوي شديد آآ قال فارسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين جنتين ذواتي اكل خمط واثن وشيء من سدر قليل الله جل وعلا اعطاهم جنتين وصف تلك البلدة التي فيها هاتان الجنتان ويقيمون فيها بانها بلدة طيبة فلما عصوا واعرظوا عن امر الله ازال الله عنهم النعم لان المعاصي تزيل النعم ولهذا قال وبدلناهم بجنتيهم. جنتين العظيمتين اللتين فيهما من انواع الثمار والزروع والخيرات بدلناهم بدلا من ذلك جنتين يعني مكان الجنتين السابقتين فالجنتان السابقتان اجتاحهما الماء وانكسر السد فنضب الماء وقل فنبت في هاتين الجنتين بدل تلك الجنتين السابقتين نبت فيهما خمط والخمط قالوا هو شجر الاراك والاهل معروف لا يزال يعرف بهذا الاسم وقال بعضهم هو الطرفان نبات الطرفاء والسدر ايضا معروف ولكنه سدر قليل فتبدلت تلك الجنة تلك الجنتان اللتان كانتا مملوءتان بالثمار والخيرات واصناف الفواكه والمشتهيات بجنتين ذواتي اكل صاحبتي اكل ما هو هذا الاكل اكلوا خمط ولهذا اكل فيها قراءتان قرأ ابو عمرو ذوات اكلي خمط باظافة الاكل الى الخمط وقرأ الباقون بالتنوين ذوات اكل خمط والفرق بين القراءتين يعني يسير وهن على انه اضافة الاكل الخمض جعل الاكل هو ثمرة الخمض والخمط هو شجر الاراك ويقول الاراك ينبت ثمر يسمى البرير يؤكل لكنه ليس يعني بجيد المذاق لكنه يؤكل فقالوا اكلوا اكل خمط يعني ثمرة اراكن واذل وشيء من سدر قليل والذين قرأوها بالتنوين جعلوا الاكل جعلوا الخمض والاثل والسدر بيان لهذا الاكل هذا المأكول او الاكل الذي جعله الله لهم في هاتين الجنتين. فلا يجدون في هاتين الجنتين شيء يؤكل الا ما كان من الاراك او الاثل او السدر وتبدلت تلك الخيرات وتلك النعم وذهبت فالحاصل ان الخمض اكثر المفسرين على انه الاراك والاراك معروف الذي منها السواك باشجار ظخمة كبيرة ويظهر لها عناقيد وفي اول ما تثمر عناقيد تؤكل تسمى البرير تؤكل يعني تؤكل لكن ليست هي لذيذة المذاق ليست هي من من احسن ما يؤكل وكذلك الاثل الاثل نثمر ايضا احيانا شيئا يختلف لونه عن بقية لون الشجرة نفسها وكذلك السدر فيه النبق وفيه بعض الاشياء لكن هذا شيء قليل والسدر ايضا قليل وهذا الذي فيه ليس بكثير الحاصل ان المعاصي بدلت هذه النعم الكثيرة بهذا الشيء القليل محل العبرة من ذلك الحذر من كفر النعم وقبل ذلك الحذر من معصية الله واسخاطه والاعراض عن امره يستقيم الانسان على دين على دينه فيفعلوا ما يستطيع من الاوامر ويجتنب النواهي ويشكر الله جل وعلا بلسانه وبجوارحه وبقلبه قال وبدلناهم بجنتين بجنتيهم جنتين ذواتي اكل ذواتي يعني صاحبتي فيها كذا وكذا فيها اكل لكن هذا الاكل اما انه من الخمط هو الاراك او الاثل او من السدر وهو ايضا قليل لان السدر احسنوا من النوعين السابقين قال ذلك جزيناهم بما كفروا. ذلك يعني هذا الذي فعلناه بهم وهو تبديل جنتيهم بجنتين ذوات اكل خمط واثن وشيء من سدر قليل ذلك بما كفروا بسبب كفرهم الباء هنا للسببية بسبب كفرهم وما مصدرية يجوز ان تكون موصولة ففعلنا بهم ما فعلنا بسبب كفرهم وهل نجازي الا الكفور المعنى وهل نعاقب الا الكفور قال ابن كثير اي عاقبناهم بكفرهم. قال مجاهد ولا يعاقب الا الكفور. وقال الحسن البصري صدق الله العظيم لا يعاقب بمثل فعله الا الكفور وقال طاووس لا يناقش الا الكفور وهذا هو معنى الاية هل نجازي الا الكفور يعني نعاقب لان الشكور يتجاوز الله عز وجل عن سيئاته ويكفر عنه سيئاته لكن الكفور والكافر لا لا يتجاوز عن شيء من سيئاته. نعم يجازى بالسيئة يجازى السيئة بسيئة مثلها ولكن لا تكفر عنه سيئاته كما في حق المؤمنين الذين قال الله جل وعلا عنهم ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه يكفر عنكم سيئاتكم هذا فضل الله على اهل الايمان قال وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وجعلنا بينهم يعني في مساكنهم التي يسكنون فيها وهي في مأرب اليمن جعلنا بينه وبين القرى التي باركنا فيها اختلف المفسرون في القرى التي بارك الله فيها فقال اكثر المفسرين على انها قرى الشام قرى الشام لانه قد جاء ما يدل على ذلك سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله وبعضهم خصه قال القرى التي بارك الله فيها هي هي بيت المقدس خاصة وقال بعضهم وهذا مروي عن ابن عباس وكذلك الذي قبله قال هي قرى عربية بين المدينة والشام فالحاصل ان الله عز وجل من تمام نعمه على سبأ انه جعل لهم جنتين عظيمتين وايضا جعل بينهم وبين القرى التي بارك فيها والشام جعل بينها وبينها قرى ظاهرة قرى بينة فاذا سافر احدهم ما يموت جوعا بل القرى كثيرة حتى عدب بعض المفسرين كان بينه وبين الشام اربعة الاف وسبع مئة قرية فكانت قرى ظاهرة ايضا يعني فيها حياة وفيها اكل وشرب وسوق ونحو ذلك فكانوا في عيشهم في اليمن يعيشون عيشة رغيدة واذا سافروا الى الشام او الى غيرها ايضا لا يجدون كلفة لماذا؟ لان القرى كثيرة ومنتشرة فلا يجدون جوعا ولا يخشون من الهلاك من الظمأ قال ابن كثير قرى ظاهرة اي بينة واضحة قال بعضهم متواصلة يعرفها المسافرون يقيلون في واحدة ويبيتون في اخرى ولهذا قال وقدرنا فيها السير اي جعلناها بحسب ما يحتاج المسافرون اليه وقال ابن جرير الطبري وقدرنا فيها السير وجعلنا بين قراهم والقرى التي باركنا فيها سيرا مقدرا من منزل الى منزل وقرية الى قرية لا ينزلون الا في قرية ولا يغدون الا في قرية وقال القرطبي اي جعلنا السير بين قراهم وبين القرى التي باركنا فيها سيرا مقدرا من منزل الى منزل ومن قرية الى قرية اي جعلنا بين كل قريتين نصف نصف يوم حتى يكون المقيل في قرية والمبيت في قرية اخرى وانما يبالغ الانسان في السير لعدم الزاد والماء اذا ايضا هذه من نعم الله عليهم انه جعل بينهم وبين القرى التي بارك فيها وهي الشام على قول كثير من المسلمين او المفسرين او بيت المقدس لانهم يحتاجون ان يسافروا الى هناك ولهذا قريش كانوا في مكة اعطاهم الله رحلتين رحلة الشتاء ورحلة الصيف فرحلة الشتاء الى اليمن لانها حارة ورحلة الصيف الى الشام لانها باردة فكان الناس يحتاجون تقلهم من مكانهم الى مكان اخر يجلب الطعام الانواع التي ليست عندهم وكانوا يسافرون وجعل الله لهم في طريقهم قرى ظاهرة بينة متواصلة فما يجدون مشقة السفر كما هي حالنا الان ولله الحمد الان ما نجد مشقة السفر اذا سافرنا الانسان يسافر بالسيارة لكن قديما وليس قديما قديما يعني قبل السيارات كنس يسافرون على الاقدام او على الابل كم يأخذ مثلا من المدينة الى مكة النبي صلى الله عليه وسلم وهو على الابل الوداع مكث تسعة ايام بلياليها مشقة عظيمة وهذه صحراء واسعة وجبال لكن الله سبحانه وتعالى جعل القرى كثيرة وظاهرة ومتواصلة يسافرون مهما سافروا يجدون الطعام يجدون