المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب الجهاد. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله وكتاب الجهاد هو قتال الكفار. وقيل هو القتال مطلقا. فيعم الكفار والبغاة وقطاع الطريق ونحوهم. وحكم القتال انه فرض كفاية مع الاقتدار. وتقييده بالاقتدار اولى من اطلاقه ولهذا لما تكلم شيخ الاسلام في الصارم المسلول على الايات التي نزلت في مكة التي فيها الامر بالكف عن القتال. لضعف المسلمين وعدم لياقتهم وذكر القول بان هذه الايات قد نسخت باية السيف حيث امر الله بقتال المشركين كافة. قال الشيخ رحمه الله والصحيح انها ليست منسوخة وان الحكم يدور مع علته. فمتى كان بالمسلمين قدرة على القتال كان القتال فرض كفاية. واذا كان المسلمون في وقت من الاوقات لا يقع مقتدرون على مقاومة الكفار وقتالهم. ولو قدر انهم اعلنوا الحرب حصل عليهم وعلى الاسلام ضرر لضعفهم وعدم اقتدارهم. ففي هذه الحال يجب على المسلم الكف عن القتال. ومسالمة الكفار. كما فعل رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم في اول الامر. ولان القتال انما لمصلحة الاسلام والمسلمين. فاذا كان لا يعود بمصلحة. بل ربما بالضرر فالاولى تركه. ويكون الجهاد فرض عين في ثلاث حالات احداها اذا استنفره الامام. فمتى استنفر الناس وجب عليهم النفير. ولا يجوز يجوز لي احد التخلف الا لعذر كمرض وعمى ونحوهما. الثانية اذا وصف القتال تعين عليه. الثالثة اذا كان القتال دفاعا مثل اذا حصر الكفار بلاد المسلمين وتكالبوا عليهم. فيجب على كل قادر القتال هو الدفع الثاني والتسعون والثلاثمائة الحديث الاول عن عبدالله بن ابي اوفى رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم في ايامه التي لقي فيها العدو ان حتى اذا مالت الشمس قام فيهم فقال يا ايها الناس لا تتمنوا رأى العدو واسألوا الله العافية. فاذا لقيتموهم فاصبروا. واعلموا ان ان الجنة تحت ظلال السيوف. ثم قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الاحزاب وانصرنا عليهم. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله وفي تعليقاته وقوله في حديث عبد الله ابن ابي اوفى ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في ايامه التي لقي فيها العدو. انتظر حتى اذا مالتك شمس وكانت هذه عادته عليه الصلاة والسلام. اذا ادرك الصباح صبحهم. فاذا لم يتمكن منه لم يقاتل في وسط النهار. بل ينتظر حتى تهب بالرياح وتحضر اوقات الصلاة ودعوة المسلمين. لانه انشط واقرب لحصول ثم قام فيهم فقال يا ايها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية. فيه التحذير من تمني لقاء العدو. فان الانسان لا يعلم هل يستمر على قدرته ونشاطه او لا. ولو ان معه من الرغبة ما معه فانه لا يدري ما يحصل له بعد ذلك. لان القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء فما دام الانسان في سعة فينبغي ان يسأل الله العافية انه ما اعطي احد اوسع وافضل من العافية. فهذه وظيفة العبد قبل لقاء العدو ثم قال فاذا لقيتموهم فاصبروا. اي ان وظيفتكم الصبر والقيام بما امرتم به. ثم ذكر السبب الداعي الى الصبر فقال واعلم ان الجنة تحت ظلال السيوف. اي ان الجهاد من اعظم الاسباب لدخول الجنة سواء قتل ام قتل. ثم دعا ربه واستنصره فقال اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الاحزاب. اي الذين يتحزبون على رسولك اهزمهم وانصرنا عليهم. اي اهزمهم وانصر حزبك على حربك ففي هذا الحديث حسن سيرته عليه السلام. وقوة رأيه وشجاعته. فقد يا جماعة في هذا من الاسباب التي يحصل بها النصر عدة امور. منها تأخير القتال عن وسط في النهار ومنها تعليمه لاصحابه ونصحه لهم. والا يتكلوا على قوتهم وان يصبروا عند اللقاء. ومنها ترغيبهم بان الجنة تحت ظلال سيوف فيوجب ذلك ان يقدموا على القتال. ومنها بذل الاسباب الفعلية قولية ثم طلب النصر من الله. ومنها التوسل اليه بنعمه فقال الله اللهم منزل الكتاب الى اخره. فانزال الكتاب لصلاح الدين والحياة الدينية وقوله مجري السحاب وهذا للحياة الدنيوية. وهازم الاحزاب وهذا فيه حياة الدين والدنيا. فهذا توسل بنعمه تعالى الدينية والدنيوية على نصرهم على اعداءه واعدائهم. الثالث والتسعون والثلاثمائة الحديث الثاني عن سهل بن سعد رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها موضع صوت احدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها. والروحة يروحها العبد في سبيل لله او العدوة خير من الدنيا وما عليها. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث سهل بن سعد رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها. الرباط هو لزوم الثغرة. اي حدود التي بين المسلمين والكافرين لاجل القتال. ولان لا يهجم الكفار على المسلمين وهو من افضل القربات. بل الاقامة فيه افضل من الاقامة في مكة. لما ما يترتب عليه من مصالح المسلمين ونفع الاسلام. وفي هذا الحديث ان الاقامة فيه يوما واحدا خير من الدنيا وما عليها. فما ظنك بالاقامة فيه اكثر من ذلك وقوله وموضع صوت احدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها اي موضع العصا في الجنة لو قدر ان لانسان هذا المقدار من الجنة. ولاخر الدنيا وما عليها كان من له موضع سوط في الجنة اعلى وافضل لانه لا مساواة بين الكامل والناقص. ولا مفاضلة بينما يحصل بحصوله رضا الله والفوز العظيم. وبين غيره. ولا نسبة بين الدائم الباقي وبين المنقطع ولهذا قال بعض السلف لو كانت الدنيا ذهبا فانيا والاخرة خزفا باقيا لكان جديرا بالعاقل ان يرغب بالخزف الباقي. ويختاره على الذهب الفاني فكيف والدنيا هي الخزف الفاني؟ والاخرة هي الذهب الباقي وهذا التفضيل بين موضع السوط والدنيا من اولها الى اخرها. على وجه الفرض تقدير فكيف وليس للانسان منها الا عمره. ثم اذا نظرت اليه لم يحصل له الا اقل القليل من عمره. واكثره يذهب في صغر وكبر ومصائب ولهوات وغيرها. فما يصفى له الا القليل. وقوله والروحة يروحها العبد في سبيل الله الرواح هو السير اخر النهار. اي من الزوال الى اخره او الغدوة وهو السير اولا النهار. خير من الدنيا وما عليها. لان ان الوسائل لها احكام المقاصد. فمن راح او غدا للجهاد كان اجره اجر المجاهد فبعض اليوم خير من الدنيا وما عليها. فما ظنك باليوم فاكثر الرابع والتسعون والثلاثمائة. الحديث الثالث عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال انتدب الله ولمسلم تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه الا الجهاد في سبيلي وايمان بي وتصديق برسولي. فهو علي ضامن ان ادخله جنة او ارجعه الى مسكنه الذي خرج منه. نائلا ما نال من اجر او غنيمة ولمسلم مثل المجاهدين في سبيل الله والله اعلم بمن يجاهد في في سبيله كمثل الصائم القائم. وتوكل الله للمجاهد في سبيله ان توفى ان يدخله الجنة. او يرجعه سالما مع اجر او غنيمة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابي هريرة انتدب الله وفي اللفظ الاخر تضمن الله وفي اللفظ الاخر توكل الله كل هذه الفاظ متقاربة ومعناها واحد. وهو حصول الثواب الذي ذكر لمن قام بهذه الوظيفة. وهي قوله انتدب الله لمن خرج في سبيله اي للجهاد. ولهذا قال لا يخرجه الا الجهاد في سبيلي. وايمان وتصديق برسولي. اي انه مخلص في جهاده. لم يقصد فيه الا والله والدار الاخرة. فهو علي ضامن. اي ان الله ضمن له والتزم ان يدخل اله الجنة اي ان استشهد او يرجعه الى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من اجر او غنيمة. ومثله اللفظ الاخر وتوكل الله للمجاهد فيها سبيله ان توفاه ان يدخله الجنة. او يرجعه سالما مع اجر او غنيمة اي انه اذا كان مخلصا في نيته لم يعدم الخير. فان توفي دخل الجنة وان رجع وقد غنم رجع باجر وغنيمة. فحصل له الخير في الدنيا والاخرة وان لم يدرك الغنيمة فقد حصل الثواب. وفاز بالاجر العظيم. فهو في جميع حالاته. وقوله في اللفظ الاخر مثل المجاهد في سبيلي ولما كان المجاهدون يختلفون في نياتهم قال والله اعلم بمن يجاهد في سبيله اي ان الله يعلم اسرار العباد ونياتهم. فان قيل من هو المجاهد في سبيله. قيل قد فسره رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم لما سئل عن الرجل يقاتل حمية. وعن الرجل يقاتل شجاعة اي ذلك في سبيل الله؟ فقال من جاهد لتكون كلمة الله هي العليا. فهو وفي سبيل الله اي من قصده نصر الدين واعلاؤه وهذا هو المخلص وقوله كمثل الصائم القائم اي كما ان الذي يصوم النهار ويقوم الليل يمضي جميع زمنه وهو في عبادة. فكذلك المجاهد يكون كل وقته مشغولا بعبادة من افضل العبادات. فنومه ويقظته عبادة ما دام متلبسا الجهاد. الخامس والتسعون والثلاثمائة. الحديث الرابع. عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما من مكلوم يكلم في سبيل الله الا جاء يوم القيامة وكلمه يدمع اللون لون الدم. والريح ريح المسك. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي ابو هريرة ما من مكلوم اي مجروح يكلم اي يجرح في سبيل الله الا جاء يوم القيامة وكلمه اي جرحه. يدمى اللون لون الدم. والريح ريح المسك وفي بعض الروايات والله اعلم بمن يكلم في سبيله اي كما تقدم في قوله والله اعلم بمن يجاهد في سبيله. وهذا سواء مات من ذلك الجرح او برئ منه. لان الحديث عام. وفيه ان فضل المجاهد يظهره الله تعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة. فهذا جزاء لمن عذب في الله فهذا في الجرح الذي قد يقتل وقد لا يقتل. فما ظنك بمن قتل في سبيل الله وهم الذين جعلهم الله افضل الخلق بعد الرسل والصديقين. كما قال تعالى ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله والشهداء والصالحين. وحسن اولئك رفيق السادس والتسعون والثلاثمائة. الحديث الخامس عن ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى على آله وسلم غدوة في سبيل الله او روحة خير مما طلعت عليه الشمس وهربت. رواه مسلم. السابع والتسعون والثلاثمائة. الحديث السادس عن انس ابن مالك رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم غدوة في سبيل الله او روحة خير من الدنيا وما فيها رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي ايوب الانصاري غدوة في سبيل الله او روحة خير مما طلعت عليه الشمس وغربت ومثله حديث انس غدوة في سبيل الله او روحة خير من الدنيا وما فيها. ففيهما فضل المجاهدين. وانهم يؤجرون على ذهابهم ثيابهم بل وفي جميع احوالهم. كما قال تعالى في شأن المجاهدين ظمأ ولا نصب ولا مخمص في سبيل الله ولا يطأون ولا ينالون. ولا ينال ان الله لا يضيع اجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة لا يقطعون واديا. ولا يقطعون واديا الا ليجزيهم الله احسن ما كانوا يعملون ففيه ان لهم الاجر في جميع احوالهم. وفي الحديثين ان الغدوة وهي الذهاب ومن اول النهار والروحة وهي الذهاب من اخره كما تقدم انها خير من ان الدنيا وما فيها. فما فوق ذلك اعظم وافضل. تنبيه. هذا الفضل في الجهاد. لان فيه نصرة الدين واظهاره. وينبغي ان يعلم ان طلب العلم افضل ومنه خصوصا في هذه الازمنة التي قل فيها العلماء. واقبل الناس فيها على فالسعي في طلب العلم قد ذكر العلماء انه افضل من كثير من العبادات بل من اكثرها وذلك في مدة زهرته وكثرة العلماء ووفور ذلك في تلك الازمنة فكيف في هذه الازمنة التي لم يبق فيها من العلم الا شيء قليل فقد كادت اعلامه ان تندرس. فلا شك ان طلب العلم افضل من الجهاد لانه به صلاح العالم. ومن اقبل على طلبه وتحصيله والبحث عن مسائله فقد قام بامر عظيم وعبادة لا شك انها اليوم افضل من الجهاد ومن الصلاة ومن الصيام والحج. ومن سائر العبادات على الاطلاق. فهو ان هثفه وفي عباده. وان درس العلم او سافر لطلبه او ذهب لمجلسه او فكر في المسائل فهو في عبادة. فوقت الم تعلم كله عبادة. والله اعلم الثامن والتسعون والثلاثمائة. الحديث السابع عن ابي قتادة الانصاري رضي الله عنه انه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى حنين ذكر قصة فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من قتل له عليه بينة فله سلبه. قالها ثلاثا. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي قتادة خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى حنين. اي بعد فتح مكة سنة ثمان من الهجرة. وذكر قصة اي في تلك الغزوة. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه. اي ثيابه وسلاحه الذي عليه ودابته التي قتل عليها والسلب خاص بالقاتل لا يخمس. وهذا من الترغيب في القتال. فان ان الغنيمة تقسم اخماسا بعد نزع الاشياء المختصة كالسلب ونحوه. فاربعة اخماسها لا تقسم بين الغانمين. وخمس يقسم اخماسا لمن ذكر الله في قوله وللرسول ولذي القربى واليتامى المساكين وبني السبيل. الاية وقوله له عليه بينة اي انه لا يصدق بمجرد دعواه. بل ياتي بشاهدين او شاهد ويمين كما تقدم من قوله عليه السلام لو يعطى الناس بدعواهم الى اخره دعوة لابد فيها من بينة. وقوله قالها ثلاثا. اي لاجل التأثير اكيد التاسع والتسعون والثلاثمائة. الحديث الثامن. عن سلمة بن من اكوع رضي الله عنه انه قال اتى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عينه من المشركين وهو في سفر. فجلس عند اصحابه يتحدث ثم انفتل وقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اطلبوه واقتلوه. فقتلتوه فنفلني سلبه. وفي رواية فقال من قتل الرجل قالوا ابن الاكوع فقال له سلبه اجمع. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث سلمة بن الاكوع اتى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عين. اي جاسوس من المشركين. وسمي اين لانه ينظر احوال المسلمين ويخبر المشركين بذلك. وهو في سفر فجر جلس يتحدث عند اصحابه اي انه اناخ بعيره فلم يعلم الصحابة حقيقة خبره وانما ظنوه عابر سبيل. ثم انفتل اي ذهب الى بعير فاطلق عقال ثم ركب وذهب يشعبه. فعلم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من قرينة احواله وخفته انه جاسوس. فقال اطلبوه واقتلوه قال سلامة فقتلته. اي انه لحقه وقتله. وكان رضي الله عنه شديد العدو فانه لحقه راجلا. فكان يعد من العدائين. وقصته مشهورة في طلبه فرع المدينة لما نهب. فانه افتكه