المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفائدة الرابعة والاربعون حديث الاقتصاد في النفقة روى البيهقي عن ابن عمر مرفوعا الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة والتودد الى الناس نصف العقل وحسن السؤال نصف العلم ووجه ذكر هذه الثلاثة ظاهر فان العبد كما انه محتاج ومضطر الى اصلاح دينه بالعلم النافع والعمل الصالح والقيام بما خلق له العبد فهو مضطر الى اصلاح دنياه وقيام معيشته وذلك بامرين احدهما الاكتساب بصناعة او تجارة او حرفة او عمل من الاعمال المناسبة لحالة الانسان الموافقة لسير حياته الملائمة لمواهبه وتوجيهاته والامر الثاني بحسن التصريف والانفاق وذلك هو الاقتصاد فمتى تم له الامران الكسب المناسب والاقتصاد في النفقة التي ميزانها قوله تعالى والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما فقد تمت امور معيشته التي هيأت له ومتى فقد الامرين او احدهما اختلت معيشته فمن الناس من تختل معيشته بسبب عدم الكسب واخلاده الى الكسل او سلوك الطرق التي لا تغني عنه شيئا ومن الناس من تختل معيشته بسبب عدم اقتصاده في الانفاق بل يسرف في الانفاق فيقعد ملوما محسورا فعلم بذلك ان الاقتصاد في النفقة احد شطري المعيشة والشطر الثاني المكسب النافع واما قوله والتودد الى الناس نصف العقل فان العقل هو الذي يعقل به صاحبه ما ينفعه ويمتنع به عما يضره والعقل يدعو دائما الى الراحة القلبية والراحة البدنية والعمل بالاسباب الموفرة للراحة ولا شك ان التودد الى الناس بالاخلاق الجميلة والبشاشة وحسن الخلق من اكبر الاسباب لراحة القلب والبدن والسلامة من الغل والحقد والمنازعات والمخاصمات والتعلقات المشوشة للافكار الموجبة للاقدار ومن ذاق طعم حسن الخلق والتودد الى الناس وكيف يكسب العبد بذلك من الاصحاب والاحباب ما هو من افضل الغنائم وكيف يسلم به من شرور وكيف ينقلب العدو صديقا والمبغض محبا عرف ما في ذلك من الخير والراحة وان هذه الامور هي القسم الاكبر الذي يرشد اليه العقل واما قوله وحسن السؤال نصف العلم فان العلم انما يدرك بسلوك طرقه الموصلة اليه وذلك بحسب السؤال وحسن الاصغاء بان يسأل الانسان عن الامور المهمة والتي يحتاجها ويسأل بطريقة تحصل المقصود فان كان مشتغلا بالتعلم مستعدا لطلب العلم فبالاشتغال بالكتب التي تليق بمطلبه على وجه يتمكن من فهمها والتوسع للتفكر في معانيها ولا يشتغل بكتب لا تجدي عليه الا العناء او يكثر من الدروس ما لا يتحمله ذهنه فمن سلك هذه الطريقة النافعة رجي له الفلاح والادراك وكذلك سؤال العلماء مشافهة يسأل عن الذي يحتاج اليه بلطف ولين ويصغي الى القاء المعلم اصغاء المضطر المفتقر الى علمه فمتى وفق لهذه الحالة فقد فعل السبب الذي ينال به العلم والتوفيق بيد الله وتيسيره