المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الباب الثاني في الافعال المخلوقة وسائر الاشياء غير الذات وغيرما الاسماء والصفات مخلوقة لربنا من العدم وضل من اثنى عليها بالقدم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وسائر الاشياء اي اعيانها واوصافها وافعالها قوله غير الذات اي المقدسة والمراد الباري تبارك وتعالى وتقدس قوله وغير ما الاسماء والصفات ما زائده والمعنى ان جميع الاشياء غير الباري واسمائه الحسنى وصفاته العلى مخلوقة لربنا من العدم فهي مسبوقة به قوله وضل من اثنى عليها اي وصفها بالقدم هذا رد على ارسطو الفيلسوف ومن نحى نحوه كالفارابي وابن سينا وامثالهم الذين يقولون بقدم العالم واول من قال به ارسطو وانتشر مذهبه بسبب انه كان وزيرا للاسكندري الذي بنى الاسكندرية وهو متقدم على زمن المسيح قال الامام السفاريني رحمه الله وربنا يخلق باختياري من غير حاجة ولا اضطرار قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وربنا يخلق باختياري اي بقدرة ومشيئة لا بالذات كما يقوله المعتزلة وفسر هذا الاختيار بقوله من غير حاجة ولا اضطرار وهو ايضا رد على ارسطو واتباعه حيث نفوا ان يكون الله فاعلا باختياره بل قالوا انه تعالى هو العلة التامة وغيره المعلول قال الامام السفاريني رحمه الله لكنه لا يخلق الخلق سدى كما اتى في النص فاتبع الهدى قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله لكنه لا يخلق الخلق سدى اي هملا قال الامام الشفاريني رحمه الله افعالنا مخلوقة لله لكنها كسب لنا يا لاهي قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله افعالنا مخلوقة لله هذا رد على القدرية الذين يقولون ان العبد هو الذي خلق افعاله وهو مستقل بها فلم تتعلق بالقدرة والمشيئة وهم مجوس هذه الامة ويسمون الثانوية لقولهم بالنور والظلمة وسبب تسميتهم مجوس هذه الامة ان المجوس يقولون ان ابليس هو خالق الشر والقدرية يقولون ان العبد هو الخالق لافعاله فهذا وجه التسمية قوله لكنها كسب لنا يا لاهي رد على الجبرية فهم والقدرية في طرفي نقيض فالقدرية يقولون ان العبد هو خالق افعاله ومستقل بها فلم تتعلق بقدرة الله ومشيئته كما تقدم انفا فنفوا ان يكون الله خلق والجبرية يقولون انه لا فعل للعبد اصلا بل هو مجبور على افعاله وان حركاته بمنزلة حركات الجمادات وهبوب الرياح وتحرك الاشجار وحركة مختلف الاعضاء ونحوها واما اهل السنة فهم وسط بين نقيضين فهم يعتقدون ان الله خالق كل شيء فلا يوجد شيء الا بارادته ومشيئته ويعتقدون ايضا ان العبد فاعل حقيقة وله مشيئة وقدرة كما قال تعالى لمن شاء منكم ان يستقيم واذا قيل لك ما الدليل الذي تطمئن اليه النفس على ان الله خالق افعال العباد وانها كسب لهم وقعت عن مشيئتهم وقدرتهم فالجواب ان الله هو الذي خلق العبد كله روحه وبدنه وقواه وارادته وقدرته ومشيئته فالذي خلق السبب الذي هو القدرة والمشيئة خالق للمسبب الذي هو فعل العبد فالله هو المقدر والعبد هو الفاعل حقيقة لانه باشر الفعل قال الامام السفاريني رحمه الله وكل ما يفعله العباد من طاعة او ضدها مراد لربنا من غير ما اضطراري منه لنا فافهم ولا تماري وجاز للموتى يعذب الورى من غير ما ذنب ولا جرم جرى فكل ما منه تعالى يجمل لانه عن فعله لا يسأل فان يثب فانه من فضله وان يعذب فبمحض عدله قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وجاز للمولى الثلاثة الابيات هذا القول مبني على مذهب الجبرية الذين ينفون الحكمة في خلقه تعالى فعندهم انه لا حكمة في الامر والنهي بل ما ثم الا الترجيح بمجرد المشيئة وهذا قول جمهور من يثبت القدر وينسبه الى الله من اهل الكلام والفقه وغيرهم والمؤلف لم يرتضي هذا القول ولذلك نبه في شرحه على انه يميل الى القول الصحيح الذي يدل عليه الكتاب والسنة واقوال ائمة السلف ومنهم شيخ الاسلام وابن القيم وهو ان الله حكيم في افعاله وفي قدره وفي شرعه وفي جزائه فهو تعالى احكم الحاكمين وهو ايضا مبني على قول الجهمية وامثالهم بان الظلم الذي نفاه الله عن نفسه هو المستحيل لذاته فلا يجوز ان يكون مقدورا له ولا لانه تركه باختياره وانما هو من باب الجمع بين الضدين وجعل الجسم الواحد في مكانين والصحيح ان الظلم هو الزيادة في السيئات او النقص في الحسنات والدليل قوله تعالى فلا يخاف ظلما من زيادة في سيئاته ولا هضم اي نقصا من حسناته وهذا قول سلف الامة وائمتها فالله تعالى حكيم والحكمة وضع الاشياء مواضعها فتأبى حكمته تعالى ان يعذب من افنى عمره في طاعته ومرضاته وان ينعم من افنى عمره في الله ورسوله قوله من غير ما ذنب ولا جرم هي شيء واحد قوله فكل ما منه تعالى يجمل ان يحسن قوله فبمحض عدله اي خالصه والمحض اللبن الخالص الذي لم يشب بشيء ومنه حديث اللهم بارك لهم في محضها ومخضها اي الخالص والمشوب فائدة الجهمية يسمون جبرية ومرجئة ومعطلة فهم جبرية في الافعال مرجئة في الايمان معطلة في الصفات قال الامام الشفاريني رحمه الله فلم يجب عليه فعل الاصلح ولا الصلاح ويح من لم يفلحي قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله فلم يجب عليه فعل الاصلح ولا الصلاح رد على المعتزلة فانهم يثبتون الحكمة ويشبهونها بحكمة المخلوق ولذلك اوجبوا عليه فعل الاصلح كمعتزلة بغداد او الصلاح كمعتزلة البصرة وهم اخف من معتزلة بغداد والحاصل ان للناس في الحكمة ثلاثة اقوال فالجهمية ينفونها والمعتزلة يثبتونها ويشبهونها بحكمة المخلوقين قوله ويح من لم يفلحي ويح كلمة ترحم وهي منصوبة على المصدر وضدها ويل والفلاح من الكلمات الجوامع وهو عبارة عن اربعة اشياء بقاء بلا فناء وغنا بلا فقر وعز بلا ذل وعلم بلا جهل قالوا فلا كلمة اجمع للخير منها وقد نظم ذلك بعضهم في بيت فقال اذا رمت تفسير الفلاح فانه بقاء غناء ثم عز وعلمه قال الامام السفاريني رحمه الله فكل من شاء هداه يهتدي وان يرد ضلال عبد يعتدي قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله فكل من شاء هداه يهتدي اعلم ان انواع الهداية اربعة احدها الهداية العامة المذكورة في قوله تعالى قال ربنا الذي كل شيء خلقه ثم هدى الثاني هداية البيان الثالث هداية التوفيق الرابع الهداية الى الجنة والنار وهي الغاية انتهى من بدائع الفوائد ملخصا وتمامه فيه فلقد اجاد وافاد رحمه الله