الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه ايها الاخوة والاخوات سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. وحياكم الله جميعا. ومرحبا بكم مجددا. مع هذه المحاضرة في الثالثة من تفسير سورة المائدة مع قول الله جل جلاله بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ولقد اخذ الله ميثاق بني اسرائيل وبعثنا منه مثني عشر نقيبا وقال الله اني معكم لان اقمتم الصلاة واتيتم الزكاة وامنتم برسلي وعزرتموهم واقرضتم الله قرضا حسنا لاكفرن عنكم سيئاتكم ولادخلنكم جنات تجري من تحتها الانهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل بهذه الاية الكريمة يبين الله جل جلاله كيف اخذ العهود والمواثيق على من سبق من اهل الكتابين التوراة والانجيل اليهود والنصارى جاء هذا في اعقاب ما امتن الله به على عباده المؤمنين بما اسبغ عليهم من نعمه الظاهرة والباطنة وبما امرهم به من الوفاء بالعهود والمواثيق التي اخذها عليهم وبما امرهم به من القيام بالحق. وان يكونوا قوامين بالقسط شهداء لله عز وجل. بعد ان فرغ من الحديث عن ذاديك في الربع الماضي كما اشرنا الى ذلك في المحاضرة السابقة شرع يبين كيف اخذ العهود مواثيق على من كان قبل هذه الامة من اهل الكتاب من اليهود والنصارى فلما نقضوا عهد الله وميثاقه اعقبهم الله ذلك لعنة وطردا عن بابه وجنابه وحجابا لقلوبهم عن الوصول الى الهدى ودين الحق. العلم النافع والعمل الصالح ولقد اخذ الله ميثاق بني اسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا النقيب كبير القوم المعني بشؤونهم. كما نقول نقيب الاطباء نقيب الصيادلة نقيب المحامين نقيب الاشراف النقيب كبير القوم المعني بشؤونهم وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا. وهذا عندما توجه موسى لقتال الجبابرة امر بذلك صلوات ربي وسلامه عليه. ومن هذا القبيل ايضا لما بايع نبينا صلى الله عليه وسلم الانصار في ليلة العقبة كان في اثنا عشر نقيبا ثلاثة من الاوس وتسعة من الخزرج. ثلاثة من الاوس وهم اسيد بن الحضير وسعد بن خيثم ورفاعة بن عبدالمنذر وتسعة من الخزرج ولقد اخذ الله ميثاق بني اسرائيل وبعثنا منه اثني عشر نقيبا هؤلاء كانوا عرفاء على قومهم ليلة العقبة كما كان النقباء في زمن موسى كانوا ايضا عرفاء وكفلاء عن قومهم كانهم يرفعون بيعتهم وميثاقهم وعهدهم على الطاعة الى نبيهم موسى كما رفع النقباء من الانصار ليلة العقبة عهد قومهم على الطاعة الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقال الله اني معكم المعية هنا معية نصرة معية كلاءه معية حفظ معية رعاية وعناية وقد قلنا في محاضرة سابقة ان المعية نوعان معية عامة العلم الشامل القيومية الاحاطة هذه معية الله مع خلقه جميعا ثمة معية خاصة يختص الله بها صفوته من خلقه صفوته من عباده من الانبياء والاصفياء والاولياء والصالحين وقال الله اني معكم لان اقمتم الصلاة واتيتم الزكاة وامنتم برسلي وعزرتموهم تحزير في اللغة انما اصل يدل على امرين الامر الاول التعظيم والنصر ومنه قوله تعالى فالذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اهو اولئك هم المفلحون. ومنه قول الله تعالى لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة واصيلا. التعزير والتوقير للنبي والتسبيح لله جل جلاله وايضا في في النهاية في غريب الحديث يقول اصل التعزير المنع والرد كأنه يقول هذه الكلمة من اسماء الاضاد التي تدل على الشيء وعلى ضده. قال اصل التعزير المنع والرد فكأن من نصرته قد رددت عنه اعداءه. عندما نعزر النبي صلى الله عليه وسلم اي نعظمه ونوقره اي نرد عنه اعدائه ومن اراده بسوء وايضا قيل بالتأديب بما هو دون الحد يسمى تعزير لانك تمنع الجاني من معاودة الذنب مرة اخرى ففي كلا الامرين معنى المنع والرد ان كان تعظيما انت تمنع عمن عذرته اعداءه وتنصره منهم وان كان بمعنى التأديب والعقوبة فانت ترد الجاني وتمنعه من معاودة الذنب مرة اخرى فهو من اسماء الضاد التي تدل على الشيء وعلى نقيضه واقرضتم الله قرضا حسنا الانفاق في سبيل الله عز وجل الله سماه اقراض لتطمئن نفوس المتصدقين ان مالهم لا يضيع ابدا ما نقص مال من صدقة. ان الصدقة تقع من يد الله في مكان قبل ان تقع في يد الفقراء والمساكين قرض لله عز وجل. من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة. والله ابيضوا ويبسطوا واليه ترجعون واقرصتم الله قرضا حسنا لاكفرن عنكم سيئاتكم. امحوها استرها لا لا اؤاخذكم بها ان الله يدني عبده المؤمن يوم القيامة. يضع عليه كنفه وستره. ثم يقرره بذنوبه اتذكر ذنب كذا يوم كذا وكذا اتذكر ذنب كذا يوم كذا وكذا؟ يقر بذنوبه. لا يكتم منها شيئا ولا يكتمون الله حديثا. حتى اذا يقع في نفسه انه هلك قال الله جل جلاله سترتها عليك في الدنيا واليوم اغفرها لك واما الاخرون فيقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم الا لعنة الله على الظالمين فمن كفر بعد ذلك منكم من خالف هذا الميساق بعد عقده وتوكيده وشده من جحد من عامله معاملة من لا يعرفه ومن لا يقر به اخطأ الطريق الواضح القاصد عدل عن الهدى الى الضلال خرج من النور الى الظلام ثم اخبر تعالى عما حل بهم من عقوبات نتيجة لنقض هذا الميثاق. فقال تعالى فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم واجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلمة عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزالوا تطلع على خائنة منهم الا قليلا منهم فاعف عنهم اصبح ان الله يحب المحسنين عقوبات خمس لمن نقض ميثاق الله عز وجل تبي فبما نقضهم ميثاقهم اي بسبب نقضهم الميثاق الذي اخذ عليهم كانت هذه العقوبات في مقدمة في مقدمتها اللعنة الطرد من رحمة الله الابعاد عن الحق الطرد عن الهدى ثم قسوة القلوب لا تتعظوا بموعزة لا تنتفعوا بموعزة لغلظها ولقساوتها ثم تحريف الكلم عن مواضعه فساءت فهومهم وساءت تصرفاتهم وتأولوا كتاب الله على غير ما على غير ما انزله ثم قال ونسوا حظا مما به اي تركوا بعض ما انزله الله عليهم رغبة عنه اما نسيان علمي او ترك عملي النتيجة ان جزءا من الحق قد ضيع بين ايديهم ان جزءا من الدين قد اضاعه القوم لم يحفظوا فيه عهد الله وميثاقه عليهم بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء ان الله قد استحفظ الاحبار على التوراة فلم يحفظوا فتولى الله بنفسه حفظ كتابه الاخير انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون باية سورة المائدة انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا. والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء. الربانيون والاحبار استحفزهم الله على كتابه فخانوا امانة الله وبدلوا وغيروا وحرفوا يحرفون الكلم عن مواضعه يلون السنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون تحفظوا كتاب الله فضيعوا امانة الله وخانوا وبدلوا وغيروا. فتولى الله بنفسه حفظ كتابه الاخير. انا نحن الا الذكر وانا له لحافظون نقض العهود والميثاق سبب لتسليط الامم الاخرى على الامة الناقدة للميثاق المغيرة لعهد الله عز وجل. استمع لهذا الحديث عن عبدالله بن عمر قال اقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا معشر المهاجرين خمس اذا ابتليتم بهن واعوذ بالله ان تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها الا فشى فيهم الطاعون والاوجاع التي لم تكن مضت في اسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان الا اخذوا بالسنين القحط والجد وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم ولا مني ولم يمنعوا زكاة اموالهم الا منعوا القطر من السماء. ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقلوا عهد الله وعهد رسوله الا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فاخذوا بعض ما في ايديهم اقول هذه الجملة مرة اخرى لانها شديدة الصلة بما نحن بصدده بنقض العهود والمواثيق ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله الا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فاخذوا بعض ما في ايديهم. تأملوا واقع الامة في هذه الايام. الم يسلط الله عليها عدوا من غيرها؟ فاخذوا بعض ما في ايديهم تلفت يمنة تلفت يسراه حيثما طوفت بناظريك في ارجاء هذه الامة المنكوبة التي اصبحت كالقافلة المكروبة تخبط منذ زمن طويل طويل في مجاهل الارض وخوادع السبل لا تكاد تتبين نسما لطريق لا تكاد تتعرف وجها للغاية ثم ادلائها وروادها الغواة يلتهمون زادها مع الوحش يستبيحون ما لها مع المغير يغتنمون ضلالها مع الحوادث لا تكاد تتبين نسما لطريق لا تكاد تعرف وجها لغاية ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله الا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فاخذوا بعض ما في ايديهم وما لم تحكم ائمتهم بكتاب الله. ويتخيروا مما انزل الله الا جعل الله بأسهم بينهم وهذا اوضح ما نراه في واقع الامة بأسها بينها شديد. لماذا؟ الجواب عند سيدي وسيدك. الجواب عند نبيك صلى الله عليه وسلم وما لم تحكم ائمتهم بكتاب الله. ويتخيروا مما انزل الله الا جعل الله بأسهم بينهم يبقى فبما نقضهم ميثاقهم. كانت هذه العقوبات اللعن وقسوة القلوب وقسوة القلوب من اعظم انواع العقوبات وان لم يستشعر بها اصحابها اصحاب القلوب الحية ينتفعون بالمواعظ اذا ذكرتهم تذكروا ازا خوفتهم بالله خافوا اما اصحاب القلوب القاسية اصحاب القلوب القاسية فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله ان الله جل وعلا ووصف لنا اصحاب القلوب المخبتة فقال الحية الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جنود الذين يخشون ربهم ثم تلين جنودهم وقلوبهم الى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء تحريف الكلمة عن مواضعه من بين العقوبات التي يبتلى بها من نقض عهد الله وميثاقه يحرف الكلم عن مواضعه وسل عن هذا الائمة المضلين في واقعنا المعاصر الذين حرفوا كلام الله عن مواضعه الذين صدقوا اهل الجور على كذبهم واعانوهم على ظلمهم ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول في ائمة الجور فمن صدقهم على كذبهم واعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولن يرد علي حوضي يوم القيامة ومن لم يصدقهم على كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وانا منه والسيرد علي حوضي يوم القيامة تحريف الكلم عن مواضعه سل عنه الائمة المضلين في واقعنا المعاصر بين قوسين اذكر واقعة سمعتها اذني مباشرة من احد المشايخ كان يشكو لي ما ال اليه امر الناس وبعض الائمة المضلين انه خطب يوما بعيد العمال في بداية مايو فاراد ان يجامل الساسة يومئذ فقال فيما قال ويا حسرة على العباد ويا ويلتى له مما قال قال حسب العمال من رفعة المنزل ومن الكرامة عند الله ان نبينا انتسب اليهم وكان يهتف ويقول اني عامل اني عامل يقصد قول الله سبحانه وتعالى يا قومي اعملوا على مكانتكم اني عامل انظر سياق الاية ومن سياق هذا المأفون الذي حرف الكلم عن مواضعه ونقلها من السياق الرباني النوراني الايماني القرآن الى بقايا عيد شيوعي يريد ان يقول للناس النبي كان يحمل على الاكتاف ويهتف ويقول اني عامل اني عامل فاي تحريف يعدل هذا التحريف واي مهانة تعدل هذه المهانة؟ نتذكر قول الله تعالى واتل عليهم نبأ الذي اتيناه اياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاويين. ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه اخلد الى الارض واتبع هواه. فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث. ذلك مثل القوم الذين كذبوا باياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون نسيان حظ مما ذكروا به. من ينقل عهد الله وميثاقه يبتلى بانه يضيع جزءا من الدين وهذه الاضاعة لجزء من الدين توقع العداوة والبغضاء بين هؤلاء الفرقاء وضرب شيخ الاسلام مثالا قال من غلبت عليه الموساوية ومن غلبت عليه العيسوية كانه يشير الى الفقهاء الذين اهتموا باعمال الجوارح بطهارة الظاهر وهمشوا الاهتمام باحياء الربانية والتزكية واعمال القلوب في المقابل بعض عوام اوجهالمتصوفة والمتنسكة الذين اهتموا بفقه الباطن وبطهارة الباطن وباحياء الربانية والحديث