بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه ايها الاخوة الاحباب كلام الله عليكم ورحمته وبركاته وحياكم الله جميعا ومرحبا بكم مجددا في هذه الحلقة من تفسير سورة الزمر مع الاية الثامنة والثلاثين مع قول الله جل جلاله بعد اعوذ بالله من طعم الرجيم ولان سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله افرأيتم ما تدعون من دون الله ان ارادني الله بضر هل هن كاشفات ضر او ارادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون المشركون في زمن النبوة وما قبلها ما كانوا يجحدون الربوبية ولان سألتهم من خلق السماوات والارض وسخر الشمس والقمر لا يقولن الله ما كانوا يجحدون بان الله جل وعلا تفرد بالخلق ولا كانوا يدعون منازعة الله جل جلاله في شيء من ذلك فان الواقع المادي يبهتهم وما ينبغي لهم وما يستطيعون يا ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حقا ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله. بل اي الزخرف ليقولن خلقهن العزيز العليم اين كان كفرهم وشركهم كانوا يعبدون مع الله او من دونه الهة اخرى يجعلون لها او اليها شيئا من التدبير شيئا من التدبير الكوني شيئا من ايصال النفع والدفع الضر عمن يتمسكون ويتحنثون لها من دون الله عز وجل والذين اتخذوا من دونه اولياء ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى ولقد خوف يعني قومه وتخوفوا نبيهم ان نقول الا اعتراك بعض الهتنا بسوء قال اني اشهد الله واشهدوا اني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون اني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم هذه الاية توطن وترصخ في اعماق المسلم انه لا يسوق الخير الا لا يصرف السوء الا الله ان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو. وان يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير ترسخ في اعماقه هذه المعالم النبوية التي يسوقها ويقدمها لنا هذا الحديث احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة اذا سألت اسألي الله اذا استعنت تعن بالله. اعلم ان الامة لو اجتمعوا على ان يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يضروك ولو اجتمعوا على ان ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم ينفعوك. جفت الصحف ورفعت الاقلام نعم قل حسبي الله. الله كافيني عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون هذا هو الذي يستقر في اعماق المسلم ما يفتح الله للناس من رحمته فلا ممسك افرأيتم ما تدعون من دون الله ان ارادني الله بضر هل هن كاشفات ضره او ارادني برحمة هل هن ممسكات رحمته؟ لا والله الى هذا ولا ذاك. لا يسوق الخير الا الله ولا يدفع السوء الا الله. ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير. ان تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ان الذين تدعون من دون الله عباد امثالكم. فادعوهم فليستجيبوا لكم ان كنتم صادقين الهم ارجل يمشون بها؟ ام لهم ايد يبطشون بها؟ ام لهم اعين يبصرون بها؟ ام لهم اذان يسمعون بها؟ ليس لهم من ذلك من شيء اولئك الذين نعم قل ادعوا الذين زعمتم من دونه لا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. وهم عن دعائهم غافلون. واذا حشر الناس فسكان لهم اعداء وكانوا بعبادتهم حقا ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك له وما يمسك فلا مرسل له من بعده هذا المعنى الجميل عندما يستقر في قلب المؤمن يحدس تحول كامل في جميع تصوراته واتجاهاته ومشاعره وموازينه وقيمه في هذه الحياة تقطعه عن شبهة كل قوة في الارض او في السماء لتصله بقوة الله وحده وتيئسه من مظنة كل رحمة في الارض او في السماء لتصله برحمة الله وحده وتغلق امامه كل ما من في الارض او في السماء لتفتح امامه باب الله وحده وتغلق في وجهي كل طريق في الارض او في السماء وتفتح له طريق الله وحده ما يفتح الله للناس من رب فلا ممسك له رحمة الله تتمثل في مظاهر لا يحصيها العد في ذات في ذات الانسان نفسه وتكوينه فيما سخر له من حوله ومن فوقه ومن تحته فيما انعم عليه به مما يعلمه ومما لا يعلمه وهو كثير ومن اللطائف ان رحمة الله تتمثل في الممنوع كما تتمثل في المملوء يجدها من يفتحها الله له في كل شيء وفي كل حال يجدها في نفسه بمشاعره بما حوله حيثما كان وكيفما كان ولو فقد كل اسبابي الرفاهية وكل اسباب الرخاء المادي مما يعتبر الناس فقده حرمانا وبؤسا يفتقدها من يمسكها الله عنه. ولو وجد وبذل له كل شيء مما يعده الناس من اسباب الرخاء والرفاهية والسعادة والرضوان سبحان الله اي نعمة ازا امسك الله معها رحمته تحولت بذاتها الى نقمة اي محنة اذا احتفت بها رحمة الله تحولت بذاتها الى نعمة ان الانسان قد ينام على الشوك مع رحمة الله فيستشعر انه ينام على حرير وقد ينام على الحرير وقد امسكت عنه رحمة الله فاذا هو كالشوق او اتى وامر يعالج اعقد الامور واعصرها واصعبها مع رحمة الله. فاذا هي هوادة وسلاسة ورخاء ويسر يعالج ايسر الامور. وقد تخلت عنه رحمة الله. فاذا هي عسر ومشقة بل يخوض بها المخاوف والاخطار ويجتاز بها الفيافي والقفار فاذا هي امن وسلام وقد يعبر بدونها مساجد قاصدة وطرقا امنة. فاذا هي بوار وتهلكة لا ضيق ابدا مع رحمته انما الضيق كل الضيق مع امساكها لا ضيق مع رحمة الله ولو كان صاحبها في غياهب السجون او في شعاب الهلاك ولا وسعة مع امساكها ولو تقلب الانسان في اعطاف النعيم ومراتع النخاء الرخاء من داخل النفس تتفجر ينابيع السعادة والرضا والطمأنينة مع رحمة الله من داخل النفس تدب عقارب القلق والتعب والنصب مع امساك رحمة الله دواؤك منك ومات الشعور وذاؤك منك وما تبصر وتحسب نفسك جرما صغيرا وفيك انطوى العالم الاكبر باب الرحمة يفتح وتغلق الابواب كلها وتوصد النوافذ كلها وتسد المسالك كلها فلا تثريب عليك لا بأس عليك انه الفرج والفسحة والرخاء واليسر هذا الباب باب رحمة الله. يغلق وتفتح جميع الابواب والنوافذ فما هو بنافع وما ثمة الا الضيق والكرب الشدة والقلق والعناء سبحان الله هذا الفيض من رحمة الله يفتح ثم يضيق الرزق ويضيق السكن ويضيق العيش وتخشون الحياة ويشفوك المضجع فلا عليك الرخاء والراحة والطمأنينة هذا الفيض يمسك ثم يفيض عليك الرزق ويقبل كل شيء فلا جدوى. انه الضنك والحرج والشقاء والبلاء كل اسباب الرخاء المال الولد الصحة القوة الجاه السلطان ازا امسكت عنها رحمة الله رحمة الله تصبح مصادر قلق وتعب ونكد واذا فتحت ابواب رحمة الله كان فيها السكن والراحة والسعادة والطمأنينة بسطة الرزق مع رحمة الله متاع طيب ورخاء جميل وغد في الدنيا زاد الى الدار الاخرة ازا امسكت رحمة الله عن بسطة الرزق يصبح مسار قلق وخوف مثار حسد وبغض وقد يكون معه الحرمان ببخل او مرض او يكون معه التلف بافراط او باستهتار حتى الذرية المال والبنون زينة الحياة الدنيا اذا جاءت الذرية وجاءت معها رحمة الله رأيت في الولد زينة الحياة رأيت في الوادي مصدر فرح واستمتاع ومضاعفة للاجر في الاخرة بالخلف الصالح الذي يذكر الله ونفس الذرية ازا امسكت معها رحمة الله تصبح بلاء ونكدا وعنتا قاء وسهرا بالليل وتعبا بالنهار الصحة القوة مع رحمة الله نعمة حياة طيبة استمتاع بالحياة تمسك معها رحمة الله فاذا الصحة بلاء يسلطه الله على الصحيح القوي فيوفقها فيما يحطم الجسد ويفسد الروح ويدخر مع ذلك رصيدا ضخما من النار السلطان الجاه مع رحمة الله يصبح اداة اصلاح مصدر امن وسيلة لادخار الطيب الصالح من العمل والاثر وازا امسكت عنه رحمة الله يصبح مصدر قلقا على فوتهما بل مصدر طغيان وبغي بهما ومثار حقد على صاحبهما. لا يقر له معهما قرار لا يستمتع بجاه ولا سلطان. وقل مثل هذا في العلم الغزير والعمر الطويل والمقام الطيب تتغير وتتبدل من حال الى حال مع الامساك ومع الارسال. هذا والجماعات في هذا كالاحاد والامم كالافراد في كل امر وفي كل وضع ثم قالوا ورحم الله صاحب الزلال فهذه الدرر من كلماته رحمه الله ومن رحمة الله ان تحس برحمتك فرحمة الله تضمك وتغمرك وتفيض عليك لكن شعورك بوجودها هو الرحمة ورجاءك فيها وتطلعك اليها هو الرحمة وثقتك بها وتوقعها في كل امر هو الرحمة والعذاب كل العذاب في احتجابك عنها او يأسك منها او شكك فيها عذاب لا يصبه الله على مؤمن ابدا لانه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون ثم اسمع ايها الموفق المسدد ان رحمة الله لا تعز على طالب في اي مكان ولا في اي حال لقد واجه ابراهيم في النار وايدها يوسف في الجب كما وجدها في السجن ولدها يونس في بطن الحوت في ظلمات ثلاث عندما نادى لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين وجدها موسى في اليم فاذا خفت عليه فالقيه في اليم وهو طفل مجرد من كل قوة ومن كل حراسة كما ولدها في قصر فرعون وهو عدو له متربص به ويبحث عنه وجدها اصحاب الكهف في الكهف عندما افتقدوها في القصور وفي الدور وبين الاهل والعشيرة فقال بعضهم الى بعض فقال بعضهم لبعض الى الكهف ينشر لكم ينشر لكم ربكم من رحمة وجدها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار والقوم يتعقبونهما ويقصون الاثار ويدها كل من اوى اليها يأسا من كل ما سواها منقطعا عن كل شبهة في قوة وعن كل مظنة في رحمة قاصدا باب الله وحده دون سائل متى فتح الله ابواب رحمتك فلا ممسك له هل هن ممسكات رحمتك ومتى امسكها فلا مرسل لها. ومن ثم فلا مخافة منه ولا رجاء منها في احد ولا مخافة من كي ولا رجاء في شيء انما هي مشيئة الله عز وجل ما يفتح الله من رحمته فلا نمسك وما يمسك الله من رحمته فلا مرسل والامر مباشرة الى الله وهو العزيز الحكيم يقدر بلا معقب على الارسال والامساك ويرسل ويمسك وفق حكمة تكمن وراء الارسال او الامساك فان افعال الله جل وعلا لا تنفك عن حكمته ادرك ذلك من ادرك وافرك عن ذلك من افك وما بين البشر ورحمة الله الا ان يطلبوا رحمته مباشرة منه بلا وساطة ولا وسيلة الا التوجه اليه في طاعة وفي رجاء وفي عبودية وفي ثقة واستسلام وما يمسك فلا فلا مرسل له من بعده فلا رجاء في احد من ولا خوف من احد فلا احد يستطيع ان يرسل من رحمة الله ما امسك باي طمأنينة تعدل هذه الطمأنينة واي قرار يعدل هذا القرار واي وضوح في التصورات والمشاعر والقيم والموازين تقره هذه الاية في الضمير. اية واحدة ما يفتح الله للناس من رحمتك قل ارأيتم ما تدعون من دون الله ان ارادني الله بسوء او ارادني برحمة هل هن ممسكات رحمته؟ قل حسبي الله وهكذا انشأ القرآن بمثل هذه الايات في صدر المسلم التي تلك الفئة التي صنعت على عين الله بقرب هذه لتكون اداة من ادوات القدر ينشئ في ارض الله ما شاء الله ان ينشئ من عقيدة وتصورات وقيم وموازين. ولا يزال هذا القرآن بايدي الناس قادرا على ان ينشئ باياته افرادا وفئات تمحو وتثبت في الارض ما يشاء الله اين تستقر هذه الصور في القلوب اتأخذها جدة حق قد تحس كانها تلمسه بالايدي وبالابصار واهل الله سبحانه وتعالى لهم تجارب وجدانية وشعورية مع هذه الاية الكريمة يقول صاحبه يقول احدهم لقد واجهتني هذه الاية في هذه اللحظة ان في عسر وجهد وضيق ومشقة واجهتني في لحظة جفاف وشقاء نفسي وضيق بضائقة وعسر من مشقة واجهتني في ذات اللحظة ويسر الله لي ان اطلع منها على حقيقتها وان تسكب حقيقتها في روحي كأنما هي رحيق ارشفه واحس سريانه ودبيبه في كياني حقيقة اتذوقها لا معنى ادركه فكانت تقدم نفسها لتفسيرا واقعيا بحقيقة الاية التي تفتحت لي تفتحها هذا وقد قرأتها من قبل كثير ومررت بها من قبل كثيرا ولكن هذه اللحظة تسكب رحيقها تحقق معناها وتتنزل بحقيقتها المجردة لكي تقول لي ها انا ذا نموزج من رحمة الله حين يفتحها فانظر كيف تكون لم يتغير شيء من حولي بل لكن تغير كل شيء في حسي نعمة ضخمة ان يتفتح بحقيقة كبرى من حقائق هذا الوجود كالحقيقة الكبرى التي تتضمنها هذه الاية نعمة يتذوقها الانسان وهو يعيشها ولكنه قل ما يقدر على تصويرها او نقلها للاخرين عن طريق الكتابة. وقد عشتها وتذوقته وعرفته وتم هذا كله في اشد لحظات الضيق والجفاف التي مرت بي في حياتي وها انا ذا اجد الفرج والفرح والري والاسترواح والانطلاق كل قيد ومن كل كرب ومن كل ضيق وانا في يعني انها رحمة الله يفتح الله بابها ويسكب فيضها في اية من اياته اية من القرآن تفتح قوة من النمور تفجر ينبوعا من الرحمة يشق طريقا ممهدا الى الرضا والثقة والطمأنينة والراحة بومضة عين بنبضة قلب في خفقة جنان اللهم لك الحمد منزل القرآن هدى ورحمة للمؤمنين ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ان الله قل افرأيتم ما تدعون من دون الله ان ارادني الله بضر هل هن كاشفات ضره او ارادني برحمة الهن ممسكات رحمته. قل حسبي الله عليه يتوكلون والحزم هو الكافي ان الله جل وعلا كافيني حسبي الله عليه على الله وحده توكلت وعلى الله وحده فليتوكل المتوكلون تلك هي اية اليوم. اسأل الله جل وعلا ان يفتح لنا ولكم من ابواب رحمته ما يشرح به صدورنا وما ينور به قلوبنا وما يحملنا به في احمد الامور عنده واجملها عار الحسم هو الكافي كما قال تعالى وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فيل انقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم لم يمسسهم سوء التوكل تفويض امور المفوض الى من يكفيه اياه كما قال تعالى فاذا عزمت توكل على الله ان الله يحب المتوكل نكتفي احبتي بهذا القدر في التعليم سنلتقي بكم فيه اية اخرى استودعكم الله وسلام الله