المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله واتموا الحج والعمرة لله. هذا من اعظم الاوامر الربانية واعظم الفروض الدينية وهو الامر باتمام الحج والعمرة. وان يكون الداعي لفعل هذا المأمور وتكميله ارادة الله وحده واخلاص العمل لله. وهذا هو الحج المبرور الذي ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله الله عليه وسلم انه قال الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة. وقال من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه متفق عليه. فالحج المبرور هو الجامع لخصال البر كلها. وخصال البر هي اركانه شروطه وواجباته ومستحباته ومكملاته ولابد مع هذا ان يكون خاليا من المفسدات والمنقصات من الرفث والفسوق والعصمة هذا هو تمام الحج الذي امر الله به ورسوله وتوضيح ذلك ان الحج اذا جمع امرين تم وكمل وترتبت عليه جميع اثاره وفضائله. الاخلاص لله والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم. اما الاخلاص لله فهو ان يقصد بحجه وجه رب به وطلب رضوانه والفوز بمغفرته وثوابه. ويكون العبد محتسبا في جميع حركاته وسكناته. وفي جميع ما يفعله فيه من واجبات ومكملات وفي جميع ما يتركه من محظورات ومكروهات. فيكون العبد محتسبا في تعبه ونصبه. وفيما ينفق في هذا السبيل راجيا لثواب ربه في حله وترحاله وسعيه وخطواته عالما انه في عبادة متصلة من خروجه من من وطنه بل من عشيرته على الحج وشروعه في الاستعداد له وجمع ما يحتاج له فيه فهو في عبادة في جميع حركاته وسكناته من مبتدأ عزمه وسعيه الى ان يرجع الى وطنه ومقره حائزا للسلامة والقبول والغنيمة الرابحة والنفقات المخلوفة ومضاعفة حسناته. وعبادة الحج تستغرق من عمر العبد وقتا طويلا. فانه في عبادة ان قام او قعد او مشى او ركب او استيقظ او قام او سار في سفره او اقام او كان في ذكر او دعاء او صلاة او في راحة واجمام نفسه ولا فرق بين كونه سائرا في الطريق واصلا الى البيت العتيق او في عشرة مع الصاحب والملازم والرفيق. فهو متقرب بذلك كله الى مولاه راجيا بذلك فضله ورضاه. فهذا احد النوعين وهو الاخلاص الملازم له في كل احواله. واما المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم فهو ان يجتهد ان يقتدي فيه بافعال النبي صلى الله عليه وسلم واقواله وارشاداته. فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال خذوا عني مناسككم اي اقتدوا باقوالي وافعالي في جميع متعلقات المناسك. وذلك انه وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في احاديث كثيرة انه لما وصل الميقات قال من شاء ان يهل بعمرة فليفعل ومن شاء ان الا بحج فليفعل ومن شاء ان يهل بعمرة وحجة فليفعل. وارشد الى التنظف والاغتسال والتطيب عند الاحرام. وان يحرم الرجل في ازار ورداء ابيضين نظيفين بعد ذلك يلبي فيقول لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك اي ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. ولا يزال يلبي حتى يأتي البيت فيطوف للعمرة ان كان محرما العمرة وللقدوم ان كان محرما بحج مفرد او بحج مع عمرة فيستلم الحجر ان كان محرما بالعمرة وللقدوم ان كان محرما حج مفرد او بحج مع عمرة فيستلم الحجر بيده اليمنى ويكبر ويقول بسم الله ايمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. فيكثر في طوافه من الذكر والدعاء بكل ما احب من خير الدنيا والاخرة وليس للطواف دعاء مقصوص. الا انه يستحب ان يقول بين الركن اليماني والحجر الاسود. ربنا ات في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. فاذا فرغ من طوافه صلى ركعتين. والافضل ان تكونا خلف مقام ابراهيم يقرأ فيهما بعد الفاتحة بقل يا ايها الكافرون وقل هو الله احد. ثم بعدما يصلي الركعتين يستلم الحجر ويقول قل الله اكبر ويشير اليه ان تعذر استلامه ثم يخرج المتمتع الذي احرم بالعمرة وحدها الى الصفا ليسعى سعي العمرة اما المفرد بالحج وحده او القارن بين الحج والعمرة فهو بالخيار ان شاء سعى سعي الحج بعد هذا الطواف وان شاء اخر السعي الى يوم النحر وما بعده. فاذا وصل الصفا قرأ قوله تعالى ان الصفا والمروة من شعائر الله الاية فيصعد الى الصفا فيصعد على الصفا ويستقبل البيت ويكبر ويقول لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا اله الا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده. يكرر ذلك ثلاثة ثم ينزل يمشي ويسعى بين الميلين ويكثر في سعيه من ذكر الله ودعائه وليس لذلك دعاء مخصوص. بل يذكر الله ويدعو بما تيسر من الدعاء الذي يعرفه العبد اذا وصل الى المروة استقبل البيت وقال عليها ما قال على الصفا. فاذا فرغ من سعيه وكان متمتعا حلق رأسه او قصره وحل من عمرته فان كان يوم الثامن احرم بالحج من مكة من المحل الذي هو فيه. وفعل عند احرامه كما فعل من الميقات ولبى والمفرد والقارن يبقى على احرامه ثم يخرج الى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر فاذا طلعت شمس من يوم عرفة سار منها الى عرفة. فاذا صلى الظهر والعصر يوم عرفة وقف في عرفة خاشعا لله خاضعا داعيا لله لذكره والثناء عليه حتى تغيب الشمس. ثم يدفع الى مزدلفة ويبيت بها ليلة النحر. اذا صلى الفجر وقف عند المشعل الحرام داعيا مستغفرا راغبا راهبا. وليس لذلك دعاء مخصوص. بل يدعو الله بما احب من خير الدنيا والاخرة. فاذا اسفر اذا اندفع الى منى فبدأ بجمرة العقبة ورماها بسبع حصيات. يكبر مع كل حصاة ويلتقط الحصى ان شاء من مزدلفة وان شاء من منى فاذا رمى وحلق حل له كل شيء كان محظورا بالاحرام الا النساء. ويذبح هديه ان شاء في منى وان شاء في مكة ويبيت بمنى ليالي ايام التشريق. ويرمي الجمرات ايام التشريق بعد الزوال. يبتديها بالجمرة القصوى عن مكة. ويختتمها بجمرة العقبة ويجتهد في الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في جميع ما ارشد اليه وما فعله في نسكه. فمتى اجتهد الحاج في تكميل الاخلاص للمعبود والمتابعة للرسول فهو الحج التام المبرور الذي يكفر الله به السيئات ويرفع به الدرجات وهو حج الذي ليس له عند الله جزاء الا الجنة. ويفيض الحاج الى البيت ان شاء يوم النحر وهو الافضل وان شاء في ايام التشريق فيطوف طواف الحج ويسعى سعي الحج ان لم يكن سعاه قبل ذلك. وبذلك يحل من احرامه الحل التام والله اعلم صلى الله على محمد وسلم