وغنم منهم. وجمع الغنيمة قبل ان تلحقه صراع الخيل. فكان يجاري الخيل في عدوه. وقوله فنفلني سلبه اي انه اعطاه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سلبة. والنفل الزيادة ومنه صلاة النافلة. لانها زائدة عن الفرض. وتقدم ان السلب ثياب الم مقتول وسلاحه الذي معه. ودابته التي قاتل عليها. وفي رواية من قتل الرجل فقالوا ابن الاكوع. فقال له سلبه اجمع. وهذا من السجع محمود فان السجع يذم اذا كان متكلفا فيه. او كان لا يفي المعنى. اي ان انه لو اوتي بكلام غيره لكان اجمع منه للمعنى. واما اذا كان غير مخل بالمعنى بل اتى بالمعنى الكامل ولم يتكلف. فهذا ليس بمذموم. كما مصادفة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اي من غير قصد للتعنت وكما هي عادة الفصحاء من المتكلمين. فهذا غير متكلف فيه. وقد وفى المقصود فانه ربما فهم من قوله له سلبه ان المراد بعض السلب ما اكده بقوله اجمع علم ان المراد جميع سلبه. الاربعمائة الحديث التاسع عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سرية الى نجد. فخرجت فيها فاصبنا ابلا وغنما. فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرا. ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعيرا بعيرا. رواه البخاري ومسلم. قال قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعث سرية الى نجد. الى اخره السرية ما دون الجيش. ويرجع في قدرها الى العرف. وقد ورد خير سرايا اربعمائة. وخير الجيوش اربعة الاف. فالسرية التي تبلغ اربعمائة تعد كثيرة. والسرايا على قسمين. قسم تقتطع من الجيش. وقسم تخرج من البلد وحدها وليست تابعة للجيش. فهذه مستقلة لها ما غنمت واما التي تقتطع من الجيش فهي تابعة للجيش تشاركه فيما غنم اشاركها فيما غنمت. وللامام ان ينفلهم في البداية الربع بعد الخمس. وفي رجعت الثلث بعده. اي اذا بعث السرية قدام الجيش. وكان الجيش تابعا لاثرهم له ان يجعل لهم الربع. واذا رجعوا واراد ان يبعث منهم سرية فله ان يجعل له والثلث لانهم في هذا اخطر. هذا المذهب والقول الاخر ان للامام ان يجعل لهم ما شاء تبعا للمصلحة. ولو رأى ان يجعل لهم جميع ما يغنمون فله ذلك كما فعل عمر رضي الله عنه فانه جعل شهمان الغزاة بقدر بلائهم ومنفعتهم وقوله فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرا. اي ان هذه التي صابت كل واحد بعد القسمة. ونفلنا اي زاد كل واحد بعيرا الواحد والاربعمائة. الحديث العاشر عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال اذا جمع الله الاولين والاخرين يرفع لكل غادر لواء فيقال هذه غدرة فلان ابن فلان. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر اذا جمع الله اولين اي اذا كان يوم القيامة واجتمع الخلق كلهم في صعيد واحد ترفع لكل غادر اي خائن. لواء اي بقدر غدرته ان كانت كبيرة كان كبيرا وان كانت صغيرة كان صغيرا. اي ان هذا اللواء يركز على دبره ليعلم ذلك الخلق كلهم. وايضا فلا يكفي هذا الخزي والعياذ بالله. بل ان انه يشهر امره. فيقال هذه غدرة فلان ابن فلان. ففي هذا الغدر وهذا عام. فيحرم غدر المسلم والكافر. فالكافر الذي يحل دمه وماله اذا عوهد وجب الوفاء له. فان خيف منه الغدر رد عليه عهده بسبب ذلك واخبر انه ليس له عهد. ولهذا قال تعالى على سواء اي اخبرهم بحالهم. وان ليس لهم عهد لتكونوا انتم وهم عالمين ان ليس بينكم عهد. هذا اذا خيف منهم نكث العهد. واما اذا ما تحقق نكثهم ووقع منهم فعل فلا يخبرون بذلك. بل يقاتلون. كما فعل رسول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مع كفار اهل مكة. لما تحقق انهم العهد فانه قاتلهم ولم يخبرهم. والغدر من صفات المنافقين. فينبغي للعاقل ان ينزه نفسه عن هذه الصفة. الثاني والاربعمائة. الحج حديث الحادي عشر عن ابن عمر رضي الله عنهما ان امرأة وجدت في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم مقتولا. فانكر النبي صلى الله عليه على اله وسلم قتلى النساء والصبيان. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان امرأة وجدت في بعض موازي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم مقتولا. اي ولم يكن عادتهم قط قتل النساء وقوله فانكر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قتلى النساء صبيان اي حرم ذلك. وذلك انه لا يجوز قتل الكفار الذين ليس بهم قوة على القتال كالنساء والصبيان والشيخ الفاني. بشرط انهم لا يقاتلون ولا يعينون على القتال برأي او تشجيع ونحوه. واما اذا كان فيهم اعانة على القتال فانهم يقتلون. ولهذا قتل الصحابة دريدة بن الصمة يوم حنين وكان شيخا فانيا اعمى. ولكنه يعين برأيه. وكذلك يجوز قتلهم على وجه التبع. فانه يجوز تبييت الكفار. ورميهم بالمنجنيق والمدفأ ونحوه ولو افضى ذلك الى قتل النساء والصبيان ونحوهم. فلا قوة هذه المصلحة للمسلمين. ولو ادى ذلك الى قتل من ذكر. وسبب تحريم قتلها هؤلاء عدم عدوانهم على المسلمين. وقد اختلف العلماء في الحكمة في قتال الكفار هل هو لاجل كفرهم؟ او انه لدفع شرهم وعدوانهم على المسلمين. وذلك بعد اتفاقهم على عدم قتال من كف شره عن المسلمين. والصحيح الذي دل عليه الكتاب والسنة ان قتالهم لدفع شرهم وعدوانهم لانه لا يجوز قتل من كفها شره عن المسلمين ولم يقاتلهم. كالنساء والصبيان ونحوهم. وكذلك لا يجوز قتال من بذل الجزية ممن تؤخذ منه. وهم اليهود والنصارى والمجوس فقط المشهور من المذهب. والرواية الثانية انها تؤخذ من جميع الكفار سواء كانوا كتابيين ام وثنيين. وهذا هو الصحيح. فمن بذلها وكف عن قتالها للمسلمين وجب قبولها منه والكف عنه. الثالث والاربعمائة حديث الثاني عشر عن انس بن ما لك رضي الله عنه ان عبد الرحمن بن عوف والزبير ابن العوام شكيا القمل الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في غزاة لهما فرخص لهما في قميص الحرير فرأيته عليهما. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته في حديث انس ان عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وهما من العشرة المبشرين بالجنة. شكيا القمل الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في غزاة لهما اي وهما في غزوة فطلبا منه الدواء لذلك. فرخص رخص لهما في قميص الحرير. ان يلبسان الحرير لان فيه خاصية لازالة القمل ونحوه كالحكة والجرب. وقوله فرأيته عليهما اي انه وما قبل الرخصة ولبساه. ففيه اباحة الحرير للحاجة. كالقمل والحكة والجرب سواء في الحضر او السفر. وابيح للحاجة لان تحريمه من باب تحريم الوسائل وهذا الباب قد يباح للحاجة. بخلاف ما حرم تحريم المقاصد. فلا يباح الا للضوء لانه اغلظ. وتحريم الحرير لانه وسيلة الى الكبر في هذا لما كان تحريم ربا الفضل من باب تحريم الوسائل رخص بفعل ما تدعو اليه الحاجة منه كالعرايا ونحوها. ولم يرخص لشيء من ربا النسيئة. لانه من من تحريم المقاصد. ولعل مناسبة ذكر هذا الحديث في هذا الباب. التنبيه على جواز لبس الحرير في حالة الحرب. لانه تكبر على اعداء الله وتعزز عليهم ولهذا ابيح التبختر في تلك الحالة لاغاظة الكفار. الرابع والاخير اربعمائة الحديث الثالث عشر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه انه قال كانت اموال بني النضير مما افاء الله على رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. مما لم يوجف عليه بخير ولا ركاب. وكانت لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خالصا. فكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعزل نفقة اهله سنة. ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح في سبيل الله عز وجل. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عمر كانت اموال بني النضير الى اخره. بنو النظير احدى الطوائف الثلاث من اليهود الذين سكنوا المدينة. وقصة اجلائهم مشهورة وقد نزلت فيهم سورة الحشر. وسبب اجلائهم انهم خانوا الله ورسوله فانه لما قتل عمرو بن امية الضمري رجلين منهم ولم يعلم ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قد امنهم خرج اليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يستعينهم في دية الرجل على عادة العرب في اعانة بعضهم لبعض. ولما طلب منهم الاعانة وعدوه انهم سيعينونه. وجلس في سوق من اسواقهم لانتظار فهموا به وقالوا ان هذه فرصة متى تحصل لكم فاتفقوا على ان يرموا عليه رحى من السطح. فيقتلوه بها. فنزل نزل جبريل بالوحي من السماء. واخبر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بما هموا به. ثم ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم دخل الى المدينة وحصرهم وكانت منازلهم قريبا من المدينة بينها وبين قباء فاتفقوا بعد ذلك على ان يحملوا على ابلهم ما تقدر على حمله ويجلوا الى خيبر. ويتركوا لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما لا يقدرون على حمله. كالمنازل والبساتين ونحوها. فكان كانت هذه غنيمة خالصة لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لانها مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب اي انها لم الى غزو وشد رحل. وكان الرسول صحابة قبل اخذ اموال بني النظير. في حاجة شديدة فتوسعوا باموالهم ثم لم يزل الله تعالى ينعم عليهم بالفتوحات العظيمة. حتى كان الدين كله لله. وذل لهم جميع الامم. وقول وكانت لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم خالصا لانها لم تقسم. وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ايعزل لاهله نفقة سنتهم. اي قوتهم سنة. ويجعلوا ما بقي اي الفضل في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل في ان جميع الاموال التي تدخل على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يكن مقصوده بها التمول والتكثر. بل ان يأخذ منها حاجته. وما يبقى بعد حاجته يجعله معونة على الجهاد وهذه الحالة المحمودة ان يستعان بالدنيا على الدين ولا تجعل الدنيا مقصودة لذاتها. فالاموال التي تؤخذ من الكفار بحق على قسمين. قسم يؤخذ بالغزو والقتال. وهذا اخرج منه الخمس. وتقسم اربعة الاخماس بين الغانمين. وذلك بعد اخراج النوائب كالسلب والنفر ونحو ذلك. والخمس يخرج منه خمس لله ورسوله ومصرفه مصرف الفيئ. واربعة اخماس الخمس لذي القربى اي قرابة الرسول وهم بنو هاشم وبنو المطلب واليتامى والمساكين وابن السبيل. اي انه يصرف لاربع هذه الجهات لا تخرج عنهم كالزكاة تصرف للاصناف الثمانية لا تخرج عنهم لا يلزم قسمها بينهم. هذا هو الصحيح في المسألتين. وقيل انه يجب قسمها بين كما انه قيل يجب قسم الزكاة بين ثمانية الاصناف. القسم الثاني مما يؤخذ من الكفار بحق. الجزية وما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب. كالذي يجلون عنه خوفا من المسلمين. والخراج وهو الذي يؤخذ من الارض الخراجية. وهي التي وقف عمر وضرب عليها خراجا يؤخذ ممن هي به بيده كارض مصر والعراق وخمس الخمس. فهذه فيء يجب وعلى الامام ان يصرفها في مصالح المسلمين العامة. ويبدأ بالاهم فالاهم الخامس والاربعمائة. الحديث الرابع عشر عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال اجر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما ضمر من الخيل من الحفياء الى ثنية الوداع اجرى ما لم يضمر من الثنية الى مسجد بني زريق. قال ابن عمر وكنت فيمن اجرى. قال سفيان من الحفياء الى ثنية الوداع خمسة اميال او ستة. ومن ثنية الوداع الى مسجد بني زريق النيل واه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر اجرى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما ضم من الخيل من الحفياء. موضع غربي المدينة. الى ثنية الوداع وهي ثنية مستطيلة من الشمال الى الجنوب. سميت بذلك لانه يرجع من عندها من خرج من المدينة يودع المسافرين جرى ما لم يضمر من الثنية الى مسجد بني زريق. وهو معروف. ومحل بني زريق الان باقية اثارها. قال ابن عمر وكنت فيمن اجرى. اي انه كان مع من اجرى في المسابقة. قال سفيان وكان من الحفياء الى ثنية الوداع خمسة اميال او ستة. الميل العربي نصف ساعة باعتبار سير الاحمال ودبيب الاقدام. وفي هذا مشروع الاستعداد بكل ما يعين على القتال. وهذه عادة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهديه. كما امر الله بذلك في قوله واعنوا لهم ما استطعتم من قوة. اي ما ما تقدرون عليه مما يعين على القتال. ثم ذكر قسما من اكبر المعينات على الجهاد فقط قال ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدو وقد ورد ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال الا ان القوة الرمي الا ان القوة الرمي. اي انه من اعظم المقويات في الحرب. فهذان النوعان اكبر ما يستعان به على القتال. وهما الرمي والخيل. وتعلمها عبادة من اكبر العبادات ولهذا رغب الشارع في تعلمها وحث عليها. حتى انه اباح اخذ العوض في المسابقة بها كما ورد. لا سبق الا في نصل او خف او حافر السبق بفتح الباء. العوض المأخوذ في المسابقة. اي لا يجوز اخذ العوض في المسابقة الا في مسابقة السهام والابل والخيل. وقد اجمع العلماء على حل اخذ العوض في هذه الثلاثة. ولو كان هذا من اللهو. وهو داخل في القمار. لانه من انواع المغالبات. ولكنه ابيح لانه لهو في طاعة الله تعالى. وابيح اخذ العوض ولو كان داخلا في القمار لان مصلحته غمرت مفسدته. وهكذا قاعدة الشرع. فانه يحل ما هو مصلحة خالصة او راجحة. ويحرم ما هو مفسدة خالصة او راجحة وقد حرم الشارع جميع انواع المغالبات. لما فيها من ضرر ورخص في هذه الثلاث لرجحان مصلحتها. وهل المحلل في ذلك ام لا؟ فيه خلاف. الصحيح انه لا يشترط ومن اشترط ذلك قال لاجل ان يخرجه عن مسمى القمار. وهو لا يخرجه. ولكن كما تقدم انه قمار مباح. لما فيه من المصالح وايضا فالحديث الذي استدلوا به على اشتراط المحلل ليس فيه دلالة على ذلك ومذهب الجمهور انه لا يحل اخذ العوض الا في هذه الثلاثة وقال شيخ الاسلام رحمه الله يحل اخذ العوض في المراهنة على مسائل العلم. اي مثلا لو اختلف اثنان في مسألة. فقال احدهما طحن وقال الاخر لا تحل. فجعل كل واحد عوضا لصاحبه ان كان الصواب معه. قال لان هذا من الجهاد. فالجهاد نوعان. جهاد باليد وجهاد باللسان والحجة. وكل واحد يحتاج اليه ولا فرق بين واستدل في مراهنة ابي بكر المشركين. فانه لما نزل قوله تعالى الف لام ميم غلبت الروم. في ادنى الارض وهم وكان الفرس في ذلك الوقت اقوى الامم. وعندهم من الاستعداد ما ليس عند لغيرهم. وكان المشركون يودون ان يغلب الفرس. لانهم من جنسهم وليس لهم كتاب. وكان المؤمنون يودون ان يغلب الروم. لانهم اهل كتاب اقرب الى الاسلام من الفرس. فلما انزل الله هذه الايات انكر ذلك المشرك يكون وقالوا كيف يغلب الروم الفرس؟ مع ان الفرس في هذه القوة وكذبوا خبر الله تعالى. فجرى بينهم وبين ابي بكر جدال. وكان المسلمون قد تحققوا صدق خبر الله تعالى. وخبر رسوله فراهنهم ابو بكر رضي الله عنه وجعلوا عوضا يأخذه ابو بكر ان وقع الامر طبق ما اخبر الله. وان لم يقع ذلك اخذه المشركون. وجعلوا اول ذلك مدة اما خمس سنين او ست فاخبر ابو بكر النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم فقال قل لهم يزيدوا في المدة والعوض وكان المشركون يودون ان يزيد في العوض. لانهم يظنون ان يقع الامر ما زعموا وان يستمر الغلب للفرس. فزادوا في المدة والعوض لان البضع من الواحد الى التسعة. والله تعالى ذكر انه لابد ان يكون الغلب للروم في هذه المدة. اي لا تمضي تسع سنين حتى ينقلب الامر ما هو عليه. ويقوى ملك الروم. ويغلبون الفرس فلما وقع الامر كما ذكر الله تعالى اخذ ابو بكر العوض. وهذا مسألة علمية. فيجوز الرهن في مثلها. وهذا القول قوي واجاب الجمهور عن مسألة ابي بكر بانها منسوخة. ولا دليل على النسخ وفي الحديث انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ينزل كل شيء منزلته. ويعطي كلا ما يناسب حاله. وهذا من الحكمة فانه لم يسوي بين الخيل المضمرة والتي لم تدمر. لانها تختلف بالقوة والعدو. فالتي قد ضمرت هي التي يقدر عليها الطعام بقدر الحاجة. وتمرن على العدو. فتجف الرطوبات من اجسامها سبب قلة القوت. ويذهب ربخها وتخرج الفضلات منها فتكون امتع واقوى في العدو. فانها تقدر على ما لم تقدر عليه التي لم تض فلهذا زاد في المسافة لها. فهذه التي يجوز اخذ العوظ عليها واما ما عداها فلا يجوز. سواء اتى به بلفظ الرهن او او الصدقة. كما يفعله بعض الناس. او بغير ذلك من الالفاظ لان العبرة بالمعاني لا بالالفاظ. السادس والاربعمائة الحديث الخامس عشر. عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال عرضت على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يوم احد. وانا ابن مع عشرة سنة فلم يجزني في المقاتلة. وعرضت عليه يوم الخندق انا ابن خمس عشرة فاجازني. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ شيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر عرظت على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يوم احد وانا ابن اربع عشرة فلم يجزني في المقاتلة. وعرضت عليه يوم الخندق. وانا ابن خمس عشرة فاجازني. اي انه قد بلغ الخمس عشرة وجاوزها وليس معناه انه في الخامسة عشرة من عمره. لان احدا في السنة الثالثة والخندق في السنة الخامسة. فبينهما سنة اربع وفيها غزوة بدر الصغرى. لان المشركين واعدوهم بدرا فجاء المسلمون في ميعادهم. وكانت السنة مجدبة. فلم يخرج المشركون فكتب الله لرسوله اجرا والمؤمنين اجر حجة. لانهم وصلوا بدرا ورجعوا منها. وقال بعضهم ان المراد بقوله وانا ابن اربع الى اخره. انه في يوم احد في اول الرابعة عشرة ويوم الخندق في اخر الخامسة عشرة. ولكن الاول اظهر. لان انه لا يصح ان يقول وانا ابن اربع عشرة الا وهو قد كمل الرابعة عشرة او كمل اكثرها فلا يطلق ذلك وهو في اولها في الحديث انه يلزم الامام او نائبه ان يتفقد الناس عند الخروج الى الغزو يستعرض الجيش ودوابهم. فمن كان اهلا للخروج امره بالخروج ومن لم يكن به صلاحية للقتال ولم يمكن اصلاحه. لم يمكنه من الخروج فيمنع المخذل والمرجف ومن يثبط عن الجهاد. لان في خروج مثل مثل هؤلاء نقصا على الاسلام والمسلمين. وكذلك يمنع من الخروج على الخير والايمان التي لا تصلح للغزو عليها. وكذلك يمنع من هو مظنة العجز عن القتال كالصغير والمريض ونحوهما. فان تخلفت الحقيقة وراء ان في الصغير قدرة وقوة على القتال امره بالخروج. ولو لم يبلغك ما وكان البالغ يعجز عن القتال منعه من الخروج. فالعبرة بالقدرة والقوة وفيه ان البلوغ يحصل ببلوغ خمسة عشر. فانه يحصل باحد ثلاثة اشياء. اما بالانزال وهذا بالاتفاق. واما بلوغ الخامسة عشرة. واما بنبات شعر العانة. هذه الثلاثة بركة بين الذكر والانثى. وتزيد الانثى بالحيض. فاذا احاضت حكم ببلوغها. السابع والاربعمائة. الحديث السادس عشر عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قسم في للفرس سهمين وللرجل سهما. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قسم في النفل يطلق النفل على جميع الغنيمة. ومنه قوله تعالى يسألونك عن الانفال الاية ومنه هذا الحديث. ويطلق على الزيادة اي منه الحديث الاتي وتقدم انهم اذا حازوا الغنيمة اخذ منها النوافل والاشياء المختصة كالسلب ونحوه. ثم اخذ خمسها وقسم كما امر الله تعالى ويبقى اربعة اخماس الغنيمة للغانمين فتقسم بينهم على قدر استحقاقهم. للفرس سهمان وللرجل سهم اي سواء كان راجلا او راكبا بعيرا. فاذا كان على فرس كان له ثلاثة اسهم سهم له وسهمان لفرسه. واذا كانت الفرس لانسان وقد غزا عليها غيره فسهامها لمالكها. ولمن غزا عليها اجرة المثل. هذا مع عدم الشرط بينهما. فان كان بينهما شرط فعلى ما شرطاه. هذا اذا كانت الفرس عربية ابواها عربي فان كان احد ابويها غير عربي فليس لها الا سهم واحد ولا يسهم لغير الخيل. وتقدم ان نحل الغنيمة خاص لهذا هذه الامة لما علم الله تعالى من ضعفها وانها ازيد اخلاصا من غير من الامم فرحمها بذلك. والا فالامم قبلنا لا تحل لهم الغنائم الثامن والاربع مئة الحديث السابع عشر عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كان ينفل بعض من يبعث من السرايا يا لانفسهم خاصة. سوى قسم عامة الجيش. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لانفسهم خاصة. سوى قسم عامة الجيش. المراد بالنفل هنا الزيادة. اي انه يزيدهم على اسهمهم. ويشترط لهم ذلك فيستحقونه بالشرط. لان الاشياء احيانا تستحق بالشرع مثل استحقاق الغانمين للغنيمة. والسلب للمقاتل. واحيانا تحق بالشرط مثل تنفير السرايا. فهذه لا تستحق الا بالشرط. اي ان الامام يشترط لهم شيئا بقدر نفعهم. اما الثلث او الربع او ما شاء. سواء كان بعثهم حرسا للجيش او عيونا له. او يغيرون قدامه ليضعفوا الكفار او لغير هذه المصالح. وتقدم ان السرايا تشارك الجيش فيما غنم. ويشكر شاركوها فيما غنمت. وللسرايا ما شرط لها. ولا ينقص ذلك من اجرهم كما قاله بعضهم فاجرهم على قدر نياتهم. كما ان الغنيمة لا تنقص اجرا المجاهدين لانها فضل من الله ومعونة على طاعته. ولكن من كان بالجهاد الغنيمة فقط. نقص اجره من اجل نيته. لا لما يحصل له من الغني التاسع والاربع مئة الحديث الثامن عشر عن ابي موسى عبد الله ابن قيس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال من حمل علينا السلاح فليس منا. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي موسى من حمل علينا السلاح فليس منا. اي من بغى وخرج على الايمان وقاتل المسلمين فليس منهم. لان هذا من ابلغ انواع العداوة فيحرم الخروج على الامام ولو بلغ بالظلم مهما بلغ. ولكن فان رجع فذاك والا فلا يخرج عليه. وكان الخروج على الائمة من الخوارج والمعتزلة. فانهم لما رأوا جور بعض الائمة وقصدهم في ذلك تغيير المنكر ولكنهم اخطأوا وضلوا. لانه لا يجوز تغيير المنكر اذا ترتب عليه منكر اعظم منه. فاذا خرجت طائفة على الامام وجب عليه ردهم للحق مهما امكنه. فان ابوا الا قتاله على رعية الامام اعانته في قتالهم حتى يزول شرهم. ويرجعوا الى ولزوم الجماعة. العاشر والاربعمائة. الحديث التاسع عشر عن ابي موسى رضي الله عنه انه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة. ويقاتل حمية ويقاتل رياء. اي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. من قاتل لتكون كلمة الله هي العشى الا فهو في سبيل الله. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي موسى سئل رسول الله الله، صلى الله عليه وعلى اله وسلم، عن الرجل يقاتل شجاعة. اي ليس له مقصد لا حسن ولا سيء. وانما يحمله على القتال محبته للشجاعة فقط ويقاتل حمية. اي لقومه او لوطنه او لاهل مذهبه اي حمية جاهلية لا دينية. ويقاتل رياء. اي ليرى ومكانه ويقال هو شجاع. وهذا قصده سيء اي ذلك في سبيل الله. اي من هو الذي يعد منهم مقاتلا في سبيل الله فلما لم يكن منهم احد بهذه المثابة. ذكر المجاهد في سبيل الله بعبارة جامعة مانعة. فقال عليه الصلاة والسلام من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله. اي من كان هذا قصده واما غير ذلك من المقاصد. فلا يكون جهادا في سبيل الله. وهذا كما في الهجرة من قوله من كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله الى اخره. فبقدر النية يتفاوت الخلق تفاوتا لا يعلمه الا الله فتجد الرجلين في الصف لا يرى بينهما فرق ظاهر لان اهما في الاقدام والقوة على الجهاد سواء. مع ان بينهما من الفرق في الاجر والثواب اعظم مما بين السماء والارض. لان هذا قصده نصرة الدين واعلاء كلمته لله وهذا قصده ان يرى مكانه ويقال هو شجاع. فالاول في في اعلى المراتب. والثاني في اسفل سافلين. وهذا عام في جميع الاعمال كما تقدم عند قوله وانما لكل امرئ ما نوى الى اخره