المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب الرضاع. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله كتاب الرضاع. وهو شرب الطفل لبن امرأة في الحولين ويشترط ان يكون ثاب عن حمل. وهذا غالب احوال النساء انه لا يوجد الا بعد حمل. فلو حنت امرأة على طفل فثاب لبنها من غير وطئ ولا حمل. مع انه نادر. فلا يثبت به حكم الرضاع. هذا مشهور من المذهب. والرواية الثانية انه يثبت به ولا فرق بينهما لا شرعا ولا معنى. لان كليهما يغذي الطفل. وهذا اصح والحكمة في التحريم بالرضاع ظاهرة. فانه لما تغذى بهذا بني نبت لحمه عليه. فكان كالنسب له ولهذا قالوا الرضاع يغير طباع ومن هذا استحبوا ان يختار الانسان لولده. مرضعة حسنة الخلق والخلق والدين. قالوا ويكره ارتضاع كافرة وفاسقة وسيئة الخلق ومن بها برص او جذام. لان ذلك يتعدى الى الولد. واو اول ما يكون ينبغي الا يرضع ولده. بل يقصره على لبن امه. فانه انفع وامرأ. وخصوصا في هذا الزمان الذي فسدت فيه احوال الناس وايضا فانهم لا يضبطون الرضاع. ويهملون ذلك اهمالا عظيما في ذلك من الخطر ما فيه. فتجد الانسان يتزوج ذات رحمه المحرم بالرضاع وهم لا يعلمون ذلك. ثم ربما علموا بعد ذلك ففرق بينهما وربما خفي ابدا. فاذا كانت الام تكفي ولدها فينبغي انى يرضعه. فان حادته الضرورة ان يرضعه. فينبغي ان يجتنب ذوات العيوب المتقدمة. ويختار لارضاعه احسن من يجد يضبط ذلك بالكتابة. في كتب ان ابني فلانا او بنتي فلانة رضع من فلانة من لبن فلان زوجها. وان كتب من قد رضع من تلك الانثى مع ولده او قبله فهو اكمل واحسن. ومثله لو رضع احد من لبنه. فينبغي ان يكتب ان فلان ابن فلان رضع من زوجتي فلانة من لبني. فانه وبذلك يحصل الحفظ التام وحفظ ذلك واجب. وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. الخامس والعشرون والثلاثمائة حديث الاول عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في بنت حمزة لا تحل لي يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. وهي ابنة اخي من الرضاعة. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في ابنة حمزة لا تحل لي اي لما قيل له تزوجها. واشاروا عليه بذلك. ثم بين ذلك فقال يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. وهي ابنة اخي من الرضاع اي انه عمها. السادس والعشرون والثلاثمائة. الحديث عن عائشة رضي الله عنها انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الرضاع يحرم ما يحرم من الولادة. رواه رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومثله قوله في حديث عائشة يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة ففيهما انه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ينبغي ان يعلم انه من جهة المرتظع. لا يتعدى الا الى فروعه فقط لانهم الذين انتفعوا باللبن. لانهم فرعه. واما اصوله وحواشيه فلا دخل لهم في ذلك. فتباح ام المرتضع لاخيه من النسب. واخته من النسب لابيه من الرضاع. واما من جهة المرضعة وصاحب اللبن فان تحريم ينتشر فيهم كالنسب. وقد ضبط ابن رجب رحمه الله تعالى في في قواعد المحرمات من النسب فقال يحرم الاصول وان علوا الفروع وان نزلوا وفروع الاب والام وان نزلوا. وفروع من فوقهم لصلبه فالاصول من لهم عليك ولادة. الاب والام والاجداد والجدات من كل جهة. والفروع من لك عليهم ولادة. ويدخل في ذلك الابن والبنت واولادهم وان نزلوا. وقوله وفروع الاب والام وان يدخل في ذلك الاخت وبنتها وان نزلت. وبنت الاخ وبنتها وبنت وان نزلت. ويدخل في قوله وفروع من فوقهم لصلبه فروع الاجداد والجدات. وهن الخالات والعمات. واما فروع وهن بنات الاعمام وبنات العمات. وبنات الاخوال وبنات الخالات فالمحرمات من الرضاع كالمحرمات من النسب. واختلفوا في المحرم ومات من الصهر بالرضاع. كزوجة الابن من الرضاع. وزوجة الاب من الرضاع وام الزوجة من الرضاع ونحوها. مذهب الائمة الاربعة يحرمنك النسب السابع والعشرون والثلاثمائة. وعنها انها قالت ان افلح اخاه استأذن علي بعد ما انزل الحجاب فقلت والله لا اذن له حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فان اخاء بالقلوب عيسي ليس هو ارضعني. ولكن ارضعتني امرأة ابي القعيس. فدخل علي رسول قول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقلت يا رسول الله ان الرجل ليس هو ارضعني. ولكن ارضعتني امرأته. فقال فانه عمك تربت يمينك. قال عروة فبذلك كانت عائشة تقول قل حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب. في لفظ ثم استأذن علي افلح لم آذن له فقال اتحتجبين مني وانا عمك؟ فقلت كيف ذلك قال ارضعتك امرأة اخي بلبن اخي. قالت فسألت رسول الله صلى الله الله عليه وعلى آله وسلم فقال صدق افلح. ايذني له تربت يمينك رواه البخاري ومسلم. تربت اي افتقرت. والعرب تدعو على الرجل ولا تريد وقوع الامر به. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث عائشة ان افلح اخا ابي القيس استأذن علي بعد ما انزل الحجاب وكان عادتهم في الجاهلية. لا يحتجب النساء عن الرجال. مع ما فيهم من كالغيرة الشديدة خصوصا الاحرار. واستمرت هذه العادة في اول الاسلام فلم يؤمر به في مكة ولا غرابة في ذلك. فان كثيرا من الشرائع التي هي اعظم من ذلك. لم يؤمر بها الا بعد الهجرة. كالصيام والحج والزكاة فكانت الشرائع تنزل شيئا فشيئا. مدة ثلاث وعشرين سنة. لاجل تدريج ناسي وليتقنوا الشرائع. الى غير ذلك من الحكم. ولم تنزل اية الحجاب الا في المدينة وسبب نزولها عمر فانه قال يا رسول الله نساء يدخل عليهن البر والفاجر. فلو امرتهن ان يحتجبن. فنزلت اية الحجاب فاحتجب نساء الصحابة والتابعين وتابعيهم. واستمر على ذلك عمل قرون المفضلة. فكان كالاجماع عندهم. حتى شذ بعض الفقهاء فقال بعدم وجوبه فانا ما هذا الامر الى ان عد هذا القول الباطل خلافا في هذا الزمان واخذ به كثير من المنتسبين للعلم. بل ومن العلماء الذين يعدون علماء في هذا الزمان فاخذوا ينشرون على صفحات المجلات والجرائد الاسلامية اباحة السفور للنساء. والحال ان هذا قول باطل. لا يعد خلافا في المسألة لانه خارق لما اجمع عليه الصحابة. وسائر القرون المفضلة لو ان احدا استعمله في تلك الازمنة لانكروا عليه اشد الانكار. ولعدوه خليفا لما علم بالضرورة وجوبه. هذا مجرد فعله. فضلا عن القول بجوازه واباحته والعجب ان العلماء من المصريين نصروا هذا القول نصرا عظيما. مع انه مخالف لصريح القرآن. ولا نقول هذا قدحا بهم. ولكن نبين انه هذا قول باطل. وانما دخل عليهم هذا من التعشق لحالة الفرنج وتسميتهم تلك العوائد تمدنا. وانكارهم على من خالفهم. وهذه الاحوال طريق يتوصل بها الفرنج الى اخراج المسلمين من دينهم. فان المبشرين وهم الدعاة والذين بثوهم في البلاد وفتحوا لهم المدارس واتفقت دول الفرنج على مساعدتهم مقصودهم اخراج المسلمين عن دينهم. واذهاب روحي الاسلام عنهم. ومن اعظم الطرق لهم هذه المسألة. ونشر زيهم الى غير ذلك من الطرق. وليس مقصودهم ان يقولوا هم نصارى. بل يكفيهم ان ان يسلبوهم دينهم. ولو قالوا انهم مسلمون. وهذه المسألة جاءت العرب فينبغي الاحتراز من هؤلاء. والحذر من شرهم. فان مقصودهم الاعظم تخلي من الدين الاسلامي. والانحلال عن شرائعه. الشاهد ان السفور محرمة بنص القرآن واتفاق الصحابة والتابعين وتابعيهم. وقولها والله لا اذنوا له حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فان ابي القعيس ليس هو ارضعني. ولكن ارضعتني امرأة ابي القعيس. الى اخره وكانت رضي الله عنها ظنت انه لا ينتشر التحريم من جهة صاحب اللبن ولكن افلح قد علم ذلك. ولهذا لما علمت عائشة بذلك كانت تقول حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب. وقد تقدم تفسير ذلك وقوله في اللفظ الاخر تحتجبين مني وانا عمك. فقلت كيف ذلك؟ قال ارضعتك امرأة اخي بلبن اخي. فينبغي التنبه لهذا القيد. فانه قد تكون المرأة ام لطفل من الرضاع وزوجها ليس ابى. مثاله لو ارضعت امرأة طفلا بلبن زوجها ان قد فارقها ثم تزوجت بعده اخر. فانها تكون اما للطفل. وزوج الثاني ليس ابا له. لان اللبن ليس له. واختلفوا في مسألة. وهي لو هذا لبنها بعد وطأ الثاني. هل يلحق الطفل بهما ام لا؟ المشهور من المذهب انه يلحق بهما. لان الاول له اصل اللبن. والثاني زاد اللبن بوطئه فاشتركا في اللبن فكذا ما ترتب عليه. وقد يكون الزوج ابا للطفل من الر قاعدون المرضعة. مثاله لو كان له ثلاث نسوة. فارضعت كل واحدة الطفلة مرتين بلبن الزوج. فانه يكون ابا. لانه رضع من لبنه اكثر من خمس رضعات ولا تكون واحدة منهن اما. لانه لم تكمل كل واحدة رضعات وقيل لا تثبت الابوة حتى تثبت الامومة. لانها فرع عنها والصحيح انها تثبت لانها اصل بنفسها. وقد تكون المرأة امة له من الرضاع دون زوجها. مثاله لو ارضعته ثلاث رضعات بلبن زوجها ثم فارقها وتزوجت اخر. وولدت له. وارضعت ذلك الطفل بلبن زوجها ثاني ركعتين. فانها تكون اما. لانها كملت خمس رضعات. ولا يكون احد منهما ابى لانها لم تكمل الخمس من لبنه. وهذه نادرة الوقوع وقوله تريبة يمينك. فسر ذلك المؤلف وان معناه افتقرت. ولكن ان العرب لا يقصدون بذلك الدعاء على المخاطب. بل يقصدون الحث على ذلك. فان الفاظ العربية قسمان. قسم يقصد معناه الذي دل عليه ذلك اللفظ. وهذا طالب الفاظهم. وهي التي وضعت لها قواميس اللغة. وقسم لا يقصدون معناه الذي دل عليه لفظه. بل ما يصطلحون عليه. مثل قولهم تريبة يمينه. كما ما ورد في هذا الحديث وكما تقدم من قوله ونحو ذلك وفي هذا الحديث كما تقدم ان الرضاعة ينتشر من جهة المرضعة وصاحب اللبن انتشار النسب. واما من جهة المرتضع فلا ينتشر الا الى فروعه فقط. لان ان من عاداهم لم ينتفع بذلك اللبن. الثامن والعشرون والثلاثمائة عنها انها قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وعندي رجل فقال يا عائشة من هذا؟ قلت اخي من الرضاعة. فقال يا عائشة انظرن من اخوانكن. فانما الرضاعة من المجاعة. رواه البخاري ومسلم اعرفن من اخوانكن. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة دخل علي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعندي رجل. وكان لا يعلم انه اخوها من الرضاع ولهذا قال يا عائشة من هذا؟ انظرن من اخوانكن؟ اي اعرفت ذلك ثم ذكر شرطا من شروط الرضاع فقال انما الرضاعة من المجاعة اي يشترط ان يكون في الحولين كما صرح به في غير هذا الحديث. لانه في تلك مدة غذاؤه اللبن غالبا. واما حديث سالم مولى ابي حذيفة فهو خاص به ويشترط كما تقدم ان يرضع خمس رضعات فاكثر. وتقدم حد رضعة وانه على المذهب هو اذا اطلق الثدي بنفسه او اطلق من فيه. او اقل من ثدي فتحسب تلك رضعة. فيمكن ان يكمل الخمس في مجلس واحد. ولا لكن هذا ضعيف جدا. والصحيح الرواية الثانية. وانها لا تحتسب رضعة حتى اطلقه وقد طاب خاطره. اي روي فلا يمكن تكميلها في مجلس واحد وان شك في الرضاع او كماله فالاصل عدم ذلك. ففي هذا الحديث فوائد منها انه يلزم التثبت في الرضاع وضبطه. ومنها انه يلزم الاستفصال في مقام الاخ احتمال فانه لما استغرب الرجل سأل عنه لانه يحتمل انه من محارم ويحتمل انه ليس منهم. ومنها يحرم دخول الاجنبي على النساء التاسع والعشرون والثلاثمائة. الحديث الثالث. عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه انه تزوج ام يحيى بنت ابي ايهاب. فجاءت امة سوداء فقط قالت قد ارضعتكما فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال فاعرض عني قال فتنحيت فذكرت ذلك له فقال وكيف وقد زعمت ان قد ارظعتكما. رواه البخاري. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث عقبة بن الحارث انه تزوج يا ام يحيى بنت ابي ايهاب. فجاءت امة سوداء فقالت قد ارضعتكما الى اخره. فيه انه اذا ثبت الرضاع بين الزوجين فسخ النكاح وفيه انه يثبت الرضاع بشهادة امرأة واحدة. فان الاشهاد اقسام. قسم لا يثبت الا باربعة شهود ذكور وهو الزنا. وقسم لا يثبت الا بشهادة بثلاثة رجال وهو من ادعى الاعسار وقد عرف بالغنى. وقسم لا يثبت الا بشهادة رجلين كالسرقة وقسم لا يثبت الا بشهادة رجل وامرأتين كالاموال وقسم يثبت بشهادة امرأة واحدة. وهو الاخبارات الدينية. كالشهادة برؤية هلال رمضان وكالرواية والاشياء التي لا يطلع عليها الا النساء. كعيوب بهن تحت الثياب وكالرضاع ونحو ذلك. ويشترط في جميع ذلك العدالة هي على المذهب الا يأتي كبيرة ولا يدمن على صغيرة. والصحيح الرواية الثانية انه الذي يرضى عند الناس. والعمل على ذلك لان الله تعالى قال قال ممن ترضون من الشهداء. والقصد بصدق الخبر. ويشترط انتفاء التهمة. فلو وجدت التهمة لم يصدق. فلو وكانت مثلا المرأة تعلم حال الزوجين وقد تزوج تلك المرأة من مدة طويلة. وقد علمت بذلك فلم تخبر بالرضاع الا بعد هذه المدة الطويلة. فلا تصدق في هذا وفيه انه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا. فان فسخ النكاح طلاق ونحوه لا يثبت الا بشهادة رجلين. فاذا شهدت امرأة بالرضاع ثبت كذلك وترتب عليه انفساخ النكاح. ولو شهدت بالطلاق او انفساخ النكاح لم تقبل لانه في مسألة الرضاع انفسخ. تبعا لاحكام الرضاع بخلاف غيره. وفيه ان تقبل شهادة الرقيق اذا كان مرضي الشهادة كالحر. وقوله وكيف وقد زعم قد ارضعتكما اي كيف ترضى ان تقيم معها وقد قيل ذلك. ففيه ان ان العقل موافق الشرع في استحسان الحسن واستقباح القبيح. والله اعلم ثلاثون والثلاثمائة. الحديث الرابع عن البراء بن عازب رضي الله عنهما انه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يعني من مكة فتبعتهم ابنة حمزة تنادي يا عم. فتناولها علي فاخذ بيدها وقال لفاطمة دونك ابنة عمك فاحتملتها فيها علي وزيد وجعفر. فقال علي انا احق بها وهي ابنة عمي وقال جعفر ابنة عمي وخالتها تحتي. وقال زيد بنت اخي فقضى بها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لخالتها وقال الخالة بمنزلة الام وقال لعلي انت مني وانا منك. وقال لجعفر اشبهت خلقك وخلقي. وقال لزيد انت اخونا ومولانا. رواه البخاري قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث البراء بن عازب خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يعني من مكة. وهذا في عمرة القضاء سنة سبع من الهجرة. فانه لما خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم معتمرا سنة ست من الهجرة. وصده المشركون ورجع من الحديبية وتعاهدوا على وضع الحرب عشر سنين. واشترطوا شروطا فيما بينهم منها انه يعتمر من قابل. ويخلون له مكة ثلاثة ايام فاعتمروا سنة سبع وسميت عمرة القضاء. فلما خرجوا من مكة تبعتهم ابنة حمزة تنادي يا عم. اي تعني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فانه عمها من الرضاعة. وايضا فقد جرت عادة العرب ان الصغير ينادي الكبير بالسن او الشرف بقول يا عم. كما هو متعارف اليوم ان الكبير ينادي الصغير بقوله يا ابن اخي اي لا تخرجوا وتتركوني فتناولها علي بن ابي طالب ابن عمها. فاخذ بيدها وقال لفاطمة دونك ابنة عمك فاحتملتها. اي في هودجها. فاختصم فيها علي وزيد اي ابن حارثة وجعفر اي ابن ابي طالب. كلهم يريد حضانتها وكل واحد منهم ادلى بحجته. وما يراه مرجحا له على غيره. فقال علي انا احق بها. اي لانه سبق اليها واخذها. وهي ابنة عمي. فهذان مرجحان. وقال جعفر ابنة عمي وخالتها تحتي. فهذان مرجحان ايضا وقال زيد ابنة اخي فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم احا بين زيد وحمزة. وكان عادتهم في الجاهلية واول الاسلام والتناصر بالتآخي. حتى انزل الله تعالى واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله فكان الميراث للقرابة دون غيرهم. فكان في هذا دليل على محبتهم للخير في وسيلة الرحم. وقوله فقضى بها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لخالتها. وقال الخالة بمنزلة الام. اي ان الحضانة لها مع فقد الام فانها بمنزلتها في الرحمة والاحقية بالحضانة. فان قيل كيف قضى بها للخالة مع انها لم تدعها معهم. قيل اما انه قضى بها لجعفر فانه زوجها. واما انه قضى بها لها وهو الصحيح. ولكن انه قضى بها لجعفر لانها تحته. فلما لم يقض بها لواحد منهم وعلم حرصهم ومحبتهم للخير. جبر قلوبهم بما هو خير لهم من حضانتها واحب لهم من ذلك فقال لعلي انت مني وانا منك. وهذه قضية خاصة لمن اتبع امر الله ورسوله. كما قال تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض. الاية فان ان من اتصف بذلك كان منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ومن لم يتصف بذلك افليس منه كما قال ليس منا من غشنا وكقوله ليس منا من لطم وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. وقال لجعفر اشبهت خلقي خلقي. الاول بفتح الخاء وسكون اللام. هو الصورة الظاهرة بضم الخاء واللام هو الصفات الباطنة. من الحلم والاناة ونحوها فهذا مدح عظيم لجعفر. اما المدح باتصافه بالاخلاق الحميدة والتي هي اخلاقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم فظاهر. واما باتصافه بصورة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الظاهرة ان المشابهة الظاهرة عنوان على المشابهة الباطنة. وقال لزيد انت اخوك ومولانا هذه اخوة وولاية خاصة. فانه رضي الله عنه وكان من العرب من بني كلب. ثم سبي في الجاهلية. وبيع بمكة فاشترته خديجة ووهبته للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فجاء ابوه الى مكة وطلبه من النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بفداء فقال الا ترضى ان اخيره؟ فان اختارك فاذهب به. ولا ينبغي لك فداء وان اختارني تركته. فرضي ابوه وظن انه يختاره. فلما خيره قال لا ابغي بك بديلا يا رسول الله. فرضي ابوه وذهب وتركه عند النبي صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ثم بعد ذلك تبناه النبي صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم. فكان يدعى زيد بن محمد حتى انزل الله تعالى الاية وقوله ما كان محمد ابا احد من رجالكم اية فدعي بعد ذلك لابيه. فقيل زيد ابن حارثة. وكان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قد اخى بينه وبين حمزة. ومن فضله رضي الله عنه انه لم يذكر من الصحابة احد في القرآن باسمه غيره. فقالت تعالى الاية. فهذا الحديث اصل في باب الحضانة. ففيه ان ثم مقدمة على كل احد حتى على الاب. فانها احق بحضانة الطفل. وكذا كل كل انثى وذكر في درجة واحدة. فتقدم الانثى على الذكر. فتقدم الجدة على الجد والخالة على الخال والاخت على الاخ والعمة على العم. والحضانة هي الصبي ونحوه عما يضره. والقيام بمصالحه. وحكمها انها فرض كفاية وفيه فضل الصحابة وبرهم وصلتهم لارحامهم. وفيه انه اذا اذا رضي زوج من لها حق الحضانة وكان يمكنها القيام بمصالحه. فانه لا حقها. وفيه حق الخالة. وانه يقارب حق الام بالبر ونحوه ولهذا ورد ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن عمل يدخله الجنة. فقال هل لك من ام؟ قال لا. قال فهل لك من خالة قال نعم. قال برها وفيه انه ينبغي مساعدة من اراد فعل الخير وان من كان له مطالبة ونحو ذلك ففاته مطلوبه. فينبغي جبر خاطره