المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله حقوق المال في الاسلام لا ريب ان الشرع قد بين للعباد كل ما يحتاجونه في امور دينهم ودنياهم وخصوصا الواجبات الكبيرة التي هي اهم المهمات الواجبات على القلب والواجبات على البدن وجميع الاقوال والافعال. وكذلك وضح الله ورسوله الواجبات المالية توضيحا تاما مجملا ومفصلا. فامرنا باداء الحقوق المالية والانفاق مما رزق الله. واثنى على القائمين بها وذم المانعين لها او لبعضها. وفصل ذلك. فذكر الاموال التي تجب فيها الزكاة من الحبوب والثمار والمواشي العروض والنقود وذكر شروطها ونصبها ومقدار الواجب منها ولمن تدفع. للمصالح المحتاج اليها وللمحتاجين اكدوا الحقوق المالية هذا الحق الاكبر. حق الزكاة التي هي اعظم اركان الاسلام ومبانيه التي لا يتم الا بها. وفصل ايضا ما في المال من النفقات الواجبة للنفس والاهل والاولاد والمماليك من الادميين والبهائم. وبين الله ورسوله ايضا ضن وجوب الوفاء بالمعاملات الصحيحة والعقود الشرعية على اختلاف انواعها وتباين اسبابها. وبين ايضا ما يتعلق بالمال من الحقوق العارضة اذا وجدت اسبابها كبدل النفوس والاموال المتلفة بغير حق وما فيه من الحقوق العارضة لحاجة الغير من ضيف ونحوه او لاضطرار الغير فاوجب مواساة المضطرين ودفع اضطرارهم باطعام الجائع وكسوة العاري وهذا من فروض الكفايات اذا قام به البعض سقط عن غيره. ومن ذلك الزام الناس بالمعاوضات منها ما هو محرم كاكراههم على البيع اي بثمن لا يرضون او منعهم مما اباحه الله لهم. ومنها ما هو عدل مثل اكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن من المثل اذا وجب عليهم البيع او الشراء لسبب يقتضي الوجوب. اما اداء دين او غيره. ويجب منعهم مما يحرم عليهم من اخذ الزيادة على عوض المثل ومثل التسعير على العمال. ومن يحتاج الناس اليهم ومنعهم من اخذ الزيادة الفاحشة. كما يمنع ناس من هضمهم لحقوقهم ففي امثال هذه المسائل يجب على الناس مراعاة العدل ومنع اسباب الظلم وهذه الامور من اشياء واضحة لكل احد. ومنها اشياء يكون فيها اشتباه والتباس. يجب ان تفحص وتحقق تحقيقا تاما رفى مرتبتها فما دامت مشتبهة فالاصل تحريم اموال الغيب. والاصل ابقاء الناس على معاملاتهم واحترام حقوقهم. حتى اتضح ما يوجب الخروج عن هذا الاصل لاصل شرعي اقوى منه. واما ما يهذي به كثير من الناس عندما انتشرت الشيوعية وشاعت دعاياتها واثرت على كثير من العصريين وراجت على بعض اهل العلم من انه يصوغ لاولياء الامور ان اهل الغنى والثروة ان يواسوا بذلك اهل الحاجة والفقراء. وان يفتتوا سروتهم على اهل الحاجات. وان يسددوا بزائد جميع المصالح التي تحتاجها الامة بغير رضاهم بل بالقهر والقصر. فهذا معلوم فساده بالضرورة من دين كلام وان الاسلام بريء من هذه الحالة الشيوعية او هي مبدأ الشيوعية ونصوص الكتاب والسنة على ذلك وابطال هذا قول صريحة وكثيرة جدا. واجماع الامة يبطل هذا القول المنافي لنصوص الكتاب والسنة. والمنافي للفطرة التي فطر الله عليها العباد والفاتحة للظلمة وارباب الجشع ابواب الظلم والشر والفساد. فالله يبسط الرزق لمن يشاء على من يشاء. وقد جعل الله العباد بعضهم فوق بعض درجات في كل الصفات. في العقل والحمق وفي العلم والجهل وفي حسن الخلق وضده حكم بذلك قدرا ويسر كلا لما خلق له. واوجب على كل من اعطاه شيئا من هذه النعم وغيرها من جبات حددها وفصلها تفصيلا وجعل لنيل المطالب الدنيوية والاخروية اسبابا وطرقا. من سلكها افضت به الى مسبباتها واوصلته الى نتائجها. وهؤلاء المنحرفون يريدون ان يبطلوا قدر الله وشرعه. ويبرروا ارائهم الفاسدة بشبه لا تسمن ولا تغني من جوع. وقد يضيقون ذلك الى بعض نصوص الشريعة تحريفا منهم يعرفه كل من له ادنى معرفة بالشريعة وكثر الدعاة الى هذه الطريقة الشنيعة تغريرا من بعضهم واغترارا من اخرين. يقلدونهم على غير البصيرة والبصير لا يخفى عليه الامر. وقد يروجون باطلهم بان تضخم المال في ايدي فئة قليلة سبب لمفسدة الطرف المفسد للاخلاق وسبب لاثارة الاحقاد من الفقراء والمعدمين. وهذا غلط فاحش وضعف نظر. فان الغنى قد يكون سببا للطغيان وقد يكون سببا للتواضع. والتزود من طاعة الله والقيام بحقوق المال الشرعية. وعلى فرض ما فيه من الترف ونحوه فانما حاولوه من القضاء على ثروة المثرين سبب لشرور عظيمة. لتنسب اليها اي مفسدة. وسبب لاثارة فتن كثيرة عكس ما قالوه هل هذه الشرور والحروب الطاحنة الا من اثار ذلك كما هو معلوم لكل احد وما قالوه في بزيادة ثروة المال يقال مثله في زيادة قوة الجسد وصحة البدن فانه قد يبعث على شرور كما قد يبعث الى خير ويتوسل به الى خيرات. فنعم الله المتنوعة على العباد اما ان يشكروها ويتوسلوا بها الى ما خلقوا له من عبادة الله وشكره والقيام بحقه واما ان تكون بعكس ذلك. والله تعالى قد كفى عباده اضرار الثروة بما شرعه في الاموال من الحقوق الواجبة والمستحبة التي لو قام بها ارباب الاموال لكانوا من خير البرية اخلاقا واعمالا واشرفهم واعظمهم ولما ترتب على ذلك من الشر شيء. ولكن لما منع اكثر الخلق ما اوجب الله عليهم من اموالهم وخصوصا الزكاة وعليهم انواع الظلمة من ولاة ظالمين ومن فتاوى الجاهلين المتجرئين. وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون. واعلم ان الشبه التي تثار لنصر كل باطل اذا فرض صحة بعضها فانها نظريات ضئيلة ونظر قاصر حيث نظروا نظرا جزئيا وحكموا حكما كليا وعموا عن الاصول التي تبنى عليها الاحكام ويعتبرها الشرع وتتولد عنها المصالح العامة الكلية وتنغمر فيها المفاسد الجزئية وتوافق الشريعة والحكمة وفطرة الله التي خطر عليها العباد وتدع الخليقة هادئة والاسباب قائمة والارتباط بين الناس وثيقا. ولكل درجات من ما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون. عنيزة عبدالرحمن الناصر بن سعدي