الشراب وقدر السير وجعل القرى ليست متباعدة بل يسيرون من قرية ويصلون منتصف النهار الى القرية الاخرى مثلا و يسيرون من منتصف النهار ويجدون عند المساء قرية اخرى يبيتون فيها ويأكلون ويشربون هذه من نعم الله عز وجل وهذه ولله الحمد نحن نجدها الان تخرج من بيتك قد يكون الطعام موجود في البيت لكنك استعجلت وخرجت ما ما تشكو ولا تحمل هم الاكل والطعام موجود في كل مكان وقد تجد احسن مما تجده في بيتك هذه نعمة يا اخوان تستحق ان تشكر الحمد لله على ذلك. والله نعم عظيمة ما اعطانا الله عز وجل اياها من اجل اعمالنا ولا من اجل نسبنا لكنها منحة ومنة وفضل منه تفضل به وجاد به علينا سبحانه وتعالى فله الحمد وله الشكر على ذلك قال سيروا فيها ليالي واياما امنين يسير فيها ليالي وايام دليل انها مدة طويلة ثم قال امنين وهذه حال يصيروا فيها يعني كانوا يسيرون بالليل والنهار يقولون لانه لا يخشون عدوا ونسبوا عن ولا جوعا ولا ظمأ قال بعض اهل السنين ولا ظلمة فكانوا يسيرون بالليل والنهار وايضا هم امنون لان امنين هنا حال والحال انكم امنين لانه قد يسير الانسان وقد ويكون ويكون يعني الامن قد اختل اذا اختل الامن قد مات ما تصير ولا خمسة كيلو لو بين قرية وقرية خمسة كيلو قد يعترض لك معترض في هذا الطريق ويقتلك او يسلب ما معك لا قال امين بحالة كونكم امنين كل الامن قال جل وعلا فقالوا ربنا قال ابن كثير واياما امنين اي الامن حاصل لهم في سيرهم ليلا ونهارا ثم قال جل وعلا مخبرا عنهم فقالوا ربنا باعد بين اسفارنا وظلموا انفسهم فجعلناهم احاديثا ومزقناهم كل ممزق ان في ذلك لايات لكل صبار شكور قال ابن كثير قالوا ربنا باعد بين اسفارنا وظلموا انفسهم وقرأ اخرون بعد بين اسفالنا ويشير بذلك الى القراءتين فباعد فيها قراءتان قرأ ابن كثير وابو عمرو بعد بالتشديد وقرأ الباقون بالالف باعد بين اسفارنا قال وذلك انهم بطروا بطروا هذه النعمة كما قاله ابن عباس ومجاهد والحسن وغير واحد واحب مفاوز ومهامة يحتاجون في قطعها الى الزاد والرواحل والسير في الحرور والمخاوف سبحان الله قليل من عباده الشكوى بطروا هذه النعمة ارادوا غيره قال وهذا كما قال بنو اسرائيل كما طلب بنو اسرائيل من موسى ان يخرج لهم مما تنبت الارض من بقلها وفومها وعدسها وبصرها مع انهم كانوا في عيش رغيد في من وسلوى وما يشتهون من مآكل ومشارب وملابس مرتفعة ولهذا قال لهم اتستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير اهبطوا مصر فان لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباء بغضب من الله وقال تعالى وكم اهلكنا من قرية بطرت معيشتها بعض الناس تجد مع النعم هذي يمل هذه النعم نعم عظيمة ولذيذة وطيب يقول يا اخي سئمنا كل يوم كل يوم هالطعام الفلاني اتق الله يا رجل من الناس من لا يجد هذا الطعام لا تفطر واشكروا النعمة ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ما عاب طعاما قط ان اعجبه الطعام اكل منه وان لم يعجبه لم يعبه وامتنع من الاكل قال وقال تعالى وظرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بانعم الله احذروا من كفر النعمة فاذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون بسبب صنعهم ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم اذا استمريت او استمر العباد على شكر الله على نعمه لا يغير الله