المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره الاصل الاول التوحيد الشرح اصل الشيء اساسه الذي يبنى عليه ولما كان التوحيد اهم المهمات واوجب الواجبات وعلى اساسه تتوقف صحة الاعمال وقبولها لا سيما اذا كانت مقرونة بالاخلاص ومتابعة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم جعله الشيخ رحمه الله تعالى الاصل الاول قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره حد التوحيد الجامع لانواعه هو اعتقاد العبد وايمانه بتفرد الله بصفات الكمال وافراده بانواع العبادة الشرح قوله رحمه الله حد التوحيد الجامع لانواعه اي لانواعه الثلاثة توحيد الربوبية والالوهية والاسماء والصفات قال رحمه الله حد التوحيد الجامع لكل انواعه هو علم العبد واعتقاده واعترافه وايمانه بتفرد الرب بكل صفة كمال وتوحده في ذلك واعتقاد انه لا شريك له ولا مثيل له في كماله وانه ذو الالوهية والعبودية على خلقه اجمعين ثم افراده بانواع العبادة فهذا هو التوحيد بمعناه العام اي افراد الله بالربوبية والالوهية والاسماء والصفات ثم دخل في تفصيل كل نوع على حدة فقال قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره فدخل في هذا توحيد الربوبية الذي هو اعتقاد انفراد الرب سبحانه بالخلق والرزق وانواع التدبير الشرح قوله فدخل في هذا اي دخل في حد التوحيد توحيد الربوبية الذي هو اعتقاد انفراد الرب سبحانه الى اخره وقال ايضا توحيد الربوبية بان يعتقد العبد ان الله هو الرب المتفرد بالخلق والرزق والتدبير الذي ربى جميع الخلق بالنعم وربى خواص خلقه وهم الانبياء واتباعهم بالعقائد الصحيحة والاخلاق الجميلة والعلوم النافعة والاعمال الصالحة وهذه التربية النافعة للقلوب والارواح المثمرة لسعادة الدارين انتهى قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره وتوحيد الاسماء والصفات وهو اثبات ما اثبته لنفسه واثبته له رسوله من الاسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا من غير تشبيه ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل الشرح هذا هو النوع الثاني من انواع التوحيد وهو توحيد الاسماء والصفات وهو اعتقاد انفراد الرب سبحانه بالكمال المطلق من جميع الوجوه بنعوت العظمة والجلال والجمال التي لا يشاركه فيها مشارك بوجه من الوجوه وذلك باثبات ما اثبته الله لنفسه او اثبته له رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من جميع الاسماء والصفات ومعانيها واحكامها الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بعظمته وجلاله من غير نفي لشيء منها ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل ونفي ما نفاه عن نفسه او نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من النقائص عيوب وعن كل ما ينافي كماله وقال ايضا في بيان اركان الايمان باسماء الله وصفاته هما ثلاثة الاول ايمان بالاسماء الحسنى كلها الثاني الايمان بما دلت عليه من الصفات الثالث الايمان باحكام صفاته ومتعلقاتها فنؤمن بانه عليم له العلم الكامل المحيط بكل شيء وانه قدير ذو قدرة عظيمة يقدر بها على كل شيء وهكذا بقية الاسماء الحسنى والصفات ومتعلقاتها وقال ايضا رحمه الله فكلما ازداد العبد معرفة باسماء الله وصفاته ازداد ايمانه وقوي يقينه فينبغي للمؤمن ان يبذل مقدوره ومستطاعه في معرفة الاسماء والصفات ات وتكون معرفته سالمة من داء التعطيل ومن داء التمثيل