المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث التاسع والثلاثون عن عمرو بن عوف المزني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا حرم حلالا او احل حراما والمسلمون على شروطهم الا شرطا حرم حلالا او احل حراما رواه اهل السنن الا النسائي جمع في هذا الحديث الشريف بين انواع الصلح والشروط صحيحها وفاسدها بكلام يشمل من انواع العلم وافراده ما لا يحصى بحد واضح بين فاخبر ان الاصل في الصلح انه جائز لا بأس به الا اذا حرم الحلال او احل الحرام وهذا كلام محيط يدخل فيه جميع اقسام الصلح والصلح خير لما فيه من حسم النزاع وسلامة القلوب وبراءة الذمم فيدخل فيه الصلح في الاموال في الاقرار بان يقر له بدين او عين او حق فيصالحه عنه ببعضه او بغيره وصلح الانكار بان يدعي عليه حقا من دين او عين فينكر ثم يتفقان على المصالحة عن هذا بعين او دين او منفعة او ابراء او غيره فكل ذلك جائز وكذلك الصلح عن الحقوق المجهولة كأن يكون بين اثنين معاملة طويلة اشتبه فيها ثبوت الحق على احدهما او عليهما او اشتبه مقداره فيتصالحان على ما يتفقان عليه ويتحريان العدل وتمام ذلك ان يحلل كل منهما الاخر او يكون بين اثنين مشاركة في ميراث او وقف او وصية او مال اخر من ديون او اعيان ثم يتصالحان عن ذلك بما يريانه اقرب الى العدل والصواب وكذلك يدخل في ذلك المصالحة بين الزوجين في حق من حقوق الزوجية من نفقة او كسوة او مسكن او غيرها ماضية او حاضرة وان اقتضت الحال ان يغض احدهما عن بعض حقه لاستيفاء بقيته او لبقاء الزوجية او لزوال الفضل او لغير ذلك من المقاصد فكل ذلك حسن كما قال تعالى في حقهما فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وكذلك الصلح عن القصاص في النفوس او الاطراف بمال يتفقان عليه او المعاوضة عن ديات النفوس والاطراف والجروح او يصلح الحاكم بين الخصوم بما تقتضيه الحال متحريا في ذلك مصلحتهما جميعا فكل هذا داخل في قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الصلح جائز بين المسلمين فان تضمن الصلح تحريم الحلال او تحليل الحرام فهو فاسد بنص هذا الحديث كالصلح على رق الاحرار او اباحة الفروج المحرمة او الصلح الذي فيه ظلم ولهذا قيده الله بقوله تعالى فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا او صلح اضطرار كالمكره وكالمرأة اذا عضلها زوجها ظلما لتفتدي منه وكالصلح على حق الغير بغير اذنه وما اشبه ذلك فهذا النوع صلح محرم غير صحيح واما الشروط فاخبر في هذا الحديث ان المسلمين على شروطهم الا شرطا احل حراما او حرم حلالا وهذا اصل كبير فان الشروط هي التي يشترطها احد المتعاقدين على الاخر مما له فيه حظ ومصلحة فذلك جائز وهو لازم اذا وافقه الاخر عليه واعترف به وذلك مثل اذا اشترط المشتري في المبيع وصفا مقصودا كشرط العبد كاتبا او يحسن العمل الفلاني او الدابة هم لاجة او لبونا او الجارح صيودا او الجارية بكرا او جميلة او فيها الوصف الفلاني المقصود ومثل ان يشترط المشتري ان الثمن او بعضه مؤجل باجل مسمى او يبيع الشيء ويشترط البائع ان ينتفع به مدة معلومة كما باع جابر بن عبدالله الانصاري رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جمله واشترط ظهره الى المدينة ومثل ان يشترط سكنى البيت او الدكان مدة معلومة او يستعمل الاناء مدة معلومة وما اشبه ذلك وكذلك شروط الرهن والضمان والكفالة هي من الشروط الصحيحة اللازمة ومثل الشروط التي يشترطها المتشاركان في مضاربة او شركة عنان او وجوه او ابدان او او مزارعة فكلها صحيحة الا شروطا تحلل الحرام وعكسه كالتي تعود الى الجهالة والغرر ومثل شروط الواقفين والموصين في اوقافهم ووصاياهم من المقصودة فكلها صحيحة ما لم تدخل في محرم وكذلك الشرط بين الزوجين كأن تشترط دارها او بلدها او نفقة معينة او نحوها فان احق الشروط ان يوفى به هذا النوع