عن مقامات الاحسان وعن مدارج السالكين على حساب تهميش طهارة الظاهر وكلتا الطهارتين مقصود شرعا ان الله جل وعلا يقصد منا او يريد منا ان نطهر ظواهرنا وان يطهر بواطننا الله جل وعلا يريد ان يطهركم كما قال في اية الوضوء وهو يريد ايضا ان يطهر ارواحنا وقلوبنا خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها نعم ولو ان الفقهاء اضافوا الى اهتمامهم بطهارة الظاهر طهارة الباطن وكثير منهم فعل ذلك بل ان الاصل في من انتسب الى الفقه وعرف في الامة بالريادة الفقهية انه كانوا علماء ربانيين وانهم كانوا زهادا وكانوا ركعا وكانوا سجودا وكانوا عبادا وانما يخشى الله من عباده العلماء. لكن بعض الناس غلبت عليه الصنعة الفقهية فاهتم بطهارة الظاهر واهتم بفقه اعمال الجوارح على حساب تهميش الجانب الاخر. ايضا لو اهتم دعاة التزهد والتمسك والتصوف باحياء العلم الشرعي والتفقه في الدين والتعرف على احكام الحلال والحرام واهتموا بفقه الظاهر ايضا لضاقت الشقة ما بين الفريقين لردمت الفجوة والهوة التي اتسعت بينهما لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. ثم انتبهوا ونسوا حظا مما ذكروا. الله جل وعلا سمى ما يتعلق بعبادته علما او عملا حظا وهو الحظ الحقيقي لان ما عداه حظوظ دنيوية فانية وخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما اوتي انه لذو حظ عظيم لكن قال بالحظ النافع وما ينقاها الا الذين صبروا. وما يلقاها الا ذو حظ عظيم. حزوز الاخرة هي الحزوز العظيمة في واقع الحال. وان بدا في عيون الناس او الغافلين منهم ان حظوظ الدنيا هي الحظوظ العظيمة لقسوة القلب اسباب كثيرة. الغفلة عن ذكر الله عز وجل. وكثرة المعاصي. الذنوب طولة الغفلة. الغفلة تورث القسوة. القسوة تورث البعد من الله عز وجل. والبعد من والبعد من الله يورث النار فقسوة القلوب من ثمرات المعاصي. التفريط في الفرائض. الانشغال بالدنيا والانهماك في طلبها كلمة جميلة لابن القيم يقول متى رأيت القلب قد ترحل عنه حب الله؟ والاستعداد للقائه وحل فيه حب المخلوق والرضا بالحياة الدنيا والطمأنينة بها فاعلم انه قد خسف به نعم كان يقول اذا زهدت القلوب في موائد الدنيا قعدت على موائد الاخرة بين اهل تلك الدعوة اذا زهدت القلوب في موائد الدنيا قعدت على موائد الاخرة بين اهل تلك الدعوة. واذا رضيت بموائد الدنيا فاتتها تلك الموائد ايضا طول الامل من اسباب القسوة التوسع المذموم في المباحات كان الفضيل ابن عياض رحمه الله يقول ثلاث خصال تقسي القلب كثرة الاكل وكثرة النوم وكثرة الكلام ايضا كثرة مخالطة الناس في غير مصلحة كان يقال لقاء الناس ليس يفيد شيئا سوى الهذيان من قيل وقال فاقلم من لقاء الناس الا لاخذ بالعلم او اصلاح حالي تأقلم من لقاء الناس الا لاخذ العلم او اصلاح حاله ايضا من الاسباب الوجيهة التي ترجح مخالطة الناس عندما يقدرون على حقوق هذه المخالطة الذي يخالط الناس ويصبر على اذاهم بقصد الدعوة بقصد الاحتساب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر القيام بحجة الله عز وجل. استفاضة البلاغ من خلال مقاله او من خلال حاله كانت له نية صالحة في هذه المخالطة فهو خير ممن يعتزلون اه عدم الرحمة بالخلق التعصب للرأي وكثرة الجدال. الشافعي رحمه الله كان يقول المراء في العلم يقسي القلوب ويورث الضغائن الابتداع في الدين. اصحاب البدع قلوبهم قاسية واذ قال موسى لقومه يا قومي لم تؤذونني وقد تعلمون اني رسول الله اليكم فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين زلم ضعفاء اكل المال الحرام عدم التور وعن الشبهات الكبر بثر الحق وغمط الناس الى اخره. كل هذه من اسباب قسوة القلب عياذا بالله من الخذلان. فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله ثم قال تعالى ومن الذين قالوا انا نصارى اخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به الذين ادعوا انهم نصارى انصار المسيح متابعون له وليسوا في الحقيقة كذلك لا والله نحن اولى بالمسيح ممن عبده من دون الله ان المسيح ما قال لاحد من الناس اتخذوني وامي الهين من دون الله ان المسيح ما قال للناس انا ربكم الذي ينبغي ان تعبدوه ان الله جل وعلا يقول لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا ان اراد ان يهلك المسيح ابن مريم وامه ومن في الارض جميعا الله جل جلاله تفرد بالخلق وتفرد بالامر فتفرد وحده باستحقاق العبادة لا رب غيره ولا معبود سواه جل جلاله ومن الذين قالوا انا نصارى اخذنا الميثاق كما اخذه على اليهود اخذه على النصارى لكن كلا الفريقين بدل عهد الله وميثاقه وخان امانة الله وغير وحرف. حرف الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به فاغرينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصلون اما نسيان علمي او نسيان عملي نسيان علمي او نسيان عملي اما ضيعوا جزء من مواريث انبيائهم حتى يعني افتقد من ايديهم او انه موجود في صحائفهم. لكنهم هجروا العمل به وتواطؤوا على تغييره عمليا وعلى تبديله سلوكيا سوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون لا اله الا الله محمد رسول الله بالمناسبة هذه الايات التي ساقها الله عز وجل في كتابه عن نقض المواثيق والعهود وتبديلها ما ساقها لمجرد التسلية بل ساقها لتكون لنا فيها عبرة لقد نقض القوم ميثاق الله فلعنه الله وجعلهم قلوبهم وجعل قلوبهم قاسية و خلى بينهم وبين ما ارقص فيه من تحريف الكلمة عن مواضعه وما تورطوا فيه من الخيانات ولا تزال تطلع على خائنة منهم الا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح ان الله يحب المحسنين ومن خيانة القوم انهم هموا بقتل النبي صلى الله عليه واله وسلم كما حدس في حادثة بني النضير هموا ان يلقوا عليه حجرا من فوق الجدار الذي كان مستندا اليه. لكن الله جل وعلا نبأه بكيدهم فقام مسرعا ثم توجه لغزوهم وحصارهم او تلك اليهودية التي دست السم في الشاة للنبي صلى الله عليه وسلم ولا تزال تطلع على خائنك او خيانة بني قريزة عندما خذلوا رسول الله والمؤمنين معه يوم الاحزاب باحر اللحظات وادق الساعات اذ جاءوكم من فوقكم ومن اسفل منكم واذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا. هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا. كانت خيانة بني قريزة في هذه اللحظات العصيبة الحرجة. ولا تزال تطلع على خائنة منهم الا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح ان الله يحب المحسنين بعض اهل العلم يقول فاعف عنهم واصفح منسوخة بايت السيف اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير ولكن الصواب انها ليست بمنسوخة ايات الصبر تخاطب الامة في زمن استضعافها وايات السيف تخاطب الامة في زمن تمكينها واستخلافها. واذا امكن الجمع بين النصوص واعمالها جميعا فان السيرورة الى الجمع اولى من القول بالنسخ لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. ثم قال تعالى يا اهل الكتاب قد جاءكم رسول يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير كم اخفيتم من كم اخفيتم من كتاب الله عز وجل كم جعلتموه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا الم تخفوا بشارة التوراة والانجيل بالنبي محمد الم تتواطوا على كتمان البشارة به وتحجب هذا العلم عمن جاء يستفتيكم في شأنه ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد لقد اخذ الله ميثاق النبيين جميعا على الايمان بمحمد اذا ادركوا زمانه. وان يأخذوا على اقوامهم الميثاق بالايمان به ان ادركوا زمانه فهذا اما اخفاه القوم وبدلوا وغيروا جاءكم رسولنا جاءكم رسولنا تأمل في هذا اللفظ القرآني من الناس في زمننا من يقول ان اهل الكتاب لا يلزمهم الايمان بمحمد لان عندهم نبي لان عندهم كتاب هذا كذب على الله عز وجل. يا اهل الكتاب قد جاءكم رسولنا النبي صلى الله عليه وسلم بعث الى هرقل اسلم تسلم يؤتك الله اجرك مرتين. فان ابيت فعليك اثم الاريسين يا اهل الكتاب قد جاءكم رسول يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله. فان تولوا فقولوا اشهدوا اما مسلمون ان الله جل وعلا ارسل محمدا بالهدى ودين الحق الى اهل الارض كافة عربهم وعجمهم اميهم وكتابيهم بعثه بالبينات والهدى وبالفرق بين الحق والباطل تبين لهم كثيرا مما كانوا يخفون من الكتاب مما بدلوه وحرفوه واولوه وافترو فيه على الله الكذب ثم عفا عن كثير ممن لم يكن في بيانه حكمة قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام. اي طرق النجاة والسلامة ومناهج الاستقامة ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه او من كان ميتا فاحيينا واجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها يوضح لهم ابيض المسالك يصرف عنهم المحذور يحصلهم احب الامور ينفي عنهم الضلالة يرشدهم الى اقوم حالة لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا ان اراد ان يهلك المسيح ابن مريم وامة ومن في الارض جميعا ولله ملك السماوات والارض وما بينهما يخلق ما يشاء. والله على كل شيء قدير ومن يقل منهم اني اله من دونه فذلك نجزيه جهنم. كذلك نجزي الظالمين المسيح يقول لبني اسرائيل ان الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم يا بني اسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من انصار الشرك اعظم انواع الظلم على الاطلاق. لقد سئل حبيبنا صلى الله عليه وسلم. اي الذنب اعظم؟ قال ان تجعل الله وهو خلقك قالوا ثم اي يا رسول الله؟ فقال ان تقتل ولدك مخافة ان يطعم معك. ثم اي؟ قال ان بحليلة جارك ونزل قوله تعالى والذين لا يدعون مع الله الها اخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا لا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى اثاما. يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا. الا من تاب وامن وعمل صالح عمل صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات. وكان الله غفورا رحيما ثم قال تعالى وقالت اليهود والنصارى نحن ابناء الله واحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم؟ بل انتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله في السماوات والارض وما بينهما واليه المصير ان من مقالات القوم الفاسدة والباطلة هذه الدعوة الباطلة. كل منهما كل منهما يقول نحن ابناء الله واحباؤه لكن بالمناسبة لا يقصدون البنوة الحقيقية. ان لم يزعموا ذلك الا في المسيح اما يقصد نحن احباب الله وصفوته وخلاصته من من خلقه. نحن اتباع انبيائه الذين هم بنوه وهم احب الناس اليه فانتسابنا لهم يجعلنا اقرب الناس الى الله واحب الناس الى الله. ونقلوا عن كتابهم ان الله تعالى قال ابنه اسرائيل انت ابني بكري فحملوا هذا اللفظ ان صح على غير تأويله وحرفوه وقالوا ان كلمة ابن في لغة القوم الحبيب لم يريدوا البنوة الحقيقية فليس هذا من مذهبهم الا في المسيح عليه السلام آآ من اللطائف التي تزكر زكرها الحافظ ابن كثير ان احد الشيوخ المتصوفة سأل فقيها قال له اين تجد في القرآن ان الحبيب لا يعذب حبيبه اين يطيل في القرآن ان الحبيب لا يعذب حبيبه فلم يرد عليه الفقيه شيئا. فقال له قل فلم يعذبكم بذنوبكم هم قالوا نحن ابناء الله واحباءه. قل فلما يعذبكم بذنوبكم؟ اي لو كنتم احبابه ما عذبكم. لان الحبيب لا يعذب حبيبه بل انتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء. يسري عليكم قانون العدل والفضل يعذب من يعذب منكم عدلا ويغفر لمن يغفر منكم فضلا يسري عليكم قانون العدل والفضل الذي يسري على عباده جميعا اي لكم اسوة من امثالكم من بني ادم وهو سبحانه الحاكم في جميع خلقه. المتصرف فيهم جميعا يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء فعال لما يريد لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه ولله ملك السماوات والارض وما بينهما. الجميع ملكه تحت قهره وسلطانه وسلطانه. اليه المرجع والمآب يحكم في عباده ما يشاء جل جلاله. ثم قال تعالى اخر اية في لقاء اليوم ان شاء الله اصبروا معنا. يا اهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل بعد مدة متطاولة ما بين ارساله وعيسى ابن مريم بعد مدة متطاولة ما بين ارساله وعيسى ابن مريم ان تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير. الخطاب لاهل الكتاب يا اهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم فهم مخاطبون كغيرهم من سائر امم الارض لان دعوة نبينا صلى الله عليه وسلم لم تكن للعرب وحدهم ولا للعجم وحدهم ولا لجنس دون جنس ولا لقبيل دون قبيل وما ارسلناك الى كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن اكثر الناس لا يعلمون يا اهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل ان تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير. والله على كل شيء قدير. الفترة ما بين ما بين عيسى ومحمد صلاح صلوات الله ربي وسلامه عليهم حوالي ستمئة سنة آآ آآ تقريبا المقصود ان الله بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل وعلى طموس من السبل وتغير الاديان وكثرة عبادة الاوثان والنيران فكانت النعمة به اتم النعم والحاجة اليه امس كان الناس امس ما يكونون حاجة اليه فقد غطى الفساد وجه الارض قاطبة كما جاء في ان الله نظر الى اهل الارض فمقتهم عربهم وعجمهم الا بقايا من اهل الكتاب هكذا كان حال البشرية عندما بعث فيها محمد صلى الله عليه وسلم وبعد هذا آآ شوقي يقول في نهجي البردة اي نعم اتيت والناس فوضى لا تمر بهم الا على صنم قد هام في صنم والارض مملوءة جورا مسخرة لكل طاغية في الارض محتكم مسيطر الفرس يبغي في رعيته وقيصر الروم من كبر اصم عمي يعذبان عباد الله في شبه ويذبحان كما ضحيت بالغنم والخلق يفتك اقواهم باضعفهم كاليث بالبهم او كالحوت بالبلم البلم السمك الصغير كاليث بالبهم او كالحوت بالبلم وفي الحديث النبي صلى الله عليه وسلم يعني يقول الا ان ربي امرني ان اعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا كل مال نحلته عبدا حلال. النحلة العطية. كل مال نحلته اياه من طريق مشروع. يعني لم ينله من طريق محرم لا غصبا ولا نهبا ولا سلبا. وهذه اشارة الى ابطال ما حرمه القوم على انفسهم من بهيمة الانعام بغير سلطان من الله ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وسيلة ولا حام نعم كل مال نحلته عبدا حلال واني خلقت عبادي حنفاء كلهم. كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه. وانهم اتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما احللت لهم وامرتهم ان يشركوا بي ما لم انزل به سلطانا. وان الله نظر الى اهل الارض فمقتهم عربهم وعجمهم الا بقايا من اهل الكتاب الى اخر الحديث النبوي. ومعنى فاجتالتهم عن دينهم اي استخفوهم فذهبوا بهم وازالوهم عما اكانوا عليه وجالوا معهم في الباطل وفي الحديث ايضا وانزلت عليك كتابا لا يغسله الماء اي لا يتطرق عليه الذهاب بل يبقى مدى الازمان لانه كما حفز في سطور الكتبة حفظ في صدور الحفظة ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر فالقرآن يعني اجتمع على حفظه امران انه مكتوب في سطور الكتبة محفوظ في صدور الحفظة اللهم اهدنا سواء السبيل وقنا عذابك يوم تبعث عبادك يا رب العالمين نعم والله على كل شيء قدير. ان قادت له الاشياء طوعا وكرها وله اسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها واليه ترجعون فلا يستعصي عليه شيء منها ومن قدرته انه ارسل رسله وانه انزل الكتب وانه يثيب من اطاعه وانه يعاقب من عصاه الارض جميعا قبضته يوم القيامة. والسماوات مطويات بيمينه. سبحانه وتعالى عما يشركون اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وجلاء همومنا وذهاب احزاننا. ذكرنا منه ما نسينا علمنا منه يجهلنا ارزقنا تلاوته اناء الليل واطراف النهار. على النحو الذي يرضيك عنا اجعل خير اعمالنا خواتيمها خير عمرنا اخره خير ايامنا يوم نلقاك وانت راض عنا. اصلح لنا في ذرياتنا. انا تبنا اليك وانا من الموت. وانا من المسلمين اغفر لنا ولوالدينا ووالديهم واصحاب الحقوق علينا اجمعين ابدلهم دارا خيرا من دارهم واهلا خيرا من اهلهم برحمتك يا رب ارحم الراحمين. اللهم امين. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم. سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك