المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث السادس والاربعون عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الحقوا الفرائض باهلها فما بقي فهو لاولى رجل ذكر متفق عليه الحديث السابع والاربعون عن ابي امامة الباهلي رضي الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول ان الله قد اعطى كل ذي حق حقه الا وصية لوارث رواه ابو داوود والترمذي وابن ماجة قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذان الحديثان اشتملا على جل احكام المواريث واحكام الوصايا فان الله تعالى فصل احكاما المواريث تفصيلا تاما واضحا واعطى كل ذي حق حقه وامر صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان تلحق الفرائض باهلها فيقدمون على العصبات فما بقي فهو لاولى رجل ذكر وهم العصبة من الفروع الذكور والاصول الذكور وفروع الاصول الذكور والولاء فيقدم من هذه الجهات اذا اجتمع عاصبان فاكثر الاقرب جهة فان كانوا في جهة واحدة قدم الاقرب منزلة فيقدم لابن على ابن الابن والعم مثلا على ابن العم فان كانوا في منزلة واحدة وتميز احدهم بقوة القرابة ولا يتصور ذلك الا في فروع الاصول كالاخوة والاعمام مطلقا وبنيهم قدم الاقوى وهو الشقيق على الذي لاب وهذا هو المراد بقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لاولى رجل ذكر اي اقربهم جهة او منزلة او قوة على حسب هذا الترتيب وعلم من هذا ان صاحب الفرض مقدم على العاصي في البداءة وانه ان استغرقت الفروض التركة سقط العاصب في جميع مسائل الفرائض حتى في الحمارية وهي ما اذا خلفت زوجا واما واخوة لام واخوة اشقاء بل الزوج النصف وللام السدس وللاخوة لام الثلث فهؤلاء اهل فروض الحقنا بهم فروضهم وسقط الاشقاء لانهم عصبات وهذا الصحيح لادلة كثيرة هذا اوضحها ويستدل بقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الحقوا الفرائض باهلها على ان الفروض اذا كثرت وتزاحمت ولم يحجب بعضهم بعضا فانه يعول لهم وتنقص فروضهم بحسب ما عالت به كالديون اذا ادلت على موجودات الغريم التي لا تكفي لدينهم فانهم يعطون بقدر ديونهم وهذا من العدل فكل مشتركين في استحقاق شيء لا يمكن ان يكمل لكل واحد منهم وليس لواحد منهم مزية تقديم فانهم ينقصون على قدر استحقاقهم وذلك في الهبات والوصايا والاوقاف وغيرها كما ان الزائد لهم بقدر املاكهم واستحقاقهم ويدل الحديث على انه اذا لم يوجد صاحب فرض فالمال كله للعصبات على حسب الترتيب السابق وكذلك يدل على انه اذا لم يوجد الا اصحاب الفروض ولم يوجد عاصب فانه يرد عليهم على قدر فروضهم كما تعال عليهم لان من حكمة فرض الفروض وتقديرها ان تبقى البقية للعاصب فاذا لم يوجد رد على المستحقين لعدم المزاحم ويدل الحديث على صحة الوصية لغير الوارث ولكن في ذلك تفصيل ان كان الموصي غنيا ويدع ورثته اغنياء استحبت وان كان فقيرا وورثته يحتاجون ميراثه لفقرهم او كثرتهم فالاولى له الا يوصي بل يدع ما له لورثته واما الوصية للوارث فالحديث دل على منعها وعلل ذلك بقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان الله قد اعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث فمن اوصى لوارث فقد تعدى حدود الله وفضل بعض الورثة على بعض وسواء وقع ذلك على وجه الوصية او الهبة للوارث كما هو اتفاق العلماء او على وجه الوقف لثلثه على بعض ورثته وشذ بعضهم في هذه المسألة فاجازها وهو مناف للفظ الحديث ومعناه واما الوصية للاجنبي او للجهات فتجوز بالثلث فاقل وما زاد على الثلث يتوقف على اجازة الورثة