الذين ابتلي بهما كثير من اهل البدع المخالفة لما جاء به الرسول بل تكون المعرفة متلقاة من الكتاب والسنة وما روي عن الصحابة والتابعين لهم باحسان فهذه هي المعرفة النافعة التي لا يزال صاحبها في زيادة في ايمانه وقوة يقينه وطمأنينة في احواله قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره وتوحيد الالوهية والعبادة وهو افراده وحده باجناس العبادة وانواعها وافرادها من غير اشراك به في شيء منها مع اعتقاد كمال الوهيته الشرح هذا هو النوع الثالث من انواع التوحيد وهو توحيد الالوهية ومعنىه افراد الله تعالى بجميع انواع العبادة الظاهرة والباطنة قولا وعملا ونفي العبادة عن كل من سوى الله تعالى كائنا من كان وقال ابن سعدي رحمه الله في بيان حد توحيد الالوهية فاما حده وتفسيره واركانه فهو ان يعلم ويعترف على وجه العلم واليقين ان الله هو المألوه وحده المعبود على الحقيقة وان صفات الالوهية ومعانيها ليست موجودة باحد من المخلوقات ولا يستحقها الا الله فاذا عرف ذلك واعترف به حقا افرده بالعبادة كلها الظاهرة والباطنة فيقوم بشرائع الاسلام كالصلاة والزكاة وغيرها الى ان قال رحمه الله لا يقصد به غرضا من الاغراض غير رضا ربه وطلب ثوابه متابعا في ذلك الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره فدخل في توحيد الربوبية اثبات القضاء والقدر وان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وانه على كل شيء قدير وانه الغني الحميد وما سواه فقير اليه من كل وجه الشرح قوله رحمه الله فدخل في توحيد الربوبية اثبات القضاء والقدر وجهود دخول القضاء والقدر في توحيد الربوبية انها من افعاله سبحانه وتوحيد الربوبية هو توحيد الله بافعاله ولذا ادخل الشيخ رحمه الله القضاء والقدر من جملة توحيد الربوبية وقوله وانما شاء الله كان الى اخره هذا هو معنى الايمان بالقضاء والقدر الذي دل عليه قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لابن عباس واعلم ان ما اصابك لم يكن ليخطئك وما اخطأك لم يكن ليصيبك وقوله رحمه الله وانه الغني وما سواه فقير اليه من كل وجه لقوله تعالى يا ايها الناس انتم والله هو الغني الحميد قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره ودخل في توحيد الاسماء والصفات اثبات جميع معاني الاسماء الحسنى لله تعالى الواردة في الكتاب والسنة والايمان بها ثلاث درجات ايمان بالاسماء وايمان بالصفات وايمان باحكام صفاته كالعلم بانه عليم ذو علم ويعلم كل شيء قدير ذو قدرة ويقدر على كل شيء الى اخر ما له من الاسماء الشرح مر بنا جملة مما ذكره الشيخ في بيان توحيد الاسماء والصفات وكيفية الايمان بها وقال ايضا رحمه الله في ذكر اصول الايمان الكلية فعلى كل مؤمن ان يؤمن بالله ويدخل في الايمان بالله الايمان بكل ما وصف به نفسه او وصفه به رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من صفات الكمال ونفي اضدادها واركان ذلك ثلاثة الاول الايمان بالاسماء كالعزيز الحكيم العليم الرحيم الى اخرها الثاني الايمان بالصفات كالايمان بكمال عزة الله وقدرته وعلمه وحكمته ورحمته الثالث الايمان باحكام الصفات ومتعلقاتها كالايمان انه يعلم كل شيء ويقدر على كل شيء ورحمته وسعت كل شيء الى اخرها قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره ودخل في ذلك اثبات علوه على خلقه واستوائه على عرشه ونزوله كل ليلة الى سماء الدنيا على الوجه اللائق