بعد صلاة العشاء بعون الله وتوفيقه نستأنف جلسة اسبوعية تتدارس فيها علم اصول الفقه هذا العلم الشريف الجليل الاتي ذكر التنويه به وشأنه ومكانته بين العلوم الشرعية. فالمقام مقام شكر على فضل وتوفيق الهي جليل. ان ساقنا واياكم لمثل هذا المجلس في رحاب بيته الحرام. فنعم عظيمة والله لي ولكم وتوفيق الهي كبير يحيط بي وبكم ان جعلنا الله تعالى جالسين في حلقة من حلق العلم في رحاب بيته الحرام. فاذا كانت الامة كافة تقصد بيت الله العتيق. ويأتون اليه من كل فج عميق يشهدون عبادة يتقربون بها الى ربهم. فهم بين طائف ومصل وراكع وساجد ومعتمر الحاج وذاكر لله تعالى وقارئ للقرآن فليس كل اولئك باوفر حظا منا معشر طلبة العلم. يا اما الانسانة ركبهم في حلق العلم يتدارسون كتاب الله ويتلونه ويتعلمون احكامه. وهم بين ذاك وذاك يتقلبون بين افاني الشريعة وعلومها يتدارسون المسائل ويتعلمون الاحكام ويتفقهون في دين الله. فطلب العلم ليس مجرد عمل عظيم يؤجر عليه صاحبه. ولا هو فقط بالمرتبة العظيمة التي اعلى الله عز وجل مكانة اهلها بين العباد. وخصهم بشرف عظيم يوم التلات لكنه فوق ذلك كله عبادة. طلب العلم في ذاته عبادة يؤجر بها صاحبها. ولذلك قلت ان الطائفين والقائمين والركع السجود القاصدين بيت الله الحرام. ليسوا باوفر حظا منا لاجل التعبد لله اذا كان احدنا ها هنا حول سارية يتحلق قد ثنى ركبته واخرج قلمه وورقته وجلس يحفظ من المسائل ويسطر من الفوائد ويقرأ من المتون وكتب العلم ما كتب الله له ليس بالخاسر اجرا وصاحبه حول الكعبة يطوف في والاخر يسعى بين الصفا والمروة. لان كل اولئك متعبد لله وطالب العلم واحد من اولاه. وعندما نذكر وبهذا فانه يحسن بها ان نتذكر وان نذكر بان هذه نعمة ان يسر الله عز وجل لنا اسبابها وفتح لنا ابوابها ما كل من جلس ها هنا ابتغى اجرا حصله ولا من قصد امرا عظيما بكل سهولة ما له ايضا وتيسرت له اسبابه لكنه بفضل وتوفيق من الله عز وجل. فحري بنا ان نستشعر مثل هذا المعنى وان نتلمحه. وان احدنا اذ جلس في مثل هذه المجالس وغيرها يبتغي علما ويطلب منزلة رفيعة في منازل العلم فانه عابد لله. ولذلك صح عن الامام الزهري محمد ابن شهاب رحمه الله صح عنه قوله ما عبد الله بمثل الفقه في الدين. يقصد ان التفقه في الدين في ذاته عبادة. بل بالغ رحمه الله حتى قال ما عبد الله بمثل الفقه في الدين. يقصد رحمه الله انه لن يطرب عبد عبادة ارفع درجة ولا اسمى مكانة من التفقه فيها دين الله. ليس يقصد ان التفقه في دين الله اسمى مرتبة من الصلاة والصيام والزكاة وسائر احكام الاسلام واركانه. لكنه يريد ان تلك وهي اركان الاسلام وامهاته العظام واركانه الكبار لا يؤتى صاحبها اليها لا يتأتى لصاحبها الوصول اليها الا بالعلم فاذا كانت احكام الشريعة واصولها وفروعها والعبادات التي يقرب بها العبد الى ربه متوقفة على حصول العلم بها وتمام العناية بها فان ذلك يدل على شرف عظيم للعلم ومسلكه واصحابه. ليس المقام ايها الكرام مقام تعداد لفضل العلم وشرفه وما اعد الله لاهله لكنه مقام تذكير بنعمة يسر الله عز وجل لنا اسبابها وفتح لنا سبلها وابوابها واختارنا من بين كثير كثير من عباده ممن تنقضي اوقاتهم وتتصرف اعمارهم على غير هدى ولا سبيل علم ولا دراية ولا قربة من الله عز وجل اشعروا رعاكم الله ان احدكم اذ جلس ها هنا مثل هذا المجلس ان اناسا كثيرين حرموا مثل هذه الخيرات والبركات قصدا او بغير قصد لكن هذه اللحظة التي تجلس فيها في رحاب بيت الله. وفي اروقة المسجد الحرام تطلب علما وتتعلم مسألة وتتفقه حكما من احكام الشريعة تذكر في الوقت ذاته ان عددا كبيرا من الخليقة لا زال تاعها. اما يضيع حظ نفسه بفوات واجب او بمواقعة معصية او في محرم. فمن الذي عصمك وتركهم؟ ومن الذي سلك بك هذا السبيل وحرمهم؟ فهو فضل الهي وتوفيق رباني يستدعي منا استشعارا وحمدا وثناء متتابعا فلله الحمد اولا واخرا وظاهرا وباطنا له الحمد سبحانه وتعالى على ما اولى من النعم واسبغ من الفضائل والخيرات والكرم. ونسأله سبحانه ان يوزعنا شكر هذه النعم التي انعم بها علينا وعلى والدينا او ان نعمل صالحا يرضاه ربنا وان يدخلنا برحمته في عباده الصالحين. والمقام ذاته احبتي الكرام هو مقام شكر وثناء دعاء لمن كان سببا في مثل ترتيب هذه اللقاءات ومجالس العلم وحلقه في رحاب بيت الله الحرام. ادارة التوجيه والارشاد في المسجد الحرام مشكورة وهي تمثل الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي. وعلى رأسها معالي الشيخ الدكتور الاستاذ عبد الرحمن السديس وفقه الله الذي ما فتئ يحرك مجالس العلم ويسعى في هذا الحراك العلمي الشرعي المبارك في اروقة المسجد الحرام. ويذكر وفقه الله في كل عام ان هذا توجه شديد من ولاة امر هذه البلاد احياء لرسالة المسجد الحرام واعادة لدوره المناضل ورسالته التي عبق بها عبر التاريخ الطويل ليكون منارة فما اراد الله جل جلاله لما قال ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فحقكم لقاصد للبيت الحرام طائفا او مصليا او معتمرا او حاجا او عابرا حقه ان يجد من حظه من الهداية فيما قصده وما اتى اليه من اجله وما الهدى الا المبحوث في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وذلك كله علم الشريعة الذي يتناثر اهله وحملته ورافع لوائه بين اروقة وسوار هذا المسجد الحرام المبارك المقام مقام شكر وحث ودعاء لمن كان سببا في مثل هذا ان يعظم الله لهم الاجر والثواب وان يكتب لهم عظيم ما قصدوا في في مثل هذه المطالب العظيمة. هذا المجلس مستفتح للقاءات متتابعة بعون الله. اثرت ان يكون لقاؤه الاول الذي بين ايديكم الليلة متناولا لرؤوس من المسائل التي نستفتك بها اضاءات تريد لنا الضرب فيما نستقبل من لقاءات ونرتسم فيها معالم نمشي بها على خطى واضحة. هذا المجلس يراد له ان يكون مجلسا يتدارس فيه الجالسون مسائل علم اصول الفقه وسيأتي عما قريب ذكر حقيقته وماهيته وما يتعلق به. لكن هذا العلم اعني اصول الفقه من العلوم التي يعز على اصحابها تحصيلها الا بجهد وتعب ومشقة. وذلك لسمو مكانته وارتفاعه بين رتب علوم الشريعة نظرا الى في مقصده وعظيم مأخذه بين ادلة الشريعة واحكامها. لكننا اذ نتحدث عن هذا يجدر بنا الا نتجاوز نقطة هي من الاهمية بمكان وحري بنا ان تكون اولى النقاط التي نستفتح بها الحديث في مثل هذا المجلس الذي نسأل الله تعالى ان يعمه بالبركة والفضل والاجر والجزاء النقطة التي لا يجوز تجاوزها ولا اغفالها ولا البدء بقبلها بغيرها قبلها والحديث عن ما يجب ان ان حيله في صدورنا من مقاصد وان نستصحبه من نوايا فان هذا مطلب عظيم يجب التأكيد عليه والتواصي به. فلان كان احد ما ابتغى علما وطلب مسألة وحصل شيئا كثيرا افاض الله