المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الخامس والسبعون عن مصعب بن سعد ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال هل تنصرون وترزقون الا بضعفائكم رواه البخاري قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه فهذا الحديث فيه انه لا ينبغي للاقوياء القادرين ان يستهينوا بالضعفاء العاجزين لا في امور الجهاد والنصرة ولا في امور الرزق وعجزهم عن الكسب بين الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قد يحدث النصر على الاعداء وبسط الرزق باسباب الضعفاء بتوجههم ودعائهم واستنصارهم واسترزاقهم وذلك ان الاسباب التي تحصل بها المقاصد نوعان نوع يشاهد بالحس وهو القوة بالشجاعة القولية والفعلية وبحصول الغنى والقدرة على الكسب وهذا النوع هو الذي يغلب على قلوب اكثر الخلق ويعلقون به حصول النصر والرزق حتى وصلت الحال بكثير من اهل الجاهلية ان يقتلوا اولادهم خشية الفقر ووصلت بغيرهم الى ان يتضجروا بعوائلهم الذين عدم كسبهم وفقدت قوتهم وهذا كله قصر نظر وضعف ايمان وقلة ثقة بوعد الله وكفايته ونظر للامور على غير حقيقتها واما النوع الثاني اسباب معنوية وهي قوة التوكل على الله في حصول المطالب الدينية والدنيوية وكمال الثقة به وقوة التوجه اليه والطلب منه وهذه الامور تقوى جدا من الضعفاء العاجزين الذين الجأتهم الضرورة الى ان يعلموا حق العلم ان كفايتهم ورزقهم ونصرهم من عند الله وانهم في غاية العجز فانكسرت قلوبهم وتوجهت الى الله فانزل لهم من نصره ورزقه من دفع المكاره وجلب المنافع ما لا يدركه القادرون ويسر للقادرين بسببهم من الرزق ما لم يكن لهم في حساب فان الله جعل لكل احد رزقا مقدرا وقد جعل ارزاق هؤلاء العاجزين على يد القادرين واعان القادرين على ذلك وخصوصا من قويت ثقتهم بالله واطمأنت نفوسهم لثوابه فان الله يفتح لهؤلاء من اسباب النصر والرزق ما لم يكن لهم ببال ولا دار لهم في خيال فكم من انسان كان رزقه مقترا فلما كثرت عائلته والمتعلقون به وسع الله له الرزق من جهات واسباب شرعية قدرية الهية ومن جهة وعد الله الذي لا يخلف وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ومن جهة دعاء الملائكة كل صباح يوم اللهم اعط منفقا خلفا واعطي ممسكا تلفا ومن جهة ان ارزاق هؤلاء الضعفاء توجهت الى من قام بهم وكانت على يده ومن جهة ان يد المعطي هي العليا من جميع الوجوه ومن جهة ان المعونة من الله تأتي على قدر المؤونة وان البركة تشارك كل ما كان لوجهه ومرادا به ثوابه ولهذا نقول ومن جهة اخلاص العبد لله وتقربه اليه بقلبه ولسانه ويده كلما انفق توجه الى الله وتقرب اليه وما كان له فهو مبارك ومن جهة قوة التوكل وثقة المنفق وطمعه في فضل الله وبره والطمع والرجاء من اكبر الاسباب لحصول المطلوب ومن جهة دعاء المستضعفين المنفق عليهم فانهم يدعون الله ان قاموا وقعدوا وفي كل احوالهم لمن قام بكفايتهم والدعاء سبب قوي وقال ربكم ادعوني استجب لكم وكل هذا مجرب مشاهد فتبا للمحرومين وما اجل ربح الموفقين والله اعلم