بجلاله وعظمته الشرح اي ودخل في توحيد الاسماء والصفات هذه الامور الثلاثة الاول علوه على خلقه الثاني استواؤه على عرشه الثالث نزوله كل ليلة الى سماء الدنيا على الوجه اللائق بجلاله وعظمته وقد افرد الشيخ رحمه الله هذه الثلاثة بالذكر لان اكثر الفرق خالفت اهل السنة في ذلك بما فيهم الاشاعرة وقوله رحمه الله اثبات علوه على خلقه علو الله تعالى من صفاته الذاتية كما سيوضحه رحمه الله بعد ذلك وعلو الله تعالى ينقسم الى قسمين علو ذات معناه انه سبحانه وتعالى بذاته فوق جميع مخلوقاته وعلو صفة ومعناهما من صفة كمال الا ولله تعالى اعلاها واكملها وقوله رحمه الله واستوائه على عرشه استواء الله على عرشه من الصفات الفعلية التي جاءت بها نصوص الكتاب والسنة والاستواء معناه علوه واستقراره على عرشه علوا واستقرارا يليق بعظمته وجلاله سبحانه وتعالى بخلاف ما جاءت به تأويلات اهل البدع من تفسير الاستواء بالاستيلاء تعالى الله عما يقوله الظالمون علوا كبيرا وقوله رحمه الله ونزوله كل ليلة الى سماء الدنيا الى اخره نزوله سبحانه وتعالى من الصفات الفعلية المتعلقة بمشيئته وحكمته ونزوله سبحانه نزول حقيقي يليق بجلاله وعظمته ولا يصح تحريف معناه الى غير ذلك من التحريفات الباطلة مثل قولهم معنى النزول نزول امره او رحمته او ملك من ملائكته فهذا من ابطل الباطل قال رحمه الله نعرف ربنا بانه علي اعلى بكل معنى واعتبار علو الذات وعلو القدر والصفات وعلو القهر وانه بائن من خلقه مستو على عرشه كما وصف لنا نفسه بذلك الى اخر ما قاله رحمه الله قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره ودخل في ذلك اثبات الصفات الذاتية التي لا ينفك عنها كالسمع والبصر والعلم والعلو ونحوها والصفات الفعلية المتعلقة بمشيئته وقدرته كالكلام والخلق والرزق والرحمة والاستواء على العرش والنزول الى سماء الدنيا كما يشاء وان جميعها تثبت من غير تمثيل ولا تعطيل وانها كلها قائمة بذاته وهو موصوف بها الشرح تنقسم صفات الله تعالى الى قسمين ذكرهما المؤلف رحمه الله الاولى الصفات الذاتية وفسرها بقوله التي لا ينفك عنها اي التي لم يزل ولا يزال متصفا بها كصفة السمع والبصر والعلم والعلو والقدرة والعزة والحكمة وكذلك صفة الوجه واليدين والعينين الثانية الصفات الفعلية وبينها رحمه الله بقوله المتعلقة بمشيئته وقدرته اي التي ان شاء فعلها وان شاء لم يفعلها كصفة الرحمة والرزق والخلق والاستواء والنزول وغيرها من صفات الافعال اما الكلام فقد ادخله المؤلف بانه من صفات الافعال وهذا حق ولكنه ايضا يعد من صفات الذات فانه باعتبار اصله صفة ذاتية لان الله لم يزل ولا يزال متكلما وباعتبار احاد الكلام فانه صفة فعلية لان الكلام يتعلق بمشيئته ثم ذكر المؤلف المحاذير التي يجب التخلي عنها عند اثبات صفات الباري سبحانه وتعالى وان جميعها تثبت من غير تمثيل ولا تعطيل قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره وانه تعالى لم يزل ولا يزال يقول ويفعل وانه فعال لما يريد ويتكلم بما شاء اذا شاء كيف شاء لم يزل بالكلام موصوفا وبالرحمة والاحسان معروفا الشرح قوله رحمه الله وانه تعالى لم يزل ولا يزال يقول ويفعل وانه فعال لما يريد ذكر هذا الكلام رحمه الله ردا على الجهمية والمنحرفين من اهل الكلام الذين توهموا ان الفعل هو المفعول وانه اذا كان غيره لزم حلول الحوادث بالله وهذا الوهم باطل وخطأ وضلال واضح فان الله لم يزل فعالا