به عليه فانه قبل ذلك كله يجدر به ان يتفقد نيته التي بعثته على وقصده الذي اخرجه من بيته حتى جاء فجلس. والنية التي احتوشته حتى رضي ان يقعد هذا المقعد ويفرغ نفسه من الشواغل هذا مطلب تفقد النوايا والبحث عما في القلوب من المقاصد والامور التي جعلت احدنا يأتي الليلة هذا المكان ويجلس هذا المجلس وقد عزم ان يستمر او يتتابع فيجب تفقد هذا والعناية به ورحم الله البخاري حين استفتح صحيحه بالحديث العظيم انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى فكانت سنة سلفية ماضية في التذكير بهذا الاصل العظيم. وان يبحث احدنا فيما داخل اضلاع صدره من قصد بكل عمل يتوجه اليه. فكلما عظم العمل وارتفعت مكانته وعظم قدره وجب ان يحصل صاحبها من صفاء النية وخلوص المقصد بقدر ذلك العمل عظمة وجلالة ومكانة. دل على كذلك حديث الامام مسلم في صحيحه رحمه الله لما ذكر عليه الصلاة والسلام اول من تسعر بهم النار فذكر انهم ثلاثة اصناف اجارنا الله واياكم فذكر منهم القارئ للقرآن والمجاهد والمتصدق بماله. فلما يؤتى بصاحب القرآن ويؤمر بحسابه وعقابه فيقول يا رب قرأت فيك القرآن. فيقال كذبت انما قرأت ليقال عنك قارئ. ويقال للمجاهد كذبت انما قاتلت ليقال عنك تجاري ويقال للمتصدق كذبت انما انفقت ليقال عنك جواد فيؤمر بهم فيسحبون على وجوههم في النار. تأملوا معي لفظ الحديث الذي ذكر فيه عليه الصلاة والسلام ان هؤلاء الثلاثة ليسوا من اهل النار فحسب. ولا ممن يدخلونها ويصلون سعيرها فحسب. بل قال هم اول من تسعر بهم النار. فالاولية ها هنا محل توقف ونظر. ان يكونوا من اوائل من يدخل جهنم اجارنا الله واياكم ثم جعلهم وقودا لها وحطبا لها فتسعر على اجسادهم نار جهنم. ولو نظرت الى ما اقترفوه وعظيم ما اتوه فليس بدرجة الفواحش والكبائر والاثام التي ينغمس فيها اربابها. اين اهل الزنا؟ واين اهل الكبائر؟ اين ارباب الربا؟ واين اصحاب العقوق وان اكلت الحرام واين الظلمة؟ هؤلاء ذكر لهم من عظيم العذاب واليم العقاب ما كثر في النصوص الشرعية. لكن الذي اوقفك حقيقة ان يكون هؤلاء الذين وقفوا على ثلاثة من ابواب الخير والعبادة والاجر. لكن المقاصد لما خالفت عظيم العمل ولم يحظى صاحبها بصفاء النية والاخلاص لله لم يكن جزاؤه خسارة الثواب فقط ولم يكن عقابه الحرمان من الاجر الذي يترتب على ذلك العمل فقط. ولم يكن عقابه ايضا العذاب الذي يعاقب به كل من عصى الله اتى بابا واتى مسألة من غير بابها فقط لكنه ارتقى درجات حتى بلغ ان يكونوا اول من تسعر بهم النار. فالذي يجب على طلبة العلم ان يقفوا مليا امام مثل هذا الحديث. وان الذي قرأ القرآن والذي جاهد والذي تصدق وقد ابوابا عظيمة في الدين. الجهاد هو ذروة سنام الاسلام. الصدقة التي تطفئ غضب الرب. ويربيها الله عز وجل لصاحبها كما يربي احدكم خلوه ويستظل بظل صدقته يوم القيامة وقراءة القرآن وما اعد الله لاهله من الدرجات العلى والمكانة الرفيعة والارتقاء في درجات الجنان ولهم من الفضل والمكانة والاجر ما ليس لغيره من اهل الاسلام. هذه الابواب العظيمة على شرف مقدارها وعظيم مكانتها لما اتاها اصحابها من غير ابوابها. فطلب العلم ليرتفع على الناس وقرأ القرآن ليفخر به بين الناس. وتصدق لينال ثناء الناس وجاهد لينال محمدة بين الناس. كل اولئك خسروا اعمالهم فانقلبت سوءا. وشاهدنا من هذا كله ان العمل العظيم كلما ارتفعت مكانته وان العبادة كلما ارتقت درجتها في اعمال الاسلام مرتبة عظيمة كان خطر فقدان الاخلاص فيها اعظم كلما كانت العبادة اعظم مكانة واشرف منزلة كان ثواب فكان عقاب فقدان الاخلاص فيه اعظم من غيره العمل كلما عظمت مكانته عظم ثوابه. وعظم جزاؤه وتضاعف صاحبه في الاجر والمثوبة عند الله. فاذا ابتغاه من غير كان كالمستخف بحرمات الله. وكالمتساهل بشعائر الله الذي لا يلقي لها بالا فيأتي بابا عظيما في قراءة القرآن فيجعله لغير الله ويأتي بابا عظيما كالصدقة فيجعلها لغير الله. ويأتي بابا عظيما كالجهاد فيجعله لغير الله. فكان عقابهم ما مر ذكره في الحديث يؤكد علينا ان طلب العلم الذي تضافرت الادلة على شرفه ومكانته ومنزلته وما اعد الله لاهله انه حقيقة على اهله ان يكونوا اعظم الناس تفقدا لنواياهم. واحظى الناس بتحقيق الاخلاص لله في العمل الذي هم بصدد تحصيله طلب العلم نتحدث عنه جملة ونحن نتحدث عن مجلسنا هذا الذي اكرمنا الله بالاجتماع في رحاب بيته الحرام. احدنا قصد هذا المجلس واتاه وفرغ نفسه وتهيأ له وعزم على ان يستفيد في كل مجلس يحضر فيه ويحصل فيه فائدة ومسألة. معنى معنى تفقد النوايا وتحصيل الاخلاص امران اثنان في الجملة. اولهما ان يحظى بتصفية قصده من كل امر لا يراد به وجه الله فلا يريد بذلك محمدة ولا ثناء ولا سمعة ولا ليقال عنه طالب علم ولا ليلتقي برفقته فيجلسون هذا المجلس فينظر بعضهم بعض ويحسد في انظارهم طالب علم يتأبط كتابه ويحضر ويمسك بقلمه ولا يزال حريصا يسأل ويجيب. كل هذا من سمات طلبة العلم لكن ان يتحول ذلك الى قصد يجعل صاحبه يحرص على الطلب والاتيان والمجيء والسؤال والجواب من اجل البروز والظهور ذلك بين الاقران وان يحمده الناس على ذلك هذا شيء من فقدان الاخلاص. فاول معنيين تحصيل الاخلاص وتفقد النوايا هو تصفيتها وهو تنقيتها من الشوائب وعدم دخول شيء من الحظوظ الدنيوية لا رياء ولا سمعة ولا طلب محمدة ولا شهادة ولا شيء من الحظوظ التي امتهنها اصحابه لما اهانوا العلم فلم يقصدوه من بابه العظيم. طلب العلم كان ولا يزال شرفا وتاجا على رؤوس اصحابه يقصدونه لارتفاع المكانة والدرجة وما اعد الله لاهله. اطلب العلم خالصا لوجه الله تمل ما رتب الله من الاجر ثواب لاهل العلم ومما رتبه الله لاهل العلم علو المكانة وشرف الدرجة ورفعة المنزلة في الدنيا قبل الاخرة. اخلص نيتك لله طلبك بعلم وتحصيلك اياه يرفعك الله نجما في سماء العالمين بين الناس. غير ما يكون لك في الدار الاخرة من الرفعة والدرجة والمكانة العالية ومهما ابتغيت رفعة بطريق انت تقصده بقدميك. تطلب العلم وتحصل الشهادات وتحفظ المتون ليقال عنك في مجالس طلبة العلم فلان كذا وفلان كذا ويذكرك الناس وتكون معلوما مشهورا بين طلبة العلم وفي اوساطهم. واحرصوا على ابراز ذاتك واظهار اسمك في كل محفل ومجلس ومقعد علم لتذكر بين الناس. جرب ما قدر الله لك ذلك. ستكون اخسر الناس بما قصدته من العلو والدرجة فتكون خاسرا منطفئا مخبوءا لا يدري عنك احد. فالمقصود ان الرفعة التي يطردها اهل العلم انما يحصلونها بما يكتبه الله لهم من علو ومكانة ورفعة قدر. لكن ان يقصد صاحب العلم بعلمه رفعة القدر فهذا لم يعد طلب العلم عنده في حقه لم يعد تاجا يلبسه فوق رأسه بل غدا نعالا ينتعله في رجليه اكرمكم الله ليحقق به ما ويصلوا به الى الدنيء