المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث السادس عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه متفق عليه وزاد الترمذي والنسائي والمؤمن من امنهن الناس على دمائهم واموالهم وزاد البيهقي والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه ذكر في هذا الحديث كمال هذه الاسماء الجليلة التي رتب الله ورسوله عليها سعادة الدنيا والاخرة وهي الاسلام والايمان والهجرة والجهاد وذكر حدودها بكلام جامع شامل وان المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وذلك ان الاسلام الحقيقي هو الاستسلام لله وتكميل عبوديته والقيام بحقوقه وحقوق المسلمين ولا يتم الاسلام حتى يحب للمسلمين ما يحب لنفسه ولا يتحقق ذلك الا بسلامتهم من شر لسانه وشر يده فان هذا اصل هذا الفرض الذي عليه للمسلمين فمن لم يسلم المسلمون من لسانه او يده كيف يكون قائما بالفرض الذي عليه لاخوانه المسلمين فسلامتهم من شره القولي والفعلي عنوان على كمال اسلامه وفسر المؤمن بانه الذي يأمنه الناس على دمائهم واموالهم فان الايمان اذا دار في القلب وامتلأ به اوجب لصاحبه القيام بحقوق الايمان التي من اهمها رعاية الامانات والصدق في المعاملات والورع عن ظلم الناس في دمائهم واموالهم ومن كان كذلك عرف الناس هذا منه وامنوه على دمائهم واموالهم ووثقوا به لما يعلمون منه من مراعاة الامانات فان رعاية الامانة من اخص واجبات الايمان كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا ايمان لمن لا امانة له وفسر صلى الله عليه وعلى اله وسلم الهجرة التي هي فرض عين على كل مسلم بانها هجرة الذنوب والمعاصي وهذا الفرض لا يسقط عن كل مكلف في كل حال من احواله فان الله حرم على عباده انتهاك المحرمات والاقدام على المعاصي والهجرة الخاصة التي هي الانتقال من بلد الكفر او البدع الى بلد الاسلام والسنة جزء من هذه الهجرة وليست واجبة على كل احد وانما تجب بوجود اسبابها المعروفة وفسر المجاهد بانه الذي جاهد نفسه على طاعة الله فان النفس ميالة الى الكسل عن الخيرات امارة بالسوء سريعة التأثر عند المصائب وتحتاج الى صبر وجهاد في الزامها طاعة الله وثباتها عليها ومجاهدتها عن معاصي الله وردعها عنها وجهادها على الصبر عند المصائب وهذه هي الطاعات امتثال المأمور واجتناب المحظور والصبر على المقدور فالمجاهد حقيقة من جاهدها على هذه الامور لتقوم بواجبها ووظيفتها ومن اشرف هذا النوع واجله مجاهدتها على قتال الاعداء ومجاهدتهم بالقول والفعل فان الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الدين فهذا الحديث من قام بما دل عليه فقد قام بالدين كله من سلم المسلمون من لسانه ويده وامنه الناس على دمائهم واموالهم وهجر ما نهى الله عنه وجاهد نفسه على طاعة الله فانه لم يبق من الخير الديني والدنيوي الظاهري والباطني شيئا الا فعله ولا من الشر شيئا الا تركه والله الموفق وحده