المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الرابع والسبعون عن ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه انه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال يا رسول الله عظني واوجز فقال اذا قمت في صلاتك فصلي صلاة مودع ولا تكلم بكلام تعتذر منه غدا واجمع الاياس مما في ايدي الناس رواه احمد قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذه الوصايا الثلاث يا لها من وصايا اذا اخذ بها العبد تمت اموره وافلح فالوصية الاولى تتضمن تكميل الصلاة والاجتهاد في ايقاعها على احسن الاحوال وذلك بان يحاسب نفسه على كل صلاة يصليها وانه سيتم جميع ما فيها من واجب وفرض وسنة وان يتحقق بمقام الاحسان الذي هو اعلى المقامات وذلك بان يقوم اليها مستحضرا وقوفه بين يدي ربه وانه يناجيه بما يقوله من قراءة وذكر ودعاء ويخضع له في قيامه وركوعه وسجوده وخفضه ورفعه ويعينه على هذا المقصد الجليل توطين نفسه على ذلك من غير تردد ولا كسل قلبي ويستحضر في كل صلاة انها صلاة مودع كانه لا يصلي غيرها ومعلوم ان المودع يجتهد اجتهادا يبذل فيه كل وسعه ولا يزال مستصحبا لهذه المعاني النافعة والاسباب القوية حتى يسهل عليه الامر ويتعود ذلك والصلاة على هذا الوجه تنهى صاحبها عن كل خلق رذيل وتحثه على كل خلق جميل لما تؤثره من زيادة الايمان ونور القلب وسروره ورغبته التامة في الخير واما الوصية الثانية فهي حفظ اللسان ومراقبته فان حفظ اللسان عليه المدار وهو ملاك امر العبد فمتى ملك العبد لسانه ملك جميع اعضائه ومتى ملكه لسانه فلم يصنه عن الكلام الضار فان امره يختل في دينه ودنياه فلا يتكلم بكلام الا قد عرف نفعه في دينه او دنياه وكل كلام يحتمل ان يكون فيه انتقاد او اعتذار فليدعه فانه اذا تكلم به ملكه الكلام وصار اسيرا له وربما احدث عليه ضررا لا يتمكن من تلافيه واما الوصية الثالثة فهي توطين النفس على التعلق بالله وحده في امور معاشه ومعاده فلا يسأل الا الله ولا يطمع الا في فضله ويوطن نفسه على اليأس مما في ايدي الناس فان اليأس عصمة ومن ايس من شيء استغنى عنه فكما انه لا يسأل بلسانه الا الله فلا يعلق قلبه الا بالله فيبقى عبدا لله حقيقة سالما من عبودية الخلق قد تحرر من رقهم واكتسب بذلك العز والشرف فان المتعلق بالخلق يكتسب الذل والسقوط بحسب تعلقه بهم والله اعلم