عليهم لكن اذا غيروا الطاعة بالمعصية والشكر بالكفر غير الله عليه وقال في حق هؤلاء وظلموا انفسهم اي بكفرهم فجعلناهم احاديث هؤلاء ما اعجبهم ما هم فيه من من العيش الرغيد و من عدم المشقة في السفر فطلبوا وسألوا الله ان يبعد او يباعد بين اسفارهم وظلموا انفسهم فوق ذلك ظلموا انفسهم وظلم النفس هو وظعها في غير موظعها والعمل بالمعاصي ظلم للنفس لانه وضع الله في غير طاعة الله جل وعلا قال فجعلناهم احاديث فجعلناهم احاديث. يقول ابن كثير اي جعلناهم حديثا للناس وسمرا يتحدثون به من خبرهم وكيف مكر الله بهم وفرق شملهم بعد الاجتماع والالفة والعيش الهنيء تفرقوا في البلاد ها هنا وها هنا ولهذا تقول العرب في القوم اذا تفرقوا تفرقوا ايدي سبأ او تفرقوا ايادي سبأ وتفرقوا شذر مذر فلما كفروا هذه النعمة او هذه النعم غير الله عليهم ومزقهم كلهم مزق فرقهم كما يمزق الكتاب او القرطاس او او الثوب ونحوه وذلك انهم كانوا مجتمعون في اليمن في مكان واحد فمزقهم الله وهم ابناء رجل واحد فمنهم من ذهب الى الشام ومنهم من ذهب الى عمان منهم من جاء الى المدينة كما سيأتي في الاثر فرقهم الله وقطعهم ومزقهم بسبب ذنوبهم وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم العبد ما يحل به من المصائب بسبب ذنوبه وفعله فالزم طاعة الله وامتنع من معاصيه وابشر بكل خير وان اعرظت وعصيت فلا تلومن الا نفسك قال جل وعلا ومزقناهم كل ممزق ان في ذلك يعني ما اصابهم في ذلك يعني فيما اصاب القوم تبديل الخير الذي كانوا فيه الى العقوبة الاجتماعي الى التفرق بذلك لايات علامات بينات واضحات لكن لمن بكل صبار شكور لكل صبار شكور لان الصبار الصبار هو الذي يصبر عند المصائب والشكور الذي يشكر عند النعم هذه الامور ما يتعظ فيها الا ذلك الرجل الصابر الشاكر وهو المؤمن ولهذا جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء الا كان خيرا. ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ظراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك لاحد الا للمؤمن وعند احمد سند جيد عن سعد بن ابي وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عجبت من قضاء الله للمؤمن ان اصابه خير حمد ربه وشكر وان اصابته مصيبة حمد ربه وصبر يؤجر المؤمن في كل شيء حتى في اللقمة يرفعها الى في امرأته اي نعم ومن ذلك يؤجر على الصبر وعلى الشكر في كل شيء اذا الصبار هو الذي يصبر عند المصائب ولهذا قال ابن كثير ان في ذلك لعبرة ودلالة لكل لكل عبد صبار على المصائب شكور على النعم وقد اورد ابن كثير رحمه الله بعض الاخبار الاسرائيلية او بعض الاخبار التي وردت في قصة سبأ نذكر بعضا منها فاورد ما رواه ابن ابي حاتم عن عكرم وساق بسنده عن عكرمة يحدث بحديث اهل سبأ قال لقد كان لسبإ في مسكنهم اية جنتان الى قوله فارسلنا عليهم سيل العرم وكانت فيهم كهنة وكانت الشياطين يسترقون السمع فاخبروا الكهنة بشيء من اخبار السماء فكان فيهم رجل كاهن شريف كثير المال وانه خبر ان زوال امرهم قد دنا وان العذاب قد اظلهم فلم يدري كيف يصنع وهذا الامر لا يستنكر ان الكاهن قد يسمع الكلمة سيأتي الحديث من الشياطين تسترق السمع ويركب بعضهم فوق بعض ويصعدون في السماء فيوحيي الله بامره ما يشاء فتكون الملائكة تتكلم بشيء من امر الله فاحيانا تسمعها الجن تسمع هذه الكلمة فتخطفها فيلقيها