من المطالب والمراتب التي يربأ اهل العلم عن الوقوع في مثلها. اما الامر الاخر العظيم من الذي نقصده بالاخلاص وتصحيح النوايا وتصفية المقاصد واستحضار هذا المعنى الكبير فهو ان يستحضر احدنا في هذا السبيل هو طلب العلم الفضائل والاجور وما رتب الشرع على مثل هذا العمل من الاجر والثواب والجزاء. فهذا جزء مما المقاصد ويصحح الاخلاص يحققه في قلوب اصحابه. وهذا يقال في كل عبادة في الصلاة والصيام وقراءة القرآن والذكر والصدقة وطلب العلم واحد من هذه الابواب مما يفقده كثير من ارباب العمل الصالح مع اخلاصهم وعدم دخول الرياء في اعمالهم مما يفقدونه انهم لا يحضرون كثيرا من مآخذ الثواب والترغيب والجزاء وما ذكر في فضائل العمل الذي هم بصدده. فترى صاحب القرآن مثلا يحفظ القرآن الحلقات ويغشى المجالس ويأتي المساجد ويثني ركبتيه ويكتب في ارباب القاصدين للمساجد والمرابطين في الحلقات ومن شهد المجالس انه مع استمراء من العمل وادمانه ينقلب عنده الى شيء من العادة. ثم يفقد كثيرا من استحضار ما رتب على ذلك من الثواب والاجر ينسى انه يجلس في حلقة من حلق القرآن في بيت من بيوت الله تحفه الملائكة وتنزل السكينة وتغشاه الرحمة ويذكره الله في من يغفل ايضا ان كل اية جلس يقرأها تسجل له بعدد حروفها حسنات. والحسنة بعشر امثالها. فلا يحصي كم يقوم من مقعده ذلك وقد جلس نصف ساعة او ساعة او اكثر ليس يحصي كم سجل في صحيفته من الحسنات. ولو قدر ان تكون شيئا محوسا يجمعه في اكياس لما استطاع ما حملها بعد الانصراف؟ قل مثل ذلك في طلب العلم. وما كتب الله لاربابه وما اعده لاصحابه وما رفع له من الدرجة والمكانة العالية الرفيعة هذا جزء يحتاج طلبة العلم الى استحضاره. ولربما ارتقى بعضنا في طلب العلم فتجاوز مسألة ذكر فضائل طلب العلم. وتحصيله وما جاءت النصوص الشرعية بفضله ومكانته لكنه يحتاج دوما الى التذكير والتذاكر. وان يتذكر شرف العلم وفضله ومكانته. لان ذلك مما يكمل له نيته ويحصر به تمام مقصده فهو يطرد عنه الملل ويبعد عنه الشيطان ويجدد له النشاط ويبعث عنده تجديد الاخلاص تحصيل كل فضل من الفضائل. جرب ان تخرج من دارك او تتجه من مكانك الى حلقة من حلق العين. ويقودك ملء شعورك بانك تشهد مجلسا يرفعك الله به منزلة. وانك تحظر عملا وتؤدي عبادة هي من اشرف العبادات واحبها الى الله. وانك تغدو في سبيل الله حتى ترجع من طلبك للعلم وانك بذلك تنال اجر المجاهدين في سبيل الله بطلبك للعلم وتحصيله. وانك بذلك ايضا يبلغ الله بك مرتبة كن عالية ويرتقي بك الى من ارفع الله درجتهم واعلى مكانتهم يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات. وتدخل في من فاخر الله بهم في كتابه واعلى درجتهم واعلى منزلتهم هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ من استحضر طالب العلم في كل مرة يتوجه فيها الى مجلس علم او يفتح كتابا يقرأه او يذاكر مسألة حصلها او يحفظ متنا يدرسه كلما استحضر في كل مجلس في كل يوم في كل دخول وخروج وتستحضر الفضائل تجدد عنده النشاط وارتفعت الهمة وتحقق الاخلاص وابتعد عنه وطردت عنه الشآمة والملل ولا يزال متتابعا في الخطى بتوفيق الله حتى يتم الله له ما يريد من قصده في تحصيل العلم وطلبه ثم حديثنا عن هذا الامر الكبير طلب العلم وتحصيله يتحقق في مراتب ثلاثة بحسب تحصيل الفائدة التي يحصلها طالب العلم فادناها مرتبة ان يحصل طالب العلم بطلبه للعلم خروجه من الجهل واداءه للعبادة لربه على بصيرة. العبادة التي خلقنا من اجلها معشر العباد. وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. خلقنا للعبادة فوظيفتك في الحياة عبادة الله تاجرا كنت او طبيبا او فلاحا او مزارعا او رب اسرة عالما او جاهلا اميا او مثقفا ايا كنت في الحياة عبد الله خلقك الله لعبادته هذه وظيفتك الاساس. يبقى ان تمارس مهنة ما في الحياة ترتزق بها وتكتسب حلالا وتتأكد منها انت واولادك هذه مسألة اخرى تعيش حياتك على اي نحو تراه ملائما لك واوفق لظروفك هذه مسألة ثانوية لكن الا نغفل عن القصد كبير وهو انه خلقنا الله لعبادته. فاذا ادى العبد حق العبادة الواجبة عليه لله سبحانه وتعالى فليعيش حياته بعدك ما يشاء لكن العبادة وهي المقصود الاعظم من ايجادنا معشر العباد ومن خلقنا في هذه الحياة انما يصل اليها العباد عن طريق العلم فلن يعبد الله الذي ما شرع ولا يوصل الى مرضاة الله الا بالطريق الذي سلك لنا سبيلا. ولن تفتح الجنة ابوابها الا بالطريق الموصل اليها. فالعبادة صلاة كانت او صياما او معاملة فحياتنا كلها وهي عبادة لا تؤدى الا على طريق بينة ولا يؤدى مفهوم العبادة فيها صحيح الا عن علم وبصيرة فهذا يؤكد لك شرف العلم الذي نحتاجه. فادنى درجات العلم في تحصيله هو خروج احدنا من الجهل. الا يخطئ في عبادة بربه الا ينحرف في مساره الطويل الى الله عز وجل وهو المقصود بالوصول الى الجنة. فالانحراف سببه الجهل وعدم الدراية والخطأ في ثنائيات الطريق فينحرف يمنة ويسرة. فيأتي العلم ليحقق لصاحبه البقاء في المسار الصحيح. هذه ادنى درجات العلم من حيث الفائدة وارتفاع الجهل عن صاحبه وعبادته لربه على بصيرة. فاذا ارتقى مرتبة اخرى وصل الى درجة ارفع من هذه واشرف فانه يحصن من العلم ليس القدر الذي تصح به عبادته فقط. بل يزيد على ذلك من مسائل العلم ما يقربه الى الله ما يرقق قلبه ما يعرفه بربه ما يزرع الخشية في فؤاده ما يجعله قريبا من الله مسارعا الى الخيرات سباقا الى الصالحات. ثم لا يزال يستقي من مسائل العلم ما هو ليس ليس بحاجة اليه اليوم لكنه قد يحتاج اليه. فاذا احتاج اليه وجد نفسه عالما بالمسألة عارفا باحكامها. كرجل ما سافر قط فيقول انا لا احتاج الى دراسة احكام السفر وما يتعلق بالمسافر وعشت حياتي ولا زلت حبيس البيت لا اتجاوز المسجد والبيت وما بينهما. فمثل هذا اذا اراد ان يتفقه ان يتعلم احكام المسافر وما يترتب عليه في صيامه وفي صلاته وفي في طهوره وما بين ذلك من مسائل والاحكام فانه قدر متعلق بما زاد عن حاجته في عبادته لربه. لكنه سيحصل قدرا من مسائل ما تحتاج اليها وجدها حاضرا فهو ارفع درجة من الجاهل الذي ما فقه ولا تعلم فاذا وقع في المسألة احتار وبحث سأل وربما بادر وتجرأ وتسرع فاخطأ في العبادة واتى بها على غير وجهها. ولا شك ان هذا ارفع درجة من الاول اما الدرجة الثالثة فطلاب العلم وحملته ورافع رايته ومن ندبوا انفسهم لطلب العلم وتحصيله. ومن كان سمتهم في هذه الحياة ووظيفتهم وطريقهم الذي اختاروه وسلكوه ويسر الله لهم اسبابه وطلب العلم. فلا يعرف الا بطلب العلم ولا يصنف الا في عداد طلاب العلم ولا يشرف بين الناس الا انه طالب علم. فمثل هؤلاء يحملون من مسائل العلم ويتفقهون في الشريعة. ويستجمعون من المسائل ما فوق