المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الخامس والعشرون عن ما لك بن الحويرث رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلوا كما رأيتموني اصلي واذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم احدكم وليؤمكم اكبركم متفق عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث احتوى على ثلاث جمل اولها اعظمها الجملة الاولى قوله اذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم احدكم فيه مشروعية الاذان ووجوبه للامر به وكونه بعد دخول الوقت ويستثنى من ذلك صلاة الفجر فانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال ان بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن ام مكتوم فانه لا ينادي حتى يقال له اصبحت اصبحت وان الاذان فرض كفاية لا فرض عين لان الامر من الشارع ان به كل شخص مكلف وطلب حصوله منه فهو فرض عين وان طلب حصوله فقط بقطع النظر عن الاعيان فهو فرض كفاية وهنا قال فليؤذن لكم احدكم والفاظ الاذان معروفة وينبغي ان يكون المؤذن صيتا امينا عالما بالوقت متحريا له لانه اعظم لحصول المقصود ويكفي من يحصل به الاعلام غالبا والحديث يدل على وجوب الاذان في الحضر والسفر والاقامة من تمام الاذان لان الاذان الاعلام بدخول الوقت للصلاة والاقامة الاعلام بالقيام اليها وقد وردت النصوص الكثيرة بفضله وكثرة ثوابه واستحباب اجابته وان يقول المجيب مثلما يقول المؤذن الا اذا قال حي على الصلاة حي على الفلاح فيقول كلمة الاستعانة بالله على ما دعي اليه من الصلاة والفلاح الذي هو الخير كله لا حول ولا قوة الا بالله ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ويقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ات محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ثم يدعو لنفسه لانه من مواطن الاجابة التي ينبغي للداعي قصدها الجملة الثانية قوله وليؤمكم اكبركم فيه وجوب صلاة الجماعة وان اقلها امام ومأموم وان الاولى بالامامة اقومهم بمقصود الامامة كما ثبت في الصحيح يؤم القوم اقرأهم لكتاب الله فان كانوا في القراءة سواء فاعلمهم بالسنة فان كانوا في السنة سواء فاقدمهم هجرة او اسلاما فاذا كانوا متقاربين كما في هذا الحديث كان الاولى منهما اكبرهما فان تقديم الاكبر مشروع في كل امر طلب فيه الترتيب اذا لم يكن للصغير مزيد فضل لقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كبر كبر واذا ترتبت الصلاة بامام ومأموم فانما جعل الامام ليؤتم به فاذا كبر كبر من وراءه واذا ركع وسجد ورفع تبعه من بعده وينهى عن موافقته في افعال الصلاة واما مسابقته والتقدم عليه في ركوع او سجود او خفض او رفع فان ذلك حرام مبطل للصلاة فيؤمر المأمومون بالاقتداء بامامهم وينهون عن الموافقة والمسابقة والتخلف الكثير فان كانوا اثنين فاكثر فالافضل ان يصفوا خلفه ويجوز عن يمينه او عن جانبيه والرجل الواحد يصف عن يمين الامام والمرأة خلف الرجل او الرجال وتقف وحدها الا اذا كان معها نساء فيكن كالرجال في وجوب المصافة وان وقف الرجل الواحد خلف الامام او خلف الصف لغير عذر بطلت صلاته وعلى الامام تحصيل مقصود الامامة من الجهر بالتكبير في الانتقالات والتسميع ومن الجهر في القراءة في الصلاة الجهرية وعليه مراعاة المأمومين في التقدم والتأخر والتخفيف مع الاتمام الجملة الثالثة وهي الاولى في هذا الحديث قوله صلوا كما رأيتموني اصلي وهذا تعليم منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالقول والفعل كما فعل ذلك في الحج حيث كان يقوم باداء المناسك ويقول للناس خذوا عني مناسككم وهذه الجملة تأتي على جميع ما كان يفعله ويقوله ويأمر به في الصلاة وذلك بان يستكمل العبد جميع شروط الصلاة ثم يقوم الى صلاته ويستقبل القبلة ناويا الصلاة المعينة بقلبه ويقول الله اكبر ثم يستفتح ويتعوذ بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من انواع الاستفتاحات والتعوذات ويقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة في صلاة الفجر وقصيرة في صلاة المغرب وبين ذلك في بقية الصلوات ثم يركع مكبرا رافعا يديه حذو منكبيه في ركوعه وفي رفعه منه في كل ركعة وعند تكبيرة الاحرام واذا قام من التشهد الاول على الصحيح في الصلاة الرباعية والثلاثية ويقول سبحان ربي العظيم مرة واجبة واقل الكمال ثلاث مرات فاكثر وكذلك تسبيح السجود قول سبحان ربي الاعلى ثم يرفع رأسه قائلا اماما ومنفردا سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وكذلك المأموم الا انه لا يقول سمع الله لمن حمده ثم يكبر ويسجد على سبعة اعضاء القدمين والركبتين والكفين والجبهة مع الانف ويمكنها من الارض ويجافيها ولا يبسط ذراعيه انبساط الكلب ثم يرفع مكبرا ويجلس مفترشا جالسا على رجله اليسرى ناصبا رجله اليمنى موجها اصابعها الى القبلة والصلاة جلوسها كله افتراش الا في التشهد الاخير فانه ينبغي له ان يتورك فيقعد على الارض ويخرج رجله اليسرى عن يمينه ويقول بين السجدتين رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني واجبرني ثم يسجد السجدة الثانية كالاولى وهكذا يفعل في كل ركعة وعليه ان يطمئن في كل رفع وخفض وركع وسجود وقيام وقعود ثم يتشهد فيقول التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله هذا التشهد الاول ثم يقوم ان كانت رباعية او ثلاثية ويصلي بقية بالفاتحة وحدها وان كان في التشهد الذي يليه السلام قال اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ال ابراهيم انك حميد مجيد اللهم اني اعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ويدعو بما احب ثم يسلم ويذكر الله بما ورد فجميع الوارد عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الصلاة من فعله وقوله وتعليمه وارشاده داخل في قوله صلوا كما رأيتموني اصلي وهو مأمور به امر ايجاب او استحباب بحسب الدلالة فما كان من اجزاءها لا يسقط سهوا ولا جهلا ولا عمدا قيل له ركن كتكبيرة الاحرام وقراءة الفاتحة والتشهد الاخير والسلام وكالقيام والركوع والسجود والاعتدال عنها وما كان يسقط سهوا ويجبره سجود السهو قيل له واجب كالتشهد الاول والجلوس له والتكبيرات غير تكبيرة الاحرام وقولي سمع الله لمن حمده للامام والمنفرد وقول ربنا ولك الحمد لكل مصلى وقول سبحان ربي العظيم مرة في الركوع وسبحان ربي الاعلى مرة في السجود وقول ربي اغفر لي بين السجدتين وما سوى ذلك فانه من مكملاتها ومستحباتها وخصوصا رح الصلاة ولبها وهو حضور القلب فيها وتدبر ما يقوله من قراءة وذكر ودعاء وما يفعله من قيام وقعود وركوع وسجود والخضوع لله والخشوع فيها لله ومما يدخل في ذلك تجنب ما نهى عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الصلاة كالضحك والكلام وكثرة الحركة المتتابعة لغير ضرورة فان الصلاة لا تتم الا بوجود شروطها واركانها وواجباتها وانتفاء مبطلاتها التي ترجع الى امرين اما اخلال بلازم او فعل ممنوع فيها كالكلام ونحوه