المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الحادي والسبعون عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال جاء رجل فقال يا رسول الله اوصني فقال لا تغضب ثم ردد مرارا فقال لا تغضب رواه البخاري قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الرجل ظن انها وصية بامر جزئي وهو يريد ان يوصيه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بكلام كلي ولهذا ردد فلما اعاد عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عرف ان هذا كلام جامع وهو كذلك فان قوله لا تغضب يتضمن امرين عظيمين احدهما الامر بفعل الاسباب والتمرن على حسن الخلق والحلم والصبر وتوطين النفس على ما يصيب الانسان من الخلق من الاذى القولي والفعلي فاذا وفق لها العبد وورد عليه وارد الغضب احتمله بحسن خلقه وتلقاه بحلمه وصبره ومعرفته بحسن عواقبه فان الامر بالشيء امر به وبما لا يتم الا به والنهي عن الشيء امر بضده وامر بفعل الاسباب التي تعين العبد على اجتناب المنهي عنه وهذا منه الثاني الامر بعد الغضب الا ينفذ غضبه فان الغضب غالبا لا يتمكن الانسان من دفعه ورده ولكنه يتمكن من عدم تنفيذه فعليه اذا غضب ان يمنع نفسه من الاقوال والافعال المحرمة التي يقتضيها الغضب فمتى منع نفسه من فعل اثار الغضب الضارة فكأنه في الحقيقة لم يغضب وبهذا يكون العبد كامل القوة العقلية والقوة القلبية كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب فكمال قوة العبد ان يمتنع من ان تؤثر فيه قوة الشهوة وقوة الغضب والاثار السيئة بل يصرف هاتين القوتين الى تناول ما ينفع في الدين والدنيا والى دفع ما يضر فيهما فخير الناس من كانت شهوته وهواه تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وغضبه ومدافعته في نصر الحق على الباطل وشر الناس من كان صريع شهوته وغضبه ولا حول ولا قوة الا بالله