لما يريد ولم يزل يفعله ان يفعلوا الاشياء ويحدث الحوادث شيئا بعد شيء ولا يلزم من هذا حلول الحوادث في ذاته وان الحوادث منفصلة عنه والفعل الذي هو الوصف قديم النوع ولكنه لا يزال يفعل ما يريد وقوله رحمه الله ويتكلم بما شاء اذا شاء كيف شاء لم يزل بالكلام موصوفا اي انه سبحانه لم يزل ولا يزال بصفة الكلام معروفا وموصوفا وكلامه سبحانه من صفاته الذاتية الفعلية غير مخلوق كسائر صفات افعاله قال الله تعالى وكلم الله موسى تكليما وذكر كلامه في مواضع كثيرة من كتابه قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره ودخل في ذلك الايمان بان القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود وانه المتكلم به حقا وان كلامه لا ينفد ولا يبيد الشرح قوله رحمه الله ودخل في ذلك الايمان بان القرآن كلام الله الى اخره الضمير في ذلك يعود على توحيد الاسماء والصفات وقد بين الشيخ عقيدة سلف الامة في القرآن فقال بانه كلام الله منزل غير مخلوق بخلاف كلام المعتزلة والكلابية والاشاعرة والكرامية وغيرهم ممن قالوا بانه مخلوق او انه عبارة عن كلام الله او حكاية عن كلامه ونحو ذلك من الاقوال الباطلة فاهل السنة يعتقدون ان القرآن كلام الله منه بدأ بلا كيفية قولا وانزل على رسوله وحيا وصدقه على ذلك المؤمنون حقا وايقنوا انه كلام الله بالحقيقة ليس بمخلوق ككلام البرية فمن سمعه فزعم انه كلام البشر فقد كفر وقد ذمه الله تعالى وعابه واوعده بسقر وقوله رحمه الله منه بدأ اي ظهر وخرج منه سبحانه اي هو المتكلم به وهو الذي انزله من لدنه واليه يعود ان يرجعوا بان يسرى به في اخر الزمان ويرفع فلا يبقى في الصدور ولا في المصاحف منه اية قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره ودخل في ذلك الايمان بانه قريب مجيب وانه مع ذلك علي اعلى وانه لا منافاة بين كمال علوه وكمال قربه لانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وصفاته الشرح اي ودخل في الايمان باسماء الله وصفاته الايمان بانه قريب مجيب الى اخره وحيث ان مسألة علو الله على خلقه حصل فيها اختلاف كثير ومخاصمات بين اهل السنة والجماعة وبين طوائف الجهمية والمعتزلة ومن حذى حذوهم من الاشاعرة وغيرهم بين المؤلف رحمه الله معتقد اهل السنة والجماعة فيها وقد ذكرنا طرفا مما قاله الشيخ رحمه الله في علو الله على خلقه واستوائه على عرشه ولكن هنا ذكر الشيخ امرا اخر وهو انه مع علوه سبحانه على عرشه فانه قريب منهم ولا منافاة بين كمال علوه وكمال قربه قال شيخ الاسلام رحمه الله في الواسطية وقد دخل فيما ذكرناه من الايمان بالله الايمان بما اخبر الله به في كتابه وتواتر عن رسوله واجمع عليه سلف الامة من انه سبحانه فوق سماواته على عرشه علي على خلقه وهو سبحانه معهم اينما كانوا يعلم ما هم عاملون وقال ايضا وقد دخل في الايمان بانه قريب مجيب كما جمع بين ذلك في قوله واذا سألك عبادي عني فاني قريب الاية وقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم للصحابة لما رفعوا اصواتهم بالذكر ايها الناس اربعوا على انفسكم فانكم لا تدعون اصم ولا غائبا ان الذي تدعونه اقرب الى احدكم من عنق راحلته وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فانه سبحانه ليس كمثله شيء في نعوته وهو علي في دنوه قريب في علوه قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره ولا يتم توحيد الاسماء والصفات حتى يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسنة من الاسماء والصفات والافعال واحكامها على وجه يليق بعظمة الباري ويعلم انه كما انه لا يماثله احد في ذاته فلا يماثله احد في صفاته الشرح قوله رحمه الله ولا يتم توحيد الاسماء والصفات حتى يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسنة الى اخره يريد ان يبين ما يقتضيه الايمان بالاسماء والصفات فانه يجب الايمان بجميع ما جاءت به النصوص القرآنية والاحاديث الصحيحة النبوية لا نؤمن ببعض ونكفر بالبعض الاخر كما فعلت بعض الطوائف الذين امنوا ببعض الصفات واولوا البعض الاخر وصرف النصوص عن ظاهرها او امنوا بالاسماء ثم عطلوا ما يقتضيه الاسم فقالوا رحيم بلا رحمة او عزيز بلا عزة وهكذا في جميع اسماء الله تعالى المؤلف رحمه الله بين ذلك اتم البيان وعلله بانه كما انه لا يماثله احد في ذاته فلا يماثله احد في صفاته وذلك لان القول في الذات كالقول في الصفات ولذلك قالوا لو قال لك المعطل انا لا اثبت صفاته لان اثباتها يقتضي التشبيه او التمثيل فقل له اذا انصف لي ذاته فلا بد ان يقول لك لا اعلم كيفية ذاته فقل له اذا فكما انك لا تعلم كيفية ذاته كذلك لا تعرف كيفية صفاته سبحانه وتعالى لقوله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره ومن ظن ان في بعض العقليات ما يوجب تأويل بعض الصفات على غير معناها المعروف فقد ضل ضلالا مبينا الشرح قوله رحمه الله ومن ظن ان في بعض العقليات الى اخره يريد ان يرد على الذين اولوا صفات الباريس سبحانه وتعالى فقالوا بانها لا تدل على اثبات تلك الصفة لله سبحانه وانما تدل على معنى اخر فقالوا مثلا في صفة اليد انه ليس له ثم يد وانما هي كناية عن القدرة وكذا في صفة الرضا فاولوها فقالوا لا تثبت لله هذه الصفة وانما المراد ارادة الانعام وكذا في باقي الصفات اولوها على غير المراد وذلك باستخدام عقولهم القاصرة قال الله تعالى وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والارض جميعا قبضته يوم القيامة اتومطويا بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون قال ابن القيم رحمه الله فتبين ان التأويل الصحيح كله يعود الى فهم مراد الله ورسوله والى العمل بالخبر وان التأويل الباطل يراد به ضد ذلك ويراد به صرف النصوص عن معناها الذي اراده الله ورسوله الى بدعهم وضلالهم وهو من اعظم ما يدخل في القول على الله بلا علم وقول غير الحق وقال ايضا يعني ابن القيم رحمه الله وبالجملة فالتأويل الذي يوافق ما دلت عليه النصوص وجاءت به السنة ويطابقها هو التأويل الصحيح والتأويل الذي يخالف ما دلت عليه النصوص وجاءت به السنة هو التأويل الفاسد ولا فرق بين باب الخبر والامر في ذلك وكل تأويل وافق ما جاء به الرسول فهو المقبول وما خالفه فهو المردود قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره ولا يتم توحيد الربوبية حتى يعتقد العبد ان العباد مخلوقة لله وان مشيئتهم تابعة لمشيئة الله الشرح قوله رحمه الله ولا يتم توحيد الربوبية حتى يعتقد العبد ان العباد مخلوقة لله وذلك لان الادلة القرآنية دلت على ذلك قال الله تعالى والله خلقكم وما تعملون قال اهل التفسير بمعنى ما في الاية وجهان احدهما ان تكون بمعنى المصدر فيكون معنى الاية والله خلقكم وعملكم الثاني ان تكون ما بمعنى الذي فيكون المعنى والله خلقكم وخلق الذي تعملونه من الاصنام وغيرها قال رحمه الله افعال العباد كلها من الطاعات والمعاصي داخلة في خلق الله وقضائه وقدره ولكنهم هم الفاعلون لها لم يجبرهم الله عليها مع انها واقعة بمشيئتهم وقدرتهم فهي فعلهم حقيقة وهم الموصوفون بها المثابون المعاقبون عليها وهي خلق الله حقيقة فان الله خلقهم وخلق مشيئتهم وقدرتهم وجميع ما يقع بذلك فنؤمن بجميع نصوص الكتاب والسنة قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره وان لهم افعالا وارادة تقع بها افعالهم وهي متعلق الامر والنهي وانه لا يتنافى الامران اثبات مشيئة الله العامة الشاملة للذوات والافعال والصفات واثبات قدرة العبد على افعاله واقواله الشرح كلام الشيخ رحمه الله في هذا المقطع والذي قبله كله يرد على طائفتين ممن خالفوا اهل السنة وهم الجبرية الذين قالوا بان العبد مجبور على فعله فالعباد عندهم ليسوا فاعلين حقيقة واسناد الافعال اليهم من باب المجاز اما الطائفة الثانية فهم القدرية مجوس هذه الامة الذين قالوا ان الله لم يخلق افعال العباد وانما هم خالقوها استقلالا دون مشيئة الله وتقديره لها فبين المؤلف رحمه الله معتقد اهل السنة في ذلك وخلاصة القول في مسألة خلق افعال العباد ان افعال العباد كلها من الطاعات والمعاصي داخلة في خلق الله وقضائه وقدره فقد علم الله ما سيخلقه في عباده وعلم ما هم فاعلون وكتب ذلك في اللوح المحفوظ وخلقهم الله كما شاء ومضى فيهم قدره فافعال العباد هي من الله خلقا وايجادا وتقديرا وهي من العباد فعلا وكسبا فالله هو الخالق لافعالهم وهم الفاعلون لها قال شيخ الاسلام والعباد فاعلون حقيقة والله خالق افعالهم والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم وللعباد قدرة على اعمالهم ولهم ارادة والله خالقهم وخالق قدرتهم وارادتهم كما قال تعالى لمن شاء منكم ان يستقيم وما تشاءون الا ان يشاء الله قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره ولا يتم توحيد العبد حتى يخلص العبد لله تعالى في ارادته واقواله وافعاله وحتى يدع الشرك الاكبر المنافية للتوحيد كل المنافاة وهو ان يصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله تعالى الشرح قوله رحمه الله ولا يتم توحيد العبد حتى يخلص العبد لله تعالى في ارادته واقواله وافعاله هذا الكلام في بيان كيفية تحقيق التوحيد فذكر الشيخ طرفا من كيفية تحقيقه وقال ايضا فان تحقيق التوحيد تهذيبه وتصفيته من الشرك الاكبر والاصغر ومن البدع القولية الاعتقادية والبدع الفعلية العملية ومن المعاصي وذلك بكمال الاخلاص لله في الاقوال والافعال والايرادات وبالسلامة من الشرك الاكبر المناقض لاصل التوحيد ومن الشرك الاصغر المنافي لكماله وبالسلامة من البدع التي تكدر التوحيد وتمنع كماله وتعوقه عن حصول اثاره وقوله رحمه الله في الشرك الاكبر وهو ان يصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله تعالى هذا هو تعريف الشرك الاكبر فمتى صرف العبد نوعا من انواع العبادة كنذر وذبح ونحوها لغير الله فهو مشرك كافر لقوله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وقوله وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا قال الشيخ رحمه الله الشرك الاكبر ان يصرف العبد نوعا من انواع العبادة لغير الله كأن يدعو غير الله او يرجوه او يخافه فهذا مخرج من الدين وصاحبه مخلد في النار قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره وكمال ذلك ان يدع الشرك الاصغر وهو كل وسيلة قريبة يتوصل بها الى الشرك الاكبر كالحلف بغير الله ويسير الرياء ونحو ذلك الشرح قوله رحمه الله وكمال ذلك اي وكمال التوحيد يكون بان يدع الشرك الاصغر ثم عرفه بقوله وهو كل وسيلة قريبة يتوصل بها الى الشرك الاكبر ثم مثل له بقوله كالحلف بغير الله ويسير الرياء ونحو ذلك فحد الشرك الاصغر عند ابن سعدي رحمه الله انه كل وسيلة وذريعة يتطرق فيها الى الشرك الاكبر من الارادات والاقوال والافعال التي لم تبلغ رتبة العبادة اما جمهور اهل العلم فيعرفون الشرك الاصغر بانه ما اتى في النصوص انه شرك ولم يصل الى حد الشرك الاكبر وتعريف الجمهور هو ما افتت به اللجنة الدائمة فقالت الشرك الاصغر هو كل ما نهى عنه الشرع بما هو ذريعة الى الاكبر ووسيلة للوقوع فيه وجاء في النصوص تسمية شركا والفرق بين تعريف ابن سعدي وجمهور اهل العلم هو ان جمهور اهل العلم يشترطون كون الفعل جاءت به نصوص الشريعة بتسميته شركا كالحلف بغير الله وقولي ما شاء الله وشئت وغيرها من الاقوال اما ابن سعدي رحمه الله في ضيق هذا الامر تضييقا محكما فيجعل الوسائل كلها سواء جاء تسميتها شركا او لم تجئ هي في حكم الشرك الاصغر وعلى ذلك فمثلا قراءة القرآن عند صاحب القبر على قول الجمهور انها بدعة لانه لم ياتي تسميتها شركا اما عند ابن سعدي فيرى انه من جملة الشرك الاصغر لانها وسيلة لحصول الشرك الاكبر ولعل تفسير ابن سعدي رحمه الله للشرك الاصغر هو الاضبط والاولى في ذلك والله اعلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره والناس في التوحيد على درجات متفاوتة بحسب ما قاموا به من معرفة الله والقيام بعبوديته فاكملهم في هذا الباب من عرف من تفاصيل اسماء الله وصفاته وافعاله والائه ومعانيها الثابتة في الكتاب والسنة وفهمها فهما صحيحا فامتلأ قلبه من معرفة الله وتعظيمه واجلاله ومحبته نابتي اليه وانجذاب جميع دواعي قلبه الى الله تعالى متوجها اليه وحده لا شريك له الشرح قوله رحمه الله والناس في التوحيد على درجات متفاوتة كما بين ذلك ربنا بقوله ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا اه فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصدون ان هم سابقا باذن فاعظمهم واكملهم اخرهم ذكرا وذلك لكمال علمه بخالقه سبحانه وتعالى فسابق الى فعل الخيرات مع ما هو فيه من كمال توحيد خالقه سبحانه وتعالى ولا يتم ذلك الا بالعلم به سبحانه والعلم باسمائه وصفاته وافعاله لذا قال رحمه الله فاكملهم في هذا الباب اي فاكملهم في باب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد من عرف من تفاصيل اسماء الله وصفاته اي عرف الاسم وما يقتضيه هذا الاسم وعلم الصفة وما تقتضيه هذه الصفة فمثلا علم ان من اسمائه السميع البصير فيؤمن بتفاصيل هذين الاسمين السميع اي الذي احاط سمعه بجميع المسموعات فكل ما في العالم العلوي والسفلي من الاصوات يسمعها سرها وعلنها وكأنها لديه صوت واحد لا تختلط عليه الاصوات ولا تخفى عليه جميع اللغات بل القريب منها والبعيد والسر والعلانية عنده سواء اما البصر فيؤمن بتفاصيل هذا الاسم ايضا من انه سبحانه احاط بصره بجميع المبصرات في اقطار الارض والسماوات حتى اخفى ما يكون فيها فيرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء وجميع اعضائها الظاهرة والباطنة وهكذا في جميع اسمائه سبحانه وتعالى وصفاته وقوله رحمه الله وافعاله والائه ومعانيه الثابتة في الكتاب والسنة اما افعال الله