المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله خطبة ثانية لذي الحجة. الحمد لله الواحد الوهاب الغفور الرحيم التواب. الذي هدانا لملة ابراهيم حنيفا لنا التوحيد في الكتاب واغنانا عن قول كل متهوك مرتاب. احمده على ما اسبغ وخول من نعمه واستزيده منه فضل جوده وكرمه اثني عليه كما ارشدنا للصواب. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. اله كل اله ورب الارباب الذي صمد لوحدانيته كل متحرك وجامد. واذعنت لطاعته الصعاب. واشهد ان محمدا عبده ورسوله سيد الحضاري والاعراض البشير النذير الذي نصره الله بالرعب والارتهاب. نبي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهو مع ذلك قانت اواب. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى اله واصحابه الانجاب. ما سعى الساعون بين الركن والميزاب وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى فان الوصية لاولي العقول والالباب. اتوب اليه قبل ان يغلق باب تاب ولازموا طاعته تسعدوا وتنالوا الاجر والثواب. واتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة وهي بهم شديدة الالتهاب. وعليهم لكم النصر عليكم فعل السبب فاعتمدوا عليه لا على الاسباب. ولا تغرنكم الدنيا بزخرفها فوالله انها لسريعة الانقلاب ولا تغتروا بطول املها وتركنوا اليها وهي معلنة بالخراب. ولم تدركوا منها الا ما قدر لكم ولو اسرعتم السعي ذهاب وركضتم فيها ركض الذئاب. واطلبوا الخلاص من مهاوي الهلاك واهوال الزلال والمنازل الصعاب. فلا تنسوا القدوم على حكم العدل لا يحيف وتشهد عليكم في ذلك المقام الجوارح والكتاب. وهو الذي خلقكم وتكفل بارزاقكم. ثم فاكن ثم يحييكم واليه المآب. ثم يجازيكم باعمالكم ففريق في الجنة وفريق في العذاب انقطع العذر عنا بارسال الرسل وانزال الكتاب. وبين لنا فيه ما فيه كفاية لاولي الالباب. فقد قال تعالى اب انزلناه اليك مباركا ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. ما اسعد عبدا دعاه مولاه الى طاعته فاجاب. وما اشقى عبدا دعي فلم يقرع الباب وما اقسى قلبا عطف الى الانابة فما اناب. يسمع المواعظ فكأنه عنها في حجاب. ويتورع عن القليل وهو بالكثير نهاب ويتصنع للناس بعمارة ظاهرة وباطنة خراب. ويحرص ان يقال فلان صادق مخلص وهو عند الله كذاب. فيا حيلتك ايها المغرور اذا حققت الحقائق ووزنت الاعمال الدقائق. وجاءت كل نفس معها شاهدوا وسائق يوم تجد كل نفس ما عملت وتسأل عما قالت وفعلت. يوم يسأل كل عالم عن علم وكل حاكم عن حكمه وكل عامل عن عمله. هنالك توضع الاغلال في الاعناق. ويقاد المجرم الى جهنم ويساق فهذا مسحوب على وجهه وجبهته وهذا مأخوذ برأسه ولحيته وهذا قد سامحه مولاه وهذا يقول واسوأتاه وهذا يقول وا فضيحتاه. وهذا قد ظهرت قبائحه. وهذا يدعو فلا يجاب له. وهذا قد نوقش فعذب وهذا قد رحم فقرب وهذا مصاب وهذا مثاب. فيا ايها الغافلون تيقظوا فاليكم يوجه الخطاب ويا ايها النائمون انتبهوا قبل ان تناخ للرحيل الركاب. قبل هجوم هاذم اللذات ومذل الرقاب. فيا له من زائر لا تضرب دونه الحجاب ونازل لا يستأذن على الملوك ولا يلج من الابواب. لا يرحم صغيرا ولا يوقر كبيرا ولا اخاف عظيما ولا يهاب. الا وان بعده ما هو اعظم منه من السؤال والجواب. وان وراء جميع ذلك هول المحشر احواله الصعاب وطول المقام وتضايق الاقدام وشدة الحساب. وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ستزول قدما عبدي يوم القيامة حتى يسأل عن اربع عن عمره فيما افناه وعن جسمه فيما ابلاه وعن علمه فيما عمل به وعن ما له من اين اكتسبه وفيما انفقه؟ جعلني الله واياكم ممن اذا انزجر وجل واذا قال الخير وفعل ان احسن التذكير للغافلين وانفع المواعظ للمعرضين. كلام ما لك يوم الدين. والله تعالى يقول يهتدي المهتدون. واذا قرأ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم. اذا زلزلت الارض زلزالها واخرجت الارض اثقالها بان ربك اوحى لها يومئذ يصدر الناس اشتاتا اعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن اعمى المثقال ذرة شرا يره. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم كن بما فيه من الايات والذكر الحكيم. اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولكافة المسلمين. من كل ذنب استغفروه انه هو الغفور الرحيم