بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه ايها الاخوة والاحباب سلام الله عليكم وبركاته حياكم الله جميعا ومرحبا بكم مجددا هذه الحلقة من تفسير سورة الزمر نحن مع قول الله سبحانه وتعالى مادحا فريقا من الناس اجمل مديح لقوله تعالى الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه اولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولوا الالباب يستمعون القول فيتبعون احسنه يفهمونه يعقلونه يتدبرونه ويعملون بما فيه كما قال تعالى لكليمه موسى عندما اتاه التوراة فخذها بقوة وامر قومك يأخذوا باحسنها ساريكم دار الفاسق اولئك الذين هدى هداهم الله اي المتصفون بهذه الصفات هم الذين هداهم الله في الدنيا والاخرة سؤال هنا ما هو المقصود بالقول يستمعون القول فيتبعون احد تمام اما جنس القول عموما وجنس القول عموما فيه الحسن وفيه القبيح فيه الصالح وفيه السيء الخبيث واولوا الالباب اصحاب العقول الصحيحة والفطر السوية المستقيمة يعرضون عن الخبيث من القول السيء من القول ويتبعون دائما الحسن الجميل الذي لا اثم فيه ولا مغرب يبقى المقصود بالقول جنس القول. جنس ما يقوله الناس بحسب وفيه قبيح ان سمع كلمة قبيحة تجاوزها واغضى عنها ولم يتبعها وان سمع قولا حسنا وكلاما جميلا نبيلا اذا فانه يتبع من القول احسن او تفسير اخر ان المقصود القول ما جاءه من عند الله عز وجل ومن عند النبي صلى وسلم ولا شك ان في الاحكام ما هو حسن وما هو احسن اضرب لكم مثالا على على هذا آآ من قتل له قتيل عمدا عدوانا له الحق في القود لكن ان عفا واصلح فاجره على الله فالاخذ بالقول حسن هذا شرع الله عز وجل ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب اما ان عفا فمن عفا واصلح فاجره على الله فمن عفي له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم فالاخذ بالقود بالقصاص حسن والاخذ بالعفو احسن يستمعون القول فيتبعون احسنه في الدين رخص وعزائم الاخذ بالرخصة دي حسن ان الله يحب ان تؤتى رخصه كما يحب ان تؤتى عزائمه لكن الاخذ الاخز بالعزيمة في موضعها لا شك انه احسن واجمل وارفع لدرجة صاحبه عند الله عز وجل وقد ضربنا مثالا نذكر به الامام احمد ابن حنبل رحمه الله عندما عرض على فتنة ومحنة القول بخلق القرآن فابى ان يعطي الدنية في دينه وابى ان يترخص مع حفاظا على دين الامة حتى لا يضل الناس بسبب كلمة يقولها تحت وطأة المحنة ومطارقها فابى ان يقول واستعصم وصبر على محنة السياط والسجن والتعذيب وكتب الله له بذلك قبولا عاما في قلوب الامة كلها واصبح رمزا من اعزم رموزها وعلما من اعظم اعلامها باخذه بالعزيمة بثباته على الحق وان الامة كما انها في حاجة الى من يعلمها العلم في حاجة لمن يعلمها الثبات والصمود والانتصار للحق والاخذ في الدين بالعزائم حاجة الى ما نعلمها مواقف الرشد ومواقف الجلد ومواقف النبل التي يتعلم منها الناس اضعاف اضعاف ما يتعلمونه من الخطب والمواعظ. لم يكن ما قاله ابن حنبل جديدا في مضمونه ان المذهب من قبله لمالك وللشافعي لكن الجديد هو الصمود والانتصار والثبات حتى اظهره الله عز وجل السلف الصالح يقولون المذهب لمالك والشافعي والظهور لاحمد يستمعون القول فيتبعون احسنه ودايما يقال من تعظيم شعائر الله عز وجل الا تقابل امره ولا قوله لا بتشدد غال ولا بترخص جاف لا تغلو في تشددك ولا تجفوا في ترخص ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها تقوى القلوب يستمعون قوله فيتبعون احسنه اولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولوا الالباب العقول والفطر السوية صحيحة المستقيمة هؤلاء هم الذين مدحهم الله جل وعلا في هذه الاية الكريمة وقد ذكر بعض اهل التفسير ان هذه الاية والتي قبلها تنزلت في ثلاثة كانوا في الجاهلية يقولون لا اله الا الله نزلت في زيد بن عمرو ابي ذر الغفاري سلمان الفارسي والذين اجتنبوا الطاغوت ان يعبدوها اي في جاهليتهم وانابوا الى الله لهم البشرى فبشر عبادي الذين يستمعون القول اولئك الذين هداهم الله اي بغير كتاب ولا نبي لقد هدوا بالفطرة الى التوحيد الى الاقرار بعبادة الله وحده الى رفض ونبذ ما كان عليه قومهم من الوثنية وعبادة غير الله لكنهم لا يعرفون تفاصيل كيف يعبدون الله تفصيل ذلك لا يلجأ لا يلجأ فيه الى العقل وحده لا مدخل للعقل في تفاصيل الشرائع. انما يرجع في هذا الى الوحي تزل باطل قومهم وجمعوا قلوبهم على عبادة الله وحده وينتظرون ان يبعث الله فيهم من يدلهم على تفاصيل شرعه وعلى هداياته جل جلاله فكانت بعثة النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم ثم بعد هذا يعني بعد هذه الاية الكريمة يقول الله لنبيه افهم من عليه كلمة العدو افانت تنقذ من في النار النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصا على ايمان قومه جميعا لكن بعض قومه لم تسبق لهم من الله الحسنى غلبت عليهم شقوتهم سبقت لهم من الله الشقاوة فكأن النبي فكأن الله جل جلاله يقول لنبيه ارفق بنفسك ان بعض هؤلاء الذين تدعوهم قد حقت عليهم كلمة ربك فهم لا يؤمنون قد غلبت عليهم شقوتهم لم تسبق لهم من الله الحسنى فلا تذهب نفسك عليهم حسرات افتستطيع ان تنقذ من حقت عليه كلمة العذاب ومن سبق في علم الله انه من اهل النار لاختياره الكفر على الايمان لاستحبابه الشرك على التوحيد. ابن عباس يقول ان هذه قد نزلت في ابي لهب وولده ومن تخلف من عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم عن الايمان لا يستطيع نبينا ان ينقذ من سبق في علم الله ان يموت على من سبق في علم الله انه من اهل النار لانه استحب العمى على الهدى لانه اختار الكفر على الايمان ان الله يضل من يشاء ويهدي اليه من اناب. كأن الله يقول لنبيه افانت تنقذ يا محمد من هو في النار ممن حقت عليه كلمة العذاب افمن كتب الله انه شقي اتقدر ان تنقذه مما هو فيه من الضلال والهلاك لا يستطيع احد هدايته لانه من يضلل الله فلا هادي له. ومن يهد الله فلا مضل له ومما يساق في هذا المقام قضية ابي طالب الذي وافى على غير التوحيد ابو طالب تفتح وعي النبي صلى الله عليه وسلم وهو اقرب الناس اليه. فهو الاخ الشقيق لابيه عبدالله وهو الذي كفله بعد وفاة جده عبدالمطلب تقول كتب السيرة عندما حضرت الوفاة عبدالمطلب نعم قال لابنه ابي طالب اوصيك يا عبد مناف بعدي بمفرد بعد ابيه فرضي فانت من ارجى بني عندي فحلت الابوة محل العمومة حتى صار النبي صلى الله عليه وسلم يدعى يتيم ابي طالب كان بينهما حب متبادل ابو طالب من شدة تعلقه بيتيمه بابن اخيه اذا سافر سفرا يأخذه معه حتى عندما سافر بتجارته في الشام اخذه معه وهو في التاسعة من عمره سن لا تؤهله لا للتجارة ولا لتحمل وعفاء السفر واعباء الطريق لكنه تعلق بابنه ابن اخيه وتعلق النبي به صنو ابيه وعبر نبينا مراحل عمره وابو طالب اقرب ذوي قرباه حتى اذا بعثه الله عز وجل بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم. فتحمل اعباء الرسالة. وواجه تبعات البلاغ ابو طالب لم يقبل الاسلام لكنه زل على وفائه وعلى ولائه وعلى نصرته لابن اخيه وحمايته والذب عنه تحمل المنابذة من قريش من اجله تحمل الحصار والتضييق من اجله من غير ان تلين له قناة. ان تلين له قناة او تضعف منه عزيمة كان حاسما في حمايته فكان يقول كذبتم وبيت الله نبذة محمدا ولما نقاتل دونه ونناضلي ونسلمه ومصر حوله ونذهل عن ابنائنا والحلال ومضت مسيرة الزمن عشر سنوات من عمر الرسالة خمسون سنة من عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وخمس وثمانون سنة من عمر ابي طالب ثم يرقد ابو طالب على فراشه الموت ويحضره النبي صلى الله عليه وسلم وعند ابي طالب اخواله من بني مخزوم ابو جهل ابن هشام عبدالله ابن امية المسيب ابن حزن ويسارع نبينا ويسابق اللحظات الاخيرة من حياة ابي طالب. يناشده ان يقول الكلمة التي يشفع له لها له بها عند الله التي طالما عرضها عليه وطلبها منه. يقول