سبحانه فكلها متعلقة بصفاته الثلاث القدرة الكاملة والمشيئة النافذة والحكمة الشاملة فلا تخرجوا افعاله سبحانه عن ذلك اما افعاله سبحانه الاختيارية فهي نوعان الاول متعلقة بذاته المقدسة كالاستواء على العرش والنزول كل ليلة الى سماء الدنيا والمجيء والاتيان ونحوها الثاني تتعلق بالمخلوقات كالخلق والرزق والاحياء والاماتة والعطاء والمنع وانواع التدابير الكونية والشرعية اما الائه سبحانه وتعالى فهي نعمه الظاهرة والباطنة التي ينعم بها على عباده وقوله رحمه الله وفهمها فهما صحيحا اي فهم اسماء الله وصفاته وافعاله والاءه فهما صحيحا اي بما فهمه سلف الامة رضوان الله عليهم لا بفهم اهل البدع الذين انحرفوا عن منهج السلف الصالح قوله رحمه الله فامتلأ قلبه من معرفة الله وتعظيمه واجلاله الى اخره فهذا لا شك هو اعرف الناس بربه فمتى عرف العبد اسماء الله وصفاته وافعاله والاءه الظاهرة والباطنة حق المعرفة فلا بد ان تدله الى محبة الرب وتعظيمه واجلاله فبقدر معرفة العبد باسماء الله وصفاته بقدر ما يحصل له من خشية وانابة وخوف منه سبحانه قال الشيخ السعدي رحمه الله في مختصره ووقعت جميع حركاته وسكناته في كمال الايمان والاخلاص التام الذي لا يساويه شيء من الاغراض الفاسدة فاطمئن الى الله معرفة وانابة وفعلا وتركا وتكميلا لنفسه وتكميلا لغيره بالدعوة الى هذا الاصل العظيم فنسأل الله من فضله وكرمه ان يتفضل علينا بذلك الشرح قوله رحمه الله ووقعت جميع حركاته وسكناته في كمال الايمان الضمير هنا يعود على اكمل الناس في درجات التوحيد فبعد ان بين الوسائل التي يكمل بها توحيد العبد وذلك بمعرفة الرب سبحانه واسمائه وصفاته وافعاله والائه وغيرها مع فهمها فهما صحيحا قرن ذلك كله بوقوعها على الوجه المرضي له سبحانه بان تكون في كمال الايمان والاخلاص التام فلا يكفي العلم فرب علم اعقبه ندم كثير فالعلم بالله والعلم باحكامه الشرعية لابد ان يكون على اخلاص لا يساويه شيء من الاغراض الفاسدة كالرياء والسمعة ومحبة الذكر وغيرها قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة وقوله رحمه الله فاطمئن الى الله معرفة اي معرفة بربوبيته والوهيته واسمائه وصفاته مع ما يقتضيه ذلك كله وانابة الانابة هي التوبة النصوح والرجوع الى الله تعالى وفعلا اي وفعلا لاوامره سبحانه وتعالى التي امر بها وتركا اي تركا لمنهياته التي نهى عنها وتكميلا لنفسه وذلك بفعل نوافل الطاعات وتكميلا لغيره لان هذا من الدين الذي بينه صلى الله عليه وعلى اله وسلم الدين النصيحة قال الشيخ رحمه الله والنصيحة لائمة المسلمين وعامتهم ان يحب لهم الخير ويكره لهم الشر ويسعى في ذلك بحسب مقدوره فيعلم جاهلهم ويرشد منحرفهم ويذكر غافلهم ويعظ معرضهم ومعارضيهم ويدعو الى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي احسن ويسلك كل طريق فيه صلاح لاخوانه المسلمين ويسعى في تأليف ذات بينهم وفي ارشادهم على اختلاف طبقاتهم لمصالح دينهم ودنياهم كل احد على حسب حاله وقال ايضا واما واجب اهل العلم المتعلق بالخلق فان مهمتهم اعظم المهمات وعليهم من القيام بالحقوق اضعاف ما على غيرهم فان الله اوجب على اهل العلم ان يبينوه للناس ولا يكتمونه فيعلمون الجاهل وينصحون ويذكرون ويعظون ويصدعون بامر الله ويظهرون دين الله فكما امر الله الجهال ان يتعلموا فقد امر اهل العلم ان يعلموا الناس على اختلاف طبقاتهم وان يحنوا عليهم ويعلموهم مما علمهم الله