الاعلى الى الاسفل وربما ادركهم الشياب وقضى عليهم قبل ان يبلغوا هذه الكلمة وربما بلغ الكاهن بلغوها الى وليهم من الانس الى الكاهن فيخلط مع هذه الكلمة كلمة الحق مائة كذبة ويصدق من اجل كلمة حق واحدة وهو يكذب معها مئة كذبة فالحاصل انه يعني هذا الاثر يقول ان يعني انه خبر ان زوال امرهم قد دنا وان العذاب قد اظلهم فلم يدري كيف يصنع لانه كان له مال كثير من عقار فقال لي لرجل من بنيه وهو اعزهم اخواله اذا كان غدا وامرتك بامر فلا تفعل وان انتهرتك فانتهرني فاذا تناولتك فالطمني فقال يا ابتي لا تفعلي ان هذا امر عظيم وامر شديد يعني حيلة يقول اذا امرتك لا تفعل اذا انت عرضتك رد علي وانهرني اذا تناولتك بالظرب الطمني لطما فقال يا بني قد حدث امر لا بد منه فلم يزل به حتى وافاه على ذلك يعني وافق الابن اباه على ذلك فلما اصبحوا واجتمع الناس قال يا بني يا بني افعل كذا وكذا فابى فانتهره ابوه فاجابه ترى ابوه فنهر اباه فلم يزل ذلك بينهما حتى تناوله ابوه فوثب على ابيه فلطمه فقال ابني يلطمني علي بالشفرة بالسكين بالموس علي بالشفرة قالوا وما تصنع بالشفرة؟ قال اذبحه قالوا تذبح ابنك الطمه او اسمع ما بدا لك قال فابى قال فارسلوا الى اخواله فاعلموهم ذلك فجاء اخواله فقالوا خذ منا ما بدا لك فابى الا ان يذبحه قالوا فلتموتن قبل ان تذبحه قال فاذا كان الحديث هكذا فاني لا ارى ان اقيم ببلد بحال يحال بيني وبين ولدي فيه اشتروا مني دوري واشتروا مني ارضي فلم يزل حتى باع دوره واراضيه وعقاره فلما صار الثمن في يده واحرزه قال اي قوم ان العذاب قد اظلكم وزوال امركم قد دنا فمن اراد منكم دارا جديدا وجملا شديدا وسفرا بعيدا فليلحق بعمان ومن اراد منكم الخمر والخمير والعصر والعصير وكلمة قال ابراهيم لم احفظها فليلحق ببصرى والصلاة طبعا بالشام في سوريا ومن اراد الراسخات في الوحل والمطعمات في المحل المقيمات في الضحل فليلحق بيثرب ذات نخل الى المدينة فاطاعه قومه فخرج اهل عمان الى اهل عمان الى عمان. وخرجت غسان الى بصرى وخرجت الاوس والخزرج وبنو عثمان الى يثرب ذات النخل قالوا فاتوا على بطن مر فقال بنو عثمان هذا مكان صالح لا نبغي به بدلا فاقاموا به فسموا لذلك خزاعة خزعوا من قومه لانهم انخزعوا من اصحابهم واستقامت الاوس والخزرج حتى نزلوا المدينة وتوجه اهل عمان الى عمان وتوجهت غسان الى بصرى. يحتمل انها عمان او عمان لكن الامر يعني فيه سعة قال هذا اثر قال ابن كثير هذا اثر غريب عجيب وهذا الكاهن هو عمرو بن عامر احد رؤساء اليمن وكبراء سبأ وكهانهم قد ذكر محمد بن اسحاق بن يسار في اول السيرة ما كان من امر عمرو بن عامر الذي كان اول الذي كان اول من خرج من بلاد اليمن بسبب استشعاره بارسال العرم فقال وكان سبب خروج عمرو بن عامر من اليمن فيما حدثني ابو زيد الانصاري انه رأى جرذا يحفر في سد مأرب الذي كان يحبس عنهم الماء فيصرفونه فيصرفونه حيث شاؤوا من ارضهم فعلم انه لا بقاء للسد على ذلك فاعتزم على النقلة عن اليمن فكاد قومه فامر اصغر اولاده اذا اغلظ له ولطمه ان يقوم اليه فيلطمه ففعل ابنه ما امره فقال عمر لا اقيم ببلد لطم وجهه فيها اصغر ولد وعرض امواله فقال اشراف من اشراف اليمن اغتنموا غضبة عمرو فاشتروا منه امواله وانتقل في ولده وولد ولده وقالت الازدوا لا نتخلف عن عمرو ابن عامر فباعوا اموالهم وخرجوا معه فساروا حتى اه نزلوا بلاد عك مجتازين يرتادون البلدان فحاربتهم عك وكانت في حربهم سجالا فبذلك يقول عباس بن مرداس السلمي وعك بن عدنان الذي وعك بن عدنان الذين تغلبوا في غسان حتى طردوا كل حتى طردوا كل مطرد وهذا البيت من قصيدة الله قال ثم ارتحلوا عنها فتفرقوا في البلاد فنزل ال جفنة بن عمر ابن عامر الشام ونزلت الاوس والخزرج يثرب ونزلت خزاعة مرا ونزلت اسد السراة السراة ونزل ونزلت ازدو عمان عمان ثم ارسل الله على السد السيل فهدمه وفي ذلك انزل الله عز وجل هذه الايات وذكر ايضا عن ابن اسحاق انه قال سمعت من بعض اهل العلم يقول انما قالت هذه المقالة الطريفة امرأة عمرو بن عامر وكانت كاهنة فرأت في كهانتها ذلك فالله اعلم اي ذلك كان وقال سعيد عن قتادة عن الشعبي اما غسان فلحقوا بالشام واما النصارى فلحقوا بيثرب واما خزاعة فلحقوا بتهامة واما الاسد فلحقوا بعمان او نعم فمزقهم الله كل ممزق رواه ابن ابي حاتم وابن جرير يعني القصد ان هذه الاثار وان كنا لا نجزم بصحتها لكنها متمشية مع دلالة الاية ان الله مزق اهل اليمن وسبأ كل ممزق وفرقهم كل تفريق بسبب عصيانهم ومعصيتهم لله سبحانه وتعالى آآ ثم قال جل وعلا ولقد صدق عليهم ابليس ظنه فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين صدق عليهم ابليس ظنه صدق فيها قراءة صدق وصدق فقرأ عاصم وحمزة ولقد صدق عليهم ابليس ظنه بالتشديد. وقرأ الباقون بالتخفيف والمعنى كما قال ابن جرير الطبري قال ان ابليس قد صدق قد صدق على كفرة بني ادم في ظنه وصدق عليهم ظنه الذي ظن حين قال ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين قال ذلك عدو الله ظنا منه انه يفعل ذلك لانه ظنا منه انه انه يفعل ذلك لا علما فصار ذلك حقا باتباعهم اياه وابليس قد اقسم بين يدي الله ان يحتنك ان الذرية كلهم فالحاصل انهم صدقا وصدق عليهم ظنوا ابليس انهم يتركون الحق ويتبعون ابليس وقال ابن كثير لما ذكر قصة لما ذكر تعالى قصة سبأ وما كان من امرهم في اتباعهم الهوى والشيطان اخبر عنهم وعن امثالهم ممن اتبع ابليس والهوى وخالف الرشاد والهدى فقال ولقد صدق عليهم ابليس ظنه قال ابن عباس وغيره هذه الاية كقوله تعالى اخبارا عن ابليس حين امتنع من السجود لادم ثم قال ارأيتك هذا الذي كرمت علي لان اخرتني الى يوم القيامة لاحتنكن ذريته الا قليلا ثم قال لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين ولا اتوا بهذا كثيرة وقال الحسن البصري لما اهبط الله ادم من الجنة ومعه حواء هبط ابليس فرحا بما اصاب منهما وقال اذا اصبتم من الابوين ما اصبت فالذرية اضعف واضعف وكان ذلك ظنا من ابليس فانزل الله عز وجل ولقد صدق عليهم ابليس ظنه فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين فقال عند ذلك ابليس لا افارق ابن ادم ما دام فيه الروح اعده وامنيه واخدعه فقال الله وعزتي لا احجب عنه التوبة الم يغرغر بالموت ولا يدعوني الا اجبته ولا يسألني الا اعطيته ولا يستغفرني الا غفرت له رواه ابن ابي حاتم اذا هذا معنى تصديق ابليس طنه عليهم لانهم اتبعوه الا فريقا من المؤمنين فساروا في ركبي ولهذا كما في الحديث الصحيح ان الله جل وعلا في البخاري وغيره يقول يوم القيامة لادم يا ادم اخرج بعث النار من ذريتك فيخرج من كل الف تسع مئة وتسعة وتسعين او لا يصدق عليهم ابليس ظنه واتبعوه الا فريقا من المؤمنين. قال جل وعلا ولقد صدق عليهم ابليس ظنه فاتبعوه فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين. فريق قليل وهم المؤمنون بان المؤمنين لا سلطان له عليهم قال الحسن البصري في قوله وما كان له عليهم من سلطان الا لنعلم من يؤمن بالاخرة ممن ممن هو منها في شك. وربك على كل شيء حفيظ وما كان له عليهم من سلطان. قال الحسن البصري والله ما ضربهم بعصا ولا اكرههم على شيء وما كان الا غرور الا غرورا واماني دعاهم اليها فاجابوه وقال ابن عباس وما كان له عليهم من سلطان قال حجة وقال القرطبي في تفسيره اي لم لم يقهرهم ابليس على الكفر وانما كان منه الدعاء والتزيين ما كان له علي من سلطان من حجة يعني بالقوة اجعلهم يتبعونه او يقهرهم او يضربهم او يأخذهم بالحديد والنار لا كان اماني وغرور وتسويل الا يلوموا فليلوموا انفسهم قال وما كان له عليهم من سلطان الا لنعلم من يؤمن بالاخرة الا لنعلم الله جل وعلا يعلم كل شيء وقد احاط بكل شيء علما قبل خلق الخلق علم ما الخلق عاملون لكن مثل هذه الايات احسن ما يقال فيها ما ذكره الامين الشنقيطي رحمه الله باضواء البيان انه الا لعمل الا لنعلم علما يترتب عليه الثواب والعقاب وقال بعضهم الا لنعلم علم مشاهدة يترتب عليه الثواب والعقاب لان الشيء المقدور له اربع مراتب اولا علم الله ثانيا كتابته علم الله كل شيء وكتبه ثم شاءه ثم اوجده المرتبة الرابعة الخلق والايجاد هذه هذه المرتبة الا لنعلم ذلك علما يترتب عليه الثواب والعقاب لان الله من كمال عدله ما يعذب العباد على علمه الازلي السابق لا يخلقهم ويوجدهم ويأمرهم وينهاهم ويقيم عليهم الحجة الحجة فاذا عصوا واعرضوا عن الحق عاقبهم هذا هو معناه الا لنعلم علما يترتب عليه الثواب والعقاب وهو علم مشاهدة اي عند وجودهم وطاعتهم للشيطان وعدم معصيتهم له قال الا لنعلم من يؤمن بالاخرة ممن هو منها في شك. فالذين يؤمنون بالاخرة لا يطيعون الشيطان ويعصونه ويؤمنون بالله ويعملون الاعمال الصالحة ومن هو منها في شك وهم الكفار هؤلاء يتبعون الشيطان لانهم في شك من البعث او منكرون انهم سيبعثون قال وربك على كل شيء حفيظ قد حفظ كل شيء جل وعلا فهو حفظ يحفظ عليهم اعمالهم بل احفظ على الجميع اعمالهم فيجازي كل امر بعمله من كان كافرا شاكا في الاخرة معرضا ومن كان مستجيبا مطيعا قد حفظ الله عليهم اعمالهم وسيجازيه وسيجازيهم عليها ثم قال جل وعلا قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض وما لهم فيهما من شرك وما لهم منهم من ظهير هذه الاية التي قال عنها بعض اهل العلم هذه الاية تقطع عروق الشرك من القلب هذه الاية تقطع عروق الشرك من القلب لماذا لانه جل وعلا قال ادعوا الذين زعمتم من دون الله ثم بين ان الذين يدعون من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات والارض ليس لهم ملك في السماوات والارض ولا وما لهم فيهما من شرك ولا يشاركون الله في ملكه وما له منهم من ظهير ولا يعينونه على ادارة ملكه وتصريفه وقيد الرابعة وهي الشفاعة فلا ولا تنفع الشفاعة عنده الا لمن اذن له فمن كان لا يملك ولا يشارك المالك في ملكه ولا يعين المالك في ملكه ماذا يملك ما يملك شيء فهذه الاية تقطع عروق الشرك من القلب كيف يدعى من دون الله؟ من لا يملك شيئا ولا يشارك في الملك وليس له معين يعينه كيف يدعى من دون الله جعل الشفاعة مقيدة بعد ان يأذن الله جل وعلا لمن يشاء ويرضى قال قل ادعوا الذين زعمتم قال زعمتم لانه زعم كذب الله لا شريك له جل وعلا من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السواء الذرة قلنا بعض المفسرين قال هي الهباء الذي يتطاير في المكان المظلم اذا طلعت عليه الشمس ذرات صغيرة. بل قل ذرة تراب ما يملكون ولاء هذه الذرة ما يملكون شيء وما لهم فيهما من شرك ما يشاركون ليسوا شركاء لله في ملك السماوات والارض وما له منهم من ظهير اي معين ولا تنفع الشفاعة عنده جل وعلا الا لمن اذن له كما قال من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه نعم طيب اذا ما دام ان هذه الامور نزعت منهم فكان الواجب ان يعبدوا الله وحده لا شريك له الذي له الملك ولا يعينه احد ولا يشاركه احد ولا يشفع عنده احد الا باذنه جل وعلا فهو الواجب ان تصرف له العبادة وان يخص بالعبادة ولا يصرف شيء منها لغيره لانهم لا يستحقون ذلك لا من قريب ولا من بعيد قال جل وعلا حتى اذا فزع عن قلوبهم وزع عن قلوبهم يعني زال الفزع عنها وذلك ان الله اذا تكلم بالوحي فزعت الملائكة فزع اهل السماوات وغشي عليهم كما سنذكر الحديث في البخاري وغيره لعظمته جل وعلا فهؤلاء الملائكة وهم اقوى خلق الله الذي منهم جبريل له ست مئة جناح ورفع قرى اللوطية حتى السماء ثم اكبها على الارض اذا تكلم الله بالوحي اصابه الغشي وغشي عليه لعظمة الله جل وعلا وكماله وهؤلاء اقوى المخلوقات الملائكة هذه حالهم مع ربهم فكيف يعبد من هذه حاله كيف يعبد مع الله من هذه حاله الواجب ان يعبد الله وحده لا شريك له. قال حتى اذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم يكون اول من يفيق جبريل كما شئت في الحديث فيسألونه ماذا قال ربك؟ فيقول قال الحق لانه جل وعلا لا يقول الا الحق فتقول الملائكة؟ قال الحق ويسأل كل ملائكة من ورائهم فيقولون قالوا الحق وهو العلي الكبير لانه لا يقول الا الحق جل وعلا وهو العلي دليل على علو الله جل وعلا وانه في جهة جهة العلو وهو الكبير الذي لا اكبر منه ولهذا يقول الانسان في الصلاة الله اكبر يعني اكبر من كل شيء فهذا هو الذي يستحق ان يعبد وتصرف العبادة له ولا يجوز بحال من الاحوال ان يشرك معه غيره وقد اورد ابن كثير حديثا في الصحيحين كالتفسير لهذه الاية وهما رواه البخاري عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا قظى الله الامر في السماء ظربت الملائكة باجنحتها خظعانا لقوله خاضعين كأنه كأنه سلسلة على صفوان كان الصوت المسموع مثل السلسلة الحديدة على الصفوان على الحجر الاملس والمراد هنا ليس تشبيه صوت الله بصوت المخلوق بصوت هذه الحديدة لا ولهذا قال العلماء شبه السمع بالسمع لا المسموع بالمسموع والمراد انه شبه ما يحصل لهم من الفزع عندما يسمعون كلامه بفزع من يسمع سلسلة على صفوان قال كانه سلسلة على صفوان فاذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا للذي قال للذي قاله اي الله الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعظه فوق بعظ وصف سفيان بيده فحرفها وبدد او فحرفها وبدد بين اصابعه يعني حرفه ما جعلها هكذا جعلها منحرفة وفرق بين اصابعه فيسمع الكلمة فيلقيها الى من تحته ثم يلقيها الاخر الى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر. والله اعلم وصلى الله وسلم