بشفقة الولد للوالد يا عم انك اعظم الناس علي حقا احسنهم عندي يدا فقل كلمة تحل لي بها الشفاعة فيك يوم القيامة يا عم قل لا اله الا الله كلمة احاج لك بها عند الله. ويسارع ابو جهل الى تطويق ابي طالب بحصار عاطفي اترغب عن ملة عبد المطلب ولا يلتفت نبينا الى هذا الشغب. لا يدخل في خصومة او او مجادلة مع ابي جهل ظل قاصدا لهدفه. صامدا له يكرر على عمه قل لا اله الا الله كلمة اشهد لك بها عند الله ويظل يكرر ويكرر حتى قال ابو طالب يا ابن اخي لولا ان تعيرني قريش يقولون ما حمله على ذلك الا جزع الموت لاقررت بها. عينك. وكان اخر ما تكلم به وفرطت انفاسه عليه انه على ملة الاشياخ على ملة عبدالمطلب وابى ان يقول لا اله ومات نبينا محزونا ومات ابو طالب محزونا مات ابو طالب وظلت الغصة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم ظل حزينا اسفا ان عمه لم ينعم بالهداية التي بعث بها ودعا اليها فاخذ يقول لاستغفرن لك ما لم انهى عنه فانزل الله تعالى قوله ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى من بعد ما تبين لهما انهم اصحاب ثم انزل تعزية ومواساة لنبيه صلى الله عليه وسلم بقوله انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء ثم مرت عشر سنين دخل بعدها نبينا صلى الله عليه وسلم مكة فاتحة وجاء اهل مكة يبايعونه على الاسلام وجاء ابو بكر بابيه ابي قحافة ليبايع النبي صلى الله عليه وسلم فمد الشيخ الطاعن في السن ابو قحافة رسولنا صلى الله عليه وسلم يدا معروقة ناحية لكي يضعها في يده ليبايعه على الاسلام فانفجر ابو بكر باكيا فسأله نبينا ما الذي يبكيك؟ فقال والله يا رسول الله لان تكون يد عمك مكان يده ويسلم. ويقر الله عينه احب الي من ان يكون ابي والذي بعثك بالحق لا انا كنت اشد فرحا باسلام ابي طالب مني باسلام ابي التمسوا بذلك قرة عينك يا رسول تشان اذا تأمل في هذا المشهد من اولى الناس ان يكون اجدر احق بقبول الحق والهداية. ابو طالب اعلم الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم صاحبه في طفولته وشبابه ورجولته وكهولته. وعرف منه صدقه وامانته. وطهره ونقاه عرف وله كلها وهو الذي قال مفتخرا بابن اخيه لقد علموا ان ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الباطن ومع هذا لم تجدي فيه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم المتواصلة طوال عشر سنين مات ونبينا عند رأسه يناشده ان يقول كلمة التوحيد فلم يقلها ولو قالها لقرت بها عينه وقرب بها عين النبي صلى الله عليه وسلم وعين كل مسلم ما دلالة هزا ان الهداية منحة الهية ينعم الله بها على من يشاء والله بحكمته اعلم بمواضع هدايته احبائي فقد اسلم اناس بين يدي رسول الله لم يعرفوه الا في ذلك المجلس تقع عينه على وجه النبي صلى الله عليه وسلم فيقول اشهد ان هذا الوجه ليس بوجه كذاب فيسلم لتوه في عندما تستحضر وهذه المعاني استشعر معنى ان تقول في صلواتك في كل ركعة اهدنا الصراط لو كانت الهداية بالعلم وحده لكان ابو طالب اولى الناس بها لانه اعلم الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الله يهدي من يشاء آآ وهو اعلم بالمهتدين. وفي هذا سلوى وعزاء لكل من بذل جهده في الدعوة ولم يصل الى مراده النبي صلى الله عليه وسلم انقطعا كان اعظم الناس حرصا في دعوة عمله وكان احكم الناس طريقة واحسن الناس موعظة ومع ذلك لم يستجب لي من قبل نبينا صلى الله عليه وسلم جهد نوح مع ابنه وابراهيم مع ابيه ونوح ولوط مع زوجتيهما ومع هذا لم يسلم هؤلاء لله عز عز وجل ففي هذا عزاء لكل داعية اجتهد بايصال الحق الى من يحب فلم يبلغ غايته ولم يحقق ولم يصب الحق في قلوبهم موضعه احبتي هذه فقط لقطة من لقطات هذا المشهد ووجوانب التأمل في هذا المشهد كثيرة ومتنوعة لكننا نكتفي بهذا القدر لا امل اللقاء بكم مع تفسير ايات جديدة بنت نفسك من سورة الزمر بنلتقي لكم محبتي وتقديري ودعائي لكم بظهر الغيب السلام عليكم