حاجتهم باضعاف مضاعفة لكنهم يتفقهون لامور عدة اولها شرف العيد في ذاته وما اعد الله لاصحابه ثانيها انهم قبول لله عز وجل بهذا العلم ثالثها انهم يرغبون بعلمهم هذا الذي يتوسعون في تحصيله ان يكونوا بل ضلال خير وان يكونوا منارة هدى في الامة فيسألهم الناس اذا جهلوا ويهتدون بهم اذا احتاروا ويفزعون بهم عند الظلمات الجهل وعدم فكان ارباب العلم ولا يزالون نجوم الامة في سمائها المظلمة. بهم يهتدي الناس في الظلمات وبهم يسيرون بنور العلم قبيح الهدى فهم حملة الهداية بل يكفيهم شرفا انهم ورثة الانبياء وخلفاء الرسالة. هذه الوراثة العظيمة وراثة النبوة وخلافة الرسل لا تؤتى بوحي لان الوحي انقطع بانقطاع حياة النبي صلى الله عليه وسلم لكنه مستمر ما استمر اهل العلم في تحصيل العلم. فان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا العلم. فحملة العلم ورثة انبياء وذاك اسمى المراتب واشفى المناصب ولا شك. صح في الاثر عن ابي هريرة رضي الله عنه انه اتى السوق ذات يوم عشية بعد العصر. فوجده يبيعون ويشترون وفي صخب الاسواق كما هو المعتاد. فندبهم وصاحبهم وقال انتم ها هنا تشتغلون في التجارة والصف والبيع والشراء. وميراث النبي صلى الله عليه وسلم وتركته تقسم في المسجد يقصد المسجد النبوي. فهرع اصحاب السوق واقفلوا الدكاكين وانطلقوا يحفون الخطى باتجاه المسجد يبحثون عن تركة رسول الله عليه الصلاة والسلام. ولا يدرون اهي انية ام ملابس ام دنانير او دراهم؟ وقد قال لهم ان تركة رسول الله عليه الصلاة والسلام توزع في المسجد فانطلقوا مسرعين فما رأوا شيئا وانما رأوا حلق علم ومجالس قرآن فاستغربوا وسألوه رضي الله عنه الشركة التي قصدت وما نرى شيئا فقال ها هي تركة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا العلم الذي ينكر ويدرس ويتحلق اصحابه حول المجالس هو ميراث محمد صلى الله عليه وسلم واستشهد رضي الله عنه بالحديث فان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا العلم فمن اخذه اخذ بنواصل واذا فقهنا ايها الاحبة الكرام ان مراتب العلم من حيث تحصيله ثلاثة فان درجات العلم الشرعي في المراتب هي ايضا تنقسم الى الى درجات بحسب ما يحتاج اليه المسلم وما ينبني في العلم بعضه على بعض. فكلما كان العلم اصلا في هذه كانت الحاجة اليه اعظم. وكلما كانت المسألة تحصل بادنى سبيل ولا تتجاوز معرفة حكمها بالدليل. كانت اقل رتبة من غيرها. اعني بذلك ان اصول مسائل العلم اهم بالتحصيل واولى بالدراية لانها اصول للعلم بمعنى ان ادراك ما فوقها من اهل العلم متوقف على تحصيلها وان الشرف في الدرجات العالية المرتفعة متوقف على تحصيل المراتب الاولى ولا شك فمراتب العلم وهي درجات يسبقها الاصول اصول العلوم الشرعية. لانها لانها بناء متتابع تبنى عليه فروع الشريعة الباسقة المتناثرة وظلالها الوارثة وطالب العلم وهو حريص على طلب العلم وتحصيله ينفر به ان يلتفت بعناية الى هذا المأخذ. اقول هذا الكلام لاننا بصدد الحديث عن العلم الذي آآ اتفقنا على الجلوس له ومدارسة مسائله واحكامه وهو علم اصول الفقه فانه من اصول العلوم وهو كسره كما تلاحظون. اصول الفقه. والمقصود بذلك ان الفقه الذي هو معرفة الحل والحرام وما اوجب الله تعالى علينا معشر العباد وما حرم وما ندبنا اليه وما كرهه وما اباحه كل ذلك هو مسائل وعلم الفقه جملة فالفقه لاي كتاب تفتحه وابتدأ من الطهارة والصلاة والصيام والزكاة والحج مرورا بالمعاملات من بيع وشراء ورهن واجارة وكفالة وحوالة ومساعات ومزارعة وربا وصرف ونحو ذلك فانتهاء باحكام الاسرة من نكاح وصلاة ونفقات ورضاع ثم الجنايات والحدود والقصاص. هذه كلها يدرس فيها الفقيه وطالب العلم في كل باب من الابواب مثلا ما الذي يجوز فيه؟ وما الذي لا يجوز؟ ما شروطه؟ وما الذي يصبح العبادة فاسد؟ ومتى تصح؟ وما الاركان الواجب تحصيلها؟ ما الدليل على صحة هذا العمل ما الدليل على اشتراط هذا الشر؟ هذا هو الفقه. ولا شك انه من اشرف العلوم واجلها لانه يبصرك بما يريد الله منك ايها العبد وبماذا تعبد الله في كل باب من ابواب الحياة؟ فاذا كان الفقه بهذه المرتبة العظيمة وهو اشبه بالخارطة التي تقودك الى الجنة واشبه بالطريق الذي تسلكه حتى تعرف على اي خطوة تضع قدميك في هذه الحياة. هذا الفقه الذي هو خارطة حياة باختصار شديد خارطة حياة لكل المسلمين. فمتى احتراج اي خطوة يخطوها نظرا في الفقه فعرف اين يضع قدميه لينأى بنفسه يعني الحرام ويتجافى عن المكروهات والمحظورات وليبتعد عن حدود الله خشية غشيانها والوقوع فيها وليأتي الامر الذي احب الله ويسابق الى الخيرات. هذا الفقه على شرفه وعظيم منزلته ومكانته. يحتاج الى علم يبنى عليه واصول له. وهو ما اصطلح العلماء باصول الفقه. اذا الاصول الفقه هو العلم الذي يبنى عليه الفقه. اذا هو هو بوابة وقاعدة واساس صاحبها يحصل فيها اصولا وقواعد واسس يبنى عليها الفقه. فلن يكون الفقيه فقيها ولم يوصف بالفقه حتى يعرف حقيقة اصول هذا العلم. وكيف بني؟ فاذا اتقن الاصول واسس القواعد فارتفع عنده البناء وحصل مسائل الفقه صح ان يسمى فقهيا. ليس كل من فقه مسألة وتعلمها سمي فقيها ما اقل الناس علما ومن يوصفون بالجهالة وعدم الدراية وارباب الحرف ومن لا شأن لهم في طلب العلم وتحصيله. هو يعرف ان وضوء شرط لصحة الصلاة ويعرف ان الصلاة تفتتح بتكبيرة الاحرام وتنتهي بالتسليم. ويعرف ان كل ركعة في الصلاة فيها ركوع وسجودان ولم يسمى احد بذلك فقيها وهو يعرف هذه الاحكام. فمجرد معرفة هذه الاحكام وهي من الفقه لا تجعل صاحبها فقيها. بل اعلى ذلك درجة. من عرف الحكم وعرف الدليل وصار يربط بين الحكم ودليل يقول هذا جائز والدليل كذا. ويقول ان مما ينقض الوضوء مس الذكر والدليل كذا. فاذا اجابه المخالف عرف الجواب. هذا الذي شم رائحة الفقه ارتقى قليلا عن مجرد الحكم ومعرفته بالدليل وعرف وجه الاستنباط ثم استدل واستطاع ان يصل الى كيف دل الحديث او دلت الاية على ان هذا الحكم واجب او حرام هذا هو هو الفقه الذي حصله صاحبه بناء على معرفة لاصول هذا العلم. وقبل ذكر المسائل التي نحتاج الى تعريفها في في سياق هذا العلم اصول الفقه وكيف يحصله صاحبه؟ دعونا نبدأ نضرب امثلة بما يحصله صاحبه في علم الاصول. وما الذي يتوخاه في دراسته؟ وما الذي يسير فيه حتى يرتقي الى اعلى درجاته؟ علم اصول الفقه ايها الكرام ان لم يرتكز على شيئين عظيمين. الاول منهما هو البحث في الادلة الشرعية. وتعلمها ومعرفتها ومعرفة انواعها ونقصد بالأدلة كل مصدر جعلته الشريعة مكانا لأخذ الدليل منه وبناء الحكم عليه فنحن معشر المسلمين في عباداتنا ومعاملاتنا لسنا امة لسنا امة عقلانية ولا تعبدوا الله الله عز وجل عن انقطاع وعدم صلة بالشريعة نحن امة شرعية. نرتبط بدين الله امة ربانية كما اوجبه الله لنا وما حرمه وما شرعه نسير وفقه. حياتنا كلها حياتنا كلها وليست ابواب العبادات فقط. حياتنا كلها يجب ان تكون وفق هذا المنهاج الكبير انه ليس شيء من حياتنا خارج عن ديننا معشر العباد. هذه نظرة اساس نحتاج الى تأصيلها وتقريرها بيقين. نحن لسنا مسلمين في المساجد. وفي اركان الاسلام صيام وصلاة والزيام وبكاء حج. ليس هذا فقط نحن مسلمون حتى في تعاملنا مع زوجاتنا وفي تربيتنا الى اولادنا وفي اسواقنا بيعا وشراء وفي تعاملنا مع الخلق اخذا وعطاء. نحن مسلمون يعني اننا اصحاب دين يحكم تصرفاتنا كلها في الحياة بلا استثناء. ليس شيء من حياتنا خارج عن ذلك. تأمل قول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام. قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له. الصلاة والنسك عبادتان جليتان واضحتان. لكن ان يقول ومحياي تتوسع الدائرة وتخرج عن مفهوم العبادة الضيقة التي هي عبادة تتوجه فيها الى الله صلاة او صيام او زكاة او حج الحياة محياك نومك في الحياة جزء منه لبسك للثياب تناولك للطعام والشراب زينتك ومظهرك وهيئتك وكل ما تتخذه في الساعة التي تلبس والثوب الذي تختار والقماش الذي تنتقي الحذاء الذي تنتعل اكرمك الله والدابة التي تركبها والبيت الذي تسكنه. الاثاث الذي نستعمل هذا من حياتك. الله يقول ومحياي. ومماتي لله. كيف يكون لله؟ لن يكون الا بان تنزله وفق شريعة الله عجيب. وهل في حياتنا في الطعام والشراب واللباس والثياب والاثاث والمراكب وسائر التعاملات هل لله عز وجل في كل ذلك في حياتنا احكام تتعلق بنا؟ ويجب ان نوقع حياتنا وخطواتنا في الحياة وفقها؟ الجواب نعم وهذا مفهومنا ايها المسلمون عباداتنا اوسع من مفهوم الضيق دعك من المقولة الرومانية الهالكة لما صاروا دعما لله لله ودعما لقيصر لقيصر. كانوا يعيشون حياتهم على ان العبادة التي تؤديها في الكنيسة اجعلها لله. ودعنا لقيصر لقيصر وتجارتك ما ينظمها لك اه ربك وحاكمك واميرك وامامك هذه خالصة له انت تعبده فيه وتتوجه فيها وفق مراده هو فقصدوا شيئين في الحياة. فصلوا العبادة عن سائر مناحي الحياة. هذه جاءت يعني مرة من قرون وعاشت عليها اجيال وتربت عليها امم. فجاء الاسلام فاسس المفهوم المناقض لهذا تماما. فجعل الحياة كلها لله جاء بل جاء الذم لمن يأخذ هذا من يتبنى هذا المفهوم في التصام النحن بينما هو عبادة وما ليس بعبادة قال الله تعالى ربا على اهل الكتاب افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟ اذا هو سمت لليهود والنصارى وعاشوا حياتهم بعد للكتاب المقدس على هذه الازدواجية المقيتة. يعبد الله في الكنيسة من احسن ما يكون. فاذا جاء يوم الاحد توجه الى الكنيسة وادى الصلوات وقرأ الاذكار والدعوات خرجت ثم يزني ويسرق سائر الاسبوع ويأكل الربا ويواقع المحرمات فهو عابد صالح من العباد الصالحين قال معك الكنيسة تكون لاحد هذا فصام الاسلام وازدواجية فاسدة. فليس العبد في الاسلام عبد اذا اتى المسجد وصلى ثم هو يأكل الربا ويظلم الناس ويخشى الحرام. هذه ليست هدية صادقة هذا من مفهوم الضيق للحياة ان تظن ان العبادة هي ما تؤدى بين جدران المسجد فاذا خرجت انقطع مفهومها عنك. ولذلك ايضا لما جاء اهل النفاق واستمرت معهم هذه النظرية الفاسدة واستمروا عليها جاء الذنب ايضا لهؤلاء. يقول الله تعالى الذين ارتدوا على ادبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم واملى لهم. ارأيت بهذا الوصف القبيح ارتداد على الادبار؟ واتباع ما سوى الشيطان ما الذي اتوه؟ ذلك بانهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سيطيعكم في بعض الامر. فمفهوم ان تأخذ من الدين بعض وتترك بعضا اخر. هذا مفهوم فاسد. عاشه اهل النفاق. فجاء الذنب الوعيد. وعاشه اهل الكتاب. فجاء ذنب الوعيد قال ذلك بانهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر. والله يعلم اصرارهم كيف اذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وادبارهم؟ ذلك بانهم اتبعوا ما اسخط الله. اذا هذا مسلك يسخطه الله جل جلاله ذلك بانهم اتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه فاحبط اعمالهم. فيرضى المسلم ان يعيش حياته مبنية على هذا المعتقد الفاسد. ان جزءا من حياته يكون لله يصلي ويصوم ويزكي ويحج. ثم في التجارة بيع وشراء يا اخي اجعلتم للدين في كل مسألة في الحياة حكما؟ الجواب نعم. لاننا امة مسلمة وشعارنا قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. بل قال اهل التفسير ليس العجيب ان تكون الحياة لله انما العجب ان يكون الممات وهو ممات. ان يكون لله. الممات الذي الحياة وسكون الجسد وانتهاء الرصيد من العمل ان يكون ايضا لله. هذا هو المفهوم العجيب. بمعنى انك وانت عبد صدقني لا تملك لنفسك شيئا ولا تستقل في حياتك بقرار بمنأى عن شريعة الله ودين الله. نحن مسلمون ويجب ان نعيش هذا المفهوم بتقرير واضح بين لا لبس فيه ولا غبش. ولهذا فمن جميل قول الشافعي رحمه الله في صدر كتاب الرسالة يقول رحمه الله وليس تنزل باحد من اهل دين الله نازلة الا وفي كتاب الله الدلالة على سبيل الهدى فيها يقول وليس تنزل باحد من اهل دين الله نازلة الا وفي كتاب الله الدلالة على سبيل الهدى فيها بمعنى انه مهما ما عاش العبد في اي زمان ومكان وما تقلبت ظروف الحياة واستجدت النوازل واتى الناس من الحياء ابوابا ما كان لاسلافهم عهد بها لا تظن انك خرجت عن نطاق الشريعة وانك تجاوزت حدود الزمان والمكان وان القرآن الذي نزل قبل اربعة عشر قرنا ليس يغنيك اليوم وان السنة المحمدية بميراث الضخم لا تفي بحاجات الناس اليوم ابدا في الشريعة كليات واصول وقواعد مطردة تفي بحاجات الناس في كل زمان ومكان. نعود الى مفهومنا الاساس فاذا كانت حياتنا كلها يجب ان تكون مبنية على مرضاة الله ووفق شريعة الله ومراد الله عز وجل فان هؤلاء ينبعون اصل كبير عظيم وهو كيف يستقي المسلم ان تكون حياته بهذا الاطار الكبير غير خارجة في جزء من جزئياته لو صغيرة ولا كبيرة غير خارجة عن نطاق الشريعة الضخم والجواب ان ان علما كاصول الفقه يؤصل لصاحبه اذا ما احسن تحصيله واتقن اداءه يؤسس عنده هذا الامر الكبير الذي هو بامس الحاجة اليه. كيف؟ من طريق مدارسة امرين احدهما الادلة الشرعية كما قلت وهذا احد جانبي واحد ركني واحد محوري علم اصول الفقه. الادلة الشرعية فيعلمك هذا العلم وتدرس فيه الادلة التي جعلتها الشريعة مصدرا لاستقاء الاحكام منها. فيعلمك الاصول ان القرآن مصدر تشريع وان السنة دليل وان اجماع الامة دليل وان القياس الصحيح بشروطه دليل. وان قول الصحابي الذي لا يخالف في المسائل المجتهد فيها دليل وربما استطردوا فقالوا شرع من قبلنا وسدوا الذرائع والمصالح المرسلة واشباه ذلك. فهذا هو الركن اول من ركني علم الاصول وهو الادلة الشرعية. فيتعلم فيه الطالب كل مكان وكل مصدر جعلته الشريعة مصدرا لبناء الاحكام دليلا يستدل به. ولا شك ان هذا من تأصيل العلم في مكانه الاعظم. ان تعرف ادلة الشريعة اين هي؟ واذا ما اردت ان تبحث عن حكم فانك تقلب جنبات هذه الادلة تبحث عن مراده. لعلك تجد الدليل في القرآن او في السنة او في غيرهما من الادلة اما المحور الثاني والشطر الآخر والصلب الآخر لعلم اصول الفقه فهو طريقة الاستدلال اوجه الاستنباط ضلالات الالفاظ عبر بما شئت. فهذه الادلة تجد في داخلها الدليل. فان تنتزع الحكم من ذلك الدليل يحتاج الى امر اخر تتعلمه كيف يدل الدليل على وجوب دا؟ او حرمة ذاك او مشروعية هذا او عدم مشروعيته. وهنا يأتي دور هذا العلم ليعلمك الملكة والالة والقواعد والطرق التي من خلالها تقف امام الاية فتقول انا افهم منها ان الله يأمرنا بكذا وينهانا وعن كزا وتقف امام الحديث فتقول المراد من الحديث قوله صلى الله عليه وسلم كذا فهو يأمر بكذا وينهى عن كذا وبالتالي من خلال القواعد التي تعلمت وانت تطبقها على النصوص والادلة تستطيع الوصول الى الحكم المراد. فتقول دل الحديث على الاباحة او على الحرمة او على او عدم الجواز. هذه المسألة فيما اقصد من العناية استنباط الاحكام من الدليل. هذا مشوار طويل وهو صنعة الفقيه حاجة الفقيه بالدرجة الاولى ان يكون صاحب صنعة يستطيع معها التعامل مع النصوص الشرعية التعامل مع النصوص الشرعية باب جلي باب شريف باب ضخم باب خطر باب حذر لانك تتعامل مع كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام. ثم تزعم انك تفهم مراده ومراد رسوله عليه الصلاة والسلام. ثم تقول حكم الله هو حكم رسوله صلى الله عليه وسلم كذا. هذا باب خطير. يحمل صاحبه على الاحتراس. والاستعداد الكافي والتهيب التام واخذ العدة الكافية لان يبلغ هذا المبلغ الكبير. ومن هنا تبرز جلالة علم كاصول الفقه لانه يسلح صاحبه ويهيئه ويعده ليقف امام كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام فيقول للامة حكم الله كذا وحكم رسوله كذا. هي جرأة ان لم يبلغ صاحبها مبلغها بحق واقتدار. فهو من الكبائر في ابواب الشريعة القول على الله بغير علم. ما الكبائر؟ قل انما حرم من ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن. والاثم والبغي الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا. وان تقولوا على الله ما لا تعلمون. يقول ابن القيم رتبت الاية الكبائر بحسب عظمها وكبرها بدءا من الاصغر فالاكبر وفهم منها رحمه الله ان القول على الله بغير علم اشد حرمة من الشرك بالله. يقول لان الشرك وقع فيه اربابه الا من القول على الله بغير علم. قالوا الله ثالث ثلاثة فاشركوا. قالوا لله ولد فاشركوا. قالوا الله عز وجل كذا فاشركوا. يقول ما وقع الشرك في الشرك الا من بوابة القول على الله بغير علم. فعد القول على الله بغير علم اكبر الكبائر في الشريعة على الاطلاق. لانه الكفر واساسه ولانه مدخله وبوابته الذي دخل منه ارباب الكفر على الكفر عياذا بالله. والمقصود يا كرام ان وقوف المجتهد وقوف الفقيه وطالب العلم امام الدليل الشرعي لينتزع منه الحكم فيقول هذا حلال وهذا حرام هذه مرتبة شريفة. فعلم اصول الفقه هو الذي صاحبه ويعده اريد فقط يا اخوة ان نتبين اننا امام علم كبير عظيم. ندب علماؤنا الابرار رحمة الله عليه نددوا اعمارهم وسخروا حياتهم في ارساء قواعد هذا العلم وتدوين مؤلفاته وتقريبه للناس الناس كيف كيف يتفقهون في شريعة الله وكيف يستنبطون؟ فرق يا كرام فرق كبير كما بين السماء والارض بين ان المسائل وتتعلم الاحكام مباشرة. فتعرف ما الذي يجوز وما الذي لا يجوز وتنصرف. تعود من مجلس قضيت فيه ساعة او نحوها وقد تعلمت مسألتين ثلاثا خمسا عشرا اكثر او اقل. فتعود وانت شاعر انك تعلمت مسألة. فرق بين هذا وبين ان لا تتعلم المسألة ولا تصل الى الحكم لكنك تتعلم الآلة التي توصلك الى الحكم. والطريقة التي تستنبط منها الحكم. والطريقة التي تسلكه لتكون ممن يأخذ الحكم مباشرة من الدليل او يفهمه من الدليل او يتعامل معه تعامل العلماء المجتهدين. فرق كبير. ومن ذلك اصبح هذا العلم اصبح العلم بعيدا عن ايدي كثير من طلبة العلم انهم لا يلتمسون فيه ثمرة قريبة. ولا يرون فيه ثمرة عاجلة فيستبطئون ذلك ويستأخرون الطريق فيلتمسون الطريق الاقرب لكنه ولا شك الاكثر الاكثر تفويتا لما هم بحاجة الى ما هو اعظم واجل لانه يمكن ان تقول كالتالي من حفظ فقها؟ من تعلم الفقه؟ يا اخي بل من حفظ كتابا من كتب الفقه هب ان حفظ اكبر كتب الفقه حفظ اللغن لابن قدامة واستظهره وصار يقرأه كالفاتحة ثم ماذا؟ هل تعده فقيها من فقهاء الامة هو ابدا امام اصغر نازلة من النوازل المعاصرة التي تمر بالناس اليوم في المسائل الطبية والعمليات الجراحية او الاقتصادية المالية وما جد في حياة الناس والمسائل السياسية هو واقف عاجز تماما لانه لم يملك من الاصول والالة التي تعينه على تصور المسألة وتكييفها والحكم عليها فتبين لك ان الفقيه حقا هو من اتقن هذا العلم وحصله ثم اذا هذا من المصائب والفروع تمكنت عنده الالة. لكن طلب العلم بمعزل طلب الفقه بمعزل عن الاصول لا ينشئ فقيها. ينشئ ينشئ حافظ مسائل نعم ينشئ حافظ متون ينشئ حافظ فقه لكنه ليس الفقيه الذي يكون في الامة ركنا شديدا تأوي اليه في النوازل والمستجدات المعاصرة وليس هو الذي تحتاجه الامة اذا ما اجتمعت واتفقتها واجتمع فقهاؤها نناقش مسألة من النوازل ليعرفوا حكم الله تعالى فيها ما الذي يفتون به الامة للاتيان او الترك بالاقتراب او بالابتعاد؟ فعادت المسألة الى بيان اصل كبير ان علما في اصول الفقه يحتاجه الناس دليل وادلة وانت تعرف طريقة الاستنباط ما الحكم؟ فينشئ عندك فقيها. اذا مارس هذا العلم وحصله واتقنه ثم استمر تتابع في تنمية هذه الملكة واستخدامها عاد فقيها فيما بعد هو الذي تحتاج الامة في النوازل والمستجدات حتى تقف على طرف من امثلة ذلك والامثلة كثيرة. ان فقهاء الشريعة ناقشوا كثيرا من المسائل واختلفوا في كثير من الاحكام. وما اختلافهم الا عائدة الى هذا العلم باصوله الكثيرة. يعني دعنا نضرب مثلا عمليا لما يستعمله الناس اليوم في اشهر اكل لحم الابل هل ينقض الوضوء او لا ينقضه؟ من لم يتفقه ويؤصل هذا العلم باصوله غاية ما يعلمه ما تعلمه في المدرسة او ما نشأ عليه في الاسرة او ما يتعامل به المجتمع او المذهب الفقهي السائد في البلد. فان كان حنبليا قالوا اكل لحم الابل ينقض الوضوء. فاذا اكله توضأ وصل واذا التقى درجة حفظ الحديث الوارد في هذا وهو انه لما سئل عليه الصلاة والسلام عن اكل لحم الابل ينقض الوضوء؟ قال نعم فلما سئل عن الغنم قال توضأوا ان شئتم. فقال فرق عليه الصلاة والسلام بين الابل والغنم فخيرت الغنم واوجبت الابل. فدل على انه ينقض الوضوء. هذا وقف عنده وغير الحنابلة ممن تفقه في مذهب من المذاهب او درس المسألة يقولون لا ما ينقض لعموم قوله صلى الله عليه السنة في حديث جابر كان اخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار. من درس هذا العلم واتقن القواعد يأتي ويتأمل بطريقة مختلفة عما يقرر هكذا سطحيا وجردا ومجرد استئناس ومعرفة للدليل. فسيقول امامي حديثان احدهما يقول فيه جابر رضي الله عنه والحديث الصحيح كان اخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار يعني اي لحم طبق على النار فكان اخر الامرين الذي حفظه الصحابة عنه صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء منه ونحمي الابل داخل فيه او غير داخل؟ لان الصيغة عموم ترك الوضوء مما وهذه احدى صيغ العموم عند الاصوليين اي من كل شيء مسته النار ويدخل فيه لحم الابل لانه عام. فما الذي ساعمله مع الحديث الاخر الذي اوجب فيه صلى الله عليه وسلم الوضوء من لحم الابل فيكون الجواب ان الوضوء من لحم الابل خاص نص خاص ذكر فيه لحم الابل فامر بالوضوء منه. وحديث جابر في ظاهره المعارضة. وانه يعارضه. فتحمل العموم على الخصوص وتقول سنخصص العموم مما ما مست النار الا لحم الابل. مما مست النار الا لحم الابل. لم؟ لان الابل جاء فيه دليل خاص فاستثنيناه من ذلك كالعموم. هذه الطريقة التي اختصرت فيها الكلام في جملتين هي اكثر من باب في الاصول. باب العموم لتعرف الصيغ والادلة وماذا تدل عليه. وباب الخصوص وتعرف صيغ هو الموقف منه ثم باب التعارض والجمع بين الادلة وكيف تعمل بين نص عام واخر خاص وما المخرج منهما وان تجمع بين الدليلين هو اولى عند اهل العلم من ان تأخذ باحدهما وتترك الاخر. فمن اخذ بحديث جابر ترك الوضوء مما مست النار كان بذلك تاركا لحديث الامر بنقض الوضوء من لحم الابل او بالتوضأ من اكل لحم الابل. الجمع بينهما يقتضي ان تتوضأ من لحم الابل وان لا تتوضأ من لحم الغنم والدجاج والبقر وسائر ما مسته النار وانت بهكذا جمعت بين الدليلين. هذا مثال يسير جدا لتقف على نمط من انماط التعامل الذي يمارسه الاصولي في التعامل مع الدليل والنظر وهو يتفقه. هذا ولا شك يعطيك لذة وانت تدرس مسائل العلم. ويعطيك حلاوة وتشعر انك تجاوزت مرحلة استقاء الحكم من المفتي. يا شيخ ما حكم كذا جائز غير جائز والدليل كذا؟ اخذته وانصرف. وشعرت انك بذلك في عداد العوام ما فقهت لكنك محتاج الى حكم فسألت فافتيت فعملت. لكن ان تعلو على ذلك درجة فتعرف مصدر الحكم. ودليله والموقف دليل معاذ هل درجة اعلى؟ اضرب لكم مثالا اخر. مر جمهور العلماء تحريم الرجوع في الهبة. اذا وهب الواهب هبة او اهدى هدية حرم عليه الرجوع فيها. لقوله صلى الله عليه وسلم ليس لنا مثل الصو. العائد في هبته كالعائد في قيئه في اللفظ الاخر كالكلب يقي ثم يعود في قيءه. هذا التشبيه القبيح الذي شبه فيه النبي صلى الله عليه وسلم العائدة في هبة ان تعطي انسانا هدية عطرا او قلما ثم تعود وتطرد منه ارجاع ما وهبته اياه. قال عليه الصلاة والسلام ليس لنا السوء العائد في هبته كالعائد في قيئه. كمن تقيأ اكرمكم الله ثم اكل قيئه مرة اخرى. هذا التشبيه البشع القبيح الذي تنفر منه النفوس استدل منه العلماء على تحريم الرجوع في الهبة. ودليل التحريم عندهم هذا التشبيه القبيح المنفر الذي شعران به صلى الله عليه وسلم الا يقرب احدنا مثل هذا الصنيع. بل شبهوه في اللفظ الاخر قال كالكلب. يقيه ثم يعود في قيده فيما ذهب الشافعي رحمه الله فيما نقل عنه الى ان الرجوع في الهبة غير محرم. وغاية ما فيه الكراهة. لكنه ليس محرما. ودليله يقول انا رأيت الى الحديث ما حرم النبي صلى الله عليه وسلم الفعل انما شبهه بالكلب والتشبيه يقتضي مساواة المشبه به افيحرم على الكلب ان يأكل قيئه؟ لا ما يحرم. فكذلك من صنع مثله. غير انه فعل دنيء تنفر منه النفوس وسيستقبح فاذا فعله الانسان ما حرم لكنه دناءة اخلاق وهو نوع من الانحطاط في التعامل لاباه كرام النفوس واصحاب الشيم هذا المسلك الذي رأيته هو نموذج من عشرات ومئات النماذج في تراثنا الفقهي الضخم الذي كان يمارس فيه الفقهاء انفقها على حقيقته واصوله. بالتعامل مع اوجه الاستنباط وطرق الدلالات. اقول هذا ميدان رحب كبير. يتعلمه طالب العلم في هذه مدارس الاصول وكتب الاصول وعلم اصول الفقه فهو يتعلم كيف يتعامل مع الدليل وكيف يتعامل اذا تعارضت امامه الادلة فيجمع بين الدليلين وكيف يخلص من اشكال واجهه امامه الى سائر ما يتعامل معه من ادلة في مختلف المواقف مختلف جزء كبير من خلاف الفقهاء في المذاهب الاربعة وغيرها يعود الى هذا الباب الكبير من ابواب دلالات الالفاظ وكيفية احكام من الادلة لان مسار الفقه عليه ومداره عليه وريحاه تدور عليه ومحوره يقوم عليه الدليل ربما كان واحدا بين الفقهاء واختلفوا في الاستنباط واختلفوا في الموقف من الدليل وتعاملوا معه باكثر من طريقة فقائل بالجواز وآخر بالمنع من اين جاء هذا؟ جاء من هذا العلم الكبير طرق الاستنباط الذي يتعلمه الفقيه من اصول الفقه. اعود فاقول هذا التمثيل اليسير الموجز وهذا مثال العجل اردت منه فقط ان نقف على انموذج ومثال. يكشف لنا عن دور مثل هذا العلم وهو الاصول في تنمية الملكة وفي النظر الى ما يحتاج اليه الفقيه وهو يتعامل مع الادلة. وقبل ذلك وكله ان يتصور ويتحقق من شرف فكانت الذي تبوأها. والله يا اخوة لو لم يكن لو لم يكن في علم كاصول الفقه شرف الا ان ابلغ بصاحبها ان يكون من افهم الناس بمراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم فكفى به شرفا. هذا العلم هو الذي يأخذ بيديه الى فهم النصوص. والى تقليدها على كل الاوجه المرادة. ومعرفة الاحكام وطرق لان اهل هذا العلم اعني الاصوليين قد ابحروا في دلالات الالفاظ فصاروا يتعاملون مع الامر وعلى ماذا يدل فالامر اذا جاء عقب استئذان كما دلالته وعقب امر كما دلالته واذا عقب نهيا فما دلالته؟ واذا جاء في غير ذلك فما دلالته؟ وهل يراد بالامر غير الطلب؟ ثم تجاوزوا هذا الى السياق بجملته. الكلمة في الجملة والجملة في الصيام. بل الى ابعد من هذا الى الحرف في الكلمة وعلى ماذا يدل؟ هذا الابحار العميق في دلالات النصوص الشرعية هو الحقيقة جزء من تعظيم علمائنا لنصوص الشريعة التعظيم الذي يتعامل فيه مع النص بملء حواسه سمعا وبصرا وذوقا وحسا انه يتعامل مع كلام الحكيم الخبير مع نص وصفه الله جل جلاله بانه فصلت اياته ثم احكمت مفصل ومحكم وخبير تتعامل مع نص مقدس نزل من فوق سبع سماوات كيف تتعامل معه؟ فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق امسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين. اختلفوا الفقهاء في دلالة الباب في قوله وامسحوه برؤوسكم. هل الباء للالصاق او للتبعيض؟ وهل يكفي في مسح الرأس في الوضوء مسح بعضه ام لابد من مسحه كله؟ ارأيت الى الدقة والى الجزئيات اليسيرة التي تبلغ بصاحبه دقة النظر الى معنى الحرب الكلمة وانه يوسعه بحثا وتفتح الصفحات في كتب الفقهاء يناقشون هذا الباء على ماذا يدل من ناقش في دلالة حرف فما ظنك بموقفه من دلالة الكلمة؟ من دلالة الجملة لا شك ان علما كالاصول يندب طالب العلم فيه نفسه والله يبلغ به مع الايام مبلغا عظيما فيه فيه امتلاك لشعور العظمة امام النص الشرعي ستتعامل مع نص يا ككلام البشر. وانك تحترمه وتقدسه وتهابه. ثم تقلبه على كل الاوجه. فيستنبطون من النصب دلالة دلالة مفهوم موافق ومخالف اولى ومساوي. يا اخي ما جعلوا مدخلا للنصر الا وتعاملوا معه. يستدلون به من كل الوجوه من يمينه وعن شماله ومن فوق ومن تحت وما يدل عليه صراحة وما يدل بالمضمون وما يدل بالمخالف. وماذا لو لم يذكر في النص وماذا كانت الدلالة؟ واذا اشار او اومأ الى علة فما المقصود منها؟ وكيف نستفيد منها؟ كل ذلك هو في ثنايا العلم الكبير البحر المتلاطم امواجه علم اصول الفقه ما اردت الا ان نتصور طرفا من سعة هذا العلم وجلالة قدره لا زلت اقول لو لم يكن فيه من الا ان يبلغ بصاحبه فهما لمراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم. والله لكفى به شرفا ان تعيش بين الانام ان تمحي بينهم وان تتنقل بينهم عبدا فهم عن الله مراده. وفهم مراد نبيه صلى الله عليه وسلم. فاخبرني بالله من اشرف منك عند الله ومن اعلى منزلة منك عند الله ومن اقرب منك الى الله وقد فهم المراد وعرف المقصود وعرف ما الذي يريده ربه منه وما الذي لا يريده ثم وبعد ذلك يدل الناس. ويعلمهم الاحكام ويفتيهم اذا سألوا ويدلهم اذا احتاجوا الى المعرفة. هذا شرف كبير ما يتبوأه الا من رقى الله عز وجل بمرتبته من فقهاء الامة وعلمائها. اخيرا احبتي الكرام ساختم بذكري هل مسلك الذي سنتبعه في لقاءاتنا المقبلة وقد اه يعني القيت اضاءة والماحة سريعة على تصور يعني مجمل هذا العلم ومعالمه. اللقاء المقبل بعون الله تعالى سنجعله في تفصيل جزئيات هذا العلم وتفصيل احكامه بتصور اكثر شمولا يتناول فيه هذا العلم ومباحثه ومسائله مع ضرب المثال ليس لتعلم المسائل والابواب والقواعد لا لكنه للتعريف لا زلنا في في مرحلة التعريف بالعلم التطرق الى معرفة موقعه ايضا بين العلوم الشرعية ومرتبته. وما حاجة طالب العلم اليه ما الذي سيفيده منه؟ سنتناول ايضا في درسنا المقبل ان احيانا الله تعالى واياكم على خير وعافية. فتناول المراحل التي نشأ بها علم الاصول وكيف ارتقى فكيف كانوا الصحابة يعيشون هذا العلم؟ وكيف كانوا يطبقونه ثم ما الذي حصل بعدهم؟ كيف اصبح علما مستقلا؟ كيف صنفت فيه الكتب؟ المراحل في عصرنا هذا اين وقع علم الاصول بين علوم الشريعة؟ ما موقعه بين طلبة العلم؟ اي اهتمام يحظى به هذا العلم اليوم في اوساط طلاب العلم هذا كله سيكون في لقائنا المقبل باذن الله تعالى. سأل كثير من الاخوة الحريصين عن الكتاب الذي سيدرس وعن الطريقة التي سنسلكها وايضاحا لهذا علي ان اقول ان الاسابيع المقبلة الثلاثة او الاربعة القادمة بعون الله فيما يحصل بيننا وبين الفصل الدراسي الاول الذي سيبتدأ على الاقل لطلاب الجامعة في العشرة الايام الاخيرة من صفر تقريبا نحن نتكلم على قرابة ثلاثة اسابيع هذه الى الى حين موعد الاختبارات سنجعلها لهذه المقدمات الممهدات على غرار لقاء الليلة شيء من التعريف بالتفصيل مراحل هذا العلم طرق تحصيله منهجيته واليته بحيث لا نشرع في كتاب الا وقد تكون عند احدنا المدخل الكافي الذي يعينه على دراسة هذا العلم والخوض في مسائله مباشرة. فيما بعد ذلك ان احيانا الله وابتدأنا مع مطلع الفصل الدراسي الثاني ليكون الناس قد عادوا المسافر من سفره والمؤجج من اجازته وانتظمت الامور وعاد الناس الى رحالهم سالمين نستأنف ان شاء الله تعالى درس فالكتب التي وضعت لتدريس هذا العلم. لندخل مباشرة في مدارسة مسائلهم. والى ذلك الوقت سنمر من خلال اللقاءات المقبلة لنقرر كتابا ملائما لهذا. لكن الفكرة في الجملة متوجهة الى ان نختار من بعض الكتب القصيرة في موضوعها المحدودة في حجمها الذي يسعنا الانتهاء منه في لقاءات محددة. فلعلنا نختار بعض المتون ونقول مسبقا قبل البدء في اننا سنبدأ في الكتاب الفلاني الذي سيحتاج منا ان شاء الله تعالى سبعة اسابيع لا اكثر. فنكون متفق من البدء اننا سنبتدئ بكتاب نحتاج فيه خمسة لقاءات او سبعة او عشرة. ونكون فاهمين البداية ان هذا الكتاب سيقسم على عشرة مجالس. اولها اليوم واخرها بعد شهرين ونصف ان شاء الله فيتبين لاحدنا ان هذا الدرس محدود سينتهي فاذا فرغنا شرعنا في شيء اخر على المنوال ذاته ارجو ان يسر الله عز وجل واتم علينا توفيقه وفضله ونعمته ان نكون خلال الفصل الثاني قد انهينا اكثر من كتاب على طريقة الدروس المتتابعة سلفا حجم كل كتاب وعدد المجالس المخصصة له. فمن يسر الله له حضور جميعها فخير وبركة. ومن لم يسعه الوقت او حالة بيني وبينهم ضيوف فقد حضر درسا وفاته الاخر هو خير من ان يحضر جزءا من درس ويفوته بعض وخير من ان نستمر في كتبهم طوال آآ قبل الشهور والايام والسنوات ولا يتم الكتاب الا بعد مجالس طويلة. فيحيى من حيا ويموت من مات ويدرك البعض ما ادرك ويفوت ما فات. لكن هذا الايجاز اراه اوفق فمن يسر الله واستمرت المسائل على خير لعلنا نشرع في مسلك اخر بطرق تعاطي هذا العلم فيه تبويب غير الذي درج عليه الاصوليون في الكتب والتصنيف اللقاءات المقبلة ان شاء الله سنستأنفها بعد صلاة العشاء سيستغرق اللقاء ساعة اجتهد لا تجاوزها من السابعة والنصف اذا انتهت الصلاة الى الثامنة والنصف ان شاء الله. نخصص بعدها نصف ساعة للاسئلة ان وجد وللنقاش اذا كان هناك شيء من ذلك بحيث ننتهي بعون الله تعالى التاسعة او قبيلها كما هو الحال الليلة يعود احدنا الى منزله يدرك عشاءه واسرته من غير ضغط ولا شيء يلوم به نفسه على جلوس مجلس كهذا ثرثر فيه الاستاذ كثيرا وما فهم الا قليلا. اسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد يسأل يقول وكتاب السيرة الذي هو في درس الخميس هذا ايضا سيستأنف ان شاء الله مع مطلع الفصل الثاني وسنستغرق الاسابيع المقبلة في مقدمات حول اهمية سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام ومعالمها واهميتها في حياة المسلم وكيف يتعاطاها واثار ذلك وثماره. اسأل الله لي ولكم علما نافعا وعملا صالح يقربنا اليه والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين