المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الخطبة الرابعة من المحرم. الحمد لله الذي ابدع الكائنات المتنوعات على غير نظير ومثال. واتقن جميع المصنوعات فما وفيها تفاوت ولا اخلال وجعلها على قدرته ووحدانيته ايات دوال. الا له الخلق والامر لا اله الا هو الكبير جواد لا يبخل وغني لا يفتقر وكريم يبتدأ بالاحسان قبل السؤال بيده الخير كله فله الحمد على كل حال وفي كل مآل احمده سبحانه على نعمه الجزال. واشكره والشكر لشوارد النعم اوثق عقال. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. في ربوبيته والهيته وما له من صفات الكمال ونعوت الجلال. شهادة تنفي الشرك وتنافي الضلال. ارجوه ان يختم بها حياتي يوم الرحيل من الدنيا والانتقال وان يؤمنني بها من كربات ذلك اليوم وما بعده من الشدائد والاهوال. واشهد ان سيدنا محمدا عبده ورسوله حبيبه وخليله افضل من نطق وقال واشرف نبي خص باشرف مقامات الارسال ارسله والكفر قد اشتد فزال وظلام الضلال متراكم فنجال فاضحت به الحنيفية مشرقة لا لبس فيها ولا اشكال. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى اله واصحابه خير صحب وال الذين اعتد بهم قوام هذا الدين اتم اعتدال صلاة وسلاما يبلغانهم من ربهم نهاية الامال. اما بعد فيا ايها الناس اتقوا الله تعالى وسيروا على ما سار عليه السلف الصالح والصدر الاول. واشكروه على ما اولاكم من الانعام والاحسان وخول وصرف من المكروه وزول وتهيؤوا للرحيل فقد شدت لكم الرحال واجتهدوا في اسباب التحويل قبل ان يدهمكم يوم الارتحال. وازهدوا في دنيا فمتاعها قليل ووعدها غرور ومآلها الى الزوال. واعلموا انكم لم تخلقوا لجمع المال ولا لعمران دار الفناء والتطاول في الامال وانما خلقكم الله لتعبدوه وركب فيكم العقول لتوحدوه. وانزل عليكم القرآن لتتبعوه. وارسل اليكم الرسول لتطيع بيعوه فانهضوا لما خلقكم الله له واعملوا صالحا فسيجزي كل عامل ما عمله. واعلموا ان مع كل شباب هرم ومع كل صحة سقما ومع كل حياة موتى فخذوا من شبابكم لهرمكم ومن صحتكم لسقمكم ومن وجودكم لعدمكم قبل ان تقطع عنكم الاسباب ويختم على ما فيه من حسن او قبيح الكتاب. ويصبح عامر الديار منكم وهو خراب. وتستبدلوا بمشيد البنيان حفرا مظلمة تحت التراب فقد قصر سعي من كان خطاه معدودة. وسفه رأي من كان هواه معبودا. وقل حاصل من جمع الحطام وورثه الاكل كال بينما احدكم يلهو في اسبابه ويخطر في سرباله ويزهو باعجابه ولا يخطر الموت بباله اذ صدع المرض هامته وامال قدر قامته ذات الاعتدال. ففتت الوجع في اعضاده. وقطعت الصحة حبل وداده. واصبح يندب ما يسفر عنه غده من الاهوال النفوس لسوء منظره تجزع والقلوب للفكر في مصرعه تخشع وعيون اهله على فرقته في الهمال. هذا وهو بين يدي رب به محضر والروح تتصعد في حلقومه وتتحضر والارض قد استعدت لدفن جثته بها الى يوم المآل. فاتقوا الله ونبهوا من غفل ولهى واستعدوا لهذه النازلة. فاستعيدوا من استعد لها وودع شهره هذا بما ينفع من صالح الاعمال. فقد مضى شهركم المحرم وانتم عنه في اغفال. فليت شعري هل فيكم من تجافى جنبه عن المضاجع في تلك الليال؟ او تذكر ما يعود نفعه عليه في يوم يشيب فيه الاطفال فتداركوا رحمكم الله ما فات في هذه الحصة وتجرعوا مياه الندم. عسى ان تصيغوا بها ما للذنوب من غصة ويمن عليكم الكريم بالمسامحة والقبول والاقبال. واسألوه سبحانه العفو والعافية. واللطف بكم في السر والعلانية فانه لا يخفى عليه شيء من الاقوال والافعال والاعمال وفقني الله واياكم لعمل الساعين الابرار. وجنبنا اهل التباب والخسار. ان احسن القصص والاعتبار كلام الملك العزيز الغفار. والله تعالى يقول وبقوله يهتدي المهتدون. واذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون. ويقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فلا تحسبن الله مخلص وعده رسله ان الله عزيز ذو والسماوات وبرزوا الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين ففي الاصفاد سرابيلهم من قطرات وتغشى وجوههم النار ليجزي الله كل نفس ما كسبت ان الله سريع الحساب. هذا بلاغ للناس ولينذروا به. وليعلموا ان ما هو اله واحد ليذكر اولو الالباب. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني الله واياكم بما فيه من من الايات والذكر الحكيم. اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه انه هو والغفور الرحيم