المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث السابع والثمانون عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قل هو الله احد تعدل ثلث القرآن رواه مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه تكلم اهل العلم على معنى هذه المعادلة وتوجيهها واحسن ما قيل فيها ان معادلتها لثلث القرآن لما تضمنته من المعاني العظيمة معاني التوحيد واصول الايمان فان المواضيع الجليلة التي اشتمل القرآن عليها اما احكام شرعية ظاهرة او باطنة عبادات او معاملات واما قصص واخبار عن المخلوقات السابقة واللاحقة واحوال المكلفين في الجزاء على الاعمال واما توحيد ومعارف تتعلق بالله واسمائه وصفاته وتفرده بالوحدانية والكمال وتنزهه عن كل عيب ومماثلة احد من المخلوقات فسورة قل هو الله احد مشتملة على هذا وشاملة لكل ما يجب اعتقاده من هذا الاصل الذي هو اصل الاصول كلها ولهذا امرنا الله ان نقولها بالسنتنا ونعرفها بقلوبنا ونعترف بها وندين لله باعتقادها والتعبد لله بها فقال قل هو الله احد فالله هو المألوه المستحق لمعاني الالوهية كلها التي توجب ان يكون هو المعبود وحده المحمود وحده والمشكور وحده المعظمة المقدسة ذو الجلال والاكرام والاحد يعني الذي تفرد بكل كمال ومجد وجلال وجمال وحمد وحكمة ورحمة وغيرها من صفات الكمال فليس له فيها مثيل ولا نظير ولا مناسب بوجه من الوجوه فهو الاحد في حياته وقيوميته وعلمه وقدرته وعظمته وجلاله وجماله وحمده وحكمته ورحمته وغيرها من صفاته موصوف بغاية الكمال ونهايته من كل صفة من هذه الصفات ومن تحقيق احديته وتفرده بها انه الصمد اي الرب الكامل والسيد العظيم الذي لم يبقى صفتك مال الا اتصف بها ووصف بغايتها وكمالها بحيث لا تحيط الخلائق ببعض تلك الصفات بقلوبهم ولا تعبروا عنها السنتهم وهو المصمود اليه المقصود في جميع الحوائج والنوائب يسأله من في السماوات والارض كل يوم هو في شأن فهو الغني بذاته وجميع الكائنات فقيرة اليه بذاتهم في ايجادهم واعدادهم وامدادهم بكل ما هم محتاجون اليه من جميع الوجوه ليس لاحد منها غنا عنه مثقال ذرة في كل حالة من احوالها الصمد هو المصمود اليه المقصود في كل شيء لكماله وكرمه وجوده واحسانه ولذلك لم يلد ولم يولد فان المخلوقات كلها متولد بعضها من بعض وبعضها والد بعض وبعضها مولود وكل مخلوق فانه مخلوق من مادة واما الرب جل جلاله فانه منزه عن مماثلتها في هذا الوصف كما هو منزه عن مماثلتها في كل صفة نقص ولهذا حقق ذلك التنزيه وتمم ذلك الكمال بقوله ولم يكن له كفوا احد اي ليس له نظير ولا مكافئ ولا مثيل لا في اسمائه ولا في اوصافه ولا في افعاله ولا في جميع حقوقه التي اختص بها فحقه الخاص امران التفرد بالكمال كله من جميع الوجوه والعبودية الخالصة من جميع الخلق فحق لسورة تتضمن هذه الجمل العظيمة ان تعادل ثلث القرآن فان جميع ما في القرآن من الاسماء الحسنى ومن الصفات العظيمة العليا ومن افعال الله واحكام صفاته تفاصيل لهذه الاسماء التي ذكرت في هذه السورة بل كل ما في القرآن من العبوديات الظاهرة والباطنة واصنافها وتفاصيلها تفصيل لمضمون هذه السورة والله اعلم